من هنا وهناك

عبدالله العلايلي: فكرٌ طليعيٌّ في تراث لبنان
إعداد: جان دارك أبي ياغي

في ختام سلسلة محاضرته لهذا الموسم 2011 دعا «مركز التراث اللبناني» في «الجامعة اللبنانية الأميركية» - بيروت، إلى لقاءٍ حول العلاّمة الشيخ عبدالله العلايلي، أداره مدير المركز الشاعر هنري زغيب، بمشاركة كل من الدكتور أمين فرشوخ، والدكتور منيف موسى، والدكتور وجيه فانوس، والدكتور بلال العلايلي.
بعد الكلمة الافتتاحيّة للشاعر هنري زغيب عن دور العلايلي في اللغة والأدب والفقه الإسلامي والوطنيّة العميقة، كانت الكلمة الأولى للدكتور أمين فرشوخ بعنوان «وجهٌ آخَر للعلايلي». وشدّد فرشوخ على أنّ العلايلي «إصلاحي مرَبٍّ بنّاءٌ لا هدَّام، يقول في السياسة: «أيها الزعماء دعوا الشعب ولا تغرّروه بالجهاد السياسي، خذوه بالإعداد الاجتماعي أولاً، حطموا أغلاله الاجتماعية ليشعر أنه حر في بقعة الأرض الصغيرة التي تحتوي عليه، حطموا له القيود التي ولَّدها الجهل والضعف». وأضاف: «الإصلاح الذي يراه العلايلي هو ثورة في الفكرة، وثورة في النداء، وثورة في العمل. ثار على الطائفي والمذهبي والمادي والمتطرف والتاجر الجشع والسياسي المستبد»...
الدكتور منيف موسى رأى أنّ العلايلي تَفَتَّقَتْ له أبوابُ الإصلاح في تأصيل العربيَّة والتوسُّعِ بها تطويرًا وعصرنةً، وارتقاءً بالأُسلوب رشاقةً وإشراقَ بيان، فكان صاحبَ طريقةٍ ونَحْوَ نهجٍ جلبابُهُ نهجيّةٌ حديثة رمزيّة، تمثّلَ في تاريخ الآدابِ العربيّة الحديثة لُغويًّا في ثيابِ أديب، ما جعلَ الأديبَ اللبنانيّ المتمصِّر بشر فارس يمتعضُ من ترك العلايلي الأدبَ إلى اللغة.
من جهته، بحث ثالث المتكلّمين الدكتور وجيه فانوس في الاجتهاد الحضاري عند العلايلي - كتاب «أين الخطأ؟» نموذجاً، وقال: «لم يلقَ منهج العلايلي دعماً سياسيَّاً من أهل السُّلطة ذوي القرار، ولا شدَّ أزره مَن بمقدورهم قيادة التَّغيير، ولم يَحظَ شخصيَّاً بدعم جماهيري بين النَّاس، فغلبت عليه صفة اللغوي، وطغى على وجوده الفقهي لقب «الشَّيخ الأحمر»، لاعتقاد الكثيرين أنَّ العلايلي كان يعمل بمنهج ماركسي أو«شيوعيِّ»، وفق مقولة بعض عامَّة ذلك الزَّمن! لذا يبقى بعض فكر العلايلي في كتبه ومؤلفاته ومحاضراته وما دَوَّنه بعض خلصائه من أحاديثه الخاصة معهم، وخصوصاً في المرحلة الأخيرة من حياته...
والكلمة الأخيرة كانت للمهندس الدكتور بلال العلايلي، الذي تحدّث عن ذكرياته مع أبيه، قال: «مذ وعيت وأنا أراه مفترشاً الأرض، أحاطت به الكتب من كل جانب، كتب في الفلسفة وكتب في الدين ومعاجم اللغة والكثير الكثير غيرها، وعلى الرغم من سوداوية طبعته بها أهوال الحروب التي عاشها طفلاً، كان يقدّر النكتة الذكية فلا أزال أسمع ضحكته الحية الصافية إذا سعد بإحداها، ولا أزال أذكر التماع تلك العينين السوداوين المشعّتين دوماً إذا راودت خاطره فكرة جديدة يقلّبها في عقله حتى ليستحيل وجهه عينين فقط».
وأشار العلايلي إلى أنّه «كان للحديث طعم حلو مستساغ دوماً مع أبي، وكان الحديث يصفو ليلاً وهو الساهر دوماً يتحرى ساعات السكينة والهدوء لينكبّ على كتبه وأعماله، وكتاباته ومطالعاته وقصاصاته الصغيرة يسجّل عليها ما يرد في الخاطر». وتخلّل اللقاء عرضُ لقطاتٍ مصوّرة من سيرة العلايلي ومؤلّفاته وأحاديث تلفزيونيّة معه ومنحه وسام الاستحقاق اللبناني ثم تشييعه يوم وفاته.

