اقتصاد ومال

لبنان تصدّر دول المنطقة سياحياً
إعداد: تريز منصور

عدد السياح حتى آخر أيلول قارب المليون والتشغيل الفندقي 120 في المئة

عاش لبنان والمؤسسات السياحية الصيف الماضي، أحد أفضل المواسم منذ نحو أربع سنوات، حيث ارتفعت حركة السياحة الوافدة الى لبنان بنسبة فاقت الـ28 في المئة، في الأشهر التسعة الأولى أي لغاية شهر تشرين الأول وإن كانت النسبة ما تزال أقل بـ5.4 عنها العام 2004. وتفيد الإحصاءات أن عدد الوافدين إلى مطار رفيق الحريري الدولي بلغ حتى نهاية شهر أيلول الفائت 983.585 ألف زائر، بتقدم بلغت نسبته 18.02 في المئة عن العام 2006 (833.385 زائراً)، وبـ28.29 في المئة عن العام 2007، (766.680 زائراً). وتتوقع وزارة السياحة أن يبلغ العدد في نهاية هذا العام المليون ومائتي ألف سائح.
ويتوزّع الوافدون حسب الترتيب الآتي: من العرب (35104 زائرين) في المرتبة الأولى، من الدول الأوروبية (27404 زائرين) في الثانية، من القارة الأميركية (15185 زائراً) في الثالثة، من آسيا (14143 زائراً) في الرابعة.
أما نسبة التشغيل الفندقي فبلغت ما يقارب 120 في المئة. وطبعاً كان للمغتربين النصيب الأكبر هذا العام، حيث جاؤوا من مختلف دول العالم لزيارة الأهل والأقارب.
أضواء على الموسم السياحي والتحضيرات للموسم المقبل في هذا التحقيق.

 

السردوك:
أعدنا تظهير الصورة الحقيقية للبنان

مدير عام وزارة السياحة الدكتورة ندى السردوك تناولت دور الوزارة في الموسم السياحي وتعاونها مع القطاع الخاص. بداية قالت إن العمل لتسويق لبنان سياحياً استمر خلال السنوات الثلاث الأخيرة، على الرغم مما شهدته من تطورات، خصوصاً على المستوى الأمني. وقالت: «على الرغم من الظروف المأسوية التي مرّ بها لبنان، استمرّينا في تسويق لبنان عالمياً، وشاركنا في المعارض الدولية إلى تلك التي نظمها القطاع الخاص».
واعتبرت السردوك أن المهمة المحورية التي اضطلعت بها الوزارة، كانت «إعادة تظهير الصورة الحقيقية للبنان، البلد الجميل المسالم المنفتح على حضارات العالم جميعها، والمتمتع بمقومات سياحية مهمة ومتنوعة، في مواجهة الصورة التي أظهرته مرتعاً للإرهاب.
وفي هذا الإطار أتت أغنية «حبة لولو» (كلمات هنري زغيب، ألحان الياس الرحباني، غناء جنى)، وفيلم دعائي عرض هذا العام.
إلى ذلك، طلبنا من مجلس الوزراء، تخفيض التعرفة الكهربائية للقطاع السياحي، كما نسّقنا مع القطاع المصرفي بغية منح قروض للقطاع السياحي بفوائد متدنية، وكذلك جدولة الديون المترتبة عليه.
كنا نعمل بجد وبانتظار الأمل والضوء الأخضر، الذي جاءنا من الدوحة، مع انتخاب الرئيس العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، الأمر الذي شجّع السياح والمغتربين على حد سواء، على القدوم إلى لبنان بأعداد هائلة».
وأشارت السردوك إلى «أن السائح الذي يأتي الى لبنان ليس عابراً، فنسبة كبيرة من السياح تعود والبعض يأتي إلى لبنان، لحضور مؤتمر، ويعود مرة أخرى مع عائلته وأصدقائه، وقد يتملك عقارات».
كذلك أشارت إلى «أن وزارة السياحة، وضعت مغارة جعيتا والأرز على موقع الإنترنت www.new7wonders.com، للتصويت لهما، في إطار اختيار عجائب الدنيا السبع، وإدخالهما في كتاب «غينيس»، علماً أن عملية التصويت تنتهي في 31-12-2008».
ولفتت إلى المهرجانات الدولية التي جرت في الصيف المنصرم: بعلبك، بيت الدين، بيبلوس وصور. وأعلنت أن الوزارة دعمت فرقة موسيقية تنقلت في المناطق اللبنانية كافة، من الجنوب الى البقاع فالشمال... إضافة إلى دعمها أكثر من 40 مهرجاناً جرت في جميع المناطق.
وأضافت: «لقد نسقنا مع القطاع الخاص من أجل إقامة معرض السياحة والسفر العربي والدولي (للسنة العاشرة على التوالي)، والذي استضاف أكثر من مائتي شركة سياحة وسفر ومنظمي رحلات، إضافة إلى الصحافة العربية والعالمية».
وعن التحضيرات للموسم الجديد قالت: «لقد أعلنت بيروت عاصمة للكتاب العام 2009، وسوف تشارك وزارة السياحة في إحياء عدة نشاطات ضمن هذا الإطار، من بينها سوق الطيب «أكل وعيد» وغيرها... إلى إعداد كتب ومنشورات وسوى ذلك».
وختمت منوّهة بالسياحة كقطاع حيوي في الاقتصاد وفي الحياة الاجتماعية. وشكرت «كل المساهمين في نمو القطاع السياحي، وخصوصاً وزارة الداخلية والجيش اللبناني لسهرهم على الأمن».

