سياحة في الوطن

رشميا ينبوع الماء الصافي وجورة الذهب تراثها فكر وحرير ورجال عظام
إعداد: العميد أنطوان نجيم - جان دارك أبي ياغي - ماري الحصري

رشميا، رأس الماء، حملتنا على موجها الى أعماق التاريخ اللبناني المضيء، تروي لنا على لسان أبنائها العظام من آل الخوري وآل السعد، قصة الفكر من عين ورقة ومبدعها غندور الخوري الى الفقيه بشارة الخوري، قصة الإيمان من الخوري صالح مبارك، الى الأباتي عمانوئيل الإبراهيمي الرشماوي، الرئيس العام للرهبان اللبنانيين، الى المطران اغناطيوس مبارك الذي رافق البطريرك الياس الحويك الى باريس العام 1920 وساعد كثيراً في الحصول على استقلال لبنان.
قصة إستقلال لبنان من الشيخ غندور الأول مبارك الذي حضر المجمع اللبناني الشهير الذي عقد في دير اللويزة - كسروان - العام 1736 وشارك في وضع أول دستور للموارنة يرعى شؤون طائفتهم، الى الشيخ سعد الخوري مدبّر الأمير يوسف الشهابي، ومساعده في إدارة شؤون البلاد ومتسلّم ولاية جبيل والبترون، ومعيد البطريرك  الماروني يوسف اسطفان الى كرسيه بعد رسائل وجهها الى البابا بيوس السادس، الى الشيخ غندور سعد الخوري قنصل فرنسا في لبنان وأول من حمل لقب بك في لبنان وناشر نصوص المجمع اللبناني على نفقته، الى حبيب باشا السعد رئيس الجمهورية اللبنانية قبل الاستقلال، الى بشارة خليل الخوري أول رئيس للجمهورية اللبنانية بعد الاستقلال.
هذا غيض من فيض تاريخ رشميا التي سنتناولها في تحقيقنا هذا.

 

إسم رشميا
رشميا، إسم آرامي سرياني مؤلف من كلمتين: «ريش - ميا أو مايو» ومعناهما «رأس الماء». وقد سُمّيت بهذا الإسم لغزارة مياهها وكثرة ينابيعها.
اختلفت الآراء حول من كان أول من أطلق عليها إسمها. فقد ورد على لسان الجدود الأولين بأن أول القادمين اليها العام 1545 ابراهيم حنا جدّ العائلة الإبراهيمية هو من أطلق عليها هذا الإسم. وكان قد نزح اليها من محلة بجوار لحفد - من أعمال بلاد جبيل - تدعى سقي رشميا. وتسري بين أهالي لحفد، عن لسان أجدادهم، أن سقي رشميا في قريتهم حملت هذا الإسم نسبة الى مسقط رأس صاحب المحلة.
ولكن قيل إن رشميا كانت مأهولة قبل المسيح، وأن أهلها القدماء من الآراميين هم الذين سموها بإسم «ريش - ميا أو مايو» بسبب ما رأوه فيها من ماء غزير في ينبوعها المشهور.


موقعها
تقع رشميا في قلب الجرد الجنوبي وهي قاعدته، وتمتد بشكل مستطيل من الشرق الى الغرب في لحف هضاب سير مشرفة من جهة الجنوب على وادي نهر الصفا - الدامور. تتبع قضاء عاليه في محافظة جبل لبنان. يصل اليها قاصدها عبر طريق الشام - عاليه - بخشتيه - بحوّارة - الغابون - كفرعميه - شرتون - عين تراز - رشميا. وتبعد عن بيروت 32 كيلومتراً، وعن عاليه 14 كلم، وبحمدون 12 كلم، وتعلو عن سطح البحر 700م.

 

مزاياها ومناخها

تمتاز رشميا:
- بغزارة مائها ولا سيما في ينبوعها الأكبر المشهور الذي يتدفق منه الماء تدفق النهر، وقد جرّ منه قسم الى البلدة.
- بخصب أراضيها ووفرة غلالها وقد اشتهرت أيام موسم الحرير بجودة أشجار التوت، وكثرة ما تنتجه كل عام من فيالج الحرير يُتهافت عليه من كل جهة. وقد حوّل الآن قسم كبير من أراضيها الى جنائن للفاكهة. ناهيك عما فيها من مغروسات الزيتون والكرمة والتين وغير ذلك.
- جودة مناخها واعتدال هوائها وجفافه وما لموقعها من موافقة للصحة.


تخومها
شرقاً: معصريتي، حبرمّون، بسرين، بتاتر.
جنوباً: مزرعة النهر، شوريت، مجدل المعوش، عمّيق، كفر قطرة.
غرباً: سلفايا، بو زرَيْدة، دوير الرمان، شرتون.
شمالاً: رويسة النعمان، سبعل، منصورية بحمدون.

 

رشميا في التاريخ
يتناقل أهل رشميا رواية تقول إن أجدادهم عثروا على بعض النواويس الحجرية التي يرقى تاريخها الى زمن الامبراطورية الرومانية في محلة ما تزال تحمل، الى اليوم، إسم «جورة الناووس» في منطقة تلتيتي (المثلثة) شرق رشميا.
وقد عرفت رشميا العصر البيزنطي بدليل اكتشاف آثار بيزنطية في باطن أرضها فحفظتها للتاريخ في بعض منازلها. فلقد عُثر في باطن محلة البيادر على تمثال برونزي صغير وحجارة حفر عليها بأحرف بارزة بقي منها ثلاثة: الأول رسم عليه قمر بداخله صليب. والثاني يحمل أحرفاً يونانية ناتئة وشبه دارسة. أما الثالث البالغ طوله زهاء المتر والنصف وعلوه قرابة المتر فرُسمت عليه دائرة نافرة بشكل شعاع. وقد حفظت هذه الحجارة في عتبات بعض منازل رشميا. وأثبتت الدراسات التي أجريت عليها أنها تعود الى القرن السادس الميلادي. وتدل «الكتابات الإغريقية على أن البلاد التي استوطنها الموارنة كانت بلاداً يقطنها نصارى» على حد قول المؤرخ فيليب حتي.

 

الصليبيون في رشميا
عرّج الصليبيون على رشميا وسكنوها وأفادوا من غلالها الوفيرة واتخذوا لهم موقعاً في جبل سير، وكان دير مار انطونيوس الحالي. والدليل على ذلك، ما يرويه قدماء رشميا أنه عثر في ما مضى على أعمدة حجرية كانت لقصر تهدّم وتحطّم ركامه ويعود الى عهد الصليبيين، وقد عثر عليه قرب «عين الميس». كما أن القدامى كانوا يردّدون كلمات مشتقة من الفرنسية وتطلق على أمكنة معينة مثل «تونال» أي نفق، و«عريض» من Aride أي أرض جافة متروكة.

