- En
- Fr
- عربي
حق الشعب الفلسطيني في العودة والتعويض و حق الشعب اللبناني في رفض التوطين
القسم الأول: حق الشعب الفلسطيني في العودة والتعويض
أولاً: حق العودة في القانون الدولي:
تكمن أهمية حق العودة في عدد من المناحي والاعتبارات منها:
أ - أنه الحق الأصيل من حقوق الإنسان في كل حالة ومكان وزمان. فالمادة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تؤكد أن “لكل فرد حرية التنقّل واختيار محل إقامته داخل كل دولة. ويحق لكل فرد أن يغادر أي بلاد بما في ذلك بلده كما يحق له العودة إليه”. وكذلك فإن المادة 12 من الشرعة الدولية للحقوق السياسية والمدنية تنص على أن “لكل فرد حرية مغادرة أي بلد بما في ذلك بلده” وأنه “لا يجوز حرمان أحد, تعسفاً, من حق الدخول إلى بلده”. وكلمة “بلده” هنا لا تعني دولة الجنسية وحسب وإنما محل إقامة الفرد الدائمة. والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري أشارت في المادة الخامسة إلى أنه “لا يجوز إنكار حق أي فرد في مغادرة أي بلد بما في ذلك بلده وفي العودة إلى بلده”([1]).
تنطبق هذه المواد على اللاجئين الفلسطينيين حكماً من دون أي تحفّظ. فقد عرّفت الاونروا اللاجئ بأنه “الشخص الذي كانت فلسطين محل إقامته العادية مدة لا تقل عن سنتين قبل نشوب النزاع العربي الاسرائيلي مباشرة في عام 1948, وفقد دياره وموارد رزقه نتيجة لذلك النزاع”([2]). هكذا يتضح أن تعريف اللاجئ, وفقاً لأحكام القانون الدولي([3]), يربط بينه وبين الأرض التي اضطر قسراً إلى مغادرتها. فهو, تالياً, ينتمي إلى هذه الأرض كمحل لإقامته العادية وهي التي كان يقيم فيها ويكسب رزقه قبل أن يضطر إلى مغادرتها([4]).
ب - وإذا راجعنا المراحل التي سبقت العام 1948 في ما يتعلق بالحقوق الفلسطينية نلاحظ:
ان وعد بلفور ذاته نصّ منذ العام 1917 على مراعاة الحقوق “المدنية” للفئات من السكان غير اليهود. ومن هذه الحقوق الإقامة الدائمة والملكية وممارسة الشعائر الدينية. كما أن صك الانتداب لحظ في المادة الخامسة منه أن الدولة المنتذبة مسؤولة عن ضمان عدم التنازل عن أي جزء من أراضي فلسطين إلى حكومة دولة أجنبية, كما أن المادة 22 من عهد عصبة الامم اشترطت عدم اجراء اي تعديل ديموغرافي في الدولة المنتدب عليها. هذا مع العلم أن فلسطين صُنّفت, أسوة ببقية الدول العربية, أنها دولة بمجرّد انفصالها عن الامبراطورية العثمانية وفقاً لمعاهدة لوزان 1923([5]).
ويلاحظ أيضاً ان القرار 181, الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1947 والقاضي بتقسيم فلسطين, اشار إلى عدم قيام أي تمييز بين السكان في الدولتين اليهودية والعربية وأنه “لن يسمح بأي استملاك لأرض يملكها عربي في الدولة اليهودية أو لأرض يملكها يهودي في الدولة العربية إلاّ للمنفعة العامة”([6]).
ج إلا أن النص القانوني المباشر الذي أقر الحق بالعودة والتعويض للشعب الفلسطيني كان القرار 194 الذي صدر عن الجمعية العامة في 11/12/1948, أي في وقت متزامن مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (10/12/1948).
ويتسم القرار 194 بأهمية بالغة ومن أهم بنوده:
أنه تناول حق العودة مباشرة للشعب الفلسطين وأقر له بها كمجموعة بشرية وليس كمجرد أفراد. وقد صدر أساساً عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بناء لتقرير المندوب الخاص للجمعية (الكونت برنادوت) الذي أكد أحقية الشعب الفلسطيني “المضهطد” في العودة إلى بلاده والتعويض عن الأضرار التي لحقت به([7]). والقرار 194 يشير إلى وضع الفلسطينيين كشعب (وليس مجرد أفراد) يحق له العودة إلى دياره بصرف النظر عن الجنسية والاعتبارات السياسية وحتى الإنسانية المتمثّلة بجمع الشتات([8]).
والقرار 194 يعتبر قراراً ملزماً وإن كان صادراً عن الجمعية العامة للأمم المتحدة. فالمعروف أن قرارات هذه الجمعية تصدر عادة بشكل توصيات غير ملزمة. إلا أن ثمة قرارات تكون ملزمة استثنائياً. والقرار 194 واحد منها. ذلك لأن ثمة اجتهاداً في القانون الدولي([9]) يؤكد ان القرارات التي تتخذها الجمعية العامة بأكثرية بارزة والتي تعود إلى تأكيدها في مناسبات متكررة تعكس رأياً عاماً دولياً غير متردد وبالتالي يقتضي اعتبارها ملزمة قانوناً.
والمعروف أن الجمعية العامة قد أكدت مضمون القرار 194 عشرات المرات واعتبرت حق تقرير المصير (ومن مستلزماته حق العودة) من الحقوق الانسانية غير القابلة للتصرف. فمنذ العام 1974 مثلاً أصدرت الجمعية قرارها الرقم 3236 الذي أكّد على الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني, والتي تشمل حقه في تقرير المصير والاستقلال والسيادة وحقه في العودة إلى دياره([10]).
ولم تغيّر الجمعية العامة موقفها منذ ذلك الحين وإنما أكدت عليه تكراراً في القرارات السنوية اللاحقة لغاية الساعة([11]).
د - ولعل الأهمية الأكثر بروزاً للقرار 194 ان الجمعية العامة للأمم المتحدة عندما قبلت اسرائيل عضواً في الأمم المتحدة فرضت عليها الالتزام مسبقاً بشرطين: قبول القرار 181 (قرار التقسيم) للعام 1947 وقبول القرار 194 (حق العودة). ولم تصدر الجمعية العامة آنذاك (أي في العام 1949) قرارها بقبول اسرائيل في عضوية المنظمة الدولية إلاّ بعد تأكدها من قبول اسرائيل هذين القرارين والتزام تنفيذهما([12])
هذا الأمر يعني في ما يعنيه:
ان الجمعية العامة ذاتها أصرت على الإلزام القانوني للقرار 194 على الأقل بالنسبة لموجبات اسرائيل تجاه هذه المنظمة. وإذا كان قبول اسرائيل في المنظمة جاء مشروطاً كما تقدّم (وهذه من الحالات القليلة في الانضمام اليها) فإن اسرائيل ذاتها التزمت رسمياً بهذا القرار كما تقدم أيضاً.
ان اسرائيل عندما تتخلف عن هذا الالتزام بالقرار 194 (قولاً أو فعلاً) أو تتنكر له فإنها تكون قد خالفت شرطً دولياً لحظته المادة الرابعة من ميثاق الأمم المتحدة والتي تنص على أن “العضوية مباحة لجميع الدول الأخرى المحبة للسلام, والتي تأخذ نفسها بالالتزامات التي يتضمنها هذا الميثاق, والذي ترى الجمعية العامة أنها قادرة على تنفيذ هذه الالتزامات, راغبة فيه...”.
