جندي الغد

حقوق وواجبات
إعداد: ريما سليم ضوميط

«جندي الغد»، زاوية خاصة بكم جنود المستقبل، أنتم التلامذة، تنقل إليكم المعلومات المفيدة، وتتيح لكم مشاركة أفكاركم وما صنعته أياديكم الرشيقة...


أبي لم يفِ بوعده
«سامي، سامي» نادى يوسف صديقه فيما كان التّلامذة يتدافعون للخروج إلى الملعب. «هل تعلم أنّ أبي وعدني باصطحابي لصيد السّمك يوم الأحد المقبل؟»
ردّ سامي من دون أن ينظر في وجه صديقه: «إنّني سعيدٌ لأجلك يا يوسف، أنت محظوظٌ بالفعل!»
«أشعُر بغصّةٍ في صوتك يا صديقي، فما السّبب؟» سأل يوسف بقلقٍ.
تنهّد ابن العشر سنوات وهو يجيب زميله قائلًا: «آسف يا عزيزي، لم أقصد أن أُزعجك. كل ما في الأمر أنّك ذكّرتني بوعدٍ لي على أبي، لم يفِ به أبدًا»!
«ولكنّني أعلم يا سامي أنّ والدك، رحمه اللّه، كان إنسانًا صادقًا، فكيف تقول إنه لم يف بوعده؟» سأل يوسف متعجّبًا.
صحيحٌ، ردّ سامي بصوتٍ متهدّج، أبي لم يكذب قطّ، لكنّ الظروف منعته من تنفيذ وعده. ففي ذلك اليوم، حين غادَرَنا في الصّباح الباكر ليلبيّ نداء الواجب، وعدني أنّه لدى عودته، سوف يرافقني إلى ملعب كرة السلّة ليشاهدني وأنا ألعب مع رفاقي، وأكّد لي أنّه سيعوّض عن المرّات التي لم يتمكّن فيها من مرافقتي بسبب ظروف الخدمة العسكرية، لكنّ القدر خذله وخذلني أنا أيضًا! ففي ذلك النّهار، كُتب على أبي أن يسقط شهيد ساحة الشّرف، وكُتب عليّ أن أخسر مثالي الأعلى في الحياة.
طوّق يوسف صديقه سامي بذراعيه، وقال له: «لا تحزن يا صديقي، بل افتخر، فأبوك بطلٌ قضى في الدّفاع عن الوطن وأهله، وهذا شرفٌ عظيمٌ لا تناله سوى قلّةٌ من الشجعان الّذين يتفانون في أداء واجبهم الوطني، فلا يتوانون عن تقديم دمائهم حفاظًا على السّيادة والكرامة الوطنيّة.
«أعلم ذلك، لكن صدّقني يا يوسف، إنّ خسارة الشّهيد تخلّف وجعًا دائمًا لا يُعوَّض، أكّد سامي والغصّة تعصر قلبه».
«أشـعـر بألمك يا صاحبي، لكنّني أُدرك في الوقت عينه أنّ الشّهادة وسامٌ علّقه والدك على صدرك، فافتخر به وتذكّر دائمًا أنّ الأوطان لا تبنى إلّا بمداميك الشّهادة، وأنّ تاريخها لا يُخَطّ إلّا بدماء الأبطال».