مناورات

أعلنت قيادة الجيش إغلاق الطريق العام المؤدية إلى معبر العريضة الحدودي... انفجار إرهابي عند المعبر... استنفار القوة المشتركة... فانطلاق عملية «غضب» لاحتواء آثار التفجير وإحباط عملية تسلّل لمجموعاتٍ إرهابية.

لحسن الحظ هي ليسـت حادثـة واقعيـة، بل هـو تمرين تكتـي مشترك (الأول من نوعه)، نفّذه فوج الحدود البرية الأول، في حضور قائد الجيش العماد جوزاف عون، وشخصيات رسميـة ودبلوماسيـة، بالإضافة إلى عدد من الملحقين العسكرييـن وقادة القطع وضباط من مختلف الأجهزة الأمنيـة.
شاركت في التمرين وحدات من المديرية العامة للأمن العام وقوى الأمن الداخلي والجمارك، وعناصر من الصليب الأحمر اللبناني والمديرية العامة للدفاع المدني.
«لا شك أنّ المعابر اليوم هي أفضل ممّا كانت عليه منذ سنوات، وذلك بفضل جهودكم وسهركم على حفظ الأمن وضبط الحدود. لا يوجد معابر غير شرعية إنّما بعض الثغرات التي نعمل على إغلاقها، علمًا أنّ دولًا كثيرة متقدمة هي غير قادرة على ضبط حدودها كاملة». قالها قائد الجيش بالفم الملآن، واضعًا حدًا لكل الادعاءات والشائعات، ومؤكدًا أنّ أفواج الحدود البرية ملتزمة ضبط الحدود وتأمينها، وهي تتولّى المهمات المذكورة في «استراتيجية الإدارة المتكاملة للحدود في لبنان» حتى قبل إقرارها.

عرض مباشر
عمدت مجموعة إرهابية إلى تفجير عبوة ناسفة داخل فان للركاب لدى وصوله إلى معبر العريضة، مستهدفة عناصر الأجهزة الأمنية المولجة ضبطه. أدّى الاعتداء إلى إصابة عدد من العناصر الأمنية وأضرار مادية كبيرة في المعبر، ممّا تسبّب بحالة هلع وفوضى، وسمح بعبور حوالى عشرة من الإرهابيين مزوّدين أسلحة فردية ويحملون أحزمة ناسفة، وتحصّنهم في أحد المنازل المهجورة في بلدة العريضة- عكار.
كانت هذه العملية تضليلية، ومكّنت زورقَين من الوصول إلى الشاطئ في محلة الشيخ زناد- العريضة، نفّذا تسلّلًا بحوالى ٢٠ مسلحًا، تحصّن ١٣ منهم في مبنى قيد الإنشاء بالقرب من الطريق العام، والسبعة الآخرون في مبنى آخر قديم بالقرب من الشاطئ.
«رامي عالسمع»... «يحيى من رامي للإفادة»... أوامر وإفادات صادرة عن غرفة العمليات التي استُحدثت عملانيًا لهذا التمرين، وقد تابعه الحضور بالمناظير، وعلى شاشة كبيرة أمامهم تعرض في عدة نوافذ: صورة مباشرة تنقلها طائرة Drone عن التنفيذ عند المعبر، تفكيك عبوة عند جسر العريضة، إحباط عملية التسلل من جهة البحر، ومداهمة أماكن وجود المسلّحين.

