إحتفال تكريمي

قيادة الجيش كرّمـت الشهداء في احتفـال حاشد
إعداد: جان دارك أبي ياغي

العماد سليمان:الجيش حقق الوعد الذي قطعه أمام الشعب ودماء الشهداء صنعت مجد لبنان

 إحتفاءً بالانتصار على الإرهاب، وتكريماً للشهداء الذين استشهدوا خلال معارك مخيم نهر البارد التي امتدت من 20 أيار وحتى 2 أيلول 2007، وتكريماً لأرواح الشهداء الذين سقطوا خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان في تموز 2006، أقامت قيادة الجيش إحتفالاً في مجمّع فؤاد شهاب الرياضي - جونيه حضره دولة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الوطني الأستاذ الياس المر، وقائد الجيش العماد ميشال سليمان، ورئيس الأركان اللواء الركن شوقي المصري، وقادة الأجهزة الأمنية، الى جانب عائلات الشهداء وحشد من الشخصيات الرسمية والوطنية والإجتماعية والثقافية، وعدد من السفراء والملحقين العسكريين الأجانب.


وقائع الإحتفال
بعد انتهاء جهوز القوى المشاركة وتمركزها في الأمكنة المخصصة لها، وانتهاء وصول المدعوين من مدنيين وعسكريين، ووصول علم الجيش، ورئيس الأركان اللواء الركن شوقي المصري وقائد الجيش العماد ميشال سليمان، ووزير الدفاع الوطني الياس المر، بدأ الإحتفال في تمام الساعة العاشرة من صباح يوم السبت في 6/10/2007، بوضع إكليلين من الزهر من قبل وزير الدفاع وقائد الجيش على النصب التذكاري لشهداء الجيش، على أنغام معزوفة الموتى ولازمة النشيد الوطني ونشيد الشهداء. وعلى وقع ضربات الطبل الثلاث، كانت القوى المشاركة تردد عبارة «لن ننساهم أبداً»، في كل مرة كان يذكر فيها قائد العرض العميد الركن نبيل نصر عبارة «لنتذكّر شهداءنا».

ثم وقف الجميع دقيقة صمت حداداً على أرواح الشهداء، قبل تقليد الأوسمة لقادة الوحدات التي شاركت في معارك نهر البارد، من قبل وزير الدفاع الوطني والعماد قائد الجيش واللواء الركن رئيس الأركان ونوابه، على أنغام موسيقى الجيش الوطنية.

وسبقت تسليم الدروع الى ذوي الشهداء،  والكتيّبات التي تتضمن صور الشهداء المئة والثمانية والستين مع نبذة مفصلة عن كل شهيد، بالاضافة الى كلمة قائد الجيش وكلمة ذوي الشهداء، كلمة لمدير التوجيه العميد الركن صالح حاج سليمان جاء فيها:
«168 شهيداً سقطوا بالأمس القريب على مذبح الوطن في مواجهة الإرهاب، لينضموا الى من سبقهم على طريق الشهادة قبل سنة خلال التصدي للعدو الإسرائيلي، والى كل شهداء الجيش الذين سقطوا في معارك السيادة والكرامة الوطنية على امتداد مسيرة الشرف والتضحية والوفاء».
ثم قرأ مدير التوجيه أسماء الشهداء بحسب الرتب العسكرية، فتقدّم ذووهم من العماد قائد الجيش واللواء الركن رئيس الأركان والعميد أنطوان بانو وقادة الوحدات وتسلّموا منهم الدروع التي حملت عبارة «استُشهد في مواجهة الإرهاب دفاعاً عن لبنان عام 2007»، وكتيّبات ذهبية اللون تضمّنت نبذة عن حياة الشهداء الـ168 بعنوان «لا ثمن لدماء الشهداء إلا بقاء الوطن - معركة نهر البارد 2007».
ولم تنسَ قيادة الجيش في احتفالها التكريمي مسعفي الصليب الأحمر اللبناني الذين «هم أيضاً جاهزون دوماً لتلبية النداء، وأحياناً كثيرة لا يتوقفون عند بذل العرق بل يتجاوزونه الى بذل الدم، فسقط لهم شهيدان: بولس معماري وهيثم سليمان، هما أيضاً ملء الوجدان والقلوب، تماماً كما شهداء الجيش الأبرار» كما جاء في الكتيّب الخاص بالمناسبة.


