بين الأمس واليوم

في عيده السابع والستين

السترة الواقية... واثق الخطوة يحمي الوطن


سطور من تاريخ جيشنا
لم يكن الجندي اللبناني منفصلًا عن مجتمعه في أي يوم من الأيام، فهو، إلى دفاعه عن بلاده وأهله يتابع أيّ عمل من شأنه الإسهام في نهضة لبنان، في السلم كما في الحرب.
وهذا ما جرى خلال الحرب العالمية الأولى، حين جهد الجنود اللبنانيون وسعهم في تأمين وصول مساعدات المغتربين إلى أهلهم وذويهم في المناطق التي اجتاحتها المجاعة والأوبئة والأمراض. وقد تطوّع هؤلاء في ما عرف بـ «فرقة الشرق» التي أنشأتها السلطات الفرنسية، مؤلفين من خلالها كيانًا عسكريًا لبنانيًا تطوّر يومًا بعد يوم، حتى العام 1926، حين أنشئ «فوج القناّصة اللبنانية» الذي شكّل نواة الجيش اللبناني في المراحل اللاحقة.
حرص العسكريون اللبنانيون على تغليب مصالح بلدهم على أيّ مصلحة أخرى، وتجنّبوا في كلِّ عمل قاموا به أن يكونوا أداةً لتحقيق أهداف الأجنبي، خصوصًا في ظل خلافات خارجية لا دخل لهم بها، سواء بين الفرنسيين والانكليز، أو بين الفرنسيين أنفسهم، وقد وقّعوا وثيقة تاريخية شهيرة في زوق مكايل أقسموا فيها أنهم لن يعملوا إلاّ في سبيل لبنان، ولن تكون لهم علاقة إلاّ مع حكومته الوطنية.
قبيل إعلان استقلال لبنان في 22 تشرين الثاني 1943، ضُمّت القطع العسكرية اللبنانية المختلفة في وحدة كبرى، هي اللواء الخامس.
وبعد الاستقلال بقليل، شكّلت الحكومة اللبنانية وفدًا رسميًا لمفاوضة الفرنسيين حول تسلّم الجيش اللبناني. وبنتيجة المفاوضات، صدر عن هيئة أركان حرب القيادة المختلطة الفرنسية - الإنكليزية قرار قضى بانتقال الجيش اللبناني الذي كان عديده آنذاك 2676 رتيبًا وجنديًا باستثناء الضباط إلى كنف الدولة اللبنانية المستقلّة، وذلك اعتبارًا من الساعة صفر من أول آب العام 1945، وتمّ تعيين الزعيم فؤاد شهاب قائدًا له، والزعيم سليمان نوفل رئيسًا لأركان حربه.
وفي هذا التاريخ تمّ رفع العلم اللبناني بصورة نهائية على جميع المؤسسات الحكومية، وأقيم أوّل عرض عسكري للجيش اللبناني أمام وزارة الدفاع الوطني في بيروت، بحضور رئيس الجمهورية الشيخ بشارة الخوري، وأركان الدولة كافّة.

 

حامي الحمى ومرآة شعبه
لم يكن اللبنانيون على مدى تاريخهم الطويل هواة حروب وغزوات. وإذا ما أرادوا يومًا توسيع آفاق وجودهم تأبطوا الحرف، واستقلّوا المركب، وانطلقوا إلى مجتمعات العالم، روّادًا للمعرفة والثقافة والانفتاح.
وقد كانوا، وما زالوا، يرفضون الظلم والاحتلال، ويقدّسون الحرّية التي لم يتنازلوا عنها في أيّ وقت من الأوقات، ولم يعملوا مطلقًا على حرمان غيرهم منها. وانطلاقًا من هذا الإرث العريق، دأب الجيش منذ خطواته الأولى على تنشئة عسكرييه وفق أسس وطنيّة جامعة، وقيم أخلاقية وإنسانية نبيلة، في مقدّمها التمسّك بالمناقبية والانضباط، والتزام العمل المؤسساتي القائم على النزاهة والتجرّد والاستقامة، وعلى مبدأ الثواب والعقاب، ومعايير الكفاءة والإنتاجية، بالإضافة إلى مساندته الدائمة المجتمع المدني بالطاقات والإمكانات المتوافرة لديه، ما شكّل الأرضية الصلبة لتنفيذه مختلف مهمّاته الوطنية.

