احتفالات

في احتفال تكريمي للقوات العربية السورية لمناسبة انتهاء مهامها في لبنان

أقامت قيادة الجيش اللبناني، بتاريخ 26 /4 2005، في قاعدة رياق الجوية، احتفالاً تكريمياً وداعياً للقوات العربية السورية لمناسبة انتهاء مهامها في لبنان. حضر الاحتفال الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني - السوري نصري خوري، وعن الجانب اللبناني: قائد الجيش العماد ميشال سليمان، رئيس الأركان اللواء الركن رمزي أبو حمزة، عضو المجلس العسكري اللواء فايز عازار، مدير عام الإدارة في الجيش اللواء عصام عطوي ومدير المخابرات العميد الركن جورج خوري، وعن الجانب السوري: رئيس هيئة الأركان العماد علي حبيب ونائبه اللواء هايل حورية، قائد القوات السورية العاملة في لبنان العماد محمد فائز الحفار، رئيس جهاز الأمن والاستطلاع في القوات العاملة في لبنان العميد الركن رستم غزالة، الى عدد من الضباط في الجيشين، كما حضر  ملحقون عسكريون في عدد من السفارات العربية والأجنبية، محافظ البقاع، قائمقامو بعلبك والهرمل والبقاع الغربي وراشيا، رؤساء بلديات ومخاتير عدد من القرى البقاعية ورؤساء الطوائف الاسلامية والمسيحية في البقاع، وعشرات من مراسلي الصحف والإذاعات ووكالات الأنباء اللبنانية والعربية والدولية.
بدأ الاحتفال بوضع حجر الأساس لنصب شهداء الجيش العربي السوري في لبنان على وقع قرع الطبول، ثم عزفت الموسيقى نشيد الموتى وتلتها لازمتا النشيد الوطني ونشيد الشهداء. بعدها، انتقلت القيادتان إلى أمام المنصة الرسمية، حيث جرى تبادل تقليد الأوسمة وتسليم البراءات لينتهي بعزف موسيقى الجيش النشيدين العربي السوري ثم الوطني اللبناني، وجرى عرض عسكري رمزي. ثم كانت كلمة القوات العربية السورية ألقاها العماد علي حبيب تلتها كلمة قائد الجيش العماد ميشال سليمان، واختتم الاحتفال التكريمي بحفل كوكتيل جرى خلاله تبادل الأنخاب.



العماد حبيب سوريا ستبقى مع قرارات الشرعية الدولية وتعمل للحفاظ على هيبة الأمم المتحدة

العماد سليمان سنبقى معاً رفاق سلاح في مواجهة العدو الإسرائيلي وفي الدفاع عن أمننا

كلمة العماد علي حبيب

السيد العماد ميشال سليمان قائد الجيش اللبناني الشقيق، أيها الحفل الكريم

يطيب لي في بداية حديثي أن أنقل إليكم جميعاً تحيات القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة العربية السورية وشكرها العميق لكل من ساهم في هذا الحفل التكريمي لوداع القوات المسلحة السورية العاملة في لبنان، وأخص بالشكر قيادة الجيش اللبناني الشقيق ممثلة بالسيد العماد ميشال سليمان صاحب هذه المبادرة الطيبة تقديراً لتضحيات الجيش السوري والمهام المقدسة التي نفذها دفاعاً عن عروبة لبنان وكرامة أبنائه، وما هذا الاحتفال بوداع القوات السورية إلا الدليل القاطع على عمق العلاقات الأخوية المميزة التي تربط البلدين الشقيقين، والتي سوف تستمر وتتجذر أكثر فأكثر في جميع المجالات، وعلى مختلف الصعد والمستويات. فعلاقة سوريا بلبنان ليست وليدة الأمس بل إنها تضرب بجذورها في أعماق التاريخ وتسمو بأغصانها الباسقة لتظلل بفيئها الوارف لبنان وسوريا ماضياً وحاضراً ومستقبلاً.
 