على هامش الإحتفال
• عندما وصل قائد الجيش العماد ميشال سليمان الى مكان الاحتفال، علا التصفيق الحاد من كل حدب وصوب، واستمر وهو يستعرض القوى المشاركة في العرض.
• رافق لحظة تلاوة أسماء الشهداء لتسليم ذويهم الدروع والكتيّبات التصفيق الحار عند ذكر كل إسم والبكاء والصراخ ومشاعر الحزن والأسى، فالجرح لم يندمل بعد، وقد لا يندمل.
• لوحـظ أن عـدداً مـن النواب والشخصيـات السياسيـة قـد حضـروا الاحتفـال، مـن دون أن توجّـه اليهـم دعـوات رسميـة، حيـث اقتـصـرت الدعـوات الـتي وجهتهـا القيادة على أهالي الشهداء وممثلي هيئات المجتمع المدني، ووزيري الدفــاع الوطني والداخليـة. كذلك حضر عدد من الفنانين.
• لفتت زينة مكان الاحتفال والأبنية المجاورة الكثيرين، حيث سيَّج بالأعلام اللبنانية وأعلام الجيش تتوسطها صور الشهداء ووردة «من جيش الوطن الى أهله».
• حرصت بلدية جونيه على تعليق اليافطات المعزيّة والمرحّبة على طول الطريق المؤدي الى مكان الاحتفال.