ان ملاحقة المنظمة لإسرائيل كانت أكثر جدوى لو أصرّت على ضرورة تنفيذ القرار 194 الذي سبق أن تعهدت التزامه منذ العام 1949 وليس على قبولها (مجدداً) الإقرار بحق العودة. فالقرار 194 هو, وكما تقدم, قرار ملزم للجانب الاسرائيلي.
هـ - أما مرحلة ما بعد صدور القرار 194 فقد شهدت, في ما شهدته, آثار حرب 1967 ومنها ان مجلس الأمن: “يدعو حكومة إسرائيل إلى تأمين سلامة وخير وأمن سكان المناطق التي جرت فيها عمليات عسكرية, وتسهيل عودة أولئك الذين فرّوا من هذه المناطق منذ نشوب القتال”([13]). (القرار 237 تاريخ 14/6/1967).
وبعد صدور هذا القرار بدأ الحديث عن مستندين قانونيين للعودة: عودة اللاجئين الفلسطينيين منذ العام 1948 وفقاً للقرار 194 المتقدم الذكر, وعودة النازحين بعد حرب 1967 وفقاً للقرار 237. والمعروف أن قرارات مجلس الأمن ملزمة مبدئياً (وفقاً للمادتين 25 و103 من ميثاق الأمم المتحدة). وقد أصدر مجلس الأمن قرارات لاحقة (منها القراران 248/1978 و259/1968)([14]) تذكّر بوجوب التزام القرار 237. كذلك أصدرت لجان حقوق الإنسان قرارات متعاقبة تطالب بالتزام القرار 237 ذاته([15]).
وبدأ التمييز بين اللاجئين والنازحين يرد منذ صدور القرار 237. إلاّ أن هذا التمييز لا يؤثر على حق العودة لأن المطلوب, قانوناً, هو عودة الفلسطينيين لاجئين ونازحين إلى ديارهم كمجموعة بشرية تتمتع بحقوق إنسانية واضحة وليس كأفراد يطالبون بجمع شمل العائلات وحسب.
إلا أن اسرائيل نشطت منذ العام 1967 على هذا التمييز واعتبرت ان بحث مسألة النازحين في سياقها الإنساني أي جمع الشمل يمكن ان يرد بحدود ضيقة. إلا أن مسألة لاجئي 1948 لم ترد إطلاقاً في إطار المفاوضات الاسرائيلية العربية.
والواقع أن النص التعاقدي الأول الذي بدأ يميّز فعلاً بين اللاجئين والنازحين الفلسطينيين كان اتفاق كامب دايفيد في العام 1978, حيث اقترح تشكيل لجنة رباعية (تتمثل فيها مصر والأردن وإسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية) لدراسة شؤؤن النازحين, مع تغييب تام لحق العودة بالنسبة للاجئين([16]). ثم وردت إشارة توكيدية أخرى لهذه اللجنة في الاتفاقية الاردنية الاسرائيلية([17]). أما اتفاقات أوسلو وملاحقها فقد أشارت إلى اللاجئين كعنوان فقط تجري مناقشته في مفاوضات الوضع النهائي. وعندما بوشر بهذه المفاوضات كان الجانب الاسرائيلي حاسماً في رفضه مجرد البحث بحق العودة([18]), مع إمكانية بحث موضوع “جمع شمل العائلات”.
و- إلاّ أن هذا الانحراف المقصود عن حق العودة لم يمنع الجمعية العامة للأمم المتحدة من تطوير مفهومه وربطه بمسألة تقرير المصير للشعب الفلسطيني وذلك منذ العام 1974 كما تقدم. وحرصت الجمعية العامة على تأكيد الموقف ذاته منذ ذلك التاريخ وحتى الساعة من دون أيّ تحفظ ولا انقطاع. وهذا يعني أن الإقار بحق العودة بات أكثر ضرورة لسبب سياسي قانوني دولي. فالشعب, أيّ شعب, يملك الحق في تقرير مصيره السياسي والاقتصادي والاجتماعي العام وذلك من دون أي عائق أو معرقل. وهذا الحق في تقرير المصير بات اليوم من القواعد الآمرة في القانون الدولي([19]). ومؤدى ذلك:
انه لا يجوز لأي دولة, وتحت طائلة المسؤولية, ان تؤخر استحقاق هذا الحق أو تعرقل تنفيذه.
ان الحق في تقرير المصير يُقدّم على أي التزام آخر يمكن أن يترتب على الدولة. وإذا حصل اي تناقض أو تعارض بين هذا الحق وبين أي التزام تعاقدي آخر للدولة فإن هذا الالتزام الأخير يجب أن يلغى فوراً وذلك وفقاً للمادة 53 من قانون المعاهدات الدولية([20]).
وإذا كان ثمة حق أصيل لهذا الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره, فإن المطلوب, قبل ذلك وتمهيداً له, ان يعود هذا الشعب الفلسطيني اللاجئ (أربعة ملايين) إلى دياره ومن ثم يصار إلى ممارسة حقه من دون توكيل ولا وساطة ولا انحراف.
أما أن يُنكر على هذا الشعب حقه في العودة إلى دياره, فكيف يمكن له أن يمارس حقه في تقرير مصيره؟. هذا مع الإشارة إلى أن “لجميع الشعوب حق تقرير مصيرها بنفسها. وهي بمقتضى هذا الحق حرّة في تقرير مركزها السياسي وحرّة في السعي إلى تحقيق نموّها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي”([21]). لذلك بات من الضروري أن تمارس الشعوب بنفسها حق تقرير مصيرها على إقليمها وأن يكون لها “التصرّف الحر بثرواتها ومواردها الطبيعية”.
وهنا تجدر الإشارة أيضاً إلى أن الحق في العودة ليس حقاً فردياً خاصاً وإنما هو حق جماعي مدني وسياسي واقتصادي أيضاً معترف به للشعب (وليس لفئة المقيمين منه دون اللاجئين) الفلسطيني أسوة بباقي الشعوب الاخرى. وكذلك فهو لا ينحصر بحق اقتصادي بديل يتناول الممتلكات وحسب, بل انه حق قانوني بقدر ما يعرّفه القانون الدولي انه من حقوق الانسان غير القابلة للتصرف. وهو حق سياسي بقدر ما يسهّل عملية تقرير المصير أسوة بباقي الشعوب وفقاً لقاعدة “المساواة بين الشعوب”, وهذه قاعدة دولية ملزمة هي الأخرى([22]) لأنها وفقاً للاجتهاد الدولي من القواعد الآمرة أيضاً.
ثانياً: العلاقة بين حق العودة والتعويض:
أ - مضمون القرار 194:
1- تضمنت الفقرة 11 من القرار 194 الامور الثلاثة التالية:
“وجوب السماح بالعودة, في أقرب وقت ممكن, للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم...”.
Resolves that the refugees wishing to return to their homes and live at peace with their neighbours should be permitted to do so at the earliest practicable time.
ان السماح بالعودة يجب أن يحصل في أقرب وقت ممكن: أما من يسمح بذلك فإن المقصود هنا إسرائيل التي أعلنت عن إنشاء دولتها منذ منتصف أيار 1948 (القرار صادر في آخر 1948) وبريطانيا بصفتها الدولة المنتدبة من قبل عصبة الأمم والتي لم تكن مهمتها قد انتهت بعد([23]).