 

في سطور
الشيخ عبدالله العلايلي المولود في بيروت سنة 1914، خرّيج الأزهر في الفقه، وخرّيج جامعة فؤاد الأول في دراسة الحقوق. كان عضو المجلس الشرعي الأعلى في بيروت وأستاذًا في معهد المعلمين العالي ولدى كلية الآداب في الجامعة اللبنانية، كما كان عضو المجمع العربي السوري ونائب رئيس الأكاديميا اللبنانية. وله مؤلفات كثيرة أبرزها:
«مقدمة لدرس لغة العرب» (1938)، سلسلة إني أتّهم» ( 7 أجزاء-بيروت 1940)، «تاريخ الحسين» (بيروت 1940)، «المعرّي ذلك المجهول» (بيروت 1944)، «المعجم» (بيروت 1945)، «مثلهنّ الأعلى – السيدة خديجة» (بيروت 1955)، «المرجع» (بيروت 1963)، «من أجل لبنان» (بيروت 1977).
توفي في 3 كانون الأول 1996.

 

«دون كيشوت» يفتتح مهرجانات جبيل
«دون كيشوت» أول عمل مسرحي غنائي يوقّعه الإخوة مروان، غدي، وأسامة منصور الرحباني بعد غياب الوالد «المعلم» الذي أوصاهم بتحدي الذات، فهو التحدي الحقيقي في الحياة.
تحويل رواية «دون كيشوت»، القصة الأشهر في العالم لسرفانتس، عملاً مسرحيًا غنائيًا لبنانيًا حديثًا حلم راود أسامة الرحباني منذ سبعة أعوام، «وقد حان الوقت للبننتها في هذه المرحلة التي تحتاج إلى دون كيشوت حقيقي حالم يخلّص لبنان من التبعية والتشرذم والفساد».
و«دون كيشوت» فانتازيا تجمع بين الحضارة القديمة والجديدة، وهي تنطلق من واقعنا وتأخذنا إلى رحاب قصة تلقي الضوء على مكامن الغلط والفساد، وتضع الإصبع على الجرح بواسطة فارس حالم جوّال وعاشق لدولسينا الخيالية التي يعيدها إلى طبيعتها ونقاوتها بعدما أفسدها المجتمع، كما يحاول زرع أحلام التغيير في عقول الناس ونفوسهم، لكنه يصطدم بحقيقة محزنة وهي أن المجتمع غير راغب في التغيير ومتعلق بأمراضه ولاهث وراء فساده وتابع لأهواء زعمائه.
وإذا أردنا اختصار هذه الرواية بكلمة، فهي رواية التهكّم والسخرية الأولى في أدب الغرب. بيد أن الرواية التي تضحك الناس تنطوي على ما يُحزن ويُبكي.
برؤية إخراجية جديدة، وإنتاج متقن ومسرحة وتأليف درامي وغنائي، وموسيقى متألقة تأليفًا وتلحينًا وتوزيعًا وغناءً، في إطار ديكورات متحركة عالية التقنية، وأزياء مستقبلية النكهة على كثير من الجنون والإبتكار مع كوريغرافيا ورقص آسر وكوكبة من الأسماء الكبيرة اللامعة في عالم المسرح والتمثيل والغناء، تجسدت المسرحية.

