إلى الأمام

قواتنا البحرية نحو مزيد من التجدد والقدرات
إعداد: ريما سليم ضوميط

في خطوةٍ هي الأولى من نوعها على صعيد السلاح البحري في الجيش اللبناني، تلقّت القوات البحرية عبر مكتب مكافحة الجريمة والمخدرات (UNODC) التابع للأمم المتحدة، هبة هي عبارة عن ثماني طائرات من دون طيار مزودة ميزات للمراقبة والاستطلاع. تعزز هذه الطائرات عمل المراكب الرئيسة للقوات البحرية ومراكز الرادار الثابتة في مهمات أمن الحدود البحرية على طول الخط الساحلي اللبناني. وقد جاءت هذه الخطوة ضمن خطة تطوير شاملة في القوات البحرية تهدف إلى تعزيز دورها الدفاعي في البحر، ومكافحة الإرهاب والتهريب، والهجرة غير الشرعية، بالإضافة إلى حماية الموارد الطبيعية والمصالح الوطنية على طول الساحل والمياه الإقليمية.


يؤكّد قائد القوات البحرية العقيد الركن البحري هيثم ضناوي أهمية الطائرات من دون طيار في تفعيل المراقبة ومواجهة التحديات في أثناء تنفيذ المهمات، لا سيما تلك المتعلقة بضبط الحدود البحرية والحد من الهجرة غير الشرعية. ويشير في هذا الإطار إلى فعالية هذه الطائرات في المناطق التي تنشط فيها حركة التهريب في شمال لبنان وفي منطقة جونيه ومختلف المناطق التي تضم مرافئ بحرية أيضًا، والتي بات يلجأ إليها الناشطون في مجال تهريب البشر بسبب الضغط الذي تمارسه عليهم القوات البحرية في الشمال. ويضيف من جهة أخرى، أنّ الطائرات المذكورة لا تعزز قدرات المراقبة والاستطلاع فحسب، فاستخدامها يخفض نسبة الأخطار التي يمكن أن تتعرض لها قوارب الاعتراض التابعة للقوات البحرية وطواقمها. إلى ذلك، سوف تسهم هذه الطائرات في توفير الوقت بسبب سرعتها في الاستطلاع، كما ستساعد في خفض تكلفة صيانة القوارب وتشغيلها، وهو أمر مهم في ظل الأزمة الاقتصادية التي تجتازها البلاد.
 
مراكب جديدة قريبًا
وإذ يؤكد قائد القوات البحرية الدور الفعّال لهذه الأجهزة في الوقت الحالي، فإنّه يشير في الوقت نفسه إلى سعي القوات البحرية للحصول على طائرات من دون طيار متخصصة في المجال البحري على غرار طائرات Eagle التي تستخدمها القوات الجوية، لكن بنسخةٍ خاصة بسلاح البحر، موضحًا أنّها تتيح رؤية المسطح المائي بشكلٍ أفضل وتوفر نتائج أكثر دقة في مجال المراقبة والاستطلاع. ويؤكد أن التنسيق جارٍ في هذا الإطار مع الجانب الأميركي المتخصص بحماية الحدود، وهو الجهة التي أسهمت في تجهيز أفواج الحدود البرية، وسوف تتولى متابعة التجهيز في الحدود البحرية كي يصبح العمل متكاملًا بحرًا وبرًا، الأمر الذي يسهّل التنسيق بين سلاحَي البر والبحر من خلال استخدام أجهزة متطابقة. ويضيف أنّه في الوقت الحاضر، سيتم الاتكال على الطائرات من دون طيار بشكلٍ كبير إلى حين تجديد أسطولنا البحري، وذلك أن سفن القوات البحرية قديمة ولم تعد بغالبيتها تمتلك مواصفات الأمان المطلوبة، كما أنّها لم تعد مناسبة للتعامل مع الأخطار التي يمكن أن تظهر خلال تنفيذ المهمات، لذلك تتم دراسة تنفية غير الصالح منها، والسعي لاستبدالها بأخرى حديثة. ويشير في هذا الإطار إلى هبة أميركية عبارة عن ثلاثة مراكب دورية كبيرة وثمانية مراكب تفتيش صغيرة ستصل في نهاية العام الحالي، مؤكدًا أنّ الولايات المتحدة الأميركية تدعم القوات البحرية بشكلٍ كبير وتقدم لها الكثير من المساعدات.
 
