نحن والقانون

جرائم إطلاق الرصاص والمفرقعات النارية ظاهرة مقلقة
إعداد: نادر عبد العزيز شافي
دكتوراه دولة في الحقوق - محامٍ بالاستئناف

ماذا يقول القانون؟

 

إطلاق الرصاص والمفرقعات النارية الخطرة، عادة سيئة لدى اللبنانيين تفاقمت في السنوات الأخيرة لتشكّل ظاهرة مقلقة، خصوصًا أنها أدت إلى سقوط العديد من الضحايا، بالإضافة الى زرعها الرعب في النفوس. هذه التصرفات لا تعتبر عادة سيئة فحسب، بل جريمة يُعاقب عليها القانون. فماذا يقول القانون في هذا الصدد، وكيف يطبّق في لبنان؟

 

جرائم صنع وشراء واستيراد وسرقة ونقل واستعمال وحيازة السلاح والذخائر من دون ترخيص

كل من يقدم، من دون رخصة، على صنع معدات أو أسلحة أو ذخائر حربية (أو قطعًا منفصلة منها)، يعاقب بالسجن من 6 أشهر إلى 3 سنوات، وبالغرامة من مئة ألف إلى خمسماية ألف ليرة، أو بإحدى هاتين العقوبتين. وتطبق العقوبة نفسها في حالات التصرف بهذه المعدات والأسلحة والذخائر أو شرائها أو استيرادها أو سرقتها.
ويعاقب بالسجن من 6 أشهر إلى سنتين كل من يقدم من دون رخصة، على نقل الأسلحة، أو نقل الذخيرة أو قطع الأسلحة المنفصلة (إذا كانت صالحة للاستعمال). ولا يجوز في مطلق الأحوال أن تنقص العقوبة عن الشهر حبسًا، ولا أن يحكم بوقف التنفيذ في حالة استعمال السلاح الحربي المنقول، ويمكن للمحكمة أن تقضي، عدا ذلك بالمنع من حمل السلاح الحربي.
وإذا كان الفعل يتعلق بالأعتدة أو الأسلحة والذخائر غير الحربية المعدّة للصيد، وأسلحة التمرين التي تطلق بواسطة الضغط من دون بارود، يعاقب الفاعل بالحبس مدة لا تتجاوز الستة أشهر، وبغرامة أقصاها عشرة آلاف ليرة، أو بإحدى هاتين العقوبتين. وفي ما خلا حالة الحيازة، تطبق العقوبة نفسها إذا كان الفعل يتعلق بالأسلحة الأثرية والتذكارية غير الصالحة للاستعمال، أو الممنوعة.
وتصادر في جميع الحالات المعدات والأسلحة والذخائر المشار إليها، وتصادر الآلات والأدوات ووسائل النقل المستعملة لصناعتها والتجارة بها. ويُحال المرتكب إلى المحكمة العسكرية لمحاكمته، ما لم يكن الجرم متلازمًا مع جرم من اختصاص محكمة الجنايات أو المجلس العدلي (م 72 و73 و74 و79 و80 من قانون الأسلحة والذخائر الصادر بالمرسوم الإشتراعي رقم 137/1959 وتعديلاته).

 

جريمة إطلاق النار والأسهم النارية في الأماكن الآهلة
كل من أقدم على إطلاق النار في الأماكن الآهلة أو في حشد من الناس، من سلاح مرخص أو غير مرخّص، يعاقب بالحبس من 6 أشهر إلى 3 سنوات، وبغرامة من ثمانية أضعاف إلى عشرة أضعاف الأدنى الرسمي للأجور، ويصادر السلاح في جميع الأحوال، ويُحال المرتكب إلى المحكمة العسكرية لمحاكمته (م 75 و79 من قانون الأسلحة والذخائر).
وكل من أقدم على إطلاق أسهم نارية في الأماكن الآهلة بصورة يحتمل معها وقوع خطر على الأشخاص أو الأشياء، يعاقب بالحبس حتى ستة أشهر، وبالغرامة من مئة ألف إلى مليون ليرة، أو بإحدى هاتين العقوبتين. وتصادر الأسلحة والأسهم المضبوطة (م 752 عقوبات).

