حديث القائد

قائد الجيش العماد ميشال سليمان لـ «النهار»:

أنا أحتـرم الدستور ومشروعي إنقاذ البلاد والجيش

الاستقالة غير واردة والاجازة كانت دفاعاً عن الجيش


بكلام حاسم وواضح، أدلى قائد الجيش العماد ميشال سليمان بحديث الى صحيفة النهار خلال لقاء اجراه معه الزميل عباس صالح، تناول فيه دور الجيش ومهامه الدفاعية والأمنية، وموقف القيادة من الأحداث البارزة التي شهدها لبنان خلال المراحل السابقة، وإيضاحاً لبعض النقاط التي وردت في مقال نشر سابقاً في الصحيفة نفسها تنـاول تصرفات بعـض قادة الجيـش السابقيـن.
وقد شكّل الحديث بما تضمنه من دقة في عرض المواضيع وإحاطة شاملة بتفاصيلها، قيمة معنوية وتوجيهية رفيعة، نجد من المفيد إطلاع العسكريين عليها لترسيخ إيمانهم بثوابت الجيش وعمله المؤسساتي، وقناعاتهـم الكاملــة بصــوابيـة مواقــف القيادة.

 

الجيش يفخر بدوره
 تلقى الجيش في المدة الأخيرة عدة انتقادات من قبيل انه لم يقم بدوره في الشكل الذي ينبغي القيام به خلال الاحداث الامنية الاخيرة، سواء يوم تحرُّك المعارضة في الشارع يوم 23 كانون الثاني الماضي أو الخميس الذي تلاه، وبعض الإنتقادات وصل إلى حدّ وصف الجيش بـ  «المتواطئ» مع المتظاهرين، فيما اعتبر بعض آخر موقفه تلكؤاً أو تراخياً في حسم الأمور على الطريقة المعهودة. أين الجيش اليوم؟ وكيف تقوّم دوره في المحنة التي تعصف بالبلاد؟

- لست من يقوّم عمل الجيش لأنني سأكون مغرضاً وصاحب مصلحة في تقويمه إيجابياً. لكن تقويم الجيش يظهر في وحدته. الجيش اللبناني المؤلف من 56 ألف عسكري يعيش منذ سنتين وشهرين ظروفاً فريدة ومختلفة جداً عن الظروف السياسية السائدة في البلاد. فعلى الرغم من كل ما حصل، لا يزال العسكري ابن عكار والعسكري ابن الهرمل ينفذان أمراً واحداً صادراً عن قيادة واحدة ويجلسان كتفاً إلى كتف ليحفظا معاً الأمن في البلاد. وهذا يغنيك عن تقويمي. فمنذ بدأت بوادر التمديد صيف العام 2004 انقسمت البلاد انقساماً حاداً وشهدت احداثاً كبيرة جداً لم يعرفها لبنان في تاريخه، من استشهاد الرئيس رفيق الحريري الذي احدث زلزالاً كبيراً، إلى إنسحاب الجيش السوري بعد وجوده 15 عاماً في بيروت و30 سنة في بقية المناطق، وبعد الاغتيالات التي طاولت واستهدفت آخرين من بينهم وزير الدفاع الوطني، وبعد حرب تموز، وعلى الرغم من التظاهرات والاعتصامات لا يزال الجيش هو اياه، متماسكاً، موحداً ومؤمناً بلبنان. هذا هو تقويمي واستنتاجي. وأراه أيضاً في عيون العسكريين وفي تنفيذهم الأوامر وتعرّضهم للاصابة والاهانة بين الاطراف المتنازعين، من دون ان يتلكأوا في تنفيذ امر واحد. وعندما يقولون تواطأ، أسألهم: التواطؤ مع من؟ هل هو تواطؤ مع اسرائيل؟ هل يسمى التعاون مع لبنانيين تواطؤاً؟ من المعيب أن يتحدثوا عن تواطؤ. أيضاً من الخطأ القول انه كان ثمة تلكؤ، لأن الجيش لا يمكن ان يحسم خلافاً سياسياً حاداً في هذا الشكل. لطالما قلنا للسياسيين ان عليكم ان تجدوا حلاً، ولا يجوز ان يكون الانقسام السياسي في لبنان مبنياً على اساس مذهبي. لو كان هذا الانقسام على اساس غير مذهبي لكان الحسم اسهل، ولكن ويا للاسف، الانقسام مذهبي بامتياز وإن اعطي اشكالاً سياسية. انه في الواقع اصطفاف مذهبي وراء الافرقاء السياسيين المنقسمين. وسط كل هذا الجو يفخر الجيش بالدور الذي يقوم به، إلاّ ان هذا الدور ليس دوره وحده، فهو ينفذ قرار السلطة السياسية، وبالتالي عندما تكون السلطة السياسية منقسمة والقرار السياسي غير مكتمل وغير جامع وغير مبني على الارادة الوطنية الجامعة، لا يمكنه ان يؤتي ثماراً تنفيذية جيدة في مختلف الميادين.


