موضوع الغلاف

شهداؤنا فخرنا ودماؤهم حياة للوطن
إعداد: باسكال م . بو مارون

عممت قيادة الجيش - مديرية التوجيه نشرة توجيهية على العسكريين تحت عنوان «دماؤهم حياة للوطن»، تناولت الاجراءات التي اتخذتها قيادة الجيش لإزالة الغموض الحاصل حول رفات العسكريين الشهداء وتحديداً هوية عدد منهم، وإقامة مراسم التكريم اللازمة لهم وتسليمهم الى ذويهم، وتبيان النواحي الإدارية والقانونية للعسكريين المفقودين والتعليمات المتعلقة بهذا الخصوص. هنا نص النشرة.

 

شهداؤنا فخرنا واعتزازنا

الشهداء مصدر الفخر والاعتزاز، هم القدوة والمثال، نستلهم من تضحياتهم النبيلة حقيقة الولاء والإلتزام، ومعاني البطولة والكرامة والإباء والعطاء الذي لا ينتهي، والإيمان المطلق بقدسية الوطن والأرض والرسالة.
شهداء الجيش هم منعة حاضره وقوة مستقبله وشعلة مسيرته التي لا تنطفئ...

 

في رحاب الجيش

خلال الأعوام 1983، 1984، 1990، سقط عدد كبير من العسكريين شهداء دفاعاً عن وحدة الوطن وسلامة أبنائه، وقد تعرض بعضهم في مراحل متعددة لحروق وإصابات جسدية بالغة، الأمر الذي تعذر معه التعرّف عليهم بصورة فردية من قبل ذويهم، ما دفع قيادة الجيش إلى نقلهم إلى مدافن خاصة أنشأتها وزارة الدفاع الوطني خلال العام 1983، وتقع في مكان محاط بسور ومغروس بالأشجار، وله مدخل خاص ومقفل، وقد أقيم في وسطه نصب للشهداء، ولم يكن يوماً مُداساً بأقدام عسكريين أو مدنيين، خلافاً لما تردد في وسائل الإعلام.

 

مراسم تكريم الشهداء

أجرت قيادة الجيش في حينه وفي كل مرحلة على حدة مراسم التكريم اللازمة لهؤلاء الشهداء بصورة جماعية قبل مواراتهم الثرى في المدافن المذكورة، وذلك بحضور رجال دين من مختلف الطوائف وفقاً للأصول الشرعية المناسبة، وقد دأبت القيادة على تكريمهم في عيد شهداء الجيش الواقع في 13 تموز من كل عام، ويوم عيد الاستقلال الماضي وضع قائد الجيش العماد ميشال سليمان إكليلاً من الزهر على نصب الشهداء بعد انتهاء العرض العسكري، وتقرر إحياء تقليد سنوي في هذا اليوم تكريماً للشهداء يتم بحضور قائد الجيش شخصياً.

 

الأوضاع القانونية للمفقودين

حرصت القيادة دائماً على حفظ حقوق المفقودين، وتطبيق القوانين المرعية حيال تحديد أوضاعهم، وتقاضي ذويهم وورثتهم الشرعيين الرواتب المستحقة وفقاً للمرسوم الإشتراعي رقم 102/83 وتعديلاته والتعليمات الخاصة بالمفقودين العسكريين، وقد نصت المادة الثانية من هذه التعليمات على ما يلي:
- إذا فقد المتطوع  في أثناء الخدمة أو بسببها وانقطعت أخباره بحيث لا يُدرى إذا كان حياً أو ميتاً، يتقاضى صاحب العلاقة كامل راتب الحضور لمدة سنتين.
- يمكن بمرسوم بناءً على اقتراح وزير الدفاع الوطني تجديد هذه المدة حتى عشر سنوات كحد أقصى.
وقد نصت المادة الثالثة على الآتي:
بعد مرور أربع سنوات على الفقدان أو عشر سنوات كحد أقصى يمكن وبالتوافق مع الأهل إجراء ما يلي:
- استصدار حكم من القضاء المختص بتوفية المفقود تدفع رسومه ومصاريفه من الأموال الخاصة.
- تنظيم إضبارة وفاة وإحالتها على لجان التحقيق الصحي لإجراء المقتضى.
- تصفية الحقوق لأصحاب الحق وفقاً للأحكام النافذة بعد إحالته حكماً على التقاعد.
في حال عدم التوافق مع الأهل على توفية المفقود بعد مرور عشر سنوات كحدٍ أقصى، يحال المفقود حكماً على التقاعد.

