في الميدان

في مخيم نهر البارد ماذا تقول الأماكن للمقاتلين
إعداد: الهام نصر تابت

... وكما الأم تنسى في لحظة سماعها صرخة وليدها كل آلام المخاض والولادة، ينسون في لحظة النصر أهوال القتال والخطر وكل الصعوبات.
في لحظة النصر وحدها هامات الشهداء وأعلام العزّة المرفوعة تحتل مساحات الرؤية والذاكرة، وتؤكّد من جديد التزام العسكري شرف الحفاظ على وطنه حتى الرمق الأخير.
انتهت المعركة بالنصر ومع المقاتلين عدنا الى ساحتها.. فماذا يقول المقاتل العائد الى ساحة المعركة بعد أن بات الصمت سيداً فيها؟ وماذا تقول الأماكن لمن مكثوا فيها أكثر من ثلاثة أشهر وسط الخطر ودوي القصف ورصاص القنص، وتلال الركام؟
نحاول الاستكشاف.. نتجه الى مخيم نهر البارد، في ذاكرتنا أسماء وصوَر.
أسماء مراكز ظلت أكثر من مئة يوم تتردد عبر وسائل الإعلام من غير أن يستطيع أحد باستثناء المقاتلين وضع قدم فيها.
صوَر شهداء كانت تردنا يومياً، نراها في الساحات وعلى الجدران، على زجاج السيارات وفي الصحف وسواها من وسائل الإعلام. صوَر بات أصحابها جزءاً من حياتنا اليومية، وباتوا مصدر فخرنا وحزننا في آن.
عند مدخل المخيم كان بانتظارنا عسكريون في ثلاث مجموعات:
المجموعة الأولى من الفوج المجوقل، قوامها رائد (آمر السرية المجوقلة الخامسة) وبضعة عسكريين.
المجموعة الثانية من مغاوير البحر وتضم ملازماً أول وعدداً من العسكريين، والمجموعتان حضرتا خصيصاً لمواكبتنا في جولة داخل المخيم.
أما المجموعة الثالثة فكانت من فوج المغاوير تولى إمرتها ضابط برتبة ملازم، وكان برفقته عدد من العسكريين. هذه المجموعة كانت ما تزال في المخيم. لم تغادر مع الفوج. إنها من سرية الشهيد المغوار عباس الكموني، مهمتها البحث عن جثة الشهيد، وهي لن تعود الى الثكنة إلا مع شهيدها (في وقت لاحق أعلنت قيادة الجيش - مديرية التوجيه عن سحب جثة الشهيد وأقيمت الصلاة لراحة نفسه).
في المخيم وفي محيطه كان بانتظارنا عسكريون من اللواء الخامس الذي يتولى مسؤولية القطاع. وهناك كان بانتظارنا ايضاً: «صائدو الخطر» رجال فوج الهندسة الذين ما زالوا يتابعون مهام تنظيف المخيم من الألغام والأفخاخ ومعهم عناصر من فوج الأشغال المستقل، سرية من اللواء الثاني عشر التحقت بالمعركة وقاتلت الى جانب القطع الأخرى، وسرية أخرى من اللواء الثامن التحقت ايضاً وقاتلت حتى آخر لحظات القتال
.

 

نصيحة: خذوا الكمامات
بناءً على نصيحة قائد منطقة الشمال العميد الركن مجذوب، تسلّحنا بالكمامات قبل الدخول الى المخيم، وضعناها في الحقائب احتياطاً ضرورياً. فكرنا: إنتهت المعركة منذ عشرة أيام، إذا كنا نحن الآن بحاجة الى كمامات في جولة لن تستغرق سوى بضع ساعات، تُرى ما الذي كان يحتاجه هؤلاء الشجعان الذين مكثوا أشهراً في جوّ موبوء؟
لم تسر الآليات على الزفت إلا قليلاً، من ثم بدأت طرقات التراب التي شقتها الجرافات العسكرية.
نصل الى نقطة الخان، نترجل، ينبغي أن نتابع سيراً على الأقدام بينما تلاقينا الآليات في نقطة أخرى. في وضح النهار بدا لنا السير هناك أشبه بتسلق قمة جبل. العسكريون راعوا أوضاعنا، واكبونا في السير البطيء وكانوا جاهزين لتقديم المساعدة في الأماكن التي تقتضي خطوات لا نتقنها. كان ينبغي أن نتأكد من كل خطوة، وأن نتيح لأعيننا أن تكتشف كل تلك الأماكن والمراكز التي حفظنا أسماءها عن ظهر قلب. وفي الوقت عينه كان ينبغي أن نتابع شروحات الضباط والعسكريين.
نتأمل المباني المتلاصقة المتصلة ببعضها عبر كوات متتالية فتحت في الجدران لتشكل ممراً آمناً للعسكريين.
يشرح أحد الضباط: سلوك الزواريب التي يطل عليها القناصون من المباني كان خطراً أكيداً. اضطررنا الى فتح الجدران والمرور عبر المباني المتلاصقة.

