- En
- Fr
- عربي
شو أخبارن
المتعدد المواهب والأدوار والمواصفات
مؤلّف ومخرج وممثل ومنتج وملحن. خمس اجتمعت في هامة فنية واحدة أبدعت في العمل المسرحي الكوميدي. في جعبته 25 مسلسلا تلفزيونيًا و20 عملًا مسرحيًا وأربعة أفلام سينمائية. إنه المسرحيّ المتألق والفنان الشامل الذي شكّل ظاهرة نادرة، جورج خباز.
في الشاتو تريانو، مسرح إبداعاته، كان لمجلة «الجيش» هذا اللقاء الودي معه.
طفولة واعدة
هو من مواليد البترون، نشأ وترعرع في بيئة خصبة فنّيًا كانت الحاضن الأساس لموهبته. فوالده الممثل اللبنانيّ جورج خبّاز الأب، وأمه أوديت عطيّة (صاحبة صوت جميل)، وإخوته: نيكولا (دكتوراه في السينما ورئيس قسم السينما في جامعة سيدة اللويزة)، ولارا (دكتورة في إدارة الأعمال وراقصة محترفة)، ولورا (اختصاص تصميم إعلانات) والتي صارت لاحقًا شريكته في كل الأعمال المسرحية.
أمضى طفولته متنقلًا بين البترون (ضيعة والده) وجل الديب (مسكن أهل أمه). في البترون تشبّع بحب الطبيعة والبحر بآفاقه البعيدة. وفي جل الديب تفتّح على الثقافة وحب الفن والمسرح والموسيقى على يد أخواله.
في المدرسة كانت البدايات
يعتبر جورج خباز أنه محظوظ، كونه تلقّى علومه في مدرسة القلب الأقدس في البترون التي كانت تشجع المواهب الفنية والعمل الثقافي. في هذه المدرسة، التي تفجّرت مواهبه على مسرحها، كانت المواد العلميّة عدوّه الأول. ولكن موهبته الفذّة جعلته محط تقدير إدارة المدرسة التي كانت تسامحه أو تغض الطرف أحيانًا عن تقاعسه في الدراسة، فنشاطه في حفلات نهاية العام الدراسي، كان يعوّض «كسله».
في عمر الأربع سنوات وقف على مسرح المدرسة مشاركًا في عروض استعادية لمسرحيات من أعمال الأخوين الرحباني وزياد الرحباني، وأخرى مقتبسة من المسرح العالمي. كان يحفظ معظم هذه المسرحيات غيبًا، أما حفظ الدرس فكان أمرًا فيه نظر...
حبّه للفنّ دفعه إلى أن يتخصّص في جامعة الروح القدس-الكسليك في الفن الدرامي (art dramatique)، وفي العلوم الموسيقية (musicologie)، فكانت أطروحته لنيل الشهادة الجامعية خليطًا من الاختصاصين بعنوان «الموسيقى في المسرح».
طريق النجاح
كان تشارلي شابلن، الممثّل الكوميدي البريطاني، قدوته في مسيرته الفنية التي بدأت في العام 1995، وصارع كثيرًا لبنائها خطوة خطوة مدفوعًا بحبّه للمسرح. قضية واحدة كانت تشغل باله: مسرح لبنان لا يجب أن يندثر. وكان لأهله وأخواله وخالته التي كانت في فرقة الرقص مع الأخوين الرحباني، تأثير كبير في توجيه حياته المهنية، كما يقول.
في مرحلة المراهقة، تأثّر بالفنان دريد لحام، ولاحقًا بزياد الرحباني والأخوين الرحباني. موسيقيًا، كان لكبار الفنانين مثل عاصي الرحباني وزكي ناصيف وفيلمون وهبه دور في صقل ثقافته الموسيقية. فهؤلاء انطبعوا في ذاكرتنا الثقافية، يقول.