كلمة ذوي الشهداء
بعد ذلك ألقى الدكتور ضاهر أبو غزالة والد النقيب الشهيد روي أبو غزالة كلمة باسم أهالي الشهداء جاء فيها:
دولة نائب رئيس مجلس الوزراء معالي وزير الدفاع الوطني الأستاذ الياس المر
أصحاب السعادة والمعالي والسيادة والفضيلة
حضرة العماد ميشال سليمان قائد الجيش
أيها الحفل الكريم
المقام جلل والمقال صعب
ما أصعب الكلام في مقام يعجز فيه اللسان أن يعبّر عما يجول في خاطر الإنسان، وأنا لا أستطيع مهما غاليت في القول أن أفيكم جزءاً من حقكم. أيها الجنود، الأحياء منكم والشهداء، لقد أقسمتم فوفيتم! لقد تحدّيتم الزمان وطمحتم الى المجد، فكان لكم ما أردتم.
وها أنا أقف خاشعاً لأتحدث باسم الجموع الذين أبوا إلا أن يرثوا أنفسهم في ذكرى شهادتكم، شهادة أبطال الجيش الميامين اليافعين، فأنطلق بكلمات ملؤها الأسى والحزن، وعنوانها الطموح والأمل. حقيقة راهنة مثلت بين طيّات ما نتغنّى به في النشيد الوطني اللبناني «أُسْدُ غابٍ متى ساورتنا الفتن»، فتجسّدت واقعاً ملموساً في انتصار مؤسستكم العسكرية الأبية، قيادةً وضباطاً وجنوداً، على منظمة إرهابية كافرة متكاملة العدّة من حيث التدريب والعتاد والتقنية الحديثة.
ما أقرب الأمس، الى اليوم، لقد صُعق الوطن بنبأ استشهاد بعض أشبالكم، غدراً وخيانة، فهبّ أسودكم يقتصّون من المجرمين الكَفَرة، مقدّمين دماءهم الزكية قرابين على مذبح الشهادة في سبيل انتصار الوطن... فتجلّى ذلك فجر الثاني من أيلول 2007 في مشهد وطني مشرّف لا مثيل له.
لقد غابت أجسادكم، أيها الشهداء الأبرار، أما نهجكم فباقٍ لا يزول.
النهج مستمر! الأرزة لا تهوي! الرمز دائم!
كيف لا، ومرجعيتكم باقية، راسخة، حية، متجسّدة في عماد عماد، في ميشال سليمان، في بطل مقدام سيّج ألويتكم بزنار ناريّ لاهب للذود عن لبنان، كل لبنان...
استشهدتم أيها الأشبال، إلا أنكم لم تموتوا... ستبقى أسماؤكم لامعة كسيف الحق والتضحية والوفاء...
إليكم نلجأ دائماً لنتزوّد من أرواحكم الطاهرة معاني الصمود والعزم والمثابرة، ومغازي الأمل والطموح والحلم...
أيها الشهداء! يا أصحاب القلوب الكبيرة! ما أجدركم بالتكريم في هذا الزمن الرديء، فعسى المشتتون يتعظون فيتّحدون. لقد استبدلتم أرواحكم بمدنيي منظمة «فتح الإسلام» نساء وأطفالاً، ملتزمين القانون الدولي الإنساني، الذي بقي حبراً على ورق إلا في نهر البارد حيث الشهامة والعزة والعنفوان، حيث انتم يا مَن بكّرتم الرحيل.. ما طلع نجم واحدكم حتى ذهب، وهو لا يقدَّر بذهب... لقد مضى ليبقى نغمة على شفاه الاحباب، وترنيمة صلاة في بيوت العبادة، وجرحاً ينزف أبداً في قلوب الزملاء، ولوعة تحرق نفوس الأهل والخلاّن... رحل الشهداء قبل أن يحققوا الحلم الذي صبوا اليه... حلم وحدة الوطن واستقلاله... رحلوا قبل طلوع بخوّر مريم في الحقول...
سبقوا الزقزقة والنسمة والبرعمة في عرس الأرض... هذه الأرض التي مشت في جنازاتكم أيها الأبرار وهي ترتّل: رسلُ محبة قضوا!!! بسمات مشرقة غابت! وبقيت لنا الذكرى...
فماذا عسانا نقول نحن في غيابكم؟ من أين نجمع حروف كلماتنا؟ أمِن حبات قلوب أمهاتكم وآبائكم؟ أمِن صدور زوجاتكم وحناجر أطفالكم؟ أم من شرايين جسوم اخوتكم وأخواتكم؟ أم عن طريق جلجلة الوطن؟ الوطن الذي ما زالت أصداء أصواتكم تلعلع في أرجاء ربوعه... ما زلتم تطلّون على زملائكم من بين حروف كلماتكم لتشاركوهم الآراء والمناقشات، وتبثون فيهم روح الحمية والجرأة... ستبقون أبداً بين طيّات قلوبنا جميعاً شعلة مضاءة ما دام في شراييننا قطرة دم... قطرة إيمان... قطرة حب!
ثقوا أيها الشهداء الأحباء أن أحلامكم سوف تتحقق ما دام هناك شعب يصرخ، وبصوت واحد: نستودع الشهداء على رجاء قيامة الوطن، ولن نرضى بعد تضحياتكم أن تبقى مؤسستكم مفتقرة إلى السلاح والذخيرة، إذ لا يجوز أن يبقى الدعم كلاماً لأن كل نقطة دم سقطت وتسقط من أجسادكم لا تقدّر بثمن.
ثقوا أن أحلامكم سوف تتحقق ما دام هناك إرادة صلبة تجسّدت في قول قائدكم المقدام العماد سليمان في «أمر اليوم» عند تحقيق النصر:
«أيها العسكريون، اليوم باسم الوحدة الوطنية ترفعون رايات النصر على الإرهاب بعد أن حققتم وصية رفاقكم الشهداء، وأنجزتم بكل أمانة وإخلاص ما عاهدتم شعبكم به، وهو تحقيق العدالة كاملة من دون نقصان. اليوم ترتاح أرواح الشهداء في عليائها، وتتبلسم جراح رفاقكم العسكريين، ويطمئن الأهل إلى عودة الحق إلى نصابه، فيما يتطلع إليكم الوطن من أقصاه إلى أقصاه بكل فخر واعتزاز وقد أزحتم بنهر دمائكم وتضحياتكم غبار الهمّ عن جسمه الجريح، وفتحتم له طريقاً إلى رحاب السيادة والحرية والاستقلال».
وها نحن الآن، الجموع المحتشدة باسم دمائكم المقدّسة نخاطب كل من سوّلت وتسوّل له نفسه العبث بوحدة الوطن صارخين، وبصوت واحد: أما أنتم، يا من أشرفتم على مخطط الرعب والقتل والدمار، فإنكم طغاة! والطغاة أرقام لا بد أن يأتي يوم وتتحطم كما تحطمت أدواتكم! ستبقى كلوم الجرحى وأرواح الشهداء بدءاً بـ«روي» ورفاق له في السلاح، مروراً بقافلة المئة والثمانية والستين، حبّذا لو تسنّى الوقت لتعداد شهدائها.. ستبقى هذه الارواح أبداً ثقيلة على ضمائركم المتحجرة! اعلموا أن دماء هذه القافلة ستبقى كابوساً مخيفاً على عقولكم مهما حاولتم قلب الوقائع وتشويه الحقائق حتى تنجلي شموس الحقيقة وتسطع أنوارها... اعلموا أن الوطن تميته الدموع وتحييه الدماء... اعلموا أن الجبن رياء والمساومة خيانة.
أما انتم، أيها الشهداء في عليائكم، ناموا وعيونكم قريرة، مطمئنين إلى أن الغد المشرق سيسطع، والحقّ المبين سينقشع، والمجرم الحقيقي سيتعرّى ببأس ميشالكم وحكمة سليمانكم... والحكمة تنير السبيل...