 

رشميا الحديثة
إن نشأة رشميا بطابعها الحالي لا تعود الى أبعد من أواسط القرن السادس عشر. فبعدما تسلّم الأمير فخر الدين المعني الثاني مقاليد الحكم في جبل لبنان شجّع النصارى على السكن في بلاد الشوف. وكان موسم الحرير قد شاع وأصبحت الحاجة ماسة الى تنشيط زراعة التوت واستصلاح الأراضي الموات في أنحاء الشوف، وبما أن رشميا تشتمل على رقعة زراعية واسعة وخصبة وغزيرة المياه فقد صارت قبلة العائلات العديدة التي جاءتها من مختلف المناطق اللبنانية.
كانت رشميا عند نشأتها من الأراضي الأميرية المشروطة الخاصة بالحاكم آنذاك، وكانت تتبع خراج عين داره التابعة مباشرة آنذاك الأمير حيدر الشهابي بعد انتصاره في معركة عين داره وتوزيعه المقاطعات. وصار فصلها بقصد إعادة إحيائها، واستثمار أراضيها بحسب طريقة المغارسة أو مشاركة «الشلش» أي كان يُسمح للفلاح بأن يملّك قطعة الأرض التي يحييها أو يبني فيها بيتاً أو طاحونة أو ما شابه.
كانت رشميا عند مَقْدَم سكانها الأولين اليها من أملاك المشايخ آل عطالله الدروز في عين داره، ولم يكن فيها إلا بعض مرح وحظائر «لتشتية» الماعز ومع الأيام تملكها القادمون وأقاموا فيها منازل صالحة لسكناهم ومن ثم أخذوا يفكرون بشؤون دينهم، وإذ لم يكن لهم كاهن يتمم لهم فروضهم الدينية، ذهب منهم وفد العام 1582 الى كسروان يبحث عن كاهن لسد حاجاتهم، وقد رافقهم لتسهيل مهمتهم بعض أصحابهم من الدروز، ووفّق ذلك الوفد في بطحا الى العثور على طلبه، وعاد منها بالخوري بشارة بن مبارك بعد أن عقدوا وإياه اتفاقاً وقّعه الجانبان وكان الدروز من بعض موقّعيه. ويروى أن الخوري بشارة عندما بدأ تشييد الكنيسة في رشميا عاونه الدروز كما عاونه النصارى. ومن سلالة الخوري بشارة ظهر الخوري عبدالله الذي تقرّب من الأمير حيدر الشهابي بعدما شدّ أزره واشترك مع شباب رشميا في معركة عين داره العام 1711 وأسره أميرين يمنيين فكافأه الأمير بأن أقطعه رشميا وجوارها. ومنذ ذلك الحين تولّى مشايخ آل الخوري المناصب لدى الأمراء والحكام.
على عهد المتصرفية جُعلت رشميا قاعدة مديرية الجرد الجنوبي في قضاء الشوف وعُين أول مدير لها على عهد داوود باشا هو الشيخ أمين الخوري. وألحقت بها 26 قرية مجاورة. وفي شهر تموز 1880 أصدر المتصرف رستم باشا قراراً بتعيين أسواق تجارية عامة في بعض بلدات الجبل وخصّص لرشميا يوم الخميس من كل أسبوع لإقامة سوق فيها. وبعد العام 1900 ألحقت قرى أخرى بمديرية رشميا، وأصبح مراد بك السعد مدير ناحية الجرد الجنوبي وكان يتمتع بصلاحيات قضائية وإجرائية ويحافظ على الأمن بواسطة أفراد من الضابطة وضعت بأمرته ويحدّد الضرائب ويجبيها بمعاونة مشايخ الصلح والمخاتير.
وكان مدير الناحية في الأعم والأغلب من مشايخ آل الخوري وآل السعد ويقيم تارة في رشميا وطوراً في عين تراز. وكانت رشميا وعين تراز خراجاً واحداً ثم فصلتا أيام حبيب باشا السعد.
على عهد الانتداب أبطل التقيّد بتعيين المدير من مشايخ رشميا. وعُين الأمير فريد شهاب خلفاً للشيخ اسكندر الخوري.

 

الأعمال الحرفية في رشميا
عرفت رشميا إنتاج الحرير بين أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، فوصل إنتاجها الى حوالى الأربعين ألف أقة شرانق في سنوات الإقبال (الأقة تساوي 1280 غراماً). ومن أجل تصنيع هذه المحاصيل نشأت في البلدة معامل كر الفيالج (كراخين جمع كرخانة) الى خيوط حريرية وصل عددها الى ستة توزّعت في الأماكن الملائمة والمجاورة لينابيع المياه لحاجة هذه المعامل لكميات كبيرة منها. واستمرت هذه المعامل في العمل حتى الثلاثينيات من القرن الماضي حتى توقفت نهائياً وهُدمت ولم يبق منها سوى بعض الخرائب. وما يجدر بالذكر أن رشميا كانت البلدة الثانية بإنتاج الفيالج في لبنان بعد الدامور، حتى أنها كانت ترسل عمالاً الى معامل الحرير البعيدة إذ وصل منهم حتى معامل الحرير في مشتى الحلو في عكار.
وكذلك انتشرت في رشميا طواحين بلغ عددها ستاً عمل معظمها على المياه، ولكنها توقفت جميعها حوالى العام 1955. وكانت قد انتشرت الى جانبها معاصر الزيت والخروب الى أن أنشئت معصرة في عين تراز وأخرى في وسط البلدة. وهي ما تزال تعمل حتى اليوم طوال موسم جني الزيتون.

 

رشميا والزراعة
قسّم قدماء رشميا أراضيها الى خمسة أصناف دلّت على خبرتهم الزراعية العريقة:
- الأراضي المروية وقد دُرّجت الى جلول وأحيطت تربتها بجدران سميكة وُزعت بصنوف المزروعات التي تحتاج للري خلال الصيف كالتوت سابقاً واليوم الفاكهة والخضار والبقول.
- الأراضي البعلية العميقة التربة ودرّجت الى جلول مدعّمة بجدران سميكة وتزرع بأصناف الأشجار البعلية كالزيتون.
- الأراضي البعلية المنسبطة والخفيفة التربة (السليخ) وتخصص لزراعة القمح والحبوب الأخرى.
- الأراضي البعلية المنحدرة ذات التربة الكلسية الخفيفة قسّمت الى مدرّجات صغيرة وزرعت بأصناف الكرمة والتين.
- الأراضي الصخرية المنحدرة والصعبة المنال (العريض) ما تزال على طبيعتها تكسوها أشجار السنديان والملول والبطم والخروب والزعرور والقطلب وغيرها.
وتبقى منطقة الوادي في رشميا حيث تكثر الينابيع الخاصة فقد شُجّرت بالليمون والفاكهة.


مدارس رشميا
• مدرسة البنات:
تأسست في رشميا العام 1920، وهذه سابقة نادرة في ذلك العصر، وأنيطت إدارة المدرسة براهبات المحبة (اللعازارية). العام 1935 انتقلت إدارة المدرسة الى الراهبات الأنطونيات اللواتي أقمن في دير بُني لهن العام 1954. وما تزال تستقبل الطلاب الى اليوم في ثانوية ومهنية.
 

• مدرسة البروتستانت للبنات والصبيان:
أنشأ البروتستانت في رشميا مدرسة مجانية وعهدوا بالتعليم فيها الى المعلمة لطيفة أمين شربين (من مواليد رشيما 1880)، فاتخذت من منزل أخوتها المهاجرين مقر مدرسة لصغار البنات والصبيان تلقنهم فيه مبادئ القراءة والكتابة والحساب باللغة العربية وحسب. وبقيت هذه المدرسة نشطة حتى أقفلت العام 1955.
 

• مدرسة دير مار يوحنا للصبيان:
بدأ التدريس فيها العام 1706 وكان رهبان دير مار يوحنا قد تعهّدوا منذ تسلّمهم الدير بأن يخصصوا راهباً منهم أو أكثر لتلقين أبناء القرية علومهم الإبتدائية. وتوقفت المدرسة العام 1899 بسبب هدم بنائها القديم. وبعدما استقرت في بناء مستأجر شرع في بناء المدرسة الجديدة العام 1913 التي اعتبرتها الرهبانية اللبنانية أولى مدارسها الحديثة وكانت تدرّس فيها اللغات العربية والفرنسية والسريانية. وفي السبعينيات من القرن المنصرم قدّمت الرهبانية مبنى المدرسة لوزارة التربية التي صنّفتها تكميلية ثم جعلتها ثانوية مختلطة.