آمن جورج خباز بموهبته، واختار المسرح طريقًا له لأنّه يُشعره بتواصل مستمر مع الجمهور، ويجعله على تماس مع ردّات فعله المباشرة. وهذه وإن بدت بسيطة بالنسبة للبعض، فهي بالنسبة إليه مهمّة لأنّها تُظهر مدى ثقة جمهور المسرح بأعماله، وتجسّد علاقة الإحترام القائمة بين الطرفين.
يأخذ عليه البعض غزارة الإنتاج المسرحي، فيرد على هؤلاء بأنّ هذا لا يعني أنّه لم يكن دومًا متأنّيًا في كل عمل وخطوة يُقدم عليها. فهو يسعى إلى تقديم أعمال ذات قيمة تترك بصمة خاصة في أذهان الناس لتصبح جزءًا من الذاكرة الشعبيّة.
يوم أدّى دور «قرياقوس»، بدأ جورج خباز بتكوين هوية فنية خاصة به، تبلورت هذه الهوية أكثر في مسلسل «عبدو وعبدو»، ومن ثم في المسرح. يقول، إن خلط الألوان أحيانًا ينتج عنه لون جديد. وهذا اللون كان يحمل توقيع جورج خباز.
الإنتاج الفني
لجورج خباز في جعبة التلفزيون 25 مسلسلًا، أي حوالى 350 حلقة تلفزيونية عرضت على معظم الشاشات المحلية والعربية. نجاحه في الكوميديا التلفزيونية لم ينسه حلم حياته: المسرح. فكانت البدايات مع «غادة الكاميليا» (لجيزيل هاشم زرد)، «هاملت في ورطة» و«تقرير عالمسرح» (لشربل خليل)، ثم كرّت السبحة... وإذا أردنا أن نحصي «ثروته المسرحية» لوجدنا أنها تقدّر بـ20 عملًا من بينها 13 من تأليفه وتمثيله وإنتاجه وإخراجه.
نجاحات متعاقبة
في العام 2004، بدأ بإنتاج أعماله المسرحية على مسرح شاتو تريانو- جل الديب الذي يعود إلى السبعينيات، ويعتبره خباز جزءًا من ذاكرته؛ كان المكان الذي أطلّ منه، وكان فاتحة خير.
فمسرحية «مصيبة جديدة» (2005) مهّدت لسلسلة من النجاحات المسرحية المتعاقبة. مسرحية «كذاب كبير» (2006) التي تجري أحداثها في قصر كبير يغيب عنه سيّده ويسافر، تاركًا خلفه عمّال القصر بمن فيهم عامل الحديقة وابنة أخيه التي تعيش معه... حصدت نجاحًا مبهرًا.
في العام 2007، عمل جديد بعنوان «هلّق وقتا»، لعب جورج خباز في هذه المسرحية دور جندي في الجيش اللبناني مهمته حراسة قلعة أثرية. وفي مسرحية «شو القضية» (2008)، لعب دور محامٍ متمرّس، قوي، وزير نساء، يقع في حبّ زوجة رجل مجرم... على نقيض «شو القضية»، جاءت «عالطريق» (2009) لتجسّد دور الوفيّ لحبه الأول. وتوالت المسرحيّات، وكبر النجاح: «البروفيسور» (2010)، «مطلوب» (2011)، «الأول بالصف» (2012)، «مش مختلفين» (2013)، «ناطرينو» (2014)، «ورا الباب» (2015)، و«مع الوقت...يمكن» (2016).
المسيرة المسرحية
يقف جورج خباز اليوم متأمّلًا مسيرته المسرحية بفرح ورضى وتواضع، ما زال لديه الكثير ليقوله ويقدمه. مسرحية «رفقا» (2014)، يعتبرها «البركة في حياته المهنية». لم يلعب فيها أي دور، لكنه كتب النص وأخرجه، أما الألحان فكانت لـ: مرسيل خليفه، خالد مزنر، وشربل روحانا.
