- En
- Fr
- عربي
لبنان ما بين طريق الحرير الصيني والممر الهندي: مستقبل وآفاق
المقدمة
تشهد الساحة الدولية منافسة حادة بين القوى العظمى، لا سيما بين الصين والولايات المتحدة الأميركية، على النفوذ الدولي. ويتجسد هذا السباق الدولي في مشاريع تجارية ضخمة ذات أبعاد تنموية تسعى كل دولة من خلالها إلى تعزيز نفوذها الاقتصادي والسياسي بما فيها مبادرة الحزام والطريق الصينية ومشروع الممر الاقتصادي الهندي الذي تدعمه الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي.
أُطلقت مبادرة الحزام والطريق BELT AND ROAD INITIATIVE من قبل الرئيس الصيني شي جين بينغ Xi Jin Ping في العام 2013 خلال زياراته إلى كازاخستان وأندونيسيا من أجل ربط الصين تجاريًا بالعالم. وفي المقابل، جاء مشروع الممر الاقتصادي الهندي INDIA-MIDDLE EAST-EUROPE ECONOMIC CORRIDOR كاستجابةٍ أميركية لهذه المبادرة، فتم الإعلان عن المشروع بوجود الرئيس الأميركي جو بايدن Joe Biden على هامش قمة مجموعة العشرين التي عُقدت في مدينة نيودلهي الهندية في العام 2023، وذلك من أجل ربط الهند بالشرق الأوسط وأوروبا عبر شبكة من المواني والممرات الملاحية. إن هذين المشروعَين يشكّلان تحولًا استراتيجيًا مهمًا في الديناميات الاقتصادية والجيو-سياسية العالمية، حيث يتنافسان على النفوذ في مناطق حيوية بهدف التحكم بالتجارة الدولية.
يقع لبنان في قلب الشرق الأوسط، ما يجعله نقطة التقاء مهمة لهذه المشاريع التجارية نتيجة موقعه الجغرافي الاستراتيجي على ساحل البحر الأبيض المتوسط. إن هذا ما أوجب على لبنان الاستفادة من هذه المنافسة عبر جذب الاستثمارات، تطوير بنيته التحتية وتعزيز دوره في المنطقة.
تأتي أهمية الدراسة في الإضاءة على خصوصية المشروعَين وتأثيراتهما في لبنان أمام مساعيه في تطوير قطاعاته الاقتصادية، كذلك في تحليل الدور الذي يمكن أن يؤديه لبنان في سياق هذه المنافسة القائمة، الأمر الذي فرض وجود إشكالية حول: ما مدى تأثير فعالية المشاريع الصينية والهندية المتنافسة في الدور اللبناني في منطقة الشرق الأوسط؟ وينبثق عن هذه الإشكالية عدة تساؤلات تتمحور على النحو الآتي:
ما هي حيثيات المشاريع الصينية والهندية المحتدمة؟ ما هي ميزات الاقتصاد اللبناني وتحدياته؟ ما مدى خصوصية مبادرة الحزام والطريق الصينية تجاه لبنان، وما هي تأثيرات استبعاده من الممر الهندي؟
القسم الأول
السباق بين المبادرة الصينية والمشروع الهندي
تشكّل مبادرة الحزام والطريق، المعروفة أيضًا باسم «حزام طريق الحرير الاقتصادي وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين»، رؤية تنموية تبنّتها الصين بغية تفعيل الروابط التجارية الدولية عبر تطوير شبكة نقل تتمحور حول الصين1. تُطلق مبادرة الحزام والطريق مشروعًا ضخمًا يهدف إلى إعادة إحياء طريق الحرير القديم، والذي يُمثّل مجمل الطرق التي كانت تربط الصين بوسط آسيا وحوض البحر المتوسط، فتوسّع نطاق هذه المبادرة لتشمل بناء شبكة نقل واسعة تصل الصين بآسيا وأوروبا وأفريقيا.
تشكّل المبادرة الصينية تحديًا مباشرًا للنفوذ الاقتصادي الأميركي في ظل الحرب التجارية القائمة بينهما أمام تنامي المساعي الصينية في بناء نظام عالمي اقتصادي متعدد الأقطاب. وفي مواجهة الطموحات الصينية، أعلنت الولايات المتحدة الأميركية عن دعمها لإنشاء الممر الاقتصادي الهندي، والذي يهدف إلى ربط الهند بمنطقة المحيطَين الهندي والهادئ وصولًا إلى مناطق بحر العرب والبحر الأبيض المتوسط.
بات السباق بين مبادرة الحزام والطريق الصينية والممر الاقتصادي الهندي يمثّل منعطفًا استراتيجيًا في العلاقات الدولية، فيشكّل تحديات وفرصًا أمام دول العالم عبر المشاركة في هذه المشاريع التنموية، والتي ستؤثّر بشكلٍ كبير في مستقبل النظام الاقتصادي العالمي.
أولاًً: مبادرة الحزام والطريق الصينية
إن نشاط التجارة على طريق الحرير بدأ بشكلٍ جدي في القرن الثاني قبل الميلاد، مع توسع الإمبراطورية الصينية وازدهار التجارة بين الصين والغرب2. شكّل طريق الحرير شبكة متشعبة من الطرق التجارية التي ربطت بين الشرق والغرب، ما ساهم في تبادل الثقافات بين الشعوب وانتشار الحضارات الإنسانية.
تؤدي منطقة الشرق الأوسط دورًا محوريًا في مبادرة الحزام والطريق بحيث تربط الصين بأوروبا وأفريقيا، وبذلك تسعى الصين لتعزيز وجودها الاقتصادي والاستراتيجي من خلال استثمارات ضخمة في البنية التحتية والطاقة والتكنولوجيا.
1 . إطلاق مبادرة الحزام والطريق
أعلنت الصين عن مبادرة الحزام والطريق كمشروعٍ تعاوني يستفيد من دوره التاريخي والجغرافي، وهذا ما سهّل عليه حركة التجارة والاستثمار بين الدول المشاركة، مع مراعاة المصالح الصينية الاستراتيجية، فترى الصين في هذه المبادرة فرصة لتحقيق منفعة متبادلة لجميع الأطراف.
واصطلاحًا، يشمل الحزام الطرق البرية التي تعبُر القارة الآسيوية، وتربط الصين بأوروبا عبر آسيا الوسطى وجنوبي آسيا وشرقها، أما الطريق فيشير إلى المسارات البحرية التي تربط الصين بالمواني الرئيسة في آسيا والمحيط الهندي والشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأوروبا.
إذًا، تتكون المبادرة بشكلٍ أساسي من محورَين رئيسَين، بما في ذلك الحزام الاقتصادي لطريق الحرير البري وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين. إن الحزام الاقتصادي لطريق الحرير يشمل شبكة واسعة من الطرق والسكك الحديدية والمواني البرية التي تربط الصين بدول آسيا الوسطى وأوروبا، مثل كازاخستان وأوزبكستان وروسيا. وتساهم أبرز هذه المشاريع منها: مشروع السكك الحديدية بين الصين ولندن، ممر الجسر البري الأوراسي الجديد، ممر الصين – منغوليا – روسيا، وممر الصين – آسيا الوسطى – غرب آسيا، في تعزيز التبادل التجاري والاقتصادي بين الشرق والغرب وتسهيل حركة البضائع والسلع.
أما طريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين فيركز على تطوير المواني البحرية والشحن البحري، وربط الساحل الصيني بآسيا وأفريقيا. يشمل هذا المحور عديدًا من المواني الاستراتيجية بما فيها ميناء جوادر في باكستان وميناء بيرايوس في اليونان وميناء مومباسا في كينيا، حيث تساهم في تسهيل حركة التجارة العالمية وتقليل تكاليف النقل.
