ذكراهم خالدة

فوج المغاوير كرّم الشهداء بحضور ذويهم
إعداد: ليال صقر الفحل

ممثل قائد الجيش: حديقة زيتون تظلّل الذكريات وتخلّد الذكرى

 

بمناسبة عيد الشهداء، كرّم فوج المغاوير شهداءه وشهداء المؤسسة العسكرية في إحتفال أقيم على ملعب ثكنة غسان رمان - رومية.
تخلّل الإحتفال الذي ترأسه قائد فوج المغاوير العقيد الركن شامل روكز ممثلاً العماد قائد الجيش إفتتاح حديقة شهداء فوج المغاوير، وذلك بحضور ذوي الشهداء ورفاق السلاح.

 

كلمة القيادة
العقيد الركن شامل روكز ألقى كلمة القيادة التي استهلها بالقول:
للشهادة في فوج المغاوير معانٍ ورموز... فهي ليست كلمة تزيّن الخطابات... بل إنها إحساس إعتزاز وخميرة كرامة تُزهر ربيع لبنان... تُبلسم جراحنا وجراحكم وتتحوّل عزماً وإصراراً للمضي قدماً في مسيرة الكرامة الوطنية...
وقال:
أقف أمامكم اليوم نستذكر أعزاء أبطالاً... إستشهدوا في عدة محطات ومواقع من الكرامة والعزة الوطنية أنقذت لبنان وشرّفت الجيش...
من كل لبنان أتوا.. آمنوا بلبنان الكرامة والوحدة والعزة فاستشهدوا على كل الأراضي اللبنانية من الحدود الجنوبية الى نهر البارد والشمال، والبقاع والجبل والعاصمة لأجل الدولة والجيش والكرامة... بدمائهم أنقذوا لبنان..
وخاطب الشهداء قائلاً:
ترقدون حيث أنتم وأرواحكم ترفرف فوق سماء لبنان، ترعون هذا الفوج والجيش...
وتوجّه الى عائلات الشهداء الأبطال بالقول: أنتم فخرنا... وإن خسرتم جسداً وسنداً على الأرض... لكنكم ربحتم مجدهم في السماء... نحن معشر المغاوير أهل وفاء، لنا دائماً شرف الوقوف بعزم وقوة الى جانبكم... إنه لفرح عظيم الوفاء لكم، أنتم أشرف من ضحّى في سبيل هذا الوطن...
وخاطب عسكريي فوج المغاوير: يا رفاق الشهداء... يا مَن قاتلتم مع شهدائكم في سبيل إحقاق الحق... أمانة رفاقكم في أعناقكم... لا تتورّعوا يوماً عن القيام بواجبكم لتبقى أرواحهم مطمئنة... واجبكم الثاني هو عائلاتهم فأنتم لهم السند الدائم بكل ما يحتاجونه منكم... فلتكن تضحياتهم وشجاعتهم مثالاً لكم...
وللعسكريين الذين ما زالوا يعانون من جراء إصاباتهم قال: أنتم في ضميرنا وقلوبنا... الفوج فوجكم وعسكريوه رفاقكم... لكم منا كل دعم أينما كنتم في الفوج أو في قطع الجيش أو في منازلكم... فكرامتكم وعزّتكم هي من كرامتنا وكرامة جيشنا...
وختم قائلاً:
6 أيار 2009 حديقة شهداء فوج المغاوير... إنها حديقة زيتون... شجرة القداسة والسلام والعطاء... هذه حديقتهم ومزارنا...
أسماؤهم ستبقى مرتبطة بها، متجذرة في هذا الفوج... وجوههم ستبقى في أجمل موقع في فوج المغاوير، أرواحهم ستهيم بين غرسات الزيتون... نتكرّم بالمرور قرب شجراتهم، نصفّي ضميرنا برضاهم... نستظلّ أفياءهم، نتشاطر ذكرياتهم... وإذا سقطت من أعينكم وأعيننا دمعة فلكي تروي تراب أشجارهم... فتفتح ثمار قداسة وكرامة وشرف... المجد والكرامة لشهدائنا الأبطال... عاش الجيش... وعاش لبنان.

