أمر اليوم

صمودكم وتضحياتكم من أهم عوامل قوة اللبنانيين

في مناسبة العيد الثمانين للاستقلال، وجه قائد الجيش العماد جوزاف عون إلى العسكريين أمر اليوم الآتي نصه:
 
أيها العسكريون
في الذكرى الثمانين للاستقلال، نستحضر معاني التضحية والحرية، ونعود بوجداننا إلى محطاتٍ لامعة، تروي للأجيال قصة وطن حُفر اسمه في أعماق التاريخ، ونضالٍ خاضه أجدادنا الذين رأَوا في لبنانَ وطنًا نهائيًّا يحتضن أحلامهم ومستقبل أبنائهم، فبذلوا الغالي والنفيس من أجل حمايته والحفاظ عليه.
 
أيها العسكريون
قُدّر لوطننا أن يواجه التحدي تلو التحدي على مدى تاريخه الحديث، في منطقة تعاني من الاضطرابات والنزاعات الدامية والمتلاحقة. واليوم، نقف أمام مشهد شديد الخطورة، إذ يواصل العدوّ الإسرائيلي ارتكاب أفظع المجازر وأشدّها دمويّة على نحوٍ غير مسبوق في حقّ الشعب الفلسطيني، ويكرّر اعتداءاته على سيادة وطننا وأهلنا في القرى والبلدات الحدودية الجنوبية، مستخدمًا ذخائرَ محرمةً دوليًّا، إلى جانب استمرار احتلاله لأراضٍ لبنانية. في الوقت نفسه، يواجه لبنان تحدياتٍ جسيمةً على مختلف الصعد، تنعكس سلبًا على مؤسسات الدولة، ومن بينها المؤسسةُ العسكرية، التي تقف اليوم أمام مرحلة مفصلية وحساسة في ظلّ التجاذبات السياسية، في حين تقتضي المصلحة الوطنية العليا عدم المساس بها، وضمان استمراريتها وتماسُكها والحفاظ على معنويات عسكرييها.
 
أيها العسكريون
إزاء هذه الصعوبات، تبقى الآمال معلّقة عليكم، والأنظار شاخصة إلى ما حققتموه من إنجازات. لم يعرف اليأس طريقًا إليكم لأنكم بَقيتم متسلّحين بمعنويات عالية، وإرادة لا تنكسر، وعزم لا يلين. تقفون في مواجهة العدوّ الإسرائيلي في الجنوب، حيث تعملون بالتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، وتبذُلون أقصى طاقاتكم لمنع الوضع من التدهور، وما قد ينجم عنه من تداعياتٍ على أهالي المناطق الحدودية. كما تنشرون على طول الحدود، وتكافحون التهريب والتسلّل غير الشرعي للنازحين، الذي يشكّل خطرًا وجوديًّا على الكيان اللبناني، وتنفّذون مهمات معقدة لملاحقة الخلايا الإرهابية والجريمة المنظَّمة، وتوقيف تجّار المخدرات والمخلّين بالأمن. تحافظون على الاستقرار والسلم الأهلي والعيش المشترك، غير آبهين بحملات التشكيك والاتهامات، لأنها واهية تسقط أمام تضحياتكم. ولا بدَّ في هذا السياق من أن نستذكر شهداءنا الأبرار وجرحانا الأبطال، الذين روَوا بدمائهم الزكية تراب الوطن.
 
أيها العسكريون
صمودكم وتضحياتكم هي من أهمّ عوامل قوة اللبنانيين، فثابِروا على القيام بواجبكم، وحافِظوا على جهوزية المؤسسة العسكرية، كي تبقى حاضرة لمواجهة التحديات والتطورات في هذه المرحلة الصعبة، والأخطار التي تهدد لبنان وعلى رأسها العدوّ الإسرائيلي. تَمسّكوا بقدسية مهمّتكم لأنّ في ذلك خلاص بلدنا. سنظلّ درع الوطن وسياجه، نذود عن أهلنا ونردّ عنهم شرّ الأعداء، حتى يظلّ علمنا الشامخ عنوانًا لإرثنا المشرق.