الجيش والمجتمع

لا نترك شعبنا!
إعداد: كرستينا عباس
الرقيب أول

اختارت البعثة العسكرية الإيطالية الثنائية في لبنان MIBIL الشراكة مع الجيش اللبناني وتحديدًا مديرية التعاون العسكري–المدني، لتقوم بمبادرةٍ إنسانية تجاه العائلات الأكثر فقرًا في منطقة الكرنتينا ومحيطها، حيث خُصص يوم لتوزيع حصص غذائية على ٥٠٠ عائلة، على أن تستمر المبادرة لتشمل مزيدًا من المستفيدين في عدة مناطق.

 

عندما حل صباح ذلك اليوم المشرق، بدأ المواطنون المصنفون من بين العائلات الأكثر فقرًا في منطقة الكرنتينا ومحيطها الذين سُجّلت أسماؤهم مسبقًا التوافد إلى 

الــ Forum de Beirut ليتسلّموا حصصهم. لا زحمة، لا تدافع، ولا تذمر! فـ«حين يتسلّم الجيش التنظيم تتم الأمور كما يجب، ويحصل كل صاحب حق على حقه»، كما يبادرنا أحد المواطنين، ليضيف آخر: «يتأكدون من الأسماء والهويات، ويتعاملون معنا بكل لطف واحترام». 

 

«لو يدير البلاد!»

كانت الساحة مقسمة إلى أربعة أقسام مرقّمة بالأبجدية من A إلى D، وفي كل قسم ضابط وعسكريون يتأكدون من الأرقام، ثم يسلّمون الحصص لأصحابها. ومن كان طاعنًا في السن أو يشكو مرضًا، وجد تلقائيًا أحد العسكريين جاهزًا لمساعدته وإيصال الحصة إلى السيارة التي أقلّته. هذا الجو العابق بالمودة والتعاون حذا بالمواطنين إلى مساعدة بعضهم البعض أيضًا، بينما كانت الدعوات للجيش على كل لسان: «الله يعطيهم العافية والقوة. نحن نرفع رؤوسنا بهم» تقول امرأة مسنة، وتؤكد: «كل ما يأتي من الجيش خير، لا يتأخّرون أبدًا في تقديم المساعدة».

الحماسة تدفع أحدهم إلى القول: «هم الرقم واحد في كل شيء يقومون به، لا مثيل للجيش، حبّذا لو يتسلّم إدارة البلد فيخلّصنا!» 

 

لهذه الأسباب اخترنا الجيش

واكب عناصر فريق البعثة الإيطالية هذا النهار جنبًا إلى جنب مع العسكريين اللبنانيين، ومثلهم ساعدوا المواطنين، وبادلوا كلمات الشكر الصادرة عنهم بابتسامةٍ مشرقة. وفي حديث أجريناه مع الملحق العسكري الإيطالي في لبنان العقيد Marco Zona على هامش النشاط، أكّد أنّ هذا الدعم يأتي استكمالًا للدعم الذي تقدّمه السلطات الإيطالية للجيش اللبناني بشكلٍ عام ولمديرية التعاون العسكري - المدني بشكلٍ خاص والذي بدأ منذ العام ٢٠١٥ في مجال التدريب، وقد تطور اليوم إلى شراكة في ما خص تنفيذ بعض المشاريع الحياتية. وأضاف: «نحن اخترنا الجيش اللبناني وتحديدًا مديرية التعاون العسكري-المدني بسبب ثقتنا العالية به كمؤسسةٍ منظمة ومنضبطة. نحن نشعر أنّنا قريبون أكثر من الجيش ومن الشعب اللبناني. ومع أنّ هذه الحصة التي نقدّمها ليست بالشيء الكثير في هذه الأوضاع، لكنها على الأقل تمنح الحاصلين عليها يومًا سعيدًا».

من جهته، شدّد قائد البعثة العسكرية الإيطالية الثنائية في لبنان العقيد Angelo Saco على أهمية التعاون بين البعثة ومديرية التعاون العسكري – المدني، مشيرًا إلى مدى التنسيق بين الطرفَين والذي يجعلهما على صلة وثيقة أكثر من قبل. وأضاف: «سنزيد هذا التعاون الثنائي بقدر استطاعنا وليس لناحية توزيع حصص غذائية فقط بل في أي مجال ستكون هناك حاجة لتطويره. إنّ عملنا معًا وثيق وقديم وسيستمر في التدريب والمساعدات العينية أو أي نوع آخر من المساعدة». وختم حديثه مشيدًا بالتنظيم الذي قامت به المديرية خلال هذا اليوم والذي منع حصول زحمة أو أي إشكال، مؤكدًا أنّ المبادرة ستتكرر لاحقًا لتشمل عائلات أخرى.

 

طالما الـCIMIC موجودة المساعدة مستمرة!

أما مسيّر أعمال مديرية التعاون العسكري–المدني العقيد الركن إياد العلم فقد أكّد أنّ الجيش سيبقى موجودًا دائمًا بالقرب من شعبه مهما كانت الظروف ومهما اشتد سواد الأيام، مشيرًا إلى أنّ المديرية وضعت خطة تدخل لتنفيذ أنشطة ومشاريع تفيد المواطنين بالتعاون مع أكبر قدر ممكن من الشركاء وخصوصًا الإيطاليين. وستتكرر هذه المبادرة وتستمر على امتداد المناطق اللبنانية وبمساعداتٍ مختلفة». وأضاف، نحن كجيشٍ نذرنا حياتنا للوطن، وليس كثيرًا أن نقف إلى جانب أهلنا في الظروف الصعبة. لقد تدربنا لتحمّل المشقات، ويسعدنا أن نقدّم لشعبنا كل مساعدة.

ولفت إلى أنّه في الجيش وحدات متخصصة بالعمليات الخاصة والقتال والمداهمات، أما الـCIMIC فهي قدرة متخصصة في مساعدة الناس. وقال: «اليوم هذا الحيّز من مساعدة الناس أصبح أوسع والمفروض أن يكون أكثر فعالية الآن بسبب الضائقة الاقتصادية، وعلى المديرية أن تكون موجودة على الأرض بأقصى قدرة لها». 

في أحلك الليالي ظلامًا، يثبت الجيش أنّه على قدر المسؤولية، وعلى قدر الثقة التي منحه إياها المواطنون، فيستمر في العمل مؤديًا واجباته كاملة نحو شعبه وأرضه.