العوافي يا وطن

على مسار النهوض
إعداد: د. إلهام نصر تابت

في غضون أشهر قليلة تغيّر المزاج العام للبنانيين، فمن بؤرة الإحباط والقلق إلى أجواء الأمل والثقة بالغد، اجتاز المواطنون مسافة جعلتهم على مسار النهوض والبناء وهم لطالما أتقنوا فن النهوض من تحت الركام. 

فبين الانتخابات الرئاسية والانتخابات البلدية خطت الدولة خطوات مهمة على طريق استعادة حضورها وهيبتها. 

على صعيد عودة الانتظام إلى عمل المؤسسات عقب تشكيل الحكومة، تم إقرار التعيينات في مراكز إدارية وعسكرية، وقد لمس المواطنون مفاعيلها، وعاينوا مواكبة الدولة لعمل الإدارات وإثباتها أنّ مكافحة الفساد لن تكون مجرد شعار.

وعلى مستوى التعامل مع تداعيات الحرب المدمرة التي تعرّض لها لبنان، يُقدّر اللبنانيون الجهود السياسية لدولتهم من خلال تواصلها مع الخارج والداخل، كما يقدّرون الجهود العملانية لجيشهم على الأرض يرويها عرقًا ودماءً. 

فرغم تواصل الاعتداءات الإسرائيلية وتَعَنُّت العدو، يقف لبنان بصلابة مدافعًا عن حقوقه متعهدًا بحماية أرضه وحصر السلاح في يد الدولة رافضًا الرضوخ لأي ضغوط تهدد السلم الأهلي. هنا يحضر التعامل مع قضية مطلقي الصواريخ باتجاه ”إسرائيل“ كنموذج لهيبة الدولة وسيادتها، وكذلك الأمر بالنسبة إلى التعامل مع قضية السلاح الفلسطيني داخل المخيمات بعد أن تسلّم الجيش مراكز الفصائل التي كانت متمركزة خارج هذه المخيمات. النموذج إياه رأيناه في تعامل الدولة الحازم مع الإشكالات على حدودنا مع سوريا. 

ننتقل إلى الورشة التشريعية التي أيقظت قوانين مهمة ظلت نائمة في الأدراج لسنوات، ومن بينها تعديل قانون السرّية المصرفية الذي أُقر، وقانون استقلالية القضاء الذي أحالته الحكومة إلى مجلس النواب لإقراره، ولكليهما أهمية حاسمة في السير نحو الشفافية ومكافحة الفساد والعدالة وسواها من مبادئ لا تقوم للدولة قائمة من دونها. 

وإلى علاقات لبنان بالخارج التي استعادت زخمها وباتت تَعِد بثمار ونتائج جيدة، من أولى بشائرها عربيًا رفع حظر سفر الإماراتيين إلى لبنان، هنا تُذكر أيضًا الإجراءات المتّخَذة في المطار وأعمال التأهيل التي شهدها. 

أما دوليًا فقد عادت صورة لبنان المنفتح الحاضر على الساحة العالمية. نصل إلى الانتخابات البلدية والاختيارية التي جرت خلال الشهر الفائت، وهي ليست تفصيلًا وإنما استحقاق وطني أساسي على طريق الديمقراطية والتنمية خصوصًا بعد تأجيلها أكثر من مرة ووجود بلدات من دون مجالس بلدية بسبب حَلّها أو استقالتها، وبعدما أرسى العدو الدمار والخراب في أنحاء واسعة من مناطقنا. 

ما ذكرناه لا يرقى إلى مستوى جردة بما حصل خلال الأشهر القليلة الماضية، وإنما هو بعضٌ من مؤشرات استعادة الدولة لحضورها ودورها وسط حقول الأشواك والشكوك. 

حضور ودور ما كان لهما أن يصبحا واقعًا من دون الأداء المبهر لجيشنا من رأس الهرم إلى قاعدته، ومن أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال والشرق مرورًا بسائر المناطق وسَيل المهمات التي يؤديها عسكريونا يوميًا بكل ما راكموه من عزم وثبات واندفاع، وبكل ما عرفناه فيهم من التزام وشجاعة وانضباط وإرادة في مواجهة التحديات. فكما حمى الجيش لبنان من الانهيار والسقوط خلال السنوات الماضية المكتنزة بالأزمات القاسية وظلّ ثابتًا متماسكًا مؤمّنًا ركيزة أساسية يُبنى عليها لإطلاق مسيرة النهوض، ها هو يواكب المسيرة ويشق لها طرقات الأمن والأمان.

.العوافي يا جيشنا

.العوافي يا وطن