دراسة في النصوص القانونية المنظّمة للعمل الأمني في لبنان

دراسة في النصوص القانونية المنظّمة للعمل الأمني في لبنان
إعداد: العميد الركن المتقاعد د. صالح طليس
أستاذ قانون عام في الجامعة اللبنانية عميد ركن متقاعد

المقدمة

أعادت معظم الدول الديمقراطية النظر بسياساتها الأمنية بعد نهاية الحرب الباردة، وبدأت باعتماد استراتيجيات أمنية جديدة لمواجهة الأخطار الجديدة الناتجة عن نشاطات المجموعات الإرهابية والعصابات الإجرامية العابرة بنشاطاتها للقارات. وقد بدأت تلك الدول بإعادة النظر بتشريعاتها الأمنية، إضافة إلى إنشاء أجهزة أمنية خاصة ومتخصصة، لتطوير آليات مراقبة مدنية وعسكرية، بهدف حفظ أمن الدولة ومواطنيها في سياق نظام ديمقراطي، يسعى للحفاظ على حقوق الناس وحرياتهم من دون المس بأمنهم.

ولبنان الذي يعيش في منطقة غير مستقرّة، وفي ظل نظام عالمي، يتأرجح بين أحادية القطب وتعددية الأقطاب، قد تأثر ومازال يتأثّر بالأخطار الجديدة على الصعيد الداخلي، وبخاصةٍ في مجال الإرهاب والجريمة المنظّمة، إضافة إلى التهديدات الخارجية والمشاكل التقليدية التي يعانيها، تلك المشاكل والأخطار التي جعلت البعض يعتبر أن لبنان لايزال مكشوفًا أمنيًا، وقد قال عنه وزير الخارجية الأميركي السابق هنري كيسنجر ذات يوم بما معناه إن لبنان بلد مثالي لتحقيق المؤامرات، ليس ضدّه فقط، وإنما ضدّ كل العالم العربي.

هذا الواقع اللبناني في ظل عمليات إصلاح في قطاع الأمن في معظم دول العالم، يدعونا للتساؤل عما إذا كانت التشريعات اللبنانية وتطبيقاتها، قد نجحت في وضع الأطر المناسبة لعمل هذه المؤسسات الأمنية، بشكل يسمح لها بالوقاية والتصدّي للأخطار الأمنية؟ وهل لاتزال هذه التشريعات صالحة لهذه المرحلة الجديدة من التحديات الأمنية؟

للإجابة عن هذه التساؤلات سيتم استعراض النصوص التشريعية الأساسية التي ترعى عمل المؤسسات الأمنية اللبنانية، سواء كانت ذات طابع وقائي أو علاجي أو قمعي، ودراسة مدى تكاملها وانسجامها وتناسبها مع حجم المخاطر والتهديدات الراهنة.

وسيتم تناول هذه النصوص ومدى تطبيقها في فصلين: يعالج الفصل الأول النصوص التشريعية على المستويين السياسي والإستراتيجي، وذلك من خلال مراجعة الدستور والقوانين المتعلّقة بالمرجعية السياسية للأجهزة الأمنية. أما في الفصل الثاني فستتم دراسة النصوص على المستوى التنفيذي، أي تلك النصوص المتعلّقة بمهمّات الأجهزة الأمنية الآتية وارتباطها: الجيش، ومديرية المخابرات، ومديرية قوى الأمن الداخلي وشعبها، ومديريتا الأمن العام وأمن الدولة.

الفصل الأول: السياسة الأمنية والإستراتيجية في النصوص القانونية

السياسة الأمنية على صعيد أي دولة هي مجموعة من الخطط ترسمها الحكومة وتحدّد الأهداف الواجب تحقيقها بدقة بعد أن يتم التعرّف إلى المشاكل الأمنية وأسبابها. أما الإستراتيجية بمفهوم "ليدل هارت" (Liddel Hart) فهي "درس الخيارات المتاحة للدولة وتحليلها وتقييمها وكيفية استخدام الإمكانات والموارد المختلفة لتحقيق الأهداف التي تحدّدها السلطة السياسية"[1].

نستنتج من هذين التعريفين أن السياسة الأمنية هي التي تحدّد الأهداف المطلوب إنجازها، أما الاستراتيجية فهي كيفية تحقيق هذه الأهداف بأفضل الوسائل المتاحة. وتظهر الإستراتيجية الأمنية ضمن إطار خطة مدروسة تشمل الوسائل المتاحة والأهداف المحدّدة، التي يجب أن تكون محدّدة بوضوح، وواقعية أو قابلة للتحقيق، وعقلانية تعتمد على قدرات الدولة حيث تتناسب الوسائل مع الأهداف، إضافة إلى قابليتها للاستمرار وإلزامية تطبيقها، وتمتّعها بنوع من المرونة في أثناء التطبيق.

فالخطة الأمنية التي وضعتها الدول الصناعية السبع وروسيا لمكافحة الإرهاب بموجب البيان الوزاري الصادر نتيجة اجتماعاتها في باريس بتاريخ 30 تموز/يوليو 1996، اتصفت بهذه الصفات وتضمّنت بنودًا عديدة حدّدتها بوضوح، ومن بينها سن التشريعات المناسبة التي تساعد في وضع الخطط وتنفيذها، وتعديل التشريعات القائمة بالقدر الذي يخدم الإستراتيجية الأمنية[2].

وإذا كانت هذه أهمية السياسة الأمنية والأمن الوطني في الدول الديمقراطية، فمن يضع السياسة الأمنية ومن يحدّد الأهداف الإستراتيجية الوطنية وفق التشريعات الأمنية اللبنانية؟ وهل هناك سياسة أمنية واضحة نلمسها في التشريعات اللبنانية؟ هذا ما سنحاول معالجته في هذا الفصل ابتداءً بالدستور اللبناني والتشريعات والنصوص القانونية الأخرى المتعلّقة بها.

 

القسم الأول: السياسة الأمنية في الدستور اللبناني

لم يشر الدستور اللبناني قبل الطائف إلى السياسة الأمنية ولا حتى إلى الجهة المسؤولة عن وضع السياسة العامة للدولة، باستثناء تحميل الوزراء إجمالاً تبعة سياسة الحكومة العامة كما جاء في الفقرة الأولى من المادة 66 القديمة[3]. وهذه السياسة العامة تظهر في بيان خطة الحكومة الذي يعرض على المجلس النيابي بواسطة رئيس الوزراء أو وزير يقوم بمقامه وفق ما ورد في الفقرة الثانية من المادة المذكورة.

لكن تعديلات الطائف أوردت نصوصًا تعالج هذا الأمر في أكثر من مادة، إما بشكل غير مباشر عندما نقلت السلطة التنفيذية من رئيس الجمهورية إلى مجلس الوزراء، كما نصت عليه المادة [4]17، وإما بشكل مباشر كما ورد في المادة 65 الجديدة التي نصّت على أن "تناط السلطة الإجرائية بمجلس الوزراء، وهي السلطة التي تخضع لها القوات المسلحة، ومن الصلاحيات التي يمارسها:

وضع السياسة العامة للدولة في جميع المجالات ووضع مشاريع القوانين والمراسيم التنظيمية واتخاذ القرارات اللازمة لتطبيقها.

السهر على تنفيذ القوانين والإشراف على أعمال أجهزة الدولة من إدارات ومؤسّسات مدنية وعسكرية وأمنية بلا استثناء".

يظهر بوضوح من هذا النص أن وضع السياسة الأمنية، التي هي جزء من السياسة العامة، قد أصبحت من صلاحية مجلس الوزراء الذي أنيطت به السلطة الإجرائية كما هو الحال في الأنظمة البرلمانية، بعد أن كانت منوطة برئيس الجمهورية وفق نص المادة 17 من دستور الجمهورية الأولى ( قبل الطائف).

أما على صعيد تنفيذ السياسة الأمنية والتي تتمّ من خلال تحديد الأهداف الإستراتيجية فقد اعتبرت المادة 64 الجديدة[5]، المعدّلة بعد الطائف، أن رئيس مجلس الوزراء هو المسؤول عن تنفيذ السياسة العامة بصريح العبارة، كما يُستدل ضمنيًا على مسؤوليته عن تنفيذ السياسة الأمنية عندما أشارت الفقرة الأولى من المادة 64 الأخيرة، إلى كونه حكمًا نائبًا لرئيس المجلس الأعلى للدفاع، الذي يرأسه رئيس الجمهورية، وفق ما أوردته المادة 49 الجديدة[6] في فقرتها الأولى.

وهذا يعني أن الدستور اللبناني قد حدّد السلطة الحكومية المسؤولة عن وضع السياسة الأمنية، وحدّد رئيس ونائب رئيس المجلس الأعلى للدفاع، الذي كان قد أنشئ بقانون سابق سنتحدّث عنه لاحقا- تاركًا للحكومة والمجلس الأعلى للدفاع تحديد السياسة الأمنية وأهدافها الإستراتيجية.

لكن المادة 49 التي أولت رئيس الجمهورية رئاسة المجلس الأعلى للدفاع، أضافت في فقرتها الأولى: "وهو القائد الأعلى للقوات المسلّحة التي تخضع لسلطة مجلس الوزراء". وفي المقابل نصت المادة 65 الجديدة: "تناط السلطة الإجرائية بمجلس الوزراء"، وهو السلطة التي تخضع لها القوات المسلحة. ومن المعروف أن الخضوع يكون للقائد، الأمر الذي خلق التباسًا وتضاربًا بين النصوص الدستورية، لجهة مرجعية القوات المسلحة السياسية وأي سلطة تعطيها الأوامر، وبالتالي أثار تساؤلاً حول السياسة الأمنية التي تنفّذها الأجهزة الأمنية التي يقع على عاتقها تنفيذ تلك السياسة، في ظل تناقض الأوامر الذي قد يحصل أحيانًا ويفقدها الرؤية الإستراتيجية التي تشكّل أكثر من ضرورة لتمكّنها من تحقيق أهدافها، فما هو سبب هذا التناقض وما هي جذور هذا النص الدستوري الملتبس؟

 

القسم الثاني: القيادة السياسية للقوات المسلحة

لم يتضمن دستور 1926 أي إشارة إلى القوى الأمنية أو المسلّحة ومرجعيتها، أي ارتباطها، لا لجهة القيادة ولا لجهة الإشراف، وذلك لأن القوى المسلّحة والأمنية، التي باشرت السلطة المنتدبة بإنشائها، كانت خاضعة لسلطة المفوض السامي الفرنسي وإشرافه. ولم يكن خلو الدستور من النص يهدف إلى وضعها بتصرّف أي سلطة لبنانية، بل كان يهدف إلى إبقائها تحت إمرة المفوّض السامي المباشرة.

أما بعد الاستقلال فإنه يتوجّب التمييز بين مرحلتين أساسيتين: الأولى قبل الطائف حيث كانت السلطة الإجرائية منوطة برئيس الجمهورية. والثانية بعد الطائف وتعديلاته الدستورية حيث أنيطت تلك السلطة بمجلس الوزراء.

 

قيادة القوات المسلحة قبل الطائف

بعد الاستقلال، تولّت التشريعات اللبنانية معالجة مسألة ارتباط القوات المسلحة بالقيادة السياسية اللبنانية، ومنذ استلام الدولة اللبنانية في العام 1947 ما كان يسمّى في الجيش الفرنسي فرقة الشرق، بدأت القوانين والمراسيم الاشتراعية بتنظيم هذه القوى وربطتها بالسلطة التنفيذية التي كانت منوطة برئيس الجمهورية وفق المادتين 17 و53 من دستور ما قبل الطائف[7].

وقد جاء هذا الربط بتصرّف رئيس الجمهورية، إما بشكل غير مباشر ومن خلال الوزراء المرتبطين به كونه رئيسًا للسلطة التنفيذية. وإما بشكل مباشر، كما ورد في المادة الثانية من المرسوم الاشتراعي، الرقم 66 الصادر عام 1953 التي نصّت على وضع الجيش والقوى الجوية والبحرية تحت تصرّف رئيس الجمهورية، والتي تكرّرت في المادة 2 من المرسوم الاشتراعي، رقم 33 في19 كانون الثاني/يناير 1955، الذي أعطي عنوان تنظيم وزارة الدفاع الوطني وتحديد قانون الجيش، حيث ورد: "يوضع الجيش والقوى الجوية والبحرية تحت تصرّف رئيس الجمهورية".

