نحن والقانون

جرائم الشيك من دون رصيد
إعداد: د. نادر عبد العزيز شافي
محام بالإستئناف

يقوم الشيك بوظيفة النقود في التعامل، ويُحقّق مصلحة إجتماعية هامة، لأنه يخفف من مخاطر حمل النقود ومن تداولها ويشجع على إيداعها في المصارف واستثمارها إقتصاديًا. وهذا يستوجب توفير الطمأنينة والثقة في نفوس المتعاملين به. وتعتبر المؤونة أهم الضمانات التي يعتمد عليها حامل الشيك للحصول على حقه، لذلك فرض القانون عقوبة على من يسحب شيكًا من دون مؤونة كافية لتغطية قيمته، أو منع الحامل من الحصول على هذه المؤونة. في السنوات الأخيرة كثرت جرائم إصدار شيكات من دون رصيد، فكيف يتعامل القانون في لبنان مع هذه الجرائم؟

 

تعريف الشيك
لم يضع قانون العقوبات تعريفًا للشيك، كما أن القانون التجاري لم يُحدّد هو الآخر هذا التعريف إلا أنه وضع تنظيمًا دقيقًا إستمد أحكامه من قانون جنيف الموحَّد 19/3/1931 المتعلق بإنشاء الشيك وشكله وتدواله وأحكامه العامة.
وقد اعتبر الفقه أنه يمكن تعريف الشيك بأنه ورقة تتضمن أمرًا من شخص يسمى الساحب إلى شخص آخر هو المسحوب عليه (ويكون مصرفًا أو صيرفيًا)، بأن يدفع بمجرد الإطلاع عليه مبلغًا من النقود إلى شخص ثالث يسمى المستفيد أو لأمره أو الحامل. في حين عرَّف الاجتهاد الشيك بأنه وسيلة دفع آنية لأموال نقدية تتم بتخلي الساحب للمسحوب له عند تنظيم الشيك عن مؤونته واعتبارها ملكًا له، وقابلة للتجيير لأمر الغير، ولا يمكن أن تتضمن هذه المعاملة أي شرط.
فلا يُسحب الشيك إلا على مصرف أو صيرفي، ويرتبط بعمليات المصارف، ويختلف عن سند السحب (الكمبيالة) والسند لأمر، اللذين يمكن سحبهما على أي شخص.
والشيك المعاقب على سحبه من دون مؤونة، هو الشيك الصحيح المستوفي الشروط الآتية:
• الشرط الأول: أن يكون مكتوبًا، لتمكينه من القيام بوظيفته كأداة للوفاء والإنتقال بطريقة التظهير.
• الشرط الثاني: أن يكون كافيًا بذاته لتحديد ما للحامل من حقوق تجاه الملتزم بالشيك، فلا يحيل إلى وقائع أو إتفاقات خارجة عنه.
• الشرط الثالث: أن يتضمن البيانات الإلزامية الشيكلية التي حددتها المادة 409 من قانون التجارة وهي:
1- ذكر كلمة شيك مدرجة في نص السند نفسه باللغة المستعملة لكتابته.
2- التوكيل المجرد عن كل قيد أو شرط بدفع مبلغ معين.
3- إسم الشخص الذي يجب عليه الدفع (المسحوب عليه).
4- تعيين المحل الذي يجب أن يتم فيه الدفع.
5- تعيين التاريخ والمحل اللذين أنشئ فيهما الشيك.
6- توقيع مُصدر الشيك (الساحب).