 

في دارة رئيس البلدية
خرجنا من نور رشميا العتيق وقد عبقت أفكارنا بطيب العنفوان والفكر والكرامة، والرغبة تدفعنا الى زيارة هذه البلدة، ضيعة الله، كما سمّاها مفكر من أبنائها، فنقف على أعتاب التاريخ اللبناني نستقرئه في كل سنديانة عتيقة، وحجر صامد، وجرس ما شبع يوماً من صداه يحيي أودية النسيان، وتجاعيد عجوز عميقة لتسع التاريخ ضناً به من الضياع، وعيون طفل تلمع واعدة بألف ألف غندور وحبيب وبشارة وأمثالهم، وسواعد شباب ترفع المجد على راحاتها تتوّج به هامة بلدتهم وتعيدها كما كانت في التاريخ ذات يوم وأكثر.
وكان أول اتصال مع رئيس البلدية العميد المتقاعد فكتور أبو سلوان الذي تداولنا وإياه موضوع تحقيقنا، فاقترح علينا لقاء مع الشيخ ميشال الخوري ابن الرئيس بشارة الخوري وعدد من أبناء البلدة. وهكذا كان.
حدّثنا رئيس البلدية فكتور أبو سلوان عن البلدة في وضعها الحالي وإنجازات البلدية، ومشاكلها وحاجاتها فقال:
- منذ أن تولينا رئاسة البلدية العام 2004 ونحن نعمل مع أعضاء المجلس البلدي (15 عضواً) على السهر على أوضاع البلدة من نواحيها كافة لتضاهي أرقى المناطق اللبنانية من حيث التجهيز وتأمين البنى التحتية وتوفير عودة لائقة للسكان بعد تهجير طال أمده. من هنا التزمت البلدية الحفاظ على طبيعة البلدة الخضراء (قبل أن يجتاحها الحريق الذي تعرّضت له قاضياً على الأخضر واليابس) فقامت بحملة تشجير واسعة زرعت خلالها 110 أرزات و400 شجرة صنوبر في أرجاء البلدة. وتسعى البلدية الى إبقاء البلدة ضيعة على سجيّتها وعدم تحويلها الى مدينة جافة تمسكاً بالتقاليد الأصيلة، ليترعرع أولادها في البيئة عينها التي ربي أهلهم وأولادهم فيها، فنجد بيوتاً ما زالت تحافظ على الطابع العمراني القديم (كالعقد والقرميد والحجر...) ما يدل على أصالة أهلها وتعلّقهم بالتراث اللبناني».
كما أولى رئيس البلدية الطرقات الداخلية للبلدة اهتماماً خاصاً لتسهيل التواصل بين أبناء البلدة. فأنشأ أدراجاً صخرية بين المنازل وأرصفة للمشاة وفتح طرقات زراعية على امتداد 3000م مع تزفيتها لتسهيل تنقّل المزارعين والحالات الطارئة، تزفيت الطرقات الداخلية، دعم جدران الأرصفة، إعادة تأهيل البنى التحتية، رش المبيدات دورياً كل خمسة عشر يوماً، تنظيف جانبي الطرقات...
وبما أن رشميا هي أول بلدة تقدّم رئيسين للجمهورية هما الرئيس حبيب باشا السعد قبل الاستقلال وبشارة خليل الخوري بعده، ووفاءً منها لهذين الرجلين اللذين دخلا تاريخ لبنان المعاصر عظيمين كبيرين، ونظراً الى الدور الذي اضطلعا به لتحقيق لبنان استقلاله، أنشأت البلدية «ساحة الرؤساء» حيث أقامت قاعدتين سوف تحملان قريباً، وفي احتفال مهيب، تمثالين نصفيين من البرونز للرئيسين.
أما على الصعيد التربوي فيخبرنا رئيس البلدية أن الأمور التربوية الثقافية هي في صلب الأولويات، حيث تمّ التعاون بين البلدية ومدرسة الراهبات الأنطونيات لتحويلها الى مهنية وثانوية تضم اليوم 125 تلميذاً. بالإضافة الى المحاضرات الثقافية والطبية التي تجري في المدرسة تعميماً للوعي بين التلامذة.
وعلى صعيد الخدمات، يقول العميد أبو سلوان إن البلدية قدّمت للبلدة سيارة إسعاف هبة وضعتها بتصرف مركز الدفاع المدني في رشميا، كما وضعت سيارة بيك آب لنقل مخلفات «تقشيش الأراضي»، وتؤمن باصاً، على نفقة البلدية، للرحلات السياحية التي ينظمها الأهالي الى خارج البلدة ولنقل الشباب والفتيان الى الملاعب الرياضية في القرية. من ناحية ثانية، تساهم البلدية في تشجيع الحركات الشبابية تحفيزاً لعودة العنصر الشاب الى رشميا.
كما تسعى البلدية الى تعديل العمل بالتصميم والنظام التوجيهي والتفصيلي العام لمنطقة رشميا. ومع هذا كله تبقى الحرقة في القلب، ختم رئيس البلدية العميد أبو سلوان «إذ لا نجد، ومع الأسف، في فصل الشتاء أكثر من 110 بيوت من أصل 550 بيتاً تتألف منها رشميا نتيجة التهجير مع أن البلدة تبعد عن بيروت 33 كلم».

 

مع الشيخ ميشال بشارة الخوري
راقت للشيخ ميشال بشارة الخوري الاستماع اليه يروي لنا من مخزون ذاكرته عن رشميا، قريته، وعن ذكريات والده الشيخ بشارة في مسقط رأسه. ولكنه قال لنتكلم عن بشارتين؛ الأول بشارة الخوري الفقيه جد والدي، أما الثاني، والدي، فيؤلمني أن أقول لكم إنه لم يعرف رشميا مولداً، وكان لاهتماماته وانشغالاته قليل التردد الى رشميا إن لم يكن نادره. ولكن يسرني، وحسب، أن أروي لكم قصة زيارته الى رشميا العام 1951 بدعوة من ابن قريتي المطران إغناطيوس مبارك. ففي ذلك الأحد، في الخامس عشر من تموز دعاه المطران لحضور القداس في كنيسة مار قرياقوس رشميا لمناسبة عيد شفيعها، وأعلن أنه يقدم الذبيحة الإلهية على نية الرئيس الخوري كإبن بار لرشميا وكرئيس يفتخر به كل لبنان. ثم تكلم الشيخ بشارة في نهاية الاحتفال عن رشميا فقال:
«إن لها عليّ حرمة البلد الأول، فلي الهواء والماء والتراب، واكتفاء بالآباء والأجداد سأعمل لخيرها وخير أبنائها. ودعا للتضامن والوحدة الوطنية». وشكرنا الشيخ ميشال الخوري على هذا الاهتمام.

 