 

ليلة خلف الأعمدة
هذا مركز الخان يشير ضابط المجوقل، خرقه كان مهماً جداً بالنسبة الينا. بعد أن تحقق هذا الخرق بدأنا التقدم، أحياناً نقف في الجبهة أياماً من دون  أن نستطيع التحرك، فالعدو يتحكم بالممرات.
بدوره يشير الملازم المغوار الى ثلاثة مبانٍ في نقطة الخان احتلها فوج المغاوير في بداية المعركة، «كانت عملية صعبة جداً، أمضينا ليلة كاملة هنا كل واحد منا خلف عمود. كان الإرهابيون في المبنى المقابل (المسافة الفاصلة بين المبنيين ممر ضيق)، أحسسنا بوجودهم، في الصباح رأيناهم أمامنا، اشتبكنا معهم. قتلنا ثلاثة منهم وسحبنا جثتين. كانتا أول جثتين يسحبهما الجيش للمسلحين، كانوا يحاولون دائماً عدم ترك قتلاهم».


• ماذا يعني للعسكر سحب جثة للعدو؟
يجيب أحد الضباط: العسكري يشعر بالفخر لأنه قتل عنصراً معادياً وأحضر جثته. من جهة أخرى الأمر يتيح لنا التعرف الى جنسياتهم وجمع معلومات عنهم.
قبل أن نغادر النقطة التي كنا فيها يقول ملازم أول من مغاوير البحر: الخان، الوحش، النورس، صامد، الأونروا... هذه أسماء كبيرة لمراكز قيادية لها رمزيتها بالنسبة الى المسلحين، سقوط كل منها كان ضربة قوية لمعنوياتهم وقواهم، في المقابل كان سقوط مركز لهم أمراً يعزز معنوياتنا ويعطينا مزيداً من الاندفاع والثقة.
نسير قليلاً الى الأمام ودائماً فوق الركام، أحد العسكريين ينحني ويلتقط سلكاً من بين الركام خشية أن «تتفركش الصبايا»، ينظر اليه ويقول: «هذا فتيل بطيء الاشتعال»، نفهم أنه من ضمن الوسائل التي كان يستعملها الإرهابيون، نسأله: «بماذا تفكر الآن وأنت تحمل هذا السلك؟» يقول: تخطر أمامي قامات رفاقي الذين سقطوا شهداء، أفكر كم سقط منهم بسبب الأفخاخ».

 

فسحة من الحنين
ينظر مجند مغوار الى مبنى أمامنا، يقول: هنا اشتبكنا مع الإرهابيين، أنا أصبت هنا حيث نقف، في فمي «12 قطبة»، أصبت أيضاً في يدي ورجلي. مكثت في النقاهة سبعة أيام وعدت، لا يمكن أن أشعر براحة الضمير بعيداً عن رفاقي الذين يتابعون القتال.


• هل من فسحة في حرب كهذه لبعض اللحظات الجميلة؟
- أجمل اللحظات عندما نقتل إرهابيين وأتعسها لحظة استشهاد رفيق. في ما خلا ذلك وعلى الرغم من كل شيء تبقى لنا فسحة نتذكرها بشيء من الحنين. مثلاً هنا كانت استراحتنا (يشير الى طابق سفلي فيه بعض الكراسي البلاستيكية). كنا نجلس في المساء سوياً نرتاح، نتناول الطعام، ومرة وجدنا دربكة فاستعملناها.