وقد انقسمت الآراء حول وجوب توافر البيانات الإلزامية التي نصت عليها المادة 409 من قانون التجارة في الشيك ومفعولها القانوني. فهناك رأي يقول بوجوب الرجوع إلى أحكام المادة 409 من قانون التجارة لجهة تعريف الشيك، وتعيين خصائصه ومشتملاته، فإذا كان مفتقرًا إلى أحد البيانات الجوهرية المحددة في هذه المادة يبطل، ولا يعود يصلح محلًا للتجريم.
ولكن هناك رأي آخر وهو الراجح يقول بوجوب التفرقة بين المدلولين التجاري والجزائي للشيك، فقانون التجارة ينظر إليه كسند ويُحدّد الشروط التي تكفل له أداء دوره في التعامل. أما قانون العقوبات فينظر إلى الشيك على أنه أداة وفاء تجري مجرى النقود، ويسعى إلى حماية الثقة به لكي يسهل قبوله وتداوله بهذه الصفة في يسر وسرعة، ويكفي أن تتوافر في السند البيانات التي من شأنها أن تجعل منه أمرًا بالدفع بمجرد الإطلاع عليه لاعتباره شيكًا يعاقب على سحبه من دون مؤونة، حتى ولو لم يعتبره القانون التجاري.
إلى ذلك ثمة شروط موضوعية للشيك هي الرضى والموضوع والسبب، إلا أن بطلان هذا الالتزام لا يؤدي إلى بطلان الشيك كسند تجاري، بل يبقى صحيحًا من هذه الناحية ويعاقب على سحبه من دون مؤونة. مثلًا في حال سحب شيك بدون مؤونة لتسوية دين قمار، أو ثمنًا لعلاقة جنسية غير مشروعة، فإن هذا الشيك يكون صحيحًا وتقوم به الجريمة على الرغم من عدم مشروعية سببه وبطلان الموجب الناشئ عنه، وعدم جواز المطالبة بقيمته.

 

الركن المادي للجريمة الشيك بدون رصيد
حددت المادة 666 من قانون العقوبات ثلاثة أفعال يكفي توافر أي واحد منها لقيام جريمة سحب الشيك من دون مؤونة، وهذه الأفعال هي:


1- سحب شيك من دون مؤونة سابقة ومعدة للدفع أو بمؤونة غير كافية:
 سحب الشيك يعني إخراجه من حيازة الساحب وتسليمه الى المستفيد أو إرساله اليه، ولا يكتمل هذا العنصر لو إكتفى الفاعل بتنظيم الشيك وتوقيعه ثم استبقاه لديه من دون تسليمه أو إرساله لأحد؛ إذ أن هذا الفعل يدخل في الإطار التحضيري لهذه الجريمة، ولا يخضع للعقوبة. وبناء عليه إذا أنشأ شخص شيكًا من دون أن تكون له مؤونة واحتفظ به ثم ضاع هذا الشيك أو سرق وطرح في التداول، فلا مسؤولية على من حرره ووقع عليه.
كذلك تطبق الحالة نفسها على الفاعل الذي يسلم الشيك إلى وكيله ثم يسترده منه قبل أن يسلمه إلى المستفيد، لأن حيازة الوكيل هي إمتداد لحيازته، وبالتالي يرتكب الفعل الجرمي حين يسلم الوكيل الشيك إلى المستفيد.
ويتبين من نص المادة 666 أنه اقتصر على تجريم فعل سحب الشيك، ولم يشر إلى تجريم فعل التظهير (التجيير). ولكن في هذا الصدد يقتضي التمييز بين حالتين:
فإذا كان المظهر جاهلًا حقيقة الشيك وقصد فاعله الذي سحبه، فلا عقاب عليه.
 أما إذا كان المظهر يعلم بحقيقة الشيك وظهّره من أجل الحصول على المال، فيعتبر فعله من قبيل الإحتيال المعاقب عليه في المادة 655 عقوبات.
في ما خص المؤونة فهي دين بمبلغ من النقود للساحب في ذمة المسحوب عليه، يكون موجودًا وقت سحب أو الشيك أو إصداره، وقابلًا للتصرف فيه ومساويًا على الأقل لقيمة الشيك.
وتعتبر المؤونة غير موجودة إذا كان المسحوب عليه غير مدين للساحب وقت سحب الشيك بأي مبلغ من النقود، وإن أصبح مدينًا له في ما بعد.
ولا يؤثر تأخير تاريخ الشيك إلى اليوم الذي يتأكد فيه مصدره من توافر المؤونة لدى المسحوب عليه، في صحة الشيك في قابليته للوفاء. فإذا تقدَّم المستفيد به قبل حلول تاريخه ولم يجد مؤونة له، قامت بذلك الجريمة، ولا يحول دون قيامها إتفاق الساحب مع المستفيد على تأجيل عرض الشيك للوفاء إذا ثبت أنه لم تكن له في يوم سحبه مؤونة.
وإذا كانت المؤونة أقل من قيمة الشيك لحظة سحبه تطبق أحكام عدم وجود المؤونة، حتى ولو كان النقص يسيرًا. ولا يحول دون قيام الجريمة أن يعمد المسحوب عليه إلى تكملة هذا النقص، أو أن يتولى الساحب نفسه تكملته.
كذلك يجب أن تكون المؤونة معدة للدفع وقابلة للتصرف فيها بموجب الشيك: إذ أن جريمة إصدار شيك من دون مؤونة تكون واقعة حتى ولو كانت المؤونة موجودة وكافية، ولكنها غير قابلة للتصرف فيها. وتتحقق هذه الحالة إذا كان دين الساحب لدى المسحوب عليه غير أكيد أو غير مستحق الأداء أو غير معين المقدار. وتتحقق هذه الحالة كذلك إذا كان الساحب لا يتمتع بسلطة التصرف بالمؤونة، كما في حال الحجز، أو وجود حكم عليه بعقوبة جنائية، أو إذا كان تاجرًا أعلن إفلاسه فرفعت يده عن إدارة أمواله.