مسؤولية عظيمة
تولّى قائد القوة المشتركة وفوج الحدود البرية الأول العميد الركن يوسف حداد إطلاق المناورة، متحدّثًا عن المعنى الحقيقي للذكرى المئوية لإعلان دولة لبنان الكبير في كلمة فخامة رئيس الجمهورية، وما تُذكّرنا به من معاناة وتضحيات قدّمها أجدادنا ليكسبوا هذه الأرض ويستحقّوها بحدودها الحالية.
وربط العميد الركن يوسف حداد هذه الرمزية بالمسؤولية الكبرى الملقاة على عاتق أفواج الحدود البرية عمومًا، وفوج الحدود البرية الأول خصوصًا، والتي تقضي بالدفاع عن هذه الحدود ومراقبتها وحمايتها، ضد أي عدوان. وذكّر في هذا السياق بالعدوان الإسرائيلي في العام ٢٠٠٦ الذي وصل إلى منطقة عكار، وباستهداف الطيران المعادي في الشتاء الماضي عدة مناطق عند تخوم الحدود اللبنانية- السورية.

تقييم وتنسيق
الهدف الأساسي الأول من التمرين هو تقييمي تنفيذًا لتوجيهات التعليم، من خلال سيناريو تدمير المجموعة الإرهابية، والتدريب على القتال ضد عدو غير كلاسيكي. والهدف الثاني والأهم هو التدريب على تفعيل العمليات المشتركة وإبراز دور القوات المشتركة بين مختلف القوى الأمنية وبعض المنظمات الحكومية وغير الحكومية عند وقوع أي طارئ.

ليس هناك أي معبر غير شرعي
على مسمع من الجميع، وفي مقدمهم الملحقون العسكريون الأجانب الذين كانوا يحظون بترجمةٍ مباشرة، أكّد العميد الركن يوسف حداد، أنّه ليس لدينا أي معبر غير شرعي على الحدود الشمالية، ناقضًا كل ما يُشاع من معلومات مغلوطة في هذا السياق. وأوضح: تحكم هذه الحدود ثلاثة معابر شرعية هي: العريضة، العبودية وجسر قمار. أما الثغرات المُحتملة، فنحن لها بالمرصاد.

عرض مفصّل
قبل الانطلاق إلى التنفيذ، شرح أركان الفوج، وقائد كل مجموعة من المجموعات المشاركة، المهمة الموكلة إليه، وذلك وفق الآتي:
- تولّى مساعد قائد الفوج ورئيس الفرع الثالث العقيد الركن خالد الخطيب، شرح موضوع التمرين وفرضيته وأهدافه، بالإضافة إلى تفصيل القوى وتشكيلها، ومراحل تنفيذ المناورة.
- شرح رئيس الفرع الثاني العقيد الركن صلاح علّو دور الفرع في تحليل المحيط وتأثيره على العدو والصديق، من ناحية طبيعة الأرض وحجم العدو وقدراته، وتوصيات الفرع لإنجاح المهمة.
- حلّل رئيس الفرع الأول الرائد بشير غبش الخسائر البشرية المُرتقبة، والوضع الإنساني والقانوني للنازحين الذين ينقسمون بين: نازحين شرعيين، وآخرين إرهابيين، أو يتاجرون بالبشر ويرتكبون جرائم أخرى.
- تحدّث رئيس الفرع الرابع العقيد الركن محمود الحاج عن الأمور اللوجستية والعتاد وأجهزة الاتصال المخصصة للمناورة، والأسلحة والآليات المُستخدمة.
- شرح النقيب علي عبداللـه آمر سرية الجسور في فوج الهندسة، دور السرية في تأمين الطريق الدولية التي تربط لبنان بسوريا في محلة العريضة، على مجرى النهر الكبير الجنوبي، فور تعرّض الجسر الإسمنتي الموجود لأي ضرر، وذلك من خلال بناء جسر حديدي عسكري في غضون ٤٨ ساعة.
- قـدّم آمر سرية القيـادة والخـدمـة في الفـوج ومسيّـر أعمال فرع الاتصـالات والتأليل النقيب عبداللـه الزعبي، شرحًا عن شبكة اتصالات الربط اللاسلكية في الفوج، المُستعملة في بقعة العمليات الخاصة بالفرع وغرفة العمليات المتحركة.