 

في مجال الدفاع
لم يتأخّر الجيش في تلبية واجبه الدفاعي، مقدّمًا التضحيات الجسام على مذبح الوطن، إذ خاض ولم يزل فتيًّا خلال العام 1948، أولى معاركه البطولية ضدّ العدوّ الإسرائيلي في بلدة المالكية، واستطاع تحريرها منه. ثم توالت بعد ذلك سلسلة المواجهات مع هذا العدو، حيث أدّت الوحدات العسكرية اللبنانية قسطها في حرب حزيران العام 1967، إلى أن كانت المواجهات المباشرة العام 1970، في منطقة سوق الخان - حاصبيا، وعلى محوري بيت ياحون - تبنين وكفرا - ياطر العام 1972، وصور العام 1975، مرورًا باجتياحي 1978 و1982، وعمليتي تصفية الحساب العام 1993 وعناقيد الغضب العام 1996، ومواجهات عربصاليم وأنصارية العام 1997، وصولًا إلى عدوان تموز العام 2006، وموقعة العديسة العام 2010.
وبفعل صمود الجيش، وبسالة المقاومة الوطنية عند خطوط المواجهة، إلى جانب تمسّك اللبنانيين بأرضهم وحقوقهم الوطنية، اضطرّ العدو مكرهاّ إلى الاندحار عن القسم الأكبر من الجنوب والبقاع الغربي، فكان أن تحقّق انجاز التحرير في 25 أيار العام 2000. إلاّ أنَّ العدو بقي جاثمًا على أرض مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم الشمالي من بلدة الغجر، التي لا تزال تنتظر فكّ أسرها والعودة إلى ربوع الوطن.
ثم كانت الملحمة الوطنية الكبرى في عدوان تموز العام 2006، إذ وقف اللبنانيون، جيشًا وشعبًا ومقاومةً، صفًّا واحدًا في مواجهة العدو الإسرائيلي، محقّقين انتصارًا تاريخيًا عليه، اعترف به العالم أجمع، بما في ذلك قادة العدو أنفسهم.
خلال هذا العدوان، كان الجيش اللبناني في ساحة المواجهة، يعكس صورة الوطن الصامد المقاوم، إذ قامت وحداته في أماكن انتشارها بأداء دورها الدفاعي بكلّ القدرات المتاحة، عبر التصدّي للطائرات المغيرة، وإحباط العديد من محاولات الإنزال والتسلّل، مقدّمًا نحو 50 شهيدًا، وعددًا كبيرًا من الجرحى، امتزجت دماؤهم بدماء الشهداء من النساء والأطفال والشيوخ والمقاومين الأبطال، في ساحات الحرية والكرامة.
وفور توقّف العدوان الإسرائيلي وصدور قرار مجلس الأمن الرقم 1701، انطلقت رحلة عودة النازحين إلى أراضيهم وبيوتهم، فيما سارع الجيش إلى التوجّه نحو حدود لبنان الجنوبية، ليؤدي واجب الدفاع عنها والتضحية في سبيلها، وكان ذلك مدعاة فخر للجنود والمواطنين جميعًا. وقد تزامنت هذه المهمّة، مع انتشار قواتٍ تابعة للأمم المتحدة على الحدود، كلّفت بموجب القرار المذكور، مؤازرة الجيش ودعمه في تنفيذ واجبه.

 

التعاون والتنسيق مع قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان
حرصت قيادة الجيش أشدّ الحرص على ترسيخ علاقات التعاون والتنسيق مع القوات الدولية، انطلاقًا من دور الأخيرة في مساعدة الجيش على بسط الاستقرار في المناطق الحدودية، وفي تعرية مخططات العدو أمام الرأي العام الدولي، وانتهاكاته المتواصلة للسيادة اللبنانية، برًّا وبحرًا وجوًّا، وعدم التزامه الكامل مندرجات القرار 1701، لا سيّما استمرار احتلاله أراضٍ لبنانية، وعدم قيامه بتسليم جميع خرائط الألغام والقنابل العنقودية إلى الجانب اللبناني.
 

ومن أبرز تفاصيل هذا التعاون:
- متابعة عملية إعادة تعليم الخط الأزرق بين لبنان وفلسطين المحتلة، من قبل لجنة مختصّة تابعة للجيش، بالتعاون مع فريق طوبوغرافي تابع لقوات الأمم المتحدة، حيث أنجزت التحقّق النهائي من إحداثيات 125 نقطة وتثبيت معالمها، كما أجرت القياسات اللازمة لنحو 50 نقطة تقع على الخط المذكور.
- إجراء التدريبات والمناورات والرمايات المشتركة بهدف رفع مستوى التنسيق الميداني بين الجانبين، والتحقق من القدرة على مواجهة أي طارئ.
- معالجة الحوادث والمشاكل، سواء داخل المناطق الحدودية، أو بين الجيش والعدو الإسرائيلي.
- توفير بعض الاحتياجات اللوجستية للجيش، وتنسيق النشاطات الإنمائية والاجتماعية في المنطقة.

