هو وهي

ذوو الدّخل المحدود ومتطلّبات العصر:
إعداد: ريما سليم ضوميط

العيش برفاهيّة بعيدًا عن الدّيون ممكن


في ظلّ تزايد المتطلّبات المعيشيّة التي يفرضها عالمنا الحديث، كيف يمكن لذوي الدّخل المحدود تنظيم شؤونهم الماليّة بما يضمن تأمين الحاجيّات الضروريّة لعائلاتهم، ويسمح في الوقت نفسه بتوفير المال اللازم للتمتّع ببعض الرفاهية من دون الوقوع في الدين؟ سؤال يجيب عنه الاختصاصي في علم النفس العيادي المؤهّل أوّل عمّار محمّد.


يشير المؤهّل أوّل محمّد إلى أن التطوّرات التي تشهدها مختلف القطاعات الحياتية في عالم اليوم، طالت أيضًا النمط المعيشي الذي بات مختلفًا عمّا كان عليه في الماضي. فالانفتاح على العالم الخارجي، خلق لدى مختلف الأسر تطلّعات ومتطلبّات لم تكن موجودة في السابق، وباتت تشكّل مادة للخلافات الزوجيّة لدى الأسر ذوي الدخل المحدود، إذ أنّ الأحلام تفوق الامكانات الماديّة، والطموحات لا تنسجم مع الحسابات المصرفيّة. مع ذلك، تمكّنت بعض الأسر من تحقيق الكثير من الأمنيات التي كانت تعتبر مستحيلة بالنسبة إليها بفضل اعتماد إدارة ماليّة ذكيّة تؤمّن للعائلة احتياجاتها، وتوفّر في الوقت نفسه بعض المبالغ التي تتيح التمتّع ببعض الرفاهيّة من دون الوقوع في فخ الاستدانة والدين.
ويؤكّد أن هؤلاء الأشخاص ليسوا أذكى من الآخرين أو أكثر حنكة منهم، جلّ ما في الأمر أنّهم عمدوا إلى تنظيم مصاريفهم بشكلٍ دقيق، فتمكّنوا من الاستفادة القصوى من مداخيلهم، وهو أمر يمكن لكل عائلة القيام به إذا ما عمدت إلى التوفيق بين المدخول والمصروف.
ويقدّم المؤهّل أوّل محمّد بعض النصائح التي تسهم في إدارة الشؤون المالية بنجاح داخل الأسرة:


• دفع المستحقّات الدوريّة في حينها:

إن المماطلة في دفع فاتورة الكهرباء أو الهاتف أو القسط المدرسي وغيره، لا تؤدّي إلى تراكم المبالغ المستحقّة فحسب، بل تضيف إليها الغرامات ما يزيد من صعوبة تسديدها ويغرق العائلة في ديونٍ هي في غنىً عنها.


• تحديد ميزانية واضحة ترتكز على حجم المدخول العائلي:

يفترض بالزوجين مصارحة بعضهما حول حقيقة دخل كلّ منهما، ثم تحديد احتياجات المنزل ومصاريف العائلة لمدّة شهرٍ كامل، عبر إعداد قائمة بالنفقات الضروريّة كالطعام،‏ واللباس،‏ والفواتير والأقساط المختلفة. عندئذٍ يتم توزيع الدخل بحكمةٍ لتأمين الاحتياجات المذكورة، وتحديد ما إذا كان هناك نفقات غير ضرورية فيتخلّصان منها.‏


• اقتطاع مبلغ شهري بسيط للطوارىء:

يحدث أحيانًا أن يُفاجأ المرء بمناسبات اجتماعيّة كأعياد الميلاد أو دعوات الزفاف، أو بحالاتٍ طارئة كالمرض المفاجىء أو عطلٍ في السيّارة ما يفرض نفقات إضافيّة لم تكن في الحسبان. لذا يُنصح الزوجان باقتطاع مبلغ بسيط من راتبهما في كلّ شهرٍ ووضعه على حدة للاستعانة به في الحالات الطارئة.