 ألم يكن في مقدور الجيش ان يؤدي دوراً اكثر فاعلية على الصعيد الامني، لئلا تصل الامور إلى ما وصلت اليه؟
- فعلاً، الجيش حسم الامور بأفضل ما يمكن في تاريخ لبنان، وبهذه الطريقة استطاع ان يهدئ الاوضاع، وان يلاحق المخلين بالأمن. وعلى السياسيين ايضاً في هذا المجال ان يسهلوا تسليم المطلوبين او دهمهم وعدم حمايتهم وتسهيل فرارهم وتواريهم إلى اماكن مجهولة.


 هل هناك من القادة السياسيين من تولى حماية، أو تهريب، مخلين أو متهمين في إطار الاحداث الامنية؟ ومن هو؟
- طبعاً هناك مطلوبون من الطرفين لا نجدهم في منازلهم، ونلقى اعتراضاً عند دهمهم. لا نتوقف عند الاعتراض، غير اننا لا نجدهم في أماكنهم، ما يعني ان هناك من يسهّل لهم تواريهم عن انظار السلطة.

 

وحدة البلاد والوطن

الجيش حسم الاضطرابات بأفضل ما يمكن في تاريخ لبنان والجنود أوعى من مسؤولين كثر

 ثمة من يعتبر ان «تراخي» الجيش في تلك المحطات ناتج من ان لقيادته مشروعها الخاص ورؤيتها المختلفة، هل لديكم مشروع سياسي؟
- ان رؤية الجيش السياسية بإزاء هذه الازمة هي الوحدة الوطنية، وحدة البلاد والوطن. اذا كانت هذه الرؤية مشروعاً فنعم هذا هو المشروع، وإذا كان الانقسام والتفرّد والحقد والكيدية السياسية هي الوطنية، فإننا لا نفهم ماذا يريد هذا الوطن. اؤكد انه اذا لم يرغب اللبنانيون في بناء وطن موحد فلا يمكن ارغامهم على بناء هذا الوطن. الجيش ينفذ ارادة اللبنانيين، والقوى الامنية كذلك. اما اذا ارادوا وطناً واحداً موحداً سيداً مستقلاً وحراً، فالجيش هو الاداة التي تستطيع تنفيذ قرار المواطنين وقرار الارادة الشعبية.


 في المدة الاخيرة، هناك من طالب بتسليم قيادة الجيش مقاليد الحكم في البلاد مرحلياً ومؤقتاً ريثما يعاد تنظيم الهيكلية السياسية للسلطة، فتشرف على تنظيم انتخابات رئاسية ونيابية ثم تسلم الامور الى حكومة مستولدة من الواقع الجديد. ماذا كان رأيك، وبماذا رددت على اصحاب هذه الاقتراحات؟ هل كنت مع هذا المشروع؟
- أنا قطعاً ضد هذا المشروع الذي لا يمكن ان ينجح في لبنان. لأن لبنان بلد منفرد في تركيبته لأنه من طوائف ومذاهب متعددة، ولا يمكن ان يقوم فيه حكم عسكري او ديكتاتوري. هذا البلد متخم جداً بالديموقراطية. لديه تخمة ديموقراطية تصل إلى حد الفوضى. ولا تستغرب كلامي، فثمة قاعدة في العلوم السياسية تقول ان ذروة الديموقراطية هي الفوضى. وبالتالي اذا كثرت الديموقراطية تقترب من الفوضى. ولكن اؤكد ان الحكم العسكري لا يصلح في لبنان، ولم ينجح مرة فيه. ولا اظن ان احداً في لبنان حاول او يحاول ايجاد هذا النوع من الحكم.


 كيف تنظر على المستوى الشخصي إلى وصول عسكري إلى سدة الرئاسة؟
- لست مع وصول العسكري بعدّته العسكرية وطاقمه العسكري إلى السلطة. بل يمكن العسكري ان يصل إلى السلطة بعد ان يبتعد عن الحياة العسكرية فترة ينخرط خلالها في العمل السياسي. هذا ما ينص عليه الدستور اللبناني الذي يعطي العسكري مهلة عامين يمكنه بعدهما دخول الحياة السياسية من جميع ابوابها، مثله مثل موظفي الفئة الأولى.


 هناك من يرى ان عدداً كبيراً من العسكريين الذين وصلوا إلى الحكم في عدد كبير من بلدان العالم نجحوا في إدارة بلدانهم نجاحاً باهراً، فيما اخفق عسكريون آخرون اخفاقاً مشهوداً وأوصلوا بلادهم إلى الجحيم، كيف تقوّم كعسكري هذه التجارب؟
- ان من نجحوا اداروا الحكم بأسلوب ديموقراطي سياسي، اما الذين اخفقوا فهم الذين اداروا الحكم بطريقة عسكرية عمودية. هذا هو سبب النجاح وذاك سر الاخفاق.


