هو وهي

زوجك خسر وظيفته... خوضا المعركة متّحدين وانتصرا معًا
إعداد: ريما سليم ضوميط

في ظلّ الأزمات الاقتصاديّة التي يشهدها عالمنا اليوم، بات بعض الشركات مهدّدًا بالإقفال، والبعض منها يلجأ إلى تخفيض عدد الموظّفين كي يتمكّن من الاستمرار. إزاء هذا الوضع، لم يعد مستبعدًا أن يجد المرء نفسه عاطلًا من العمل بسبب الاستغناء عن خدماته في المؤسّسة التي يعمل فيها، فكيف يواجه الرجل هذه الخسارة، وماذا يمكن للزوجة أن تفعل كي تساعده في تخطّي الأزمة؟

 

تؤكّد الاختصاصيّة في علم النفس العيادي السيّدة إنغريد سعاده أنّ الأضرار الناتجة عن فقدان الرجل وظيفته لا تقتصر على الخسارة الاقتصادية، وإنّما يمكن أن تتخطّاها إلى مشاكل نفسية واجتماعية. وهذه المشاكل تؤدّي إلى تفكّك الأسرة ما لم يتم احتواء الوضع من خلال وقوف العائلة والأصدقاء إلى جانب الطرف المتضرّر. فالرجل الذي يخسر وظيفته يصاب بجرحٍ عميق في كبريائه، لأنّ الخسارة تنعكس سلبًا على صورته كمعيلٍ أساسي للعائلة ورمز القوّة فيها. وفي هذا الوضع، يمرّ معظم الرجال بحالةٍ من الإحباط واليأس تختلف مدّتها بين شخصٍ وآخر بحسب الدعم الذي يلقاه من محيطه، وقدرته الذاتيّة على حلّ المشاكل وتخطّيها. من هنا نرى أنّ البعض يتسلّح بالعزم والإرادة فيخرج من محنته بسرعةٍ وبأقلّ أضرار ممكنة، في حين يرزح البعض الآخر تحت وطأة المحنة، وقد ينزوي بعيدًا من الأصحاب والأقارب، وربّما تتطوّر حالة الإحباط إلى حدّ الكآبة التي تنتهي في حالات معيّنة إلى الانتحار. في بعض الأحيان، يتحوّل الشعور بالظلم الذي يرافق فقدان الوظيفة، إلى غضبٍ يصبّه الرجل المتضرّر على أفراد عائلته وقد يصل إلى عنفٍ كلامي أو سلوك عدائي لا سيّما تجاه زوجته. فحالة الانكسار التي يمر بها تولّد لديه الكثير من المشاعر السلبية التي تنعكس في تصرفاته ومواقفه. إذا كانت زوجته مثلًا امرأة عاملة قد يتّهمها بالتقصير تجاه عائلتها بدلًا من تقدير جهودها في دعمه ماديًا، أمّا إذا كانت ربّة منزل فقد ينتقدها بحجّة أنّها «غير منتجة» أو «مبذّرة» وغير قادرة على دعمه في محنته.

 