تحضيرات خاصة
رفع الفوج جهوزيته على مدى عشرة أيام، بهدف التحضير للمناورة. تم استحداث موقع المنصة خصوصًا لهذا اليوم، وتركيز غرفة عمليات مشتركة متقدمة عملانية خاصة للمناورة، ضمت ضابطًا من كل جهاز أمني ومسؤول من المنظمات المشاركة، أداروا المناورة وتولّوا التنسيق مع المنفّذين عملانيًا. إضافة إلى إنشاء شبكة اتصالات موحدة وتزويد الضباط أجهزة اتصال نوع TETRA.
يوم التنفيذ، كان حوالى ٨٠٠ عنصرًا جاهزين كالآتي:
- نفّذ التدريب على الأرض حوالى ٢٦٠ عنصرًا من مختلف القوى.
- ١٥٠ عنصرًا أمّنوا اللوجستية.
- ٣٥٠ عنصرًا أمّنوا حماية بقعة التمرين بانتشارهم على المدى البعيد.

صندوق الرمل
بعد الشرح المفصل على الشاشة، استخدم الفوج الطريقة التقليدية، صندوق الرمل، الذي صُمِّم بشكلٍ متقن ومحترف أثار إعجاب الحضور، وذلك لشرح فكرة المناورة على الأرض. فتولّى كل من آمر المجموعة وآمري الفصائل المنفّذة، وضباط مختلف القوى الأمنية المشاركة شرح دور كل مجموعة في التمرين. لينصرفوا من بعدها إلى التنفيذ العملاني وتُفتَح الأجهزة، ويصبح الجميع «عالسمع».
إفادة: «وقوع انفجار إرهابي على معبر العريضة، سقوط ضحايا وإصابات».
أمر: «تقدّم، اعزل وطوّق منطقة التفجير».
على الأرض:
- تدخّلت وحدات الجيش لتطويق بقعة العمليات وتأمينها.
- الأمن العام وقف كحدٍّ فاصل مع السوريين على الجسر تحسبًا لأي استنفار، وللتأكد من داتا المعلومات والملفات الأمنية الخاصة بكل النازحين منعًا للفوضى.
- وصلت آليات قوى الأمن الداخلي لعزل البقعة والسماح للشرطة العسكرية والأدلة الجنائية القيام باللازم.
- الدفاع المدني حضر بآلياته لإطفاء الحريق الناتج عن التفجير، قصّ الفان وسحب الجثة من داخله.
- الصليب الأحمر سحب الإصابات المدنية لنقلها إلى أقرب مستشفى.
- تدخلت حضيرة الوقاية من أسلحة الدمار الشامل للتأكد من عدم وجود مواد كيميائية أو بقايا مواد متفجرة.
 

جهوزية تكتية
في موازاة هذه العملية على المعبر الحدودي، كان الإرهابيون قد فخّخوا جسر العريضة، فعمل عنصر هندسة على تفكيك العبوة، في حين قامت سرية الجسور بوضع خطة عمليات بالتنسيق مع فوج الحدود البرية الأول، لتأمين الطريق الدولية التي تربط لبنان بسوريا، في حال تعرّض الجسر لأي ضرر.
حال الإرباك التي تسبّب بها الإرهابيون من خلال التفجير والتفخيخ، سمحت لمجموعةٍ كبيرة منهم التسلّل عبر البحر بهدف إقفال منطقة العريضة وفصلها عن باقي المناطق، وربما الامتداد أكثر للوصول إلى مخيم نهر البارد وما بعده. تقدّمت ناقلات الجند لمهاجمة الأهداف التي تمركزت في مبانٍ قريبة من الطريق العام. قصفت المدفعية رمايات تمهيدية، وتقدّمت القوى، فأطبقت على الأهداف وداهمت المباني وأوقفت الإرهابيين.
خلال التنفيذ أُصيب عسكري، فتقدّمت ملالة صحية وترجّلت منها حضيرة مسعفات ميدانيات سحبنَ الإصابة لإخلائها. إنّهن فتيات الفوج اللواتي يبلغ عددهنَّ حوالى ٥٣ عنصرًا، تدرّبنَ وباتت توكل إليهنَّ مختلف أنواع المهمات من اللوجستية والإدارية، إلى الهندسة والتفتيش على الحواجز والمراقبة من الأبراج.
إفادة: «الانتهاء من تنفيذ المهمة... تم التمركز دفاعيًا»، وانتهى التمرين، الذي أثار إعجاب كل الحضور. فكان قائد الجيش وإلى جانبه محافظ عكار عماد لبكي والضباط، يطرحون الأسئلة على العميد الركن يوسف حداد، يدلّون، يعلّقون، يحلّلون ويستنتجون، معبّرين عن أهمية مثل هذه المناورة خصوصًا مع الحديث عن استراتيجية الإدارة المتكاملة للحدود في لبنان. أحد الأجانب عبّر عن سعادته وشعوره بأنّه محظوظ لأنه يحضر هكذا عمليات بشكلٍ مباشر ومن مكان قريب: «Happy to be here, live view, lot of luck».

