- En
- Fr
- عربي
تخريج
على مقاعد التخريج جلس 67 ضابطًا نهلوا بمثابرة وعزيمة وإرادة على امتداد سنة تعليميّة شاقّة، معارف عسكرية وعلمية وثقافية، وصولًا إلى الموعد المنتظر في كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان- الريحانية: حفل تخريج دورة الأركان الثلاثين، والتي ضمّت، إضافة إلى ضباط من الجيش ومن الأجهزة الأمنية، ضباطًا أجانب من المملكة الأردنية الهاشمية، وجمهورتي مصر والسودان، ودولتي فرنسا والبرازيل.
ترأس الحفل رئيس الأركان اللواء الركن وليد سلمان ممثلًا قائد الجيش العماد جان قهوجي، وحضره قائد الكليّة العميد الركن علي مكّه وعدد من السفراء والملحقين العسكريين وممثّلي قادة الأجهزة الأمنية والجامعات والإدارات الرسمية، إلى جانب عدد من كبار ضباط الجيش وملاك الكليّة والمدرّبين والمشرفين على الأبحاث وعقيلات المتخرّجين. وقد تلا العميد الركن خالد كنعان المذكرات الخاصة بمنح لقب ركن، ومذكرة أسماء لائحة الشرف وفي مقدّمهم الضباط الثلاثة في المراكز الأولى: المقدم شادي نخله، المقدم الطيار رولان مرعب، المقدم البحري مصطفى العلي، والأول بين الأجانب الرائد الركن سالم محمد عيد السبوع من الأردن، وشهادة البحث الأول للمقدم إيلي مينا.
رئيس الأركان
في كلمته نوّه رئيس الأركان بجهود الضباط والأساتذة الجامعيين المدرّبين مهنّئًا المتخرّجين بقوله «باستحقاقكم اليوم لقب ضابط ركن في الجيش، تقفون على مشارف مرحلة جديدة، وفي عيونكم تلمع مشاعر الفرح والاعتزاز، وعلى جباهكم ترتسم اشراقات غدٍ واعدٍ. هذا الغد الذي أسستم له بالعرق والجهد والمثابرة، وبروح الالتزام والعزم والاصرار، وبالعقل الراجح المتبصّر، سيكون لكم من دون أدنى شك، كما لمؤسستكم التي تنتظركم بفارغ الصبر، لتعلوا مكانتها العسكرية والوطنية، ولتمضوا بها قدمًا نحو مزيدٍ من الإنجازات، تعود بالاستقرار الوفير والخير العميم على الوطن بأسره».
وأضاف: «في بداية الطريق، حيث تخرّجتم في الكلية الحربية، تقلّدتم سيوف الحقّ، المصونة بالإرادة والعزم والمعرفة، إيذانًا بأنكم أصبحتم أهلاً للانخراط في ميدان المؤسسة، ولحمل مشعل الشرف والتضحية والوفاء. واليوم ومن هذه الكلية، كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان، تتقلّدون أقلام العِلم التي تنضح بحبرٍ من نور، العِلم المقرون بالحكمة والتجربة والخبرة، والعِلم الذي يدنو بتفاصيله وأبعاده وأهدافه إلى قمم الشمولية والكمال، والذي إذا ما أُحسِن تطبيقه، كفيلٌ بجعل الضابط القائد قادرًا على صنع القرار، والإشراف على تنفيذه في أي ظرف من الظروف، وصولًا الى تحقيق النجاح والنصر في المعركة».
وتوجّه إلى المتخرّجين بالقول: «إن اعتزازنا بكم بعد أن أصبحتم جاهزين لتسلّم الوظائف القيادية في الوحدات الكبرى، وقادرين على تدريبها وإدارتها قتاليًا ولوجستيًا، وفق الأصول والمعايير العسكرية والعلمية الصحيحة، يوازيه اعتزازنا بهذه الكلية التي باتت من أرقى كليات التعليم العسكري العالي في العالم. وهذا ما كان ليحصل لولا جهود قيادتها وضباطها ومدربيها، وسهرهم على تطوير مناهج التعليم ووسائل التدريب وتقنياته، ومواكبة كل جديد في مجال العلم العسكري، الذي يشهد في هذا العصر قفزات نوعية إلى الأمام، بفضل الثورة التكنولوجية الهائلة التي تجتاح العالم، والتي انعكست بشكل أو بآخر، على بنية الجيوش وتنظيمها وإدارتها، وعلى أداء مهمّاتها الوطنية المختلفة».