ومع صدور المرسوم الاشتراعي رقم 10 في تموز/يوليو 1967، الذي حلّ محل المرسوم السابق، ورد في المادة 2 منه عبارة "يوضع الجيش بتصرّف رئيس الجمهورية". وكان المقصود بالطبع قواته المسلحة[8]. وجاء هذا النص القانوني متوافقًا مع القواعد الدستورية المعمول بها آنذاك، وبخاصة المادة 17 التي كانت تنيط السلطة التنفيذية برئيس الجمهورية في ظل نظام سياسي شبه رئاسي.

بتاريخ 24/3/1979، صدر قانون للدفاع الوطني رقم 3 ليعرف القوى المسلحة في مادته الثالثة التي نصت: "يقصد بالقوى المسلّحة الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام وسائر العاملين في القطاع العام الذين يحملون السلاح بحكم وظيفتهم". وقد حرص هذا القانون، كما القوانين السابقة، على وضع الجيش بتصرف رئيس الجمهورية، محاولاً لأوّل مرة أن يذكر بأنّ ممارسة صلاحيات الرئيس تتم وفق الأحكام المنصوص عليها في الدستور وفي القوانين النافذة[9].

وقد تكرّر تعريف القوى المسلحة بالفقرة الثالثة من المادة الأولى من قانون الدفاع الحالي، الصادر بالمرسوم الاشتراعي رقم 102 تاريخ 16/9/1983، كما تمّت المحافظة على عبارة "يوضع الجيش بتصرّف رئيس الجمهورية"[10]، واستثني باقي القوات المسلحة من هذا الوضع في المادة 5 من المرسوم المذكور، إنما أضيفت إليها المادتان 6 و7 من هذا المرسوم الاشتراعي. حيث نصّت المادة السادسة على أن مجلس الوزراء هو الذي يقرّر السياسة العامة الأمنية والدفاعية، ويعيّن أهدافها، ويشرف على تنفيذها. أما المادة السابعة فنصّت على إنشاء مجلس أعلى للدفاع.

هكذا يتبيّن لنا أن قوانين الجمهورية الأولى قد حافظت على وضع الجيش بتصرّف رئيس الجمهورية، كما نصّت المادة 5 من المرسوم الاشتراعي رقم 102 الذي لايزال يعمل به، والتي أكّدت على أن ممارسة الرئيس لصلاحياته يجب أن تتمّ وفق أحكام الدستور والقوانين النافذة، على الرغم من التضارب الواضح مع نص المادة السادسة من المرسوم الأخير التي أولت مجلس الوزراء تقرير السياسة العامة الأمنية والدفاعية، وتعيين أهدافها، والإشراف على تنفيذها. ويظهر أن هذا التناقض بين المادتين الخامسة والسادسة، قد انتقل إلى دستور ما بعد الطائف.

 

القيادة السياسية للقوات المسلّحة بعد الطائف

أعطى دستور الطائف، في المادة 49، القيادة العليا للقوات المسلحة إلى رئيس الجمهورية بينما أخضعها لسلطة مجلس الوزراء في م. 65، مما جعل البعض يرى بين هذين النصين تناقضًا كبيرًا قد يتسبّب في تشابك الصلاحيات والسلطات بين رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء[11]. ويبدو جليًا من خلال قراءة هذين النصين مدى الالتباس الحاصل في المعنى، حيث أثار البعض تساؤلاً حول كيفية رئيس الجمهورية وإمكانيته في أن يكون قائدًا أعلى؟ وكيف تكون القوات المسلحة خاضعة لسلطة مجلس الوزراء؟[12].

ويظهر أن مصدر هذا الالتباس والتناقض القديم الجديد يعود إلى المشاريع التي أعدّت لمعالجة الأزمة اللبنانية. فبعضها نص على اعتبار رئيس الجمهورية القائد الأعلى للجيش، إضافة إلى رئاسة مجلس الأعلى للدفاع؛ مثل التصوّر الأوّلي الذي تضمّنه البرنامج الإصلاحي الذي وضعته اللجنة السداسية العربية، التي شكّلت إثر اجتماع وزراء الخارجية العرب في 12 كانون الثاني/يناير 1989، في دورة عادية لدرس الأزمة اللبنانية[13]، والورقة التي أعدّها الرئيس رفيق الحريري في العام 1987 وقدّمها إلى مؤتمر الطائف، وكذلك مشروع الوثيقة التي أعدّتها اللجنة الثلاثية العربية.

في حين أن البعض الآخر من المشاريع كالورقة التي أعدّها بعض القيادات الإسلامية اللبنانية، التي سلّمت إلى وزير الخارجية إيلي سالم بواسطة السوريين في 6 شباط/فبراير [14]1987، ومشروع وثيقة الوفاق الوطني التي وضعها الرئيس حسين الحسيني[15]، ومشروع وثيقة الوفاق الوطني التي أقِرّت في بيت الدين[16]، قد اقتصرت على ترؤّس رئيس الجمهورية المجلس الأعلى للدفاع.

ويتبيّن لنا من مراجعة الاقتراحات والمشاريع الإصلاحية، المقدّمة إلى مؤتمر الطائف، أنها أجمعت على ترؤّس رئيس الجمهورية للمجلس الأعلى للدفاع من دون أن تجمع على توليه قيادة القوات المسلحة، لكن، على الرغم من ذلك التباين، فقد تم إضافة عبارة "توليه هذه القيادة" إلى الفقرة الأولى من نص المادة 49، مما يستوجب دراسة هذه العبارة ومدى انسجامها مع روحية الدستور والمواثيق اللبنانية.

 

قيادة رئيس الجمهورية للقوات المسلحة

تعود جذور فكرة تولّي الرئيس قيادة الجيش إلى أيام العصور الملكية، عندما كان الملوك هم الذين يتولون قيادة الجيوش، بعد إعدادهم لذلك من خلال تنشئة ثقافية خاصة. لكن مع بروز أوّل ديمقراطية تعتمد الدستور المكتوب بدأت هذه الفكرة بالتراجع، وذلك عندما رفض واضعو أول دستور أميركي العام 1787 اقتراحًا يقضي بمنح الرئيس حق قيادة الجيش بصورة شخصية.

وأصبحت اليوم قيادة القوات المسلحة في أثناء الحرب، والإشراف على العمليات العسكرية في الأنظمة البرلمانية الديمقراطية، ترتبط بالحكومة حيث تأتمر هذه القوات بجنرالات تعيّنهم الحكومة وتقيلهم، وإنّ توقيع رئيس الجمهورية على المراسيم التي تنظّم عمل السلطات العسكرية يقابله توقيع الوزير المختص (وزير الدفاع) الذي يكون مسؤولاً أمام البرلمان[17].

وهكذا جاء اتفاق الطائف لينحو نحو التوجّه الديمقراطي، بإخضاع السلطة العسكرية إلى السلطة المدنية، من خلال النص على خضوعها لمجلس الوزراء الذي أنيطت به الصلاحية الإجرائية، وكلّفته بالإشراف على أعمال كل أجهزة الأمن ومؤسساتها بلا استثناء، لكنها أعطت حقّ قيادة القوات المسلحة إلى رئيس الجمهورية، كما أعطته الحق في رئاسة المجلس الأعلى للدفاع. وإذا كانت قضية إعطائه الحق بترؤّس المجلس الأعلى للدفاع أمرًا طبيعيًا، ولم تكن موضع نقاش حتى في المشاريع الإصلاحية التي قدّمت قبل الطائف، فإن النقاش دار ومايزال حول حقّه في قيادة القوات المسلحة.

وفي هذا المجال يرى البعض أن مجلس الوزراء هو الذي يتخذ القرارات بشأن القوات المسلّحة، وينحصر دور رئيس الجمهورية بتوجيه الأمور والتعليمات إلى هذه القوى وفق قرارات مجلس الوزراء[18]. بينما يتساءل خبير القانون الدستوري حسن الرفاعي حول "عبارة قيادة القوات المسلحة " أنه رمز وحدة الوطن "لقبه، كقائد أعلى للجيش،" معتبرًا أن ما ورد في المادة 49 ليس سوى لقب شرف أعطي له[19].

ويستعين البعض الآخر بمناقشات مجلس النواب، التي دارت في أثناء مناقشة التعديلات الدستورية، ليتوصّل إلى نتيجة مفادها أن لقب القائد الأعلى للقوات المسلّحة هو لقب شرف، وليس لقب إمرة، بمعنى أنه لا يجوز له إصدار الأوامر للقوّات المسلحة، إنما هذا الحق هو من اختصاص مجلس الوزراء حيث يدعم رأيه بمناقشات الطائف[20].

بينما هناك من يرى أن البعد لمنح الرئيس هذا الحق في لبنان هو تكريس نوع من المشاركة له، وإتاحة هامش واسع المدى لجهة إبداء الآراء وعرض الأفكار والحلول، وإعطاء التوجيهات ضمن إطار ما خصّته به المادة 49 التي كلفته أمر المحافظة على استقلال لبنان ووحدة أراضيه وسلامتها، وأن ذلك النص أزال خطر التصرّف بالقوات المسلحة من دون أن ينقض دور الرئيس في هذا المجال[21].

ويخلص آخرون إلى أن تحويل سلطة قيادة الجيش من يد رئيس الجمهورية إلى يد مجلس الوزراء هو تجسيد لواقع: عدم تمكّن رئيس الجمهورية من قيادة الجيش أو عدم إمكان سلطة، لها طابع طائفي معيّن، بأن تقود جيشًا يتألّف من أفراد وضباط ينتمون إلى مشارب ثقافية وطوائف مختلفة[22].

والرأي الأكثر موضوعية هو ما عرضه أحد المشاركين في الطائف، وهو الدكتور ألبير منصور، الذي يرى أن رئيس الجمهورية تحوّل بعد الطائف إلى رئيس للدولة بأرضها وشعبها ومؤسّساتها، وأنه أصبح رئيسًا للدولة ورمزًا لوحدة الوطن، وأن هذه الرئاسة للدولة أعطته رئاسة المؤسستين الأساسيتين، مجلس النواب ومجلس الوزراء، لضبط تناسق عملهما، فهو ليس رئيسًا مباشرًا لهذه المؤسسات، لأن لها رؤساء مباشرين، وهذه الرئاسة رئاسة رعاية وليست رئاسة إمرة مباشرة، ليخلص إلى أن قيادته للقوات المسلحة تأتي في إطار الرعاية وليس الإمرة، لأن سلطة القرار تعود إلى مجلس الوزراء بحكم الدستور[23].

ويبدو أن هذا التوجّه بإخضاع القوات المسلحة إلى سلطة مجلس الوزراء، المسؤول أمام البرلمان، هو توجّه ديمقراطي، وينسجم مع التحوّلات التي أقرّها دستور الطائف، لجهة تصنيف النظام السياسي اللبناني كنظام ديمقراطي برلماني، إضافة إلى اعتماده بعض وسائل الديمقراطية التوافقية المعتمدة في بعض دول أوروبا الوسطى، وخصوصًا سويسرا وبلجيكا، والتي تنسجم مع خصوصية المجتمع اللبناني التي تفرض نوعًا من القيادة الجماعية.

فالدستور السويسري نص منذ العام 1848، على أن القيادة العليا للجيوش السويسرية تتم بتكليف من الجمعية الفدرالية، أي البرلمان، حتى في أوقات الحرب. والمبدأ المعتمد في سويسرا هو أن "الجيش الذي يمثّل الشعب في نظام ديمقراطي ينتصر بسهولة دومًا، وأنه إذا ما حازت فكرة ما على الأكثرية تصبح قانونًا بعد أن يتم التصويت عليها. أما إذا اقتصرت على الأقلية، فبطبيعة الحال لا يمكن أن تؤدي إلى تعبئة ولو نصف الجيش، فتبوء بالفشل على الأرجح"[24].

