- En
- Fr
- عربي
من يومياتنا
لا شكّ في أنّ أجهزة التكييف أصبحت عنصرًا لا غنى عنه في حياتنا اليومية، خصوصًا في المناطق التي تشهد صيفًا حارًّا أو شتاءً قارسًا، لما توفّره من أجواءٍ مريحة داخل المنازل والمكاتب والسيارات. غير أنّ هذا ”الصديق“ الذي يمنحنا الهواء المنعش صيفًا والدفء شتاءً، قد يتحوّل إلى ”عدوّ خفيّ“ إذا أُسيء استخدامه، لما يحمله من مخاطر صحية وبيئية. فما هي منافع المكيّفات وأضرارها؟ وما الأثمان التي ندفعها مقابل الاستمتاع بالنسمات الاصطناعية؟
تتعدد أنواع أجهزة التكييف بحسب الشكل والاستخدام، وأبرزها: مكيف الشباك، المكيف المنفصل (سبليت)، مكيف الإنفرتر، والمكيف المخفي في السقف، إلى جانب أنواع أخرى أقل شيوعًا. وتختلف هذه الأجهزة من حيث القدرة والتقنيات بحسب مساحة المكان واحتياجات المستخدم. أما مبدأ عملها فيقوم على سحب الهواء من الغرفة، وتبريده بواسطة غاز التبريد، ثم إعادته إلى المكان بدرجة حرارة منخفضة.
أضرار صحية جدية
على الرغم من فوائد المكيف في توفير بيئة مريحة، إلا أنّ استخدامه المفرط أو غير السليم قد يؤدي إلى مشكلات صحية متعددة، منها:
- الجفاف: إنّ البقاء لفترات طويلة في غرفة مكيفة يُفقد الجسم رطوبته ويؤدي إلى جفافه، ما يؤثر سلبًا في البشرة والعينين والأنف والحلق، ويزيد من خطر الإصابة بنزلات البرد والتهابات الجهاز التنفسي. كما يؤدي انتزاع الرطوبة الموجودة في الهواء إلى جعل الجلد جافًا وخشنًا.
- نقص الهواء النقي: من مساوئ الجلوس المطوّل في غرفةٍ مغلقة ومكيّفة، أنّه يحرم الجسم من الهواء الطبيعي النقي نظرًا إلى غياب التهوئة، ما يجبر المرء على تنفّس الهواء الاصطناعي المعاد تدويره.
- آلام المفاصل والعضلات: يؤدي التعرّض المستمر لدرجات حرارة منخفضة داخل الأماكن المكيّفة إلى تيبّس العضلات وآلام في المفاصل، وبخاصة لدى كبار السن.
- الحساسية والربو: تشكّل المكيفات بيئة مثالية لتكاثر الغبار والعفن، ما لم يتم تنظيفها بانتظام، الأمر الذي يفاقم أعراض الحساسية ويزيد من نوبات الربو لدى المرضى.
- الصداع والإرهاق: إنّ التنقّل المفاجئ بين الأجواء الحارة والباردة، يمكن أن يسبب صداعًا حادًا في كثير من الأحيان، كما أنّ قضاء وقت طويل في بيئة مكيّفة قد يؤدي إلى الشعور بالتعب والإرهاق والخمول.
- مشكلات في الجهاز التنفسي: الاعتماد المستمر على الهواء الاصطناعي داخل الغرف المغلقة، يُضعف القدرة على التنفس الطبيعي ويزيد من احتمال انتشار البكتيريا والفطريات، ما يسهّل انتقال العدوى بين الأشخاص.
انعكاسات بيئية واقتصادية
لا تقتصر أضرار أجهزة التكييف على الجانب الصحي، إنّما تترتب عليها أضرار بيئية واقتصادية أيضًا. فالمكيف يستهلك كمية كبيرة من الكهرباء، مما يزيد من الضغط على مصادر الطاقة ويرفع من نسب انبعاث الغازات الضارّة في حال استخدام طاقة غير متجددة. كما أنّ بعض أنواع التبريد المستخدمة قد تسهم في تآكل طبقة الأوزون ما لم تتم إدارتها بشكلٍ سليم.
اقتصاديًا، يؤدي الإفراط في استخدام المكيف إلى ارتفاع في فاتورة الكهرباء، ما يشكّل عبئًا ماليًا إضافيًا على الأُسر والمؤسسات، هذا إلى جانب التكاليف المتكررة للصيانة والتشغيل الدائم.
سُبل الوقاية والحد من الضرر
لتقليص الآثار الصحية الضارة للمكيفات، ينصح الخبراء باتباع الإجراءات الآتية:
- تهوئة الغرف المكيّفة بانتظام من خلال فتح النوافذ لبعض الوقت.
- إجراء صيانة دورية للمكيفات من قبل متخصّصين.
- الحفاظ على حرارة الغرفة بين 21 و25 درجة مئوية.
- ضبط نسبة الرطوبة بين 60% و70%.
فوائد لا يمكن إنكارها
رغم التحذيرات، لا يمكن تجاهل الفوائد التي يوفرها المكيف، وأهمها الوقاية من ضربات الشمس في الطقس الحار، وتخفيف الشعور بالإجهاد الناتج عن الحرارة المرتفعة، بالإضافة إلى الحدّ من فقدان السوائل المفرط عبر التعرق.
في الخلاصة، لم يعد التكييف مجرد رفاهية بل بات ضرورة ملحة في عالم يعاني تقلبات مناخية حادة، إلا أنّ هذه «النعمة» قد تنقلب إلى عبءٍ إذا لم يُحسن استخدامها. من هنا، تبقى الحكمة في الاعتدال والوعي في الاستعمال، مفتاحًا للحفاظ على صحتنا وبيئتنا في آنٍ معًا.
”على الرغم من فوائد المكيّف في توفير بيئة مريحة، إلا أنّ استخدامه المفرط أو غير السليم قد يؤدي إلى مشكلات صحية متعددة. ولا تقتصر أضرار أجهزة التكييف على الجانب الصحي، إنّما تترتب عليها أضرار بيئية واقتصادية أيضًا.“