 

عشتم - عاش الجيش - عاش لبنان


كلمة قائد الجيش
ثم ألقى قائد الجيش العماد ميشال سليمان الكلمة الآتي نصها:
دولة نائب رئيس مجلس الوزراء معالي وزير الدفاع الأستاذ الياس المر
أيها الحفل الكريم
لطالما شكّلت التجارب القاسية التي مرت بها الشعوب عبر التاريخ، اختباراً حقيقياً لجدارة هذه الشعوب في استحقاق أوطانها، والتمتع بالحياة الوطنية السليمة، المتمثلة بقيم السيادة والديمقراطية والحرية، التي لا يمكن في مطلق الاحوال أن توهب مجاناً أو تعطى رخيصة، بل تكتسب وتصان، بالعرق والتعب والسهر، وبتقديم الدماء والتضحيات التي لا تقدر بأي ثمن.
اليوم ونحن نكرّم شهداء الوطن، نستذكر شهداء الأمس، ضحايا الغدر والإجرام اللذين لم يميزا بين نائب الأمة وأبنائها، بدءاً من استشهاد الرئيس رفيق الحريري حتى النائب انطوان غانم، كوكبة من اللبنانيين قضوا على مذبح حرية لبنان واستقراره.
إنّ اليد الآثمة هذه لن تبقى طليقة وسوف تنال جزاءها العادل لا محالة.
الثاني من أيلول، محطة تاريخية مشرقة في حياة الوطن، إذ تحقق الوعد الذي قطعه الجيش أمام الشعب اللبناني، انتصاراً لكرامته ووفاءً لدماء الشهداء، وذلك بالقضاء على أكبر تنظيم إرهابي عرفه لبنان، دأب على التخطيط والتحضير لإقامة إمارة خاصة به في الشمال، والانطلاق منها لتقويض أسس الكيان اللبناني والنيل من صيغته الفريدة، ولم يكن من السهولة بمكان لهذا الإنجاز الكبير أن يبصر النور، لولا وحدة الجيش وتماسكه، وإيمان العسكريين بقضيتهم وشجاعتهم وتفانيهم في أداء الواجب العسكري، وتقديمهم الدماء من دون حساب، حفاظاً على السيادة والكرامة الوطنية، ولولا أيضاً الإجماع الرسمي والشعبي على دور الجيش، مكللاً بالاحتضان المعنوي والمؤازرة العملية المستمرة، من قبل معالي وزير الدفاع الوطني الأستاذ الياس المر، والتفاف اللبنانيين بمختلف انتماءاتهم الطائفية والمذهبية والمناطقية حوله، في مشهد وطني رائع لم يسبق له مثيل، الى جانب الدعم الفوري من قبل الدول الصديقة المناهضة للإرهاب والمُحبّة للسلام.