 هل لديك مشروع مستقبلي في هذا الاطار؟
- مشروعي الآن هو انقاذ البلاد، وانقاذ الجيش، ثم الوصول إلى انتخابات رئاسية ديموقراطية سليمة، وبعد تأمين الانتخابات سأؤدي التحية للعلم واترك قيادة الجيش مطمئناً إلى وحدة الجيش، وبالتالي مطمئناً إلى وحدة الوطن. وعندما ابتعد عن القيادة استطيع ان افكر بماذا اريد ان افعل.


 هل ذلك يعني ان في امكاننا القول ان العماد سليمان زاهد في رئاسة الجمهورية؟
- القضية ليست زهداً، لكنني اقول انني لن ابدأ عملاً مخالفاً للدستور. الدستور ينص على ان موظف الفئة الاولى لا يحق له ان يترشح لرئاسة الجمهورية، وانا احترم الدستور.


 هناك من يرى ان العماد سليمان يتعمد الظهور مظهر المحايد في هذه المرحلة كي يصبح الحل شبه الوحيد لرئاسة الجمهورية، بماذا تردّ؟
- الدستور اعلى ممن يتكلمون ويتهمون، واعلى مني انا شخصياً ومن الجميع. الدستور ينص على ان هناك سنتين فاصلتين، فلا لزوم لخوض هذا الموضوع.

 

الإستقالة - الاجازة
 اثيرت اخيراً مسألة تقدمكم بطلب استقالة، واوضحتم بعد ذلك انها لم تكن استقالة بل طلب اجازة. ما تفاصيل ملابسات هذه القضية؟

- سبق ان تكلمت على رغبتي في البقاء قائداً للجيش حتى تأمين الاستحقاق الدستوري، وبعد ذلك استقيل. في الواقع، انا لم اطلب الاستقالة ابداً، بل طلبت اجازة من حقوقي السنوية وهي حق لي. وهذا الطلب كان دفاعاً عن الجيش؛ عندما سمعت الكلام على تلكؤ الجيش وتطوّر هذا الكلام لدى بعض الاطراف الآخرين حتى اصبح تواطؤاً، اردت ان ادافع عن الجيش، وكانت الرسالة انه اذا كان الجيش تلكأ او تواطأ فليدفع قائده الثمن، وإذا لم يتلكأ فواجب قائد الجيش الدفاع عنه. لذلك طلبت تحقيقاً في الامر في ظل اجازتي ريثما تظهر نتائج التحقيق في القضية، لأنني مؤمن بأن الجيش لم يتلكأ بل فعل أكثر مما يمكن فعله، ذلك انه ليس من مهماته اساساً الوقوف امام الدواليب المحترقة، بل هذه مهمة قوى الأمن الداخلي، والجيش يؤازر هذه القوى عندما تعجز. لكننا لا نتوقف عند هذه الادوار اليوم، بل نتشارك في المسؤولية، والجيش يتصرف اليوم على أنه «أم الصبي» ومستعد لكل أنواع المهمات على مساحة كل الوطن. من هذا المنطلق اؤكد شخصياً انني لن أتخلى عن مسؤوليتي، بل على النقيض فأنا أهوى التحدي في مسؤولياتي، خصوصاً انني مسؤول اكثر ليس حيال السلطة، بل انا مسؤول حيال العسكريين انفسهم الذين ارسلتهم في مهمات تاريخية. مسؤول عن مهمة تاريخية في الجنوب لم تحصل منذ نحو 35 سنة، وحيال الكلام على ان الجيش لن يستطيع الذهاب الى الجنوب، اثبت انه استطاع الذهاب بأفضل ما يمكن الذهاب به الى الجنوب وإلى المعابر، وتابع مهماته في الداخل. انا هنا قائد الجيش الذي أرسل وتحمّل وحضّر واقترح ارسال الجيش إلى الجنوب، لذلك لا يمكن ان أترك الجيش في حالة من الفوضى. لذا أقول ان الإستقالة غير واردة وان الاجازة كانت موقفاً للدفاع عن اداء الجيش.


 لكنك تغيبت عن مسرح القيادة بفعل الوعكة الصحية التي ألمت بك وتحدث عنها الاعلام أخيراً.
- في الواقع هذا الكلام كان مقدمة للكلام الذي صدر حول التواطؤ. أعتقد أن من في داخله تلكؤ وطني، ومن في داخله تواطؤ يريد ان يلصق هذه التهم بغيره. لقد خضعت إلى جراحة في الوتر الصوتي لم تستغرق سوى ثلاث ساعات، وكان ذلك يوم رأس السنة الهجرية في 20 كانون الثاني أي قبل ذلك الثلاثاء بأيام. كان يوم سبت، وحتى ضباط مكتبي لم يعلموا بهذه الجراحة وكنت بعد الظهر في منزلي. ويوم الاحد داومت في عملي كالمعتاد، وبقيت الاحد والاثنين والثلاثاء، ولم يحل أي أمر من دون معرفتي أو أمري المباشر وحضوري المباشر في غرفة عمليات القيادة.


