- En
- Fr
- عربي
مؤسستنا
في خطوةٍ يمكن وصفها بالجريئة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها لبنان، أعادت كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان تأهيل مكتبتها لتواكب متطلبات التعليم وتُفسح أمام ضباط دورتي الأركان وقائد كتيبة آفاقًا واسعة للاطلاع والمعرفة. المكتبة التي تجاوزت كلفة تأهيلها الثمانين ألف دولار أميركي، اعتمدت في إعادة تأهيلها، شكلًا ومضمونًا، نماذج من أهم المكتبات في العالم. وفي حين بذل القيمون عليها الكثير من الجهد والوقت، مسخّرين طاقات العسكريين وقدراتهم لإنجازها بالشكل المطلوب، فقد تكفّل الجيش الفرنسي بتغطية نصف التكاليف المادية، فيما تبرعت الأيادي البيضاء بالنصف الآخر، ما يؤكد الثقة الدولية بالجيش من جهة، وإيمان المواطنين بالمؤسسة العسكرية من جهةٍ أخرى، ودعمهم إياها في مختلف الظروف والمواقف.
نشأت فكرة إعادة تأهيل المكتبة من الحاجة إلى مواكبة التقدم الذي تشهده الكلية ضمن خطة التطوير المستقبلية. وفي هذا الإطار، يشير قائدها العميد الركن محمد بيطار إلى بروتوكول التعاون بين الجامعة اللبنانية والجيش اللبناني الذي تم توقيعه في العام الماضي، والذي ينال بموجبه ضباط دورة الأركان شهادة الماجستير في العلوم العسكرية من الجامعة اللبنانية. ويضيف أنّ البروتوكول المذكور يلزم الضباط تقديم بحث بإشراف أساتذة من الجامعة اللبنانية في ختام دورة الأركان، ما يقتضي وجود عدد كبير من المراجع الورقية والإلكترونية. كما يشير من جهة أخرى إلى مشروع افتتاح دورة الأركان باللغة الانكليزية الذي باشرت الكلية العمل به، موضحًا أنّ التحاق ضباط أجانب ممن اعتادوا مستوى معينًا من المكتبات، وممن يحتاجون لإجراء الكثير من الأبحاث خلال الدورة، يستدعي الارتقاء بمكتبة الكلية إلى مستوى المكتبات الكبرى لتسهيل عملية التعلم من جهة، ولنقل صورة حضارية للمتدربين الأجانب من جهةٍ أخرى.
في ما خص عملية التمويل، يوضح قائد الكلية أنّها تمت عبر عدة مصادر، فبالإضافة إلى ما قدمه الجيش الفرنسي كانت هناك تقديمات من: البروفسور طلال أبو غزالة والسيدين محمد حمود وجهاد ضاهر.
ملايين الكتب الرقمية!
بعد تأهيلها، باتت المكتبة تتسع لحوالى أربعة عشر ألف كتاب ورقي، وتسعى قيادة الكلية لزيادة المحتوى عبر التنسيق مع دور النشر اللبنانية والمكتبات الوطنية التي أبدت رغبتها بالتبرع بالكتب. في هذا الإطار، تبرعت مكتبة بعقلين بمئتي كتاب ومن المتوقع أيضًا أن يسهم الدكاترة المنتدبون إلى الكلية بعددٍ من الكتب.
في موازاة تحديث المحتوى الورقي، هناك اتفاقيات مع جامعات داخل لبنان وخارجه بهدف إغناء مكتبة الكلية بالكتب الإلكترونية، يقول قائد الكلية، وقد تكللت جهودنا بالنجاح في غير مكان، إذ أتاحت لنا جامعة AUST الدخول إلى مكتبتها الإلكترونية والحصول مجانًا على مليونين ونصف مليون كتاب، وبدورها، سمحت لنا كلية القيادة والأركان في الولايات المتحدة الأميركية بالدخول إلى موقعها والاطلاع مجانًا على حوالى مليون كتاب عسكري إلكتروني، كما حصلنا على موافقة مبدئية من كليات القيادة والأركان في كل من كندا وبريطانيا وفرنسا على تزويدنا الدخول المجاني إلى مكتباتها وتنزيل ما نحتاجه من كتب إلكترونية. داخل لبنان، نقوم حاليًا بالتنسيق مع جامعة الحكمة والجامعة الأميركية وجامعة اللبنانية الأميركية للدخول إلى مكتباتها. وبهذا نتوقع أن نصل إلى حوالى عشرة ملايين كتاب رقمي في الأشهر الأربعة المقبلة.
جدير بالذكر، أنّ القيادة زودت المكتبة خدمة الإنترنت بسرعة عالية، تسمح بتحميل كل ما يحتاجه المستخدم بسرعةٍ فائقة.
اختيار الكتب
تضم المكتبة مجموعات قيمة من الكتب والأبحاث والمنشورات التي تشمل مواضيع مختلفة، وتركز بشكلٍ خاص على التكتيك العسكري والعلوم العسكرية والاستراتيجية بالإضافة إلى العلوم السياسية والإدارة والاقتصاد والحقوق والتاريخ.
وتقوم مديرية التعليم سنويًا بتحديث الكتب التي يراعى في اختيارها أن تخدم مواضيع الأبحاث المطروحة في دورة الأركان.
