أرضنا آمنة

عودوا إلى أراضيكم بأمان...
إعداد: الرقيب أول كرستينا عباس

في العام 2014، تمركزت مجموعات إرهابية مسلّحة من بينها "جبهة النصرة" و"داعش" في جرود مناطق عرسال ورأس بعلبك والقاع. في العام 2017، خاض الجيش معركة ضارية ضدّ الإرهابيين، فأشرق "فجر الجرود" معلنًا طردهم، وبدأ العمل بالتعاون مع دول صديقة وجمعيات ومنظمات غير حكومية من أجل تنظيف المنطقة بالكامل من مخلفاتهم.

 

اليوم، وبعد سنوات من العمل الدؤوب، أكّد قائد الجيش العماد جوزاف عون اكتمال التحرير بإعلان جرود عرسال ورأس بعلبك والقاع خالية من مخلّفات الحروب"، وذلك في الاحتفال الذي أُقيم برعايته في رأس بعلبك، وحضره إلى جانبه سفراء الولايات المتحدة الأميركية Dorothy shea واليابان Magoshi Masayuki وهولندا Hans Peter Van Der Woude وكوريا الجنوبية Park IL ومحافظ بعلبك الهرمل بشير خضر، ومدير برامج المجموعة الاستشارية للألغامMAG  السيد Greg Crowther ومدير المركز اللبناني للأعمال المتعلقة بالألغام العميد الركن جهاد البشعلاني، إضافة إلى ممثلين عن الدول المانحة والمنظمات الدولية والوطنية العاملة في مجال نزع الألغام وعدد من الضباط والملحقين العسكريين وفاعليات المنطقة.

 

انتصارنا اكتمل

قائد الجيش دعا الأهالي للعودة إلى أراضيهم واستثمارها وتحويلها "من أراضٍ جرداء إلى مساحات خضراء مفعمة بالحياة والأمل". ووعد بأن تستمر المؤسسة العسكرية في مهمّتها لتنظيف باقي الأراضي اللبنانية من كل ما يعيق وصول أصحابها إليها.

"لا شكّ في أنّ مواجهة هذا العدوّ الخفي مهمّة صعبة ومعقّدة، لا سيما في هذه المنطقة بسبب غياب الخرائط والتمويل الداخلي الكافي" يؤكد قائد الجيش، ولكنّ "وقوف الدول الصديقة إلى جانبنا، وكذلك المنظّمات غير الحكومية بمختلف إمكاناتها، ساعدنا بشكل ملحوظ في إنجاز المهمّة... بفضل هذا الدعم، بدأ الجيش عملية تحرير جرود عرسال ورأس بعلبك والقاع من الأجسام المتفجّرة فور استعادتها من يد الإرهاب، ما سهَّل استحداث مراكز عسكرية على طول الحدود، وربطها بشبكة طرقات واسعة تمّ وضعها بتصرّف أبناء المنطقة للوصول إلى أراضيهم بسهولة وأمان". وهنا جدد العماد عون الشكر "للدول الصديقة، وبخاصة الولايات المتحدة الأميركية عبر برنامج 1226، ولكل أصحاب الأيادي البيضاء الذين ساهموا في إنجاز هذه الطرقات حتى أصبحت بمثابة شرايين حياة للمنطقة".

 

كفى تنظيرًا!

وتابع العماد عون قائلًا: "إنّ خدمتي العسكرية في هذه المنطقة كقائد لجبهة عرسال قبل تسلّمي قيادة الجيش، أتاحت لي تلمّس معاناة الأهالي بسبب احتلال الإرهاب لأراضيهم وتَوقهم للعودة إلى كنف الشرعية والجيش، وما وعدنا به حققناه. يستحق أهلنا في هذه المنطقة كما باقي المناطق اللبنانية، أن ينعموا بالأمن والاستقرار وأن يستثمروا أراضيهم ويثبتوا فيها. يستحقون منا كل التضحية مهما كانت التضحيات".

وإذ أشار إلى أنّ انتشار الجيش في المنطقة على طول الحدود تتخلله صعوبات كثيرة ناجمة عن طبيعتها الجغرافية من جهة ونقص العديد من جهة أخرى، وضع النقاط على الحروف مؤكدًا أنّ العسكريين يبذلون قصارى جهودهم لحمايتها ومنع عمليات التهريب والنزوح غير الشرعي. وهم يتعرّضون  لشائعات شتى ولاتهامات بالتقصير، فيما الحقيقة تثبتها الوقائع اليومية بالجهود الجبّارة التي تقوم بها الوحدات المنتشرة على الأرض. وبنبرة حاسمة دعا "كلّ مشكّك لزيارة الحدود والاطّلاع ميدانيًّا على الوضع الذي ينذر بالأسوأ قريبًا. فكفى تنظيرًا واتّهامات باطلة وليقفوا خلف الجيش، لأنّه كان صمّام الأمان للبنان وسيبقى كذلك، ولن يحيد عن قسمه وواجباته"...