• كيف كنتم تحتفلون عندما تحتلون مركزاً أو تحرزون تقدماً مهماً؟
- لا احتفالات، عند سقوط مركز مهم للعدو أول ما نقوم به هو التمركز وإقامة الدشم للاحتماء، فردة فعل العدو قد تكون هجوماً مضاداً أو قنصاً.

 

إنه مركز صامد
نتابع التقدم، يدلنا مغوار الى زاروب، هذا الممر كان مفخخاً بالكامل، سيارات، دراجات نارية، وأشياء أخرى، كلها مفخخة، فجّرناها.
على يمين الطريق الترابية التي نسلكها كومة أنقاض فوقها علم، يشير اليها ضابط: هذا مركز صامد.
الطريق مقابل صامد كان محفوفاً بخطر القناصة المتمركزين في صامد، كان طريقاً ممنوعاً على العسكريين سلوكه. قتلنا عدداً كبيراً من الإرهابيين هنا، قرب المركز وجدنا العديد من المقابر الجماعية، أخذنا العديد من الأسرى، كان العسكريون في حال إحتقان شديد، هذا المركز كلفنا كثيراً، على الرغم من ذلك لم نقتل أياً من الذين استسلموا.
نشاهد أحد المباني وقد احترق وبات بقايا من السواد، نسأل عنه، يقول الضابط: وصلت الى هذا المبنى حضيرة ومعها النقيب ميشال طنوس، عندما دخلوه فجره الإرهابيون يدوياً، فاشتعل والعسكريون في داخله، الحمد لله لم يستشهد منهم أحد، لكنهم ما زالوا قيد العلاج من الحروق، ممنوع أن يتعرضوا لأشعة الشمس لمدة تقارب السنة.

 

الهندسة دائماً معنا
ويدلنا عسكري الى مبنى آخر على يسار الطريق: لقد وضعوا قرب المبنى قذيفة 155 ملم موصولة الى قارورة غاز ليفجّروها عندما ندخل. رأينا السلك الموصول رمينا قذائف «آر. بي. جي» وقطعناه. ويضيف: قبل دخول أي مبنى نرميه بقذائف «آر. بي. جي» وقنابل، تنفجر التفخيخات قبل أن ندخل، وسلاح الهندسة دائماً في مواكبتنا.
ومبنى آخر أمامه ساحة واسعة... لم يكن بوسعنا التقدم، يقول ضابط. كنّا هدفاً لقنّاصي صامد، استلزمنا خرق هذا المبنى ثلاثة أيام من الاشتباكات العنيفة، كنا قادرين على احتلاله في يوم واحد، لكن بكلفة مرتفعة من الشهداء والجرحى. فضّلنا البقاء عدة أيام واحتلاله من دون خسارة أي شهيد. هذا الأمر تكرر في معظم المواقع.

 

18 مقبرة جماعية قرب صامد
يستوقفنا مشهد مسجد وقد أصابه الكثير من الدمار نسأل، وتأتينا الحكاية:
إنه جامع خالد ابن الوليد، القاعة الموجودة أمامه تابعة له. من قبة الجامع كان الإرهابيون يسيطرون بالقنص على كل الجهات، تمركزوا ايضاً في القاعة كان ينبغي لنا السيطرة على الجامع والقاعة للوصول الى مركز صامد الملاصق لهما. تعرضنا لنيرانهم بشكل جهنمي ولم يمتثلوا لكل النداءات التي طالبتهم بتحييد أماكن العبادة. اضطررنا الى قصفهم، مركز صامد دمّر بالكامل حفرنا تحته بحثاً عن ملاجئ. وجدنا قربه 18 مقبرة جماعية. كانت مقابر حديثة، الموجودون فيها قتلوا في المعركة هناك.
مقابل جامع خالد ابن الوليد منزل قتل فيه العسكريون عدداً كبيراً من المسلحين في الليلة الأخيرة للمعركة، وهو المنزل نفسه الذي وجدت فيه بندقية الشهيد المغوار عباس الكموني، وكانت بداخله مجموعة العبسي.
من هناك يشير الينا العسكريون الى مباني الاونروا الواقعة بعد صامد لجهة البحر، هناك ما زال فوج الهندسة يعمل على تنظيف المباني والأرض من الألغام والأفخاخ.