ويظهر لنا من استعراض الآراء السابقة أنه من الناحية الدستورية فالمصدر الأساس لصنع القرارات الأمنية هو الحكومة التي تعتبر المرجعية السياسية للقوات المسلحة، بالاشتراك مع المجلس الأعلى للدفاع، لكن البعض يرى أن القيادة العسكرية تصرّفت في فترات سابقة كأنها غير خاضعة لسيطرة السلطة التنفيذية أو رقابة مجلس النواب، معتبرين أن سبب ذلك يعود إلى ارتباط القيادة برئيس الجمهورية، استنادا إلى نص المادة 5 من قانون الدفاع الوطني، والتي تجد لها غطاءً دستوريًا في نص الفقرة الأولى من المادة [25]49، ومن المعروف أن هذا الارتباط قد خلق أزمة مزمنة في علاقة الأجهزة الأمنية بالقيادة السياسية.

 

القسم الثالث: المجلس الأعلى للدفاع

لم يشكّل ترّؤس المجلس الأعلى للدفاع أي خلاف أو تباين في وجهات النظر السياسية، ولا أي تناقضات في النصوص القانونية، حيث نجد أن معظم المشاريع الإصلاحية نصّت على هذا الأمر بما فيها المشاريع التي قدّمت من قيادات إسلامية، كما ورد في الفقرة السابقة.

هذا المجلس، الذي نص دستور الطائف على أن يكون رئيس الجمهورية رئيسًا له ورئيس الحكومة نائبًا للرئيس، كان قد أنشئ بموجب المادة 7 من قانون الدفاع الوطني رقم 3 تاريخ 24/3/1979 والذي استبدل بالمرسوم الاشتراعي رقم 102 تاريخ 16/9/ 1983، كما عدّلت هذه المادة بموجب القانون رقم 191 تاريخ 24/5/2000 لتصبح: -1 ينشأ مجلس أعلى للدفاع يتألف من: رئيس الجمهورية رئيسًا - رئيس مجلس الوزراء نائبًا للرئيس - وزير الدفاع عضوًا - وزير الخارجية عضوًا - وزير المالية عضوًا - وزير الداخلية عضوًا - وزير الاقتصاد عضوًا. وأضافت فقرتها الثانية، إلى حق رئيس المجلس الأعلى للدفاع، أن يستدعي من يشاء ممن تقضي طبيعة أعمال المجلس حضوره.

وقد تم تحديد مهام هذا المجلس بموجب المادة 8 من المرسوم الاشتراعي تاريخ 16/9/1983، والتي تم تعديلها بموجب المرسوم رقم 101 تاريخ 26/9/1984 ونصت على ما يلي:

- يقرّر المجلس الأعلى للدفاع الإجراءات اللازمة لتنفيذ السياسة الدفاعية، كما حدّدها مجلس الوزراء، وتبقى مقرّرات المجلس الأعلى للدفاع سرية، ويولي المجلس أهمية خاصة للتعبئة الدفاعية التي تتناول القضايا الأساسية الآتية: أ- الخدمة العسكرية والتجنيد الإجباري. ب- التعبئة التربوية.ج- تعبئة النشاط الاقتصادي بفروعه الزراعية والصناعية والمالية والتجارية. د- تعبئة النشاط الصحي والطبي. هـ- تعبئة عامة للدولة والمواطنين وبخاصة الدفاع المدني. و- تعبئة نشاطات الإرشاد والتوعية.

- يوزّع المجلس الأعلى للدفاع المهمات الدفاعية على الوزارات والأجهزة المعنية ويعطي التوجيهات والتعليمات اللازمة بشأنها ويتابع تنفيذها ويقرّ خطة العديد والتجهيز الموضوعة لهذه المهمات.

ويتبيّن من قراءة هذا النص الذي أنشأ المجلس الأعلى للدفاع، أن المهام التي أوكلت إليه لها طابع استثنائي يتعلّق بتخطيط السياسة الدفاعية والتعبئة الوطنية، في حالات الحرب والأزمات الكبرى[26]، فكان هذا النص أول محاولة تشريعية لإنشاء هيئة وطنية تقوم بتحديد أهداف الإستراتيجية الأمنية في الظروف الاستثنائية فقط، من دون أن تتصف نشاطاته بالاستمرارية وفق ما هو معمول به في معظم الدول الديمقراطية.

وجاءت هذه المحاولة على إثر تحديد السياسة الأمنية التي حصلت للمرة الأولى في التشريعات اللبنانية في المادة 3 من قانون 79، والتي تكرّرت في الفقرة الأولى من المرسوم الاشتراعي رقم 102/1983 بنصها على ما يأتي:

" الدفاع الوطني يهدف إلى تعزيز قدرات الدولة، وإنماء طاقاتها لمقاومة أي اعتداء على أرض الوطن، وأي عدوان يوجّه ضده، وإلى ضمان سيادة الدولة وسلامة المواطنين". وقد جاء هذا النص ليذكر السياسة الدفاعية رسميًا لأول مرة. وتبع هذا النص المادة 6 من المرسوم الأخير لتصبح بعد تعديلها بالمرسوم الاشتراعي رقم 101 تاريخ 26/9/1984: "يقرّر مجلس الوزراء السياسة العامة الدفاعية والأمنية ويشرف على تنفيذها".

وهكذا يتبيّن لنا أن التشريعات اللبنانية قد نصّت على سياسة دفاعية وأمنية عامة، وأوكلت إلى مجلس الوزراء صلاحية وضع هذه السياسة، كما كلّفت هيئة خاصة هي المجلس الأعلى للدفاع لتحديد الأهداف الاستراتيجية المتوجّب تنفيذها تطبيقًا لهذه السياسة. وهذا ما يسمح باستنتاج أن مجلس الوزراء بالاشتراك مع المجلس الأعلى للدفاع، يعتبر المصدر الأساس لصنع القرارات الأمنية، في الظروف الاستثنائية على الأقل.

هذا على الصعيد النظري، لكن في الواقع فإن تنفيذ تلك السياسة وأهدافها الإستراتيجية لم تتّسم بالفعالية، حيث لم يسمح التجاذب السياسي لهذا المجلس بالقيام بالدورالمتوقّع منه، لا على صعيد اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ السياسة الدفاعية، ولا على صعيد توزيع المهمات الدفاعية على الوزارات والأجهزة المعنية، ولم يتمكّن من إعطاء التوجيهات والتعليمات اللازمة بشأنها أو متابعة تنفيذها، كما لم يقم بإقرار خطط للعديد والتجهيز التي يجب أن توضع لهذه المهمات، إضافة إلى أنه أصلاً لم يعط صلاحية التنسيق بين الأجهزة التي تتولّى تنفيذها.

يضاف إلى ذلك أن اجتماعات المجلس الأعلى كانت نادرة، وإذا ما عقدت فكثيرًا ما كانت تعقد من أجل التغطية على الأزمات الطارئة[27]، حيث كانت تقف الحكومة، ومعها أجهزتها الأمنية والقضائية، مذهولة ومتردّدة في مواجهتها للتحديات الأمنية المستجدة. وكانت المعالجات تتم بالتشكيلات والمناقلات داخل الأجهزة الأمنية على أساس تحسين أدائها ولكن من دون جدوى، لأن السبب الحقيقي كان في غياب الرؤية السياسية والأمنية الواضحة، وتعطيل عمل حلقة الوصل الأساسية بين القيادة السياسية والأجهزة الأمنية، تلك الحلقة التي يقع على عاتقها ترجمة السياسة الدفاعية والأمنية إلى أهداف استراتيجية وطنية تكلّف تنفيذها الأجهزة الأمنية المختصّة.

ونخلص من استعراضنا للتشريعات اللبنانية على الصعيدين السياسي والاستراتيجي، أن بعض هذه النصوص يحمل في طياته عيوبًا، وبعضها الآخر تضاربًا، إضافة إلى النقص في تطبيقها أحيانًا. وإذا كانت هذه هي الحال على المستوى السياسي والاستراتيجي، فكيف هي حال النصوص على مستوى الأجهزة الأمنية التي تقوم بتنفيذ الأهداف خدمة لتلك السياسة؟

 

الفصل الثاني: الأجهزة الأمنية في النصوص القانونية

إذا كان إعداد السياسة الأمنية هو من صلب عمل الحكومات في النظم الديمقراطية، وإذا كان تحديد الأهداف الاستراتيجية لتحقيق هذه السياسة هو من طبيعة عمل مجالس أو هيئات متخصصة، تعمل معًا، وقد تتشكّل من أعضاء الحكومة، فإن تنفيذ هذه السياسة يقع على عاتق أجهزة أمنية أعدّت لهذه الغاية، فهذه الأجهزة هي جزء من بناء النظام السياسي الذي ينعكس تطوّره على تلك الأجهزة التي ترتبط به، كما ينعكس ذلك التطوّر على المجتمع ككل. وهذه الأجهزة تبنى بموجب تخطيط مرحلي يراعى فيه عدد السكان والأخطار التي تواجه الدولة خارجيًا أو داخليًا.

إن الأجهزة الأمنية هي من مكوّنات السلطة التنفيذية في الدولة، سواء في ارتباطها الإداري، أو لجهة تنظيمها والرقابة عليها، وهي ترتبط في معظمها بوزارة الداخلية، المسؤولة عن الأمن وعن بناء الأجهزة الأمنية والرقابة عليها. وعلى الرغم من أن الاتجاه الحديث يرمي إلى تخفيض الجيوش خصوصًا في ظل العولمة، وعلى الرغم من انحسار دولة البوليس، كما تسمى، وانتشار دولة القانون أو الدولة الدستورية، فإن أغلب الدول الآن يأخذ بمبدأ توازن القوى الأمنية ويكون لديه جيش أو جيوش للأمن الخارجي (جيش شعبي، حرس وطني، جمهوري) وأجهزة أمن داخلي متنوّعة، حيث تخضع الدول الديمقراطية الجيوش لوزارة الدفاع، بينما تربط أجهزتها الأمنية بوزارة الداخلية[28].

وهذا ما اعتمده لبنان من ناحية المبدأ، عندما ربط الجيش ومؤسساته بوزارة الدفاع[29]، وباقي الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية[30]، باستثناء مديرية أمن الدولة والجمارك التابعة لوزارة المالية التي ربطها بالمجلس الأعلى للدفاع. وقد بدأت التشريعات اللبنانية بتنظيم الأجهزة الأمنية منذ خمسينيات القرن الماضي وأبرزها المراسيم الاشتراعية التي صدرت في العام 1959 وحدّدت المهمات ونظمت الهيكليات لمؤسسات الدولة اللبنانية، وبخاصة العسكرية والأمنية. وإذا كانت هذه المواد قد قسمت ارتباط الأجهزة الأمنية كما ذكرنا أعلاه، فكيف تعاملت تلك النصوص مع تنظيم تلك الأجهزة ومهماتها؟

 

القسم الأول: الأجهزة المرتبطة بوزارة الدفاع

أخضعت المادة 15 من قانون الدفاع وزارة الدفاع الوطني بجميع مؤسساتها لسلطة وزير الدفاع الوطني. والمؤسسات المقصودة بالمادة 15 هي التي عدّدتها المادة 16 المعدّلة وهي: الجيش - المديرية العامة للإدارة - المفتشية العامة- المجلس العسكري. كما نصّت المادة 4 من المرسوم رقم 3771 تاريخ 22/1/1981، الذي نظّم الجيش، على ارتباط مديرية المخابرات بقائد الجيش عملاً بأحكام المادة 28 من قانون الدفاع الوطني، وسيقتصر بحثنا على مؤسسة الجيش كأحد أجهزة الأمن العلاجي، وعلى مديرية المخابرات في الجيش كأحد أجهزة الأمن الوقائي.

