- En
- Fr
- عربي
ثبات الوطن
يزداد الحراك السياسي في المنطقة احتدامًا، وتسابقه على هذا الصعيد صراعات عسكرية حادّة، تهدّد معها مصير الأوطان حدودًا وأنظمة ودساتير. لا يقف لبنان إزاء ذلك متفرّجًا لا مباليًا، إنما يجهد في الحفاظ على استقراره، والاحتفاظ بطبيعته السياسية وتركيبته الإدارية، معتمدًا على ما استمرّ فاعلاً من مؤسساته الدستورية وهيئاته الاجتماعية وقواه الأمنية، وفي مقدّمتها الجيش.
ولمّا كان الهدم لا يحصل من دون تحضيرات ومسبّبات، تمامًا كما أن العمران لا يأتي من دون بوادر وجهود، فإن الوسيلة الأهم لدى المتربّصين بالوطن هي اشعال الفتن، وزرع الشقاق بين المكوّنات، سواء في شؤون السياسة أو الاقتصاد أو الدين أو الأمن، وفي الناحية الأخيرة، الأمن، تكثر المحاولات، فهي مفتاح على الخراب إن تمّت زعزعتها، وهي باب إلى الاستقرار والبناء والبحبوحة، إن أمكن الحفاظ عليها، وتدعيمها، ورفع شأنها. من هنا يبرز الدور الفعّال للجيش، هذا الجيش الذي تكثر الاعتداءات على وحداته، في حربٍ أرادتها المجموعات الإرهابية طويلة ومتنقّلة، وهو أعلن إزاءها أنه لن يتوانى عن الردّ والصمود، وأن أي ضربة توجه إلى الوطن سوف يردّ عليها بمئة ضربة، فالعين ساهرة واليد مستعدّة والهمّة عالية، والشهداء والجرحى والمواقف القيادية الجريئة هي الدليل.
إن الثروة الخام في لبنان هي لحمته الوطنية وتنوّعه الانساني والحضاري الفريد. وميزته، إلى جانب طبيعته الجغرافية ومناخه، هي الحرية التي ينعم بها مواطنوه، والنظام الديموقراطي الذي يمارسون حقوقهم السياسية في ظلّه، بحيث يتنافسون ويتسابقون ويتخاصمون ... ويتصالحون، ومن هنا ضرورة الحرص على تلك المقوّمات.
أما في عملية رسم الأوطان وتحديد الدول وقيام الأنظمة، فإن وطننا يعيد التأكيد على خريطته الوطنية، وعلى تركيبته الاجتماعية، محتفظًا بمكوّناته كاملة، معتمدًا على قواه مجتمعة. كما يجدّد تعاونه الإنساني والإقتصادي والثقافي مع الجوار، ويؤكّد على علاقاته الحضارية مع العالم، من دون أن يهمل الرّجوع إلى تاريخه الثّري، والحفاظ على ما تركته الأجيال في جنبات أرضه من حسن الصنيع.