 أثيرت في وسائل الاعلام ايضاً قضية السفر إلى ايطاليا في عز الازمة، فما هي ملابسات تلك القضية؟
- الرحلة إلى ايطاليا كانت تلبية لدعوة رسمية وجّهها إليّ رئيس اركان الجيوش الايطالية الذي زارني حتى اليوم ثلاث مرات، وقد ألحّ وأصرّ على قبول هذه الزيارة في كتاب رسمي وافق عليه مجلس الوزراء وكلفني بالزيارة، لأنها للبنان، وخصوصاً ان ثمة اتفاق تعاون عمره ثلاث سنوات بين الجيشين اللبناني والايطالي، وان الايطاليين يتولون حالياً قيادة «اليونيفيل» في الجنوب ولديهم اكبر عدد من الجنود في اطار القوة الدولية في الجنوب، ولا ننسى أنهم أول من بادر إلى تولّي القيادة البحرية التي ساعدت اللبنانيين في فك الحصار عن لبنان، ولهم فضل في ذلك. وهم قاموا ويقومون الآن بدور جيد جداً. لبيت الدعوة لأطّلع على سبل التعاون بين الجيشين ولأشرح لهم خصوصيات المهمة في لبنان. وذهبت في مرحلة هادئة جداً كانت فيها الامور مستقرة في لبنان، ووضع الجيش الايطالي بتصرفي طائرة عسكرية خاصة، وكان شرطي الرئيس ان تعيدني هذه الطائرة إلى لبنان خلال 3 ساعات، في حال تدهورت الامور.

 

الجيش في الداخل
 هناك من يرى اليوم ان عديد الجيش والقوى الامنية في الداخل غير كاف لمواجهة تطورات على غرار الاحداث التي وقعت في 23 كانون الماضي باعتبار انها كانت على امتداد الاراضي اللبنانية، فهل يمكن ان تستقدم قوات الجيش من الجنوب في مثل هذه الحالات، مستقبلياً؟
- الجيش ذهب إلى الجنوب لا ليعود إلى الداخل، بل ذهب لحماية الجنوب من الاعتداءات الاسرائيلية، وهذا بالفعل وليس بالقول. لن يعود جندي واحد من هناك لأن مهمة الجنوب هي المهمة الاساسية، فقد سقط لبنان اول ما سقط في الجنوب، ولن اقبل بأن يسقط ثانية «عن يد الجيش». لذا الجيش باق في الجنوب، وامور الداخل يمكن حلها بما تبقى من القوى. عديد الجيش اليوم 56 الفاً، منهم 39 الفاً في الخدمة الفعلية، و16 الف مجند ممن استطعنا تمديد خدماتهم براتب الخدمة الفعلية، وهذا العديد ليس كافياً طبعاً لحفظ الامن والدفاع عن الحدود الجنوبية وحماية المعابر البرية والبحرية التي يتوزع عليها 11 الف عسكري على الاقل، ولدينا 16 الف عسكري في الجنوب. اما من تبقى من الجنود ففي منظومات للجيش لوجستية وادارية ومعاهد ومدارس. ولدى الجيش مستشفيات ومستوصفات وعدد كبير من العسكريين يعملون في اللوجستية.

والمعدل المعقول في دول العالم لمن يعملون في الإدارة واللوجستية هو 40 في المئة من عدد الجنود. ولذلك لا يعول على عدد العسكريين الذين يضبطون الامن بل على الحل السياسي. والجيش يساعد في ارساء الحل ويعطي الفرص للسياسيين للتوصل إلى الحلول، اي انه يضبط الوضع كي يعطي السياسيين فرصة لإيجاد الحلول. ولا تنسَ ان لدينا اليوم 25 الف رجل في قوى الامن، وهؤلاء وحدهم يجب ان يكونوا كافين لضبط الامن الداخلي.
عندما ارسلت الجيش إلى الجنوب طلبت من مجلس الوزراء ان تتولى قوى الامن كل المهمات داخل البلاد في عكار وطرابلس والبقاع وبيروت ومحيطها، على ان أبقي الوحدات الكافية للمؤازرة في كل مدينة من دون ان تنتشر، فتكون موجودة في الثكن وتؤازر قوى الامن. وعندما يزجون بالقوى في أي مشكلة ولا تستطيع هذه القوى السيطرة عليها، يؤازر الجيش قوى الامن في ضبط الوضع.
لكن الوضــع اليوم مختلف، فالجيـش في الواجهة، وقوى الامن لم تستطع إلى اليوم تعبئة الفراغات وفق ما نتعرض اليه. وعندما تحصل مشكلة في البقاع كالتي حصلت اخيراً بيــن عرسـال ومحيطها مثلاً، يضطر الجيش إلى ان يسحب قوات من المعابر لضبط الوضع، لأن لا خيار لدينا.
هـل نترك المواطنيــن يتقاتلون لنبقى متمركزين على المعابر؟
هذا الامر متعب وصعب جداً على الجيش ويستنزفه يوماً بعد يوم. ولكن ارادة العسكريين اقوى. وهنا اكرر ان الجندي البسيط من الهرمل والجندي البسيط من عكار على اتفاق، ولا يفصل اي شيء احدهما عن الآخر، وهما افضل من باقي المسؤولين في هذه البلاد.


