- En
- Fr
- عربي
سخونة دائمة...أم غليان؟
بدأت الانتقاضة الفلسطينية عامها الخامس، وما زال الوضع متفجّراً داخل مناطق السلطة الفلسطينية جرّاء القمع الإسرائيلي الوحشي للشعب الفلسطيني واستخدام أعقد وأحدث أنواع التكنولوجيا في اصطياد البشر وقتلهم دون مساءلة أو محاسبة. وأثناء هذه الانتقاضة، وبدلاً من تسوية الوضع المتأزّم، جرت الحرب على العراق تحت شعار إزالة أسلحة الدمار الشامل ونشر الديموقراطية، فإذا بالمحتل أمام مهمة مستحيلة هي إثبات وجود تلك الأسلحة من أجل تدميرها. وبدلاً من نشر الديموقراطية، نرى نشراً للعنف والقتل وتهديداً لوجود العراق وتأزيماً للوضع في المنطقة بكاملها.
إضافة إلى ذلك، يجتمع مجلس الأمن الدولي، وبدلاً من أن يجد حلاًّ للوضع المتدهور في العراق وفلسطين، ويرسي قواعد السلام الشامل والعادل، نراه يستنبط القرار 1559 الذي يدعو بموجب بنوده إلى نشر الفوضى في لبنان عن طريق الإنسحاب السريع والمفاجيء للجيش العربي السوري الموجود أصلاً بموجب اتفاقيات مع الحكومة اللبنانية، والذي يخضع إنتشار وحداته للحاجات الأمنية التي تقدّرها لجنة عسكرية لبنانية سورية مشتركة، كما أن وجوده أسهم وما يزال في تحقيق الأمن والإستقرار في لبنان. فكأنّ المطلوب هو إنسحاب يؤدي إلى زعزعة الوضع بكل وضوح.
كما يطلب القرار حلّ الميليشيات غير اللبنانية، أي الفلسطينية، أي أنّه بمعنى آخر يطلب صداماً مع الفلسطينيين في مخيّماتهم بدلاً من تطبيق القرارات الدولية الداعية إلى عودتهم إلى أرضهم. وكذلك حلّ الميليشيات اللبنانية، أي المقاومة التي تتصدّى للإحتلال الإسرائيلي، من دون الدعوة إلى إنهاء هذا الإحتلال وإزالة مفاعيله وآثاره المدمّرة الموجّهة ضدّ لبنان وشعبه.
هل المطلوب من كل ذلك تأزيم الوضع في المنطقة وإبقاؤه في سخونة دائمة، وللسخونة محاذير قد تؤدي إلى الغليان، ويتأتّى من الغليان إنفجارات تصيب الجميع ولا ترحم أحداً؟
يبدو أنّهم يفتّشون في مراكز القرار عن تأزيم هنا وتفجير هناك، بينما المطلوب هو تطبيق قرارات الشرعية الدولية، بدءاً من القرار 194 (إعادة اللاجئين)، إلى القرار 194 (إنسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلّة في حرب 1967، والقرار425 (إنسحاب إسرائيل من كامل التراب اللبناني، ومن مزارع شبعا). فبذلك يتحقق السلام في المنطقة... ولمن يهمّه الأمر، تطبيق القرار 1559 أيضاً.