أيها الحفل الكريم
القرارات التاريخية تتطلب قادة تاريخيين قادرين على اتخاذها عندما يدعو الواجب، وتحديد الزمان والمكان المناسبين لوضعها موضع التنفيذ، ولذا فالتاريخ يخلد العظماء، لأنهم يتركون بصماتهم واضحة على جبين الزمن. ومهما دأبت الأبواق الإعلامية المعادية وسعت لتشويه الدور القومي المشرّف الذي قامت به القوات السورية على الساحة اللبنانية فستبقى سماء لبنان وثراه الطاهر، وسيبقى أرزه وأحجاره... مياهه وجباله... وكل حرّ فيه سيبقى يذكر بإجلال تضحيات القوات العربية السورية المسلحة في سبيل الحفاظ على وحدة لبنان وحريته وسيادته. والقرار التاريخي الذي اتخذه القائد الخالد حافظ الأسد بمدّ يد العون والمساعدة وإغاثة الشعب اللبناني والوقوف إلى جانبه لتجاوز محنته، إنما يمثل إكليل غار يطوق هام سوريا التي أثبتت بالقول والفعل أنها القلب النابض بالحياة، والرئة التي تمد أوردة الأمة بالأوكسجين المطلوب، مجسدة أروع آيات التضحية والإيثار والوقوف إلى جانب الشقيق، لا لشيء إلا لأنه الشقيق، وعلاقة الأشقاء تبقى عصية على الأعداء لأنها علاقة دم وانتماء وهوية... علاقة مشاعر وأحاسيس ولغة وتاريخ وآمال وآلام وطموحات... وعلاقة سوريا بلبنان تتضمن ذلك كله وتضيف إليه وقفة التصدّي البطولي المشرف لما حيك ويُحاك من مخططات تستهدف بسط الهيمنة والنفوذ على كامل المنطقة تحت شعارات برّاقة لا تعدو أن تكون كلمات حق يُراد بها باطل، ولأن سوريا تدرك ذلك، وتدرك أيضاً أن الجيش اللبناني قد اشتدّ عوده وصلُبت قناته بعد أن أعيد بناؤه على أسس وطنية سليمة، وأنه أضحى قادراً على حماية دولة المؤسسات وعلى تحمّل مسؤولياته الوطنية على أكمل وجه، لذلك كله كان القرار التاريخي الذي اتخذه السيد الرئيس الفريق بشار الأسد بعودة القوات العربية السورية العاملة في لبنان بالكامل إلى داخل الأراضي السورية، يقيناً من سيادته أن المهمة التي دخلت القوات السورية لبنان من أجلها قد أنجزت بدقة واتقان، فأتون الحرب الأهلية انطفأ لهيبها، ولبنان الذي كان يستقوي بضعفه أصبح لبنان القوي بشعبه ووحدته الوطنية... القوي بجيشه ومقاومته الغرّاء التي سجّلت أروع انتصار في تاريخ العرب الحديث. ولأن الحديث عن الديموقراطية والحضارة لا يجدي نفعاً عندما يتعلق الأمر بلبنان لأنه يجسد أبهى صور الديموقراطية في المنطقة، فإن أعداء لبنان والأمة يحاولون الانقضاض عليه من خلال ضرب مقومات وحدته الوطنية التي يفتخر بها كل اللبنانيين، كما يعمل أعداء لبنان على تشويه معالم العلاقة المميزة التي تربطه بالشقيقة سوريا التي حرصت على أن تجبل الأسس التي ارتكزت عليها هذه العلاقة بالدماء الطاهرة لخيرة أبنائها في قواتها المسلحة الباسلة التي لبّت النداء، وقدمت الآلاف من الشهداء في سبيل حرية لبنان واستعادة عافيته، وستبقى معارك عين دارة والسلطان يعقوب وغيرهما كثير يسجل بأحرف من نور بطولات القوات العربية السورية المسلحة التي عملت على نصرة لبنان وتمكنت من تنفيذ مهمة انقاذه وإىصاله إلى برّ الأمان، ليعيد بناء مؤسساته وعوامل قوته ومقومات صموده التي لولاها لكان لبنان مرتعاً لأعدائه الذين يزعجهم أن يروا لبنان حراً موحداً سيداً مستقلاً.