 هل انهك الجيش نتيجة لاستنفاره الدائم؟
- لم ينهك، لكن ما ينهك الجيش هو فعلاً عدم محضه الثقة والمعنويات الكافية. الجيش يرى ثقة المواطنين به في عيونهم. عليك ان تسأل المواطنين ماذا يقولون عن الجيش. لا تسأل اصحاب الغايات السياسية.


 ما هي الخطوط الحمر بالنسبة إلى الجيش؟
- الوحدة الوطنية، هي خط اكثر من احمر، لا يمكن أن يتجاوزها الجيش ولن يسمح الجيش لأحد بتجاوزها، وهو لا ينفذ اي امر يمس بالوحدة الوطنية ووحدة صفوفه.

 

إرسال الجيش إلى الجنوب
 كيف تقوّم التنسيق بين الجيش والقوة الدولية في الجنوب؟
- التنسيق ممتاز بيننا وبين القوة الدولية. المهم هو ان تعلم القوة الدولية انها تأتي لمؤازرة الجيش اللبناني، وهذا ما افخر به باعتبار انني كنت من السباقين إلى عرض الحل عبر تبيان قدرة الجيش اللبناني على الذهاب إلى الحدود.


 هل لنا ان نعرف بعضاً مما دار في الغرف المغلقة يومها، وكيف تحققت هذه الخطوة خلال عدوان تموز؟
- حدث ذلك من خلال تداولي ومحادثاتي مع وزير الدفاع الوطني الياس المر الذي ساعدني كثيراً في هذا المجال، وتم التحضير للخطوة عبر سفراء بعض الدول الكبرى، في عز العدوان، عندما كان جميع المعنيين في حيرة ويتساءلون كيف يمكن وقف الحرب. في حين ان اللبنانيين لا يقبلون بقوة الامم المتحدة او المتعددة الجنسية من دون الجيش، فكان ان طرحت بكل جرأة وشجاعة ان الجيش يستطيع الذهاب من دون الحاجة الى اكثر من العدد الموجود من القوة الدولية في حينه، طرحت هذا الحل وكنت احضر له، وتقرر ارسال الجيش الى الجنوب، وكان هو مفتاح الحل.


 كيف يتعامل الجيش مع الخروق الاسرائيلية المتواصلة؟
- منذ ان انتشر الجيش في الجنوب كان خياره التصدي للخروق الاسرائيلية، وحفظ كرامة اللبنانيين وحقوقهم، وقد ذهبت مراراً إلى الجنوب واقمت مخيماً من الشوادر للقيادة اذهب اليه تكراراً، ويذهب اليه الاركان ايضاً، ليس للاشراف على ادارة العمليات والتحقق من تنفيذ المهمة واداء الجيش فحسب، بل لنقول للعسكريين وللمواطنين انفسهم وللقوة الدولية، وللاسرائيليين ايضاً أننا نحن من سيدافع عن هذه الارض وعن تراب الجنوب حبة حبة مهما يكن تسليحنا. وانا اعلم ان لا ارادة لتسليح الجيش بأسلحة دفاعية حقيقة، ولكننا سنعرض اجسادنا تجاه العدو الى ان نستطيع الحصول على السلاح، وسنحصل عليه عاجلاً ام آجلاً. واليوم حيّا غبطة البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير الجيش ايضاً كما حيّاه من اسبوعين وثلاثة اسابيع، لأنه اصبح يدرك حقيقة دور الجيش ويمحضه الثقة الكبيرة. وهذا ما يجيب عن سؤالك حول شعور العسكريين. اليوم يقول يجب تسليح الجيش ويجب تجهيزه بما يكفي لأنه اظهر فاعلية في دوره وحسن ادائه. ونحن في الجنوب سندافع عن الارض ولن نسمح بالاختراقات وقد ازلنا الخروق الاسرائيلية مراراً، وبالامس اطلقنا النار على الاسرائيليين.