غرفة عمليات متطورة
في ختام المناورة، جال قائد الجيش والضباط في غرفة العمليات المشتركة الميدانية، واطّلع على العتاد المتطور في داخلها، ومن ضمنه DTRA System تحقق بدعمٍ من الأميركيين، وهو برنامج مراقبة يصل أبراج المراقبة بغرفة عمليات الفوج وبغرفة العمليات المتقدمة وبغرفة العمليات المشتركة في القيادة. بالإضافة إلى ذلك، عمل الفوج على تحديث كاميرا مقطورة قديمة وعددها /٣/ مُقدمة من البريطانيين، وربطها بشبكة DTRA نظرًا لأهميتها التقنية وقدراتها الليلية.
كما قام فرع التأليل والإشارة ببناء شبكة اتصالات ومراقبة بصرية مرتبطة بقيادة الفوج عبر آليات عمليات متحركة.
كذلك، تعرّف الحضور إلى نظام ARGUS - Risk and Threads Analysis لتحليل المعطيات والوقائع وربطها وصولًا إلى تقدير المواقف والمخاطر المُحتملة.

«الحدود أفضل من قبل بفضلكم»
انتهت المناورة، وكانت اللحظات التي ينتظرها كل عسكري بحماسةٍ وفخر، لحظات لقاء القائد بعسكرييه. تجمّع عسكريو فوج الحدود البرية الأول في باحة العلم في الثكنة، وهناك أثنى قائد الجيش على أدائهم وتحدّث إليهم قائلًا: « هذا التمرين يأتي تطبيقًا للاستراتيجية المتكاملة لإدارة الحدود، وهي الآن على طاولة مجلس الوزراء بانتظار التوقيع لتصبح نافذة».
وتابع قائلًا: «نحن كجيشٍ وباقي القوى الأمنية نستعد لتطبيق هذه الاستراتيجية عبر التدريب والتمارين المشتركة، وما شهدناه اليوم من خلال هذا التمرين، هو مستوى عالٍ من الحرفية في التنسيق بين الجيش ومختلف القوى الأمنية لمواجهة عملية إرهابية افتراضية وهي تحصل للمرة الأولى عند معبر حدودي، كما أنّها تؤكد أن المعابر هي مسؤولية القوى الأمنية كلها وليس فقط الجيش».
وأضاف: «لا شك في أنّ المعابر اليوم أفضل مما كانت عليه منذ سنوات، وذلك بفضل جهودكم وسهركم على حفظ الأمن وضبط الحدود. لا يوجد معابر غير شرعية إنّما بعض الثغرات التي نعمل على إغلاقها، علمًا أنّ الكثير من الدول المتقدمة غير قادرة على ضبط حدودها كاملة».
وشدّد قائد الجيش على أهمية أفواج الحدود، مشيرًا إلى أنّ القيادة تمدّها بكل العتاد والتدريب لتسهيل مهمتها في ضبط الحدود ومنع التهريب، وهي تتصدر الأولوية في الاهتمام. وختم متوجّهًا إلى العسكريين: «بفضل تعبكم تحققون الإنجاز تلو الآخر والذي ينعكس إيجابًا على كل الوطن».