 

في مجال الأمن
يتابع الجيش تنفيذ مهمّاته الأمنية في مختلف المناطق اللبنانية. وفي هذا الإطار أعادت قيادته التأكيد أنَّ فرض الأمن هو حاجة وطنية شاملة، وأن الفوضى لن تكون في مصلحة أحد، ووجود الجيش في أي منطقة هو لحماية الاستقرار فيها وليس لمواجهة الأهالي أو الاشتباك معهم، كما أكدت أنَّ الاختلاف السياسي في وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين، هو جزء من الحياة الديمقراطية التي ينعم بها لبنان، لكنّه من غير المسموح أن يَستغلَّ أيّ كان هذا الواقع ، للنيل من هيبة الدولة ومؤسساتها، والاعتداء على أرواح المواطنين وممتلكاتهم. فالأمن هو بمنزلة الخبز اليومي للمواطن، وفي غيابه، لا نهوض البتة اقتصاديًا واجتماعيًا وإنمائيًا.
ومن نتائج الإجراءات الأمنية التي اتخذها الجيش على مدى العام المنصرم:
- توقيف آلاف الأشخاص من جنسيات مختلفة، بعضهم كان مطلوبًا للعدالة بموجب مذكرات توقيف، وبعضهم الآخر لارتكابه جرائم ومخالفات متنوعة، تتعلق بالتجوال في الأراضي اللبنانية من دون إقامات شرعية، وحيازة مخدرات وأسلحة حربية وأعتدة عسكرية، وتزوير عملات والقيام بأعمال التهريب...
- كشف مديرية المخابرات معظم العصابات التي أقدمت على خطف مواطنين للحصول على فديات مالية، وإلقاء القبض على أفرادها، وتحرير المخطوفين لديها.
وأبرز هذه العصابات تلك التي اعتدت على دورية تابعة للجيش في البقاع بتاريخ 13/4/2009، ما أدّى في حينه إلى استشهاد أربعة عسكريين وإصابة ضابط بجروح بليغة، بالإضافة إلى توقيف عدد من المشاركين في عملية خطف الاستونيين السبعة خلال شهر آذار العام 2011، وعدد آخر من أفراد عصابات الاحتيال والسرقة والاعتداء على دور العبادة في مختلف المناطق اللبنانية.
- الاستمرار في مكافحة الجرائم المنظّمة على أنواعها، والتدخّل الفوري لحسم الإشكالات الأمنية، وإلقاء القبض على المشاركين فيها وضبط الأسلحة التي بحوزتهم.
- توفير المناخ الأمني اللازم للانتخابات البلدية والاختيارية الفرعية التي جرت خلال شهر أيار المنصرم، والنيابية الفرعية في قضاء الكورة خلال شهر تموز الماضي، وذلك بغية تمكين المواطنين من التعبير عن آرائهم بحريّة تامّة.
- ضبط الأمن في جميع الأماكن التي شهدت تظاهرات واحتجاجات واعتصامات، لمنع التعدّي على المواطنين والممتلكات العامّة والخاصّة.
- دهم عشرات المستودعات المحتوية على مواد غذائية فاسدة، وتوقيف المتورطين في خزنها وتسويقها وتسليمهم إلى القضاء المختص.
- متابعة رصد شبكات الإرهاب والتجسس لكشفها.
- إعادة فرض الأمن في مدينة طرابلس إثر الاشتباكات التي اندلعت في منطقتي التبانة - جبل محسن وفي منطقة الطريق الجديدة - بيروت، وإثر أحداث مخيم نهر البارد في الفترة الأخيرة. وقد قام الجيش بواجبه خلال ذلك، من موقع المدرك خطورة احتدام الشحن السياسي والفئوي، ومن موقع الحريص على دماء المواطنين الأبرياء، حيث استطاع إنجاز مهمّاته في وأد الفتنة وتحقيق الاستقرار بأقلّ الأضرار الممكنة.
- مصادرة كميّات كبيرة من الأسلحة والذخائر والأعتدة العسكرية المهرّبة، وأهمّها تلك التي ضُبطت في الباخرة «لطف الله 2» التي أوقفتها قوى الجيش قبالة شاطئ طرابلس بتاريخ 27/4/2012، وكانت تحتوي على ثلاثة مستوعبات من الأسلحة والذخائر الثقيلة والمتوسطة والخفيفة، بالإضافة إلى كمية من الأعتدة العسكرية المتنوعة، كما تمّ توقيف طاقمها المؤلف من 11 شخصًا ينتمون إلى جنسيات عربية وأجنبية مختلفة.
- إعادة فتح الطرقات وتسهيل انتقال المواطنين، إثر الحركات الاحتجاجية التي حصلت في مختلف المناطق اللبنانية، على خلفيات مطلبية أو خدماتية، والتي تمّ خلالها قطع بعض الطرقات.