 ماذا حدث خلال تصدي الجيش للخرق الاسرائيلي البري الاخير؟
- حقيقة الامر ان الاسرائيليين يريدون دائماً ارهاب الجيش وارهاب «اليونيفيل»، خصوصاً وان هناك رئيساً جديداً للاركان في اسرائيل. انهم ينتقمون لهزيمتهم، لذا يريدون ارهاب الجيش بتحركات ليست في مكانها وغير ملحة. قالوا ان هناك عبوة موجهة في اتجاههم زرعت حديثاً. فقلنا نحن نزيل الخطر في ارضنا، قالوا ليست ارضكم بل هي ارضنا، ونحن كنا متأكدين انها ارضنا، واستغلوا ظلام الليل واعطوا انذاراً بأنهم سيدخلون لنزع العبوة، قلنا لا يمكنكم ان تدخلوا ارضنا. اصروا وهددوا انهم سيدخلون وحركوا طائراتهم ودباباتهم، وباشروا الدخول فاطلقنا النار عليهم تحذيراً، وعندما استمروا في التقدم اطلقنا النار عليهم صائباً، واطلقوا النار علينا، ودخلت «اليونيفيل» بين الفريقين وعملت على سحب القوة الاسرائيلية.
يقولون اليوم اننا اطلقنا النار عليهم قبل ان يدخلوا ارضنا ببضعة سنتيمترات. ماذا تريد ان يفعل الجندي اللبناني عندما تقول له انني قادم في اتجاهك؟ لكي تصبح في حضنه؟ ام يحاول ان ينذرك قبل الوصول؟ بالفعل انذرناهم قبل الوصول بعدما قطعوا الشريط المكهرب لديهم ودخلوا بضعة امتار في اتجاه ارضنا. انذرناهم وقلنا لا تدخلوا بل اتركوا الامر الى الغد حتى نستطيع ان نرى تحديداً اين هي العبوة لأننا لا نملك اجهزة رؤية ليلية، لكنهم اصروا على الدخول في الليل لأن لديهم سوء نية. قلت لقائد القوة الدولية بأنكم تقولون اننا بدأنا اطلاق النار، ولكن في اليوم السابق للحادثة هم اطلقوا النار على ارضنا لتفجير العبوة، اليس هذا خرقاً؟ والخروق الجوية اليومية والمتواصلة في البحر ايضاً اليست خروقاً؟ قلت للجنرال غرازيانو: كن اكيداً اننا عندما نطلق النار على الاسرائيليين فلدينا حساب كبير معهم. نستطيع كل يوم أن نطلق النار ونقول انهم هم الذين بدأوا الخرق. الجيش اللبناني لا يخرق الاتفاقات الدولية، بل ان سجله في احترام القرارات الدولية حافل وعريق، وكذلك احترامه للقوانين مهما تكن واحترامه للقيم الانسانية التي تعتنقها الجيوش المتحضرة، ولكن الاسرائيلي يريد ان يذل هذا الجيش ويقول له انت لا تستطيع ان تقوم برد فعل. وقد اثبت العسكريون، على الرغم من معرفتهم بأنهم الاضعف في المواجهة، انهم رجال، وقالوا للمواطنين اللبنانيين جميعاً: هنا القصة والقضية، في الجنوب وليس في الداخل. وقالوا للسياسيين، هنا الموضوع. نحن دروزاً وسنة وشيعة وموارنة وكاثوليكاً وارثوذكساً، في مواجهة عدونا اليوم الاساسي الذي يفرح جداً بما يحصل في الداخل ويفرح جداً بالمطالبات من خلال الاصوات التي تعلو من هنا وهناك مطالبة بانتشار القوى الدولية في لبنان. ويفرح جداً بأن يصبح لبنان دولة متلاشية، كما قال غسان تويني في الماضي عندما قصفت اسرائيل الجيش خلال الحرب. كانت ارادة اسرائيل فعلاً ان تجعل لبنان دولة متلاشية. لأنه فعلاً لو تلاشى الجيش في حينه لكانت تلاشت كل الدولة، ولكانت فقرات هذا العمود الفقري تقطعت وتلاشت الدولة. بقي الجيش صامداً في حرب تموز وبعد حرب تموز. ولذلك بقيت الدولة موجودة على الرغم من تناقضاتها وعلى الرغم من الخلافات السياسية. الدولة موجودة لأن الجيش هو حامي الهيكلية العامة لهذه الدولة.

 

السياسة الدفاعية
 بعد نجاح الجيش اللبناني في الرد على الخرق الاسرائيلي الاخير، علت أصوات تقول بعدم جدوى بقاء المقاومة والاحتفاظ بسلاحها، كيف تنظرون إلى هذه المعادلة؟