مع الأستاذ بديع نجم
رشميا، منطقة واكبت المآسي والأفراح، وحفظت في زواريبها ودكاكينها وحقولها أصالة لبنانية تناقلتها الأجيال فشكّلت رابطاً قوياً مع أهلها، سواء كانوا في لبنان أم في بلاد الاغتراب. فعادوا اليها بحثاً عما فاتهم من لبنان القديم، لبنان التراث، لبنان الخير والإلفة.
مقارنة حدثنا عنها ابن رشميا، السيد بديع نجم، وهو حافظ تاريخ البلدة. تعود الذاكرة بالسيد بديع الى أيام خلت، مستذكراً تاريخ رشميا، فيقول: «قديماً كانت رشميا، كما معظم قرى لبنان وبلداته، تعيش من الزراعة، إذ إنها احتوت على مختلف أنواع الزراعات، خصوصاً الزيتون والتوت. فارتفاعها المراوح بين 350 و950 متراً ساعد كثيراً على تنويع زراعاتها، حيث اشتملت على الزراعات الساحلية والجبلية على حد سواء».
ويتابع: «شكّل الحرير في تلك الفترة مورد رزق أساسياً للأهالي فكانوا يزرعون أشجار التوت ويربون دودة القز، فيصنعون «السقالة» للأشجار، وطبقاً من القصب يضعون فيه الدودة مع أوراق التوت وينتظرون حتى تصنع الشرنقة. عندها، يحين موعد القطاف، فيتساعد الأهالي على جمع الشرانق وهذا ما يسمى بالـ«عونة»، ثم يبيعونها الى معامل الحرير الستة الموزعة بين رشميا والقرى المجاورة لها».
أما في ما يتعلق بنمط الحياة اليومية لأبناء رشميا، فيوضح السيد بديع أنهم، على غرار معظم قرى لبنان، كانوا يعيشون حياة خير وإلفة ومحبة. ويقول: «كان الرجال يذهبون الى الحقول للزراعة وتربية الماشية، ثم يعودون الى منازلهم حيث يستريحون، قبل أن يقصدوا سوق البلدة ويجلسوا أمام متاجرها ودكاكينها يتبادلون أطراف الحديث ويتسلون بألعاب تلك الأيام».
ويتابع: «في الشتاء، كانوا يعتمدون على المونة للأكل وعلى الحطب الذي خبأوه في الصيف للمواقد و«الوجاق». أما أوقات فراغهم، فكانوا يمضونها بالسهر ولعب الورق. في حين امتلك عدد قليل منهم جهاز الراديو».
قديماً، ضمّت رشميا 3 مطاحن على المياه و4 أفران على الحطب، «حيث كانت تلتقي النساء لساعات يروين أخبارهن وأخبار جيرانهن، فانطبقت عليهن تسمية «نسوان الفرن»، على حد قول السيد بديع.
والجدير بالذكر، أن رشميا تعدّ من البلدات الأولى في لبنان التي شهدت الكهرباء. فالعام 1928، أنشئ في رشميا أول معمل للكهرباء على مياه نبع الصفا المنحدرة من بحيرة كفرنيس الى الوادي والذي يؤدي مهامه حتى اليوم، ولو بشكل بسيط.
وسألناه: ماذا عن رشميا اليوم؟
«رشميا اليوم لا تشبه رشميا الأمس»، يجيب السيد بديع. ويتابع: «أيام الحرب الأهلية اللبنانية، نزح أهالي رشميا عن منازلهم نحو بيروت وبلاد الاغتراب. وبعد 18 سنة، عادوا الى بلدتهم ليجدوا بيوتهم مدمّرة ومسروقة والأشجار والحقول محروقة. وكانت رشميا البلدة الأولى في جبل لبنان التي يعود أبناؤها اليها. ولكن طبيعة السكان تبدّلت، إذ إنهم اكتسبوا طباع أهل المدينة، خصوصاً الجيل الجديد الذي بات متعلماً، فأهمل الزراعة. إلا أن عدداً قليلاً يمارس الزراعة كهواية للإكتفاء الذاتي وليس للتجارة».
ويضيف: «تشهد رشميا اليوم، حركة هجرة على صعيد شبابها، بحثاً عن العمل ولقمة العيش، على غرار شباب لبنان أجمعين».
في ما خص الترميم وإعادة الإعمار اللذين شهدتهما رشميا، يوضح السيد بديع أن نصيب البلدة من التعويضات كان بسيطاً، فاقتصر الترميم على جهود الأهالي الخاص. كما أطلعنا على أن بعض المعالم الدينية في البلدة ما زال مهدماً حتى أيامنا هذه، مثل دير مار الياس الحي التابع للرهبانية الباسيلية المخلصية للروم الكاثوليك، ودير مار انطونيوس - سير التابع للرهبانية المارونية اللبنانية.
على صعيد الزراعة، حالياً، يقول السيد بديع: «يستخرج بعض الأهالي النبيذ من عنب رشميا ويسمونه «نبيذ رشميا»، وبما أن البلدة تفتقر الى المعامل والمصانع، يتم تصنيع النبيذ في المدينة. إلا أن البعض أبدى استعداداً لإنشاء معمل في رشميا.
ولم تسلم رشميا من الحرائق التي طالت كل لبنان إذ تعرّضت الى ثلاثة حرائق كبيرة، مذ عاد أهلها حتى اليوم، قضت على نسبة 70٪ من زراعاتها». ويأسف السيد بديع نجم أن أي جهة مسؤولة لم تبدِ اهتماماً للتعويض سوى بعض الجهات الخاصة المعنية بالبيئة والطبيعة.
 
اللقاء في رشميا
انتهى لقاؤنا في دارة العميد أبو سلوان العامرة على موعد لقاء جديد في رشميا نجول في أرجائها ونتعرّف على معالمها.
ويوم اللقاء، كان رئيس البلدية ونفر من أعضائها ينتظروننا في دار البلدية. دار تختصر وجه رشميا العمراني، مبنى قديم من الحجر الصخري الطبيعي يعود تاريخ إنشائه الى العام 1884 وقد سكنه يوسف الخوري قبل أن يتحوّل الى مبنى للبلدية. التقينا جميعاً على ترويقة مناقيش على الحطب، وضعنا خلالها خطة عملنا لهذا النهار التشريني المشمس.

 

كنائس أثرية
بدأنا جولتنا في رشميا بزيارة كنيسة القديس قرياقوس شفيع البلدة. فالخورنية في رشميا تأسست العام 1581 وما يزال خاتمها الرسمي معمولاً به في الإفادات الكنسية حتى اليوم. والكنيسة الحالية هي غير القديمة، فقد جُدّدت وأعيد بناؤها وكرّسها البطريرك إسطفان الدويهي العام 1683.
هي من أضخم كنائس الجبل وأجملها بناءً في عصرها. جدرانها من الحجر الأبيض المقصوب. سقفها معقود بطريقة المصالب. ثلثا مساحتها خُصّص لجلوس الرجال، والثلث الخلفي الذي ترتفع أرضه مقدار قدم عن أرض القسم الأمامي خُصّص لجلوس النساء. مذابحها من الرخام الناصع البياض والمزخرف بماء الذهب. وفوق المذبح الرئيس رفعت صورة القديس قرياقوس وأمه يوليطا (استشهدا العام 304م) وهي بريشة الرسام اللبناني الشهير داوود القرم (العام 1882). ولقد دفن في هذه الكنيسة الشيخ بشارة الخوري الفقيه جد الرئيس بشارة الخوري.
ثم كانت وجهتنا دير ما يوحنا حيث استقبلنا على بابه رئيسه الأب يعقوب عيد باسكيمه يغطي رأسه ما زاد وقاره وقاراً. قامة مديدة قُدّت من صخور الشوف، ومنكبان عريضان تحدّيا ثقل السنين وهمومها والمسؤوليات فاستوتا منتصبتين كما ذراعي صليب المصلوب المعلّق على مدخل الدير.
إستهمّ البطريرك الماروني اسطفان الدويهي الشيخ أبا صابر من رشميا بإتمام الدير الذي شرع في تشييده العام 1656 في البلدة، وهو أقدم دير في تلك الناحية. وترهب الخوري ابراهيم بن صحوة الغزيري العام 1685 وترأس على الدير. وبعد تأسيس الرهبانية المارونية العام 1699، تسلّم الخوري إبراهيم دير مار يوحنا رشميا وانضم الى الرهبانية العام 1706، وصدّق الوقفية منه ومن الحاج صقر أبا صابر البطريرك يعقوب عواد. وجاء في الوقفية المكتوبة باللغة الكرشونية كما عرّبها لنا الأب عيد بعدما قدّم لنا صورة عنها:
«وجه تحريره هو أنه بخاطرنا ورضانا قد سلمنا دير مار يوحنا رشميا الى الرهبان الحلبيين تسليماً تاماً يتصرفون فيه وبأرزاقه حسب مرادهم وذمتهم ولا يعارضهم بوجه من الوجوه. ولهم أن يخرّبوا ويعمروا، يقبلوا ويطردوا حسب خلاصهم. ولا تلزمهم بمعمود، ولا بمبيت، ولا بتكليل عريس داخل ديرهم وخارج ديرهم وبالجملة الخوري ابراهيم الغزيري المكرّم (هو كان يسكن الدير وسلّمه). هذا خاطرنا ورضانا وختمنا والله الوكيل على صدق قولنا. وتمسكنا هذا معروض على حضرة قدس سيدنا المحترم مار يعقوب (عواد) البطريرك المفخّم، ومار الياس مطراننا المكرّم والخوري ابراهيم رئيس الدير المحترم. حرّر في 6 شباط 1706. التوقيع صقر أبي صابر».
يتألف بناء الدير من طابقين، السفلي ويضم الكنيسة القديمة الى الشرق. وغرباً أقبية لحفظ المؤن والمحاصيل وإيواء الدواجن. وشمال الدير يجري تحت قنطرة معقودة ينبوع ماء تُجمع مياهه في أحواضه لري الأرزاق، أما الطابق العلوي فله مدخل رئيس شمالي. ويضم حوالى العشرين غرفة للنوم أمامها أروقة معقودة بالقناطر.
تعرّض هذا الدير خلال الحرب في لبنان الى النهب والإحراق والتدمير في معظمه. وأعمال ترميم الدير بعد عودة المهجرين تستمر الى اليوم ليعود الدير الى ماضي عهده ولو مع بعض التغييرات الضرورية في هندسته وتقسيمه.
وأنهى الأب عيد كلامه فرافقناه في زيارة للدير تعرّفنا فيها الى أرجائه. بعدها ودّعناه لنزور دير مار الياس للروم الملكيين الكاثوليك.

