إقتصاد ومال

قطاع تكنولوجيا المعلومات في لبنان
إعداد: تريز منصور

أداء إيجابي ونمو سريع

 

ينمو قطاع تكنولوجيا المعلومات بوتيرة سريعة في العالم وكذلك في لبنان، فعلى الرغم من الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد اللبناني، بات هذا القطاع يضمّ أكثر من 800 شركة، وهو يؤثر في الناتج المحلي بشكل كبير، علمًا أن صادراته شكّلت نحو 34.8 في المئة من إجمالي صادرات الخدمات في العام 2013.

رئيس الجمعية اللبنانية لصناعة البرمجيات (ALSI) السيد فارس قبيسي تحدّث لمجلة «الجيش» عن قطاع البرمجيات في لبنان، وعن التحدّيات التي يواجهها.

 

واقع القطاع في لبنان
• يشهد قطاع تكنولوجيا المعلومات في لبنان ثورة كبيرة، هل يمكنك إطلاعنا على واقعه؟

- ينمو قطاع تكنولوجيا المعلومات في لبنان كما في العالم باطّراد، وذلك على الرغم من كل الظروف القاسية، والتحدّيات الاقتصادية عالميًا ومحلّيًا. وتتنوّع مجالات عمله بحيث يضمّ كل أنواع البرمجيات والتطبيقات الإلكترونية: تطوير المحتوى، تطبيقات الخلوي والهواتف الذكية، التطبيقات المتخصصة، ألعاب الخليوي والإنترنت، تطوير المواقع الإلكترونية، الخدمات والألعاب الإلكترونية، إضافة إلى المكننة الإدارية والمالية والمصرفية والهندسية والصناعية والتربوية... وهو بالتالي قطاع منتج يصدّر منتجاته إلى الخليج العربي وأوروبا.
وأضاف: كان حلمنا وهدفنا الأساسي التحوّل من مستخدمين للتكنولوجيا، إلى منتجين ومصدّرين لها، أقلّه إلى المنطقة العربية، وبالتالي تأمين فرص عمل لشبابنا بدل «تصديرهم» إلى الخارج، لا سيّما وأن العاملين في هذا القطاع هم من ذوي الكفاءات العالية.
ونظرًا إلى أهمية هذا القطاع وكبر حجمه وتنامي الشركات المتعدّدة الاختصاصات العاملة فيه، وهي بالمئات، تمّ إنشاء الجمعية اللبنانية لصناعة البرمجيات (ALSI) في العام 2002، وكان وزير الاقتصاد الأسبق الدكتور باسل فليحان من أوائل الداعمين لها، لأنه كان يؤمن بالإبداع اللبناني وبقدرته على تسويق ابتكاراته في العالم. وفي أوائل العام 2003، عقدت الجمعية مؤتمرها التأسيسي الأول، وبدأ العمل لوضع استراتيجية تنظّم القطاع. وقد شاركت الجمعية في إعداد الاستراتيجية العامة National E Strategy لهذا القطاع بالتعاون والتنسيق مع وزارة التنمية للشؤون الإدارية. لكن هذه الاستراتيجية لم تقرّ لغاية اليوم، وهي تضمّ مكننة المدارس، الجامعات، المستشفيات وتطوير القطاعين العام والخاص.
 

• ماذا عن التشريعات التي تنظّم عمل هذا القطاع؟
- مع الأسف، ثمّة مشروع قانون تمّ إعداده، لكنه ما زال ينتظر في مجلس النواب منذ تسع سنوات. وغياب التشريعات التي تنظّم القطاع، لناحية كيفية استخدام المعلومات، والجرائم المعلوماتية أو الإلكترونية Cyber Crime، وحماية المعلومات ذات الطابع الشخصي (وهو الموضوع الأخطر)، والمعاملات والتواقيع الإلكترونية والبيع الإلكتروني Online، وكل ما له علاقة بذلك، من أبرز التحدّيات التي نواجهها.