تهدف مبادرة الحزام والطريق إلى تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة الشاملة من خلال تطوير أنماط التبادل التجاري عالميًا. تتضمن مبادرة الحزام والطريق ثلاثة أبعاد متكاملة، فشملت البعد الاقتصادي الذي يمثّل الهدف الأساسي للمبادرة، حيث يركّز على التعاون الاقتصادي والربح المشترك بين الدول المشاركة، بالتوازي مع البعد الثاني الذي يتعلق بالحوكمة العالمية، ويسعى إلى تحقيق مفهوم السلع العامة العالمية، أي الموارد التي تعود بالنفع على جميع الدول، علاوة عن البعد الثقافي الذي يؤكد أهمية التنوع الثقافي والحضاري كقيمةٍ مضافة للمبادرة كونه يساهم في توثيق التعاون والتفاهم بين الشعوب.
ووفق التقرير السنوي لمركز التمويل والتنمية الأخضر GREEN FINANCE AND DEVELOPMENT CENTER، بلغ إجمالي استثمارات الصين في مبادرة الحزام والطريق منذ العام 2013 حوالي 962 مليار دولار أميركي، أي ما يقارب تريليون دولار، وشملت هذه الاستثمارات قطاعات متنوعة، بما فيها النقل والطاقة والمعادن وغيرها.
كما كشف هذا التقرير عن حدوث تغييرات كبيرة في توجهات الاستثمار الصيني بتركيزها على الشرق الأوسط في إطار مبادرة الحزام والطريق خلال العام 2022، فارتفعت حصة الشرق الأوسط من إجمالي الاستثمارات الصينية إلى 23%، أي بزيادةٍ مضاعفة عن العام السابق، ما يشير إلى تعزيز التعاون مع الصين في هذه المنطقة. أما دول جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا، شهدت انخفاضًا حادًا في استثمارات البناء بنسبة 44% وانخفاضًا في الاستثمار الإجمالي بنسبة 65%، كما سجلت منطقة غرب آسيا انخفاضًا ملحوظًا أيضًا في مشاركة الصين. ويكمن السبب في تراجع الاستثمارات الصينية في هذه الدول نتيجة عوامل متعددة، منها التحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجهها.
2 . خصوصية مبادرة الحزام والطريق
تُعد مبادرة الحزام والطريق أكثر من مجرد مشروع بنية تحتية، فهي رؤية استراتيجية طموحة تهدف إلى تفعيل الحلم الصيني مع تعزيز الريادة الصينية عالميًا، إذ تسعى إلى تحسين سلاسل الإمداد، وتقليل تكاليف النقل، ما يساهم في توثيق الاندماج الاقتصادي الدولي مع تحقيق الرفاهية للشعوب. إن هذه المبادرة قد دُعمت بتمويلٍ ضخم من بنك الصين للتنمية بقيمة 89 مليار دولار، وصندوق طريق الحرير الذي تشارك فيه الدول المعنية بـ 40 مليار دولار، والبنك الآسيوي لاستثمارات البنية التحتية برأسمالٍ أولي مقداره 100 مليار دولار6.
تُطلق مبادرة الحزام والطريق برنامجًا عالميًا طموحًا وبعيد المدى لتطوير شبكة النقل وتعزيز التكامل التجاري العالمي، من خلال تفعيل سلسلة من المشاريع التنموية الضخمة العابرة للقارات، فتساهم في ربط الأسواق العالمية وتسهيل تدفّق السلع والخدمات. أظهرت هذه الأهداف بوضوح المنحى السياسي للمبادرة في الاتفاقيات، والتي وُقّعت في شنغهاي Shanghai خلال لقاء القمة بين الصين وروسيا في العام 2014، فأكدت بنودها على رغبتهما في خلق نظام اقتصادي جديد في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وتعزيز التعاون في مجالات الطاقة والنقل بالتزامن مع توقيعهما اتفاقية تاريخية حول الغاز الطبيعي لمدة 30 سنة بقيمةٍ إجمالية تصل إلى 400 مليار دولار7.
تتبلور أبعاد المبادرة الصينية الجغرافية والسياسية في المساعي الصينية الملفتة نحو تشكيل كتلة اقتصادية واسعة النطاق، تُعتمد الصين دولة محورية في مجموعة الـBRICS التي تضم روسيا والبرازيل والهند، وجنوب أفريقيا من أجل أن تكون ثقلًا موازنًا للتكتلات الاقتصادية مثل مجموعة الدول السبع G7 المتمثلة بالولايات المتحدة الأميركية وكندا والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان. شملت مجموعة البريكس دولًا أخرى من أميركا اللاتينية وأفريقيا وآسيا بغية جذب المزيد من البلدان النامية والاقتصادات الناشئة لتعزيز التعاون الدولي والاقتصادي على نطاق أوسع. تمكنت هذه المجموعة من تأسيس المصرف الائتماني الذي يُعرف باسم البنك الجديد للتنمية (NDP New Development Bank، إذ بلغ رأس المال عند انطلاقته رسميًا ما يقارب المئة مليار دولار أميركي ومقره الرئيس في شنغهاي الصين، ما سمح للمجموعة من توسع نطاق تأثيرها في النظام المالي العالمي8.
يواجه مشروع طريق الحرير الجديد عديدًا من التحديات، فاختلاف طبيعة الأنظمة السياسية والاقتصادية بين الدول المشاركة في ظل تباين مستويات التنمية وحوكمة المؤسسات، يشكّل عقبات رئيسة أمام تنفيذ المشروع، وبخاصةٍ في مجال تطوير شبكات النقل وتفعيل التعاون الاقتصادي. كما يتضح أحد التحديات الرئيسة في صعوبة تأمين التمويل اللازم، مع الاعتماد الكبير على الديون، لا سيما تلك المقومة بالعملات الأجنبية. إن هذا الاعتماد المفرط على الاقتراض الخارجي يزيد من أعباء الديون على الدول المشاركة، ما قد يؤدي إلى أزمات في سداد الديون السيادية ويحد من تدفق الاستثمارات الخاصة. كذلك، يشكّل التوتر الجيو-سياسي الدولي تحديًا كبيرًا لمشروع الحزام والطريق، فالتوترات العسكرية في مناطق مثل بحر الصين الجنوبي، والمنافسة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الأميركية في بيئة شرق أوسطية مفعمة بالأزمات والصراعات، قد تؤدي إلى عرقلة تنفيذ المشروع أمام التنافس الإقليمي والدولي في المنطقة، والذي من الممكن أن يزيد من مخاطر عدم تنفيذ هذه المشاريع الصينية التي تعتمد على الاستقرار في نجاحها. من هنا سعت الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها للإعلان عن إطلاق الممر الاقتصادي الهندي كمشروعٍ منافس قد يكون بديلًا عنه في المستقبل.
ثانيًا: إعلان الممر الاقتصادي الهندي
شهدت قمة مجموعة العشرين G20 في نيودلهي في العام 2023 إعلانًا تاريخيًا عن إطلاق الممر الاقتصادي الهندي - الشرق أوسطي – الأوروبي، وحضره قادة عالميون بارزون، من بينهم الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الهندي وولي العهد السعودي ورئيسة المفوضية الأوروبية. يهدف هذا المشروع إلى إعادة رسم خريطة التجارة العالمية من خلال توفير ممر تجاري جديد يربط بين قارات آسيا وأوروبا وأفريقيا، ما يعزز مكانة الدول المشاركة كفاعلين رئيسيين في الاقتصاد العالمي9. وهذا ما يحفّز أمام خصوصية ارتدادته المرتقبة من الاضطلاع على معطياته وأبعاده في ظل السباق الدولي التجاري القائم.
1 . مسار الممر الاقتصادي الهندي
يمثّل الممر الاقتصادي الهندي نقلة نوعية في مجال التجارة العالمية كونه ممرًا تجاريًا متعدد الوسائط يربط بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا. يتفرع الممر إلى شقَين رئيسَين يشكّلان معًا شبكة تجارية متكاملة، فيمتد الأول شرقًا من الهند، مرورًا بمنطقة الخليج العربي النفطية والتي يتضاعف نموها على الخريطة الاقتصادية الدولية. أما الشق الثاني فيمتد شمالًا ليربط الخليج العربي بالدول الأوروبية، والتي أصبحت في حاجة ماسة إلى بدائل تجارية أمام الانعكاسات السلبية المتصاعدة للتحولات الدولية في مجال الطاقة والموارد المهمة، بما فيها تداعيات الحرب الروسية-الأوكرانية على القارة الأوروبية.