 

تحية المغاوير وتحيات أمهات
تحية المغاوير لرفاقهم الشهداء قدّموها في عرض قتالي مميّز، سجال وقتال وجهاً لوجه وهبوط بالحبال... و«الله يحميكم» من حناجر أدماها فراق أحباء.
والدة العريف الشهيد إيلي العتلّ الذي استشهد في القليعات العام 1990، تعلن مجدداً اعتزازها بشهادة إبنها لكن حسرة الفراق ما فتئت مقيمة في ضلوعها، ليته ما زال هنا وإن معوّقاً، مبتورة أعضاؤه... «كان وردة لم أفرح بشمّ عبيرها، إشتقت له كثيراً، تقاعد أشقاؤه من السلك العسكري مؤخراً، ليته أتمّ مثلهم مشواره العسكري وتقاعد على غرارهم اليوم... أتينا أنا وأخته وابنة أخيه لنستذكره اليوم، لنرى صورته وشبابه في عيون رفاق السلاح، في عيون الشباب المندفع المكافح في سبيل الوفاء للوطن، جئنا نستذكره هنا، ونحن لم ننسه يوماً ولا غاب عن بالنا لحظة...».
والدة العريف الشهيد مصطفى الشامي الذي استشهد خلال معارك نهر البارد، إختصرت معاناة أمهات وزوجات شهداء وعبّرت عما يختلج نفوس أهالي الشهداء لحظة يرون رفاق الشهيد. تابعت العرض الذي قدّمه المغاوير مرافقة حركاتهم بعبارة «الله يحميكم». وتولت عيناها المغرورقتان بالدموع الإفصاح عما في داخلها: لو كان الآن بين رفاقه... وإذ نسألها كلمة تقول: «أعتزّ بإبني الشهيد مصطفى، هو بطل دافع عن لبنان وعن حريته وحمى المواطنين وفداهم بدمه، أنا أعتزّ كثيراً بشهادته الشريفة وأطلب من الله أن يسكنه جنة نعيمه ودار خلده وأسأله أن يجمعني به عما قريب، ففرح لُقياه فرحة أيامي كلها... روحه معي دوماً، وهو يشاركني يوميات عذابي وحرقتي على فرقاه، أتيت اليوم لأشارك في المناسبة على الرغم من تدهور صحتي الجسدية والنفسية، فوجودي مع رفاق الغالي يعزّي لوعتي، هم لم ينسوني أبداً، يزورونني باستمرار، وأشمّ فيهم روح الغالي وأتعزى باندفاعم وإقدامهم...
كنت أحلم به دوماً عريساً وأولاده يؤنسون وحشتي، ولكني لم أحظَ حتى بفرحة رؤيته عريساً، كنا ننتظر أحداث نهر البارد لتنقضي حتى يتم زفافه على خطيبته، وانتهت المعارك لكننا فرحنا به عريساً شهيداً حُمل على أكفّ رفاقه بدل أن يحمل عروسه ويشق طريق السعادة... يرحمه الله ويرحم جميع الشهداء، وليحمِ المؤسسة العسكرية والقيّمين عليها...».
إنتهى العرض القتالي وتوجّه الجميع نحو الحديقة، حيث أزاح العقيد الركن شامل روكز الستار عن اللوحة التذكارية ووضع إكليلاً من الزهر على نصب الشهداء. الحديقة التي تخلّد ذكراهم جهّزها رفاقهم الذين عملوا مدة شهر تقريباً لزرع 144 غرسة بأسماء شهداء الفوج، وغرسة بإسم اللواء الركن الشهيد فرنسوا الحاج.
تحت كل غرسة لوحة تحمل إسم الشهيد وتاريخ استشهاده، ووردة حمراء وضعتها يد أم أو أب أو سواهما من أفراد العائلة.
ثم دعي الجميع لحفل كوكتيل مشترك ختاماً للإحتفال.