 

على دروب «ضيعة الله»
انتقلنا نتغلغل في دروب رشميا العتيقة قاصدين منزلاً أثرياً قديماً سرق نظرنا، هو منزل الدكتور وليم الخازن صاحب كتاب «ضيعة الله»، كما ينادي كاتبنا قريته. عند المدخل، امتشق الفكر مضيفنا قامة مديدة كما السيف، ومنكبين عريضين شمخا بشقع السنين التي ما اقتدرت على غير إكليل بيّضته من رأس اعتراه صَلَع فلا يتلهّى الناظر اليه عن عينين زرقاوين لامعتين عميقتين. بصوته المنسل من عمق تفكير دعانا وذراعاه المنفرجتان كما أساريره، الى دخول مملكته. لم يرجُ لنا ولناظرينا استقراراً بل ناشدنا أن لا تأسر أقدامنا عيوننا الشاردة في روعة المكان وعبق التاريخ فتسرح معها في أرجاء المكان، فتبعناه آذاناً صاغية نسمع منه شرحاً مستفيضاً.
يتألف المنزل من خمسة عقود تعود بالزمن الى أواخر القرن السابع عشر. يتوّج مساحته البالغة 600م قرميد أحمر، ويرتفع ثلاث طبقات تحوطه الجنائن والورود والأشجار المثمرة من كل شكل ونوع. وأكثر ما يتباهى به الدكتور الخازن أرزة لبنان الشامخة في حديقة المنزل بعلو 10 أمتار وقد بلغ عمرها 60 سنة.
وأفاض يشرح حتى أفضينا الى الفناء الخارجي للدار العتيقة المطلة على وادي رشميا وبعض قرى الشوف. فتحلّقنا حول حجر معصرة يعج بالأحافير السمكية وغيرها وقد تحوّل طاولة. سألناه أن يكلمنا على رشميا فتناول كتابه ضيعة الله وتلا علينا سفر رشميا.
«رشميا رأس الماء الصافي، تشارك الأحباب بهجتهم. تموج موسيقاها، تغرّد طيورها، ترفرف فراشاتها، تنصع ألوانها، تحلو ظلالها، يدفق خيرها، تنظر عيونها، ترمي شباك وصالها الدائم، ترميها في القريب لتنداح في البعيد البعيد، ماسحة أرض لبنان بكل أنحائه، بكامل حدوده. ألم يخرج منها رئيسان للجمهورية اللبنانية واحد أعدّ للإستقلال هو حبيب باشا السعد، والثاني استقبله وهو الشيخ بشارة الخوري، ومطران طبق صيته الآفاق هو المطران أغناطيوس مبارك».
سألنا عن دير مار قرياقوس شفيع رشميا ولماذا اختير هذا القديس شفيعاً للقرية؟ فجاءنا الجواب: كانت علاقة الموارنة بالغرب على أشدّها حين باشر الخوري بشارة مبارك القادم من بطحا في كسروان، تشييد الكنيسة بمعاونة أهل المنطقة العام 1582. وكان قرياقوس مشهوراً ومقدماً في المغرب. فالمدرسة الحربية الفرنسية تحمل إسم Saint Cyr وهو باليونانية كريكس أي المنادي. وهكذا بات مار قرياقوس شفيع رشميا.
 

• هلا رويت لنا، كما نُصحنا، قصة دير مار انطونيوس المتربع سعيداً على هامة رشميا؟
- بُني دير مار انطونيوس، كما كنيسته، العام 1707 تحديداً، في أجمل موقع، في منطقة سير المشهورة بطيب مناخها، وعذوبة مائها. رهبان الدير يتداولون في هذا الصدد مثلاً قديماً: «شتّي بالناعمة وصيّف بسير لمين بصير؟». وقد اختار الموقع، أساساً، راهب ورع رغب الوحدة والعزلة يدعى انطونيوس مبارك. بنى الدير العام 1706 من ماله الخاص، ودعاه باسم شفيعه. وعندما دخل جمعية الرهبانية اللبنانية سلّمها ديره وما يتبعه من أملاك. فتحت فيه مدرسة كما في معظم أديرة الرهبانية.
يعتبر هذا الدير الرابع للرهبانية اللبنانية بعد دير مارت مورا في إهدن، ومار اليشع في وادي قاديشا، وسبقه دير مار يوحنا المعمدان في رشميا بسنة واحدة.
والملفت في كنيسة الدير أنها بكاملها من الحجر: الهيكل، درجاته، المذبح، صحن الكنيسة، النوافذ، الموائد. حجارتها نظيفة للغاية، ناصعة، بيضاء، متناسقة في اشتباكها وتداخلها. لقد كانت مكسوّة بقشرة ترابية عمد مجدّدوها الى نزعها وتنظيف كل حجر على حدة. وحين فوجئوا بحجارة ناقصة عمدوا الى الاستحصال من ألمانيا على مسحوق يتحجّر بمزجه بالماء. وهكذا عولجت الحجارة الناقصة فعادت كما كانت تتباهى باللون والنقش نفسيهما.
والجدير بالذكر هنا، أن الأمير بشير الثاني الشهابي نزل ضيفاً على هذا الدير، وتردّد عليه كثيراً أحد مؤسسي الرهبانية المارونية جبرايل فرحات الذي أصبح في ما بعد المطران جرمانوس فرحات. كما ترأسه ذات يوم الخوري ابراهيم الغزيري المتخرّج في مدرسة روما.
وسكت مضيفنا عن الكلام المباح ليفسح المجال أمام تجلّيات كرم أدهشنا. وخرجنا نتابع جولتنا في رشميا.
وفي طريقنا الى دير مار الياس للروم الكاثوليك لم يسرقنا حديث مضيفنا عن تأمل جمالات حباها الله لرشميا. تُطلّ عليك وكأنها شيخ جليل بشعر مسترسل حتى الينبوع، وجبهة عالية عريضة خطّ التاريخ عليها إكليل مجد ترصّع بدير مار انطونيوس الأثري ولحية مخضّب أخضرها الدهري بخريف ما وسعه غير زمانه ومكانه، وقدمين تضربان عميقاً حتى النهر الجاري رقراقاً.
ووقفنا أمام أطلال دير مار الياس الذي هدّمته الحرب التي عصفت بالشوف في ثمانينيات القرن الماضي وكانت سبباً في تهجير أهالي رشميا، وقفنا ووقف الدمع في أعيننا والغصة في حلقنا والكلام على لساننا...
وطفق السيد بديع نجم يروي لنا قصة هذا الدير.