 

كيف كنتم تنامون وتأكلون و...
قبل أن نتوجه الى الآليات التي نقلتنا عبر طريق النضال وقد شقها الجيش، يخطر لنا أن نسأل العسكريين: «كيف كنتم تنامون، تأكلون، تغتسلون... يا إلهي كيف يمكن العيش وسط هذا الركام؟».
يجيبون: «نحتل المبنى ننظفه نبات فيه ليلتنا، الطعام يأتينا من الخلف لكننا أحياناً كثيرة ننسى أن نتناوله. أما الباقي فنتدبره بما أمكن، نحن عسكر».

 

الى التعاونية
وسط الزواريب والممرات الملتوية تقلّنا آلية للسرية 1207 على طريق النضال وصولاً الى التعاونية. نقف أمام دشمة على تلة ونستمع الى العسكريين.
«هنا عند هذه الدشمة على طريق النضال في منقطة التعاونية - ناجي العلي، حصل اللقاء بيننا وبين سرية من اللواء الثامن في آخر يوم من المعارك» يقول معاون أول من فوج المغاوير ويضيف:
كانوا هنا ونحن آتون من الجبهة المقابلة فقد تلقينا أوامر تقضي باقتحام القطاع. دخلت أحد المباني ومعي عريفان ومجندان، في الداخل كانت الرؤية شبه متعذرة بسبب الظلام. دخلنا المبنى من ثلاث نوافذ، وفي داخله أربعة من الإرهابيين، كانوا جرحى لكنهم قادرون على التحرك. أحدهم بدأ يصرخ مدعياً أنه مشلول ومريض جداً ويحتاج الى المساعدة. رأيته يمد يده كانت أمامه عبوة مموّهة يحاول تفجيرها. أطبقنا عليه قبل أن يتمكن من ذلك، تابعنا الدهم غرفة فغرفة الى أن أطبقنا على الآخرين. النقيب آمر السرية الأولى أمرنا بأخذهم الى ملالة الاخلاء. وهذا ما حصل، على الرغم من كل ما سببوه لنا من ألم وأذى، نقلناهم في الملالة التي تنقل جرحانا وشهداءنا.

 

هل أقلب لك الدشمة؟
• ماذا بعد يا حضرة المعاون الأول؟
- أنهينا تنظيف المبنى وفجأة وجدت نفسي أمام دشمة من الجهة المقابلة، عرفت أنه موقع صديق، ثمة سرية من اللواء الثامن هناك، صرخت: يا خفير أنا المعاون الأول... من فوج المغاوير... ردّ الخفير، وإذ تأكدت له هويتي قال ماذا أفعل؟ هل أقلب لك الدشمة لتصل اليّ؟ قلت أنا وحضيرتي آتون اليك، نتدبر أمرنا، بلّغ المركز كي لا تُطلق النار باتجاهنا. ووصلنا اليهم كانت لحظة ولا أروع، شيء لا يوصف، لا يُعبّر عنه، علمنا أن الأمر انتهى.

 

حرب... لم تكن لعبة
جندي مغوار يضيف الى كلام رفيقه:
«... ليتهم كانوا معنا ليشهدوا تلك اللحظات. لكن لا حرب ولا انتصار من دون شهادة إلا في الألعاب. وهذه كانت حرباً ضارية، لم تكن لعبة...».
آخر كلام للمغاوير حول هذه النقطة لآمر المجموعة، قال الملازم: عند وصولنا الى هذا المركز في اليوم الأخير التقينا باقي الأفواج والقطع. أول عسكري دخل من الدشمة على رأس التلة التي كانت سابقاً مبنى التعاونية. عندما التقينا جميعاً (مساء الأحد 2 أيلول) أدركنا أننا حقاً قضينا على الإرهابيين، كان شعوراً عظيماً سيظل صعباً أن أصفه اليوم وغداً وبعد غد...

