متقاعد يتذكر

د.المؤهل الأول ريمون الحدشيتي

عشقت البزة والنظام والانضباط فتطوعت... وطوعت  ثلاثة آلاف عسكري

 

كان من المفترض أن تكون وجهته الزراعة، أو على الأقل هذا ما بدا للأهل. فهو ابن البقاع السهل المفتوح للمواسم والخيرات. رصيده شباب وعافية، وشهادة البريفيه في الزراعة.
غير ان حلمه أخذه إلى مكان آخر. من منزل والديه قرب قاعدة رياق الجوية كان يراقب صفوف العسكر وخصوصاً الطيارين. وعليه حسم أمره لينخرط في الجيش يوم الثاني من آب العام 1965.

 

المؤهل الأول المتقاعد ريمون الحدشيتي يقول: عشقت البزة العسكرية والنظام والانضباط، فتركت مستقبلي في المجال الزراعي، والتحقت بثكنة أبلح، يوم كان عمري تسعة عشر عاماً.

ويتابع قائلاً:
تابعت دورة الاغرار في ثكنة طرابلس. وعندما زارني أهلي للمرة الأولى في الثكنة كانوا يحملون لي معهم ثياباً مدنية لأتمكن من الهرب.
كانوا قلقين علي جداً، ولم يعهدوني صلباً أهوى المصاعب. لكنني رفضت مرافقتهم وواجهتهم بقولي: «أنا دخلت لأبقى»، وأصرّيت على إكمال الدورة والتخرج جندياً مخلصاً أميناً مدافعاً عن وطني.
بعد انتهاء الدورة تم تعييني في ثكنة أبلح في فوج الكشاف (المدرعات حالياً)، وهناك أجريت امتحانات للفئة المتعلمة من الجنود، تابعنا بعدها دورة مخابرات (لاسلكي) على المصفحة، فحللت الأول بين رفاقي، وعيّنت رامي رشيش 24/9 على المصفحة الى أن دعت الحاجة الى تعيين كاتب في الفوج.
وبالفعل تقدم 18 شخصاً وأنا من بينهم الى الامتحان، وكان عبارة عن إملاء ينصها علينا ضابط الادارة؛ وفي أثناء الامتحان قرأ الضابط جملة غير صحيحة لغوياً، فلفت ذلك نظري وقمت بتصحيحها، فما كان من الضابط إلا أن صرف الجميع قائلاً: كنا بحاجة الى كاتب واحد، وها هو قد أظهر نفسه لنا فاخترناه. وأصبحت منذ ذلك الوقت مستكتباً مفصولاً الى قيادة الفوج.
العام 1967 وخلال الأحداث انتقلنا عدة مرات، فمن الجنوب (الطيبة) الى ميدان سباق  الخيل الى منطقة السان جورج ثم الى ساحة البرج.
والعام 1968 نقلت الى مقر عام منطقة بيروت، وتابعت مكتباً دراسياً رقيت على أثره إلى رتبة عريف اداري، وأصبحت محاسب رواتب في المقر لمدة أربع سنوات، رقيت بعدها إلى رتبة رقيب.
تنقلت بعد ذلك عدة مرات فخدمت في حمانا أربع سنوات، التحقت بعدها بثكنة صربا ثم بقاعدة رياق الجوية حيث كنت أمين سر جناح فني، ثم رئيساً لقسم التغذية في القاعدة لمدة ثماني سنوات، وهناك رقيت إلى رتبة رقيب أول.
العام 1986 شكلت الى اللواء العاشر في الفياضية، فتسلّمت بعد شهرين أمانة سر القسم الأول في قيادة اللواء وبعد سنتين عهدت الي مهمة تطويع عسكريين لصالح الجيش، وبقيت في وظيفتي نفسها إلا اننا تنقلنا من صور الى السعديات، ثم الى طرابلس، فأنصار، وصغبين، وعدنا بعدها الى الفياضية حيث بقيت في وظيفتي الى أن تقاعدت في الأول من أيلول العام 1997 برتبة مؤهل أول، وقد بلغ مجموع العسكريين الذين طوعتهم 3000 عسكري.
وفي ختام حديثه يقول: الجيش ضمانة للعيش الكريم ومدرسة للأخلاق الحميدة ونظام يعلّم تحمل المسؤولية والاتكال على النفس، وتدبير الأمور بطريقة سليمة مهما كانت الظروف والصعوبات...

 

تصوير: فادي البيطار