كلمة

قدسية الاستقلال
إعداد: العميد حسين غدار
مدير التوجيه

إذا كان الاستقلال مناسَبةً لاستعادة محطّاتٍ من تاريخ لبنان تُوِّجَت بالنضال والتضحية وصولًا إلى تكريس الكيان وطنًا نهائيًّا لأبنائه، فإنه في الوقت نفسه عنوانٌ نتوقّف عنده لنُمعن النظر في التحدّيات الماثلة أمامنا، والتي ينبغي لنا أن نتجاوزها من أجل صون هذا الإنجاز.

يواصل العدوّ الإسرائيليّ ارتكاب المجازر في حق أبناء الشعب الفلسطيني على امتداد الأراضي الفلسطينية، متتبّعًا النساء والأطفال في المستشفيات والمدارس والمنازل بلا أدنى اعتبارٍ للقوانين والأعراف الدولية والإنسانية،  فضلًا عمّا يخلّفه من دمار هائل. هذه جريمةٌ تُضاف إلى سجله الأسْود الحافل بالجرائم والاعتداءات، وقد عانى لبنان على مدى تاريخه من عدوانيّة هذا الكيان الغاصب، وخسر الآلاف من أبنائه الذين سقطوا شهداء نتيجة الإجرام الإسرائيلي، إضافة إلى مواصلة العدو احتلال أراضٍ لبنانية. هي جزءٌ من ترابنا الذي لن نتنازل عنه، مع احتفاظ لبنان بحقه في تحرير أرضه بجميع السبل المتاحة.

لكل ما سبق، يُعتبر الوضع في الجنوب شديد الحساسية في ظل مواصلة العدو اعتداءاته بمختلف أنواع الأسلحة على القرى والبلدات الحدودية، فيما يبذل الجيش قصارى جهده لمتابعة الوضع والحؤول دون مزيد من التدهور، بالتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان. في هذا السياق، تحافظ المؤسسة العسكرية على الجهوزية في مواجهة العدو الإسرائيلي، والوقوف إلى جانب الأهالي، والحؤول دون تهجيرهم من منازلهم وأملاكهم.

يستمر الجيش بالتوازي مع ما سبق في أداء واجبه الوطني، ضامنًا للأمن والاستقرار، وحاميًا للحدود، وملاحقًا للمخلين بالأمن والمتورطين في الجريمة المنظمة وتجارة المخدرات والتسلل غير الشرعي إلى الأراضي اللبنانية. إنه الجيش الذي اعتاد عناصره خوض الصعوبات، وتمرَّسوا في مقارعة الأخطار، وتآلفت أنفسهم مع المشقات التزامًا بالقسم الذي جعلوه نهج حياة وعنوان شهادة متى اقتضى الواجب. إن أقل المطلوب تجاه هذه التضحيات الجسيمة الحفاظ على معنويات الجيشِ وعسكرييه، لا سيما في الظروف الراهنة التي لا تحتمل أي مساس بتماسُك الجيش.

صحيح أن صون الاستقلال هو من أهم واجبات المؤسسة العسكرية، غير أنّه لا يقع على عاتقها وحدها، بل يشمل أيضًا كلّ مَن يشغل موقع المسؤولية. فلا بد لهؤلاء من تقديم المصلحة الوطنية على كل مصلحة أخرى حفاظًا على الجيش. إن المراحل الاستثنائية تتطلب التزامًا وطنيًّا استثنائيًّا، وحين تتّحد جهودنا في خدمة المصلحة الوطنية، نكون جديرين بحمل أمانة أجدادنا، ونحقق الغاية المنشودة في حماية قدسية استقلالنا.