 

قانون الدفاع والجيش

يكلّف الجيش أساسًا بالأمن الخارجي، أي الدفاع عن أرض الدولة، وهذه المسؤولية من الضرورات لحفظ سيادة أي دولة، ولا يمكنها التخلّي عنها لا في القديم ولا في الحديث. فالدفاع عن الحدود من أي عدوان خارجي وتوفير الأمن في الداخل هما من مسؤولية الدولة، منذ أيام الدولة الحارسة وصولاً إلى دولة العناية. وعلى الرغم من أن دور الجيش هو السياج الخارجي فإن هذا الدور يتكامل مع أجهزة الأمن الداخلية، ويتولى مهماتها في حال حصول أحداث أو اختراقات خطيرة تهدّد أمن الدولة واستقرارها، وعجز السلطات الأمنية عن مراقبتهما. وهذا ما حصل ويحصل في العديد من الدول مثل الصين العام 1988، وأندونيسيا أوائل التسعينيات، وفي الجزائر في مطلع التسعينيات وفي لبنان أحيانًا كثيرة، وآخرها وليس آخرها ما حصل في نهر البارد وفي صيدا وطرابلس، حيث يتدخّل الجيش باعتباره جهاز الأمن المركزي وإن كان كثير من الدول يحرص على ألا يقحم الجيش في الأعمال الأمنية إلا عند الضرورة القصوى، لأن تدخّل الجيش يعني أن الوضع الأمني في الدولة وصل إلى أخطر حالاته.

والجيش اللبناني كما هو حال عدد من الجيوش هو المؤسسة التي تضطلع مبدئيًا بمهمة الدفاع ضدّ التهديدات الخارجية، لأن الدفاع الوطني أساسًا يهدف إلى تعزيز قدرات الدولة، وإنماء طاقاتها لمقاومة أي اعتداء على أرض الوطن وأي عدوان يوجّه ضده وإلى ضمان سيادة الدولة وسلامة الوطن، وفق ما ورد في نص المادة الأولى من قانون الدفاع الوطني[31]. ولكن هذه المهمة الأساسية لم تحُل ولا تحول من دون قيام الجيش بمهمات وطنية أخرى، ابتداءً من السلم الأهلي والاستقرار، وحماية المؤسسات، وصولاً إلى استخدامه في الحقول الاجتماعية والإنمائية، شرط ألا يعيق ذلك مهماتها الأساسية، وأن يقرّر هذا الاستخدام بموجب مرسوم، بناءً على اقتراح وزير الدفاع والوزير المختص[32].

يقول لوسيان باي "Lucien Pye" في دراسته: "الجيش في عملية التحديث الاقتصادي" العام 1966 "إنه لسنوات قليلة خلت، لم يكن ليخطر ببال المتعمّقين في دراسة المناطق النامية أن المؤسسة العسكرية ستصبح يومًا الجماعة الأساس الفاعلة في عملية بناء الأمم"[33]. وقد تمكّن الجيش اللبناني من أن يكون العمود الفقري الذي يحفظ ترابط جميع شرائح المجتمع اللبناني التي عانت وتعاني من تصدّعات تهدّد وحدة الوطن.

من هنا يتبيّن أن للجيش دورًا أمنيًا واجتماعيًا أساسيًا في الوطن، فإذا كانت مهمته الأساسية حماية الحدود الخارجية، فهو في الواقع الاحتياط الأمني الكبير لمختلف أجهزة الأمن الأخرى. كما يشكّل إحدى دعائم الصيغة اللبنانية الأساسية.

ولم يختلف اللبنانيون على الجيش وأهمية دوره الوطني، لكنهم انقسموا قبل الطائف حول عقيدة الجيش، وحول دوره الأمني في الداخل، وقد كان هذا إحدى نتائج عدم وجود سياسة أمنية واضحة، وعدم تنظيم جيش قوي وقادر على تنفيذها، مما هدّد وحدة البلاد. أما بعد التوصّل إلى صياغة عقيدة واضحة للجيش، فمن الضروري التوصّل إلى صياغة سياسة أمنية، ووضع أهداف استراتيجية محدّدة، ومعالجة التناقضات في النصوص التشريعية، التي تحدّد ارتباطه بالقيادة السياسية، مما يسمح بخضوع الجيش إلى سلطة مجلس الوزراء بصورة كاملة، وفق روحية الدستور والمواثيق اللبنانية.

 

مهام مديرية المخابرات وارتباطها

تقوم المخابرات في معظم الدول بالحفاظ على أمن الدولة، عن طريق ما توفّره من معلومات مستقاة من مصادرها المختلفة وتضعها أمام القيادة السياسية، حيث يكون لها ارتباط مباشر بها، فنجد مثلاً وكالة المخابرات المركزية الأميركية (CIA) ترتبط برئيس الدولة، ويشكّل رئيسها أحد أعضاء مجلس الأمن القومي الأميركي.

ونظرًا لأهمية المخابرات ودورها في أمن الدولة واستقرارها، فهي حقيقة جزء من أجهزة الأمن، إلا أنها لا ترتبط بوزارة الداخلية كسائر الأجهزة الأمنية التي يجب أن يكون بينها علاقة عمل وتعاون لاتحاد الهدف الأساسي وهو الحفاظ على أمن الدولة. فالـ "CIA" مثلاً تهتم بأمن الولايات المتحدة الخارجي وحماية مصالحها القومية في أي مكان، وترتبط بمجلس الأمن القومي في مكتب الرئيس، بينما نجد جهاز المباحث الفدرالية (FBI) يركّز نشاطه في الداخل، ويقوم بين هذين الجهازين تعاون وثيق وتبادل للمعلومات والتدريب المشترك[34].

أما في لبنان، فإن مديرية المخابرات ترتبط بقائد الجيش، على أن تحيط رئيس الأركان بجميع المعلومات التي تتوافر لديها، وذلك وفق ما نصّت عليه المادة 4 من المرسوم رقم 3771 تاريخ 22/1/1981: تنظيم الجيش وملاكاته وأصول العمل به وصلاحيات القادة والرؤساء. وقد كلّفتها المادة الأخيرة مهمة التقصي عن الأخطار التي تستهدف أمن الجيش، مع اقتراح الحلول لدرئها، وتنظيم الاستعلام المتعّلق بذلك وإدارته تحقيقًا لهذه الغاية [35].

بمعنى آخر فإن هذا النص التنظيمي ربط مديرية المخابرات بقائد الجيش ورئيس الأركان فقط، وحاول حصر مهمّة مديرية المخابرات بالأمن العسكري، في وقت لا يتوافر للبنان أي بديل فاعل لمواجهة التهديدات الإرهابية والأصولية، وعمليات التخريب التي يمكن أن تقوم بها شبكات المخابرات الإسرائيلية.

فهذه المديرية التي بدأت بعدد صغير من الضباط والجنود، حوالى 30 ضابطًا و200 رتيبًا، وسّعت مهماتها الاستعلامية والأمنية اعتبارًا من بداية عهد الرئيس شهاب العام 1958، وبخاصة بعد محاولة الانقلاب التي قام بها الحزب القومي السوري الاجتماعي ليل 31/12/1961. وتمكّنت المديرية من تطويرعملها في ظل مظلّة الجيش الذي يمدّها بطاقات بشرية وكفاءات مهنية عالية، تمكّنت من بناء تاريخ حافل وإرث استعلامي وأمني في مكافحة الشبكات الإسرائيلية، ومكافحة عمليات التخريب والإرهاب في الداخل وأحيانًا في الخارج.

أنشأت المديرية شبكات استعلامية واسعة في الداخل من أجل دعم إنتاجها الاستعلامي وسيطرت ووجّهت الأجهزة الأمنية الأخرى، وتدخّلت في خلال عهدي الرئيسين فؤاد شهاب وشارل حلو في الحياة السياسية بشكل أثار حفيظة فئات سياسية مسيحية وإسلامية عديدة، رأت أن مخطّط هذه المديرية سيؤدّي حتمًا إلى تهديد مصالح النظام الإقطاعي والطائفي، فتضافرت جهود هؤلاء المتضرّرين حول سياستها ليركّزوا هجومهم على بعض الأخطاء التي وقعت في أثناء ممارسة المديرية لمهماتها، وتمكّنوا من توجيه ضربة قاتلة لها بعد انتخاب الرئيس فرنجية، حيث تمّت محاكمة ضباط المخابرات العسكرية وإبعادهم، هؤلاء أمسكوا بزمام الأمور لفترة عقد كامل، من دون أن يتم تأمين جهاز بديل يؤمّن الاستمرارية للمهمة التي كانت المخابرات تقوم بها.

فبعد أن ساهمت مديرية المخابرات في الحفاظ على الأمن والاستقرار حوالى 12 سنة، وبعد أن أثبتت أنها الجهاز الوحيد بين الأجهزة القائمة القادرة على جمع المعلومات وتحليلها واستعمالها لغايات حفظ الأمن والاستقرار ومكافحة الشبكات والاختراقات الأمنية الداخلية أو الخارجية[36].

لكن على الرغم من تلك التغييرات شبه الشاملة التي حصلت في عمل المديرية، وعلى الرغم من محاولة حصر عملها بالأمن العسكري، فإن مديرية المخابرات لاتزال قادرة على امتلاك قدرات أمنية مميّزة، لجهة الطاقات والكفاءات التي يمكن ضمّها إلى صفوفها من الجيش اللبناني، إضافة إلى حجم المعلومات التي يمكنها الحصول عليها من خلال انتشار الجيش على كامل الأراضي وعمليات الاستعلام التي تنفّذها الوحدات العسكرية، مستفيدة من تجربتها الطويلة والمتمرّسة في مجال العمل السري[37]، الأمر الذي يؤهّلها لبناء رؤية أمنية واضحة ووضع تقييم دقيق لمختلف التهديدات الأمنية، واقتراح أهداف استراتيجية لمواجهتها، بما ينسجم والخيارات السياسية والأمنية التي تحدّدها السياسة الأمنية التي يضعها مجلس الوزراء.

لهذا فإن مطالبة بعض الجهات السياسية باقتصار عملها على الأمن العسكري، فيه تناقض أساسي مع مطالبة الجيش بالقيام بمهمّة تحقيق الاستقرار الأمني، التي تخوّله جمع المعلومات ليكون على اطلاع واستعداد لمواجهة الأخطار والتهديدات الداخلية.

لذلك فإن حصر مهمة المديرية بالأمن العسكري، وبالاستعلام عن إسرائيل فقط يضرّ بالدولة ككل وليس بالجيش فقط، لأن قرارًا كهذا سيحرم الدولة الاستفادة من طاقات المديرية وتجاربها وخبرتها التراكمية التي بنتها خلال فترة تتجاوز نصف قرن من العمل الاستخباري، وخصوصًا في مجال مكافحة المجموعات الإرهابية والجرائم المنظّمة.

وإذا كان من المطلوب، حفاظًا على الحقوق والحريات، أن يتم إبعاد المديرية عن التعاطي بالقضايا والنشاطات السياسية والجمعيات والأحزاب والنقابات والجامعات، فإنه ليس من المطلوب منع هذه المديرية من الاهتمام بشبكات العدو في الداخل، ولا الاهتمام بمجال عمل العصابات المنظّمة والحركات الأصولية والأنشطة الإرهابية وما شابه، خصوصًا وأن الجيش هو الذي سيتولّى أخيرًا معالجة هذه النشاطات.

لذلك فمن الضروري إعادة النظر بمهمات هذه المديرية والنصوص القانونية التي تشرّع عملها، وتوسيعها بشكل يتيح إجراء تقاطع مع عمل الأجهزة الأمنية الأخرى، على قاعدة شبك النيران، لتأمين عدم وجود ثغرات يمكن أن تنفّذ منها النشاطات الإرهابية والإجرامية.

 

القسم الثاني: الأجهزة المرتبطة بوزارة الداخلية

تعتبر قوى الأمن الداخلي من الأجهزة الأكثر أهمية في الدولة حاليًا، كما في العصور الماضية عندما كان صاحب الشرطة من الشخصيات الرئيسة في الدولة الذي يختاره السلطان أو الخليفة. فكلمة "بوليس" كلمة يونانية الأصل مشتقة من الكلمة اللاتينية (Politia)، وتعني المختص بالمجتمع المتمدّن، ولما جاء الرومان استعملوها بمعنى حال الدولة وسياستها، معتمدين كلمة (Policy)، وتعني كلمة (Police) عند البريطانيين: الجهاز الذي يحمي الحقوق والأخلاق والأمن ورفاهية الشعب بصفة عامة[38]، كما عرف نظام الشرطة لدى الحضارات الهندية والصينية القديمة.