العودة ليست هنا لمجموعة افراد من اللاجئين وإنما لمجموعة بشرية كاملة تمثل كل اللاجئين. وهي عودة الى “بيوتهم” Their Homes. وقد استخدمت الترجمة العربية الرسمية (أي ترجمة الأمم المتحدة) عبارة “ديارهم”, بدلاً من بيوتهم, علماً أن في “بيوتهم” دقّة وصفية تشير إلى ضرورة العودة إلى البيوت التي اضطروا إلى مغادرتها قسراً وبصرف النظر عما إذا كانت هذه البيوت في إقليم اسرائيل أو إقليم السلطة الفلسطينية وبصرف النظر عما إذا كانوا يحملون الجنسية الاسرائيلية أم لا.
المهم هو إقرار حق العودة لهؤلاء كمجموعة بشرية فلسطينية, أما أن يعودوا أم لا, فهذا أمر يقرّره اللاجئون أنفسهم.
علماً أن هذه العودة مشروطة بأن “يعيشوا بسلام مع جيرانهم”.
وقد توفّر اليوم هذا الشرط المسبق بعد معاهدات السلام المصرية الفلسطينية الأردنية مع اسرائيل وبعد إلغاء “الكفاح المسلح” من الميثاق الوطني الفلسطيني.
2 وتستمر الفقرة رقم 11 ذاتها فتقول “... ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم...”.
... and that compensation should be paid for the property of those choosing not to return.
وفي قراءة هذا الجزء من الفقرة 11 يلاحظ:
ان القرار 194 لحظ إمكانية التعويض, ولكنه أناطها باللاجئين أنفسهم. وهذا يعني أن حق العودة هو الحق الأساسي الذي يعترف به القانون الدولي وذلك استناداً إلى المادة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان وإلى المادة 12 من شرعة الحقوق المدنية والسياسية والى القرار 194 الذي يتمتع, كما تقدم, بالإلزامية القانونية الكاملة سواء في ذاته أو في اعتباره مدخلاً أساسياً لتقرير المصير.
أما حق التعويض فهو عائد إلى اللاجئين أنفسهم لكي يقرروه. وهو بذلك شأن شخصي لا يرتقي إلى درجة الإلزام الدولي الذاتي([24]).
وحتى يستطيع اللاجئون أن يقرّروا أو يختاروا كما جاء في القرار 194 فإن الإقرار بحق العودة هو المطلوب حتى يصبح ثمة مجال للاختيار. أما إذا أنكر على اللاجئين الفلسطينيين حق العودة فأي معنى يبقى لهذا الاختيار بالأساس؟
واستناداً لما تقدم فإن الحق بالتعويض لا يمكن أن يكون بديلاً حكمياً من الحق بالعودة لاختلاف الدرجة القانونية والإلزام.
فالمفروض أولاً أن يكون حق العودة مفتوحاً للجميع (كما يكون مثلاً الحق في التصويت) ويمكن, بعد ذلك, لصاحب العلاقة المؤهل لهذه العودة, أن يقرر العودة أم التعويض (كما يكون مثلاً للمواطن الذي يُعترف له بحق التصويت في أن يقترع أم لا). وبذلك فإن التعويض إذا ورد سيكون من حق صاحب العلاقة أن يختاره, أما حق العودة فإن القانون الدولي ذاته يعترف له به من خلال النصوص المشار إليها أعلاه([25]).
ب هذا مع العلم أن التعويض في القانون الدولي لا يقتصر على البدل المالي الذي يمكن أين يتقاضاه مستحقُّه فرداً كان أم دولة. فالتعويض قد يكون, بين الدول مثلاً, على شكل اعتذار أو تعهد بمحاكمة مرتكب الجرم أو بإعادة الامر المتضرر إلى ما كان عليه... الخ([26]).
أما مسألة التعويض التي وردت في هذا القرار فيُفهم منها أن التعويض يمكن أن يكون أيضاً ذا صفة جماعية وليست فردية. بمعنى أنه يمكن التعويض على الشعب الفلسطيني اللاجئ وعن معاناته (حتى وإن كان هذا التعويض جزئياً). أما إذا كان فردياً ومتروكاً لكل شخص على حدة فهذا يعني بعثرة حق العودة من خلال من يريد ومن لا يريد العودة. وتلافياً لهذا الأمر لا بد من الرجوع إلى فلسطينيي الشتات كشعب ذي هوية واحدة وقضية واحدة ومعاناة واحدة. حتى إذا أثبتت أكثريته ميلاً إلى التعويض أُقِرّ لها ذلك من دون أن يصار إلى إنكار حق العودة لأنه حق من حقوق الإنسان غير القابلة للتصرف([27]). وحق العودة مرتبط بحق تقرير المصير كما تقدم. والمعروف أن هذا الأخير قاعدة آمرة في القانون الدولي وهي ذاتية الإلزام القانوني من دون أي تحفظ.
واستناداً لذلك لا بد من التأكيد:
ان كل قرار إقليمي أو دولي يقضي بالحق في التعويض بدلاً من الحق في العودة يخالف أحكام القانون الدولي نظراً لتفاوت المرتبة القانونية بينهما من جهة وإنكار حق أساسي وغير قابل للتصرف من جهة ثانية, واختيار التعويض هذا من دون سؤال أصحاب العلاقة رأيهم في الموضوع من جهة ثالثة. أما القول بضيق المكان أو الاندماج المطلوب كلياً أو بزوال معالم القرى والدساكر التي تركها اللاجئون فإنه, مبدئياً, غير مبرّر في القانون الدولي لأنه يشكل تفاصيل ثانوية لا تستند إلى أي مشروعية وتتعارض مع حق مثبت ومعترف به دولياً ولا يجوز إنكاره ولا تحييده. هذا فضلاً عن مجافاة العدالة والإنصاف إذا ما كانت إحدى اللجان هي التي تقرر مصير اللاجئين أنفسهم وتقدم حق التعويض بديلاً من حق العودة([28]).
وتشير الفقرة الثالثة من المادة 11 من القرار 194 (وهي استكمال لما قبلها ولا تشكل فقرة منفصلة):
... (compensation should be paid also) for loss of or damage to property which, under principles of international law or in equity should be made good by the governments or authorities responsible[29]) )
وقد ترجمت أوساط الأمم المتحدة هذه الجملة إلى العربية كما يلي:
(التعويض يجب أن يدفع عن...) “وعن كل مفقود أو مصاب بضرر, عندما يكون من الواجب, وفقاً لمبادئ القانون الدولي والإنصاف, أن يعوض عن ذلك الفقدان أو الضرر من قبل الحكومات أو السلطات المسؤولة”([30]).
ويلاحظ هنا:
1 - ان الترجمة العربية المعتمدة لهذه الجملة هي ترجمة خاطئة. فالنص باللغة الانكليزية يعني أن التعويض يجب أن يدفع أيضاً “للخسارة أو الضرر اللاحق بالممتلكات”. بينما الترجمة ذكرت أن التعويض يدفع عن كل “مفقود أو مصاب بضرر” وهذا يغيّر المعنى تماماً. فالقصد الأساسي من القرار باللغة الانكليزية هو ان التعويض يقتضي دفعه في حالتين:
- عن الممتلكات للذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم.