 

الاشقر: نسبة التشغيل الفندقي
بلغت 120 في المئة
نقيب أصحاب الفنادق السيد بيار الأشقر، استعرض أحوال القطاع السياحي خلال السنوات الأخيرة وقال: «شهد القطاع السياحي نهضة كبيرة منذ العام 2001 وحتى 2004، تجاوزت نسبة النمو فيه الـ30 في المئة، كما وصل عدد السياح الى مليون ونصف مليون سائح، لكن التراجع بدأ بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري العام 2005. ومع انطلاقة الحوار الوطني في بداية العام 2006، كان الأمل بالنهوض كبيراً، وقد جهد المعنيون في هذا القطاع، أن يصل عدد السياح إلى مليون وستماية ألف سائح. المساعي كادت أن تحقق الأماني، لكن حرب تموز، غيّرت الواقع. واستمر التعثر السياحي حيث انخفضت نسبة التشغيل الفندقي إلى 3 - 4 في المئة، وراوحت خسائر القطاع السياحي بين 20 و30 في المئة، وكما هو معلوم ظل الحال على ما هو عليه لغاية أيار 2008، موعد توقيع اتفاق الدوحة، وانتخاب فخامة العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية. وخلال 48 ساعة تغيّرت المعطيات وبدأت عملية النهوض. وفي بداية شهر تموز الماضي تدفقت علينا الخيرات من الجهات كافة، وخصوصاً المغتربين من مختلف أصقاع العالم. وبلغت نسبة التشغيل الفندقي في بيروت 120 في المئة، وفي المناطق 100 في المئة، ووصل عدد السياح إلى نحو مليون سائح. أما بعد انقضاء موسم الصيف فقد انخفضت نسبة التشغيل إلى ما بين 40 و50 في المئة، ثم عادت الى الارتفاع خلال عطلة عيد الفطر (نحو 120 في المئة)».