 

زيارة الأمير بشير الثاني
هرب المطران ناوفيطوس نصري الحلبي، أسقف صيدنايا في سوريا منذ العام 1721، من الحرب الشعواء التي شنّها عليه البطريرك سلفستروس القبرصي، ولجأ الى رشميا، واشترى قطعة أرض بنى عليها ثلاث غرف ونحت مغارة في الصخر (ما تزال موجودة ويقال لها مغارة أم سنان) وأقام فيها هيكلاً للذبيحة وذلك العام 1730. وانتقل الى روما بعد أن تنازل عن الملكية الى الرهبانية المخلصية التي وسّعت بدورها الأملاك، وأتمت الكنيسة العام 1778 التي كانت تعتبر في حينه من كبريات الكنائس، وهي لم تزل كنيسة الرعية لأبناء الطائفة.
زار الأمير بشير الثاني الدير وترك أثراً لهذه الزيارة هو عبارة عن صورة زيتية للنبي الياس رشميا رُسمت على خشبة ووضعت على مذبح الكنيسة الداخلي وقد حفر عليها «في هذا اليوم زار مولانا الأمير بشير هذا الدير نشفع لله أن يحرسه». وقد نقلت هذه الصورة الى دير المخلص لحفظها هناك.
أهم الأحداث التي شهدها هذا الدير:
• 7 نيسان 1788 انتخب المطران اثناسيوس جوهر مطران صيدا بطريركاً على الطائفة، وقضى أيامه الأخيرة فيه وحين توفي دفن في كنيسته.
• 3 كانون الأول 1794 عقد فيه أولى مجامع السينودس وانتخاب كيرلس سياج الدمشقي مطران حوران بطريركاً على الطائفة.

 

«جوزات المير»
غادرنا المكان سريعاً وكأننا نحاول أن نهرب من واقع يتلبّسنا وقصدنا «جوزات المير» في أعالي رشميا. وكم كانت دهشتنا كبيرة عندما رأينا هذه الجوزات التي غرسها الأمير بشير الثاني الكبير عندما حل ضيفاً على دير مار انطونيوس الذي دمّرته الحرب كلياً وسرّ هذه الجوزات أنها زرعت فوق الطريق وظهرت جذوعها في الجانب الآخر.
ثم انحدرنا الى وادي رشميا حيث يجري نهر الدامور راوياً بساتينها ومستقبلاً مقاهٍ عامرة صيفاً. وفي طريقنا عرّجنا على شركة الكهرباء التي جرّت اليها المياه من نبع الصفا في نفق شقّ لهذه الغاية. وقد بدأ العمل بالمشروع العام 1928 وانتهى العام 1932 باستقبال المجموعة الأولى، ثم الثانية العام 1934 ثم الثالثة العام 1956. ويبلغ الإنحدار من خزان المياه في كفرنيس الى آلات إنتاج الكهرباء 500م.
وخير ما نختم به جولتنا هو ما كتبه إبن رشميا الأديب والمفكر الدكتور وليم الخازن في كتابه «ضيعة الله»:
«أواه يا رشميا! أيتها الحبيبة المخدوعة! هجرناك مع زيزان الصيف والفراشات. ليس فيك حانات ولا خمّارات ولا ملاهٍ ولا مقاهٍ ولا علب ليل. ليس فيك أشغال واسعة.
غدرت بنا بيروت. غدروا بها. كنا نعود مع المواسم. كم جنينا خيراتك ورحلنا لا نلتفت الى الوراء. الى يديك الملهوفتين. الى دروبك الموحشة. الى نواطيرك، الى نواطير الشتاء.
يا رب ارفع عنا بلواك، افتح لنا من جديد طريق أديرة رشميا وكنائسها. طريق الغابات والجنائن والبساتين. طريق الرزق الحلال. طريق الصدق والعفوية والبساطة. طريق الخير والحق والجمال».

 

أسماء لامعة من رشميا
• الشيخ بشارة خليل الخوري رئيس الجمهورية اللبنانية (1943 - 1952):
وُلد جسماً في أرض الولاية (في بيروت بتاريخ 10 آب 1890) وروحاً في متصرفية جبل لبنان. وهو الإبن البكر للشيخ خليل بشارة (الفقيه) الخوري من رشميا. تلقى علومه في الجامعة اليسوعية، ودرس الحقوق في باريس. والعام 1914 سافر الى مصر واشتغل بالمحاماة. عاد الى لبنان العام 1919 فعين أمين سر للحكومة اللبنانية في بعبدا. ولكنه لم يلبث أن ترك هذا المنصب ليفتح مكتباً للمحاماة في بيروت. انتخب نقيباً للمحامين في بيروت ثم دخل سلك القضاء ليعيّن رئيساً لمحكمة الإستئناف.
- العام 1926 عُيّن وزيراً للداخلية في وزارة أوغست أديب باشا.
- تولى رئاسة الوزارة العامين 1927 و1929.
- كان نائباً بين العامين 1929 و1932.
- العام 1932 أسس حزب الكتلة الدستورية.
- اعتقل في راشيا مع بعض أعوانه فجر الخميس 11 تشرين الثاني 1943، وخرج من سجن قلعة راشيا صبيحة عيد الاستقلال 22 / 11 / 1943.
من أخص ما حقّق مدة أيام رئاسته في مختلف نواحي السياسة والإجتماع والعمران في لبنان، الشؤون الآتي ذكرها:
- تعديل الدستور تعديلاً يلائم معنى الإستقلال الصحيح.
- تسلّم الصلاحيات من السلطات الفرنسية وتحرير لبنان من كل قيد أجنبي واحتلال استعماري.
- جلاء الجيوش الأجنبية وتأليف جيش لبناني في مكانها وإنشاء وزارة الدفاع الوطني.
- تأليف وزارة للخارجية والمغتربين.
- الإنضمام الى منظمة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية.
- إنشاء دارين للمعلمين كبرى وصغرى.
- إنشاء المطار الدولي.
- بناء قصر الأونسكو.
- إنضمام لبنان الى منظمة الطيران المدني الدولي وصندوق النقد والمصرف الدولي.
 

• الشيخ بشارة الخوري الفقيه:
هو العلاّمة الفقيه الشهير سليل عائلة المشايخ آل الخوري في رشميا. ولد في رشميا العام 1805. دخل في السابعة عشرة من عمره مدرسة عين ورقة ودرس الصرف والنحو والمنطق والطبيعيات واللاهوت الأدبي والنظري، وأقام فيها بين معلم ومتعلّم ثلاث سنوات ونصف سنة. عاد الى رشميا حيث تشاغل بالتعليم. ثم دعي ليعلّم النحو والصرف واللاهوت لرهبان في دير مار انطونيوس في بعبدا، ثم لرهبان في دير المخلص للروم الكاثوليك ثم لبعض كهنة في مطرانية بيروت، واستمر في ذلك ثماني سنوات.
أرسله الأمير بشير الشهابي الملقب بالكبير، بالاتفاق مع غبطة البطريرك يوسف حبيش الماروني في بيروت لتعلّم الفقه. فقرأ على قاضيها الشيخ يونس البزري. ثم على مفتيها الشيخ أحمد الغر. ثم انتقل الى طرابلس حيث قرأ على الشيخ محمد أفندي أعرابي الزيلع الأزهري ونال منه شهادة بالتضلّع من الفقه.
العام 1830 جعله الأمير بشير الكبير قاضي مركز الحكومة في بيت الدين، ومكث سنة الى أن انفصل الأمير.
العام 1841 نصّبه الأمير بشير ملحم قاضياً في مجلس الشورى الذي أنشأته الدول لفصل الدعاوى.
العام 1844 اختير قاضياً للموارنة في مجلس الشورى الذي رتّبه شكيب أفندي لقائمقام الدروز في الشويفات. ثم صار قاضياً في مجلس المحاكمة الكبير، وقاضياً في دير القمر حتى حالت الشيخوخة بينه وخدمة الوطن، فكانت مدة خدمته البلاد 57 سنة منها 17 في العلم و40 في المحاكم.
ومما يُروى عنه أن أحد الفلاحين أقام لديه دعوى على أحد أعيان البلاد، وكان الحق بجانب الفلاح، ولكن الحاكم الأعلى، إما لعدم وقوفه على حقيقة الدعوى، وإما لغايات سياسية كان يبطنها، شاء أن يصدر الحكم لمصلحة التنفيذ، وأعلن رغبته هذه للشيخ، ولكن الشيخ لم يمتثل إلا لإرشاد ضميره فحكم للفلاح، وثار سخط الحاكم عليه، وخيّره بين أن يفسخ الحكم أو أن يستقيل، فآثر الإستقالة،  ولازم منزله أياماً ارعوى الحاكم بعدها، واستدعاه اليه، وطلب منه العود الى منصبه بعد الاعتذار عما صدر منه فأبى الشيخ أن يعود إلا بعد أن اشترط على الحاكم عدم التدخل في شؤون القضاء وتركه حراً في إتمام وظيفته بحسب ذمته ومعرفته لا بحسب الأهواء والمنافع الشخصية.
توفي الفقيه العام 1886 عن 81 عاماً.
 