 

التزامنا ثابت

من جهتهم، شدّد السفراء Shea و Masayukiو Van Der Woudeعلى استمرار سلطات بلادهم في الوقوف إلى جانب لبنان خلال المرحلة الراهنة الحافلة بالصعوبات، ودعم الجيش اللبناني ولا سيّما في مجال تحرير الأراضي الملوثة بالألغام ومخلفات الحروب ومساعدة ضحايا الألغام على التعافي من إصاباتهم، منوّهين بتضحيات المؤسسة العسكرية لحماية أرواح اللبنانيين من خطر الألغام والسماح لهم باستثمار أراضيهم.

في السياق عينه، عبّر مدير برامج المجموعة الاستشارية للألغام MAG السيد Greg Crowther عن فخره بانتهاء الأعمال إلى جانب الجيش اللبناني بنجاح، مشيدًا بالمساهمات الاستثنائية التي قُدّمت، وبمساهمة المانحين التي أظهرت التزامًا مشتركًا حيال المبادئ الإنسانية.

 

مسار تحرير الأراضي طويل

من جهته، أكّد مدير المركز اللبناني للأعمال المتعلقة بالألغام العميد الركن جهاد البشعلاني أنّ مسار تحرير الأراضي الملوثة من مخلّفات الحروب طويل ولا يمكن عبوره "إلا بتضافر الجهود المحلية ودعم المجتمع الدولي"، وأشار إلى أنّ عناصر المركز يدركون صعوبة هذا المسار. ولهذا السبب يسعى ضباط وقادة المركز إلى إيجاد الحلول وإعداد استراتيجية خروج " يُعلَن فيها تحرير الأراضي الملوَّثة بعد معالجة المعلومات المسجلّة في قاعدة البيانات، ووضع آلية عمل مستقبلية، تقوم على الاستجابة الفورية عند العثور على ذخيرة غير منفجرة على كامل الأراضي اللبنانية".

 

فرحة تستذكر التحرير الأول

بدوره، أكّد محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر أنّ الجيش اللبناني يخوض أكثر من معركة في سبيل حماية البلاد من أي خطر داهم. فقيادته اليوم تحارب في سبيل تأمين مقومات العيش لرفاق السلاح، وتخوض أيضًا معركة المحافظة على السلم الأهلي في وجه المخلّين بالأمن، وكذلك معركة الدفاع عن لبنان في وجه العدو الإسرائيلي والتنظيمات الإرهابية. واستذكر وجوه الأهالي السعيدة حين كانوا يهنّئون الجيش بعدما طرد الإرهابيين من الجرود في العام 2017، فكان التحرير الأول. هذه الوجوه التي يراها مجدّدًا بعد ست سنوات نتيجة جهود الجيش لتحقيق "التحرير الثاني" بتنظيف الأراضي من مخلّفات الحروب. وقدّم الشكر باسم أبناء محافظة بعلبك الهرمل إلى كل من ساهم في إنجاز المشروع.

فرحة فاعليات المنطقة والأهالي لا توصف بالإنجاز الذي تحقق بعد انتهاء عمليات تنظيف الأراضي من الألغام والقنابل غير المنفجرة. وهذا ما عبّروا عنه لمجلة "الجيش". فالنائب العام  الاستئنافي في البقاع القاضي منيف بركات، يؤكد أنّ هذه الخطوة أثمرت ارتياحًا كبيرًا لدى المواطنين ولدى الجسم القضائي أيضًا...

 

راحة بال وأمان!

بدورهم نوّه رؤساء بلديات المنطقة ومخاتيرها بأهمية الإنجاز الذي تحقق وبتفاني العسكريين والعاملين معهم. "أصبحنا نتجرّأ على التوجه إلى جردنا وإعادة الحياة إليه والعمل في أرضنا واستثمارها بطمأنينة وراحة بال"، يؤكّد رئيس بلدية رأس بعلبك منعم نخلة مهنا. أمّا رئيس بلدية بعلبك مصطفى الشل، فقد اعتبر أنّ هذه الخطوة هي استكمال للجهود التي أثمرت تحرير الجرود من رجس الإرهاب.

وشكر مخاتير كل من جديدة الفاكهة يوسف الخوري ورأس بعلبك يوسف روفايل وجورج روفايل الجيش اللبناني ومجموعة MAG على هذا الإنجاز كونه يساهم في تحسين الحركة السياحية في المنطقة بعد تطهيرها من الألغام، فضلًا عن استثمار المزارعين لأراضيهم وإقامة المشاريع الإنمائية فيها.

أنهى الجيش اللبناني بمساعدة الدول الصديقة والجمعيات الأهلية والمنظمات غير الحكومية مهمة تحرير جرود عرسال ورأس بعلبك والقاع من مخلفات الإرهاب، وسلّم الأهالي منطقة آمنة، مؤكدًا أنّه دائمًا إلى جانبهم.

 

في خمس سنوات ...

عمل عناصر الجيش اللبناني إلى جانب فرق المجموعة الاستشارية للألغام MAG على مدى خمس سنوات من أجل تنظيف منطقة جرود عرسال ورأس بعلبك والقاع من الألغام والذخائر غير المنفجرة. وكانت حصيلة العمل:

- تنظيف نحو 2,5 مليون م2 من الأراضي.

- معالجة 219 لغمًا وذخيرة غير منفجرة.

- تنظيم 220 محاضرة توعية من خطر الألغام.

- تحسين حياة نحو 155 ألف شخص.