 

2- إسترجاع كل المؤونة أو بعضها بعد سحب الشيك:
إذا كانت تقابل الشيك وقت سحبه مؤونة سابقة وكافية ومعدة للدفع، ولكن الساحب إسترجعها كلها أو بعضها قبل أن يحصل المستفيد على مبلغ الشيك، يصبح الشيك غير قابل للدفع. ويعتبر إسترجاعًا للمؤونة كل فعل يصدر من الساحب في الفترة ما بين إصدار الشيك وتقديمه، ويؤدي إلى زوال الحق الذي له عند المسحوب عليه أو نقصانه. وتوجد عدة صور لإسترجاع المؤونة، منها طلب الساحب إقفال حسابه عند المسحوب عليه وتصفيته ورد الرصيد الدائن، أو إلغاء الإعتماد المفتوح لصالحه لدى المسحوب عليه، أو طلب تجميده لديه، أو تحرير شيك آخر على الرصيد ذاته لمصلحة نفسه أم لمصلحة الغير. فالساحب في هذه الحالة يكون قد إرتكب جريمة إعطاء شيك من دون مؤونة.
وقد اعتبر الاجتهاد أن سحب المؤونة بعد إصدار الشيك أو إنقاصها يعدان بمثابة عدم وجودها، طالما يؤديان إلى النتيجة ذاتها بالنسبة لحامل الشيك.
وهذا يفترض وجود مؤونة كافية له ومعدة للدفع من تاريخ سحبه حتى تاريخ قبض قيمته مهما كانت المدة الفاصلة بينهما، حتى ولو إنقضت مهلة عرض الشيك للإيفاء التي نصت عليها المادة 426 من قانون التجارة.


3- إصدار منع عن الدفع إلى المسحوب عليه:
قد يلجأ الساحب إلى طلب عدم الدفع عندما ينشأ خلاف بينه وبين المستفيد بعد سحبه الشيك لمصلحته ما يجعله يعدل عن تمكينه من الحصول على المبلغ، وفي هذه الحالة تقوم جريمة الشيك من دون رصيد. ذلك أن إعطاء الشيك إلى المسحوب له يجعل الرصيد المقابل لقيمته ملكًا للمستفيد ولا يجوز للساحب أن يعود ليتصرف بالرصيد. ولا فرق في أن يصدر الأمر إلى المصرف بعدم الدفع قبل سحب الشيك أو بعده.
كما أنه لا أهمية للأسباب التي تدفع الساحب إلى إصدار الأمر بعدم الدفع، ولا لمشروعية أو عدم مشروعية هذه الأسباب، فالجريمة تتحقق بمجرد صدور الأمر من الساحب إلى المسحوب عليه بعدم الدفع، حتى ولو كان هناك سبب مشروع، بإستثناء إحدى الحالتين اللتين تنص عليهما المادة 428 الفقرة الأولى، وهما: فقدان الشيك وإفلاس حامله. حيث تكون للساحب مصلحة مشروعة في إيقاف قبض مبلغ الشيك. ويقاس على فقدان الشيك حالة سرقته أو الحصول عليه بالتهديد أو بطريق الإحتيال أو بطريق إساءة الإئتمان. ويعتبر البعض أنه لا يجوز إصدار الأمر بعدم الدفع إلا في حالة ضياع الشيك أو سرقته أو في حالة إفلاس حامله. ويجب على الساحب أن يراجع المحكمة المختصة التي يعود إليها حق إصدار قرار بتوقيفه أو عدمه، لأنه من المبادئ الأساسية المعمول بها في القانون اللبناني، مبدأ إنتقال ملكية المؤونة العائدة للشيك من الساحب إلى المسحوب لأمره، بمجرد إصداره إياه، بحيث لا يعود له الحق بالتصرف بها رغم إنقضاء مهلة العرض.