وعن الوضع في المنطقة قال اللواء الركن سلمان: «في خضمّ الأزمات المتلاحقة والتحولات الكبرى التي تعصف بمنطقتنا العربية، يستمرّ الجيش على عهده ووعده في الدفاع عن لبنان وتحصينه من الأخطار المحيطة به، سواء أتت من مخططات الكيان الإسرائيلي العنصري الطامع بأرضنا ومياهنا وثرواتنا أو من مخططات الإرهاب، هذا الفكر الإلغائي الهدّام، الذي ما انفك يبثّ سمومه ويسعى جاهدًا إلى نقل معاركه العبثية إلى لبنان، للنيل من هذا الوطن، تاريخًا وحضارةً، ووحدةً ورسالةً ونموذجًا. وإلى جانب هذا الدور الوطني المشرّف للجيش، يبقى رهان اللبنانيين ثابتًا عليه، في حماية مؤسسات الدولة، وضمان إجراء الاستحقاقات الوطنية على اختلافها. وخير مثال على ذلك، الانتخابات البلدية والاختيارية التي جرت منذ فترة قصيرة، في مناخ من الأمان والحرية والديموقراطية، وكانت محطّ إعجاب الأوساط المحلية والدولية على السواء».
وأكّد مجددًا «أنّه كما أحبط الجيش سابقًا جميع محاولات الإرهاب تلك، وحقق الإنتصار تلو الإنتصار عليه، سيحبط مستقبلًا أي محاولة من هذا القبيل، فجيشنا قويٌ بتماسكه وبشجاعة رجاله واستعدادهم اللامحدود للتضحية، وقويٌ أيضًا بالتفاف الشعب حوله، وبحقّه المقدس في الدفاع عن كلّ ذرة من ترابه الوطني».
وباسم قائد الجيش العماد جان قهوجي، توجّه اللواء الركن سلمان إلى المتخرّجين بالتهنئة الخالصة والتشجيع المستمرّ، مخصصًا بينهم «رفاقًا من الأجهزة الأمنية اللبنانية، ومن جمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية السودان ودولتي فرنسا والبرازيل، أثبتوا بجهودهم ومناقبيتهم، أنهم أهل للثقة والمسؤولية، وجديرون بتمثيل مؤسساتهم وبلدانهم الصديقة على أكمل وجه». وقال: «لن أنسى بالتأكيد توجيه الشكر إلى الضباط والأساتذة المدربين، كما إلى عائلاتكم التي شكّلت الوجه الآخر لكم في التضحية وتحمّل الأعباء الحياتية، طوال سنة من التدريب المتواصل».
وختاماً أوصى ممثّل القائد المتخرّجين بأن يجعلوا من لقب الركن الذي سيرصّع مناكبهم من الآن وصاعدًا، ركنًا إضافيًا في صرح مؤسساتهم، لتزداد قوة ومناعة، وتبقى الحصن الحصين لوطننا الحبيب وعنوان كرامته وعنفوانه.
قائد الكلية
وألقى قائد الكلية كلمة لفت خلالها إلى أن الكلية باتت بشهادة الجميع من أرقى الكليّات المماثلة في العالم، ومؤكدًا أنّ «زادنا وذخيرتنا هما المعرفة، ومسلكنا وطريقنا هما التطوير والتحديث والعطاء اللامحدود، أمّا هدفنا فهو النجاح الواضح، الذي تتوّجونه اليوم، بوضع شارات حمراء على أكتافكم تمثّل جسر عبور إلى الأهلية الكاملة للقيادة وحسن الاضطلاع بالمسؤولية والواجب، في السلم كما في الميدان.
وشكر قيادة الجيش التي حرصت كل الحرص على تحقيقها، من خلال تقديم الدعم للكلية، وتزويدها أفضل وسائل التعليم العسكري المتطوّر؛ لافتًا إلى أن التطوير والتحديث في الكلية، يجريان عبر جهود مكثّفة ومتواصلة تُبذل مع المعنيين في التعليم الجامعي العالي في لبنان، ممثلًا بأرقى الجامعات الوطنية وفي مقدمها الجامعة اللبنانية».
