وقاية وإرشاد

سلامة بيئة العمل من أضرار الكومبيوتر
إعداد: د. الياس الشويري
رئيس لجنة النقل البري في منظمة السلامة العالمية وممثل المنظمة لدى الأمم المتحدة

تلعب أجهزة الكومبيوتر دوراً هاماً في حياتنا اليومية، فضلاً عن أنها أصبحت جزءاً مكملاً للمقومات الأساسية في بيئة العمل. فنحن لا نستعمل الكومبيوتر في مكان العمل فحسب، بل نستعمله أيضاً في المنزل. وعلى الرغم من أن هذه الآلة المثيرة قد جعلت حياتنا أيسر وأكثر فاعلية، إلا أنه ثبت أن شيوع استعمالها بين الناس ألحق بهم بعض الضرر نتيجة لسوء استعمالهم لها.

 

أضرار وإصابات

ذكرت شركة “أرامكو” السعودية أن الجلوس أمام جهاز الكومبيوتر لمدة تزيد عن بضع ساعات، قد يتسبب في إجهاد العينين وتصلب الظهر وخدر الأيدي والأقدام، والعديد من الأعراض المرضية الأخرى، بما فيها التهاب النفق الرسغي. ويحدث هذا النوع من الالتهابات في معصم اليد، وهو ما يعرف بالاصابة الناتجة عن تكرار أداء حركات يدوية معينة. وتزداد حدة هذه الأعراض بمرور الوقت، وعادة ما تظهر بعد عدة سنوات من المواظبة على أداء حركة يدوية تكون العضلات خلالها متوترة. وبمجرد الإصابة بالتهاب أوتار النفق الرسغي تتورم عضلات الرسغ، ومن ثم تصيب أنسجة العصب العضلية. وفي العادة يتعرض الذين يتطلب عملهم اليومي قضاء ساعات طويلة في أداء حركات يدوية متكررة، مثل الطباعة على لوحة المفاتيح، أكثر من غيرهم لخطر الإصابة بهذه الأعراض.

يستعمل البعض من آن لآخر كلمة " "Ergonomics، وهو اصطلاح علمي يقابله في العربية عبارة «الهندسة البشرية في سلامة بيئة العمل». فما معنى هذه العبارة تحديداً؟ إنها تعنى أساساً بدراسة كيفية تفاعل الفرد بدنياً مع أداء واجباته الوظيفية، ومدى انسجامه مع طبيعة العمل المنوط به والمعدات التي يستخدمها والجو العام السائد في بيئة هذا العمل. ومن خلال التطبيق العملي لهذا المفهوم الشامل، يمكن تكييف ظروف وأساليب تشغيل الكومبيوتر في العمل أو في المنزل على حد سواء، حتى يتمكن الشخص من أداء عمله في مناخ ينعم فيه بالسلام والراحة التامة والكفاية الإنتاجية العالية.

هناك ثلاثة أمور رئيسية توصي بها مقررات «سلامة بيئة العمل» بالنسبة للذين يعتمدون الكومبيوتر في أداء أعمالهم. والأمور الثلاثة هي:

 

 * وضع شاشة الكومبيوتر.

 * وضع لوحة المفاتيح.

 * وضع الجلوس.

 

وضع شاشة الكومبيوتر

إن الزاوية الأفضل إراحة للعين أثناء النظر الى شاشة الكومبيوتر هي الزاوية التي تتراوح من 15 الى 30 درجة باتجاه الأسفل، كما يجب:

- أن يكون رأس مستعمل الكومبيوتر في وضع يسمح بالتخفيف من قوة الضغوط الواقعة على عضلات الرقبة الى أقل حد ممكن.

- أن يمتد رأس مستعمل الكومبيوتر قليلاً الى الأمام بحيث يميل الذقن بقدر طفيف الى الأسفل.

- عدم دفع الرأس الى أعلى، لأن ذلك من شأنه أن يجهد عضلات الرقبة. وبارتفاع الرأس أيضاً يميل المستعمل الى فتح عينيه بقدر اتساعهما. وفي هذه الحالة لا تؤدي الجفون وظيفتها في وقاية العينين من الجفاف أو الملوثات.