• هل تعوّض أرباح هذا الموسم السياحي خسائر السنوات الأخيرة السابقة؟
يرى الأشقر أنه من المستحيل «التعويض عن خسائر السنوات الماضية في شهرين، وأن الأمور تحتاج إلى سنوات، ولا سيما أن القطاع الفندقي لم يرفع أسعاره، على الرغم من أن موجة الغلاء العالمية قد أصابته هو أيضاً». وأضاف: «إن التعويض عن الخسائر، يتطلب من 3 إلى 4 سنوات من الاستقرار التام، السياسي والأمني والاجتماعي، وبنسبة تشغيل لا تقل عن 65 في المئة، وأي خلل في واحد من هذه العوامل، يؤثر على القطاع الفندقي». وأردف قائلاً «إن حجم المصاريف كبير جداً في هذا القطاع، وخصوصاً مع الزيادة على رواتب العاملين فيه للمحافظة عليهم، والحد من هجرتهم (في السنوات الأخيرة غادر كثيرون منهم للعمل في الخارج) وارتفاع أسعار المحروقات والمواد الغذائية».
وعن ورشة العمل التي قام بها القطاع الفندقي، في الموسم السياحي العام المنصرم قال: «كانت الورشة كبيرة جداً. لقد استبدل العرب الغرب بلبنان، لأنه ملتقى الحضارات، يستطيع كل سائح أن يجد فيه ما يناسبه. إنهم يحبون طبيعته ومناخه، إضافة إلى توافر أنواع السياحة كافة فيه، من السياحة البيئية إلى السياحة الجبلية أو التراثية... والمهرجانات المتنوعة ذات المستوى العالمي والدولي، والتي كانت ناشطة جداً هذا العام، وعكست صورة لبنان الحضارية. وكذلك الخدمات المميزة عالمياً ونوعية الحياة، التي جعلت لبنان الأول ضمن الإقليم السياحي، الذي يضم: سوريا، الأردن، مصر، قبرص وتركيا». وأشار الأشقر إلى أن الأسعار في لبنان تعتبر رخيصة قياساً الى البلدان التي سبق ذكرها، مع العلم أن البعض من أصحاب المطاعم والمقاهي يستغل السياح، وهذا يحتاج إلى تعزيز الرقابة.
وأكد السيد بيار الأشقر «أن التنسيق دائم وتام، بيننا وبين وزارة السياحة، وأننا نشارك في جميع المعارض السياحية التي أقيمت في الخارج، وفي الحملات الإعلانية التسويقية؛ الروزنامة السياحية تحتاج إلى ثلاثة أشهر، قبل بدء الموسم السياحي، ولكننا لم نقم بهذه الحملة هذا العام، نظراً إلى الأوضاع الأمنية، ولقد فاجأنا إتفاق الدوحة. وتطرح أمامنا اليوم علامات إستفهام كبيرة، حول القيام بحملة تسويق لبنان إعلانياً، في ظل الظروف الأمنية والسياسية والإنتخابية الراهنة. في لبنان الإقتصاد دائماً في خدمة السياسة، عكس المبدأ القائل إن السياسة يجب أن تكون في خدمة الإقتصاد».
ونوّه الأشقر بأهمية القطاع الفندقي وقدرته على تأمين العيش الكريم لنسبة مهمة من اللبنانيين إلى دوره في النمو والاستثمارات. وقال: «لدينا اليوم مستثمرون لـ3000 غرفة فندق خمسة نجوم، بدأ الاستثمار بها منذ 2004 - 2005، بعض المستثمرين توقف عن العمل وبعضهم جمّد استكمال المشروع. ويمكن لهذه الاستثمارات أن توّفر نحو 6000 فرصة عمل. ولا بد من الإشارة إلى أن هؤلاء المستثمرين استثمروا عقارات، تراوح قيمتها بين 25 - 50 مليون دولار أميركي».
وعن أهمية الاستثمار المتوازن في المناطق قال: «الإقتصاد اللبناني ليس موّجهاً، فحيث يجد المستثمر المكان المناسب لاستثماره يستثمر. لقد انتشل القطاع السياحي هذا العام، القطاع العقاري من ركوده، إذ اشترى معظم المغتربين اللبنانيين الذين جاؤوا إلى لبنان هذا الصيف، الشقق السكنية أو الأراضي للبناء. واستفادت من السياحة: الزراعة، ومكاتب تأجير السيارات، ومكاتب السفريات، وشركات الطيران، والسوبر ماركت والمحلات التجارية إضافة إلى المطاعم والمقاهي...».