ينطلق المسار البحري للممر الاقتصادي الهندي تحديدًا من مواني مدينة مومباي الهندية، ذات الشريط الساحلي مرورًا بالمحيط الهندي وبحر العرب ليصل إلى ميناء دبي الإماراتي، فيتبع المسار البري عبر خط السكك الحديدية من منطقة الغويفات الإماراتية، مرورًا بالأراضي السعودية نحو جنوب الأردن، ليصل إلى مدينة حيفا الساحلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما ويعود من جديد المسار عبر البحر المتوسط من مرفأ حيفا إلى ميناء بيرايوس اليوناني، ثم يعود مجددًا المسار البري من اليونان إلى داخل القارة الأوروبية.
يُمثل الممر الهندي شبكة متكاملة من البنى التحتية المتعددة، تربط بين الهند ودول الجوار بطرقٍ برية وبحرية، فيمتاز الممر الهندي بتنوعه، وذلك على عكس عديدٍ من الممرات الدولية التي تركز على محور واحد، إذ يشمل خطوط سكك حديدية، وأنابيب لنقل الهيدروجين النظيف، وكابلات للطاقة والاتصالات. تهدف هذه الشمولية إلى تسهيل حركة التجارة والبضائع والأفراد، وتعزيز التعاون الاقتصادي بين الدول المشاركة من أجل تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية المستدامة الشاملة في منطقة الشرق الأوسط11.
وفي إطار التعمق بالمشاريع الهندية التنموية، يشكّل ممر دلهي - مومباي الصناعي Delhi-Mumbai Industrial Corridor أبرز مشاريع التنمية الصناعية في الهند، والذي يطمح بأهدافه الاستراتيجية إلى ربط العاصمة دلهي Delhi بالممر الصناعي مومباي Mumbai Industrial Corridor عبر شبكة من المناطق الصناعية المتكاملة. وتشمل المبادرات الهندية الأخرى في هذا المجال ممر الشحن الشرقي والغربي، وممر النقل بين الشمال والجنوب، بالإضافة إلى مشاريع إقليمية بما فيها ميناء تشابهار الإيراني Iran’s Chabahar Port، والتي تهدف مجتمعة إلى تعزيز البنية التحتية الصناعية والتجارية في الهند، وجعلها مركزًا صناعيًا عالميًا.
تنطلق السفن التجارية من ميناء تشابهار عبر بحر العرب لتصل إلى مختلف المواني الهندية، أبرزها مومباي وجوادر، فيوفر هذا المسار البحري عديدًا من المزايا، وبخاصةٍ أنه يتيح تجنب مضيق هرمز، ويُعزز العلاقات بين الهند وإيران، ويربط الهند بآسيا الوسطى. وبذلك، يمثل ميناء تشابهار عنصرًا حيويًا في تعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي وتقوية العلاقات التجارية الدولية13. إذًا، تجسد الممرات الاقتصادية الهندية محركًا رئيسًا للتنمية الشاملة في المنطقة، وترفع مكانة الهند في المجتمع الدولي كمركزٍ تجاري عالمي، ما يجذب الاستثمارات الأجنبية ويساهم في تنويع الاقتصاد.
2 . أبعاد إعلان الممر الاقتصادي الهندي
تتميز معظم الدول الواقعة ضمن نطاق الممر الهندي بإمكاناتٍ اقتصادية ضخمة بموجب ثرواتها الهائلة، جعلت منها قوة سياسية تؤدي أدوارًا بارزة للتأثير في مجريات الشؤون الإقليمية. يحظى الممر الهندي بدعمٍ كبير من الدول المشاركة، والتي ترى فيه فرصة لتحقيق أهدافها الاستراتيجية الخارجية وتطلعاتها الدولية لتعزيز مكانتها في المجتمع الدولي، وبخاصةٍ أن هذا الممر يتيح للدول تعزيز التعاون الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل، وهذا ما تؤكده خطة العمل التي تم إعدادها خلال 60 يومًا من إعلان الممر، ما يعكس جدية الدول في تنفيذه14.
تتبلور أبعاد المشروع في الرغبة الهندية الواضحة للانخراط ضمن سياسة الممرات الدولية وتحولها إلى مؤثر في خارطة المشاريع التجارية العالمية، بما يحقق الحلم الهندي بالريادة العالمية. إن هذا المشروع سوف يشكّل جزءًا أساسيًا من رؤية الهند في تحقيق نمو اقتصادي مستدام، فيتماشى مع جهود الهند لتعزيز روابطها التجارية مع الدول المجاورة.
تدعم الولايات المتحدة الأميركية هذا المشروع كجزءٍ من استراتيجيتها في حربها التجارية مع الصين ولمواجهة النفوذ الصيني المتزايد في المنطقة، لا سيما في ظل مبادرة الحزام والطريق الصينية وتفعيل مشاريعها التنموية التي بدأت تتضح أبعادها الاقتصادية والسياسية في منطقة الشرق الأوسط بتعزيز الدور الصيني دبلوماسيًا في المنطقة بتحقيق الاتفاق السعودي - الإيراني في المنطقة في عام 2023.
يرى صانعو القرار الأميركي في هذا المشروع فرصة لتقوية العلاقات مع الهند وتطوير التجارة الدولية أمام المشاريع التنموية التي تقودها الصين، الأمر الذي جعل الرئيس الأميركي جو بايدن Joe Biden يصف المشروع خلال قمة العشرين بالتاريخي. علاوة على ذلك، فإن هذا المشروع يأتي بموجب الرؤية الأميركية فرصة لتطوير مرفأ حيفا وتفعيل مكانته التجارية، ما سيسرّع الدمج الإسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط15.
أما على مستوى الخليج العربي، فتعكس رؤية المملكة العربية السعودية 2030، طموحًا متزايدًا في تنويع مصادر الدخل الاقتصادي وتعزيز سلاسل الإمداد العالمية عبر تعدد مساراتها وخطوطها. وقد أكد ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، التزام المملكة بدعم الممر عبر استثمار 20 مليار دولار ضمن مبادرة الشراكة العالمية للبنية التحتية والاستثمار16. إن هذا الالتزام يأتي بالتزامن مع ما حققته المملكة العربية السعودية من تقدّم ملحوظ في مؤشرات الأداء الاقتصادي، الأمر الذي عزز من مكانتها كقوةٍ اقتصادية مؤثرة على الصعيد الدولي لا سيما في ما يتعلق بتحقيق استقرار أسواق النفط العالمية.
أكدت الحرب الروسية – الأوكرانية الحاجة الملحة للدول الأوروبية إلى تنويع مصادر الطاقة لا سيما من دول الخليج العربي، فإن مشروع الممر الاقتصادي الهندي يمثل استجابة لهذه الحاجة، حيث يوفر فرصًا واعدة لتقليل الاعتماد على مصادر الطاقة الروسية. أضف إلى ذلك، قد يساهم الممر الاقتصادي الهندي في تعزيز التعاون الاستراتيجي وتحقيق التكامل الاقتصادي بين الدول المشاركة.
تكمن أهمية الممر الاقتصادي الهندي في تداعياته المتوقعة على الدول المشاركة، ومن بينها تعزيز مكانة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة إقليميًا ودوليًا مع اعتمادهما مبدأ تنويع الشراكات الاستراتيجية القائم على سياسة توازنية بعيدًا عن الانحياز لأي طرف في الحرب التجارية القائمة ما بين الولايات المتحدة الأميركية والصين.
