- En
- Fr
- عربي
مهمات خاصة
الخاطفون استسلموا لكن... هل نجحت المهمة؟
في 29 شباط 1978، أغارت قوات مصرية بقيادة العقيد أركان حرب مصطفى الشناوي (قائد قوة المهمات الخاصة)، على مطار لارنكا الدولي في قبرص. هذه الإغارة كانت محاولة لتحرير رهائن قامت باختطافهم مجموعة صبري البنا المعروف باسم «أبو نضال» (شخصية سياسية فلسطينية، أسس ما عرف باسم فتح - المجلس الثوري أو منظمة أبو نضال)، أما النهاية فلم تكن سعيدة...
الاحتجاز
كان الخاطفون قد اغتالوا الأديب يوسف السباعي، وزير الثقافة في عهد الرئيس أنور السادات في 18 شباط 1978، وتابعوا عمليتهم باحتجاز عدد من المصريين والعرب الذين كانوا يحضرون مؤتمرًا في نيقوسيا، بحيث هدّدوا الحكومة القبرصية بقتلهم إن لم تضع في تصرّفهم طائرة لنقلهم إلى خارج قبرص. وعندما حاول الخاطفون الهبوط بالطائرة DC-8 وعلى متنها 16 شخصًا، في عدّة مطارات من سوريا إلى ليبيا واليمن وجوبِهوا بالرفض، هبطوا اضطراريًا في جيبوتي ثم قرّروا العودة إلى مطار لارنكا.
تدخّل القوات المصرية
حزن الرئيس السادات لاغتيال الوزير السباعي وهو صديق مقرّب منه، وطلب من الرئيس القبرصي سبيروس كبريانو إنقاذ الرهائن وتسليم الخاطفين للقاهرة. فذهب الرئيس القبرصي بنفسه إلى المطار وحاول التفاوض مع الخاطفين، ولكن جهوده باءت بالفشل.
بعد تأخّر عملية تحرير الرهائن، أرسل الرئيس السادات نخبة من القوات الخاصة المصرية المتخصصة في مكافحة الإرهاب (الوحدة 777 قتال) إلى قبرص. الوحدة حملت معها رسالة للرئيس القبرصي مفادها: «الرجال في طريقهم لإنقاذ الرهائن»، وذلك من دون أي توضيح. ومنذ لحظة وصول الوحدة 777 إلى مطار لارنكا، بدأت الهجوم من دون أي تصريح من الدولة القبرصية، وهذا ما يُعد في القانون الدولي عملية غزو عسكري لدولة مستقلة ذات سيادة على أراضيها.
سير العملية
خرج من الطائرة C-130 التي كانت تُقل الوحدة 777، جيب عسكري بداخله ثلاثة رجال، هؤلاء كانوا مقدّمة طابور ضمّ 58 رجلًا من الوحدة، تقدّموا باتجاه الطائرة المخطوفة التي أحاطت بها قوات الأمن القبرصية. أطلق رجال الأمن القبارصة إنذارًا شفهيًا بوجوب التوقف وعودة المصريين إلى طائرتهم لعدم حصولهم على إذن بتحرير المخطوفين، ومع عدم تجاوبهم، تبادل الطرفان إطلاق النار وتمّ تدمير الجيب بقذيفة «آ ربي جي» قبرصية، ما أدّى إلى مقتل طاقمه.
كانت القوات الخاصة المصرية تفتقر لأي تغطية، فتفرّق عناصرها في أنحاء المدرّج، واحتمى بعض أفرادها بطائرات فرنسية قريبة، وتابع الطرفان تبادل إطلاق النار لأكثر من ساعة بالأسلحة والرشاشات الثقيلة. وقصف القبارصة الطائرة المصرية بقذيفة مضادة للدبابات من عيار 106 ملم، ما أدّى إلى مقتل طاقمها.
الرئيس القبرصي كان في برج المراقبة يراقب ما يحدث من دون تحريك ساكن، حتى أجبر على إخلاء البرج الذي استهدفه المصريون بالأسلحة الثقيلة.
نهاية مأسوية
في خضمّ الهجوم، استسلم خاطفو الطائرة. لكن المعلومات حول مصيرهم تضاربت، فبعضها يخبر أنّهم سلّموا لاحقًا للقاهرة حيث حكم عليهم بالإعدام ثم خفف الحكم. وبعضها الآخر قال إنّ القضاء القبرصي حكم على الخاطفين بالإعدام، وبعد عدّة أشهر أصدر الرئيس القبرصي قرارًا بتخفيف الحكم ليصبح السجن مدى الحياة. وبعدها تمّ إطلاق سراحهم وتهريبهم إلى خارج قبرص بصورة سرية وبجوازات سفر مزوّرة.
أسفرت العملية عن مقتل 15 من رجال الصاعقة المصريين وجرح ما يزيد على ثمانين من الطرفين. وتمّ القبض على باقي عناصر القوة 777 الذين يُقال أنهم رفضوا تسليم أنفسهم حتى تمّ التفاوض مع القاهرة لإصدار أمر بالانسحاب بعد مهمّة دبلوماسية. وقد انتهت المفاوضات مع الحكومة القبرصية بالإفراج عن القوة المصرية وعودتها لأرض الوطن بكامل سلاحها. وتمّ تكريم أفرادها في مجلس الشعب وتصوير الأمر على أنه نصر، لكنه من الناحية العسكرية اعتبر هزيمة. أدّت هذه العملية إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين قبرص والقاهرة لعدّة سنوات. وانتهت الأزمة بين البلدين بعد اغتيال الرئيس أنور السادات العام 1981، حيث طلب الرئيس القبرصي إعادة العلاقات مع تقديم اعتذار رسمي، مشدّدًا على أنه لم يكن ممكنًا إعطاء الإذن للمصريين للهجوم على الطائرة.