• حبيب باشا السعد أعدّ للإستقلال:
تروي كتب التاريخ الكثير الكثير عن دور الرئيس حبيب باشا السعد إبن رشميا، في صنع إستقلال لبنان.
نودي في 7 آذار 1919 بالأمير فيصل ملكاً على سوريا على أثر المؤتمر السوري في دمشق فحضر بعض أعيان السوريين الى دار الباشا في عين تراز يقنعونه بالموافقة على قرارات هذا المؤتمر المنادية باستقلال البلاد السورية بحدودها الطبيعية بما فيها لبنان وفلسطين. لكن الباشا رفض ذلك. فقرّر المجلس العرفي الدمشقي اغتياله وأوعز الى بعض العصابات المحلية تنفيذ ذلك. وفي ليل 7 - 8 تشرين الأول 1918 دهم بعض الأشقياء منزله، لكنه كان غائباً عنه في بيروت. ولما استنجد الخدم بالأهالي قُرعت الأجراس في رشميا وشرتون والقرى المجاورة فهب الأهالي بأسلحتهم الى عين تراز ما اضطر رجال العصابة الى الفرار باتجاه جسر القاضي. فتعقّبهم فريق من شباب رشميا وتمكّنوا من القبض على بعضهم وتسليمهم الى قوة من الدرك أتت من بيت الدين. وعند محاكمتهم عفا الباشا عنهم قائلاً للقضاة «ليس هؤلاء أخصامي بل هم مسيّرون».
أعدّ في كل المناصب التي تبوأ سدّتها دروب الاستقلال من رئاسة المجلس التمثيلي اللبناني الى رئاسة مجلس شورى الدولة، الى أمين سر عام ورئيساً للنظّار على عهد السيد كايلا حاكم لبنان الفرنسي، وكان بوظيفته تلك بمقام رئيس لمجلس الوزراء، الى نائب لرئيس مجلس الشيوخ اللبناني، الى رئاسة الجمهورية اللبنانية خلال العامين 1934 - 1936.
 

• آل السعد وعين تراز من رشميا:
ينتسب آل السعد الى أكبر جدودهم مقاماً وأبعدهم ذكراً الشيخ سعد الخوري، إبن الشيخ غندور الإبن الثاني للخوري صالح الكبير مبارك إبن يوسف إبن الخوري عبدالله إبن الخوري بشارة مبارك الجدّ الأول لمن تفرّع من سلالته من آل الخوري وآل السعد من رشميا وعين تراز.
وانتقل آل السعد من رشميا الى عين تراز بعد أن تملّكوها في عهد جدهم الشيخ غندور الثاني القنصل (قنصل فرنسا في بيروت العام 1787). وسكنوا فيها قصراً شيّده الشيخ غندور، هو اليوم المقر الصيفي لبطريركية الروم الكاثوليك. وشيّدوا لهم بعد ذلك مسكناً آخر في مكان غير بعيد عن المسكن الأول، هو قصرهم الأثري الحالي المعروف بهندسته اللبنانية العريقة المتبعة عصرذاك في بناء قصور النبلاء في عهد الإقطاع، والشهير بسنديانته الجبّارة التي تشمخ وسط فسحة واسعة الى الجهة الشرقية منه والتي ليس لها مثيل في لبنان من حيث امتداد أغصانها ونضارة ورقها ووارف ظلها، وبلوغ ما يُتَفَيَّأ به منها نحو ألف متر مربع. وقد كست أرضها طبقات من ورقها المتساقط عبر السنين والتي باتت مصدر غذائها. أما لقب السعد الذي انتهت اليه عائلة سعد الخوري فقد اتخذه غندور بك مع أولاده حبيب وفؤاد ونجيب ومراد في أواخر القرن التاسع عشر تيمناً بإسم جدهم الشيخ سعد الخوري الآنف الذكر.
أما عين تراز فكانت قديماً تتبع خراج رشميا ثم فصلت في أيام حبيب باشا السعد وجعلت قرية مستقلة.
 

• أبرز رجال الدين في رشميا:
- الخوري بشارة مبارك:
جاء العام 1582 مع عائلته الى رشميا وأقام فيها خادماً فكان الجد الأول لمن تفرّع من سلالته من آل الخوري وآل السعد في رشميا وعين تراز.
 

- الخوري صالح مبارك:
إبن حفيد الخوري بشارة، شارك في معركة عين دارة العام 1711 وقبض على أميرين يَمَنيين ونال نصراً كان سبباً في إقطاعه رشميا وتوابعها ورفع أسرته الى مقام الإقطاع في لبنان. ثلاثة من أولاده السبعة الذكور كانوا أصولاً لفروع ثلاثة تألّفت منها الأسرة في ما بعد والتي أصبحت منقسمة الى أسرتين: آل الخوري وآل السعد بسبب الولاء السياسي للأمراء الشهابيين آنذاك أو خصومتهم.
 

- الأب نعمة الله مبارك (1866 - 1949):
انتخب رئيساً عاماً لرهبنة المرسلين اللبنانيين. وبنيت على عهده مدرسة الرسل في جونيه.
 

- المطران أغناطيوس مبارك (1876 - 1958):
نُصِّب مطراناً على أبرشية بيروت في 4 آذار 1919. كان يجتمع لسماع مواعظه في المطرانية الألوف من كل طبقة من المسيحيين والمسلمين. وكان بعض الكهنة المقرّبين منه يختزلونها على الأثر ويرسلونها الى الصحف ولا سيما جريدة «البشر». رافق البطريرك الياس الحويك الى باريس العام 1920 وساعد كثيراً في الحصول على استقلال لبنان، وكانت له اليد الطولى في إنهاء الإنتداب ونيل الاستقلال. كانت له خطبة شهيرة في شباط 1926 رداً على خطاب الحاكم الفرنسي «كايلا» إذ راجع المطران قول الكتاب المقدس: «ملعون الكلب الذي لا ينبح في حقل الرب».
بعد اعتقال الحكومة اللبنانية في راشيا 1943 ذهب المطران مبارك الى المفوضية الإنكليزية حيث قابل فرنيي، ثم اجتمع مع الوزير المفوّض وخرج حاملاً لواء المعارضة وزار عائلات المعتقلين ومنها عائلة رياض الصلح، فكانت زيارته للبسطة ظاهرة رائعة إذ حاول السكان أن يحملوا السيارة على الأكتاف هاتفين باسم المجاهد الأكبر. ثم فتح أبواب مطرانية بيروت لانعقاد جلسة لمجلس النواب، ووقف خطيباً بالنواب وقطع عهداً أمام الله وأمامهم بأن من يدخل عليهم لن يدخل إلا بعد أن يطأ على جثته وتصطبغ يداه بدمائه ثم غادرهم ليعقدوا جلستهم السرية. وكنت ترى سيارة سيادته متنقلة في المدينة من مفوّضية الى مفوّضية، وكانت تشاهد سيارات جميع ممثلي الدول الحليفة والشقيقة والشخصيات السياسية واقفة على باب المطرانية. وكذلك قدّم للجنرال كاترو موفد الحكومة الفرنسية مذكّرة كافية يحتج فيها على التدابير المتخذة.