يشكّل الممر الاقتصادي الهندي محورًا حيويًا في إعادة تشكيل النظام الاقتصادي العالمي، إذ يسعى لتعزيز مكانة الهند كقوةٍ اقتصادية عالمية منافسة للصين، إضافة إلى تلبية احتياجات الدول المشاركة ومصالحها. وعلى الرغم من الإمكانات الواعدة التي سوف يوفرها الممر، إلا أنه سيواجه عوائق جمّة، أبرزها التنافس الحاد مع مبادرة الحزام والطريق الصينية، والتحديات الاقتصادية والأمنية المتعلقة بتنفيذه في منطقة الشرق الأوسط غير المستقرة. إن هذا السباق بين المشاريع التنموية يجذب الانتباه إلى موقع لبنان ودوره أمام المبادرة الصينية من جهة والمشروع الهندي من جهة أخرى.
القسم الثاني
دور لبنان في ظل المبادرة الصينية والممر الهندي
إن لبنان بموقعه الجغرافي الاستراتيجي وإطلالته على البحر الأبيض المتوسط غربًا من جهة، وتعدد معابره البرية شرقًا وشمالًا من جهة أخرى، يمكنه تأدية دور محوري في المنافسة الاقتصادية الإقليمية. كان من المتوقع أن يستفيد لبنان من موقعه هذا في سياق السباق بين الممر الاقتصادي الهندي الذي سوف يمر جنوب لبنان وصولًا إلى مرفأ حيفا باتجاه جنوب البحر المتوسط، ومبادرة الحزام والطريق الصينية شمال لبنان ومروره تحديدًا بتركيا، والتي تسعى إلى ربط الصين بأوروبا عبر آسيا.
أصبح لبنان بسبب موقعه الاستراتيجي بوابة طبيعية نحو الأسواق الإقليمية والعالمية، ما يجعله شريكًا فاعلًا في مبادرة الحزام والطريق لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، لذا فإن انضمامه إلى هذه المبادرة سيساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني وفتح آفاق جديدة للاستثمار والتعاون مع الدول المشاركة.
إن واقع لبنان الذي يشهد أزمات متعددة الأوجه، والمتمثلة في الشغور الرئاسي، ووجود حكومة لتصريف الأعمال، وتفاقم الأزمة المصرفية وصولًا إلى انهيار العملة الوطنية وتراكم الديون الخارجية، فضلًا عن خسارة البنية التحتية لمرفأ بيروت بعد الانفجار الذي حدث في الرابع من آب من العام 2020. لذا، فإن هذه الأزمات المتراكمة قد تكون من العوامل التي قد ساهمت في استبعاد لبنان عن الممر الاقتصادي الهندي، وهذا الواقع المتناقض ما بين لبنان داخل مبادرة الحزام والطريق مقابل لبنان خارج الممر الاقتصادي الهندي، يطرح تساؤلات حول مستقبل موقع لبنان ودوره ما بين هذه المشاريع التنموية الدولية.
أولاًً: لبنان داخل مبادرة الحزام والطريق
أدركت الصين أهمية الدور اللبناني التاريخي في المنطقة بتنوعه الثقافي والحضاري وانتشار مغتربيه في العالم، فاستقطبته إلى مبادرة الحزام والطريق، والتي من شأنها أن تعزز من المنفعة المتبادلة لكلا الطرفَين، وتجعله مركزًا للتبادل التجاري والثقافي بين الشرق والغرب.
انضم لبنان في العام 2017 إلى مبادرة الحزام والطريق، بتوقيع مذكرة تفاهم بين حكومته وحكومة الصين الشعبية تتمحور حول الترويج المشترك للتعاون، والتي تتضمن مذكرة تؤكد حيثياتها أهمية تعاون الجانبَين في المجالات الاقتصادية والثقافية ذات الاهتمام المشترك والأبعاد التنموية، كما انضم لبنان إلى البنك الآسيوي للاستثمار في العام 2018، الأمر الذي يعكس متانة العلاقات الصينية – اللبنانية في ضوء المشاريع التنموية17.
1 . العلاقات الصينية – اللبنانية
برزت أهمية العلاقة اللبنانية - الصينية منذ القدم، وذلك بفضل الموقع الاستراتيجي للبنان على طريق الحرير البحري. كان مرفأ بيروت مركزًا تجاريًا حيويًا، يشكّل نقطة عبور رئيسة للبضائع الصينية المتجهة إلى أوروبا، فقد ساهم هذا التعاون التجاري التاريخي في تعزيز الروابط بين البلدَين.
بدأت العلاقات اللبنانية - الصينية رسميًا في 9 تشرين الثاني من العام 1971، وشهدت منذ ذلك الحين تطورًا مستمرًا في المجالات التجارية والثقافية والتكنولوجية. وبعد انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية، شهد التعاون بين البلدَين دفعة قوية، لا سيما في مجال البنية التحتية والاستثمار.
في العقدَين الأخيرَين، زادت الصين من وجودها الاقتصادي في لبنان وتحديدًا تجارة المنتوجات الصناعية، واعتبارًا من العام 2013 تاريخ إطلاق مبادرة الحزام والطريق حيث أصبح لبنان جزءًا من المبادرة في العام 2017 فتركزت استثماراتها على البنية التحتية ومشاريع المواني والطاقة والنقل. إضافة إلى التعاون في المجالَين الصحي والثقافي، تم توقيع عديدٍ من الاتفاقيات التجارية والتنموية بين البلدَين خلال العام 2023، بما فيها اتفاقية التجارة الحرة واتفاقية التعاون في مجال البنية التحتية، ما شكّل خطوة نحو تعزيز هذه الشراكة الاستراتيجية وفتح مجموعة من الآفاق الجديدة للتعاون المشترك في مختلف المجالات18.
كل ذلك على الرغم من أن لبنان يعاني من أزمة ديون خانقة، مقرونة بمستوياتٍ عالية من سوء الإدارة والفساد، كما يؤكد مؤشر منظمة الشفافية الدولية الذي صنف لبنان في العام 2022 في المرتبة 150 عالميًا، لا تعكس سوى تفاقم الأزمة المالية التي تواكبها البلاد أمام تفاقم التدهور الاقتصادي، فحاز لبنان بموجب تقرير الصندوق الدولي المرتبة الأولى في المنطقة من حيث المديونية في العام 19.2023
وأمام هذه التطورات، برزت الصين كدولةٍ داعمة، حيث زادت من اهتماماتها بالشأن اللبناني بتقديمها مساعدات في مختلف القطاعات الإنتاجية من أجل دعم الاقتصاد اللبناني وتعزيز التعاون الثنائي بين البلدَين، لما يمتلك لبنان من تنوع ثقافي واجتماعي ومساعيه في تحديث قطاعاته الاقتصادية الإنتاجية المتنوعة بالتزامن مع طاقة اغترابية قوية، الأمر الذي جعل منه شريكًا جذابًا للصين في مبادرة الحزام والطريق. وبعد حادثة انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب 2020، سارعت الصين إلى مساعدة الشعب اللبناني فأرسلت المساعدات الغذائية والطبية اللازمة.
أما بالنسبة إلى مساهمة الصين في إعادة إعمار مرفأ بيروت، فقد أعرب السفير الصيني في لبنان تشيان مينجيان Qian Mingyang عن طموحات الشركات الصينية في تقديم مشاريع لإعادة إعماره. هذا ما أكده وزير الأشغال العامة والنقل اللبناني علي حمية عبر منصة إكس X قائلًا: «إن وفدًا من شركة صينية تُعنى بقطاع المرافئ قادم إلى لبنان وسوف يقوم بزيارةٍ إلى مرفأ طرابلس، وذلك لدراسة مشاريع توسعة المرافئ اللبنانية وتطويرها، وهذا سيكون بداية التعاون مع الصين»21. ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل أبدت الصين مرارًا وتكرارًا اهتمامها بلبنان واستقراره، وقد ترجم هذا الاهتمام في دعمها للجيش اللبناني في مجالات مختلفة، وتعزيز التعاون الاقتصادي مع لبنان، وهذا ما يفتح آفاقًا جديدة لتنامي العلاقات بين البلدَين بموجب مبادرة الحزام والطريق ومشاريعها التنموية.