دور الزوجة
تشير السيّدة سعادة إلى أنّ أزمة فقدان الوظيفة وما يرافقها من تداعيات، يمكن أن تضع استمرارية الزواج على المحك. فإذا لم يكن قائمًا على أسسٍ متينة كالحب والاحترام والتفاهم، سيصبح من السهل تفكّكه، أما إذا كان مبنيًّا على الأسس المذكورة، فسوف تغدو الأزمة فرصةً لتكاتف الزوجين وإظهار وفائهما للعهد الذي جمعهما. وتؤكّد أنّ الزوجة المحبّة ستحاول قدر المستطاع استيعاب ظروف زوجها والوقوف إلى جانبه، وهو بدوره سيقّدر جهودها هذه ولو بعد حين، لأنّ مساندتها هذه هي الركن الأساس في معالجة المشكلة، فالدعم المعنوي الذي تقدّمه له يزوّده الطاقة الإيجابية التي يحتاجها للبدء من جديد.
من هذا المنطلق، تدعو السيّدة سعادة جميع الأشخاص الذين تعرّضت أسرهم لأزمة فقدان الوظيفة، أن يتعاطوا مع محنتهم بما استطاعوا من إيجابية كي يخرجوا منها بسلامٍ. وهي تقدّم في هذا الإطار بعض النصائح والإرشادات التي يمكن للسيّدات الاستعانة بها لمساعدة أزواجهن:
• مما لا شك فيه أن التحوّل المفاجىء في حياة المرء يسبّب صدمة قويّة. قد تحتاجين بعض الوقت لامتصاص الصدمة، ولكن لا تدعي هذه الفترة تطول. واجهي الموقف بشجاعةٍ، وتحلّي بمظهر القوّة أمام زوجك وأفراد عائلتك.
• شجّعي زوجك منذ اللحظة الأولى وعزّزي ثقته بنفسه من خلال تذكيره بمواقف صعبة نجحتما في اجتيازها. قد تعودان بالذاكرة إلى بداية زواجكما يوم واجهتما تحدّي بناء أسرة في ظروفٍ معيشيّة صعبة، أو ربّما تتذكّران أيام الدراسة حين أبدى نجاحًا ملحوظًا في دراسته، أو أيّ موقف آخر يعزّز إيمانه بقدراته الذاتيّة.
• قد تلاحظين أنّ زوجك لا يقوم بالجهد الكافي لإيجاد وظيفة. لا تحاولي انتقاده أو التجريح به، بل حاولي جرّه إلى ذلك بأسلوب لطيف. اقترحي عليه المساعدة في البحث في الإعلانات المبوّبة عن وظيفة تناسب مؤهّلاته، واقترحي إرسال سيرته المهنية عبر البريد الإلكتروني إلى الشركات المناسبة. من الممكن أيضًأ أن تشجّعيه على الشروع بعملٍ مستقل ّأو الدخول في مشروع تجاري إذا كانت ظروفكما الماليّة تسمح بذلك.
• أَعلني حالة الطوارئ على الصعيد المالي، وباشري سياسة توفير حازمة: أكثري من كلمة «لا» للكماليّات ولمطالب الأولاد التي لا تجدين جدوى منها.
• شاركي الأولاد في المسؤوليّة من دون أن تمارسي عليهم ضغوطًا. بمعنى أن تشرحي لهم أنّ العائلة تمرّ بظروفٍ خاصّة مع التأكيد على أنّ الأزمة ستنتهي قريبًا بتكاتف جهودكم. اطلبي منهم المساعدة من خلال تأمين جوّ من الوفاق والهدوء في المنزل، والتخفيف من المطالب غير الضروريّة.
• إذا كنت امرأة عاملة، حاولي أن توزّعي راتبك بحكمة على احتياجات المنزل والعائلة بحيث لا تضطران إلى الاستدانة. أمّا إذا كنت ربّة منزلٍ، فحاولي تنظيم مصاريف البيت والأقساط الشهريّة بما توافر إلى حين خروجكما من المحنة.
• قد تصابين بالإحباط من جرّاء الأجواء الكئيبة المسيطرة على المنزل، وربّما تشعرين بالظلم تجاه مواقف زوجك السلبيّة وعدم تقديره لجهودك. لا تقعي ضحيّة الشفقة على الذّات، بل تذكّري دائمًا أنّ زوجك هو أيضًا ضحيّة. حاولي تفهّم تقلّباته المزاجيّة، واحرصي على مراعاة مشاعره وأحاسيسه التي لن تكون متوازنة وطبيعية. شجّعيه على ممارسة الرياضة أو زيارة الأصدقاء، ولا تسمحي بمكوثه طوال اليوم في المنزل لأنّ ذلك سيزيده كآبة وإحباطًا.
• أنظري وزوجك إلى المحنة التي تمرّان بها كاختبارٍ لحبّكما، فالمصاعب التي يجتازها الزوجان، غالبًا ما توطّد علاقتهما وتزيد من رصيد كل منهما في عيني الآخر. أطلقا العنان للمحارب في داخلكما، ودعوه يواجه الظلم والقهر بشجاعة، ثم اخرجا من معركتما رابحين ومتحدّين.