وفي لبنان فإن الأجهزة الأمنية التي تتولّى الأمن ضمن هذه المفاهيم، والتي ترتبط بوزارة الداخلية من ناحية النص القانوني هي: مديريتا قوى الأمن الداخلي والأمن العام، وسنتطرّق إلى النصوص المنظّمة لعمل كل منهما، وكيفية تطبيقها في مطلب مستقل.

 

قوى الأمن الداخلي والقانون رقم 17

قوى الأمن الداخلي هي الأقدم بين المؤسسات الأمنية اللبنانية، وسبق إنشاؤها ولادة الجمهورية اللبنانية كونها أنشئت عام 1861 أيام المتصرفية، وتطوّرت مع الانتداب الفرنسي، ثم جرى تنظيمها بعد الاستقلال بعدة مراسيم، كان آخرها القانون رقم 17 تاريخ 6/9/1990 الذي قام بمحاولة تحديث المؤسسة وإعادة تقسيم قطاعاتها وظيفيًا حسب الاختصاص[39].

وأخضعت المادة 2 من هذا القانون مديرية قوى الأمن الداخلي لسلطة وزير الداخلية، كما هو المعمول به في معظم الدول[40]، وحدّدت المادة الأولى منه الدور الأساس لقوى الأمن الداخلي المتمثّل في مراقبة المناخ الإجرامي والتعرّف إلى الأسباب والدوافع التي تكمن وراء الجريمة لردعها قبل حصولها، فهي تقوم بدور وقائي في مجال الجريمة قبل حصولها، ودورعلاجي يتمّ من خلال قمع الجرائم والتصدي لها ومعالجة ذيولها بعد ذلك[41].

ويرى البعض أن قوى الأمن الداخلي تشكو من نقاط ضعف تنظيمية وقيادية كثيرة، بالإضافة إلى افتقارها إلى التجهيزات والتقنيات المدنية والتي تشكّل القاعدة الأساسية لعملها في مكافحة الجريمة بصورة إستباقية أو لاحقة. ومن أبرز نقاط الضعف التنظيمية التي تشكّل موضوع انتقاد وخلاف سياسي فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، إضافة إلى مجلس الأمن المركزي.

 

أولًا: فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي

أنشئت هذه الشعبة حديثًا، وبدأ دورها بالبروز بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري حيث أصبحت تضم حوالى 60 ضابطًا و1100 عنصرًا أمنيًا وفق تصريح مدير قوى الأمن الداخلي في 4 نيسان/أبريل 2007. وقد جرى التشكيك بقانونية وجودها واتهامها بأنها تخدم جهة سياسية معينة.

وحقيقة الأمر أن القانون رقم 17 لم ينص على وجود شعبة للمعلومات كهذه، كما سميت، بل إن المرسوم رقم 1157 تاريخ 2/5/1991 الذي حدّد التنظيم العضوي لقوى الأمن الداخلي، ونظّم شعب هيئة الأركان في المادة 8 منه، عدّد هذه الشعب على الشكل التالي: شعبة العديد – شعبة الخدمة والمعلومات – شعبة الشؤون الإدارية – شعبة التخطيط والتنظيم – شعبة التحقيق والتفتيش – شعبة العلاقات العامة - شعبة التدريب – شعبة الاتصال الدولي – شعبة المعلوماتية وشعبة البريد والمحفوظات.

وفي الفقرة ب من المادة 8 المذكورة أعلاه تم تعداد الفروع التي تتألّف منها كل شعبة، فكانت شعبة الخدمة والعمليات تتألّف من أربعة فروع هي: فرع الخدمة والعمليات (غرفة العمليات)، وفرع المعلومات، وفرع شؤون السير، وفرع السجون، وفرع البريد. وقد تم تحديد مهمات هذا الفرع بشكل غير مباشر، عندما أوردت المادة 13 من المرسوم رقم 1157 تاريخ 2-5-1991، والمعدّلة بموجب المرسوم رقم 3904 تاريخ 6/8/1993، مهمات شعبة الخدمة والعمليات في ما يتعلّق بنوعية المعلومات واستقصائها وجمعها واستثمارها[42].

وتبيّن من مراجعة هذا النص وغيره من النصوص القانونية ذات العلاقة، أن فرع المعلومات لم يرد ذكره بين أجهزة القيادة الرئيسة الستة في قوى الأمن الداخلي، التي من ضمنها الشرطة القضائية، أو أمن السفارات، بل ورد في مرسوم تطبيقي كأحد فروع شعب هيئة الأركان الرئيسة في قوى الأمن الداخلي.

كما يعاب على هذا النص بأنه كلّف هذا الفرع بالتنسيق مع سائر الأجهزة الأمنية التي رفضت هذا التنسيق معه في مجال تبادل المعلومات، كونها مديريات يرأسها مدير عام من موظفي الفئة الأولى، يطلب إليها التنسيق مع أحد فروع إحدى شعب مديرية أخرى برئاسة موظف رتبته توازي رتبة موظف من الفئة الثالثة.

ولكن، وعلى الرغم من ضعف المستند القانوني، وعدم التنسيق مع الأجهزة الأمنية الأخرى، فإن هذا الفرع حقّق إنجازات أمنية وصلت إلى حد المشاركة في كشف شبكات تجسّس إسرائيلية وإحباط مشاريع فتن مذهبية، حيث وتمكّن من استثمار كل المعلومات التي تنتجها قوى الأمن الداخلي المنتشرة على جميع الأراضي اللبنانية، والتي تلتصق بحياة الناس العادية، مما يسمح بالحصول على معلومات تفصيلية تتيح، إذا ما أحسن متابعتها وتحليلها، أن يتم استثمارها بشكل يخدم الأمن الوقائي ومواجهة التهديدات قبل وقوعها.

كما يمكنه الاضطلاع بالدورالذي يقوم به الأمن العسكري التابع لمديرية المخابرات، مما يساهم في إيجاد رقابة داخلية على عمل قوى الأمن الداخلي، ويرفع من إنتاجيتها وممارساتها الأخلاقية، ويخفّف من الممارسات السلبية وحالات الفساد والإهمال. ويمكن أن يشكّل هذا الفرع مع مديرية المخابرات في الجيش اللبناني ثنائيًا أمنيًا متكاملاً، إذا ما حدّد لكل منهما في نصوص قانونية واضحة: مهمات أساسية وأخرى ثانوية، تشكّل تشابكًا وتقاطعًا للمعلومات على "قاعدة شبك النيران" كما قلنا سابقًا، وليس على قاعدة التنافس والكيدية، مما يسمح باستعمال واستثمار القدرات الهائلة التي توفّرها عناصر الجيش وعناصر الأمن الداخلي من أجل مكافحة الجرائم والأخطار على أنواعها، وبخاصة في مجال الأمن الوقائي، ولا يشكّل وجود هذه الشعبة خروجًا على القواعد المعتمدة في أجهزة الأمن في الدول المتطورة، مما يبرز الحاجة إلى إعادة تنظيم وظيفة هذه المديرية وإصدار التشريع القانوني اللازم بما فيه تعديل القانون 17.

 

ثانيًا: مجلس الأمن المركزي

نص القانون رقم 17 تاريخ 6/9/ 1990 على إنشاء مجلس دائم للأمن الداخلي[43]، وحدّد هيكليته وواجبته، موكلاَ إليه مهمة درس الشؤون الأمنية ومناقشتها، والتنسيق وتبادل المعلومات بين الأجهزة، ولكن هذا المجلس بقي من دون تفعيل على غرار المجلس الأعلى للدفاع، حيث اقتصر عمله على الأمور الظرفية والاستثنائية[44]، وكان ينعقد لمواجهة أو لمعالجة الشؤون الأمنية العلاجية أو القمعية، ولم يقم بواجب الأمن الوقائي الذي يتطلّب الاستمرارية والمراقبة الدائمة والتحليل واستثمار المعلومات، وهذه قدرات لم تتوافر لهذا المجلس، لا على صعيد توقيت عقد اجتماعاته، ولا على صعيد تركيبته الإدارية وارتباطه بوزير الداخلية، ذلك الارتباط الذي من المفترض أن يكون قمة هرم السلطة التنفيذية.

وحتى على صعيد الأمن العلاجي فإن التجاذب السياسي لم يسمح لهذا المجلس بأن يقوم بالمطلوب منه، وعلى الرغم من الأزمات الأمنية التي واجهها لبنان لم يستطع المجلس أن يجتمع لتنفيذ ما أوكله إليه القانون على صعيد تبادل المعلومات والتنسيق بين الأجهزة. وخير دليل على ذلك، الأزمة التي حصلت بعد قرار وزير الداخلية، رقم 2403 عام 2006، ومحاولات عقد اجتماعات أمنية لمعالجة موضوع الربط الإلكتروني بين الأجهزة الأمنية تنفيذًا لقرار سابق عن وزير الداخلية رقم 183/ [45]204 تاريخ 5/ 12/ 2006 والذي أنشأ مكتب معلوماتية يعنى بمكننة المعلومات الواردة إلى المجلس وتنظيمها وفرزها وتخزينها، غداة ورودها من مختلف الإدارات والأجهزة المدنية، لاسيما منها الممثّلة فيه، وذلك بهدف تحليلها ومقاطعتها[46].

 

ثالثًا: أمن السفارات والشرطة القضائية

يشكّل كل من أمن السفارات والإدارات والمؤسسات العامة، والشرطة القضائية أحد الأجهزة الأساسية الستة التي تتشكّل منها قوى الأمن الداخلي، وفق المادة 4 من قانون تنظيم قوى الأمن الداخلي[47]، وأحد أجهزة القيادة العشرة المادة [48]5. وتشمل صلاحيات أمن السفارات جميع الأراضي اللبنانية، وهو يضمّ جميع القطاعات المنوط بها حراسة دور البعثات الدبلوماسية في لبنان والمؤسسات التابعة لها، وكذلك الإدارات والمؤسسات العامة وفق الفقرة 8 من المادة 6 من القانون المذكور. ويناط بها جمع المعلومات الأمنية وتقصيها، ومهمات مفارز الاستقصاء، إضافة إلى المهمات الخاصة التي تحدّد بتعليمات من المدير العام بعد استطلاع رأي قائد الجهاز.

ويخضع قائدا أمن السفارات والشرطة القضائية لسلطة المدير العام لقوى الأمن الداخلي المباشرة، ويكونان مسؤولين أمامه عن تنفيذ المهمات الموكولة إليهما. لكن المادة 3 من مرسوم تحديد التنظيم العضوي لقوى الأمن الداخلي، فرضت على قائد الشرطة القضائية مسؤولية مشتركة أمام كل من المدير العام لقوى الأمن الداخلي والمدير العام التمييزي في ما يتعلّق بتنفيذ المهمات القضائية المنوطة بالقطاعات التابعة له، وذلك بما لا يمس خضوعه لسلطة المدير.

 

المديرية العامة للأمن العام

يخضع تنظيم مديرية الأمن العام إلى المرسوم الاشتراعي رقم 139 تاريخ 12/6/1959، ولايزال هذا المرسوم هو الإطار التشريعي لعمل هذه المديرية، حيث تعرّض لبعض التعديلات الطفيفة التي لم تغيّر لا في طبيعة مهمّتها ولا في علاقتها أو ارتباطها بالسلطة السياسية، باستثناء محاولة إعادة التنظيم التي جرت بالمرسوم الاشتراعي رقم 104 تاريخ 16/9/ 1983، لكن هذا المرسوم ألغي بموجب المادة الأولى من المرسوم الاشتراعي رقم 27 تاريخ 23/3/1985 مع سائر النصوص التنظيمية الصادرة تطبيقًا له، وأعيد العمل بالمرسوم الاشتراعي رقم 139/59.

