خدمات طبية

في المستشفى العسكري المركزي
إعداد: روجينا خليل الشختورة

عملية زرع جهاز للكبد هي الأولى من نوعها في لبنان

 

يواصل المستشفى العسكري المركزي تعزيز خدماته الطبية وتطويرها مسجّلاً العديد من الإنجازات والتي كان آخرها عملية زرع جهاز Alfa Pump لمعالجة استسقاء البطن لمريض مصاب بتشمّع الكبد. هذه العملية هي الأولى من نوعها في لبنان، ولمعرفة المزيد، كان لنا لقاء مع المقدم الطبيب صلاح عز الدين، رئيس فرع التنظير والجهاز الهضمي في المستشفى العسكري المركزي.

 

ما هو تشمّع الكبد
في بداية الحديث يوضح المقدم عز الدين ماهية تشمع الكبد فيقول: للكبد دور شديد الأهمية في حياة الإنسان، فهو مسؤول عن إزالة السموم التي تدخل جسم الإنسان وعن طرحها خارجه، وتنظيم كمية المياه في البطن ومستوى السكر في الدم. كذلك، فهو ينتج العصارة الصفراء المسؤولة عن هضم المواد الدهنية وامتصاصها من الجهاز الهضمي... وبالتالي، عندما يصاب الكبد بالقصور الوظيفي، نصبح أمام ما يسمّى «تشمّع الكبد».
مسبّبات هذا المرض عديدة أبرزها: الإدمان على شرب الكحول، والإصابة بالتهاب الكبد الفيروسي من النوعين باء وجيم Hepatites B/C، ما يؤدي إلى تآكل الخلايا الموجودة في الكبد. وهناك مسبّبات استقلابية Métabolique وراثية تتمثّل بتراكم لمادة الفروكتوز أو الغلوكوز Glucogenose أو الدهون Steatose في الكبد وعدم قدرته على هضمها والتخلّص منها، فتتجمّع في داخله وتحدث تضخّمًا فيه.

 

أعراض هذا المرض وعلاجه
تقتصر أعراض هذا المرض في المرحلة الأولية على الإحساس بالإرهاق والضعف العام، وفقدان الشهية والشعور بالغثيان والقيء، بالإضافة إلى آلام في البطن ونقصان في الوزن وضعف القدرة على التركيز... أمّا في المراحل المتأخرة، فتحدث مضاعفات خطيرة منها، ارتفاع الضغط في الوريد الكبدي البابي الذي يحمل الدم من أعضاء الجهاز الهضمي والطحال إلى الكبد، ممّا يسبب تضخّم الأوعية الدموية في المعدة والمريء. في هذه الحالة، يعيد الجسم بناء أوعية جديدة لكي تغذي الكبد، وهذه الأوعية المتضخّمة تسمى بالدوالي ولها جدار رفيع، وإذا انفجر أحدها يسبب نزيفًا مميت.
من مضاعفات تشمّع الكبد أيضًا، انخفاض كمية الألبومين واستسقاء البطن البريتوني، أي وجود سائل في الغشاء البريتوني (يظهر على المريض انتفاخ كبير في البطن)، وهذه الحالة يمكن معالجتها بالأدوية المدرّة للبول في المراحل الأولى. وفي حال عدم استجابة المريض للعلاج بالأقراص، يتمّ إجراء عملية تقضي بسحب كمية من السوائل المتجمعة بكثرة في تجويف البطن وتعويض الألبومين. المشكلة أنّ هذا الإجراء يتطلّب دخول المستشفى بشكلٍ دوريّ، وهو مكلف ماديًا ومرهق جسديًا للمريض ولذويه على حدّ سواء. وقد نخاله سهلاً كون المريض في النهاية يشعر بالتحسن، ولكن لا بدّ من الإشارة إلى أنّ هذا المرض سريع التطوّر، ولا يمكن علاجه أو الشفاء منه. والأمل الوحيد للمرضى الذين يصابون به هو القيام بعملية زرع كبد.
حاليًا، لا يوجد في لبنان مركز متخصص لهذا العلاج، يقول المقدم الطبيب عز الدين، لذلك ترسل المؤسسة العسكرية المرضى الذين تستدعي حالتهم زرع كبد إلى مستشفى وادي النيل في مصر، بموجب بروتوكول تعاون بين الطرفين (تمّ إرسال 6 حالات حتى الآن وتكلّلت عملياتهم بالنجاح).
في الآونة الأخيرة، استقبل المستشفى العسكري المركزي مريضًا في الـ65 من العمر، (هو السيد غازي محمد والد المؤهل أول غسان الترك من فوج التدخل الخامس) يعاني تشمّع الكبد بسبب تراكم دهني فيه Steatose، وحالته متدهورة لدرجة إصابته باستسقاء البطن، ولكنّ وضعه الصحي والحياتي مقبول.

 

العملية
أعطي العلاج المناسب بالأدوية ولكنّه لم يتجاوب معه، فبات يدخل المستشفى دوريًا. وكما سبق وذكرنا، الحلّ الوحيد لحالته هو زرع كبد. غير أنّ هذا الحلّ تعذّر أيضًا بسبب عدم توافر واهب مناسب. وقد كان للمؤسسة العسكرية اتصال مع الدكتور صافي دقماق من مستشفيات باريس – فرنسا، وهو اختصاصي في عمليات زرع الكبد وجراحته، عرضت عليه الحالة، فاقترح إجراء عملية بسيطة تقوم على تركيب جهاز Alfa Pump من إنتاج شركة Sequana السويسرية، والذي بات معتمدًا في جميع الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية.
تقتصر هذه العملية على سحب المياه من الغشاء البريتوني، وتركيب الجهاز الذي يقوم بسحب السوائل المتراكمة في البطن وتحويلها إلى المبولة ليصرّفها المريض بشكل طبيعي، كما يسحب المواد المغذية (الألبومين) ويعيدها إلى الجسم. ينجز هذا الجهاز حوالى 80% من مهمة الكبد والـ20% الباقية منها تتمّمها الأدوية، وبالتالي يكمل المريض حياته (يخدم هذا الجهاز لمدّة أقصاها 5 سنوات) بشكل أفضل نسبيًا من دخول المستشفى الدوري وما يصحبه من إجراءات، ريثما يتوافر واهب مناسب.
وقد حضر الدكتور دقماق إلى المستشفى العسكري المركزي، وأجرى العملية التي هي الأولى من نوعها في لبنان، ويضيف المقدم الطبيب عز الدين، شاركته في إجرائها إلى جانب العقيد الطبيب فهد عبد الله (رئيس قسم التخدير والإنعاش)، والعقيد الطبيب علي خليل (رئيس قسم الجراحة العامة).
تكللت العملية بالنجاح، وتتابع شركة Sequana الجهاز من سويسرا، وترسل إلى المستشفى العسكري تقريرًا دوريًا عن عمله.
في الختام، أشار المقدم الطبيب عز الدين إلى أنّ الطبابة العسكرية ترمي دائمًا إلى تقديم أفضل الخدمات الطبية للمستفيدين ومعالجتهم بأفضل التقنيات الحديثة، وذلك بناءً على توجيهات دائمة من العماد قائد الجيش.