 

أيها الاخوة والأشقاء
غنيّ عن القول ان القوات العربية السورية لم تدخل لبنان بناء على طلبها، بل استجابة لنداء الحكومة اللبنانية وتلبية لرغبة الشعب اللبناني الذي كان مهدداً بكل فئاته وانتماءاته، وبناء على طلب الجامعة العربية وموافقتها، ولم يكن في يوم من الأيام لسوريا أية مطامع في لبنان إلا الحفاظ عليه، لا بل إن وجود القوات السورية في لبنان، كلّف سوريا الكثير، وقد قدّمت سوريا وستظل تقدّم - دونما منّة أو انتظار بديل - كل ما تستطيع للدفاع عن لبنان والحفاظ على أمنه وزيادة منعته ليبقى عصياً على أعدائه، والجميع يذكر كيف كانت سوريا تعمل لإزالة آثار العدوان التي كانت تخلفها الهمجية الإسرائيلية عبر قصف البنى التحتية، فكلما حاول أعداء لبنان إطفاء أنواره كانت سوريا تعمل على إعادة تجهيز مصادر النور والطاقة، والمساهمة في تشييد القاعدة التحتية اللازمة التي تضمن العيش الكريم للجميع، وعندما كانت البوارج الأجنبية تدك بيروت وغيرها من مدن لبنان وقراه كانت القوات السورية تقوم ببسالة وتضحية وفداء بالدفاع عن عروبة لبنان، وعندما اجتاحت القوات الإسرائيلية لبنان، ووصلت إلى عاصمته كان الجنود السوريون يستشهدون إلى جانب أشقائهم من أبناء لبنان وهم يتصدّون لآلة القتل والتدمير الإسرائيلي، ولا أحد يستطيع أن ينكر أن تحرير الجزء الأكبر من جنوب لبنان على يد أبطال المقاومة الوطنية اللبنانية إنما قد تم وأنجز بدعم سوريا للمقاومة، وليس بدعم الخارج المتباكي على حرية لبنان. ومسيرة الوفاق الوطني والسلم الأهلي وإسقاط اتفاقات الإذعان، والوصول إلى اتفاق الطائف، كل ذلك ما كان له أن يحدث لولا دعم سوريا للبنان انطلاقاً من قناعتها انه الخاصرة الأقرب إلى القلب، وأن سوريا تمثل عمق لبنان الاستراتيجي ولا يمكن أن تكون إلا على قدر المسؤولية الوطنية والقومية والإنسانية. ولذا، فإن سوريا على يقين أن قوتها في لبنان ليست مستمدة من وجودها العسكري، بل مما يربط البلدين من علاقات تاريخية وجغرافية وثقافية وصلات قربى كفيلة بأن تبقي سوريا في وجدان أبناء لبنان وضمائرهم، كما أن لبنان سيبقى حياً في ضمائر السوريين ووجدانهم، وهم الذين قدّموا من أجله أجلّ التضحيات، والعلاقات السورية - اللبنانية ستستمر وتزداد زخماً وقوة وفاعلية حاضراً ومستقبلاً، لأنها تعبر عن وجدان وقناعة الشعبين الشقيقين، ورغبتهما الأكيدة في دفعها إلى الأمام، وإرادة الشعوب هي المنتصرة في نهاية المطاف.