 

جرائم إطلاق النار والمفرقعات التي تؤدي إلى الإيذاء
تتحقَّق هذه الجريمة عندما يقع الإيذاء نتيجة إطلاق النار والمفرقعات النارية عن إهمال أو قلة احتراز أو مخالفة القوانين أو الأنظمة؛ أي من دون توافر النيّة الجرمية للإضرار بالضحية. والإيذاء غير المقصود قد يكون بسيطًا أو مُشدَّدًا.
1- الإيذاء غير المقصود البسيط: إذا أدى إطلاق عيارات نارية في الهواء من سلاح حربي إلى مرض أو تعطيل شخص عن العمل مدة تقل عن عشرة أيام، عوقب المجرم بالحبس من تسعة أشهر إلى ثلاث سنوات وبغرامة من عشرة أضعاف إلى خمسة عشر ضعف الحدّ الأدنى الرسمي للأجور، وفق قانون تجريم إطلاق عيارات نارية في الهواء رقم 71/2016. ويعاقب على كل إيذاء آخر غير مقصود بالحبس ستة أشهر على الأكثر أو بغرامة لا تتجاوز المئتي ألف ليرة (م 565/2 عقوبات). ويزاد على هذه العقوبات نصفها إذا اقترف المجرم أحد الأفعال التي تؤدي الى التسبّب بحادث ولو مادي ولم يقف من فوره أو لم يعن بالمجنى عليه أو حاول التملص من التبعة بالهرب (المادة 566/2 عقوبات).
2- الإيذاء غير المقصود المُشدَّد: إذا تجاوز المرض أو التعطيل عن العمل العشرة أيام قضي بعقوبة الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات فضلًا عن الغرامة السابق ذكرها. وإذا أدى الفعل المذكور إلى قطع أو استئصال عضو أو بتر أحد الأطراف، أو إلى تعطيل أحدهما أو تعطيل إحدى الحواس عن العمل، أو تسبب في إحداث تشويه جسيم أو أية عاهة أخرى دائمة أو لها مظهر العاهة الدائمة، عوقب المجرم بالأشغال الشاقة المؤقتة عشر سنوات على الأكثر وبغرامة من خمسة عشر ضعفًا إلى عشرين ضعف الحدّ الأدنى الرسمي للأجور وفق قانون تجريم إطلاق عيارات نارية في الهواء رقم 71/2016.
ووفق قانون العقوبات، يعاقب على الإيذاء غير المقصود بالحبس من شهرين إلى سنة، إذا نجم عن خطأ المجرم إيذاء في الحالات الآتية:
- إذا جاوز المرض أو التعطيل عن العمل العشرين يومًا.
- إذا أدى الفعل إلى قطع أو استئصال عضو أو بتر أحد الأطراف، أو إلى تعطيل أحدهما أو تعطيل إحدى الحواس عن العمل، أو تسبب في إحداث تشويه جسيم أو أي عاهة أخرى دائمة أو لها مظهر العاهة الدائمة.
- التسبب في إجهاض إمرأة حامل (م 565/556/557/558 عقوبات).
3- الملاحقة وأثر شكوى المتضرر وتنازله عنها في جرائم الإيذاء غير المقصود:
إذا أدّى الإيذاء إلى مرض أو تعطيل عن العمل لمدة لا تزيد عن عشرة أيام، تُعلَّق الملاحقة، كما أن تنازل الشاكي عن شكواه في هذه الحالة يسقط الحق العام (م 565/554 عقوبات).
أمّا إذا أدّى الإيذاء إلى مرض أو تعطيل عن العمل لمدة تزيد عن عشرة أيام، فإنّ تحريك دعوى الحق العام الجزائية يعود إلى النيابة العامة من دون انتظار شكوى المتضرر. وتنازل الشاكي عن شكواه يزيل الدعوى المدنية، من دون أن يسقط دعوى الحق العام. يعتبر إسقاط الحق الشخصي عذرًا قانونيًا مخففًا يؤدّي إلى تخفيض العقوبة إلى النصف (م 565/555 عقوبات).