- وعن الممتلكات التي يفقدها أصحابها والتي تكون مصابة بضرر.
... and that compensation should be paid for the property of those choosing not to return and for loss of or damage to property which, under principles of international law or in equity should be made good by the governments or authorities responsible.
2 - وإذا كان التعويض في نظر البعض يحل محل حق العودة بالنسبة للحالة الأولى فإن هذا التعويض يأتي مع حق العودة في الحالة الثانية. فالتعويض مقترح عن الممتلكات في الحالتين. والمهم أن يتم الاعتراف بحق العودة حتى تصبح ملكية هذه الممتلكات ثابتة أولاً ومن ثم يمكن بحث التعويض عنها ثانياً.
والتعويض في الحالتين ولاسيما الثانية لا يغني عن الإقرار بحق العودة لأن هذا الحق يحمل معه إثباتاً للملكية. ذلك لأن حق العودة يتضمن الإقرار بعودة اللاجئين إلى بيوتهم أي إلى حيث يملكون, وهناك يحصل التعويض عن هذه الممتلكات المفقودة أو المتضررة ([31]).
أما إذا لم يُعترف لهؤلاء بحق العودة فكيف يمكن لهم أن يثبتوا ملكيتهم؟ بسندات ملكية لاتزال محفوظة لديهم. وماذا لو أن بعضهم لم يعد يحتفظ بهذه السندات لأنه اضطر إلى مغادرة منزله بظروف غير عادية؟ يعوّض عندئذ على الجميع بمبلغ موحّد سواء كان رمزياً أو حقيقياً. إذن يصبح الموضوع غير متعلق بالتعويض الموازي للضرر. وهذا يعني أن التعويض مطلوب لإلغاء أو بالأحرى بيع حق العودة. وهذا الحق, كما قدّمنا, هو حق قانوني جماعي مدني سياسي ولا يجوز التخلي عنه إلاّ بعد استفتاء الشعب المعني به في مجموعه وبعد الاقرار الدولي به على كل حال. إذ كيف يتخلّى الشعب عن حق لم يُعترف له به بعد؟ وحتى الاستفتاء غير مقبول لأنه يتناول تخلياً عن حق إنساني لا يجوز التصرف به ومصادرته في وجه جيل آخر مثلاً.
جـ - وأهمية التعويض عن الممتلكات المفقودة أو المتضررة انه أتى استكمالاً لحق العودة وليس بديلاً عنه. ذلك أن الملكية هنا تبقى لصاحب الشأن وتسقط معادلة, إما العودة أو التعويض.
وعلى هذا الأساس يجب أن يصار إلى اعتماد النص الانكليزي لهذه الفقرة 11 من القرار 194 والتخلي عن ترجمتها العربية الرسمية, ويجب, تبعاً لذلك أن يصار إلى المطالبة بحق العودة والتعويض معاً. هذا مع التوكيد مجدداً أن حق العودة غني عن المطالبة به لأنه من حقوق الإنسان غير القابلة للتصرف. أما حق التعويض فيجب أن يندرج مع حق العودة كما تقدم([32]).
القسم الثاني: حق الشعب اللبناني في رفض التوطين
أولاً: رفض التوطين في مراحله التاريخية:
أ - حرص لبنان, منذ قدوم اللاجئين الفلسطينيين إلى ربوعه في العام 1948, اضطراراً, على أن يكون لهم وضعهم الخاص والمؤقت وأن تصدر الترتيبات الرسمية التي ترعى هذا الوضع. واستناداً لذلك كان الموقف المتكرر للحكومات اللبنانية المتعاقبة في رفض التوطين وارتقاب عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم.
وتمثل هذا الموقف أصلاً باستثناء اللاجئ الفلسطيني من الاتفاقية الدولية للاجئين من جهة ومن أحكام القانون اللبناني للأجانب من جهة أخرى.
فالاتفاقية الدولية للاجئين الصادرة في العام 1951 استثنت من احكامها, تعريفاً وأوضاعاً, “الأشخاص الذين يتلقون في الوقت نفسه أي نوع من الحماية أو المساعدة من إحدى وكالات الأمم المتحدة وأجهزتها, عدا عن المفوضية العليا لشؤون اللاجئين”([33]).
أما قانون الأجانب الصادر في العام 1962 فقد عرّف الاجنبي “بأنه كل شخص لا يحمل الجنسية اللبنانية”, أي أنه افتراضاً كلّ شخص يحمل جنسية أجنبية. واعتبر القانون أن التعامل مع هذا الأجنبي يندرج إما وفقاً لتشريعات محددة أو وفقاً لقاعدة التعامل بالمثل بعد اتفاقات ثنائية أو معاملات تؤكد هذا الأمر.
إلا أن اللاجئين الفلسطينيين استُثنوا من هذا التعريف ليس فقط لأنهم لا يحملون أي جنسية وإنما لأن وضعهم القانوني كان ولايزال خاصاً بهم دون سواهم من الأجانب([34]).
ومنذ أوائل الخمسينات درج لبنان على اعتماد السجلات التي نظمتها وكالة الغوث الأونروا ذاتها. هذا مع الإشارة إلى أن سجلات الوكالة لم تستطع أن تحصي جميع اللاجئين أو بالأحرى الفلسطينيين الموجودين في لبنان الذين قدموا إليه بفترات متعاقبة وبأفواج متلاحقة([35]). أما عدد اللاجئين الاجمالي فقد قدرته الأونروا بـ367,122 في العام 1992. إلا أن مكتب الاحصاء المركزي الاميركي قدّر أن عددهم قد يصل في العام 2010 الى 603,663([36]).
وفي العام 1959 شكّلت الحكومة اللبنانية “إدارة شؤون اللاجئين الفلسطينيين” التي تولّت تنظيم إقامتهم وقيد وثائقهم الشخصية وتنقلهم وأوضاعهم الأخرى. وقام لبنان, من أجل تسوية أوضاعهم, بإصدار بطاقات إقامة مؤقتة خاصة بهم لضبط وضعهم القانوني من جهة ولتسهيل حركتهم من جهة ثانية. وقد استمر هذا الوضع حتى آخر الستينات.
وكانت الحكومات اللبنانية المتعاقبة خلال هذه الفترة حريصة على رفض أي نص أو حتى توصية يمكن أن تؤدي إلى أي ثغرة توطينية.
وعلى الرغم من صدور توصية عن مؤتمر وزراء الخارجية العربية في العام 1965 والتي اقترحت أن “يعامل الفلسطينيون في الدول العربية التي يقيمون فيها معاملة رعايا الدول العربية, في سفرهم وإقامتهم وتيسير فرص العمل لهم مع احتفاظهم بجنسيتهم الفلسطينية”, على الرغم من ذلك فإن لبنان لم يلحظ اي استثناء عن التدابير التي اتخذها في ضرورة التعامل مع اللاجئين الفلسطينيين بما يضمن لهم التركيز على حق العودة وكذلك التركيز على رفض التوطين. إلا أن هذه الفترة اتسمت ايضاً بارتباك قانوني لجهة تنظيم الوجود الفلسطيني المؤقت في لبنان. كما اتسمت ببعض الاستثناءات التي سمحت لبعض هولاء الحصول على الجنسية اللبنانية من جهة, كما فرضت على البعض الآخر, وهم الأكثرية الساكنة في المخيمات, أساليب متعددة من التعامل([37]).