معرفة. تطوّر. نجاح
بمناسبة افتتاح المكتبة الثقافية في كلية القيادة والأركان، أنتجت مديرية التوجيه فيلمًا وثائقيًا عن المكتبة بحلتها الجديدة بعنوان:" معرفة. تطوّر. نجاح" من إعداد الرقيب أمير هليّل وتصوير وإخراج المعاون رواد علم. عرض الفيلم مراحل العمل في تأهيل المكتبة والجهود التي بُذلت للوصول بها إلى مستوى المكتبات الكبرى المتخصصة، بما يمكّنها من توفير أهم المصادر والمراجع للضباط خدمة للعلم والمعرفة وتطوير القدرات القيادية.
المستفيدون
يستفيد من خدمات المكتبة حاليًا ضباط دورة الأركان ودورة قائد كتيبة، ويتمّ تحديد أوقاتٍ مغايرة لكل من الدورتين لإجراء الأبحاث المطلوبة، لكن العمل جارٍ لتمديد ساعات الدوام حتى السادسة مساءً مع بداية العام المقبل، بحيث يصبح بالإمكان استقبال مختلف ضباط الجيش، وكل من يرغب من الرتباء والأفراد خلال فترة ما بعد الظهر.
الأناقة والعراقة
زائر المكتبة لا بد وأن تتملكه الدهشة فور وصوله إليها. فقاعتها الفسيحة التي ترتاح على مساحة ٣٦٠ مترًا مربعًا، يراعي تصميمها مختلف العوامل التي تخلق جوًّا مناسبًا للقراءة والدراسة والأبحاث، بدءًا من الإنارة الموزعة بشكلٍ مدروس، إلى نظام التكييف الذي يحفظ برودة القاعة طوال النهار، وصولًا إلى الأرضية العازلة للصوت. وكذلك الطاولات التي تستوعب ٤٨ شخصًا (جلوسًا)، أي ما يفوق نصف عديد الدورات المفتتحة في الكلية، والتي تم توزيعها بشكلٍ يراعي العمل الفردي والجماعي ويمنح الخصوصية اللازمة للفرد والفريق. يلحظ تصميم المكتبة أيضًا شروط الأمان، وقد جهز سقفها بنظام حماية من الحريق يعمل بشكلٍ تلقائي في حال حدوث أي طارئ.
تتميز المكتبة بتصميم أنيق وتوزيع مدروس للكتب على الرفوف الخشبية التي اعتمد في تصميمها واختيار خشبها نموذج مكتبة شريفنهام في بريطانيا.
إعادة تأهيل مكتبة كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان حدث يستحق أن تُرفع له القبعة، لأنّه عمل تحدٍ واضح، يشهر سيف العزم وإرادة الحياة في وجه الأزمات والصعوبات التي تريدنا وطنًا منهزمًا مستسلمًا، وهو بمثابة بصيص من النور يضيء، من خلال العلم والثقافة، بعضًا من ظلمة النفق الذي يجتازه لبنان اليوم.
تبرعت مكتبة بعقلين بمئتي كتاب، فيما يتم التنسيق حاليًا مع المكتبة الوطنية وعدد من دور النشر للهدف نفسه. ومن المتوقع أيضًا أن يسهم الدكاترة المنتدبون إلى الكلية بعددٍ من الكتب.
في موازاة تحديث المحتوى الورقي، هناك اتفاقيات مع جامعات داخل لبنان وخارجه بهدف إغناء مكتبة الكلية بالكتب الإلكترونية.
افتتاح المكتبة
تتويجًا للجهود الحثيثة والعمل الدؤوب اللذين استمرا لعدة أشهر، افتُتحت مكتبة كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان في احتفال أقيم في مبنى الكلية، وترأسه قائدها العميد الركن محمد بيطار ممثلًا قائد الجيش العماد جوزاف عون في حضور عدد من الملحقين العسكريين ورؤساء الجامعات الوطنية والضباط.
كما تخلله كلمة لممثل قائد الجيش أكد خلالها أن مسعى القيادة إلى التحديث المستمر في العملية التدريبية بصورةٍ عامة، وفي التدريب العسكري العالي بصورةٍ خاصة، يرتكز على ثلاثة أسس، أولها موقع الثقافة المركزي في تكوين شخصية القائد، وثانيها التطور المستمر والمتسارع الذي يشهده العلم إجمالًا والعلم العسكري خصوصًا، وآخرها تأمين الحاجات الأكاديمية لضباط الجيش في الدورات التدريبية العليا التي يتابعونها.
وتحدث عن أهمية القراءة الدائمة وتنمية الثقافة مشيرًا إلى أن هاتَين العادتَين من الممارسات الأساسية عند القادة الناجحين بلا استثناء، مستشهدًا بقولٍ لنابوليون بونابرت: ''أروني مجموعة من القراء وسأريكم الأشخاص الذين سيحركون العالم''. وأكد أنّه انطلاقًا من هذا القول، ستكون المكتبة في خدمة الضباط التلامذة في الكلية، كما سيتمكن سائر ضباط الجيش من الاستفادة منها لاحقًا بهدف رفد بحوثهم بما يلزم من معلومات، وإغناء ثقافتهم العامة والعسكرية، وتعميق الفكر العسكري لديهم، ومن شأن ذلك تعزيز دور الكلية بوصفها أعلى صرح تعليمي عسكري في الجيش. وأضاف: سوف تنعكس هذه النتائج إيجابًا على أداء الضباط، وتصب في خدمة مهمتنا الكبرى المتمثلة في الدفاع عن لبنان وضمان أمنه واستقراره.
في ختام كلمته، توجه العميد الركن بيطار باسم قائد الجيش العماد جوزاف عون بالتهنئة إلى كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان بقيادتها وعناصرها على هذا الإنجاز، مقدمًا الشكر إلى كل من ساهم في تحقيقه.