2 . المبادرة الصينية فرصة تعافي أمام لبنان
وقّعت الصين، في إطار مبادرة الحزام والطريق، أكثر من 200 اتفاقية تعاون مع أكثر من 150 دولة ومنظمة دولية، وقد عززت هذه المبادرة من مكانة الصين كشريكٍ تجاري رئيس للدول العربية. وشهد التعاون الصيني - اللبناني تطورًا ملحوظًا، تجسّد في دعم مشاريع كبرى متنوعة، بما فيها تطوير المواني اللبنانية لا سيما تحديث ميناء طرابلس، وإعداد دراسات حول إحياء السكك الحديدية بهدف تطوير شبكة النقل بالتوازي مع تقديم مساعدات تقنية لتطوير مشاريع الطاقة المتجددة في لبنان، وتقديم مساعدات تنموية في المجالات الصحية بما في ذلك الدعم التقني لإنشاء مستشفى دير القمر الحكومي، ومعهد الموسيقى الوطني اللبناني في المارينا - ضبية، بالتزامن مع دعم مشاريع تنموية مستقبلية كمشروع نفق بيروت - البقاع.
وفي الذكرى الخمسين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين لبنان والصين، تبرز أهمية الدور الذي يمكن أن يؤديه لبنان في المبادرة الصينية، لا سيما أن خصوصية موقعه الاستراتيجي تتيح له أن يستفيد بشكلٍ كبير من هذه المبادرة، ويحوّلها إلى فرصة حقيقية لإنعاش اقتصاده وتسريع عجلة التنمية في البلاد22.
لطالما أولت الصين اهتمامًا كبيرًا بتعزيز التعاون الأكاديمي مع لبنان، وقد تجسّد هذا الاهتمام من خلال مجموعة واسعة من المبادرات والبرامج التي تهدف إلى تطوير النظام التعليمي اللبناني، ومن أبرزها: تقديم منح دراسية للطلاب اللبنانيين للالتحاق بالجامعات الصينية، والتي تشمل تخصصات متنوعة تغطي مختلف مجالات العلوم والتكنولوجيا والإنسانيات.
أثبتت الصين خلال جائحة كوفيد-19 التزامها بدعم النظام التعليمي في لبنان، فقدّمت مساعدات تقنية متقدمة لتطوير آليات للتعليم عن بُعد وتأمين استمرارية العملية التعليمية للطلاب اللبنانيين. ولم تقتصر مساهمات الصين عند هذا الحد، بل امتدت لتشمل تبادل الأكاديميين والباحثين والطلاب بين الجامعات اللبنانية والصينية. إن هذه البرامج التبادلية تساهم في تعزيز التعاون البحثي المشترك في مختلف المجالات الأكاديمية، ما يعزز من مكانة المؤسسات التعليمية اللبنانية على الساحة الدولية.
ساهمت الصين في إنشاء معاهد كونفوشيوس في عديدٍ من الجامعات اللبنانية، والتي تؤدي دورًا حيويًا في نشر اللغة والثقافة الصينية. ولم تغفل الصين عن أهمية تطوير الكفاءات المهنية في لبنان، إذ قدّمت برامج تدريبية متخصصة من أجل تطوير القطاعات الإنتاجية وتعزيز تنافسية الاقتصاد اللبناني.
إن هذه المبادرة التي أطلقتها الصين بهدف تعزيز التعاون التجاري والاستثماري على المستوى العالمي، تحمل في طياتها عديدًا من الإيجابيات التي يمكن أن تعود بالفائدة على لبنان. إذ تجذب استثمارات صينية مباشرة إلى لبنان، ما يساهم في تحسين الاقتصاد المتدهور للبلاد، الأمر الذي يعزز من الصادرات اللبنانية إلى الصين والأسواق الآسيوية. كذلك، من الممكن أن يستفيد لبنان من المبادرة في تنويع شركائه الاقتصاديين، ما يُقلل من المخاطر ويجعل الاقتصاد اللبناني أكثر مرونة مع خلق آلاف فرص العمل في مختلف القطاعات التي من شأنها أن تخفف من حدة البطالة التي يعاني منها لبنان.
يمكن للاستثمارات الصينية أن تدعم الاقتصاد اللبناني المتعثر من خلال زيادة السيولة وتوفير التمويل اللازم لتنفيذ المشاريع التنموية، فتساهم بدورها في تحسين الميزان التجاري للبنان وتقليل عجز الموازنة. كذلك، توفر المبادرة للبنان فرصة الاستفادة من الخبرة الصينية الاقتصادية، ما يؤدي إلى تحديث الاقتصاد اللبناني وزيادة إنتاجيته.
يمتلك لبنان مقومات أساسية تجعله شريكًا بارزًا في مبادرة الحزام والطريق، ومع ذلك، فإن الاستفادة القصوى من هذه المبادرة مشروطة بوجود برنامج إصلاحي يهدف إلى مكافحة الفساد، وتأمين الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي. لذا، إن إغفال هذه الإصلاحات يعيق قدرة لبنان على استثمار موقعه الاستراتيجي وجذب الاستثمارات الصينية.
ثانيًا: لبنان خارج الممر الاقتصادي الهندي
يشكّل استبعاد لبنان عن الممر الاقتصادي الهندي منعطفًا حادًا في مسار التطورات الإقليمية، ويطرح تساؤلات جدية حول مستقبل البلاد، فغياب لبنان عن هذا المشروع قد يحرمه من فرص جذب الاستثمارات وتعزيز التجارة، ما يزيد من حدة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها.
ولكن على الرغم من أن المشروع يشكّل فرصة تاريخية لناحية ازدهار التجارة، فإن استبعاد دول الصين، إيران، تركيا، باكستان، مصر ولبنان، سيحفّز من احتدام السباق الدولي القائم في ضوء تعاظم التحديات أمام الدول النامية والفرص الضائعة لتطوير اقتصاداتهم المتأزمة بما في ذلك لبنان.
1 . تأثير استبعاد لبنان عن الممر الهندي
أوجد مشروع الممر الاقتصادي الهندي جدلًا واسعًا في لبنان، فيُخشى من تقليل أهمية لبنان الاستراتيجية في المنطقة بتحييده عن المشروع كمحطة وصل رئيسة، لطالما كانت محورية عبر التاريخ، وحيوية للتجارة والنقل البحري وسلاسل الإمداد العالمية.
واكب لبنان مؤخرًا منعطفات أمنية، سياسية واقتصادية مهمة أخرجت مرفأ بيروت من دوره التاريخي الحيوي، وذلك منذ دخول المنطقة في تحولات استراتيجية تمثّلت بالربيع العربي، والأزمة السورية مرورًا بتنظيم داعش الإرهابي واتفاقيات أبراهام إبرام وما رافقها من اتفاقيات اقتصادية مع بعض دول المنطقة، إلى جانب الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة.
تُوّجت هذه التحديات بانفجار مرفأ بيروت الذي ألحق دمارًا هائلًا بالمنشآت الحيوية، فعرقل عجلة التجارة بالتزامن مع احتدام الأزمة الاقتصادية اللبنانية، الأمر الذي أضعف قدرة المرفأ على التعافي. وفي المقابل وعلى الرغم من أن النتائج النهائية لا تزال غير حاسمة، فإن اكتشاف حقول الغاز الطبيعي قبالة السواحل اللبنانية يمثّل نقلة نوعية للبلاد كونها ستفتح آفاقًا واسعة لإستخراج الغاز وتوليد الطاقة وتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة.
من المتوقع أن يُسفر استبعاد لبنان عن الممر الاقتصادي الهندي ارتدادات مباشرة على الاقتصاد اللبناني، والذي يعتمد على إيرادات المرفأ من الرسوم الجمركية وخدمات الشحن. بالإضافة إلى ذلك، إنّ أي تراجع في هذه الإيرادات سيؤثّر في قدرة الدولة عند تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين.