 

رشميا في الولايات المتحدة
هاجر أسعد الزير من مواليد رشميا 1894 الى الولايات المتحدة الأميركية وتطوّع في الجيش الأميركي ورُقيّ الى رتبة ضابط واشترك مع الجيوش الأميركية التي جاءت لمساعدة الحلفاء في أوروبا العام 1918. فكان يوسف أسعد الزير أول جندي يستشهد في هذه الحملة على الأرض الأوروبية. وتخليداً لذكراه أطلقت الحكومة الأميركية اسمه على ساحة مدينة Falriver N.Y. ولم تزل هذه الساحة تعرف حتى اليوم بساحة Josepf A. El Zir ويقوم حاكم هذه الولاية بوضع إكليل من الزهور على النصب التذكاري في المناسبات الرسمية.

 

عائلات رشميا
أبو حرب، أبو رجيلي، أبو سلوان، أبو شمعون، أبو شهوان، أبو صابر، أبو صافي، أبو ضاهر، أبو علام، أبو غسطين، أبو فاضل، أبو فخر، أبو فياض، أبو موسى، أبو نادر، أبو النصر، أبو ناضر، اليان، انطونيوس، انطون (جربوع)، تكلي، جبور، جمال، حبيقة، الحران، الحلال، خازن، خطار، خواجا، خوري (سعد)، خوري (حنا)، خوري (فارس)، خويري، الديك، رستم، ريشا، زخم، سلفاني، السعد (خوري) سلوم، سمعان، شكور، شلهوب، صابر، صالح، صقر، ضاهر، عبود، عازار، العتر، العمار، عمون، الغزال، فرح، فرنسيس، الفش، فياض، القواس، كرم، الكك، كنعان، لحود، مبارك، مرعي (حسن)، مرعي (نجم)، معلوف، ملكي، منذر، منصف، موسى، نجم (بشارة)، نجم (نمر)، نجم، (جريس) نشار، نفاع، الهاشم، وازن، وهبة، يونان، يونس، الكفراوي، شاهين، ومنصور.

 

بدايات في رشميا
• أول مجلس بلدي كان على عهد نعوم باشا.
• أول طريق وصلت الى رشميا كانت التي مُدّت الى عين تراز من جسر القاضي على عهد واصا باشا العام 1887 وتمّ وصلها الى رشميا وبتاتر حتى بحمدون المحطة على عهد نعوم باشا العام 1898.
• في 3 شباط 1930 ألغيت المديريات وحل محلها مخفر للدرك في رشميا مرجعه عاليه وبعبدا.
• العام 1932 أنجز أول معمل كهربائي على مجرى نهر الصفا، الدامور في وادي رشميا وأنار مدينة بيروت ومدن الإصطياف، وشُقت لأجله طريق رشميا - كفرنيس.
• العام 1933 أول صيدلية في سوق رشميا أحدثها لطفي بزركان.
• العام 1935 أنارت بلدية رشميا شوارع البلدة ومن ثم أدخلت الكهرباء الى المنازل على نفقة أصحابها.
• العام 1938 أول غرفة للهاتف في رشميا تؤمن الإتصال لجميع المناطق.
• العام 1946 أنشئ مكتب للبريد والبرق وربطت به عشرون قرية مجاورة.
• العام 1948 أنشئ مركز للهاتف وربطت به أكثر من عشرين قرية.
• العام 1962 تحوّلت مدرسة مار يوحنا من مدرسة رهبانية الى مدرسة رسمية تكميلية ثم ثانوية.
• العام 1964 أول مستوصف طبي مجاني أنشأته رابطة الشبيبة الرشماوية بمساعدة مصلحة الانعاش الإجتماعي.
• أول شيخ صلح في رشميا على عهد المتصرفية كان مرهج الشيت  البراهيمي العام 1865.
• أول مختار في رشميا عهد الانتداب كان طراف شاهين أبو سلوان العام 1928.
• أول مجلس بلدي في رشميا أنشئ العام 1892 على عهد المتصرف نعوم باشا برئاسة الشيخ جوان ظاهر الخوري.
• أول شخص يتعلم قيادة السيارات في رشميا هو سليمان الخوري حنا الذي اشترى سيارة فورد بو دعسة العام 1925، فكانت أول سيارة تدخل رشميا.
• عرفت رشميا السينما الصامتة العام 1927 وقد عرضها في ساحة البلدة فريق من جيش الانتداب الفرنسي.
• أول من نال لقب بك في لبنان كان الشيخ غندور سعد الخوري من رشميا إذ ميّزه الأمير شهاب، حاكم الجبل، عن الأمراء مشايخ البلاد بكتابة هي «جناب الأخ العزيز قنصل بك المحترم».

 

بندر رشميا
سُمّيت رشميا زمن مواسم القز والحرير بـ«جورة الذهب» لأن الأربعين ألف أقة شرانق يبلغ متوسط ثمنها قرابة المليون قرش، أي عشرة آلاف ليرة عثمانية، وهذا ما جعلهم يحرّرون سندات الدَين والصكوك ويضمنونها عبارة «عملة دارجة بندر رشميا»، ما يعني وجوب دفعها بحسب سعر صرف الليرة الذهبية بالعملة التركية في سوقها المحلي كما يحدث في سوق البورصة اليوم.

 

حجارة مغارة بكركي من وادي رشميا
في وادي رشميا وعلى جانبي نهر الدامور تكثر مغاور الخفّان والكروانة والكهوف الطبيعية الشبيهة بمغارة جعيتا والمتدلية فيها المقَرصَنات الكلسية ذات المناظر الخلابة. وقد نُقلت كمية من هذه الحجارة وبنيت منها المغارة التي أمام مدخل الصرح البطريركي في بكركي.

 

ينابيع رشميا
أهمها على الإطلاق نبع عين الميس الذي تنبع مياهه من باطن جبل سير، عين سير، الجوار، المشرع، الغزلانية، تلتيتي، مار تقلا، بسديّا، الكساير، التواويني، حلفتّي، عين الكنيسة، عين البراك، عين العويني، عين التحتانية، عين المسيجك، كرم الشر، عين تراز، بئر المنصورة.
أما ينابيع الوادي وبعضها بأسماء أصحابها فهي: نبع الفوار، الحرّان شكرالله، الحرّان رشيد، الحرّان منصور، أبو خير، القواس، الزير، الكروانة، معن، لحود، الديك، بودندن، الشيخ اسكندر، الهاشم، متى، الكك حسن، الكك غندور، عين العمار، عين الفاترة، الفيتي، النقاطة، طليع، نقبة خازن، بو شاهين، الصحفة، شمشين.

 

المراجع:
• رشميا ومقاطعة الجرد الجنوبي من الشوف في التاريخ اللبناني - ألبير قبلان كنعان.
• ضيعة الله - وليم الخازن.
• الشيخ بشارة الخوري الفقيه - لحد خاطر.
• آل السعد في تاريخ لبنان - لحد خاطر.
• حقائق لبنانية - بشارة خليل الخوري.

• عين تراز (1811 - 2004) - الدكتور وسام كبكب.

 

تصوير: راشيل تابت
المعاون شربل زغيب