ب - وكانت الأحداث الاقليمية واللبنانية الداخلية قد آلت إلى إشكالات أمنية وسياسية عدة أنتجت, في ما أنتجته, اتفاقية القاهرة للعام 1969 بين لبنان ومنظمة التحرير الفلسطينية. وقد نصّت هذه الاتفاقية على اجراءات ميدانية عدة ولحظت ايضاً إمكانية اعادة تنظيم الوجود الفلسطيني حول أمور عدة أمنية وغيرها.
إلا أن الأحداث التي دفعت لبنان بكل مناطقه وفئاته إلى الحروب الفتنة منذ العام 1975, لم تسمح بإصدار تشريع موحّد بهذا الصدد. واستعيض عن هذا التشريع بقرارات وزارية أو صادرة عن الأمن العام اللبناني تحاول ضبط الوجود الفلسطيني على الساحة اللبنانية.
والمعروف أن المشرِّع اللبناني كان, منذ الستينات, قد اعتبر الفلسطينيين من الأجانب ذوي الوضع الخاص ([38]). إلا أن هذا الوضع الخاص لم يُنظّم لغاية الساعة بموجب تشريع موحّد ومتكامل الأطر والأهداف.
ولكن العنوان الرئيسي لكل الاجراءات الوزارية والإدارية اللبنانية التي صدرت, وإن بشكل فوضوي أحياناً, كان يتمثل دائماً في رفض التوطين وذلك من أجل مصلحة الجانبين اللبناني والفلسطيني معاً.
وبعد أن تمّ إلغاء اتفاقية القاهرة في العام 1983 من قبل المجلس النيابي اللبناني عادت الأوضاع كافة إلى ما قبل هذه الاتفاقية من الاجراءات الإدارية التي تتعامل مع الملف الفلسطيني على أساس انهم لاجئون يملكون حق العودة وأن إقامتهم في لبنان مؤقتة بانتظار ممارسة هذا الحق.
جـ - ان النص الأساسي الذي أكد رفض التوطين ورد في وثيقة الوفاق الوطني المعروف باتفاق الطائف للعام 1989.
فقد أشارت هذه الوثيقة في مبادئها العامة إلى أن “أرض لبنان أرض واحدة لكل اللبنانيين... فلا فرز للشعب على أساس أي انتماء كان. ولا تجزئة ولا تقسيم ولا توطين”.
ثم تكرّست هذه الفقرة في الدستور اللبناني المعدّل في العام 1990. فورد في مقدمته النص ذاته (في الفقرة ط من المقدمة) الذي أكد أنه “لا تجزئة ولا تقسيم ولا توطين”([39]).
والملاحظ, في هذا السياق, أن هذا الدستور قد أكد (في البند د من المقدمة) ان “الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة يمارسها عبر المؤسسات الدستورية”.
وإذا كان الشعب اللبناني, بكل مرجعياته الدينية وبكل مؤسساته الدستورية, قد أكد تكراراً رفضه للتوطين الفلسطيني في لبنان, فإنه بذلك قد قام بعمل سيادي من دون أي إشكال ومن دون أي تحفّظ.
وإذا كان هذا الشعب, من جهة ثانية, قد اعتبر أن رفض التوطين يشكّل ضماناً لعيشه المشترك وحفاظاً على التوازنات التي ارتضاها أصلاً فإن الدستور ذاته يكرّس هذا القرار بقدر ما يهدف إلى تعزيز العيش المشترك بين فئات الشعب اللبناني. والدستور نفسه اعتبر أن “لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك”.
وقام المجلس النيابي مؤخراً بإصدار توصية ورد فيها ضرورة التأكيد على حق العودة للشعب الفلسطيني ورفض التوطين بسائر أشكاله ومراحله وصفاته.
ثم أقرّ المجلس النيابي قانون تملك الأجانب ومنه ضرورة التقيّد بأحكام الدستور اللبناني لجهة رفض التوطين([40]).
وتجدر الإشارة, في هذا المجال, إلى أن رفض التوطين لا يقتصر على لبنان وحده وإنما هو موقف عربي عام مرتبط بالاصرار على حق العودة والتعويض للشعب الفلسطيني, كما تقدم شرحه.
ولعل من المفيد, هنا, التذكير بموقف جميع الدول العربية التي استضافت اللاجئين الفلسطينيين:
فسوريا ولبنان والاردن تصر كلها على رفض التوطين بحيث لا يضيع حق الفلسطيني اللاجئ (منذ 1948) ولا النازح (منذ العام 1967) في العودة والتعويض. والواقع أن اللاجئين الفلسطينيين في هذه الدول الثلاث مشمولون برعاية منظمة الأونروا. والمعروف أن هذه المنظمة تهدف بالأساس إلى الاهتمام بهم بانتظار عودتهم إلى ديارهم. ثم أن التصريحات الرسمية الصادرة عن هذه الدول تؤكد رفضها توطين الفلسطينيين فيها.
ومصر والعراق من الدول المضيفة أيضاً, مع أن اللاجئين الفلسطينيين فيهما لا يستفيدون من تقديمات منظمة الأونروا. إلا أن الدولتين تركزان دائماً على أولوية حق العودة, وكانتا قد أيّدتا تكراراً في مؤتمرات القمة العربية والاسلامية موقف لبنان في رفض التوطين.
إن اللاجئين والنازحين الفلسطينيين المقيمين مؤقتاً في أراضي الضفة الغربية وغزه يُعامَلون من قبل فلسطينييها أنفسهم بصفتهم لاجئين لكي لا يضيّعوا عليهم حق العودة وهم, من أجل ذلك, يرفضون توطينهم في الضفة وغزة بالذات.
ثانياً: رفض التوطين في القانون الدولي:
أ - ان حق العودة للاجئين الفلسطينيين مرتبط, وظيفياً, برفض التوطين. وعندما يصرّ الشعب اللبناني على رفض التوطين فهو يصرّ, بالقدر نفسه أو أكثر, على حق العودة, انسجاماً في ذلك مع تثبيت الهوية الفلسطينية وإنصاف الشعب الفلسطيني لتمكينه من ممارسة حقه في تقرير المصير كما تقدم.
وتقرير المصير الذي ينطبق على الشعب الفلسطيني كحق إنساني غير قابل للتصرّف ينطبق على كل شعب آخر بما في ذلك الشعب اللبناني أيضاً. فالمعروف أن تقرير المصير لا يقتصر على مرحلة واحدة هي مرحلة إنشاء الدولة المستقلة فقط وإنما يتلازم أيضاً مع العمليات اليومية لبناء هذه الدولة وإنمائها وتعزيز قدراتها وتمتين وحدتها الوطنية وتكاملها الاجتماعي... الخ. وقد حرص الإعلان العالمي لحقوق الانسان منذ العام 1948 (في المادة 30 الأخيرة منه) على التوكيد على أن أياً من الحقوق التي ذكرها لا يجوز أن تفسر “على نحو يفيد انطواءه على تخويل أي دولة أو جماعة أو أي فرد, أي حق في القيام بأي نشاط أو بأي فعل يهدف إلى هدم أي من الحقوق والحريات المنصوص عليها فيه”.