- هذا امر تتسرع اسرائيل في طرحه على السياسة اللبنانية. ان موضوع المقاومة هو موضوع لبناني. يقرره اللبنانيون معاً، ولا يمكن احد ان يتدخل فيه. على الدولة ان تجهز الجيش بالاسلحة المناسبة، وهذا ما طالب به البطريرك صفير اليوم. فبدل ان ارمي على المعتدي الاسرائيلي بالرشاش، يجب ان ارمي عليه بالصاروخ. لماذا لا يجهزون الجيش بالصواريخ الموجهة؟ لماذا يقولون لنا لا تطلبوا صواريخ موجهة؟ اليس لنا الحق في ان تكون لدينا صواريخ موجهة مثل الاردن وسوريا على سبيل المثال، وبقية دول العالم؟ نحن بلد المواجهة الذي يكاد يكون الاكثر مواجهة في هذا العالم العربي، فلماذا؟ كانوا يتذرعون بأننا اذا اعطينا الجيش سلاحاً متطوراً فستأخذه المقاومة الفلسطينية او اللبنانية، ونتيجة هذه الحجج كانت ان الجيش لم يزود ما يجب ان يزوّد، في حين ان المقاومة، سواء أكانت فلسطينية أم لبنانية ام اسلامية ام وطنية استحصلت على هذه الانواع من الصواريخ من الخارج واصبحت لديها هذه الاستراتيجية. إذن ما هو الحائل اليوم دون تزويد الجيش هذه الصواريخ؟ ينبغي على الدولة ان تقر السياسة الدفاعية للجيش، وتجيب عن اسئلة من قبيل: كم هو عديد الجيش الذي نريد؟ وما هو دور الجيش وموقعه في الوطن وفي النسيج اللبناني؟ هل هو مرفوض، ام هو مقبول ويفتخر به؟ ما هو عديد الجيش؟ وما هي التقديمات للعسكريين حتى يتفانوا في عملهم؟ يجب الا نقف وراء اصابعنا ونقول «ماشي الحال» في الجيش وقوى الامن. كلا، يجب ان نرى ما هي التقديمات الفعلية التي يجب ان تعطى للعسكريين كي يتفانوا في مهماتهم. واخيراً ما هو العتاد والاسلحة اللازمة للجيش؟ نقر هذه السياسة، ثم نذهب إلى الاستعطاء، فإذا تمكنا من «الشحادة» بما يكفي كان به، وإذا لم نستطع فنشتري العتاد الباقي ببرامج لخمس سنوات او عشر. لا يمكننا ألا نقر سياسة تجهيز الجيش وسياسة تموينه وعديده ثم نذهب ونطلب من الدول، فعند ذلك من الطبيعي ان الدول ستعطينا ما ليست بحاجة اليه، او انها تعطينا سلاحاً مشروطاً، وانا لم اقبل ولن اقبل وانا متأكّد ان اي قائد جيش من بعدي او اي قيادة لن تقبل بأن تأخذ سلاحاً مشروطاً. الشرط الوحيد الذي نقبل به هو القيم التي يعتنقها الجيش، فهذه القيم هي مصدر قوتنا، وانا افخر بالجيش اللبناني، فهذا جيش وحيد، ليس في محيطه الشرق اوسطي فحسب، بتركيبته على مستوى العالم كله، فهو الوحيد الذي يضم مجموعات مذهبية متنوعة ومتكافئة وتنفذ قرار قيادة واحدة. لذا افخر بهذا الجيش واطلب من الجميع ان يعوا هذه الميزة المهمة فيه. فهو عندما اهتز الوطن سياسياً ومذهبياً وطائفياً بقي موحداً. وهذا نموذج يمكن الافتخار به امام الغربيين وامام كل الدول. فليُرونا جيشاً كهذا الجيش مؤلفاً من كل هذه المجموعات الطائفية المتنوعة وينفذ القرار الواحد نفسه من دون اي حالة فرار او اي حالة تمرد، او حالة تعصب. هذا امر يمكن النظر اليه بدقة، ناهيك بموقف هذا الجيش داخل المحيط العربي، فهو الجيش الذي يحافظ على الديموقراطية، ويحترم الحريات العامة، والذي يحترم حقوق الانسان، وقد برهن ذلك خلال سنتين ونصف السنة على الاقل. اثبت انه الجيش الذي  يناهض التعصب والارهاب، الجيش الذي يتمتع بشفافية مطلقة في إدارته، وهذه قيم انسانية ضخمة ومهمة يتميز بها جيشنا ايضاً على مستوى الشرق الاوسط.


 هل ما ورد في الاعلام عن طائرات الاستطلاع صحيح؟
- نفى قائد «اليونيفيل» ان تكون هناك طائرات استطلاع، وانا اقول ان لا طائرات استطلاع، ولكن من المنطق القول انه قبل التفكير بأي امر يجب منع الخروق الجوية قبل التفكير بطائرات استطلاع، اذ كيف نخرج طائرة استطلاع فيما العدو يحلق فوق ارضنا؟ يجب اولاً وقف الخرق، إما بالقوة أو بإتفاقات دولية، وبعد ذلك اذا كانت هناك ضرورة للاستطلاع فالجيش اللبناني يزود هذه الطائرات وهو يستطلع. ولا نسمح لأحد بأن يستطلع ارضنا، وتصبح المعلومات متيسرة عند اي كان. وهذه الطائرات ليست غالية الثمن.


 ولكن هل في استطاعة الجيش ان يمنع تحليق الطائرات المعادية في الاجواء اللبنانية بالقوة كما قلت؟
- ليس الجيش هو من يمنع بالقوة بل هذا واجب الامم المتحدة. نحن لا طائرات لدينا ولا صواريخ، فكيف امنع الخروق؟ ليس لدي صاروخ صغير ضد الدبابة فكيف امنع الخرق الجوي؟ لا استطيع، كلا. هذا واجب القوة الدولية، ومن بعد ذلك استطيع ان اراقب انا بطائرات استطلاع، واذا عجزت عن ذلك فأطلب عندها من قوة الامم المتحدة. ولذلك لا ضير في شراء بضع طائرات استطلاع، وهي ليست غالية الثمن.


