بأقلام الزملاء

جيش إسرائيل ليس بين العشرة الأقوى عالميًا
إعداد: حلمي موسى
«السفير»، الخميس 10 تشرين الأول 2013، العدد 12601

درجت العادة على وضع إسرائيل ضمن أقوى خمس أو ست دول في العالم. ومرارًا ذهب البعض إلى اعتبار الجيش الإسرائيلي أقوى وأفضل مثلًا من جيوش قوى عظمى مثل بريطانيا وفرنسا. بل إن هذا البعض كثيرًا ما أغفل في الحساب دولًا تملك جيوشًا فائقة القوة مثل ألمانيا واليابان. غير أن معهدًا أميركيًا متخصصًا في دراسـة ومقــارنة القـــوة في دول العالم عمومًا، وفي حوالى 70 دولة خصوصًا، يوضح، وفق معايير علمية، أن إسـرائيل لا تقع أصلًا ضمن عشـرية الدول الأولى الأقوى في العالم. كما أن هـذه المعايير تضع إسـرائيل في العشـرية الثانيــة إلى جانب مصـر وإيــران، بل إنها تحمل مفاجأة للكثــيرين بوضعها كلًا من تركيا وباكسـتان في درجة أعلى من إسرائيل.
ويمكن القول إن احتلال إسرائيل في أذهاننا موقعًا أعلى مما هي فيه فعلًا يعود لأسباب كثيرة معظمها نفسي، وليس موضوعيًا. وربما أن الهزائم المتلاحقة التي منيت بها الجيوش العربية عدا «حرب تشرين»، عززت هذا الشعور الذي تضاعف بترافقه مع إحساس بأننا لا نقف في الصفوف الأمامية في أي من معايير القوة. ولهذا تشكل بعض معطيات هذا المشروع مفاجأة جدية حتى للمراقب الموضوعي للأحداث.

 

ومن الجائز أن إسرائيل كانت ولا تزال تستفيد من الانطباعات المتولدة عن توافر هذه القناعة. فقد كان الردع ولا يزال عنصرًا مركزيًا في نظرية بناء القوة الإسرائيلية، والتي تفرح لانغراس مفاهيم فوارق القوة أو الفجوات التكنولوجية والعلمية في الذهن العربي. وأيًا تكن الحال، فإن إسرائيل التي تسوّق نفسها في الغرب بأنها الديموقراطية الوحيدة في المنطقة، تسوّق نفسها أيضًا بأنها الدولة الأكثر تقدمًا وعلمية. وعلى الرغم من تخلّيها إثر حرب العام 1973 عن إشاعة فكرة «الجيش الذي لا يقهر»، إلا أنها بقيت في قرارة نفسها تنطلق من هذه الفكرة لتزيد عوامل قوتها من ناحية، ولغرس الردع في الذهن العربي من ناحية أخرى.
ويوفّر مشروع «Global Firepower» الفرصة لكل من يريد التعرف إلى عوامل القوة العسكرية في العالم فيجد ذلك من خلال عرض تحليلي لنتائج معطيات معيارية تحدد القوة العسكرية لكل بلد على حدة. وتجمع هذه المعايير بين تعداد السكان والقدرات الاقتصادية والعلمية وترسانة السلاح بأنواعه المختلفة، من دون أسلحة الدمار الشامل. ومن جمع المعطيات الكاملة حول هذه الدول توافرت النتائج، التي تعلن بشكل سنوي في هذا المشروع والتي بلغت العام الحالي 68 دولة.
وقد دفع نشر نتائج هذا المعيار معلّقين إسرائيليين يؤمنون بوجوب الاحتفاظ بالصورة الشائعة في الأذهان إلى ادّعاء أن ترتيب إسرائيل في القائمة بعيدًا عن العشرية الأولى يعود إلى عدم احتساب القوة النووية. لكن هذا الادّعاء يفتقر إلى الأساس على الأقل بسبب أن كل الدول السابقة لإسرائيل في القائمة، إما تمتلك قدرات نووية أو تمتلك خبرات نووية تمكّنها من امتلاك أسلحة نووية خلال وقت قصير. وفي كل الأحوال فإن امتلاك السلاح النووي لم يشكل حتى اليوم رادعًا لا أمام الجيوش العربية، كما جرى في «حرب تشرين» ولا أمام منظمات المقاومة. وبالتالي، بقي امتلاك السلاح النووي في إسرائيل مجرد «خيار شمشون» بالرغم مما نشر عن أوامر وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق موشي ديان بتحضير هذا السلاح لاستخدام «استعراضي» في حرب الـ73.