 

الركن المعنوي لجريمة الشيك بدون رصيد
تعتبر جريمة سحب الشيك بدون مؤونة جريمة قصدية، يتخذ ركنها المعنوي صورة القصد الجرمي، وفق نص المادة 666 من قانون العقوبات. ويتحقق القصد الجرمي بمجرد علم الساحب وقت سحب الشيك بعدم وجود المؤونة أو بعدم كفايتها للوفاء بقيمة الشيك، ولا يُشترط أن تتوافر لديه نية الإضرار بالمستفيد أو بالحامل. ويجب أن يتحقق العلم بعدم وجود المؤونة وقت سحب الشيك، حتى ولو كان مؤخَّر التاريخ، وليس وقت عرضه للإيفاء، حتى ولو كان يعتقد الساحب أنها ستتوافر في ما بعد أو أن المسحوب عليه سيبادر إلى دفع قيمته فور عرضه عليه.
ولا ينتفي القصد في جريمة سحب الشيك بدون مؤونة، إلا إذا أثبت الساحب أنه كان يعتقد وقت سحبه أنه توجد مؤونة كافية ومعدة للدفع. فإذا كان الساحب موظفًا حوّل راتبه إلى مصرف، فسحب شيكا عليه معتقدًا أن راتبه قد وصل إلى المصرف وصار وديعة لديه، في حين أنه لم يكن قد وصل بسبب التعقيدات الإدارية، فإن القصد الجرمي لا يتوافر لديه.
كما لا يتوافر القصد الجرمي إذا كان الساحب معتقدًا أن الراتب سيصل قبل بداية الشهر لمناسبة عيد، فسحب الشيك في وقت لم يكن راتبه قد وصل بعد. أما في حالتي إسترجاع الشيك وإصدار منع عن الدفع إلى المسحوب عليه، فإنه يكفي لتوافر القصد أن يكون الساحب عالمًا بأن الشيك لم يوفَ بعد.

 

العقوبة على جريمة الشيك بدون رصيد
نصت المادة 666 من قانون العقوبات على أن عقوبة هذه الجريمة هي الحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات والغرامة من مليون ليرة إلى أربعة ملايين ليرة. ويجب على القاضي أن يحكم بالحبس والغرامة معًا ولا يحق له اختيار إحداهما. ويحكم على الساحب بدفع قيمة الشيك مضافًا إليه بدل العطل والضرر إذا إقتضى الأمر.
وتكون الملاحقة القضائية في جرائم الشيك إما عفوًا من قبل النيابة العامة، أو بناء على شيكوى أو إدعاء مباشر من المتضرر وفق المادتين 6 و7 أ.م.ج.
وعند التكرار يجوز الأمر بنشر الحكم (المادة 669 والمادة 68 عقوبات). كما يجوز الحكم بالمنع من ممارسة حق أو أكثر من الحقوق المدنية لمدة تراوح ما بين سنة وعشر سنوات (المادتان 65 و66 عقوبات)؛ كالحق في تولي الوظائف والخدمات العامة وفي إدارة شؤون الطائفة المدنية أو النقابة التي ينتمي إليها، والحق في أن يكون ناخبًا أو منتخبًا في جميع مجالس الدولة، وفي جميع منظمات الطوائف والنقابات، والحق في حمل أوسمة لبنانية أو أجنبية.
وتخفض إلى النصف العقوبات الجنحية المعينة في المادتين 666 و667، إذا كان الضرر الناتج عنهما أو النفع الذي قصد الفاعل إجتلابه منهما تافهين، أو إذا كان الضرر قد أزيل كله قبل إحالة الدعوى إلى المحكمة. أما إذا حصل الرد أو أزيل الضرر في أثناء الدعوى، ولكن قبل أي حكم بالأساس ولو غير مبرم، فيخفض ربع العقوبة (المادة 676 عقوبات).
كذلك يعفى من العقاب مرتكبو الجرائم المنصوص عنها في المادتين 666 و667 عقوبات إذا أقدموا عليها إضرارًا بالأصول أو الفروع أو الأب أو الأم أو الإبن المتبنى أو الزوج غير المفترق عن زوجه قانونًا. وإذا عاود المجرم جرمه في خلال خمس سنوات قضي عليه بناء على شيكوى المتضرر بالعقوبة المنصوص عنها في القانون مخفضًا منها الثلث (المادة 674 عقوبات).
وطالما أن الإعفاء من العقاب هو بمثابة عذر محل من العقاب بالنسبة لمرتكب الجرم للمرة الأولى، تلتزم سلطات التحقيق والمحاكمة الكف عن متابعة إجراءات الملاحقة عندما تتوافر حالة الإعفاء، فإذا أثير العذر المحل في أثناء المحاكمة حكم القاضي بعدم المسؤولية لأن الفعل لا يستوجب عقابًا، وإذا أثير أمام النيابة العامة تقرّر حفظ الشيكوى. وإذا أثير أمام قاضي التحقيق يقرر منع المحاكمة. ولكن يبقى للمتضرر الحق بملاحقة المدعى عليه أمام القضاء المدني للمطالبة بقيمة الشيك مدنيًا.
إلى ما سبق فإن إسقاط الحقوق الشخصية في جرائم الشيك يؤدي إلى سقوط دعوى الحق العام وفق المادة 133 عقوبات المعدَّلة بالقانون رقم 87/2010. وقد جرى هذا التعديل في العام 2010 بسبب كثرة مرتكبي هذه الجرائم، وإنتهاء معظمها حبيًا بين الساحب والمستفيد بدفع قيمة الشيك والعطل والضرر.
أخيرًا إشارة إلى أن جرائم الشيك لا ينطبق عليها وصف الجرم الشائن.