حتى لا يفوت الأوان
على هامش المناورة، كان لنا لقاء مع قائد فوج الحدود البرية الأول العميد الركن يوسف حداد، الذي تحدّث بداية عن أهمية هذه المناورة: «لقد نفّذنا اليوم المناورة التدريبية المشتركة الأولى من نوعها بين مختلف القوى الأمنية لضبط الحدود.
والسؤال الذي يجب طرحه: ما هي قدرتنا حقًا كقوى أمنية على التدخل والتنسيق في حال وقوع عملية إرهابية حقيقية؟ للوصول إلى النتيجة المرجوة في هذا المجال، علينا أن نكثر من مثل هذه التمارين، لتفعيل التنسيق وتبادل المعلومات وتحديد دور كل جهة ومهماتها العملانية.
هذه المناورة هي قاعدة لتمرينٍ أكثر تطورًا وشمولية، مرتقب تنفيذه في شهر تشرين الثاني على مدى أيام وفي عدة مناطق حدودية. سيشارك فيه بالإضافة إلى الجيش، القوى الأمنية والوزارات المعنية والمنظمات الدولية. وسيتضمّن مختلف الأعمال الأمنية المُحتملة على الحدود (إرهاب، هجرة، نزوح، تهريب سلاح ومواد ممنوعة...)».
 

• كيف تضبطون هذه الحدود في ظل الصعوبات الناجمة عن عوامل طبيعية وسواها؟
- تمتد الحدود الشمالية على نحو ١٢٠ كلم وصولًا إلى ارتفاع ألف متر عن سطح البحر ويمر فيها النهر الكبير الجنوبي ما يجعلها منطقة كثيرة التضاريس. لذلك، نجد في هذا القطاع الكثير من النقاط والزوايا التي لا تلتقطها أبراج المراقبة الخاصة بالفوج (وعددها ١٠ أبراج ثابتة)، وبالتالي يُعد وجود الثغرات أمرًا طبيعيًا، ولكننا نعمل لمعالجة هذا الواقع من خلال ١٣ مركز مراقبة، وما لا يقل عن ٥٠٠ نشاط أمني شهري (من دوريات راجلة ومؤللة وكمائن وحواجز ثابتة عند المعابر الشرعية، للتأكد من سير العمل والتدخل عند الحاجة).
في هذه المساحة ما لا يقل عن ٣٠ قرية حدودية، معظمها يقع بين لبنان وسوريا، وطبيعة الحياة فيها قائمة على تبادل المصالح والتزاوج. هذا الأمر يشكّل غطاء بشريًا ويسهّل تحرّك المهربين والإرهابيين الذين يستفيدون من المنازل والشوارع للمرور. وهذه الأرضية البشرية لَحَظتها الاستراتيجية فأوضحت الحاجة إلى إرساء اتفاقيات محلية تحكم هذه القرى وتراعي ظروفها وتدير نشاطاتها. وبانتظار هذه الاتفاقيات، عملت القيادة على إنشاء لجنة تعاون عسكري- مدني في الفوج بالتنسيق مع مديرية التعاون العسكري المدني CIMIC، وذلك بهدف تطبيع العلاقات مع الجوار وإنشاء مشاريع مشتركة. على سبيل المثال، حين ضربت الفيضانات المنطقة في الشتاء، نقلت الكثير من الألغام من الجهة السورية إلى الأراضي اللبنانية، فقمنا بحملة توعية حول مخاطر الألغام بالتنسيق والتعاون مع المركز اللبناني للأعمال المتعلقة بالألغام.
 