 

بالأرقام
• ما هو حجم هذا القطاع بالوقائع وبالأرقام ؟

- وفق دراسة أعدّتها مؤسـسة إيدال، يتبيّن أن حجم قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في لبنان قد وصل إلى 381 مليون دولار أميركي في العام 2014، ومن المتوقع أن يكون حجم سوقه 530 مليون دولار أميركي بحلول العام 2017.
وقد شهد السوق نموًّا بمعدل سنوي مركّب قدره 7.9 في المئة خلال الفترة 2009-2014، ومن المتوقع أن يحقّق مزيدًا من النمو ( 7.24 في المئة للفترة الممتدة بين 2015 و2018). ويستند هذا الأداء الإيجابي للقطاع إلى الاستثمارات الكبيرة في البنى التحتية للاتصالات، وسعة الحزمة العريضة وسرعتها.
ويوضح السيد قبيسي قائلاً: يعود نمو هذا القطاع، إلى نشوء عدد كبير من الحاضنات مثل شركات Beritech وU K Lebanon Teck Hub وغيرها، التي تساعد الشباب على إنشاء شركاتهم الخاصة وتطويرها. وكذلك شركات VC VENTURE CAPITAL الخاصة بالاستثمار، وهي تتمتع بقدرات هائلة.
والجدير بالذكر أن تعميم مصرف لبنان الرقم 331 الصادر في 19 كانون الأول 2013 كان له أثر كبير في نمو هذه الشركات. فقد شجّع هذا التعميم المصارف على الاستثمار في هذا القطاع، وقد بات اليوم في القطاع المصرفي نحو 400 مليون دولار أميركي جاهزة للاستثمار في المعلوماتية. يضاف إلى ذلك، دعم متزايد من المؤسـسات الدولية التي تقدم حوافز للشركات الناشئة الصغيرة والمتوسّطة الحجم.
ويضيف قبيسي استنادًا إلى دراسة إيدال: إن تأثير هذا القطاع المباشر وغير المباشر في الناتج المحلي الإجمالي، من المتوقع أن يكون أكبر من 6 مليارات دولار أميركي بحلول العام 2017، وقد شكّلت صادراته في العام 2013 نسبة 34,8 في المئة من إجمالي صادرات الخدمات. وهو يضمّ حوالى 800 شركة، معظمها ذات حجم صغير ومتوسط، وتوظّف هذه الشركات التي تعمل على إنتاج منتجات البرمجيات والخدمات ما مجموعه حوالى 5000 من الأفراد المتخصصين ذوي المهارات العالية.

 

عقبات وتحديات
• ماهي العقبات التي تواجه قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات؟

- إن هذا القطاع في تطوّر مستمر منذ تأسيسه، فوضع التمويل جيد جدًا، كذلك الوضع بالنسبة للقدرات البشرية، وذلك خلافًا لما يتعلق بالبنى التحتية والتشريع.
بالنسبة إلى البنى التحتية بات الوضع أفضل من السابق، ولكنّها بحاجة إلى تطوير أو بالأحرى إلى إعادة تأهيل، ولا سيما ما يتعلق بسرعة الإنترنت والخدمات والأسعار... فنحن ما زلنا بعيدين كل البعد عن واقع الإنترنت والتيليكوم في العالم.
أما في ما خصّ التشريع، فثمّة معضلة كبرى بسبب عدم وجود تشريعات تنظّم هذا القطاع.
يؤكد أخيرًا قبيسي أن قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات هو مستقبل لبنان، «إنه الذهب الذي يصدّره لبنان إلى الخارج»، كما أنه يؤثّر على كل القطاعات الاقتصادية وعلى مفاصل الحياة بأجمعها، فلا تطور صناعي، أو خدماتي أو سياحي، من دون تكنولوجيا، ومن هنا ضرورة إقرار القوانين والتشريعات التي تحمي هذا القطاع وتساهم في تطويره.


سوق إقليمي مزدهر لخدمات تقنية المعلومات
أعدّت مؤسـسة إيدال في العام 2014 دراسة حول واقع قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في لبنان، أشارت فيها إلى أن دخول هذا القطاع الأسواق الإقليمية المحيطة عبر لبنان يوفّر فرصًا هامة. وقد قارب حجم الإنفاق إلى 211 مليار دولار أميركي في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المنطقة في العام 2014. ومن المتوقّع أن يصل إلى 242.8 مليار في عام 2018، وهو ما يمثّل 5.6 في المئة من مصاريف هذه التكنولوجيا في جميع أنحاء العالم. ويضاف إلى ذلك الزيادة السريعة في سوق الانترنت في المنطقة، مع توقّع في أن يصل عدد مستخدمي الإنترنت في العالم العربي إلى 197 مليون بحلول عام 2017.