 

تحديد هوية رفات الشهداء

شكلت إثارة موضوع الشهداء في وسائل الإعلام نقلاً عن شهود مسعفين من الصليب الأحمر، صدمة للمواطنين، تركت أثرها البالغ لدى القيادة ودفعتها إلى التحرك بسرعة لإجلاء الحقيقة كاملة وإبعاد الموضوع عن التجاذبات السياسية ومنع أي استغلال له، مستندةً في ذلك إلى التقدم العلمي الحاصل في مجال علم الوراثة الجينية، الذي بدأ تطبيقه فعلياً في لبنان بعد جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه خلال العام الفائت. شكّلت قيادة الجيش بتاريخ 29/10/2005 لجنة مختصة أوكلت إليها متابعة موضوع تحديد هوية عشرين رفاتاً موجودة في المدافن الخاصة بالعسكريين الشهداء في وزارة الدفاع الوطني، وقد باشرت اللجنة أعمالها بإشراف النيابة العامة العسكرية. وبعد إجراء فحوصات الحمض النووي (DNA) لهذه الرفات في مختبر علم الوراثة في الجامعة اليسوعية ومقارنتها مع الحمض النووي لأفراد 84 عائلة ينتمي إليها عسكريون فقدوا خلال فترة الأحداث، تمكنت اللجنة من تحديد هوية عشرة عسكريين، سبعة منهم استشهدوا في أحداث 13 تشرين الأول العام 1990 وهم: الملازم الأول روبير عزيز بو سرحال - الرقيب جوزيف حليم عازار - العريف جاك حنا نخول - العريف الياس يوسف عون - العريف جورج مطانس بشور - الجندي جان جوزيف الخوري - الجندي ميلاد يوسف العلم، وثلاثة آخرون استشهدوا في منطقة الشحار الغربي العام 1984 وهم: العريف نبيل فهيم الخوري - العريف ايلي حنا بركات - الجندي مطانيوس حنا جرجس، وتجري حالياً فحوصات معمقة ودقيقة (DNA CHROMOSONEY) لثلاثة رفات ومقارنتها مع ذوي عسكريين للوصول إلى نتائج نهائية. ويعتبر هذا الإنجاز من أهم ما تحقق لغاية تاريخه ويشكل نقلة نوعية في لبنان في هذا المجال، نظراً لحجم العمل والتوسّع في الفحوصات المخبرية الى جانب العدد الكبير من أفراد العائلات الذين أجريت عليهم الفحوصات.
أما الرفات السبعة الباقية فقد بقيت في المدافن المذكورة، وحفظت التقارير الطبية ونتائج الفحوصات المخبرية العائدة لها في أرشيف قيادة الجيش للعودة إليها في مراحل لاحقة.
وفي هذا الإطار تأمل قيادة الجيش من أهالي العسكريين المفقودين الذين لم يتقدموا بعد من اللجنة العسكرية المختصة، المبادرة إلى التقدم منها وتسهيل عملها بإجراء الفحوصات المخبرية اللازمة، بغية تحديد هوية الرفات الباقية والوصول إلى الحقيقة القاطعة التي لا تقبل أي مجال للشك.

 

تكريم الشهداء العشرة وتشييعهم إلى مثواهم الأخير

بعد انتهاء عملية تحديد هوية هؤلاء الشهداء، تم تصنيفهم من قبل قيادة الجيش شهداء ساحة الشرف، واتخذت الإجراءات الإدارية لتأمين كامل الحقوق المادية إلى ذويهم، وجرى تقليدهم وسامي الحرب والجرحى، وتم نعيهم وإجراء مراسم التكريم اللازمة لهم أمام المستشفى العسكري المركزي وفي قراهم وبلداتهم. وقد جرى الحديث في بعض الأوساط عن عدم وجود حضور رسمي في أثناء مراسم التكريم، وهنا تشير القيادة الى أن لهذه المراسم طابعاً عسكرياً، وهي تتم وفقاً للقوانين المعتمدة داخل المؤسسة، والدعوة إلى حضورها تقتصر على رفاق السلاح والأهل، في حين أن النعي يكون عاماً لحضور تشييع الشهداء إلى بلداتهم تكريماً لهم ولذويهم بعيداً عن أي تجاذب سياسي أو تمييز، أمّا السياسيون الذين حضروا مراسم التكريم، فإن مشاركتهم هذه إلى جانب الأهالي كانت بصفة خاصة.
لهم منا الوفاء والعهد بأن نبقى وإياهم على ما أقسمنا محافظين...