عادات وتقاليد

رمضان عادات جميلة تجسّد روحية الشهر الفضيل
إعداد: روجينا خليل الشختورة

«هلّ هلالك شهر مبارك»... تسري هذه العبارة مع رؤية هلال شهر رمضان المبارك الذي يُستقبل بالبهجة ورفع الزينة في الساحات والشوارع. فالشهر الفضيل وإن كان بدرجة أولى شهر الصوم والصلاة والتقوى، هو أيضًا شهر الخير والبرّ والبركة والتعاضد والبهجة، لذلك نقول: رمضان كريم...

تُشكّل العادات والتقاليد بشكل عام جزءًا من ثقافة المجتمع، وهي إحدى مقوّمات لحمته وتماسكه، وما يختص منها بشهر رمضان يُجسّد هذا الدور بقوة. فأعمال الخير والصدقات تفيض في بيوت المحتاجين، إذ يتقاسم المقتدرون البهجة مع مَن هم أقل قدرة من خلال أعمال الزكاة وسواها من المبادرات الكريمة. وفي ظل الخيم الرمضانية كما على موائد الإفطار في المنازل تتوطد أواصر المودّة والألفة.

قد تختلف العادات والتقاليد الرمضانية من بلد إلى آخر أو حتى من منطقة إلى أخرى داخل البلد الواحد، غير أنّ الروحية تبقى هي نفسها، لذلك ينتظر المسلمون حلول الشهر الفضيل ويستعدون له على أفضل ما يمكن. في هذا السياق تقول سعاد وهي طالبة جامعية من البقاع، إنّها تعشق الأجواء الرمضانية الساحرة، من الزينة والأضواء، واجتماع العائلة على مائدة الإفطار عند المغرب، ومن ثم السحور في الفجر.

 

استعدادًا لاستقبال شهر رمضان

ينتشر تقليد تعليق الزينة الرمضانية والأنوار في الشوارع والساحات العامة والمساجد والمراكز الدينية والسياحية، خلال الأيام القليلة التي تسبق حلول الشهر الفضيل استعدادًا لاستقباله. ومن الشائع أيضًا توزيع إمساكية شهر رمضان التي تتضمن مواعد الصلوات في أيامه وذلك في الأيام الأخيرة من شهر شعبان.

وفي عدد من المدن اللبنانية وبخاصة في طرابلس وصيدا، تجول الفرق الصوفية في الشوارع بالسيارات خلال الأيام القليلة التي تسبق استطلاع هلال شهر رمضان، وتقوم بترديد الأناشيد والقصائد الشعرية والمدائح النبوية.

من أجمل العادات الرمضانية في لبنان «سيبانة رمضان» وفق ما يخبرنا مهدي وهو من بيروت. فقبل يوم واحد من بداية شهر رمضان يقوم الناس مع عائلاتهم وأصدقائهم بنزهة على شاطئ بيروت، ويتناولون معًا العديد من الأطعمة والحلويات المحلية الشهية، استعدادًا للصوم.

ومن التقاليد الرمضانية المفضّلة لدى سكان طرابلس وشمال لبنان، زيارة الأثر النبوي الذي يُعرف باسم «شعرة النبي» في الجامع المنصوري الكبير في محلة النوري في طرابلس، وهو أقدم جوامعها وأكبرها مساحة.

 

يُصلح ما أفسدته بقية الشهور...

تعتبر ريان، وهي ربة منزل، أنّ شهر رمضان بما يترافق معه من سكينة وراحة يُصلح ما أفسدته بقية الشهور. ومن العادات الموروثة لدينا والتي ما زال الجميع يحافظ عليها، تقول ريان، زيارة الأقارب خلال الأيام الثلاثة الأولى من الشهر للمباركة بقدومه. وتضيف: هناك عادة موروثة أبًا عن جد في طرابلس، ألا وهي تبادل الوجبات بين الجيران قبل الأذان، وهذا أحد أنواع مشاركة الإفطار مع الآخرين. كذلك، يتم توزيع الهدايا على الأطفال في الأسواق الشعبية. وفي السنوات الأخيرة انتشر إطلاق المناطيد، بالإضافة إلى تناول السحور في منطقة باب الرمل الشعبية المشهورة بفرنٍ للكعك يقصده عدد كبير من المواطنين.