تتميز مسرحيات جورج خباز بجماهيريتها الواسعة، فالعروض تمتد على مدى ستة أشهر (6 عروض في الأسبوع) ويشاهدها 600 شخص كل ليلة. مسرحه يحاكي الواقع المعاش بلغة طريفة رشيقة وعفوية، كتابة وإخراجًا، لغة بعيدة عن الابتزال والادعاء. وتأتي الأغاني ضمن السياق المسرحي لتضفي عليه مزيدًا من الحيوية والجمال.
أفلام وجوائز
في موازاة خصوبة إنتاجه مسرحيًا، شارك خباز في العديد من الأفلام السينمائية، فبعد النجاح الذي حققه فيلم «تحت القصف» (2007) لفيليب عرقتنجي، جاء فيلم «سيلينا» (2009)، مقتبس عن هالة والملك للأخوين الرحباني)، تلاه فيلم «غدي» (نص وبطولة جورج خباز) في العام 2014، والذي طرح قضية الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة. وقد فاز بالعديد من الجوائز (11 جائزة) في لبنان وخارجه في إطار مهرجانات الأفلام السينمائية. وفي العام نفسه، كان فيلم «وينن» (نصّ جورج خباز) إخراج 7 طلاب متفوقين من جامعة سيدة اللويزة. في المحصلة حصدت هذه الأفلام الأربعة 34 جائزة عالمية، وتمّ ترجمتها إلى عدة لغات: إسباني، كوري، إيطالي، وبولندي.
أنا جندي
تعود علاقة جورج خباز بالجيش اللبناني إلى تربيته المنزلية حيث نشأ على حب الجيش والوطن، هو يعتقد أن الله اختار له أن يولد في هذا الوطن ويترعرع فيه.
في آب العام 1999، ارتدى بزّة العسكر، وأدّى خدمته العسكرية لمدة سنة كاملة. كانت سنة مميزة بالنسبة إليه، إذ أتاحت له فرصًا متعددة: التعرّف إلى أشخاص لم يكن يتوقع أن يلتقيهم يومًا، الانفتاح على المعتقدات والأفكار المختلفة، ومعرفة طبيعة الحياة العسكرية.
بعد التدريبات الأولية، شكّل جورج خباز إلى مديرية التوجيه حيث أمضى فترة خدمته فيها. يومها كان المسرح العسكري ناشطًا، وكان المجند خباز من ضمن عديده. ساهم في تركيب ديكور بعض المسرحيات واستفاد كثيرا من المواضيع الهادفة إلى بناء جسر عبور بين المواطن والجيش.
أدّى خدمته، لكنّه لم «ينصرف» عن حب الجيش، بل ازدادت علاقته به رسوخًا وعمقًا. وهذه العلاقة تتجلّى بشكل خاص من خلال مبادرات عديدة يقوم بها حيال عائلات الشهداء، ومن خلال مواكبته نشاطات مؤسسة المقدم المغوار الشهيد صبحي العاقوري.
في الختام، يتمنّى جورج خباز أن يحمي الله جيشنا... أمل هذا الوطن. ويودّعنا واعدًا بأعمال جديدة على خط مسيرته الحافلة بنجاح سرّه الموهبة والإبداع والجهد... فهو بصدد التحضير لفيلم سينمائي جديد من كتابته وبطولته وإخراج أمين درّة. يعالج الفيلم دور البيئة الحاضنة في بناء شخصية الإنسان حيث الفقر والجهل والتطرّف عوامل تؤدّي إلى الخروج عن القيم». يبدأ تصوير الفيلم في أواخر أيلول المقبل على أن يعرض في صالات السينما في أواخر العام 2017.
أما في مسرحيته الـ14 التي يبدأ عرضها كالمعتاد في الأول من شهر كانون الأول، فيطرح جدلية « مَنْ الأهم: الإنسان أم إنجازاته؟»، وذلك من خلال شخصية معروفة ومعاناتها مع الشهرة. ويبقى للناس أن تحكم.