 

ضبط الحدود اللبنانية - السورية
تُمثّل الحدود في الوجدان الشعبي العام أحد أهمّ رموز السيادة الوطنية. ونتيجة للأزمة الخطيرة التي تعرّضت لها سوريا ولا تزال، وإمكان انعكاسها بشكلٍ أو بآخر على الداخل اللبناني وخصوصًا على الصعيد الأمني، كثّف الجيش حضوره الميداني على امتداد الحدود الشرقية والشمالية، بهدف حماية المواطنين، ومنع عمليات التسلل والتهريب بالاتجاهين، والتي من شأنها لو استفحلت، أن تلحق أشدّ الضرر بالمصلحة العليا للوطن، وأن تمسّ بإحدى الثوابت التاريخية القاضية بالتزام لبنان سياسة الحياد الإيجابي تجاه النزاعات الإقليمية.
وقد شملت إجراءات الجيش: تسيير دوريات وإقامة حواجز ثابتة وظرفية، وتنفيذ عمليات إنزال بالطوافات في الأماكن الوعرة ودوريات بحرية للتأكد من سلامة المياه الإقليمية اللبنانية.

 

المجالان الإنمائي والإنساني
تولي القيادة الشأنين الإنمائي والإنساني أهمية كبيرة، انطلاقًا من ارتباطهما المباشر بحياة المواطنين، ومن تأثيرهما العميق في ترسيخ انتمائهم إلى وطنهم واعتزازهم بتراث أجدادهم وآبائهم. ومن أبرز المهمّات التي دأب الجيش على تنفيذها:
- إغاثة المواطنين المحاصرين بالثلوج والسيول، مع تأمين ما يلزم من الأدوية والمواد الغذائية، بالتعاون مع الأجهزة المختصّة.
- إنقاذ السفن والمراكب التي كانت مهدّدة بالغرق نتيجة الظروف المناخية الصعبة.
- القيام بحملات تشجير واسعة، ورش البذور وأدوية مكافحة الحشرات في الحقول الزراعية والغابات.
- المساهمة في إطفاء الحرائق، وتأهيل القلاع الأثرية وتنظيف الشواطئ ومجاري الأنهار.
- شق الطرقات في القرى والبلدات النائية، والمساهمة في إزالة آثار الكوارث الطبيعية وتخمين الأضرار الناجمة عنها.
- رفد إدارات الدولة وهيئات المجتمع المدني ومؤسساته، بالتقنيات والخبرات اللازمة، وفق الإمكانات المتوافرة.
وفي مجال يتصل بالإنماء والسلامة العامة معًا، يواصل المركز اللبناني للأعمال المتعلقة بالألغام، ووحدات الهندسة في الجيش، بالتعاون مع منظمات غير حكومية وفرق تابعة لجيوش شقيقة وصديقة، مهمّات إزالة الألغام والقنابل العنقودية التي خلّفها العدوّ الإسرائيلي في الجنوب، والمقدّرة بنحو 550000 لغم، وأكثر من مليون قنبلة عنقودية، وقد تمّ لغاية تاريخه إزالة 149000 لغم، ضمن مساحة تعادل 55% من المساحة العامة الملوثة، و220000 قنبلة عنقودية ضمن مساحة تعادل 70% من المساحة العامة الملوَّثة، بالإضافة إلى إزالة كمّية كبيرة من الأجسام المشبوهة والذخائر المتنوعة.
وفي سياق متصل، نظمت قيادة الجيش ما بين 23 و27 نيسان 2012، حملة وطنية تذكيرية للتوعية من مخاطر الألغام والقنابل العنقودية، وذلك بالتعاون مع المكتب الإعلامي العسكري التابع للقيادة الوسطى في الجيش الأميركي، وعدد من الجمعيات الأهلية ووسائل الإعلام وشركات الإعلان الوطنية، والمنظمات الدولية غير الحكومية.
وقد شملت الحملة إقامة ندوات ومحاضرات في الجامعات والمدارس حول مخاطر الألغام وطرق الوقاية منها، وبالإضافة إلى تسليم أراضٍ منظّفة من الألغام إلى أصحابها، وعرض مسرحيات توجيهية بهذا الشأن.
وفي مجال إنساني آخر، يتواصل التدريب المشترك بين الجيش وقوات الأمم المتحدة المؤقّتة في لبنان ووزارات الدولة المختصة، حول فرضية وقوع زلازل، وإعلان حالة طوارئ واسعة، وتدخل القوى لتنفيذ عمليات بحث وإنقاذ وإخلاء، بالإضافة إلى أعمال الإطفاء وإزالة الركام.

