متاحف في بلادي

في بنشعي: مخلوقات الطبيعة تحيا على ضفاف البحيرة
إعداد: جان دارك أبي ياغي
تصوير المعاون أول شربل زغيب

إنسجامًا مع واقع قرية بنشعي البيئي، أنشأ السيد شربل مارون، مالك أحد المقاهي على ضفاف البحيرة التي أصبحت معلمًا سياحيًا بيئيًا لبنانيًا، متحفًا للحيوانات المحنّطة يضم حوالى 3 آلاف حيوان وطير من القارات الخمس.
المتحف أصبح محط اهتمام الزوّار الذين يزورونه أكثر من مرّة لفرادته وغرابته.
يقع متحف الحيوانات المحنّطة على ضفاف بحيرة بنشعي السياحية شمالي لبنان. وجوده هناك أضاف إلى جمال المناظر الطبيعية جمالات الكائنات المختلفة وإن محنّطة. مجلة «الجيش» زارت المتحف وجالت في أرجائه واكتشفت مخلوقات الطبيعة الغريبة العجيبة.


هدف ثقافي
في أيار العام 2010 إفتتح المتحف برعاية الوزير السابق سليمان فرنجيه المشجّع الأول على إقامة متحف للحيوانات المحنّطة، وهو الذي يهوى صيد الحيوانات. هدف المتحف التعريف بالكائنات البرية والبحرية والطيور التي وجدت لتشارك الإنسان في ما خلقه الله، ولتساعد في الحفاظ على التوازن الطبيعي والبيئي. الهدف إذاً خلق ثقافة معينة تتعلّق بعالم الحيوان في كل مراحل حياته، وتدعو إلى احترام حقه في الوجود.
وبموازاة هذا الهدف،
تنمية السياحة في
المنطقة.
 

مجموعة فريدة ونادرة
منذ العام 1975 بدأ السيد شربل مارون، صاحب المتحف، بتجميع مجموعته الفريدة والنادرة من غرائب وعجائب الحيوانات الإستوائية والبرية والشرسة بهدف إنشاء متحف خاص بها. وبهذه الطريقة، يجعل الزائر يتعرّف عن قرب إلى هذا الحيوان وإلى أدق تفاصيل حياته وجسده «فلا يقتله بل يحافظ عليه». ويؤكّد مارون أنّه «لا يصطاد الحيوانات بل يشتريها من مصادر في عدة دول، وقد وصل ثمن البعض منها إلى 90 ألف دولار أميركي». وبفضل جهوده الفردية، وسّع شبكة علاقاته مع العديد من المهتمين بهذا المجال، فعندما يعلم بنفق حيوان ما في أي حديقة للحيوانات بالعالم، يتصل بأصحابها ويعرض عليهم شراءه لتحنيطه. أما تقنية التحنيط فتتم في مراكز متخصصة خارج لبنان نظرًا إلى افتقاره لمثل هذه المراكز، مع العلم أن كل حيوان يحمل شهادة منشئه. من هنا يعود ويشدد على أن «هذا المشروع هو بيئي بامتياز لأنّه يساهم بالمحافظة على الحيوانات الميتة والحفاظ عليها حيّة».
وعن أنواع الحماية التي يوفرها لتلك الحيوانات قال مارون:
«إنني أستخدم أنواعًا من الأدوية والعقاقير التي تحمي الحيوانات من البكتيريا وذلك بإشراف أطباء بيطريين، كما أنّ نظام التهوئة على مدار الساعة يساهم بذلك».

 

خفايا البحر وروائع البرّ والطيور
يحتوي المتحف على أكثر من 3000 حيوان برّي وبحري وطيور من القارات الخمس موزّعين على خمسة أجنحة.
عندما تدخل المتحف تبدأ الزيارة من قعر البحر حيث جناح الأسماك والأصداف البحرية التي تعبّر عن غنى العالم المائي وخفاياه. فهناك حوالى 1100 نوع من الأصداف موزّعة عائلات كاملة:40 نوعًا من المرجان، نجوم البحر، و45 نوعًا من الأسماك البحرية والنهرية، إلى أعشاب بحرية مختلفة الأحجام والأشكال، كما تحتل السلاحف مكانًا مرموقًا في المتحف وهي مصنّفة في 20 نوعًا.
ندخل جناح الطيور، فإذا بنا أمام مجموعة واسعة وغريبة من الطيور الأليفة والبرية والجوارح والدواجن (نسور، صقور، عقاب، بواشق، بوم، شحرور، حجل، ورور، زرزور، نسر أفريقي أسمر، طير كيريك (grue cendrée)، حبراية (outarde royal) وهي على طريق الإنقراض، بجع (pelican)، طاووس، طير فيزون (pheasant) ومجموعة مميزة من الببغاء، والطيور النادرة بجمال ريشها الملوّن. خصائص هذه الطيور ومميزاتها ونمط حياتها يمكن التعرّف إليها من خلال الشروحات المفصّلة في المتحف.