ورشة شاملة
ويذكر في هذا المجال مشروع تطوير شبكة الرادار بدعمٍ ألماني وبمساعدةٍ أميركية، وهو يشمل تركيب شبكة رادار بطول الساحل تتكون من أربع مراحل، وقد تم الانتهاء من المرحلتَين الأوليَين في السنوات السابقة، في حين أنّ المرحلة الثالثة والتي تشمل دمج شبكة نقل البيانات وتشغيل الرادارات والكاميرات الحرارية تقترب من خط النهاية.

من جهةٍ أخرى، يتحدّث العقيد الركن البحري ضناوي عن ورشة تطوير تشمل تغيير هيكلية القوات البحرية وتوحيد أسطولها الموزع حاليًا على القواعد البحرية، وتوحيد معايير التدريب والصيانة. وسوف تنحصر مسؤولية القواعد البحرية في خدمة المراكب لوجستيًا وتزويدها ما تحتاجه لتسيير أمورها مثل المياه والوقود، وتلبية الأمور الحياتية لطاقمها من خلال المستوصف وغرف منامة، إلخ .. ويوضح أنّ الأسطول سيتمتع باستقلاليةٍ ذاتية تمكّنه من تنفيذ مهماته منفردًا بناءً على توجيهات قاعدة بيروت البحرية وقيادة الجيش.

في إطار مماثل، يشير قائد القوات البحرية إلى عملية إصلاح شاملة للبنى التحتية في قاعدة بيروت البحرية والتي تعرضت للدمار خلال انفجار 4 آب، مؤكدًا أنّ هذا الأمر يحتل الأولوية في ورشة الإصلاح. ويوضح أنّ ألمانيا في طور إعادة بناء المطبخ والمشاغل التي دمّرها الانفجار، كما تعمل إلى جانبها الولايات المتحدة وفرنسا لإعادة بناء البنى التحتية في قاعدة بيروت البحرية. ومن ضمن المشاريع التي تسعى البحرية إلى تنفيذها، حوض لإصلاح السفن shipyard يؤمّن مكانًا مناسبًا لمعالجة الأعطال في السفن وتأمين صيانتها، وذلك للحد من المبالغ التي تتقاضاها الشركات المكلفة لتنفيذ هذه الأعمال.
 
كفاءة وجدارة
في موازاة تطوير الأجهزة والعتاد، تسعى القوات البحرية إلى تطوير عناصرها من خلال التدريب المستمر من قبل مدربين لبنانيين وأجانب. ويؤكد العقيد الركن البحري في هذا الإطار كفاءة العناصر التابعة للسلاح البحري منوهًا بشكلٍ خاص بالجنود الإناث اللواتي أثبتن كفاءة وجدارة في المهمات البحرية، وخصوصًا الغوص إذ تمكّنت إحدى الضباط الإناث من التفوق على زملائها الذكور في هذا المجال. لكنه في المقابل، يشير إلى وجود نقصٍ في العناصر الفتية في مختلف القواعد البحرية بسبب عدم تطويع عسكريين في السنوات الأخيرة، آملًا أن يُسَد هذا النقص قريبًا من خلال فتح باب التطوع.

في الختام، يوضح قائد القوات البحرية أنّ تطوير سلاح البحر هو خطوة مهمة على طريق حماية الحدود البحرية والموارد الطبيعية في البحر خصوصًا وأنّ لبنان في طريقه إلى استخراج الغاز الطبيعي، الأمر الذي يستدعي تكثيف جهود السلاح البحري ونشاطه في أعمال المراقبة والحماية.

رغم كل الصعوبات، يسير جيشنا إلى الأمام، ويواصل تعزيز قدراته متجاوزًا العوائق ومؤكدًا أنّ الأزمة التي تعيشها البلاد تدفعه إلى مزيد من العطاء، وأنّ لا شيء مستحيل إذا كنا مصمّمين على النهوض.