إن تهميش الموقع الجغرافي للبنان سيفقده بالتالي ميزته التجارية باعتباره تاريخيًا من أصلح المواني لرسوّ السفن مع تحويل مسار التجارة عبر الممر الجديد، ما سيترك ارتدادات سلبية على دوره في تعزيز التواصل الثقافي والتكامل الاقتصادي بين الهند والخليج العربي وأوروبا، كما سيؤثر في جاذبية لبنان كوجهةٍ استثمارية وحضارية ويُعيق نموه الاقتصادي. لذا، فإن عدم مشاركة لبنان في هذا الممر سيؤدي إلى تداعيات سلبية على الاقتصاد اللبناني، بما فيها تفويت فرص تنميته، وتفعيل علاقاته التجارية مع المجتمع الدولي.
سيؤدي عدم المشاركة إلى فقدان فرص استثمارية ضخمة، فالمستثمرون العالميون يفضلون الدول التي تشارك في الممرات الاقتصادية الكبرى، حيث توفر بيئة جاذبة للاستثمار من خلال تسهيل التجارة وتخفيض تكاليف النقل والشحن. وبالتالي، فإن لبنان سيخرج من دائرة اهتمام هذه الشركات، ما سيؤدي إلى عزلة اقتصادية متزايدة، ويعني فقدان لبنان لفرص خلق وظائف وزيادة النمو الاقتصادي.
أمام هذا الواقع، سيشهد لبنان تراجعًا في تنافسية الاقتصاد اللبناني، فالدول المشاركة في الممرات الاقتصادية تستفيد من ميزة خفض تكاليف النقل وسرعة وصولها، ما يزيد من تنافسية منتجاتها في الأسواق العالمية. ولكن في المقابل، لا يستفيد لبنان من هذه الميزة بل سيقلل من قدرة منتجاته على المنافسة في الأسواق الخارجية، ما سيؤدي إلى انخفاض الصادرات اللبنانية وتراجع الاقتصاد.
إن هذا الاستبعاد سيُـثير تساؤلات حول مستقبل المشروع وارتداداته، وبخاصةٍ أنه يُفاقم من التوترات الإقليمية مع مشاركة «إسرائيل» فيه، ما سيُحدث تحديات إضافية أمام لبنان مع تنامي الدور الاقتصادي لها في المنطقة جراء هذا المشروع. وقد وصف رئيس وزراء العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المشروع بأنه «أكبر مشروع تعاون في تاريخنا كونه سيساهم في تغيير وجه الشرق الأوسط و«إسرائيل» وأوروبا»23. وهذا ما يعكس تطورًا استراتيجيًا حادًا في المشهد الإقليمي، فيحمل في طياته تداعيات على تصدير الصناعات والمنتوجات اللبنانية بما فيها الزراعية والغذائية وغيرها. وسيُسفر استبعاد لبنان عن ارتفاع حظوظ «إسرائيل» التي تسعى إلى ترسيخ دورها لتطبيع علاقاتها مع الدول العربية وتعميق التعاون الاقتصادي معها. لذا، لربما أتت الأحداث الأخيرة لتوقف مفعول هذا الممر المستقبلي وبالتالي عرقلة اتفاقيات أبراهام بما فيها المعاهدات المتعلقة بها.
2 . احتمالية انضمام لبنان إلى الممر
يمثّل انضمام لبنان إلى الممر الاقتصادي الهندي مسألة ذات أهمية استراتيجية بالغة إذا ما حصل ذلك، وبخاصةٍ في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية التي يواجهها، فدخول لبنان في هذا المشروع قد يكون تحوّلًا نحو تحسين أوضاعه الاقتصادية وتعزيز استقراره.
إن النهوض بالقطاعات اللبنانية هو أمر حيوي لتحقيق التنمية المستدامة في البلاد، من خلال الاستثمار في القطاعات الإنتاجية والخدماتية. لذلك، فإن انضمام لبنان إلى الممر الاقتصادي الهندي يمثّل فرصة لدفع عجلة التنمية، لا سيما مع وجود توقعات باكتشاف ثروات نفطية وغازية في مياهه الإقليمية.
أمام هذا الواقع، يتطلب التعامل مع الانعكاسات المحتملة للممر الهندي على لبنان معرفة عميقة بآثار هذا المشروع في الاقتصاد اللبناني في حال الانضمام إليه. سيمثّل الممر الهندي في هذه الحالة فرصة ذهبية لتعزيز النمو الاقتصادي في لبنان من خلال تسهيل حركة البضائع، تطوير المواني، زيادة حجم التجارة وتعزيز التبادل التجاري مع الدول الآسيوية والأوروبية.
إن الانضمام إلى الممر الاقتصادي الهندي من شأنه أن يسهّل عملية تصدير الغاز الطبيعي اللبناني إلى أوروبا وبأسعارٍ تنافسية، كما من الممكن أن يحصل لبنان على تمويل لتطوير البنية التحتية اللازمة لتصدير الغاز ودعمها، ما يسرّع من عملية تطوير هذا القطاع الحيوي للاقتصاد اللبناني. لذا، فإن هذا الممر يشكّل فرصة واعدة لـلبنان، ولكن تحقيق الاستفادة القصوى من هذه الفرصة يتطلب تضافر الجهود وتجاوز التحديات التي تواجه البلاد.
الخلاصة
يدفع السباق الدولي الحاد إلى إعادة رسم خريطة التجارة العالمية، والذي تجسّد في مشاريع تنموية ضخمة كمبادرة الحزام والطريق الصينية والإعلان عن الممر الاقتصادي الهندي المدعوم من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية. إن هذا السباق الدولي في المنطقة يفرض على الدول النامية اتخاذ مواقف بشأن الشراكات الاستراتيجية التي ستدعمها.
ونظرًا إلى وجود لبنان في قلب هذه المنطقة، التي ستشهد منافسة ما بين المشاريع الصينية والهندية، وهذه المنافسة ستؤثّر في دور لبنان التجاري وتحدياته أمام معادلة انضمامه لمبادرة الحزام والطريق مقابل استبعاده من الممر الهندي المرتقب.
تمثّل مبادرة الحزام والطريق والممر الاقتصادي الهندي المرتقب تحولات استراتيجية في النظام الاقتصادي العالمي، إذ تسعيان إلى إعادة تشكيل الخريطة الاقتصادية والسياسية وتأمين مكانة دولية أكبر لكل من الصين والهند، ما يخلق تنافسًا أكثر احتدامًا يؤثر بشكلٍ كبير في النظام الاقتصادي العالمي ويطرح تحديات وفرصًا جديدة أمام الدول. كذلك، يثير في الوقت نفسه تساؤلات حول التداعيات الجيو-سياسية المحتملة لهذه الشراكات المتنامية وتأثيرها في توازن القوى في المنطقة.
تسعى الصين من خلال هذه المبادرة إلى تعزيز نفوذها العالمي، إلا أنها تثير مخاوف بشأن الديون والاستدامة، وبخاصةٍ في الدول النامية. في المقابل، يمثّل الممر الاقتصادي الهندي فرصة لتعزيز التعاون الإقليمي، لكن نجاحه سيتطلب تضافر الجهود وتجاوز التحديات الإقليمية والاقتصادية.
إن انضمام لبنان إلى مبادرة الحزام والطريق يجسّد فرصة تاريخية لتحقيق التنمية الاقتصادية في البلاد، فمن خلالها سيتمكن لبنان من جذب الاستثمارات الصينية، وتطوير قطاعاته الإنتاجية. إلا أن لبنان يواجه عدة تحديات قد تعيق استفادته الكاملة من هذه المبادرة، منها: الأزمة الاقتصادية الحالية، سوء الإدارة والفساد، وعدم الاستقرار السياسي.