أيها الأخوة الأعزاء
إن العبرة المستقاة من هذه التجربة، تكمن أولاً وآخراً في أهمية الحفاظ على الوحدة الوطنية. فبهذه الوحدة استطاع الوطن أن ينتصر على العدو الإسرائيلي في حرب تموز 2006، كما على الإرهاب في نهر البارد بالأمس القريب، وبها نستطيع في المستقبل أن نحقق أعظم الإنتصارات، لا بل نصنع المعجزات؛ لا سيما وقد أظهر الاخوة الفلسطينيون اعلى مستويات التعاون، من خلال تأييدهم الجيش في معركته ضد الإرهاب، ومشاطرتهم ابناء عكار والشمال بصبر ومسؤولية عالية، ما لحق بالجميع من خسائر مادية وبشرية، الى جانب مبادرتهم لتسليم الجيش إرهابيين فارين، مؤكدين بذلك تصميمهم على عدم السماح بجعل المخيمات ملاذاً لتكوين حالات إرهابية مماثلة.
لذا فالمرحلة اليوم تقتضي منا جميعاً رصّ الصفوف والعمل بكل السبل في اتجاه تحصين وحدتنا الداخلية، الكفيلة بمواجهة كل المخاطر والتحديات المحدقة بالوطن، وهذا لا يكون إلا بإدراك معنى رسالة لبنان، وبتحمّل الجميع مسؤولياتهم الوطنية والارتقاء من المصالح الذاتية والآنية، الى مصلحة الوطن العليا، والتزام القيم والمفاهيم الإنسانية قولاً وممارسة، وفي مقدمتها الديمقراطية والحرية والعدالة والمساواة.
كذلك يجب أن نعي جيداً انّ القيم الوطنية والقيم الإنسانية هما توأمان لا ينفصلان، فإذا اختلّت الواحدة اختلت الأخرى وخرج الوطن عن طريقه السليم.
وفي هذا الإطار، لا بد من الإشارة الى أن الإنجاز الذي حققه الجيش، لا تقتصر أهميته على النتائج الميدانية فحسب، بل تتعدى ذلك في الجوهر الى أداء الجيش الذي قاتلت وحداته العسكرية بشرف وانضباط كلي، وبالتزام قانون النزاعات المسلحة وسائر المواثيق التي ترعى حقوق الإنسان التزاماً دقيقاً. وهذا ما تجلّى في الحرص على أرواح المدنيين اللبنانيين والفلسطينيين، وفي إجلاء عائلات المسلّحين، وفي تكرار النداءات الموجهة لهؤلاء، بوجوب تسليم أنفسهم، مع الوعد بمحاكمة عادلة أمام القضاء للتأكيد على أن هدف الجيش هو إحقاق الحق وليس الثأر والإنتقام.