• حدّثنا عن «استراتيجية الإدارة المتكاملة للحدود في لبنان»؟
- هدف هذه الاستراتيجية وضع تعليمات تنسيقية بامتيازٍ SOP - Standard Operated Procedures بين الأجهزة الأمنية العاملة على الحدود اللبنانية كافة، لتحديد دور كل منها بالإضافة إلى دور المنظمات الحكومية وغير الحكومية.
وهنا تجدر الإشارة إلى تقاعس هذه المنظمات عن المشاركة في التمرين، مع العلم أنّها شاركت في تدريب العسكريين في مجال إدارة الحدود. فقد طلبنا مرارًا من عدد من هذه المنظمات العاملة خصوصًا في منطقة عكار في مجال حقوق الإنسان والهجرة الشرعية وغير الشرعية، المشاركة في المناورة لتوضيح دورها وتفعيله في حال وقوع أزمات من هذا النوع، أو على الأقل الحضور كمراقبين بغية إعطاء وجهة نظرهم وتوجيهاتهم، ولكنهم لم يستجيبوا.
وعلى الرغم من أنّ هذه الاستراتيجية مازالت غير نافذة وتنتظر التوقيع، إلا أنّنا كجيــشٍ نعمــل وكأنّهــا قيــد التنفيــذ، وذلك للحفاظ على أمن حدودنا حتى لا يفوت الأوان.

أربعة أجهزة في مسؤولية حماية الحدود
يكاد لبنان يكون البلد الوحيد الذي تُسنَد فيه مسؤولية حماية حدوده إلى أربعة أجهزة: الجيش اللبناني، قوى الأمن الداخلي، الجمارك والأمن العام. وهذا الأمر يتطلّب مستوى عالٍ جدًا من التنسيق وتحديد الصلاحيات ومجالات التعاون.
انطلق منذ العام ٢٠٠٦ الحديث عن «استراتيجية الإدارة المتكاملة للحدود في لبنان» التي وضعها الجيش اللبناني بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي (بوصفه الجهة الأساسية المموّلة لهذا المشروع)، والتي ما زالت على طاولة مجلس الوزراء بانتظار الإقرار. الهدف العام لهذه الاستراتيجية هو التنسيق والتعاون على المستوى الوطني والدولي بين السلطات المختصة المشاركة في عملية إدارة الحدود كافة، وهي ترسي نظامًا فعالًا للإدارة المتكاملة للحدود، من خلال تنسيق إجراءات المراقبة، وتوطيد التعاون بين الأجهزة المعنية بمراقبة الحدود وضبطها، وتحديد مهمة كل منها وصلاحياته. كما أنّها ترمي إلى تسهيل المرور وإدارة الحدود وضبط التهريب والإتجار بالبشر، وإعداد خطط طوارئ لمعالجة الأحداث الطارئة بالتنسيق بين الأجهزة المعنية جميعها».

من المراقبة إلى الدفاع
بدأت استراتيجية مراقبة الحدود وضبطها من خلال إنشاء القوة المشتركة لمراقبة وضبط الحدود الشمالية في العام ٢٠٠٧، وفي ١/٥/٢٠٠٩ تم إنشاء فوج الحدود البرية الأول الذي أُنيطت به المهمات التي كانت موكلة إلى القوة المشتركة.
في العام ٢٠١٤، كُلف الفوج بمهمة حفظ الأمن داخل قطاع الرويمة – أكروم - وادي خالد، بالإضافة إلى مهمته الأساسية مراقبة الحدود الشمالية، ومنع محاولات تهريب البضائع والأشخاص والممنوعات من الداخل السوري وإليه.
واعتبارًا من ١/٦/٢٠١٨ كُلف الفوج بمهماته الحالية وهي ضبط الحدود اللبنانية السورية الشمالية وقسم من الحدود الشمالية - الشرقية، ومراقبتها وحفظ الأمن داخل قطاع المسؤولية (العريضة - وادي خالد – أكروم - البستان).