أيها الاخوة والأشقاء، أيها الحفل الكريم
يخطئ من يظن أن تاريخ الشعوب يُمحى بتصريحات المسؤولين في هذه الدولة أو تلك، مهما كانت القوة التي تمتلكها تلك الدولة، وعلاقة سوريا بالمنظمة الدولية منذ إنشائها كانت وستبقى موضع إعجاب المجتمع الدولي وتقديره لأن سوريا كانت وستبقى مع قرارات الشرعية الدولية، وتعمل سراً وعلانية للحفاظ على هيبة المنظمة الدولية وسمعتها، وتقدم كل ما هو مطلوب لتفعيل دورها ليس في هذه المنطقة فحسب، بل في جميع أنحاء العالم، وفي ضوء هذا يمكن فهم قرار عودة القوات العربية السورية بالكامل إلى الأراضي السورية تنفيذاً لاتفاق الطائف ومعاهدة الصداقة والاخوة والتنسيق بما ينسجم والقرار 9551، وسوريا اليوم تكمل انسحاب قواتها إلى داخل الحدود السورية وتكون بذلك قد أوفت بكل التزاماتها تجاه القرار 9551، الذي أحيط بهالة من القداسة لأغراض وأهداف لم تعد خافية على أحد، وهنا لا بد من التذكير بأن الانتقائية في تطبيق قرارات الأمم المتحدة يقلل من مصداقية المنظمة الدولية، ومن حق كل مواطن ليس في سوريا ولبنان فحسب بل في كامل المنطقة أن يتساءل لماذا طرح القرار 9551 بهذا الزخم والإصرار، في حين أن عشرات القرارات الصادرة عن مجلس الأمن والمتعلقة بالصراع العربي - الإسرائيلي بقيت مجرد حبر على ورق، ويتباهى حكام تل أبيب بقدرتهم على القفز فوق قرارات الشرعية الدولية بالتسويف والمماطلة حيناً، والصلف والغطرسة أحياناً أخرى، مؤكدين إصرارهم على الاستمرار في سياسة الاحتلال والاستيطان ومنع عودة المهجرين الفلسطينيين إلى أرضهم، وإلصاق تهمة الإرهاب بكل من يقول لا للاحتلال، لكن هذا لن يثني سوريا عن تمسكها بثوابتها ووفائها لمبادئها وقناعاتها المنسجمة مع قرارات الشرعية الدولية، وستبقى سوريا تقدم كل ما تستطيع في سبيل إحلال السلام العادل والشامل المبني على قرارات الشرعية الدولية، وعلى مرجعية مؤتمر مدريد ومبدأ الأرض مقابل السلام، وسوريا تدرك أن تمسكها بحقوقها ودفاعها المشرف عن تلك الحقوق يزعج أعداء الأمة ولهذا تمارس عليها الضغوط، والجميع يدرك أن الضغط يمارس على من لا يرضى الإذعان لمشيئة من يمارس الضغط، ولقد أكدت سوريا مراراً وتكراراً أنها ليست ضد مصالح هذه الدولة أو تلك في المنطقة، لكن لا يمكن لسوريا أن تكون مع أي دولة ضد مصالح سوريا الوطنية وستبقى سوريا تدعو إلى الحوار الجاد والهادف والبنّاء، وإلى إقامة السلام العادل والشامل الذي يضمن العيش الكريم للجميع ويعطي كل ذي حق حقه وفق أسس الشرعية الدولية، وستبقى تعمل لمكافحة الإرهاب بكل أشكاله بعيداً عن الخلط بين الإرهاب والمقاومة المشروعة للاحتلال، وستبقى تدعو وتعمل على الحفاظ على العراق ووحدته أرضاً وشعباً، وضرورة إنهاء كل مظاهر الاحتلال، وتمكين الشعب العراقي من تسلم زمام أمره، وتسيير أمور العراق وفق مصلحة أبنائه، وستبقى سوريا مع الشعب الفلسطيني ونضاله المشروع لاسترداد حقوقه وعودة لاجئيه وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.