 كيف يمكن ذلك في ظل تذمر وشكوى لدى بعض السياسيين الذي قال ان للجيش موازنة ضخمة تصل الى30 في المئة من اصل الموازنة العامة، هل يمكن ان يوافق هؤلاء على شراء طائرات استطلاع؟
- للأسف في لبنان يطلق الكلام على عواهنه، وتأكد ملياً من دون ان اتكلم على نسب مئوية، اننا اليوم اذا جاءنا عتاد كهبة من الدول فلا نستطيع صيانته. عندي قلق كبير، واقول لهم لا تعطوني كثيراً من العتاد لأنني لا استطيع صيانته بموازنتي. بالكاد تكفي موازنة الجيش رواتب العسكريين والمحروقات ودائماً نضطر إلى طلب اضافي. وهنا اريد ان اقول لك شيئاً معيباً في حق الانسان، وهو ان تغذية العسكري اللبناني كانت العام الماضي بـ 1750 ليرة في اليوم تتوزع على ثلاث وجبات (فطور وغداء وعشاء)، وقد عملنا هذه السنة على تحسينها فأوصلناها الى 2800 ليرة لبنانية للعسكري. في حين ان جندي القوات الدولية كان مبلغ تغذيته اليومية منذ عشر سنوات 8 دولارات أي ما يوازي 12 الف ليرة لبنانية، وربما زادت اليوم.
اما القول بأن موازنة الجيش تصل الى 30 في المئة فهذا هراء، لأنها لا تتعدى الـ 10 في المئة، ولكن لا تقاس موازنة الجيش بنسب مئوية قياساً على موازنات الدول اذا كانت هذه الموازنات في اصلها صغيرة في بلد مثل لبنان. ربما تستطيع القياس في دول مثل فرنسا او الولايات المتحدة التي تنفق موازنات سنوية ضخمة جداً على برامجها الاجتماعية والتنموية والتربوية، الخ. هناك، من الطبيعي ان موازنات الجيش مهما تكن كبيرة لن تتعدى الـ 5 في المئة من اصل الموازنة. ولكن في لبنان، اصلاً الموازنة «تعتير وفقر». واذا كانوا يريدون الغاء الجيش فليتفضلوا وليصنعوا جيشاً من 10 آلاف. ولماذا اذاً يطالبوننا باستقدام قوى الجيش من المعابر البرية والبحرية ومن الجنوب؟


 كيف تصف التنسيق بينك وبين وزير الدفاع اليوم، والى اي سلطة من السلطات السياسية تخضع القوى العسكرية؟ وما هي حقيقة الانطباع السائد لدى بعض المواطنين ان وزير الدفاع هو بمثابة وزير وصاية على الجيش؟
- وزير الدفاع بحسب القانون هو المسؤول المطلق عن تنفيذ مهمات الجيش. طبعاً هو لا يتعاطى الشؤون العسكرية، اي طرق التنفيذ. اما القول انه وزير وصاية فهو بدعة. فوزير الدفاع هو وزير قرار، يقرر وله توقيع على معظم التشكيلات العسكرية وعلى الترقيات كلها. انه وزير فعلي يمارس سلطته. والجيش بحسب قانون الدفاع يوضع بتصرف رئيس الجمهورية الذي يمارس صلاحياته وفقاً للاحكام المنصوص عنها في الدستور والقوانين النافذة. اما مجلس الوزراء فيقرر السياسة العامة الدفاعية والامنية ويعيّن اهدافها ويشرف على تنفيذها، ولكن من يأمر فعلياً هو وزير الدفاع. وهذا الامر لم يشكل اي عبء على المـؤسسة في أي وقت. اما العلاقة بين وزير الدفاع وقائد الجيش فهي جيدة جداً وخصوصاً في هذه المرحلة بيني وبين الوزير الياس المر الذي لديه خبرة في الشؤون الامنية وقد تمرس في وزارة الداخلية، وهو قريب من المؤسسة العسكرية بالمعنى الانساني، اذ انه على علاقة بقسم كبير من الضباط، ولذلك يعرف كيف يؤمن القرار السياسي للقرار الامني، على الرغم من صعوبة ذلك في هذه الفترة، لذلك قلت لك ان الجيش بتصرف رئيس الجمهورية، ومجلس الوزراء يقرر السياسة العامة. ولكن كيف يتم الاشراف على هذه السياسة؟ من خلال المجلس الاعلى للدفاع الذي يترأسه رئيس الجمهورية، وعند ذلك يصبح رئيس الوزراء نائباً لرئيس المجلس الاعلى للدفاع الذي يضم رئيس الوزراء، وزير الدفاع، وزير الخارجية، وزير المال، وزير الداخلية ووزير الاقتصاد. ويستدعى القادة الامنيون عند الحاجة. ولهذا المجلس صلاحيات كبيرة وضخمة وليست عرضية.


 ما هو احتمال انقسام الجيش مجدداً في مثل هذه الظروف في رأيك؟
- لا يمكن ان ينقسم الجيش. الذين يحلمون بهذا الامر، او يهددون به فليتراجعوا عن افكارهم، لأنه لا يمكن ان ينقسم الجيش. واكرر ان الجندي من عكار والجندي من الهرمل أوعى من مسؤولين كثر في هذا الوطن.