 

المسحراتي ومائدة الإفطار

تقليد المسحراتي شائع في عديد من الدول العربية والإسلامية، وفي لبنان يقوم المسحراتي بالتجوّل في الشوارع في أوقات السحور وهو يقرع على طبلة صغيرة، لإيقاظ الناس وقت السحور. وهو يقوم عادةً بترديد الأشعار والأناشيد.

تتضمن مائدة الإفطار في لبنان عادةً أطباق الحساء والسَّلطات إلى جانب الفتوش والتبولة والكبة والحمص والفتّة والفطائر وسواها، فضلًا عن الأطباق الرئيسية والحلويات والعصائر.

هناء، وهي أم لثلاثة أولاد، أكثر ما يفرحها في شهر رمضان هو تحضيراته، من شراء الحاجيات إلى إعداد الطعام، ليكتمل الفرح باجتماع العائلة على مائدة الإفطار... ومن ثم متابعة المسلسلات الرمضانية التي تنتظرها من سنة إلى أخرى. تقول: «أشاهد ما لا يقل عن 3 مسلسلات مع العائلة، نتبادل التعليقات على مجرى الأحداث، نضحك ونتأثر ونعيش أجواء عائلية مبهجة. كذلك أحب الحلويات الرمضانية كالبصمة والقطايف وزنود الست، والمشروبات الرمضانية كالخرّوب وعِرق السُّوس والتمر الهندي، ونحن نجدها بشكل خاص في الأسواق التراثية التي تزدحم في هذا الشهر وتُضاء بالزينة».

وتضيف: «كذلك أحب جدًا فترة ما قبل العيد، حين تبقى الأسواق تنتظر زبائنها إلى وقت متأخر من الليل لشراء الملابس والحلوى ومتطلبات الاستعداد للعيد، يكون الليل موصولاً بالنهار. تعيدني هذه الأجواء إلى أيام الطفولة حين كنت أقصد السوق مع والدتي والفرحة تملأ قلبي لشراء ثوب وحذاء جديدين».

 

مدفع رمضان

لا ننسى «مدفع رمضان» وهو من التقاليد الشائعة أيضًا، إذ يتم إطلاق طلقة مدفعية عند غروب الشمس طوال أيام شهر رمضان، لتنبيه الصائمين بحلول موعد أذان المغرب والإفطار. ولمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، تقوم وحدات من الجيش عادةً في مناطق بيروت – الشمال – الجنوب، بإطلاق ثلاث طلقات مدفعية خلبية، ليل الإعلان عن أول أيام الشهر، وطلقة واحدة يوميًا في كل من وقت الفجر (الإمساك) والمغرب (الإفطار)، وثلاث طلقات عند الإعلان عن موعد عيد الفطر السعيد في نهاية الشهر.

دفعت الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد شريحة واسعة من اللبنانيين إلى التقليل من عادة إقامة الموائد الرمضانية العامرة ودعوة الأقرباء والأصدقاء إليها. لكن رغم ذلك يظل شهر رمضان فسحة فرح وبركة، خصوصًا مع ما يرافقه من أعمال خيّرة تمسح الحزن عن الوجوه وإن لشهر...

”قد تختلف العادات والتقاليد الرمضانية من بلد إلى آخر أو حتى من منطقة إلى أخرى داخل البلد الواحد، غير أنّ الروحية تبقى هي نفسها، لذلك ينتظر المسلمون حلول الشهر الفضيل ويستعدون له على أفضل ما يمكن.“

”قد تختلف العادات والتقاليد الرمضانية من بلد إلى آخر أو حتى من منطقة إلى أخرى داخل البلد الواحد، غير أنّ الروحية تبقى هي نفسها، لذلك ينتظر المسلمون حلول الشهر الفضيل ويستعدون له على أفضل ما يمكن.“