والمعروف هنا أن الركن الأساسي للحق في تقرير المصير ورد أصلاً في ميثاق الأمم المتحدة وتكرّس من ثم في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (ولاسيما المادة 21) وفي الشرعتين المتعلقتين بالحقوق السياسية والمدنية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وكما سبق أن شرحنا التلازم بين حق العودة وحق تقرير المصير في القسم الأول من هذا البحث فإن ثمة ارتباطاً عملياً بين حق الشعب في العودة وحق الشعب الآخر في رفض التوطين.
إلا أن هذا الارتباط الوظيفي لا يفرض تلازماً قانونياً بنيوياً بينهما. فالقانون الدولي يقرّ لأي شعب الحق في تقرير مصيره من جهة. وهو يقرّ أيضاً لهذا الشعب في أن يمارس سيادته وحده على كافة مقدراته الاقتصادية وأن يختار نمط الحكم والسياسية وأساليب الحياة التي يريد.
المهم أن القانون الدولي يقرّ لأي شعب في أن يعيش بسلام ([41]) وأن يسعى إلى تحقيق رفاهه السياسي والاجتماعي والاقتصادي. ومن الشروط التي يفرضها القانون الدولي لأي شعب في أن يعيش بسلام:
ان المحافظة على حق الشعوب في السلم وتشجيع تنفيذ هذا الحق يشكّلان التزاماً أساسياً لكل دولة.
ان على جميع الدول والمنظمات الدولية أن تبذل كل ما في وسعها للمساعدة في ضمان تنفيذ حق الشعوب في السلم عن طريق اتخاذ التدابير الملائمة على المستويين الوطني والدولي.
والمعروف أن الشعب اللبناني أجمع, بعد حرب أهلية دامية, ان ميثاق العيش المشترك في اتفاق الطائف, يمكن أن يشكل الإطار الدستوري للعيش بسلام. والمعروف أن هذا الإجماع يشكل منطلقاً أساسياً لتجربة لبنان واللبنانيين لمرحلة ما بعد الحرب الأهلية. والشعب اللبناني اليوم يسعى إلى تثبيت قواعد هذا العيش المشترك “من دون تقسيم ولا توطين”. لذلك يقتضي وفقاً لأحكام القانون الدولي أن تُحترم إرادة هذا الشعب في تحديد الأطر التي ارتآها معاً للعيش في سلام.
وعلى هذا الأساس فإن حق الشعب اللبناني في رفض التوطين هو حق أصيل آخر من حقوق الإنسان غير القابلة للتصرف وان كان مرتبطاً عملياً (وفي هذه الحالة المحددة) مع حق العودة.
ب - وحق الشعب اللبناني في رفض التوطين يساعد كذلك في إقرار حق العودة ليس فقط من ناحية إنسانية وإنما من ناحية قانونية ايضاً. ذلك لأن المقولة الاسرائيلية “ان الحل العادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يتمثل بتحسين أوضاعهم حيث هم”([42]) يجب أن تُواجه بذرائع قانونية تستند بالأساس إلى حق الشعب اللبناني برفض التوطين.
أما إذا استكانت الحكومة اللبنانية ومعها الشعب اللبناني إلى هذه المساعي الراهنة لفرض التوطين فإن هذه المقولة الاسرائيلية ستشق طريقها إلى مراكز القرار الدولي من دون أي تحفظ ولا استدراك.
ورفض التوطين هو التفسير الأنسب للقرار 242/ 1967 الذي قضى “بتسوية عادلة لمشكلة اللاجئين” على أن تتمثل هذه التسوية العادلة حكماً بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم. أما إذا فُسّرت هذه “العدالة” بتحسين أوضاعهم حيث هم ففي التفسير إساءتان: بحق الشعب اللاجئ من جهة وبحق الشعب المضيف من جهة ثانية. لذلك فإن عدالة التسوية لمسألة اللاجئين تتمثل حصراً بعودتهم إلى بلادهم وعدم توطينهم في لبنان ولا في أي دولة عربية أو أجنبية أخرى.
والقرار 242 أصلاً استند إلى المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة. وهي المادة التي تحرص على الاستقلال السياسي والوحدة الاقليمية لجميع الدول الأعضاء في المنظمة الدولية.
جـ - ان السيادة الوطنية للدولة المستقلة مبدأ أساسي ومستقر في القانون الدولي بحيث ان ميثاق الأمم المتحدة حرص على احترامها في معظم مواده وأنشأ مبدأ عدم التدخل انطلاقاً من ضرورة ممارستها. وعلى هذا الأساس أيضاً اعتمد القانون الدولي مبدأ المساواة في السيادة أيضاً وضرورة الحفاظ على الوحدة الاقليمية والاستقلال السياسي لكل الدول. وعلى هذا الأساس أيضاً أقر القانون الدولي “بنطاق محفوظ” لصلاحيات الدولة الداخلية ولا سيما في ما يتعلق بقوانين الهجرة أو الجنسية أو التجنّس التي تصدرها([43]).
والأمر المستقر أيضاً في القانون الدولي هو أن السيادة الوطنية تشكّل المعطى الأساسي في علاقات الدول القانونية ولذلك فإن القيود على هذه السيادة لا يمكن أن تفرض مسبقاً ولاسيما إذا شكلت لها أي نوع من الإساءة أو عدم الملاءمة, إلا إذا التزمت الدولة هذا القيد أصلاً أو إذا كان يتسم بصفة القواعد الآمرة([44]).
وقد سلّمت المنظمة الدولية كذلك بهذا الأمر انسجاماً منها مع أحكام الميثاق وبغية تحقيق أهداف الأمم المتحدة ومبادئها.
وحرصاً من هذه المنظمة الدولية على استقلال الدول بصرف النظر عن حجمها أو قدرتها أو ثروتها, أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها الرقم 31/49 في 9/12/1994 حول “حماية وسلامة الدول الصغيرة” استناداً, في ذلك لمبادئ الأمم المتحدة ولاسيما المساواة في السيادة وعدم التدخل ومراعاة حقوق الانسان وتحقيق الجوانب المكمّلة لتقرير المصير.
واعتبر القرار ان أي تدخل أو خرق لسيادة الدول الصغيرة يشكل خرقا للقانون الدولي. وحظّر أي تدخل في شؤون الدولة الداخلية ودعا جميع المنظّمات الاقليمية والدولية إلى وجوب تقديم المساعدة التي تطلبها الدولة الصغيرة من أجل تعزيز سلامتها بما يسنجم مع أهداف الأمم المتحدة ومبادئها
([45]).
د - وهكذا فإن قرار الدولة اللبنانية الذي ورد في دستورها (لا للتوطين) والذي تأكد تكراراً من قبل مؤسساتها الدستورية حول رفض التوطين يجب أن يُحترم من قبل المجتمع الدولي. ثم ان فرض هذا التوطين الفلسطيني على لبنان أو حتى محاولة فرضه, من قبل مراجع وقوى ودول خارجية, يشكل تدخلاً تعسّفياً في شؤون لبنان الداخلية ويعرّض سلامته كدولة صغيرة إلى مخاطر عديدة.
ومن المخاطر التي قد يحدثها التوطين أو يتسبّب بها:
الخطر الديمغرافي الذي يتمثل بزيادة 10% من السكان اللبنانيين مرّة واحدة.
والخطر الاقتصادي الذي يتمثل بعبء طارئ وإضافي على الاقتصاد اللبناني المنهك. وتجدر الإشارة هنا إلى أن اتفاقية اللجوء التي استثنت من أحكامها اللاجئين الفلسطينيين كما تقدم تنص في المادة السادسة منها على أن هؤلاء يستفيدون من أحكامها فور انقطاع مساعدات الأونروا لهم. وهذا يعني أن الحكومة اللبنانية ستتحمل لصالحهم, جميع النفقات والتقديمات التي تمنحها لمواطنيها إن حصل التوطين.