 

ألوان وأنواع نادرة
للحشرات والفراشات والزواحف جناحها الخاص في المتحف. مجموعة الحشرات تصل إلى ألف نوع معروضة على نطاق واسع لاسيما «المحيرة» منها. وهي موضوعة في قوالب زجاجية للحفاظ عليها وللتعرّف على كل مراحل حياتها (القبوط، دودة القز، الضفدع، النحلة...).
أما عالم الفراشات الباهرة بألوانها النادرة فهي 1100 نوع من مختلف الأحجام الغالية الثمن، والتي تتبدّل ألوانها بحسب الزاوية التي تشاهدها منها.
وتحتل الزواحف على أنواعها مكانًا مرموقًا في المتحف مبرزة أسرارها. إذ نجد 40 نوعًا بينها «سقايات» غريبة وغير معروفة، وحوالى 31 نوعًا من الضفادع البرمائية بأشكال وأحجام وألوان، من أصل 33 نوعًا في العالم موجودة في المتحف، مع عرض لطريقة نموّها وتطوّرها من البويضة إلى الضفدع الكامل.

هل شاهدتها من قبل؟
يضم جناح الثدييات مجموعة واسعة، لا سيما تلك المعرّضة للإنقراض بسبب الظروف البيئية المتغيّرة، والتي تشدك إليها كالغزلان المتنوّعة ذوات القرون الضخمة، وأنواع الماعز، والحمار الوحشي المرقط، سعدان، خنزير أميركي وآخر لبناني استغرق تحنيطه في هولندا سنة وشهرين، بالإضافة إلى القوارض الجبلية مثل الفأر الجرابي أو الفأر الكيسي الذي يقارب طوله ثلاثة أرباع المتر، وابن عرس، والظربان والسناجب الغريبة، ورؤوس الثيران الضخمة العملاقة التي يقارب وزنها الطن والنصف، والحيوان المدرّع والقنفذ...
ختام الجولة كان في جناح الحيوانات المفترسة أو غير الأليفة وهي 100 صنف من بينها النمر السيبيري الواثب (على طريق الإنقراض) والدب القطبي (على طريق الإنقراض) وهي أصناف غير موجودة في لبنان. كما تعرّفنا إلى أنواع الجواميس الضخمة من خلال رؤوسها، لننتقل إلى عالم الذئاب ومجموعة من الأسود (الأسد الجبلي، الفهد، الضبع المخطط، اللبوة...) والثعالب (ثعلب أفغاني، الثعلب الأحمر، الثعلب القطبي، الثعلب الرمادي، الثعلب الأسود...).
ونظرًا إلى موقع المتحف بجوار البحيرة التي باتت مقصدًا سياحيًا لجميع اللبنانيين والسيّاح الأجانب والعرب، يعمل السيد شربل مارون على إضافة أقسام جديدة ليتسع المتحف لمجموعات أكبر من الحيوانات المحنّطة، كما يسعى إلى إدراجه على لائحة المتاحف السياحية، متمنيًا من الجهات المعنية تسهيل إدخال أنواع جديدة من الحيوانات المحنّطة إلى لبنان.
ولم ينسَ السيد مارون توجيه دعوة إلى كل عناصر الجيش اللبناني لزيارة المتحف، وبأسعار خاصة.
يبقى أن نشير إلى أن المتحف مجهّز لاستقبال ذوي الإحتياجات الخاصة، ويفتح أبوابه يوميًا من الساعة العاشرة صباحًا ولغاية السادسة مساءً (شتاءً)، ومن الساعة التاسعة صباحًا ولغاية العاشرة ليلاً (صيفًا).