أيها الحفل الكريم
لا يسعني في نهاية حديثي إلا أن أتوجه بالشكر الجزيل للبنان الشقيق وجيشه الوطني الذي يؤكد حرصه على مصالح لبنان وقدرته على الدفاع المشرف عن حريته وسيادته، وما الوداع الرسمي الذي نعيشه الآن لرجال القوات العربية السورية المسلحة التي عملت في لبنان إلا الدليل على عمق العلاقات التي تربط البلدين الشقيقين جيشاً وحكومة وشعباً والتي ستستمر وتتعمق رغم جميع المتغيرات، وإننا نرى في هذا الوداع عرفاناً بالجميل وعنوان وفاء ومحبة نحرص كل الحرص على استمرارها وتعميقها مستقبلاً، ولا بد من الإشارة هنا إلى أننا على يقين تام وثقة مطلقة بأن الجيش اللبناني أصبح قادراً على تنفيذ مهامه الوطنية المقدسة على الوجه الأكمل.
مرة ثانية، أشكر السيد العماد ميشال سليمان وكل من ساهم في هذه المبادرة الطيبة متمنياً للجيش اللبناني مزيداً من القوة والمنعة، وللشعب اللبناني الحفاظ على وحدته الوطنية وبلوغ آماله وطموحاته، وتحقيق المزيد من التقدم والتطور والازدهار.


أشكر لكم إصغاءكم والسلام عليكم
كلمة العماد سليمان

سيادة العماد علي حبيب رئيس هيئة الأركان العامة للجيش والقوات المسلحة في الجمهورية العربية السورية الشقيقة