وقد تمكّنت المديرية في الفترة الممتدّة من الاستقلال إلى أحداث العام 1958 من القيام بالدور الأساس في حقل الأمن السياسي ومكافحة التجسس، وكانت ممسكةً بخيوط اللعبة المخابراتية وبالتطوّرات السياسية في لبنان والدول المحيطة به.

وبعد تنظيمها القانوني عام 1959 أصبحت هذه المديرية تقوم بأعمال ونشاطات مهمة تهدف إلى تحقيق الأمن الوقائي واستباق وقوع الجرائم، كما ورد في المادة الأولى من المرسوم الاشتراعي رقم 139 تاريخ 12-6-1959. (تنظيم المديرية العامة للأمن العام) التي تنص على ما يأتي: مهمّة الأمن العام جمع المعلومات لصالح الحكومة، وبنوع خاص المعلومات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويساهم الأمن العام في التحقيق العدلي ضمن حدود المخالفات المرتكبة ضد أمن الدولة الداخلي والخارجي. ويساهم كذلك مع قوى الأمن في مراقبة الحدود البرية والجوية والبحرية ومراقبة الأجانب على الأراضي اللبنانية، كما يتولّى إعطاء إجازات المرور.

لكن على الرغم من أن المادة الثانية من مرسوم تنظيم المديرية العامة للأمن العام، والتي تعدّلت بموجب القانون رقم 48 تاريخ 3/9/1965 قد نصت على أن الأمن العام مديرية عامة خاضعة لسلطة وزير الداخلية ومرتبطة به مباشرة، إلا أن المديرية المذكورة بقيت في مرحلة ما قبل الطائف جهازًا ملتصقًا برئاسة الجمهورية. وعلى الرغم من تعديلات "الطائف" الدستورية والتي نقلت السلطة التنفيذية من رئيس الجمهورية إلى مجلس الوزراء فقد استمرّ موضوع ارتباط المديرية برئيس الجمهورية كموضوع تجاذب سياسي حاد من ضمن التجاذبات الطائفية والسياسية حول الأجهزة الأمنية.

ومع بداية عهد رئيس الجمهورية السابق إميل لحود، تمّت إعادة هيكلية المديرية العامة للأمن العام وزيادة عديدها وضبط حال الفلتان التي كانت سائدة في داخلها، وذلك من خلال انتداب عدد من ضباط الجيش الذين سبق وخدموا لسنوات طويلة في مديرية المخابرات، مما جعل من مديرية الأمن العام "مؤسسة متماسكة ومتميّزة وقادرة على أداء مهماتها بكفاءة عالية، وخصوصًا في ما يعود لضبط النقاط الحدودية، وحركة المسافرين، وضبط إقامة الأجانب، وازداد عديد المديرية وأصبح لديها طاقات بشرية وكفاءات لم يسبق أن امتلكتها في العهود السابقة حيث أصبح عديدها حوالى 4000 رتيب وفرد و200 ضابط"[49].

أما على صعيد المهمات فيقترح تكليف هذه المديرية بمراقبة نشاط الجمعيات والأحزاب السياسية ولاسيما السرية منها، إضافة إلى توليها شؤون الأجانب بما يتعلّق بدخولهم وإقامتهم وعملهم ومغادرتهم، والهجرة والجوازات والمطبوعات على أنواعها، وذلك كمهمات أساسية، وتكليفها بمهمات ثانوية تشكّل تقاطعًا مع مهمات الأجهزة الأخرى.

 

القسم الثالث: المديرية العامة لأمن الدولة

كانت هذه المديرية آخر المؤسسات الأمنية التي أنشئت في لبنان في العام 1985، ورأى البعض أنها جاءت مكمّلة للحلقة الأمنية مع الأمن العام والأمن الداخلي ومخابرات الجيش، بأعتبار أنه لا يمكن لأي مؤسسة أمنية أن تغطي وحدها الحقول الأمنية كلها، بحيث أنها قد تتضخم وتصبح عرضة للوقوع في خطأ التقدير، فتتحوّل إلى خطر على الأمن بدلاً من أن تكون حافظة له على حدّ قول المدير العام السابق لمديرية أمن الدولة، اللواء الركن نبيل فرحات[50].

بينما يرى البعض الآخر أن هذه المديرية أنشئت كضرورة للمشاركة المذهبية في قيادة الأجهزة الأمنية وأن هذا الإنشاء كان بنيّة تخصيصها للطائفة الشيعية من ضمن سياسة تهدف إلى مراعاة التوازن الطائفي في توزيع المناصب الأمنية[51].

وبغض النظرعن الغاية من إنشائها فإن النصوص التي ترعى وضعها القانوني هي الفقرة الخامسة من المادة السابعة من قانون الدفاع الوطني الصادر بالمرسوم الاشتراعي رقم 102 تاريخ 16/9/1983: "تنشأ لدى المجلس الأعلى للدفاع مديرية عامة تسمّى "المديرية العامة لأمن الدولة" خاضعة لسلطة المجلس وتابعة لرئيسه ونائب رئيسه"، وتتناول مهمات أمن الدولة المواضيع الآتية وفق ما جاء في الفقرة الأخيرة: "جمع المعلومات المتعلّقة بأمن الدولة الداخلي بواسطة شبكات خاصة بها تغطّي الأراضي اللبنانية، واستقصاء المعلومات الخارجية من الأجهزة القائمة، والتحقّق منها وتحليلها وتصنيفها وحفظها، وإحالتها إلى الجهات المختصة، تلزم الجهات الرسمية بتقديم المعلومات المطلوبة عن كل ما يمسّ بأمن الدولة الداخلي والخارجي إلى هذه المديرية العامة".

ويبدو من قراءة النص أنها أدرجت ضمن هرمية المجلس الأعلى للدفاع، و"أخضعت لسلطته وارتبطت برئيس المجلس ونائب الرئيس. وجاءت مهماتها مماثلة لمهمات الأمن الداخلي والأمن العام ومديرية المخابرات، كما يظهر أن النص حملها مسؤوليات أمنية وقائية وقضائية وعسكرية. وعلى الرغم من أن النص ألزم الجهات الرسمية بتقديم المعلومات المطلوبة إليها، فإنه لم يوضح أي جهات، ولم توضع آلية لاستقصاء المعلومات الخارجية من الأجهزة القائمة، فكانت النتيجة سلبية ولم يقم أي جهاز برفع المعلومات إليها سواء طلبت منه أم لم تطلب.

وهذا ما جعل البعض يستنتج أن هذه المديرية أنشئت وفي نية منشئها عدم إعطائها أي دور أمني، وأنها استمرّت هذه الفترة كضرورة لإعطاء موقع أمني للشيعة[52]. ولأن الغاية من إنشائها كانت إكمال سيناريو التوزيع الطائفي للمناصب الأمنية، فكان ارتباطها السياسي حينًا مع رئيس الجمهورية، وأحياناَ مع رئيس المجلس النيابي على عكس ما ورد في النصوص القانونية. كما أنها لم تعط الحد اللازم من الفرص والموارد المالية والبشرية للاضطلاع بمسؤولياتها[53]، إضافة إلى كل هذا فإن مهماتها بقيت غامضة بانتظار صدور المراسيم التنظيمية التي لم تصدر حتى الآن.

وهذا من شأنه أن يدل بوضوح إلى أن هناك نقصًا في بعض التشريعات، إضافة إلى عدم تطبيق بعض ما هو موجود، عدا عن تناقض بعض النصوص الأخرى الذي تحدثنا عنه في الفصل الأول من هذه الدراسة، حيث أدى هذا التناقض والنقص والتوزيع الطائفي لقيادات الأجهزة إلى ارتباط المؤسسات الأمنية بسلطات مختلفة من دون وجود مرجعية محدّدة وإدارة أمنية واحدة للتنسيق بينها، وتوزيع المهمات عليها.

 

الخاتمة

يتبيّن من استعراض نصوص الدستور والقوانين اللبنانية المتعلّقة بالسياسة الأمنية وأهدافها الاستراتيجية والقوانين التي تحدّد ارتباط الأجهزة الأمنية ومهماتها، أن هذه الأجهزة تم إنشاؤها على مراحل ضمن فترة زمنية إمتدت حوالى نصف قرن، وكانت نشأتها أحيانًا تحت وطأة ظروف استثنائية، ونتيجة لصراع سياسي وطائفي أكثر مما كان بهدف معالجة المشاكل الأمنية. وكانت التشريعات توضع دائمًا ضمن خلفيات سياسية.

كما أنه لم يتم توزيع الموارد المالية والبشرية على أسس واضحة، أو وفق معايير محدّدة، فبعضها أعطي أكثر من حاجته والبعض الآخر أعطي أقل مما يجب، إضافة إلى ضياع المرجعية الأمنية. وعلى الرغم من المحاولات التي حصلت بتنظيم المهمات وتوزيعها بين مختلف المؤسسات في قانون الدفاع الوطني فإنه لم يتم عمليًا تنفيذ بعض هذه الإصلاحات.

ويظهر من مراجعة النصوص القانونية أن النظام الأمني اللبناني يعاني غياب رؤية أمنية واضحة على المستوى السياسي، وخللاً في التنسيق وتوزيع المهمات على المستوى الاستراتيجي نتيجة عدم وجود مرجعية أمنية مركزية تجمع المعلومات وتقيّمها وتحلّلها. وهذه المرجعية هي الحلقة الوسيطة (الفاصل واصل) بين السياسة والأمن للذين يحوّلان المعلومات إلى اقتراحات تنير درب السياسة، ويحوّلان القرار السياسي إلى مهمات أمنية توزّعها على الأجهزة. يضاف إلى ذلك تكريس طائفية قيادات هذه الأجهزة، وهذا ما يشكّل مادّة صراع مستمرّ ويعطي هذه الأجهزة لونًا طائفيًا بدلاً من اللون الوطني الشامل، مما يقتضي إعادة النظر في التشريعات التي ترعى عمل الأجهزة الأمنية على صعيدي الارتباط والمهمات.

وفي هذه المرحلة الخطيرة الراهنة، وربما الأخطر في تاريخ لبنان الحديث، تبدو الحاجة ملحّة أكثر من أي وقت مضى لوضع سياسة أمنية واضحة يتم على أساسها تحديد أهداف استراتيجية، يجري على ضوئها إعادة تنظيم القطاع الأمني وتفعيله وإصلاحه، ليتم تكليف الأجهزة الأمنية تحقيق هذه الأهداف بشكل دقيق. وللتمكّن من ذلك فإننا نقترح إعادة النظر بالتشريعات والقوانين والقرارات التي ترعى عمل الأجهزة الأمنية، وإصدار قوانين جديدة وفق التصور الآتي:

أولا: إنشاء مجلس أمن وطني يرتبط بمجلس الوزراء أو بالمجلس الأعلى للدفاع ويكون بمثابة حلقة الوصل والفصل بين السياسة الأمنية ووسائل تنفيذها وتحدّد مهماته كما يأتي:

أ- إجراء دراسات استراتيجية لكل الأخطار والتهديدات الحاضرة والمستقبلية على الصعيدين الخارجي والداخلي ووضع خطط مسبقة لمواجهتها.

ب- تحويل الأهداف السياسية التي يضعها مجلس الوزراء إلى أهداف عسكرية، يقوم بتوزيعها على الأجهزة الأمنية وفق اختصاصها.

ج- تلقّي المعلومات من الأجهزة الأمنية وتحليلها وتقييمها لاستثمارها على المستوى السياسي.

ث- التنسيق بين مختلف الأجهزة وتحديد نوعية المعلومات التي يمكن تبادلها، وكميتها.

ثانيًا: تكليف لجنة من ذوي الاختصاص والخبرة إعادة توزيع مهمات الأجهزة الأمنية على أساس مهمة أساسية لكل منها، ومهمّة ثانوية تتقاطع مع غيرها بشكل أن يكون كل هدف من الأهداف المنوي تحقيقها موضع اهتمام أساسي من قبل أحد الأجهزة، وموضع اهتمام ثانوي من قبل جهاز أو جهازين يتقاسمان المهمات الثانوية لهذا الهدف، على أن تبقى المسؤولية على عاتق صاحب المهمة الأساس في حال التقصير.