إن احتمالية عدم استبعاد لبنان من الممر الاقتصادي الهندي يشكّل فرصة تاريخية لتحقيق نقلة نوعية في الاقتصاد اللبناني، من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية، تطوير شبكة النقل وتعزيز التكامل الاقتصادي مع الأسواق العالمية، إلا أن هذا الانضمام سيتطلب إصلاحات هيكلية جوهرية، تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد، لضمان الاستفادة القصوى من هذه الفرصة. أما استبعاد لبنان عن هذا المشروع، فسيؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية، تعميق العزلة، وفقدان فرص النمو والتنمية.
لا بد أن تتكيف الصين مع التطورات الإقليمية من خلال تعزيز مرونة مبادرة الحزام والطريق، توسيع نطاق التعاون الاقتصادي، معالجة التحديات الأمنية وبناء شراكات استراتيجية مع الدول المؤثرة في المنطقة، وذلك لربط الأسواق وتوسيع النفوذ الصيني في مواجهة المنافسة المتزايدة من الممر الهندي. قد يكون من الأجدى لتعزيز فرص الاستفادة القصوى للبنان من المبادرة الصينية أن يُعتمد مرفآ بيروت وطرابلس من المواني الأساسية لمشاريعها، على أن يتم تقديم تسهيلات بعمليات التمويل والاقتراض من جهة وسداد الديون من جهة أخرى.
لتعزيز مكانة الممر الهندي المرتقب، ترتكز الهند على بناء شراكات استراتيجية مع دول المنطقة بما فيها لبنان رغم استبعاده من المشروع، وتبنّي سياسات اقتصادية مرنة، والاستثمار في التقنيات الحديثة، وذلك لخلق منطقة اقتصادية متكاملة وقادرة على المنافسة، ما سيعزز من علاقاتها الثنائية مع لبنان من خلال التعاون في مختلف المجالات الإنتاجية والخدماتية. إنّ هذا الواقع سيساهم في تنويع الاقتصاد اللبناني وخلق فرص عمل جديدة، ويعزز استقرار المنطقة.
من المهم أن يعمل لبنان على تحقيق أقصى استفادة من المشاريع الدولية التنموية وتعزيز مكانته الإقليمية، باتخاذ مجموعة من الإجراءات، تشمل تطوير شبكة المواصلات وتفعيل الاستقرار السياسي والأمني والمالي في البلاد، وتوفير بيئة استثمارية جاذبة، وتطوير الكوادر البشرية، وذلك لجعله مركزًا تجاريًا رئيسًا على هذا المسار وتحقيق نمو اقتصادي مستدام.
إنّ منطقة الشرق الأوسط المتجذرة بأزماتها المتشابكة وتطوراتها الأمنية المستجدة فرضت على دول المنطقة وبخاصةٍ لبنان عدم الاستفادة من المشاريع التنموية والممرات الدولية التجارية المتنافسة والتي يعتمد نجاحها على الاستقرار الإقليمي. هذا الواقع يطرح آفاقًا لتساؤلاتٍ حول جدلية العلاقة ما بين إطلاق هذه المشاريع وفعالية نجاحها أمام التطورات الأمنية الراهنة في المنطقة.
المصادر والمراجع
أولاً- الكتب باللغة العربية
1. الريس، علاء نديم، طريق الحرير: قراءة معاصرة لدور محاور التجارة الدولية في قيام وسقوط الإمبراطوريات والدول، مركز التاريخ العربي للنشر، الطبعة الثانية، سوريا، 2022.
2. لي، تشاو، مبادرة الحزام والطريق الصينية من منظور الاقتصاد الثقافي العالمي، منشورات ضفاف، الطبعة الأولى، الرباط، 2018.
ثانيًا- الدراسات البحثية
1. العربي، أميرة، بعد مرور 10 سنوات على مبادرة الحزام والطريق، ماذا تعرف عنها؟، CNN عربية، 23/10/2023، الموقع الإلكتروني: CNN الاقتصادية (cnnbusinessarabic.com).
2. مزارعي، عدنان، غيوم الديون تخيم على منطقة الشرق الأوسط، مجلة التمويل والتنمية لصندوق النقد الدولي، أيلول 2023، الموقع الإلكتروني: غيوم الديون تخيم على منطقة الشرق الأوسط (imf.org).
3. الصمادي، فاطمة، ميناء تشابهار؛ أهمية متعاظمة لعلاقات أفغانستان- إيران- الهند، مركز الجزيرة للدراسات، 28/3/2019، الموقع الإلكتروني: مركز الجزيرة للدراسات (aljazeera.net).
4. فارسي، به زبان، الممر التجاري العالمي الهندي-الشرق أوسطي-الأوروبي. الفرص والتحديات، المعهد الدولي للدراسات الإيرانية RASANAH، 5/10/2023، الموقع الإلكتروني: المعهد الدولي للدراسات الإيرانية (rasanah-iiis.org).
5. برو، تمارا، خمسون عامًا على العلاقات الصينية اللبنانية، تعاون مستمر وتضامن في السراء والضراء، ARABIC PEOPLE ، 10/11/2021، الموقع الإلكتروني: (people.com.cn).
ثالثًا- المواقع الإلكترونية
1. إنامدار د، هل يستطيع مشروع الممر الهندي الأوروبي منافسة مبادرة الحزام والطريق الصينية؟، بي بي سي نيوز، 2/10/2023، الموقع الإلكتروني:
https://www.bbc.com/arabic/articles/c4n4x8x23jlo.
٢. المنشاوي، علاء، قصة «الممر الاقتصادي»، طموحات كبيرة ومشروع سيغير الشرق الأوسط، العربية.نت، 11/9/2023، الموقع الإلكتروني: قصة «الممر الاقتصادي».. طموحات كبيرة ومشروع سيغير الشرق الأوسط (alarabiya.net).
3. المرجع الإلكتروني للمعلوماتية، ترتيب الدول العربية على مؤشر مدركات الفساد العالمي، 5/2/2023، الموقع الإلكتروني: منظمة الشفافية الدولية أصدرت مؤشر مدركات الفساد لعام 2022، الذي يصنف 180 دولة ومنطقة حول العالم من خلال المستويات المتصورة لفساد القطاع العام.. فكيف صنفت الدول العربية ؟ (almerja.com).
4. بريكس في 2024.. قوة اقتصادية هائلة مع انضمام هذه الدول، سكاي نيوز عربية، 2024، الموقع الإلكتروني: سكاي نيوز عربية (skynewsarabia.com).
5. طريق الحرير، الحزام والطريق، سكاي نيوز عربية، 2017، الموقع الإلكتروني: https://www.skynewsarabia.com.
٦. نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي، المعهد اللبناني لدراسات السوق، 2024، الموقع الإلكتروني: نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي .
٧. كيف علّق نتنياهو على الإعلان عن إقامة مشروع الممر الاقتصادي لربط الهند بأوروبا عبر الشرق الأوسط؟، CNN بالعربية، 10/9/2023، الموقع الإلكتروني: CNN Arabic.
رابعًا- الكتب باللغة الأجنبية
1. Doe.J, Digital Currencies: A New Monetary Paradigm for a Volatile World, MIT Press, Cambridge, MA,2023.
2. The White House, Memorandum of Understanding on the Principles of an India – Middle East – Europe Economic Corridor, 9/9/2023, Accessed on:https://cutt.us/TCfhb.
3. Thomas Brading, Memorandum of Understanding on the Principles of an India – Middle East – Europe Economic Corridor, The white house, Service, 9 September 2023, Site: The White House.
الهوامش
1 علاء نديم الريّس، طريق الحرير: قراءة معاصرة لدور محاور التجارة الدولية في قيام وسقوط الإمبراطوريات والدول، مركز التاريخ العربي للنشر، الطبعة الثانية، سوريا، 2022، ص 25.
2 تشاو لي، مبادرة الحزام والطريق الصينية من منظور الاقتصاد الثقافي العالمي، منشورات ضفاف، الطبعة الأولى، الرباط، 2018، ص 20.