حضرة الضباط، أيها الحضور الكريم
قبل عقود من الزمن، دخل أبطال تشرين إلى ربوع لبنان مدفوعين بحميتهم العربية والأخوية الأصيلة لإنقاذه من مخالب الفتنة والضياع والتشرذم، وتمكّنوا بإرادتهم وتضحياتهم الجسام ودمائهم الزكية من إعادة الوطن إلى طريق الأمن والسلام والحفاظ عليه واحداً موحداً، والوقوف إلى جانبه في أصعب المراحل وأدقها من تاريخه المعاصر، ودعم مسيرة سلمه الأهلي وتحرير أرضه من العدوان الإسرائيلي الغاصب، وصولاً إلى تمكينه من لعب دوره الريادي في المنطقة والعالم.
واليوم أيها الاخوة الأعزاء، إذ تتقاطع في قلوبنا عواطف المحبة الصادقة والاخوة النبيلة مع مشاعر الوفاء والشكر والتقدير لسوريا الشقيقة، قيادة وشعباً وجيشاً على عطاءاتها وتضحياتها المشهودة خلال ردح طويل من الزمن في سبيل الدفاع عن لبنان ونصرة قضاياه المحقة، فإن هذا اليوم سيكون محطة جديدة لنا نجدد فيها الوعد والعهد على التمسك بثوابتنا القومية والوطنية وتوحيد جهودنا ورؤانا المستقبلية، والسير معاً جنباً إلى جنب متمسكين بوحدة المسار والمصير مهما كانت الظروف وبلغت المصاعب وصولاً إلى تحقيق أهدافنا المشتركة في تحرير أرضنا المحتلة من العدو الإسرائيلي الغاصب واستعادة كامل حقوقنا المشروعة.
نلتـقي اليـوم في البقاع، هذه المنطـقة التي انتـشرت فيها القـوات العربية السورية الشقيقة منذ بداية الحرب الأهلية اللبنانية، وامتازت عن غيرها من المناطق بأنها نعمت باكراً بالأمن والاستقرار والعيش المشترك ولم تتهدد فيها الوحدة الوطنية بفضل تضحيات ضباط وجنود الجيش العربي السوري الشقيق، كما شهد القسم الجنوبي من هذه المنطقة معارك بطولية أثناء اجتياح عام 2891، بين قوات العدو الإسرائيلي الغازية والقوات العربية السورية التي سطرت أروع ملاحم البطولة وقدّمت قوافل الشهداء، من راشيا إلى السلطان يعقوب، حيث تمكنت بصمودها المميز من دحر العدو ووقف تقدّمه. كما شهدت سماؤها لسنين كثيرة معارك بين نسور الجو العرب السوريين والطيران المعادي الإسرائيلي.
هذا ليس تاريخاً من أجل الذكريات، بل هو واقع وتجسيد لمصير مشترك في مواجهة عدو غادر لا يذعن لأي قوانين دولية ولا قرارات الشرعية الدولية، وما زال يخفي ويظهر مخططات تستهدف أمن لبنان وسوريا واستقرارهما وازدهارهما.
وهنا لا يسعنا إلا أن نقف وقفة تأمل وضمير أمام الدور النبيل والقومي للقوات العربية السورية عند دخولها إلى لبنان عام 6791 وكان الوطن على مفترق المصير وقد عز المعين والنصير، فمنعت التقسيم وحمت العيش المشترك. ولن ننسى شهداءها الذين سقطوا في كل المناطق اللبنانية دفاعاً عن وحدته وسلامة أراضيه، كما اننا نثمن عالياً جهود سوريا الحثيثة في إعادة توحيد وبناء الجيش اللبناني بعد انتهاء الأحداث الأليمة التي عصفت بالبلاد، وتدريبه ومده بالعتاد والسلاح الضروريين من دون مقابل، والوقوف إلى جانبه في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية وفي الحفاظ على أمن واستقرار الوطن وترسيخ سلمه الأهلي وصون مسيرة النهوض والإعمار والازدهار، يحدوها في ذلك دافع قومي أصيل سيبقى دائماً موضع عرفان وتقدير كبيرين من قيادة الجيش وكل عناصره.
إن دعـم المقاومة اللبنانية البطلة ضد الاحتلال الإسرائيلي كان ولا يزال دوراً قومياً عربياً سورياً ثابتاً، أسهم في الماضي القريب في تحرير القسم الأكبـر من جنـوبنا ويستمر اليوم لتحرير مزارع شبعا واستعادة كامل حقوقنا المشروعة بما فيها حق العودة للاجئين الفلسطينيين. منذ عام 0002 اجتمعنا مراراً ونفذنا مراحل إعادة انتـشار القوات العربية السورية وفقاً لاتفاق الطائف، واليوم أنجزنا المرحـلة الأخيرة بعودتها الكاملـة إلى داخـل سـوريا الشقيقة. وقد جرى كل ذلك على ضوء تنامي القدرات الأمنية والدفاعية للجيش اللبناني الذي بلغ بفضل دعمكم وجهودكم مستوى عال من الجهوزية وبات يحظى بثقة الشعب اللبناني الذي التف حوله بجميع فئاته، مما أهّله للقيام بمهامه وواجباته الوطنية الكبرى.
معاً سنبقى دائماً، رفاق سلاح في مواجهة العدو الإسرائيلي وفي الدفاع عن أمننا واستقرارنا وفي التنسيق الدائم في مختلف المجالات وفي استمرار وتطوير علاقات التعاون على أنواعها. سنبقى معاً لنبذ مظاهر التفرقة والطائفية البغيضة ومعاً لنحارب الإرهاب، معاً لنؤمن لأبنائنا السلام والحرية والازدهار. ذلك أن أهدافنا واحدة وتحدياتنا واحدة ومصلحتنا واحدة تصونها علاقات الاخوة والتنسيق والمعاهدات والاتفاقات المعقودة بيننا في المجلس الأعلى السوري - اللبناني. ولن تستـطيع أي قوة، مهما بلغت، تشويه جغرافيتنا الواحدة ولا تاريخنا المشترك المسطّر بدماء ونضال شعبينا الشقيقين عبر حقبات الزمن الغابرة.
أخيــراً، تحية شكر ووفاء لسوريا الشقيقة بقيادة سيـادة الفريق بشـار الأسد، ولجيشها البطـل العائد إلى أحضان الوطن العزيز مرفلاً بالكبر والعنفوان، ولتبقَ علاقاتنا الأخوية المميزة شعلـة تنير سماء مشرقنـا العـربي وصفحات مذهّبة في سجـل تاريـخ أمتـنا المجـيدة وهدياً لأجيالنا الصاعدة تستلهـم منه أنبـل وأسمى معاني البذل والعطـاء وذرى العزة والكرامة والإباء.