 

التدخل في جريمة سحب الشيك بدون مقابل
سندًا الى المادة 667 من قانون العقوبات إن المستفيد الذي يتسلم شيكا بدون رصيد، وهو على علم بعدم وجود المؤونة يعتبر متدخلًا في الجريمة، ويجب التثبت من علم المستفيد بعدم وجود رصيد. ويستخرج العلم عادة من ظروف المدين وما هو فيه من ضائقة مالية ألجأته إلى الإستدانة بالصورة التي لا يمكن التصور معها بأن لديه رصيدًا في مصرف من المصارف. ويمكن القول بعلم المستفيد بعدم وجود رصيد كلما كان يتعاطى الربا الفاحش، وقد أقرض الساحب مالًا بفائدة تتجاوز الحد المعقول، لأن هذا الإفتراض يحتم الإعتقاد بعدم وجود رصيد، إذ أنه لو وجد لكان أيسر للساحب أن يستخدم ماله الخاص عوضًا من اللجوء إلى الإستقراض بالربا الفاحش.
ويعاقب بالعقوبة المقررة للتدخل في هذه الجريمة سندًا للمادة 220 من قانون العقوبات. أما إذا كان المسحوب له جاهلًا حقيقة الشيك وعدم وجود المؤونة وقصد الساحب، فلا ملاحقة جزائية ولا عقاب بحقه لإنتفاء القصد الجرمي. وتتضمن المادة 667 عقوبات ظرفًا مشددًا إذا كان حامل الشيك قد استحصل عليه لتغطية قرض بالربا، ولو لم يكن متدخلًا.

 

جريمة سحب شيك من دون محل إصدار أو بتاريخ غير صحيح
نصت المادة 446 من قانون التجارة على أنه: «من أصدر شيكًا ولم يبين فيه محل الإصدار أو التاريخ أو وضع تاريخًا غير صحيح يتعرض لغرامة قدرها ستة في المائة من مبلغ الشيك. وتتوجب الغرامة نفسها بلا مراجعة على المظهر الأول أو حامل الشيك شخصيًا إذا كان الشيك خاليًا من بيان محل الإصدار أو من التاريخ أو كان يحمل تاريخًا لاحقًا لتاريخ تظهيره أو عرضه. كما يتعرض للغرامة نفسها من يفي أو يستلم على سبيل المقاصة شيكا على محل الإصدار أو التاريخ».

 

المراجع:
- القاضي د. عاطف النقيب: محاضرات في قانون العقوبات، القسم الخاص، بيروت، 1995.
- مصطفى كمال طه: القانون التجاري، الأوراق التجارية والإفلاس، الدار الجامعية للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، 1988.
- القاضي د. محمد عبده: قانون العقوبات اللبناني، بيروت، 2011.
_ تمييز جزائي (عدة قرارات).
- محاكم الإستئناف (عدة قرارات).