والخطر السياسي الذي يتمثل بخلل طارئ على توافق اللبنانيين ونسيجهم الاجتماعي السياسي المتفق عليه أصلاً بموجب مواثيقهم الوطنية التي لم يكن هؤلاء (أي ال10% كما تقدم) مشاركين فيها أصلاً. علماً أنه “لا شرعية لأي سلطة تناقض العيش المشترك” كما تقدم.
والخطر القانوني الذي يتمثل بالتوطين الذي يضيّع هوية اللاجئين الوطنية (الفلسطينية) من جهة, ويفرض على الدولة اللبنانية تجنيسهم من دون إرادتها من جهة ثانية. هذا مع العلم أن قانون المعاهدات الدولية لا يلزم أي دولة ثالثة بأي اتفاق قد يحصل بين دولتين أخريين حتى وإن كانت هذه الدولة الثالثة مستفيدة من الاتفاق ([46]).
هـ - ثم ان الموضوع لا يقتصر, بالأساس, على الدولة وسلامتها وسيادتها ودستورها في رفض التوطين وإنما يتعلق أيضاً, ومن باب أولى, بالشعب اللبناني وحقوقه ومصيره وإرادته الحرّة.
وإذا كان هذا الشعب اللبناني يبدي في معظم الشؤون المطروحة آراء متباينة وأحياناً متصادمة حولها إلاّ أنه مجمع, بكافة هيئاته ومؤسساته الدينية والمدنية والسياسية, على رفض التوطين.
وهذا الإجماع اللبناني يجب أن يصمد في وجه الرياح المتقلبة لكي يعكس إرادة لبنانية شعبية حاسمة ترفض التوطين وتصر على حق العودة وذلك لمصلحة الشعبين الفلسطيني واللبناني معاً.
وهذا الإجماع اللبناني الظاهر لغاية الساعة يجب أن يُقابل باستجابة اقليمية ودولية على كافة المستويات:
1 - فالفقرة الأخيرة من المادة 21 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تنص على أن “إرادة الشعب هي مناط سلطة الحكم”. والمادة الأولى من شرعتي الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية تنص على أنه “لجميع الشعوب حق تقرير مصيرها بنفسها. وهي, بمقتضى هذا الحق, حرّة في تقرير مركزها السياسي وحرّة في السعي لتحقيق إنمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي”... وانه “لا يجوز في أي حال حرمان أي شعب من أسباب عيشه الخاص”([47]).
2 - كذلك حرصت الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ أوائل الستينات أن تركز على مناهضة الاستعمار ووجوب استقلال الشعوب والبلدان المستعمرة. فقد أكدت هذه الجمعية بموجب قرارها الرقم 1514 الصادر في 14/12/1960 مثلاً على “ان كل محاولة تستهدف التقويض الجزئي أو الكلّي للوحدة القومية والسلامة الإقليمية لبلد ما تكون متنافية ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه”([48]).
والمعروف أن التوطين الفلسطيني إذا فرض على لبنان بمقتضى المعادلات الاقليمية والاملاءات الدولية, فإنه سيقوّض جزئياً سلامة هذا البلد ووحدته الاقليمية التي صدرت عشرات القرارات الدولية بدءاً بالقرار 425 التي تؤكدها وتحرص عليها.
و أما إذا تناولنا بند “رفض التوطين” مباشرة, وهو الذي أوردته وثيقة الوفاق الوطني الطائف في العام 1989([49]) فنرى أن هذه الوثيقة ذاتها حظيت بالعديد من التوصيات والقرارات الدولية المؤيدة ومنها:
1 - ان مجلس الأمن الدولي أصدر بيانه الأول بتاريخ 7/11/1989 على أثر انتخاب الرئيس الراحل رينيه معوض. وفي هذا البيان يؤكد أعضاء المجلس دعمهم التسوية التي تمت من أجل “ضمان سيادة لبنان الكاملة واستقلاله وسلامة أراضيه والوحدة الوطنية في لبنان و... يرحبون بانتخاب رئيس الجمهورية واعتماد اتفاق الطائف من قبل المجلس النيابي اللبناني”.
2 - ثم أصدر مجلس الأمن الدولي بيانه الثاني في 22/11/1989, على اثر اغتيال الرئيس معوض وفيه أعرب “ان اعضاء مجلس الأمن الدولي يجددون ويؤكدون دعمهم لاتفاق الطائف الذي أقر من جانب اعضاء المجلس النيابي اللبناني”.
والواضح هنا أن بيانات مجلس الأمن تتسم بأهمية بارزة وإن كانت غير ملزمة قانوناً. إلا أنها تحظى بموافقة جميع الدول دائمة العضوية في المجلس. كما ان الواضح أيضاً ان اتفاق الطائف أكد بصراحة رفضه التوطين وأن هذا البند تكرّس مادة دستورية صريحة كما تقدّم.
3 - كذلك فإن المجلس الاوروبي اتخذ, بتاريخ 9/12/1989, قراره الذي كرّر فيه “تأكيده على تشبّثه باتفاق الطائف”. كما عبّر عن اقتناعه بعدم وجود بديل في الظروف الحالية للعملية التي يرتأيها الاتفاق من أجل تحقيق الوفاق الوطني والسلام”([50]).
4 - وغني عن الإشارة أن الدول العربية والإسلامية أيّدت هذا الاتفاق في قمم وقرارات متتابعة. وان قمة الدول العربية وكذلك الاسلامية اللتين عقدتنا في خريف العام 2000 اكدتا على حق الشعبين الفلسطيني واللبناني معاً في حق العودة والتعويض وفي رفض التوطين.
5 - كذلك فإن معظم قرارات مجلس الأمن التي مدّدت تباعاً مهمة قوات “اليونيفيل” في لبنان كانت تترافق مع بيانات تأكيدية لمجلس الأمن تؤكد على موافقة المجلس المتكررة على اتفاق الطائف بكل بنوده. وهكذا نخلص إلى أن رفض التوطين ملزم قانوناً. وإن هذا الإلزام القانوني لا ينحصر بالمادة الدستورية اللبنانية التي أكدته ولا بالتصريحات والمواقف الحكومية والنيابية ولا بالإجماع الشعبي اللبناني وحسب وإنما بتغطية دولية قانونية مؤيدة من دون تحفظ ولا تردّد ولا اعتراض.
[1] راجع “صكوك دولية” منشورات الأمم المتحدة 1988 ص4 و9 و19 و55.
[2] راجع التعليق على هذا التعريف في: حق العودة للشعب الفلسطيني ومبادئ تطبيقه, رمضان بابارجي وآخرون, مؤسسة الدراسات الفلسطينية, 1996, ص 4953.[3] قابل ذلك مع التعريف الذي أوردته الاتفاقية الدولية للاجئين, 1951, في المادة الأولى: “كل شخص يوجد, بنتيجة أحداث وقعت قبل 1/1/1951, وبسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة أو آرائه السياسية, خارج بلد جنسيته, ولا يستطيع أو لا يريد بسبب ذلك الخوف أن يستظل بحماية ذلك البلد. أو كل شخص لا يملك جنسية ويوجد خارج بلد إقامته المعتادة السابق بنتيجة مثل تلك الأحداث ولا يستطيع, أو لا يريد بسبب ذلك الخوف أن يعود إلى ذلك البلد”.