• وضع قواعد خاصة للمصاريف التي تفوق الحدّ المتفق عليه:

اتَّفِقا على مبلغ معيّن يستطيع كلٌّ منكما أن يصرفه من دون استشارة الآخر، فإذا أراد أيّ منكما تجاوزه يجب مناقشة شريكه بالموضوع، وبذلك تحدّان من دفع مبالغ ضخمة من دون تفكير مليّ بالأمر.


• عدم المقارنة مع الغير‏: يقول المثل:

«على قد بساطك مد رجليك». فإذا كان الجيران يملكون أحدث الهواتف الخلويّة، ويرتدون أشهر الماركات العالميّة، فهذا لا يعني أن تسرفا في الإنفاق لمجاراتهم، فربّما هم أكثر يسرًا منكما، وبالتالي فإن مجاراتهم سوف ترتّب عليكما أعباء ماليّة تفوق قدرتكما وتجرّكما إلى الدّيون، فاحذرا الوقوع في فخّ المقارنة

.
• تفادي القروض المصرفيّة وبطاقات الإئتمان:

قد يبدو من السهل الاستعانة ببطاقة الإئتمان لشراء هاتف حديث أو اقتراض المال من المصرف لشراء سيارة جديدة، ولكن ما يغيب عن بال الزوجين أن القروض ترتّب عليهما فوائد مصرفيّة سوف تثقل كاهليهما لفترة طويلة. لذا يُستحسن اعتماد سياسة الادّخار لشراء ما يحتاجانه، وقد يستفيدان حينئذٍ من الحسومات الخاصّة بالدفع النقدي. أمّا في حال اللجوء إلى بطاقات الإئتمان عند الضرورة، فيُنصح باستخدام تلك التي يتم تسديد رصيدها بالكامل في ختام كل شهر، وذلك كي لا يتراكم الدين ويصبح من الصعب إيفاؤه.


 • الاستفادة من العروضات والتنزيلات لشراء حاجياتكم:

من الوسائل الناجحة لتخفيض النفقات، شراء الحاجيات المطلوبة في فترة التنزيلات. لكن حاذرا الرضوخ لإغراءات الواجهات التجاريّة: لا تشتريا سلعة لمجرّد أن سعرها مخفّض،‏ بل لأنكما تحتاجان إليها فعلًا.‏ لذا يستحسن التخطيط المسبق قبل التوجّه إلى السّوق. دوّنا لائحة بالأغراض التي تحتاجانها، وحدّدا المبلغ المخصص للتبضّع كي يتم اختيار المطلوب وفق الميزانيّة المحدّدة وعدم الوقوع في إغراءات عروضات الواجهات التجاريّة.


• التسوّق بتعقّل عبر الانترنت:

في عصرنا، يقدّم الانترنت فرصًا لا تحصى للتسوّق محليًّا وعالميًّا. لا بأس من الاستفادة من العروض المغرية إذا كانت تتلاءم وحاجاتكما، ولكن لا تغرقا في عادة تصفّح مواقع التسوّق يوميًّا، وإنّما اكتفيا بزيارتها حين ترغبان بشراء سلعة معيّنة.


• اعتماد طرق عمليّة لتخفيض المصاريف اليوميّة:

من بين هذه الطّرق عدم الإسراف في استهلاك الكهرباء والماء والتدفئة،‏ ما يؤدّي إلى تخفيض فواتير هذه الخدمات.‏ يمكنكما أيضًا التوفير في مصاريف النقل عبر التنقّل سيرًا على الأقدام إلى الدكّان القريب أو في الزيارات داخل الحيّ الواحد أو المنطقة الواحدة.
وأخيرًا ينصح المؤهّل أوّل محمّد الزوجين بعدم إلقاء اللوم أحدهما على الآخر في حال حدوث خللٍ ما في المصروف، ويحثّهما في المقابل على التعاون معًا وتوحيد الجهود لاعتماد نمط حياة واقعي بعيدًا من الديون، تنعم العائلة من خلاله بالطمأنينة وراحة البال.