- أن يكون وضع شاشة الكومبيوتر بحيث لا تقطع خطوط ضوئها الساطع مجال الرؤية عند المستعمل، لأن الوهج المنعكس هو السبب الرئيسي في اجهاد العينين.

 

وضع لوحة المفاتيح

يجب أن يكون ثقل الذراع مسنوداً لتخفيف الحمل المستمر الواقع على الكتف والساعد، ولهذا يجب:

- أن تكون لوحة المفاتيح والفأرة في متناول اليد بحيث يكون الساعد قريباً من الجذع.

- عدم مد الساعد كثيراً الى الأمام للوصول الى لوحة المفاتيح.

- أن يكون الساعدان موازيين للأرضية أثناء استعمال لوحة المفاتيح بحيث لا تكون هناك حاجة لأكثر من ارتفاع أو انخفاض طفيف للوصول الى مجموعة المفاتيح.

- وضع ساندة صغيرة أمام لوحة المفاتيح مباشرة وبارتفاعها ذاته، لتحمل ثقل المعصم.

- ألا توضع الشاشة والفأرة أو أي جهاز آخر على سطح الاستناد نفسه، بل توضع كل واحدة منهما على سطح مستقل بذاته، بشرط أن يكون ثابتاً وقابلاً للتعديل.

إن أفضل وضع للمعصم على الاطلاق هو أن يكون مستقيماً، مرتكزاً على دعامة ساندة، بل انثناء الى الأعلى أو الأسفل ودونما التواء على الجانبين. ومثل هذا الوضع يتيح لقنوات الأوتار العصبية أن تسلك طريقاً خالياً نسبياً من العوائق عبر النفق الرسغي.

 

وضع الجلوس

وضعية الجلوس هي بدورها ذات أهمية محورية، ولكي تكون هذه الوضعية سليمة يجب:

- أن تزيد الزاوية بين الجذع والفخذ عن 90 درجة (ويفضل ما بين 110 الى 120 درجة).

- مد الرجلين قليلاً الى الأمام، والمفهوم العلمي الأساسي لتفسير صحة هذا الوضع هو أن إنفراج زاوية الفخذ مع الجذع لأكثر من 90 درجة يقلل من ضغوط القرص الفقري وحركة العضلات في الظهر، ويعمل على استقامة العامود الفقري. ويمكن اتخاذ هذا الوضع الصحيح بالجلوس عالياً بحيث تكون زاوية الفخذين الى أسفل.

- أن يكون ظهر الكرسي مسانداً للفقرات القطنية أسفل الظهر.

- أن يكون ارتفاع الكرسي قابلاً للتعديل في وضع الجلوس.

- أن يكون للكرسي قاعدة بخمسة أرجل لتوفير أقصى قدر من الثبات.

 

إرشادات

- أعط لنفسك فترات منتظمة للاستراحة، انهض عن كرسيك وتحرك من حولك لأن أي تغير طفيف في وضع الجلوس، وأي تحرك بسيط ولو لدقائق معدودة، يساعدان على ارتخاء العضلات المتوترة.

- قم بتمرين أجزاء جسمك التي أصبحت متوترة بعد المكوث لفترات طويلة من العمل على الكومبيوتر: اثن يدك، وحرك الرقبة بشكل دائري، وأدر الرأس يميناً ويساراً، قف على قدميك ومط جسمك.

- للحد من إجهاد العينين، اضبط الإضاءة في مكانك الخاص بالعمل الى المستوى الذي يريح نظرك. ومن وقت الى آخر، ركز عينيك على شيء آخر غير شاشة الكومبيوتر.

- حوّل اتجاه شاشة الكومبيوتر لتفادي أية توهجات أو انعكاسات ضوئية مباشرة. فإن تعذر ذلك، يجب الاستعانة بشاشة من النوع المانع للتوهج الضوئي.

- اضبط ارتفاع شاشة الكومبيوتر بالشكل الذي يوفر الرؤية المريحة دونما اضطرار للانحناء. وقم أيضاً بضبط درجة السطوع والتباين في إضاءة الشاشة الى المستوى الأنسب لك.

إن اتباع الإرشادات في ما يختص بسلامة بيئة العمل سوف يساعدك الى حد كبير على الوقاية من الإصابات الشائعة المصاحبة لاستعمال أجهزة الكومبيوتر.