3 طريق الحرير الحزام والطريق، سكاي نيوز عربية، 2017، الموقع الإلكتروني، https://www.skynewsarabia.com، تاريخ الدخول: 15/7/2024.
4 أميرة العربي، بعد مرور 10 سنوات على مبادرة الحزام والطريق.. ماذا تعرف عنها؟، CNN عربية، 23/10/2023، الموقع الإلكتروني: بعد مرور 10 سنوات على مبادرة الحزام والطريق.. ماذا تعرف عنها؟ - CNN الاقتصادية (cnnbusinessarabic.com)، تاريخ الدخول: 16/7/2024.
5 أميرة العربي، مرجع سابق.
6 تشاو لي، مرجع سبق ذكره، ص 75.
7 إنامدار د، هل يستطيع مشروع الممر الهندي الأوروبي منافسة مبادرة الحزام والطريق الصينية؟، بي بي سي نيوز، 2/10/2023، الموقع الإلكتروني: https://www.bbc.com/arabic/articles/c4n4x8x23jlo، تاريخ الدخول: 17/7/2024.
8 بريكس في 2024. قوة اقتصادية هائلة مع انضمام هذه الدول، سكاي نيوز عربية، 2024، الموقع الإلكتروني: بريكس في 2024.. قوة اقتصادية هائلة مع انضمام هذه الدول | سكاي نيوز عربية (skynewsarabia.com)، تاريخ الدخول: 17/7/2024.
9 Thomas Brading, Memorandum of Understanding on the Principles of an India – Middle East – Europe Economic Corridor, The white house, Service, 9 September 2023, Site: Memorandum of Understanding on the Principles of an India - Middle East - Europe Economic Corridor | The White House, 17/7/2024.
10 The white House, Memorandum of Understanding on the Principles of an India – Middle East – Europe Economic Corridor, 9/9/2023, Accessed on: https://cutt.us/TCfhb, 17/7/2024.
11 علاء المنشاوي، قصة "الممر الاقتصادي"، طموحات كبيرة ومشروع سيغير الشرق الأوسط، العربية.نت، 11/9/2023، الموقع الإلكتروني: قصة "الممر الاقتصادي".. طموحات كبيرة ومشروع سيغير الشرق الأوسط (alarabiya.net)، تاريخ الدخول: 17/7/2024.
12 فاطمة الصمادي، ميناء تشابهار؛ أهمية متعاظمة لعلاقات أفغانستان- إيران- الهند، مركز الجزيرة للدراسات، 28/3/2019، الموقع الإلكتروني: ميناء تشابهار؛ أهمية متعاظمة لعلاقات أفغانستان- إيران- الهند | مركز الجزيرة للدراسات (aljazeera.net)، تاريخ الدخول: 17/7/2024.
13 فاطمة الصمادي، مرجع سابق.
14 به زبان فارسي، الممر التجاري العالمي الهندي-الشرق أوسطي- الأوروبي الفرص والتحديات، المعهد الدولي للدراسات الإيرانية RASANAH، 5/10/2023، الموقع الإلكتروني: الممر التجاري العالمي الهندي-الشرق أوسطي-الأوروبي، الفرص والتحديات | المعهد الدولي للدراسات الإيراني (rasanah-iiis.org)، تاريخ الدخول: 19/7/2024.
15 به زبان فارسي، مرجع سابق.
16 به زبان فارسي، مرجع سابق.
17 تمارا برو، خمسون عامًا على العلاقات الصينية اللبنانية، تعاون مستمر وتضامن في السراء والضراء،ARABIC PEOPLE ، 10/11/2021، الموقع الإلكتروني: مقالة: خمسون عامًا على العلاقات الصينية اللبنانية، تعاون مستمر وتضامن في السراء والضراء (people.com.cn)، تاريخ الدخول: 22/7/2024.
18 تمارا برو، مرجع سابق.
19 ترتيب الدول العربية على مؤشر مدركات الفساد العالمي، المرجع الإلكتروني للمعلوماتية، 5/2/2023، الموقع الإلكتروني: منظمة الشفافية الدولية أصدرت مؤشر مدركات الفساد للعام 2022، الذي يصنف 180 دولة ومنطقة حول العالم من خلال المستويات المتصورة لفساد القطاع العام، فكيف صنفت الدول العربية ؟ (almerja.com)، تاريخ الدخول: 20/9/2024.
20 عدنان مزارعي، غيوم الديون تخيّم على منطقة الشرق الأوسط، مجلة التمويل والتنمية لصندوق النقد الدولي، أيلول 2023، الموقع الإلكتروني: غيوم الديون تخيم على منطقة الشرق الأوسط (imf.org)، تاريخ الدخول: 22/9/2024.
21 تمارا برو، مرجع سبق ذكره.
22 تمارا برو، مرجع سابق.
23 كيف علّق نتنياهو على الإعلان عن إقامة مشروع الممر الاقتصادي لربط الهند بأوروبا عبر الشرق الأوسط؟، CNN بالعربية، 10/9/2023، الموقع الإلكتروني: كيف علّق نتنياهو على الإعلان عن إقامة مشروع الممر الاقتصادي لربط الهند بأوروبا عبر الشرق الأوسط؟ - CNN Arabic، تاريخ الدخول: 22/9/2024.
Lebanon between the Chinese Silk Road and the Indian Corridor: Future and Prospects
Brigadier General James Moussa
This study addresses Lebanon's strategic position in the growing geopolitical rivalry between China and India, embodied in China's Belt and Road Initiative and the Indian Economic Corridor Project. The study seeks to analyze the implications of Lebanon's involvement in these initiatives and to identify the
opportunities and challenges facing Lebanon in this context.
This study examines the depth of China-Lebanon's relationship and how Lebanon can benefit from the Chinese initiative to strengthen its infrastructure and diversify its trading partners. It also highlights opportunities for Lebanon to attract Chinese investment, especially in promising sectors such as energy, infrastructure, and transport. The study also discusses the challenges Lebanon may face in engaging in this initiative, such as debt and project transparency.
The study examines the reasons for Lebanon's exclusion from the Indian economic corridor and analyzes the implications of such exclusion for the Lebanese economy. The study also examines Lebanon's possibilities to join this corridor in the future and how to exploit its strategic geographical position to attract Indian investments.
The study concludes by presenting a future vision of Lebanon's position in the light of the growing geopolitical rivalry between China and India. It also emphasizes the importance of Lebanon strengthening its relations with all friendly international parties and benefiting from competition among the major powers to achieve its national interests. The study also stresses Lebanon's need for substantive economic and political reforms so that it can take full advantage of the opportunities available. The study offers a set of recommendations that will help Lebanon benefit from the Chinese and Indian initiatives and strengthen its role as a bridge for East-West communication. These include the need to develop infrastructure, diversify the economy, promote transparency and governance, develop human competencies, and strengthen economic diplomacy.
Liban entre la route de la soie chinoise et le corridor indien : avenir et perspectives
Général de Brigade James Moussa
Cette étude porte sur la position stratégique du Liban dans la rivalité géopolitique croissante entre la Chine et l’Inde, incarnée par l’initiative chinoise de ceinture et route et le projet de corridor économique indien.
L’étude vise à analyser les implications de la participation du Liban à ces initiatives et à identifier les opportunités et les défis auxquels le Liban est confronté dans ce contexte.
Cette étude examine la profondeur des relations sino-libanaises et comment le Liban peut bénéficier de l’initiative chinoise visant à renforcer ses infrastructures et à diversifier ses partenaires commerciaux. Il met également en évidence les possibilités pour le Liban d’attirer des investissements chinois, notamment dans des secteurs prometteurs tels que l’énergie, les infrastructures et les transports. L’étude examine également les défis que le Liban pourrait rencontrer en participant à cette initiative, comme la dette et les projets de la transparence.
L’étude examine les raisons de l’exclusion du Liban du corridor économique indien et analyse les conséquences d’une telle exclusion sur l’économie