أيها الحفل الكريم
للشعب اللبناني ولجيشه وللمؤسسات الأمنية ومؤسسة الصليب الأحمر ومختلف الهيئات الإنسانية والسياسية والإجتماعية والثقافية، كل الفخر والاعتزاز بالنجاح المؤزر في الحرب على الإرهاب، الذي نتوّجه اليوم في هذا الحفل الوطني الكبير، وقد تقاطرتم اليه من كل مناطق الوطن ومدنه وقراه، معبّرين بكل صدق ومحبة عما يختلج في صدوركم من مشاعر وطنية نبيلة، وتضامن مع الجيش، ومن على هذا المنبر الكريم أحيّي أرواح شهدائنا الأبرار الشامخة في جنة الخلد وأقول: لقد صنعتم بدمائكم الزكية وبعنفوانكم وعطائكم السخي، مجد لبنان وجيشه، وافتديتم بأرواحكم الطاهرة أهلكم في الوطن والمواطنية، وجسّدتم بشهادتكم الحمراء كل معاني الشرف والتضحية والوفاء، فأنتم إرث الجيش ولهب الدم النابض في عروقه، وأنتم الشعلة التي لا تنطفئ على طريق أجياله الصاعدة.
ولأفراد عائلات الشهداء: أمهات وآباء، زوجات وأبناء، أخوة وأخوات، الذين استقبلوا فلذات أكبادهم في أعراس الشهادة، بعيون تمتزج فيها دموع الألم بزغاريد الانتصار، وبوجوه تشرب الحزن وهي تشع عزماً وكبرياء، لهم أقول: إن صبركم العظيم لا يوازيه سوى حجم إيمانكم بالقضية، فأنتم بحق شجرة الوطن بجذورها وأغصانها وثمارها، شجرة الوطن الدائمة الاخضرار والعطاء، العصية على رياح الزمن وصروف الدهر، بكم نرى ظل وجوه شهدائنا التي لن تهجرنا أبداًً، ولكم من الجيش أن يكون عائلتكم الكبرى وملاذكم الدائم في كل ما تحتاجونه وتصبون اليه.
وللعسكريين جميعاً، الجرحى منهم، والذين شاركوا في ساحة القتال، أو كانوا في المواقع الأخرى يسهرون على تأمين كل مستلزمات المعركة أقول: كما بذلتم الجهود المضنية وقاتلتم بشرف وشجاعة وبطولة، وتحلّيتم بالمناقبية والانضباط، ووفيتم بالقسم والعهد الذي قطعتموه لشعبكم وشهدائكم وجرحاكم، أدعوكم اليوم الى مواصلة الطريق نفسه بكل عزم وحماس واندفاع، والى مزيد من التمسك بالأنظمة والقوانين، ومبادلة مواطنيكم بحسن التصرف وبروح المحبة والعطاء والإخلاص.
والى الشعـب اللبنـاني الأبيّ أقـول:
إن وقفتك الوطنية الشجاعة الى جانب الجيش، ودعمك له معنوياً ومادياً، واحتفاءك بجنوده العائدين من ميدان التضحية والفداء، هي أمانة في أعناقنا تحتّم علينا أكثر من أي وقت مضى مسؤولية بذل المستحيل في سبيل الحفاظ على أمنك واستقرارك، وضمان حقك الثابت في العيش بكرامة وحرية وأمان، فمن أجلك ترخص المهج والأرواح وتهون كل التضحيات.
ختاماً، عهداً نقطعه أمام كل مواطن بأن تبقى المؤسسة العسكرية حصن لبنان المنيع وصمام أمنه واستقراره، والصخرة الصلبة التي تتحطم عليها كل الفتن والمؤامرات.

 

عشتم
عاش الجيش
عاش لبنان


العرض العسكري
بعد كلمة قائد الجيش بدأ العرض العسكري الذي شاركت فيه فصائل ووحدات رمزية من الجيش توزعت على مجموعتين:
المجموعة الأولى ضمّت: علم الجيش، قوة من لواء الحرس الجمهوري، الشرطة العسكرية، لواء المشاة الأول، لواء المشاة الثاني، لواء المشاة الثالث، لواء المشاة السادس، لواء المشاة السابع، لواء المشاة التاسع، لواء المشاة العاشر، لواء المشاة الحادي عشر، فوج المدرعات الأول، فوج الأشغال المستقل، أفواج التدخل: الأول، الثاني، الثالث، الرابع والخامس.
أما المجموعة الثانية فضمّت فصائل رمزية من الوحدات التي شاركت في معارك نهر البارد وهي: القوات البحرية، القوات الجوية، مقر عام منطقة الشمال، الطبابة العسكرية، اللواء اللوجستي، فوج المدفعية الأول، فوج المدفعية الثاني، فوج المدرعات الثاني، لواء المشاة الثامن، لواء المشاة الثاني عشر، لواء المشاة الخامس، لواء الدعم (فوجا الهندسة والإشارة)، فوج المغاوير، الفوج المجوقل، فوج مغاوير البحر، ومديرية المخابرات (فرع القوة الضاربة).
وتخلل العرض العسكري، الذي رافقته موسيقى الجيش بقيادة النقيب أبولو سكر، بأناشيد وطنية حماسية، مرور تشكيلات جوية من الطوافات العسكرية في سماء العرض خلال الدقائق الفاصلة بين مرور كل من المجموعتين المشاركتين في العرض. كما جابت زوارق القوات البحرية مياه الشاطئ مقابل مجمّع فؤاد شهاب.
وفي الختام، تقدّم قائد العرض العميد الركن نبيل نصر من العماد قائد الجيش معلناً انتهاء الاحتفال.