كلمة رئيس الجمهورية

فخامة رئيس الجمهورية في الأول من آب

الجيش سيبقى حامياً للنظام والمؤسسات ومدافعاً عن أرضه كلما لمعت شرارة الخطر

 

في مناسبة الأول من آب أكد رئيس الجمهورية العماد إميل لحود «أن الجيش الوطني اللبناني سيبقى حامياً للنظام والمؤسسات ومحضوناً من شعبه وقيادته، ومدافعاً بالدم والرجال والتضحيات الجسام عن أرضه، كلما لمعت شرارة الخطر وهددت قداسة أرضنا.
وقال العماد لحود: إن استهداف الجيش لن يقضي على دوره التوحيدي وقدرته على الحفاظ على السلم الأهلي».
واعتبر أن لبنان «ما زال حاجة عربية وإقليمية ودولية، إلا أن هذه الحقيقة لا تبرر مبالغة البعض في الاتكال على الخارج».
هنا نص رسالة الرئيس لحود الى اللبنانيين في مناسبة العيد الثاني والستين للجيش.

 

أيها اللبنانيون
في مثل هذا اليوم من كل سنة كنت أتوجه الى نخبة من شبابنا الذين اختاروا امتشاق سيف الحق ذوداً عن حرية الوطن وكرامته وعنفوانه، فلم يجدوا أفضل من المدرسة الحربية ينهلون منها مناقبية الضباط واستقامة القلب وصلابة الالتزام بالأرض والشعب. إلا أن الظروف القاسية هذه السنة كما ظروف العدوان الاسرائيلي في السنة الماضية، حالت دون ذلك. لذا، اغتنم هذه المناسبة، لأتوجه الى جيشنا الوطني، قيادة وضباطاً ورتباء وأفراداً، بالتهنئة في عيده الثاني والستين، ولأحيي أرواح الشهداء العسكريين الأبطال وفي مقدمهم الذين سقطوا خلال الشهرين الماضيين دفاعاً عن وجود لبنان ورسالته في وجه الارهاب المأجور، وأولئك الذين افتدوا بدمائهم كرامة أرض لبنان في العام الماضي مع أخوة لهم في المقاومة الوطنية، فحالوا دون تدنيسها من آلة الحرب الإسرائيلية.

 

أيها العسكريون
ما يؤلم، هو أننا فيما نحيي الذكرى السنوية الأولى لسقوط رفاق لكم في ساحة الشرف وهم يواجهون الهمجية الإسرائيلية، نودع رفاقاً جدداً يتساقطون برصاص الغدر والتطرف والإرهاب لعصابة «فتح الإسلام». ولا شك في ظني، أن هذا العدو وتلك العصابة، يلتقيان على هدف واحد هو تدمير وجه لبنان الذي جعل من بلدنا وطن الرسالة وتعايش الأديان وديموقراطية التوافق وتساوي كل مكونات المجتمع.

 

أيها العسكريون
سيبقى الجيش الوطني اللبناني حامياً للنظام والمؤسسات، ومحضوناً من شعبه وقياداته، ومدافعاً بالدم والرجال والتضحيات الجسام عن أرضه، كلما لمعت شرارة الخطر وهددت قداسة أرضنا. وأقول للذين ظنوا أنهم من خلال استهداف الجيش، يمكنهم أن يقضوا على دوره التوحيدي وقدرته على الحفاظ على السلم الأهلي أنهم مخطئون. وأؤكد لكم أنهم سيدفعون ثمن خطاياهم ومؤامراتهم.

 

أيها اللبنانيون
لطالما دعوتكم في السنوات الماضية إلى التنبه إلى ما يحاك لوطنكم من مخاطر ومخططات تدميرية، وها هي التطورات تثبت الحقيقة المأسوية لهذه التحذيرات، بعدما انكشفت بوضوح مؤامرات استهداف مؤسسات الدولة ووحدتها وسيادتها وإرادة أبنائها بأن تكون قوية ورادعة للطامعين. وإذا كان من حقكم أن تخافوا على الوطن، فإن من واجبكم في المقابل أن تقطعوا الأيادي السوداء التي تحاول تدميره ودفعه إلى الفوضى.

 

أيها اللبنانيون
إني أؤكد لكم أن الخلاص ما يزال ممكناً لأن الإرادات الطيبة لدى اللبنانيين لم تنهزم، فلندع التشاؤم واليأس جانباً، ونطرق بكل قوتنا كل الأبواب التي يمكن أن تفضي إلى الخروج من النفق. نعم، أنا أتحسس آلامكم ومخاوفكم وصدى القلق الذي يسكن في نفوسكم. فالتحديات التي نواجهها صعبة وقاسية، لكن الإستسلام لإرادات تدمير لبنان ليس خياراً.

 

أيها اللبنانيون
إن لبنان ما زال أكثر من أي وقت مضى، حاجة عربية وإقليمية ودولية، إلاّ أن هذه الحقيقة، لا تبرّر مبالغة البعض في الاتكال على الخارج أو التجاوب مع رغباته وتنفيذ مخططاته، لأن في ذلك خراباً للبنان وخسارة لا تعوّض لأبنائه من دون تمييز. علماً أن الدروس التي تعلّمناها من تجارب الماضي القريب تجعلنا حذرين من الغَيرة الملتبسة التي يظهرها بعض الدول.
لذا أسألكم: هل يبقى لنا خيار آخر، غير وحدتنا، وتضامننا، وحفاظنا على مؤسساتنا الشرعية، ومشاركتنا جميعاً في إنقاذ الوطن؟
وإذا كان للتباعد الحاصل بين أبناء الوطن أن ينتهي في أسرع وقت، فلا بدّ للبعض أن يدرك حتمية تقدّمه خطوة في اتجاه تخلّيه عن الاستئثار بالسلطة والقبول بالمشاركة، وللبعض الآخر ضرورة تقدمه خطوة أيضاً في اتجاه التأكيد عملياً لاستعداده للتعاون، وتمسكه باللحمة الداخلية أساساً للعيش المشترك، فيطمئن بذلك الخائفون من هذا الفريق وذاك. وأؤكد لكم أن الوقت لم يفت بعد على التقدّم في الاتجاه الصحيح.

 

أيها العسكريون
في يوم عيدكم المخضب بدماء الشهادة، أجدد رهاني على مؤسستكم الوطنية التي بنيناها بإرادة الوحدة، ونقاوة الضمير، وصلابة الخيارات وصوابيتها. فكونوا دوماً متأهبين، كما أنتم اليوم، لتلبّوا نداء الواجب، لإنقاذ لبنان كلما استفحل الخطر. دماؤكم التي تسيل اليوم، ترفع عالياً سياج الوطن في وجه المخاطر التي تهدّد لبنان والمنطقة. بكم يبقى لبنان، وإليكم تشخص آمال شعبه.

 

عشتم - عاش الجيش - عاش لبنان