 

ومن المهم ملاحظة، أولًا وقبل كل شيء، الدول العشر التي لا تقع إسرائيل في خانتها. وأقرب هذه الدول إلى قوة إسرائيل هي البرازيل. وكان الجيش البرازيلي حتى سنوات قليلة يعتبر من الجيوش الضعيفة في العالم نوعيًا وعدديًا، وكان عتاده قديمًا. وعلى الرغم من عدم تعرض البرازيل لمخاطر خارجية جدية إلا أن النمو الاقتصادي الذي حققته وامتلاكها لصناعات عسكرية متطورة، نقل جيشها بسرعة إلى مصاف الجيوش الأقوى في العالم والجيش الأقوى في أميركا الجنوبية.
ويقع الجيش الإيطالي في المرتبة التاسعة بين أقوى جيوش العالم. ومعروف أن للجيش الإيطالي تاريخًا استعماريًا، وخصوصًا في أفريقيا، ولكن بالرغم من هزيمته في الحرب العالمية الثانية بقي جيشًا قويًا. ويمتلك الجيش كل الأذرع الحربية المعهودة، إلا أنه يتميز جدًا بوحداته الخاصة. ويشارك الجيش الإيطالي في مهمات كثيرة لحلف الأطلسي والأمم المتحدة، ومنها تواجده في لبنان.
وفي المرتبة الثامنة، لا تتفاجأوا توجد كوريا الجنوبية. وصحيح أن العالم بأسره يتحدث عن قوة كوريا الشمالية النووية، إلا أن الجيش الكوري الجنوبي يعتبر واحدًا من أقوى جيوش العالم. ويجد هذا الجيش سندًا قويًا له في التطور التكنولوجي الهائل، الذي طرأ على هذه الدولة ليس فقط مقارنة بشقها الشمالي، وإنما مقارنة بدول العالم أجمع.
وفي المكان السابع، حدّث ولا حرج: ألمانيا. ويعتبر الجيش الألماني من الجيوش القوية في العالم، وهو بين أشدها تطورًا من الناحية التكنولوجية. وتشتهر ألمانيا بالكثير من الاختراعات العسكرية المتطورة، ولديها صناعات عسكرية متطورة بعضها بالشراكة مع دول أوروبية. وازدادت شهرة الجيش الألماني أيضًا بتطويره الكثير من أنواع الأسلحة الليزرية والغواصات النووية، التي اشترت إسرائيل عددًا منها، ونالت بعضًا منها هدية.
ولا غرابة أن يحتل الجيش الفرنسي المكان السادس في القائمة نظرًا الى ما تملكه فرنسا من صناعة عسكرية متطورة في كل الميادين تقريبًا. ويتميز الجيش الفرنسي بنوعية أفراده وأسلحتهم. ويجدر بالإشارة أن الصناعات العسكرية الفرنسية وفّرت لإسرائيل في عقديها الأولين تقريبًا كل الأسلحة الجوية والبحرية، فضلًا عن الدور الكبير في منحها القدرة النووية.

 

وقبل فرنسا تأتي بريطانيا كقوة عسكرية عظمى في المكان الخامس. ولا حاجة للحديث عن تاريخ بريطانيا العسكري الاستعماري، ولا قوتها الصناعية المستمرة حتى اليوم بالرغم من بعض التراجع، الذي يبرر احتلال الهند المكانة الرابعة بين أقوى الجيوش. وبديهي أن الحديث عن ترتيب الثلاثة الأوائل لا ينطوي على جديد حيث الصين في المكان الثالث، وروسيا الثاني، والجيش الأميركي الأول في العالم من دون منازع.
ولكن، كما سلف، تتركز المفاجأة في اعتماد المشروع تركيا كالدولة الأقوى في المكان الحادي عشر تليها الباكستان. ثم تأتي إسرائيل حيث قوتها العسكرية لا تزيد كثيرًا عن مصر، التي احتلت المرتبة الرابعة عشرة. أما أندونيسيا فاحتلت المكان الخامس عشر تليها إيران.
لذلك كفى مبالغة في قوة إسرائيل، وجيدٌ بذل الجهود للتفوق عليها من بعض الدول وخصوصًا مصر.

 

تحتل الجيوش الأقوى المراتب العشر الأولى وفق الآتي:
• المرتبة الأولى: الجيش الأميركي.
• المرتبة الثانية: الجيش الروسي.
• المرتبة الثالثة: الجيش الصيني.
• المرتبة الرابعة: الجيش الهندي.
• المرتبة الخامسة: الجيش البريطاني.
• المرتبة السادسة: الجيش الفرنسي.
• المرتبة السابعة: الجيش الألماني.
• المرتبة الثامنة: الجيش الكوري جنوبي.
• المرتبة التاسعة: الجيش الإيطالي.
• المرتبة العاشرة: الجيش البرازيلي.