[4] سلام أوسلو بين الوهم والحقيقة, مجموعة كتاب, مؤسسة الدراسات الفلسطينية 1998 ص 192 و199.
[5] راجع صك الانتداب في: The Origins & Evolution of the Palestine Problem p 86-92
[6] المعروف ان اسرائيل استندت الى القرار 181 عندما قدّمت طلبها الانضمام إلى الأمم المتحدة في 1949. كذلك استند إليه المجلس الوطني الفلسطيني عندما أعلن إنشاء الدولة الفلسطينية في العام 1988.
[7] راجع تقرير برنادوت في: The Origins & Evolution... Opcit, p140-147.
[8] حق العودة للشعب الفلسطيني ومبادئ تطبيقه ص 78 وما بعدها. راجع أيضاً مجلة دراسات فلسطينية صيف 1994 ص 80.
[9] Ian Brownlie, Principles of Public International Law, p. 596-97
[10] The UN & the question of Palestine, UN Publ. 1994, p. 14-15.
[11] راجع على سبيل المثال القرار 163/53 للجمعية العامة للأمم المتحدة في 9/12/1998 في: Resolutions Adopted by the General Assembly, 1998, UN, Publ, p.360-361.
[12] منشأ القضية الفلسطينية وتطورها, منشورات مؤسسة الدراسات الفلسطينية, ص 1990, ص 196.
[13] قرارات الأمم المتحدة بشأن فلسطين والصراع العربي الاسرائيلي المجلد الأول ص 197. منشورات مؤسسة الدراسات الفلسطينية 1993.
[14] المرجع ذاته ص 198 وما بعدها.
[15] المرجع ذاته ص 198 و202 و225 229.
[16] راجع الفقرة أ من اتفاق كامب دايفيد النهج.
[17] راجع المادة الثامنة من “معاهدة السلام الاردنية الاسرائيلية” اللجنة الإعلامية الاردنية الأردن, 1994, ص 43.
[18] رويترز للصحف في 19/7/1999.
[19] راجع بحثنا في مجلة “الأبحاث” التي تصدرها الجامعة الاميركية في بيروت العدد 45 في العام 1997 وذلك بعنوان “الحق في تقرير المصير في تطوره القانوني”, ص 3960.
[20] Basic Documents in International Law, Falk & others, west publ. 1990, p66.
[21] المادة الأولى من شرعة الحقوق السياسية والمدنية والمادة الأولى من شرعة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. انظر: صكوك دولية ص 8 و19.
[22] راجع بصدد هذا الأمر كتاب:
Starkes International Law, I, A, Shearer, (Butterwarths) 199411 thed)
, p. 48-50 & 333-335
والذي يؤكد أن المساواة بين الشعوب من القواعد الآمرة في القانون الدولي.
[23] راجع التفاصيل في “منشأ القضية الفلسطينية وتطورها” منشورات الأمم المتحدة, 1990, ص 55 110, فلسطين تحت الانتداب.
[24] بدليل أن قرار التعويض يعود, وفقاً للقرار 194, للشخص ذاته الذي يختار عدم العودة Choosing not to return.
[25] وذلك أسوة بعدد وفير آخر من حقوق الإنسان غير القابلة للتصرف سواء مارسها الإنسان فعلاً أم لا.
[26] راجع تفاصيل هذه المسألة في Starkeصs International Law.
[27] الرأي ذاته في “سلام أوسلو بين الوهم والحقيقة”, منشورات دار التقدم العربي للصحافة, 1998, ص 192.
[28] إشارة إلى اللجنة المتعددة الطرف عن اللاجئين (ومركزها كندا) واتجاهاتها البعيدة عن حق العودة.
[29] انظر القرار كاملاً في: U.N. Resolutions on Palestine & Arab-Israeli Conflict, Institute for Palestinian Studies, VI, 1975, P.15-16.
[30] انظر ترجمة القرار إلى العربية في: قرارات الأمم المتحدة بشأن فلسطين والصراع العربي الاسرائيلي, المجلد الأول, 1993, ص 18 19.
[31] وذلك في ضوء الترجمة العربية الدقيقة للفقرة 11 من القرار 194, حيث يرد ذكر التعويض مرّتين وليس مرّة واحدة.
[32] راجع بحثنا في مجلة “شؤون الأوسط” العدد 92 سنة 2000 تحت عنوان “اللاجئون الفلسطينيون بين الضمانات الدولية والمخاطر التعاقدية”.
[33] انظر الاتفاقية كاملة في كتيب اصدرته الأمم المتحدة, سنة 1993, بعنوان: Human Rights & Refugees, Fact Sheet, N 20.
[34] وقد تمثّل هذا الوضع في سلسلة النصوص القانونية اللبنانية التي نظمت أوضاعهم في لبنان وان كانت مبعثرة في هيكلياتها العامة.
[35] يقترح الاستاذ سهيل الناطور في كتابه “أوضاع الشعب الفلسطيني في لبنان” دار التقدم العربي 1993 ص 8 خمس فئات للفلسطينيين: المسجلين لدى الأونروا ويعيشون في المخيمات, والمسجلين ويعيشون خارجها, وغير المسجلين, والذين اكتسبوا جنسية لبنانية والذين اكتسبوا جنسيات أخرى.
[36] المرجع ذاته ص 10.
[37] المرجع ذاته ص 102 وما بعدها.
[38] راجع هذا التعريف في قرار وزير الداخلية الرقم 319 في العام 1962 حيث ورد أنهم “أجانب لا يحملون وثائق من بلدانهم الأصلية, ويقيمون في لبنان بموجب بطاقات إقامة صادرة عن الأمن العام, أو بطاقات هوية صادرة عن المديرية العامة لإدارة شؤون اللاجئين في لبنان”.
[39] الدستور اللبناني, 1990, ص 8.
[40] راجع الصحف الصادرة في 22/3/2001 حول إقرار المجلس لهذا القانون.
[41] راجع إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن “حق الشعوب في السلم” الصادر في 12/11/1984, في “صكوك دولية” ص 379 380.
[42] التصريح لرئيس الوزراء الاسرائيلي السابق ايهود باراك.[43] Ian, Brownlie, Principles of Public International Law, p. 291.
علماً أن هذا “النطاق المحفوظ” Reserved Domain يُنظر إليه اليوم بمرونة أكثر في ضوء خيارات الدولة من جهة وارتباطاتها الطوعية بالموجبات الدولية من جهة ثانية ونفاذ أحكام القواعد الآمرة من جهة ثالثة.
[44] المرجع ذاته ص 289.
[45] راجع هذا القرار في: Resolutions & Decisions adapted by G.A (1994), p. 381.
[46] المادة 34 من قانون المعاهدات الدولية الصادر في العام 1969.
[47] صكوك دولية, مرجع سابق, ص 9 و19.
[48] راجع إعلان الجمعية العامة ب”منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة” في: صكوك دولية ص 44 و45.
[49] وثيقة الوفاق الوطني اللبناني منشورات مجلس النواب 1989 ص 6 والنص ذاته (والفقرة ذاتها) ورد في الدستور اللبناني.
[50] المرجع ذاته ص 56 و67 و68 و79.