وختم الأشقر حديثه بالقول: «يشهد العالم منافسة في مجالي السياحة والاستثمارات، ولقد ظهرت دول نفطية على الخريطة السياحة، كالدول العربية والصين... أما لبنان الذي يتمتع بمقدرات مهمة، فيحتاج إلى الإنماء المتوازن في السياحة، ولتحقيق هذا الإنماء، على الدولة تأمين البنى التحتية اللازمة وشبكة طرقات للمناطق اللبنانية كافة، كما على كل منطقة تسويق نفسها سياحياً، كي تجلب إليها المستثمر والسائح على حد سواء».
آراء وانطباعات
خلال جولتنا في المناطق اللبنانية التقينا عدداً من السياح والمغتربين عبّروا عن انطباعاتهم حول إقامتهم في لبنان.
• السيدة فاطمة سويد (السعودية) قالت: «كنا ننتظر استقرار الأوضاع للمجيء إلى لبنان، وفور انتخاب العماد سليمان رئيساً للجمهورية، سارعنا أنا وأصدقائي لزيارة هذا البلد الأحب إلى قلوبنا، وتمضية الصيف في ربوعه الجميلة. يمتاز لبنان بالعديد من الميزات أهمها مناخه الجيد، وطبيعته الخلابة وأهله الطيّبين المضيافين».
• السيدة رغدة آرام (إيران) تزور لبنان للمرة الأولى، وقد أكدت أنها سوف تأتي في السنوات القادمة. وأن أكثر ما أحبته، قرب الساحل إلى الجبل والآثار الغنية والجميلة، إلى الخدمة الممتازة في الفنادق والمطاعم، والمهرجانات التي حضرت معظمها.
• المهندس سليم ضومط (مغترب منذ نحو 11 عاماً، ويقيم في مونتريال - كندا) قال: «بعد غياب نحو خمس سنوات، وحنين الى هذا الوطن المميز، حجزنا للمجيء إلى لبنان لرؤية الأهل والأصحاب، ولجعل الأولاد يتعرّفون على وطنهم الأم. ولكننا ألغينا الحجز إثر أحداث أيار، ومن ثم قررنا زيارة لبنان، مع العديد من العائلات اللبنانية بعد انتخاب العماد ميشال سليمان. اشتقنا إلى هذا البلد، ولكن الأمن فيه ما زال هشّاً، وكذلك لا قانون سير، فالقيادة على الطرقات عشوائية، هذا بالإضافة إلى أسعار المواد الغذائية المرتفعة جداً، والتي تسجل ضعف الأسعار في كندا».
وأضاف قائلاً: «لقد زرنا عدة أماكن سياحية، وارتدنا المطاعم، الخدمة فيها مميزة ولكن «البخشيش» قبل كلفة الفاتورة، وهناك تمييز في حجز الطاولات... أما أكثر ما أزعجني في لبنان فالكلام في السياسة».
• السيد ميشال ماتيون (رجل أعمال فرنسي) يزور لبنان للمرة الثانية، يقول: «المرة الأولى كانت عندما شاركت في أحد المؤتمرات الإقتصادية، فذهلت بجمال هذا البلد، وأهله المضيافين المنفتحين على الحضارات كافة. لقد زرت هذا العام منطقة الشوف، ونظّمنا مع أصدقائي رحلة برية إلى الوادي المقدس في قنوبين. لقد سحرنا جمال هذا الوادي الفريد من نوعه في العالم، والذي شممنا فيه رائحة القداسة. أتمنى أن أزور لبنان مرة أخرى، وأن ينعم أهله بالسلام الذي يستحقونه».
• السيد جهاد ضومط (مدير للمحاسبة في إحدى الشركات في دبي) أعرب عن عشقه للبنان، البلد الأجمل في العالم، وأشار إلى أنه «لا يترك فرصة إلا ويأتي فيها إلى لبنان، وخصوصاً في المناسبات الدينية». وأكد أنه «فور استتباب الأمن في هذا البلد، سوف أعود فوراً وأعطي بلدي من خبرتي وكفاءتي وعلمي».
وأضاف: «آمل أن يأتي يوم يقدّر فيه أبناء هذا الوطن، كفاءة شبابه التي يقدّرها الأجنبي ويستفيد منها».