 

تطوير المؤسسة
تضع القيادة في رأس أولوياتها، مسألة تعزيز قدرات الجيش عديدًا وعتادًا وتدريبًا، بهدف أن تتناسب هذه القدرات مع حجم المهمّات الموكلة إليه. وقد أكّدت هذه القيادة باستمرار، أنّ أيّ مساعدة يتسلمها الجيش، إنما تصب أولًا وأخيرًا في خدمة الاستقرار المحلّي والإقليمي والدولي، وهي لن تكون في أيّ وقت من الأوقات دافعًا للاعتداء على أحد، بل في موقع الدفاع عن الأرض وحماية الشعب من أيّ عدوان خارجي.
أمّا أبرز الخطوات التي حصلت على هذا الصعيد، فهي:
- تحديث مناهج التعليم في الكليّات والمعاهد والمدارس، ورفد هذه الوحدات بالوسائل والتقنيّات التدريبية المتطوّرة، إلى جانب إتباع عدد كبير من العسكريين من مختلف الرتب دورات دراسية في الخارج.
- تنفيذ مناورات قتالية عالية المستوى بمشاركة مختلف أسلحة الجيش.
- تمتين جسور التواصل مع الجامعات اللبنانية، وتبادل الخبرات والمعارف بما يصبّ في مصلحة الجميع.
- مبادرة القيادة إلى تنظيم اللقاءات والمؤتمرات التي تعالج المواضيع الجيوسياسية والاقتصادية والأمنية، بمشاركة داخلية وخارجية، وأهمّها «المؤتمر الإقليمي الثاني حول الشرق الأوسط ما بعد العام 2011»، الذي عقد أواخر شهر آذار المنصرم في فندق مونرو - بيروت، وذلك بهدف تأكيد دور لبنان الحضاري والثقافي، بالإضافة إلى تبادل الطروحات والأفكار حول القضايا المستجدة، بروح المهنية والموضوعية.
- تنفيذ التمارين المشتركة، خصوصًا البحرية منها، مع القوات الدولية وبعض وحدات الجيوش الصديقة.
- متابعة تسلّم المساعدات والهبات الممنوحة للجيش من قبل الدول الصديقة، خصوصًا ما يتعلق منها بأجهزة مراقبة الحدود ومكافحة الألغام والأعتدة اللوجستية المختلفة.
- رفد الطبابة العسكرية بالطواقم الطبية المتخصصة والتجهيزات الحديثة.

 