• «دون كيشوت»:
- فكرة رؤية موسيقى وإنتاج: أسامة الرحباني.
- مسرحة وتأليف: غدي الرحباني.
- إخراج: مروان الرحباني.
- المستشار الفني: فؤاد خوري.
- تصميم الأزياء والديكور: أغنيس تربلن.
- كوريغرافيا: دوللي صفير وباسكال صايغ زغيب.
- الرقص: فرقة «أرابسك».
- إشراف على تنفيذ الديكور: ميريام قرداحي.
- بطولة: رفيق علي أحمد، هبة طوجي، بول سليمان، أنطوان بلابان، أسعد حداد، نزيه يوسف، مايا يمّين، طوني عيسى، ريتا حايك، بطرس حنا، سليمة طعمة... وأكثر من ستين مشاركاً.


«يوسف فرنسيس البرّي: زهرة لبنان وصدى كسروان»
ضمن سلسلة الشعر اللبناني، عن مركز «فينيكس» للدراسات اللبنانية، في جامعة الروح القدس- الكسليك صدر كتاب «يوسف فرنسيس البرّي»:  زهرة لبنان وصدى كسروان» إعداد وتقديم الشاعر جوزف أبي ضاهر.
البرّي هو قوّال ورسّام (من غوسطا - كسروان، 1864 -  1939) تعلّم مبادئ العربية والسريانية في مدرسة عين ورقه، وانصرف باكرًا إلى العمل مواجهًا صعاب الحياة، وبخاصة في خلال الحرب العالمية الأولى، ثم اضطر الى السفر إلى أميركا سنوات سبع.
في المناخ القاتم شبّ البرّي، ورفع صوته منتقدًا وراصدًا، ومؤرّخًا «غدر الزمان» وما ترك صداه من أثر موجع في كسروان وأهلها... ومرّات حوّل الإنتقاد إلى دعابة سوداء هي أشدّ وقعًا من الوصف التصويري. فكتب على اللحن السرياني - الماروني «جناز الحرب»، بكى فيه حال الناس التي فتك الجوع بها، واضطرها إلى بيع الأرض لسدّ رَمَق. وكان كتب، قبله، «جناز الورق» تسلية وتفكهة وسخرية من الخاسرين (...)، وخصّ أصحاب المقامات والأعيان بـ «زهر» المدائح، فخلع عليهم قصائده الزجلية، واستعان بفصيح الكلام والوزن، لتنسكب الأبيات الزجلية مع مزيد من التكريم والتقدير... وربما الإعجاب.
...وبعيدًا من أهوال حرب «الأربعتعش» ومآسيها، وملحمتها، والمديح، تصدّر البرّي المناسبات حين يُفرض التحدّي والقول ارتجالاً. وإذا ارتاح مال إلى الغزل اللمّاح، وما باح بأكثر، مانعًا «أمواج» اللهفة من الإنفلاش فوق شواطئ الكلام. كذلك رسم بموهبة فطرية، لوحات زيتية، وحفر ونحت، وبعض ما ترك من نقش ومنحوتات، في أديرة وكنائس، يشهد على موهبة لم يتوافر لها العلم والتوجيه... ولا التقدير.
الكتاب يلقي الضوء على ما توافر من سيرته، مع مختارات من زجله، وهو الكتاب السابع في سلسلة بعد: الرئيس أيوب تابت: شاعر الودّي، الخوري لويس الفغالي: شمس المعنّى، أسعد الخوري الفغالي: شحرور الوادي والمنبر، الياس الفرّان: سلوى الهموم والغربة، رشيد نخله: أمير الزجل، منصور شاهين الغريّب: شيخ الكار.