ثالثًا: إعادة النظر بارتباط هذه الأجهزة وتحديد قواعد ارتباط واضحة وغير ملتبسة لكل جهاز على الصعيد المؤسساتي وبشكل متوازن من جهتي الارتباط بالسلطات القيادية والقضائية، وبمجلس الدفاع الأعلى أو بمجلس الأمن الوطني المقترح، وحصر ارتباطها بالسلطات السياسية من خلال هذا المجلس، أو بالوزير الذي ترتبط به قانونًا.

رابعاً: عدم إجراء تشكيلات أمنية شاملة تؤدّي إلى قطع الاستمرارية في عمل هذه المؤسسات، والعمل على إبعاد السياسة عن الأمن الذي يجب أن يكون على أساس وطني شامل.

خامساً: مراجعة النصوص التطبيقية والتعليمات الداخلية وبرامج التدريب للأجهزة الأمنية لجهة احترام معايير القانون الدولي الإنساني، وخصوصًا في مجالات التوقيف الاحتياطي، والحق في محاكمة سريعة في محاكم مختصّة ومستقلّة ومحايدة، إضافة إلى ضمان حقوق الدفاع وعلنية المحاكمة.

 


[1]-     ليدل هارت، "الاستراتيجية وتاريخها في العالم"، ترجمة المقدم الهيثم الأيوبي، دار الطليعة، بيروت 1967، ص. 158

 

[2]-     محمد الأيوبي، "النظرية العامة للأمن – نحو علم اجتماع أمني"، الطبعة الأولى، بيروت 2000، ص. 294

 

[3]-     نص المادةة 66 القديمة: "يتحمّل الوزراء إجماليًا تبعة سياسة الحكومة العامة ويتحمّلون إفرادياَ تبعة أفعالهم الشخصية. ويعد بيان الحكومة ويعرض عل المجلس بواسطة رئيس الوزراء أو وزير يقوم مقامه".

 

[4]-     نص المادة 17 القديمة: " تناط السلطة الإجرائية برئيس الجمهورية وهو يتولاها بمعاونة الوزراء وفق أحكام هذا الدستور".

 

[5]-     نص المادة 64 الجديدة: "رئيس مجلس الوزراء هو رئيس الحكومة ويتكلّم بإسمها ويعتبر مسؤولاً عن تنفيذ السياسة العامة التي يضعها مجلس الوزراء. وهو يمارس الصلاحية الآتية: - يرأس مجلس الوزراء ويكون حكمًا نائبًا لرئيس المجلس الأعلى للدفاع."

 

[6]-     نص الفقرة الأولى من المادة 49 الجديدة: " رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن يسهر على احترام الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه وفق أحكام الدستور. يرئس المجلس الأعلى للدفاع، وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة التي تخضع لسلطة مجلس الوزراء".

 

[7]-     نص المادة 53 القديمة: "رئيس الجمهورية يعيّن الوزراء ويسمّي منهم رئيسًا ويقيلهم ويولي الموظفين مناصب الدولة ما خلا تلك التي حدّد القانون شكل التعيين لها على وجه آخر ويرأس الحفلات الرسمية".

 

[8]-     بيان نويهض، "تطوّر النظام الدستوري والسياسي اللبناني"، 1920 – 1995، من دون دار نشر، بيروت: 1996

 

[9]-     نص م.5 من قانون الدفاع رقم 3 \79 "يوضع الجيش بتصرّف رئيس الجمهورية، وهو يمارس صلاحياته وفق الأحكام المنصوص عنها في الدستور وفي القوانين النافذة".

 

[10]-    المادة 5: كما تعدّلت بالمرسوم الاشتراعي رقم 1/84 ت 26/9/84 "يوضع الجيش بتصرّف رئيس الجمهورية الذي يمارس صلاحياته وفق الاحكام المنصوص عنها في الدستور والقوانين النافذة. ولاسيما المادتين 6 و7 من هذا المرسوم الاشتراعي."

 

[11]-    د. جورج أبوصعب، "النظام الرئاسي وصلاحيات رئيس الجمهورية ( بين دستوري الجمهورية الأولى والثانية)"، دراسة منشورة في كتاب خليل الهندي وانطوان الناشف، "الدستور اللبناني قبل الطائف وبعده"، المؤسسة الحديثة للكتاب، طرابلس- لبنان،2000، ص. 210.

 

[12]-    قبلان قبلان، "المؤسسات الدستورية في لبنان بين النص والممارسة في ضوء اتفاق الطائف"، المنشورات الحقوقية، صادر، بيروت، 2004، ص. 271.

 

[13]-    جورج بكاسيني، "أسرار الطائف من عهد أمين جميل حتى سقوط الجنرال"، دار التعاونية الطباعية، بيروت، 1993، ص. 268

 

[14]-    خليل الهندي وأنطوان الناشف، "الدستور اللبناني قبل الطائف وبعده"، مرجع سابق، ص. 200.

 

[15]-    جورج بكاسيني، "أسرار الطائف من عهد أمين جميل حتى سقوط الجنرال"، مرجع سابق، ص. 245.

 

[16]-    المرجع السابق، ص. 256.

 

[17]-    أنطوان سعد، "موقع رئيس الجمهورية ودوره- في النظام السياسي اللبناني- قبل وبعد اتفاق الطائف، دراسة مقارنة"، منشورات الحلبي الحقوقية، الطبعة الأولى، بيروت، 2008، ص.416.

 

[18]-    خليل الهندي وأنطوان الناشف، "الدستور اللبناني قبل الطائف وبعده"، مرجع سابق، ص. 165.

 

[19]-    خليل الهندي وأنطوان الناشف، "الدستور اللبناني قبل الطائف وبعده"، مرجع سابق، ص. 232.

 

[20]-    قبلان قبلان، "المؤسسات الدستورية في لبنان بين النص والممارسة في ضوء اتفاق الطائف"، مرجع سابق، ص. 271.

 

[21]-    أنطوان سعد، "موقع رئيس الجمهورية ودوره- في النظام السياسي اللبناني- قبل وبعد اتفاق الطائف"، مرجع سابق، ص. 418.

 

[22]-    بشاره منسى، "الدستور اللبناني أحكامه وتفسيره"، مطابع غزير، لبنان، 1998، ص. 365-366.

 

[23]-    ألبير منصور، "موت جمهورية"، دار الجديد، ط. 1، بيروت، 1994، ص. 251، وكتاب "الانقلاب على الطائف"، الصادر عام 1993، ص. 54.

 

[24]-    يورغ شتوسي- لاوتربرغ، محاضرة منشورة في كتاب بعنوان "التجربة السويسرية في تنظيم الدفاع والأمن، هل من دروس للبنان؟"، إعداد مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية، حول المؤتمر المنعقد في 2 نيسان/أبريل 2009.

 

[25]-    نزار عبد القادر، "وطن بلا سياج - الإستراتيجية الدفاعية الوطنية"، ط.1، مطبعة شمص، بيروت.

 

[26]-    شوقي خليفة، "لبنان وقضية الأمن- دراسة مقارنة- مشروع تنظيم الأهداف- المنهجية التنفيذية"، ط.1، بيروت، 1994، ص. 64

 

[27]--  نزارعبد القادر، "وطن بلا سياج"، مرجع سابق، ص. 198.

 

[28]-    سجل البحوث والأوراق العلمية المقدمة في ندوة المجتمع والأمن في دورتها السنوية الثالثة، "المؤسسات المجتمعية والأمنية- المسؤولية المشتركة"، منعقدة في مقر كلية الملك فهد الأمنية، الرياض، من 11 إلى 24 أيلول/سبتمبر 2004، الجزء الأول، منشورات مركز البحوث والدراسات في كلية الملك فهد الأمنية، ص. 717.

 

[29]-    نصت المادة 15 من قانون الدفاع الوطني والمعدّلة بموجب المرسوم الاشتراعي رقم 1 تاريخ 26/9/1984 والتي استعيض عنها بالنص الآتي: "تخضع وزارة الدفاع الوطني بجميع مؤسساتها لسلطة وزير الدفاع الوطني وهو مسؤول عن تنفيذ جميع مهماتها".

 

[30]-    نصت المادة 12 من قانون الدفاع الوطني، تقع مسؤولية حفظ الامن الداخلي على عاتق وزير الداخلية مع مراعاة الأحكام التي نصّت عليها القوانين الخاصة ويمكن بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء تكليف وزارة الدفاع الوطني تأمين معدات عسكرية ودورات تدريبية لصالح وزارة الداخلية".

 

[31]-    الفقرة الاولى من المادة الاولى من المرسوم رقم 1983/102:الدفاع الوطني يهدف الى تعزيز قدرات الدولة وإنماء طاقاتها لمقاومة أي اعتداء على أرض الوطن وأي عدوان يوجّه ضده وإلى ضمان سيادة الدولة وسلامة المواطنين.

 

[32]-    الفقرة الثانية من المادة الأولى من المرسوم رقم 1983/102: يمكن استخدام القوى المسلحة في الحقول الإنمائية والاجتماعية شرط ألا يعيق ذلك مهماتها الأساسية. يقرّر هذا الاستخدام بموجب مرسوم بناءً على اقتراح وزير الدفاع الوطني والوزير المختص. قصد بالقوى المسلحة: الجيش، قوى الامن الداخلي، الأمن العام وبوجه عام سائر العاملين في الادارات العامة والمؤسسات العامة والبلديات, الذين يحملون السلاح بحكم وظيفتهم.

 

[33]-    محمد الأيوبي، "النظرية العامة للأمن- نحو علم إجتماع أمني"، مرجع سابق، ص. 217.

 

[34]-    سجل البحوث والدوريات العلمية، "المؤسسات المجتمعية والأمنية- المسؤولية المشتركة"، مرجع سابق، ص، 719.

 

[35]-    تنص المادة 4 من المرسوم رقم 3771 تاريخ 22/1/1981: "ترتبط مديرية المخابرات بقائد الجيش على أن تحيط رئيس الأركان بجميع المعلومات التي تتوافر لديه وذلك عملاً بأحكام المادة 28 من قانون الدفاع الوطني. وتتولّى المهمات الآتية: التقصي عن الأخطار التي تستهدف أمن الجيش مع اقتراح الحلول لدرئها وتنظيم وإدارة الاستعلام المتعلّق بذلك تحقيقًا لهذه الغاية. ويشمل ذلك بصورة خاصة:- جمع المعلومات الاستراتيجية المتعلّقة بخطط العمليات العسكرية وسيرها.- التقصي الاستراتيجي عن العدو، أهدافه وعقيدته القتالية، تنظيمه، طاقته العسكرية.- وضع التدابير الرامية إلى مكافحة التجسّس والتخريب المرتبطة بأمن الجيش.- إستجواب أسرى الحرب وإجراء التحقيقات اللازمة وفق القوانين المرعية.- التقصي عن أمن العسكريين ومعنوياتهم وعن سلامة المنشآت العسكرية والوثائق والبريد والإشارة.- تأمين الارتباط بالملحقين العسكريين الأجانب المعتمدين في لبنان.- إعداد عناصر مديرية المخابرات وتدريبها في حقل اختصاصها.

 

[36]-    شوقي خليفة، "لبنان وقضية الأمن، دراسة مقارنة- مشروع تنظيم الأهداف- المنهجية التنفيذية"،مرجع سابق، 1994، ص: 15

 

[37]-    نزار عبد القادر، "وطن بلا سياج، الإستراتيجية الدفاعية الوطنية"، مرجع سابق، ص. 354.

 

[38]-    سجل البحوث، "المؤسسات المجتمعية والأمنية- المسؤولية المشتركة"، مرجع سابق، ص. 708.

 

[39]-    محمد الأيوبي، "ÇáäÙÑíÉ ÇáÚÇãÉ ááÃãä – äÍæ Úáã ÇÌÊãÇÚ Ããäí"¡ مرجع سابق، ص. 218.

 

[40]-    تنص م 2 من قانون تنظيم قوى الأمن الداخلي رقم 17 تاريخ 6/ 9/ 1990: "تخضع قوى الأمن الداخلي لسلطة وزير الداخلية وتطبّق في شأنها أحكام القوانين والأنظمة العسكرية ما عدا الاستثناءات المحدّدة بموجب قوانين وأنظمة أخرى".