فخامة رئيس الجمهورية ودولة رئيس مجلس الوزراء في اليرزة
لتأكيد أهمية دعم الجيش في ظلّ المرحلة الدقيقة التي تمرّ بها البلاد، لا سيّما عقب أحداث طرابلس ومناطق أخرى وبعض المشاكل الحدودية، زار فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان قيادة الجيش في اليرزة بتاريخ 29/5/2012، حيث التقى قائد الجيش العماد جان قهوجي، كما عقد اجتماعًا مع أركان القيادة وعدد من كبار الضباط بحضور وزير الدفاع الوطني الأستاذ فايز غصن.
وقد ألقى فخامة الرئيس كلمة أمام الضباط، تناول فيها مختلف قضايا الوطن، منوّهًا بأداء الجيش على الرغم من الظروف الاستثنائية ودقة المهمّات الموكلة إليه، لافتًا إلى أنه لا بديل على الإطلاق من الدولة التي لا تقوم إلاّ على المؤسسات، وفي طليعتها المؤسسة العسكرية، مؤكدًا أنَّ أيّ محاولة لاستهداف الجيش هي مدخل للفتن والمؤامرات والفوضى.
كمــا ألقــى العماد قهوجي كلمة توجّــه فيهــا بالترحيب والشكر إلى فخامة الرئيــس علــى زيارته القيــادة ووقــوفـه الى جانب الجيش ودعمـه له، مشدّدًا على أن مـا جرى من أحــــداث وتطوّرات وعلى خطورتهــا، لن تنــال من تمــاســك الجيش وإصـراره على صون وحـــدة الوطن وحمــاية مسيرة سلمـه الأهلي، كائنة ما كــانت الصعـوبات والتضحــيات.
وفي الإطار عينه، زار دولة رئيس مجلس الوزراء الأستاذ نجيب ميقاتي قيادة الجيش بتاريخ 12/6/2012، حيث اجتمع بحضور وزير الدفاع الوطني والعماد قائد الجيش بأركان القيادة وعدد من كبار الضباط.
وقد ألقى دولة رئيس الحكومة كلمة، حيّا فيها المؤسسة العسكرية وقيادتها، مؤكدًا العزم على تقديم الدعم لها بكلّ الإمكانات المتاحة، وخاطب الضباط قائلًا: «إن الصعوبات التي تحيط بالوطن لم تحل يومًا دون تلبيتكم نداء الواجب، سواء على الحدود أو في الداخل، حيث نجحتم في حماية أهلكم والسهر على سلامتهم، كلّ ذلك، وأنتم غير آبهين بصعوبات من هنا واعتراضات من هناك، لأنكم تدركون أنَّ مؤسستكم محصّنة بمحبة جميع اللبنانيين».
بدوره ألقى قائد الجيش كلمة شكر فيها لدولة الرئيس زيارته ومواقفه، مؤكدًا أنَّ الجيش كان وسيبقى تحت سقف القانون، ولن يعمل إلاّ في إطار توجيهات رئيس البلاد وقرارات الحكومة، وأنَّ أداءه العملاني لن يخرج عن ركيزتين اثنتين، فرض الأمن والاستقرار من جهة، والحفاظ على أرواح المواطنين من جهة أخرى، وبهذا النهج واجه الجيش الفتنة في الماضي وسيواجهها مستقبلًا.

 

تكريم الجيش وقيادته
تقديرًا لجهود الجيش وقيادته في المجال الأمني، قلّد معالي وزير الداخلية العميد مروان شربل، قائد الجيش العماد جان قهوجي ميدالية الجدارة، وذلك في احتفال أقيم في مبنى الوزارة المذكورة بحضور قادة الأجهزة الأمنية وحشد من كبار ضباط الجيش والأجهزة الأمنية.
وفي هذا الإطار، كرّم مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الإستراتيجية الأميركية «NESA»، قائد الجيش العماد جان قهوجي، باختياره الخرّيج المميّز بين جميع المتخرّجين من المركز المذكور وجامعة الدفاع الأميركية في واشنطن، في احتفال أقيم في المجمع العسكري – جونية، حضره أعضاء المجلس العسكري وكبار ضباط القيادة، إلى جانب القائم بأعمال السفارة الأميركية في لبنان السيد ريك ميلز، ومدير المركز السفير جيمس لاروكو، وحشد من ضباط الجيش، والمديرية العامة للأمن العام الذين سبق أن تابعوا دورات في المركز والجامعة المذكورين.
وفي مبادرة لافتة، دشّنت الجامعة الحديثة للإدارة والعلوم في مبناها الكائن في الدامور، قاعة باسم «كرسي شهداء الجيش اللبناني»، وذلك في احتفالٍ كبير، حضره ممثل العماد قائد الجيش، وحشد من الشخصيات الرسمية والأكاديمية والإعلامية والثقافية في لبنان.
إلى ذلك، تواصل الهيئات الاجتماعية تكريم العسكريين الشهداء، وتأمين التواصل مع عائلاتهم وإقامة النشاطات الإنسانية والترفيهية لأبنائهم.

 

الصامت الأكبر
لقد عُرف الجيش اللبناني عبر تاريخه الطويـل، بأنّه الصـامــت الأكبر، ولا بـأس في ذلك، إذ يكفـيه من أجل الوطـن، أن تصدح مآثـره في مــواقع العــزّة والكــرامة، ويشمـخ علم لبنــان خفــاقًا بأنســام الحرية والعنفوان.