 

عسكر يهاجم يحتل
ثم يدشم ويحرس...
تابعنا جولتنا مع مجموعة من عسكريي فوج  مغاوير البحر. كان بودنا أن نتوغل أكثر في القطاع الذي كانوا فيه. ولكن... شمس حارقة، غبار، ذباب، روائح وتعب.. وثمة عسكريون من عدة قطع في انتظارنا داخل المخيم وفي محيطه.
آمر فصيلة في مجموعة زوارق القتال الثانية (مغاوير البحر) برتبة ملازم أول، يرد على تعليق لنا حول صعوبة القتال والتحرك والإقامة في المخيم، يقول: كان العسكر ينفذ الهجوم تلو الهجوم خلال النهار، يقاتل، يحتل مراكز، وهو نفسه يتولى التدشيم والحراسة ليلاً.


• كم هي صلبة قدرة التحمل لديهم؟
- نحن مدربون على تحمل الصعوبات، لكن قدرتنا تضاعفت عدة مرات هنا، أولاً لأننا نؤمن بقضيتنا، وثانياً لأننا نتميز بالتماسك، الروابط التي تشد عناصر القطعة الى بعضهم البعض تجعلهم واحداً.
برفقة الملازم الأول، رقيب أول وعريفان وجندي، المجموعة تؤكد أن كلام الضابط يعبّر عما يشعر به العسكريون ويريدون قوله.


• كيف تكون ردة الفعل عند استشهاد رفاق؟
يتناوبـون على الكلام ويجمعـون على أن استشهاد كل رفيق من رفاقهم كان يصيبهم بالحزن، لكن مع الحزن موجة غضب تحوّلهم الى كتلة من العزم والاقدام.


حيث يسقط شهيد
ممنوع أن يخطو إرهابي خطوة
يوم 12/7/2007 كان من أقسى الأيام بالنسبة الينا يقول الضابط، ويضيف: خسرنا ثمانية شهداء خلال يومين، حاولنا سحب السرية لنريحها، رفضت، تابعت القتال واحتلت مراكز.
ويضيف الرقيب الأول الى كلام الضابط: كل نقطة دم تسيل من رفيق تزيدنا عزماً وإصراراً، لا نريد أن يتدنّس التراب الذي روته دماء شهدائنا بأقدام الإرهابيين.
يوم وجودنا في مخيم نهر البارد، كان جثمان المقدم الشهيد صبحي العاقوري قد وصل من الخارج، يخبرنا ضابط أنه ذاهب للمشاركة في الدفن، يتذكره بأسى، هذا واحد من الأبطال الشرفاء يقول.
ويتحدث عسكريون عن الشهيد ملحم المعلم وشهداء آخرين. «ملحم المعلم كان ضميراً، كان بطلاً عنيفاً، قبل استشهاده بليلة واحدة تجادل مع آمر السرية بسبب اندفاعه»، يقول أحدهم.
ويتذكر آخر رفيقاً استشهد، «الرهط الذي كان معه لحظة استشهاده، سحبه ورفع العلم في السوق».
ويتذكرون... أربعة شهداء، حوصروا في مبنى وانهار عليهم، كانوا يحاولون سحب جثة شهيد سبقهم... لا نتخلى عن شهيد يقولون. يبلغ التأثر مدى نشعر معه أن لا بد من التوقف...
نستودعهم وتكون الكلمة الأخيرة لرقيب: «لو كانت كل نقطة من دمي تحرّر حبة تراب في وطني لتمنيت جسدي ممدوداً على مساحة الوطن من شماله الى الجنوب ومن بقاعه الى الجبل والبحر...».
• تفصيل قد لا يكون مهماً: لم نعثر بين العسكريين على واحد لم يصب إلا مرة واحدة، فاقتضى التنويه.

 

توجيه الأفواج والقطع رصد المعركة

أقسام التوجيه في الأفواج والقطع المقاتلة رافقت سير المعركة من بدايتها الى النهاية، وسجّلت عبر كاميراتها وقائع المعارك ولحظات رفع العلم مع كل تقدم للجيش، وصولاً الى لحظة التقاء القوى المشاركة قرب التعاونية والاحتفال بالنصر.
وعليه فإن الصور المنشورة عن المعركة ولحظاتها الأخيرة هي لأقسام التوجيه
في القطع.

 

تصوير: راشيل تابت