- En
- Fr
- عربي
للحرب طبل وللسّلام طبول
عادت إسرائيل لترفع الوتيرة، مبشّرة بالمعارك ومعلنة الويل والثبور، ومطلقة التهديدات في كلّ اتجّاه، مما يؤكدّ، تكراراً واستمراراً، أن عمر دولتها مرتبط بالحرب من دون غيرها، فلعلّ القواميس في إسرائيل لا تتسع لتلك الكلمة البسيطة الطيّبة المختصرة: سلام. ولعلّ التهّور الذي يبديه قادة تلك الدولة قد يصل إلى نقطة اللاّرجوع مع مشهد الخيول والرماح وبهلوانيات اللعّب بالنار. صحيح أن احتمالات السّلام موجودة هي الأخرى، تماماً كما هي موجودة احتمالات الحرب، لا بل أكثر وأشمل وأوسع، إلاّ أن التهّور والتطرف قد يطيحان الأمور، بل قد يذهبان بها أدراج الرياح، وهذا ما يدركه العالم بعد فوات الأوان، أما العدو فلا يدركه على الإطلاق. إن مسؤولية المجتمع الدولي واضحة في عدم ترسيخ السلام، فمن أين تحصل إسرائيل على معظم سلاحها؟ وكيف لها أن تفشل التصويت على القرارات التي لا تعجبها في المحافل الدولية؟ وكيف لها بالتالي أن تعطّل تنفيذ القرارات العادلة القليلة التي تظفر بالتصويت؟ وكيف لها أن تزوّر الحقائق وأن تخدع الرأي العام؟ قدر هذا الوطن أن يبقى مستعداً لمواجهة الأخطار، وحماية الأرض والحفاظ على مكتسبات البناء والعمران. وقدره ألاّ تستسلم إراداته وألاّ تهون عزائمه. ورسالته أن يبرهن بشكل دائم أنه نصير للعدالة، طموح إلى الغد المشرق، ساع إلى التواصل مع حضارات العالم والى التفاهم مع محبي السلام في العالم أينما كانوا. للحرب طبل لن نصّم آذاننا عن سماع صداه إن دعا الداعي، فالعين ساهرة عند حدودنا واليد على الزناد، وجنودنا أقسموا اليمين على الدفاع عن بلادهم حتى الرمّق الأخير. في حتمية المعركة تنتفي الحاجة إلى مقارنة ما لدينا من سلاح بما يمتلكه العدو وبما يتزّوده في كل يوم، وليس الموضوع موضوع مبارزة تخضع لشروط وأصول، الموضوع هو الردع الحتمي للعدوان كائناً ما كان الثمن. لسنا نحن من يختار الحرب، وفي الوقت عينه لسنا من يتوانى عن مواجهتهما، أو من ينسحب من ساحاتها. للحرب طبل يلوّح به العدو الإسرائيلي، ويضرب عليه، ويظن أن به الهناء والديمومة. وللسّلام طبول يصنعها أبناء قرانا والعاملون في حقولنا، يضربون عليها وهم يجمعون الغلال، ويرقصون. الأرض أرضهم والسماء سماؤهم. الغد في انتظار آمالهم وأمنياتهم، ولهم من الماضي إرث عظيم، ولهم منه عادات وتقاليد تدعوهم إلى التضحية، وتمنع عليهم التهاون في مسائل الكرامة وقدسية التراب الوطني، وفي حتمية الوحدة الوطنية التي هي السلاح الأفعل والأمضى. بها الانتصار، ومعها الفرح، ومنها المؤاساة، وعليها كلّ بناء... فليعمل البناّءون إذن، وليرتفع البنيان.