ملف العدد

طلاب شوف ناشيونال كولدج
إعداد: جان دارك أبي ياغي

كان بودّنا أن نشعر بالفخر الآن... لكنه موضوع إنشاء أكل الدهر عليه وشرب


في قاعة السيدة مي سعيد حماده (إبنة مؤسس المدرسة العلاّمة الأستاذ سعيد حماده) كان لمجلة «الجيش» لقاء مع طلاب الصف المتوسط الثامن والصف الثانوي الثالث في مدرسة شوف ناشيونال كولدج- بعقلين، الذين تراوحت أعمارهم بين 13 و17 سنة، في حلقة حوار حول مفهومهم للاستقلال وكيفية الحفاظ عليه وصونه بعد 70 عامًا على استقلال لبنان.

 

معنى الذكرى
في بداية الجلسة تحدّث الطلاب عما تعنيه لهم ذكرى الاستقلال، فاعتبر كل من سيزار أبو خزام (علوم حياة) ورفيق غصيني (علوم عامة) وريدا سِنْطبَيْ (الثامن أساسي) وسامر حماده (علوم عامة)، أن لبنان استقلّ عن الانتداب الفرنسي في خطوة لاستعادة حريته وسيادته وقراره الحرّ. وأشاروا إلى عظمة رجالات الاستقلال (عدّدوا أسماءهم) وتضحياتهم في سبيل هذا الاستقلال، والذين يستحقون منّا اليوم كل التقدير والتكريم. وأصرّ البعض منهم على الإشارة الى أول شهيد للاستقلال ويدعى نجيب فخر الدين.
إذا كان للاستقلال أبطال دفعوا دمًا ثمنًا للحصول عليه، فواجب الحفاظ عليه مهمة أصعب لكي نستحقه عن جدارة. هو إرث ثمين بالنسبة إلى الطالبة جمال ملاّك (علوم عامة) يحتّم علينا التذكير به في كل مفصل من حياتنا وفي كل محطة تاريخية ووطنية، كما طالبت الدولة بإدراجه في الامتحانات الرسمية بمراحلها المختلفة.
يعقّب الطالب رفيق غصيني على كلام زميلته ويدعو إلى تخليد الذكرى بشكل دائم كي لا تموت، وإلى تناقلها عبر الأجيال.
ولكنّ للطالب سيزار أبو خزام رأيًا آخر هو تجسيد شعار الجيش «شرف، تضحية، وفاء» للمحافظة على الاستقلال.
أما الطالبة مايا نصر (علوم عامة)، المتحمّسة جدًا للدولة العلمانية، فترى أنه من المهم جدًا أن نكون مستقلّين بأفكارنا وقراراتنا وليس الاكتفاء باستقلال البلد. وأفضل طريقة للحفاظ على الاستقلال برأيها، هي التفكير بمصلحة لبنان فقط وعدم التبعية للخارج، وهذا أهم بكثير من تدريسه في كتب التاريخ.
ختام هذا المحور كان مع الطالبة كارول فراجي (الثامن أساسي) التي أصرّت على التمسّك بذكرى الاستقلال والتوقّف دائمًا عند سيرة رجالاته الذين تعتبرهم قدوة يحتذى بها.

 

أي لبنان يريدون؟
لكلّ جيل من الأجيال لبنانه يرسمه حُلمًا في خياله ويسعى إلى العيش فيه. ولبنان بالنسبة إلى مايا نصر هو الدولة العلمانية حيث لا مجال للخلافات والنعرات الطائفية، ولا تبعية للأحزاب والطوائف إنما انتماء خالص للوطن.
هذا الطرح أيّدته زميلة صفّها جمال ملاّك التي تحلم بلبنان الأخضر، السيّد، الحرّ، لبنان الحضارة والتعددية لا لبنان التعصّب والتخلّف.
هذه الصورة ترسمها أيضًا التلميذة ريم قعسماني (14 عامًا) مع إضافة ضرورة احترام القوانين وتطبيقها.
أما التلميذان مياد مرسِل (علوم عامة) وسامر حماده فوجدا في صورة لبنان الدولة الواحدة لا الدويلات، على غرار الوحدة التي جسّدها رجالات الاستقلال بكل طوائفهم، الحلّ الأنسب لكل المشاكل التي نعانيها.


الحامي الوحيد
في المحور الرابع للنقاش، أجمع الكل على أن الجيش اللبناني هو الحامي الوحيد للاستقلال. ولكن، وحدة اللبنانيين وتضامنهم ووقوفهم صفًا واحدًا في وجه التدخلات الخارجية تعزز دور الجيش في صون الاستقلال، في رأي ريدا وكارول (13 عامًا) وأدهم زين الدين.
عند وصول النقاش إلى المحور الخامس حول الهوية اللبنانية كانت الصدمة. تراجع الهدوء وبات النقاش حاميًا. ردّة الفعل الأولى كانت: جمال ملاّك، لا تفتخر بالهوية اللبنانية لأنها هوية طائفية لا لبنانية، خصوصًا في ظل الصراعات والفتن والخلافات السياسية. وإذا افتخرت، فقط لأنّ لبنان بلد الحضارة والعريق في التاريخ لا بــلد الطبقــة الســياســية الــتي تشــوّه

 

صــورة لبنان.
إضافة إلى ما قالته زميلته جمال، سيزار أبو خزام يتساءل: كيف يمكن أن يفتخر بالهوية اللبنانية في ظل الفساد المستشري... يؤيّد زملاؤه هذا الطرح مع الاستشهاد بأمثلة.
أما مايا نصر الثائرة على كل شيء، فتعتبر الافتخار بالهوية اللبنانية «ضحك على الدقون». وتضيف: «حدث الاستقلال العام 1943 كان وقفة تاريخية آنذاك، وأصبح مع الوقت مجرّد احتفال فولكلوري فاقدًا معناه الحقيقي». وتعود لتطالب بالدولة العلمانية كحل للنزاع الطائفي.
ويسأل مياد مرسل عن جدوى الافتخار بالهوية اللبنانية مقابل أن الوطن يدفع أبناءه إلى الهجرة. نسألهم: هل ستهاجرون بعد الانتهاء من التحصيل العلمي؟ الجواب: «ليس أمامنا إلا أبواب الهجرة»، لكن سامر حماده يخرج عن رأي الغالبية معربًا عن افتخاره بكونه لبنانيًا لأن لبنان وطن جبران خليل جبران، وميخائيل نعيمه، ووديع الصافي وفيروز... فتقاطعه مايا نصر بالقول: إنه موضوع إنشاء أكل الدهر عليه وشرب.
بعد 70 عامًا على الاستقلال، أي لبنان ترث أجيال العلم والنور والمعرفة؟
سؤال نضعه برسم المعنيين.