وأشار العميد مكّه «إلى أنّ جهود الجيش وسهره على مسيرة الأمن والاستقرار، وتصدّيه البطولي للإرهاب، والتضحيات الجسام التي بذلها رجاله في ساحات المواجهة، قد أدّت إلى احتواء تلك المخاطر والحدّ من تأثيراتها السلبية على لبنان وشعبه، وحافظت على الوحدة الوطنية والتماسك الداخلي، محيّيًا أرواح الشهداء الأبرار ومتمنّيًا العافية والشفاء الكامل للجرحى، الذين بذلوا أغلى ما لديهم على مذبح الوطن».
وتوجّه إلى المتخرجين بالقول «أنتم اليوم ترتقون إلى مراتب القيادة والمسؤولية. شهاداتكم مَرتبة وهالة، وجيشكم ووطنكم بحاجة إليها في كل ساح، ووحداتكم تنتظر منكم تحويلها إلى عمل مجدٍ يؤدي للنجاح وللنصر في كل ميدان. ولا شكّ في أنّ كل جهد بذلتموه على مدار سنة من التعليم النوعي المكثف، ستدركون نتائجه الإيجابية حين تعودون غدًا لقيادة وحداتكم، إذ ستجدون أنفسكم أكثر قدرة على مواجهة التحدّيات والمواقف الصعبة، وعلى التكيّف مع مختلف الاحتمالات... لأنّ ما نهلتم من معارف هو السبيل الوحيد للتعويض عن بعض النقص في العتاد والتسليح. لذلك كونوا على مستوى الأمانة التي ستحملونها، وعلى قدر أمل الكلية بكم رجالًا أشداء، وقادة مسؤولين وأكفياء بالكلمة والسلاح. تصرّفوا بجرأة الواثق وهدوء العارف المتمكّن، وتمسّكوا بعصبية الانتماء إلى جيشكم ووطنكم».
طليع الدورة
وتحدّث بعدها طليع الدورة عن التجربة الغنيّة حيث «نهلنا العلم والمعرفة بقدر ما نحتاج، وتبادلنا مع معلّمينا الآراء والخبرات، وتناقشنا طويلًا وبعمقٍ في جلساتٍ وحلقاتٍ دراسيةٍ، خرجنا منها برؤىً جديدة وموضوعية، مشيرًا إلى أنّه في هذا الصرح تنتظم أبجدية العلم العسكري وتتراصف حروفها، وتتراكم المعارف والعلوم، فيتكامل السيف مع القلم وتُصقل الأدمغة وتُنار العقول، لمواجهة العدو ومختلف التحدّيات، ليس فقط عسكريًا، بل فكريًا وعلميًا وثقافيًا أيضًا».
وحيّا شاكرًا «سهر وحكمة قائد الكليّة ومعاونيه والمعلّمين، وخصوصًا قيادة الجيش التي لم تبخل يومًا بعلمٍ أو معرفة، للحفاظ على رفعة شأن ضبّاطها، والوصول بهم إلى أعلى درجات الاحتراف».
وبدوره ألقى ممثّل الضباط العرب والأجانب المقدّم الركن ناصر كمال محجوب عثمان من السودان، كلمة حيّا من خلالها لبنان على الاحتضان والرعاية لفترة ما يقارب العام في مؤسسة الجيش الخالدة العريقة... حيث كانت فترة من التعارف والتآلف والإخاء الصادق، لمسناها من الجميع، قادةٍ ومعلمين ورتباء وجنود ومن الزملاء الضباط المتخرّجين في هذه الدورة. وشكر ختامًا كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان منارة العلم والمعرفة...
وفي ختام الاحتفال وقّع اللواء الركن سلمان السجل الذهبي للكلية، ثم التقطت الصورة التذكارية للمتخرّجين مع ممثّل القائد وقائد الكليّة والأساتذة المدرّبين، وتوجّه الجميع إلى مقصف الكلية حيث تبادلوا الأنخاب والدروع التذكارية.