 

[41]-    نص المادة 1:قوى الامن الداخلي قوى عامة مسلّحة تشمل صلاحياتها جميع الأراضي اللبنانية والمياه والأجواء الاقليمية التابعة لها. إما مهماتها فتحدّد بما يأتي:-1 في مجال الضابطة الادارية:أ- حفظ النظام وتوطيد الأمن.ب- تأمين الراحة العامة.ج- حماية الأشخاص والممتلكات.د- حماية الحريات في إطار القانون.هـ- السهر على تطبيق القوانين والأنظمة المنوطة بها.-2 في مجال الضابطة العدلية:أ- القيام بمهمات الضابطة العدلية.ب- تنفيذ التكاليف والإنابات القضائية.ج- تنفيذ الأحكام والمذكّرات العدلية.-3 في المجالات الأخرى:أ- في مؤزارة السلطات العامة في تأدية وظائفها.ب- الحراسة التي تقرّرها السلطات المختصة للإدارات والمؤسسات العامة.ج- حراسة السجون وإداراتها عند الاقتضاء.د- حراسة البعثات الدبلوماسية في لبنان"

 

[42]-    تنص الفقرة ب من المادة 13ãä المرسوم رقم 1157: في مجال المعلومات: تحديد نوعية المعلومات التي ترى المديرية العامة ضرورة جمعها وتزويدها بها تمهيدا لاستثمارها.- بث المعلومات التي من شأن القطعات الاستفادة منها، وذلك بأقصى ما يمكن من السرعة.مهمة استقصاء المعلومات المتعلّقة بالأمن والانضباط العسكري لعناصر قوى الأمن الداخلي والعاملين في القوى المذكورة، ومراقبة أعمالهم وتصرّفاتهم في الخدمة وخارجها، والمعلومات المتعلّقة بسلامة الثكنات والمباني وأمنها ومختلف أنواع العتاد والتجهيزات العائدة لها، وجمعها واستثمارها والتحقيق بها، وملاحقة الفاعلين والضالعين فيها وفق الأصول القانونية النافذة.التنسيق عند الاقتضاء مع سائر الأجهزة الأمنية المختصة بشؤون الاستعلام وتبادل المعلومات.يجهز الفرع بالوسائل التقنية اللازمة في حقلي الاتصالات وتخزين المعلومات.تحدّد هذه المهمة بتعليمات تصدر عن المدير العام لقوى الأمن الداخلي.

 

[43]-    المادة 23: إضافة إلى الإدارات التي تتألف منها وزارة الداخلية ينشأ في هذه الوزارة مجلس دائم للأمن الداخلي يضم:-1 مجلس مركزي يتألف من:- وزير الداخلية رئيسًا- النائب العام لدى محكمة التمييز- محافظ مدينة بيروت- قائد الجيش أو من ينتدبه وذلك في الحالات الأمنية الطارئة التي تحول دون حضوره شخصيًا- مدير عام قوى الأمن الداخلي- مدير عام الأمن العام أعضاء- ضابط من قوى الأمن الداخلي من رتبة مقدّم وما فوق يعين بمرسوم بناء على اقتراح وزير الداخلية بعد استطلاع رأي مدير عام قوى الأمن الداخلي أمينا للسر.-2 مجلس فرعي في كل من المحافظات يتألف من:- المحافظ رئيسا- النائب العام الاستئنافي- قائد المنطقة العسكرية- قائد سرية الدرك الاقليمية، أو قادة ÓÑÇíÇ الدرك الاقليمية في المحافظة- ضابط الأمن العام المسؤول في المحافظة أعضاء- أمين سر عام المحافظة أمينا للسر.

المادة 24: íáÍÞ بالمجلس المركزي أمانة دائمة تسند رئاستها إلى أمين سر المجلس يساعده عدد من موظفي وزارة الداخلية

المادة 25:-1 يتولى المجلس المركزي:أ- درس الشؤون الامنية ومناقشتها.ب- تبادل المعلومات بين الأجهزة الممثلة في المجلس.ج - تنسيق العمل بين هذه الأجهزة.د- إتخاذ القرارات والتوصيات المناسبة عند الاقتضاء في نطاق الصلاحيات والمسؤوليات الموكولة الى كل من هذه الأجهزة بموجب القوانين والأنظمة النافذة.-2 تتولّى المجالس الفرعية المهمات المحدّدة للمجلس المركزي على صعيد المحافظات.

المادة 26: يجتمع كل من المجلس المركزي والمجالس الفرعية بدعوة من رئيسه مرة على الأقل في الشهر، ولرئيس كل من هذه المجالس استدعاء من يراه مناسبًا لحضور اجتماعات المجلس.

المادة 27: تحدّد مهام أمانة المجلس بما يأتي:أ- تلقي المعلومات من الأجهزة الممثّلة في المجلس وتحليلها وتقييمها وتصنيفها ومتابعتها.ب- إيداع نتائج تقييم هذه المعلومات رئيس المجلس والمراجع المختصة التي يحدّدها هذا الأخير بما فيها تلك الممثلة في المجلس.ج- تحضير جلسات المجلس وتنظيم محاضرها ومتابعة تنفيذ القرارات والتوصيات المتخذة فيها.

المادة 28: تحدّد عند الاقتضاء دقائق تطبيق أحكام هذا الباب بقرار من وزير الداخلية.

 

• وتجدر الإشارة إلى تحويل فرع المعلومات إلى شعبة المعلومات في مرسوم صدر عن الحكومة الحالية خلال جلسة مجلس الوزراء في 20 / 10/ 2012.

 

[44]-    شوقي خليفة، "لبنان وقضية الأمن- دراسة مقارنة"، مرجع سابق، ص. 67

 

[45]-    المادة 1:ينشأ لدى الأمانة الدائمة لمجلس الامن الداخلي المركزي.مادة 2: يتبع المكتب المشار إليه في المادة الأولى أعلاه إلى الأمانة الدائمة لمجلس الامن الداخلي المركزي، ويتألف من ضابطين مهندسين في مجال المعلوماتية وإدارتها إضافة إلى عناصر من ذوي الخبرة في المجال المذكور، يؤخذون من قوى الأمن الداخلي أو من الأمن العام.

 

[46]-    نقولا ناصيف، "إجتماع السرايا اليوم: "حرب" الأجهزة الأمنية"، مقال منشور في جريدة الاخبار، عدد الجمعة ٢٩ أيلول/ سبتمبر ٢٠٠٦.

 

[47]-    المادة 4 من القانون ÑÞã17: "تتضمّن قوى الأمن الداخلي القوى الاتية:١- الدرك الاقليمي.٢- القوى السيارة.٣- شرطة بيروت.٤- الشرطة القضائية.٥- معهد قوى الأمن الداخلي ٦- جهاز أمن السفارات والإدارات والمؤسسات العامة".

 

[48]-    المادة الخامسة: تتألف أجهزة القيادة في قوى الأمن الداخلي من:١- المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي وتضمّ المدير العام والاركان والإدارة المركزية.٢- المفتشية العامة لقوى الأمن الداخلي ٣- قيادة الدرك الإقليمي ٤- قيادة القوى السيارة.٥- قيادة شرطة بيروت.٦- قيادة الشرطة القضائية.٧- قيادة جهاز أمن السفارات والإدارات والمؤسسات العامة.٨- قيادة معهد قوى الأمن الداخلي.٩- رئاسة الخدمات الإجتماعية.

        ١٠ - مجلس القيادة.

[49]-    نزار عبد القادر، "وطن بلا سياج، الاستراتيجية الدفاعية الوطنية"، مرجع سابق، ص. 380.

 

[50]-    محمد الأيوبي، "النظرية العامة للأمن – نحو علم إجتماع أمني"، مرجع سابق، 223.

 

[51]-    نزار عبد القادر، "وطن بلا سياج، الاستراتيجية الدفاعية الوطنية"، مرجع سابق، ص. 69 æ343.

 

[52]-    نزارعبد القادر، "وطن بلا سياج، الاستراتيجية الدفاعية الوطنية"، مرجع سابق، ص. 69

 

[53]-    إدوار منصور، مدير عام أمن الدولة السابق في مقابلة له مع العميد نزار عبد القادرالعام 2005، المرجع السابق، ص. 383

 

A study in the legal documents organizing security work in Lebanon.


Most democratic countries have reexamined their security policies following the end of the Cold War and started applying new security strategies to confront the new dangers resulting from the activities of terrorist groups and criminal gangs with intercontinental targets. These countries have started reevaluating their security legislations in addition to establishing special and specialized security agencies to develop military and civilian surveillance mechanisms with the objective of safeguarding the security of the State and its citizens under the rules of a democratic system.
Lebanon which is currently situated in an unstable region and in light of a world order that is oscillating between unipolarity and multipolarity, has been affected by the new dangers on the internal field and especially in the field of terrorism and organized crime in addition to the external threats and its traditional problems. These problems which prompted some sides to consider that Lebanon remains uncovered security wise.
This Lebanese fact and in light of reforms taking place in the security sectors of most world countries pushes us to question whether these Lebanese legislations and their applications have succeeded in setting the adequate frameworks for the work of these security institutions in a way that enables them to confront security threats and to take precautions against them? Are these legislations still adequate for this new stage of security challenges?
To answer these questions, we will examine the basic legislative texts which tend to the work of Lebanese security institutions whether they had a preemptive, curative or repressive aspect and we will study the extent of their integration and concordance with the amount of current dangers and threats.
These texts and their applicability will be discussed in 2 chapters: the first chapter will deal with legislative texts on the political and strategic levels by referring to the constitution and laws related to the political authority of the security agencies. The second chapter will study these texts on the executive level i.e. the texts ruling the missions of the following security institutions and their affiliation.
The Army, the Directorate of Intelligence, the Directorate of Internal Security Forces and the Directorates of General Security and its branches and State Security.

Etude des textes juridiques organisant le travail sécuritaire au Liban


La plupart des pays démocratiques ont reconsidéré leur politique sécuritaire après la fin de la Guerre froide, et ont commencé à adopter de nouvelles stratégies sécuritaires pour faire face aux nouveaux dangers issus de l’activité des groupes terroristes et des gangs criminels à travers les continents. Ces pays ont commencé à reconsidérer leurs lois concernant la sécurité en addition à l’établissement de services sécuritaires privés et spécialisés, afin de développer des mécanismes de surveillance civile et militaire visant à préserver la sécurité de l’Etat et de ses citoyens dans le cadre d’un système démocratique.
Le Liban qui se trouve dans une région instable, et à l’ombre d’un système international qui sillonne entre l’uni polarité et la pluri polarité, est influencé et continue à l’être, par les dangers nouveaux au niveau interne, surtout en ce qui concerne le terrorisme et le crime organisé, en addition aux menaces externes et aux problèmes traditionnels. Ces problèmes et dangers ont poussé certains à croire que le Liban est toujours instable.
Cette situation au Liban, et à l’ombre des opérations de réformes se déroulant dans la plupart des pays du monde, nous pousse à nous demander si les lois libanaises et leurs applications ont réussi à dresser les cadres convenables au travail de ces institutions sécuritaires, d’une façon à ce que ces dernières soient capables de faire face aux dangers sécuritaires? Est-ce que ces lois sont toujours convenables lors de cette nouvelle phase de défis sécuritaires?
Pour répondre à ces questions, nous évoquerons les textes des lois principales organisant le travail des institutions sécuritaires libanaises, que ce soit à un aspect préventif, de traitement ou de répression, tout en étudiant leur complémentarité et leur concordance avec le taux des défis et des menaces actuels.
Ces textes seront évoqués dans deux chapitres: le premier traite les lois au niveau politique et stratégique, en révisant la Constitution et les lois liées à l’autorité politique des services sécuritaires. Dans le deuxième chapitre seront étudiés les textes au niveau exécutif, ce qui veut dire les textes liés aux missions des services sécuritaires suivants: l’Armée, la direction des renseignements, la direction des FSI, la direction de la Sûreté générale et la direction de la Sécurité de l’Etat.