في ثكناتنا

لبنان على ساحة الهيدروغرافيا العالمية
إعداد: ندين البلعة خيرالله

للمرة الأولى منذ الانتداب الفرنسي، ستقوم الدولة اللبنانية بإنتاج خرائطها البحرية بنفسها، وذلك بفضل مصلحة الهيدروغرافيا التابعة للقوات البحرية في الجيش اللبناني. تأسّست هذه المصلحة في شباط ٢٠١٤ لتؤدّي دورًا وطنيًا في إعداد الخرائط البحرية اللبنانية ونشرها، ولتُعدّ الدراسات اللازمة من أجل ترسيم الحدود البحرية مع دول الجوار.

 

انضمّت مصلحة الهيدروغرافيا في ٧/١٢/٢٠٢٠ إلى منظمة الهيدروغرافيا العالمية International Hydrographic Organisation، التي تحثّ أعضاءها على أن يكونوا مسؤولين عن المسوحات الهيدروغرافية وخرائطهم البحرية في مياههم الإقليمية لتأمين سلامة الملاحة.

في موازاة تأسيس مصلحة الهيدروغرافيا اللبنانية، وقّع الجيش اللبناني اتفاقية مع الجمهورية الإيطالية، لبناء قدرات هذه المصلحة لجهة المسح البحري، وعلم الخرائط وتأمين معلومة السلامة البحرية.

 

ملحق تقني

رئيس مصلحة الهيدروغرافيا المقدم البحري عفيف غيث يشرح أنّه بعد انفجار بيروت، ورغم الأضرار التي أصابتها، نفّذت المصلحة مسحًا هيدروغرافيًا للمرفأ، وأمّنت معلومات السلامة البحرية التي تفيد بأنّ المرفأ ما زال صالحًا للملاحة وأرصفته جاهزة لاستقبال السفن على أنواعها.

شجّع هذا الأمر الدولة الإيطالية على السعي إلى تمديد التعاون مع الدولة اللبنانية من خلال توقيع اتفاقية على صعيد وزارتي دفاع البلدين في مجال الهيدروغرافيا، الكارتوغرافيا وعلم المحيطات. تبع ذلك، توقيع ملحق تقني تطبيقي على صعيد مصلحتي هيدروغرافيا البلدَين في مجال الإنتاج المشترك للخرائط البحرية الورقية والإلكترونية. مدّة المشروع ١٠ سنوات تمتد على مرحلتين:

- المرحلة الأولى (من ٥ إلى ٧ سنوات): مرحلة إنتاج مُشترك للخرائط البحرية اللبنانية مع الدولة الإيطالية، وهي مرحلة ضرورية لاكتساب الخبرة في إنتاج الخرائط.

- المرحلة الثانية (السنوات الثلاث الأخيرة): يصبح لبنان قادرًا على إنتاج خرائطه الوطنية بنفسه، وتصبح مصلحة الهيدروغرافيا السلطة الوطنية الشرعية الوحيدة المخوّلـة إصـدار الخرائـط البحريـة المُعتـرف بهـا من جانـب الـIHO.

 

أهمية إنتاج الخرائط وطنيًا

منذ الانتداب الفرنسي وحتى الآن، كانت فرنسا تنتج الخرائط البحرية اللبنانية غافلةً عن بعض التفاصيل المتعلقة بالملاحة الداخلية. ومع هذا المشروع الجديد، سيتمكّن لبنان من إنتاج مجموعة خرائط جديدة تناسب الحاجات الوطنية والعالمية. فمنظمة الهيدروغرافيا العالمية تشجّع الدول على القيام بهذا النشاط الهيدروغرافي والكارتوغرافي للحدّ من الحوادث البحرية التي تكبّد العالم خسائر بشرية ومادية جمّة.

بدأت المصلحة في شهر أيار الماضي، بإنتاج أول خريطة بحرية لمرفأ بيروت، اختيرت رمزيًا لتكون الخريطة الأولى المُنتَجة محليًا، وسيتبعها ما يقارب ١٣ خريطة بحرية تغطّي المياه الإقليمية اللبنانية.

 

على الرغم من كل شي!

هذه المصلحة تميّز لبنان عن بعض دول الجوار التي لا تملك مصالح هيدروغرافيا. وهو اليوم، باستقلاله في إصدار خرائطه البحرية على الرغم من كل الأزمات التي تعصف به، يتساوى مع كبرى الدول العربية مثل جمهورية مصر العربية التي تتميّز بحجم اقتصادها الهائل، والتي بدورها انتظرت حتى الآن لتستقل في إصدار خرائطها.

وقد تم رفع علم لبنان في مقر منظمة الهيدروغرافيا العالمية، في الذكرى المئوية لتأسيسها، فهو البلد الوحيد الذي انضم إليهـا هذا العام.