 

جرائم إطلاق النار والمفرقعات التي تؤدي إلى الوفاة
عندما يؤدّي إطلاق النار أو المفرقعات النارية، عن إهمال أو قلة احتراز أو مخالفة القوانين أو الأنظمة، إلى وفاة شخص أو أكثر؛ من دون توافر النية الجرمية لقتل الضحية، يعتبر جرم التسبب بالموت نتيجة عمل غير مقصود. ويعاقب الجاني بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدّة لا تقل عن عشر سنوات ولا تتجاوز الخمس عشرة سنة، وبغرامة من عشرين إلى خمسة وعشرين ضعف الحدّ الأدنى للأجور، وفق قانون تجريم إطلاق عيارات نارية في الهواء (71/2016).

 

جرائم الإيذاء أو القتل القصدي نتيجة إطلاق النار أو المفرقعات النارية مع توافر القصد الاحتمالي
إذا ثبت أنّ المتهم قد قصد إطلاق النار أو المفرقعات النارية لإرهاب خصومه، مع علمه الأكيد وتوقّعه أن من شأن قيامه بذلك وفي ظروف حصوله الواقعية إيقاع الأذى الجسدي، بمن قصد إرهابهم، وأقدم على فعله الجرمي، متسببًا بأذيتهم أو وفاتهم، يصبح فعله من قبيل الإيذاء القصدي أو القتل القصدي المبني على القصد الاحتمالي، كونه قد توقع حصول النتيجة الجرمية الناشئة عن فعله فقبل بالمخاطرة. وتُعَدُّ الجريمة مقصودة وإن تجاوزت النتيجة الجرمية الناشئة عن الفعل أو عدم الفعل قصد الفاعل إذا كان قد توقَّع حصولها فقبل بالمخاطرة (م 189 عقوبات).
في حالة الوفاة تتمّ ملاحقة الفاعل بجرم القتل القصدي نتيجة اعتداء شخص على حياة شخص آخر بصورة إرادية. ويعاقب على القتل القصدي بالأشغال الشاقة، المؤقتة أو المؤبدة حسب ظروف الجرم   (م 547 و548 عقوبات).
في حالة الإيذاء، تتم ملاحقة الفاعل بجرم الإيذاء القصدي نتيجة الاعتداء وإلحاق الأذى بجسم الإنسان الحيّ، وتوافر الرابطة السببية بين الفعل والنتيجة، وتوافر القصد الجرمي للإيذاء الذي يتكون من عنصري العلم والإرادة.
كذلك، يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة عشر سنوات على الأكثر من تسبب، بالضرب أو الجرح أو الإيذاء، بإجهاض حامل وهو على علم بحملها (م 558/554 عقوبات). كأن يتوقَّع الفاعل بأن قيامه بإطلاق النار أو المفرقعات النارية من شأنه أن يؤدي إلى إجهاض إمرأة يعلم أنها حامل، فيقبل بالمخاطرة. ويعتبر بذلك مرتكبًا جناية الإيذاء القصدي نتيجة القصد الإحتمالي، لأن الجريمة تُعدّ مقصودة وإن تجاوزت النتيجة الجرمية قصد الفاعل لأنه توقَّع حصولها فقبل بالمخاطرة.

 

مراجع:
- د. سمير عاليه: إشكاليات النص في القسم الخاص من قانون العقوبات وكيفية معالجتها.
- موقع حمورابي الإلكتروني، دراسات وأبحاث قانونية.
- جنايات جبل لبنان: قرار رقم 25/2003، تاريخ 14/1/2003.