- En
- Fr
- عربي
متقاعد يتذكر
في جعبته الكثير من الذكريات والحكايات. الجندي الأول المتقاعد وديع عيد من مواليد العام 1918، تطوع في الجيش في العام 1934 وخدم في صفوفه 17 عاماً، عايش خلالها أحداثاً مهمة.
الجندي الأول المتقاعد وديع عيد
أيام الجيش أحلى أيام حياتي
يقول الجندي الأول المتقاعد وديع عيد:
كانت قريتنا (المطلّة) تشهد كل فترة زيارة العسكريين من الجيش لتشجيع أبناء البلدة على الانخراط بالمؤسسة العسكرية.
كنت صغيراً لكن شغفي بحياة "العسكر" كان يزداد يوماً بعد يوم إلى أن تحقق حلمي.
في ثكنة الفياضية تقدمنا للتطوُّع وكنا بالآلاف، فيما العدد المطلوب مئة فقط. الضابط الفرنسي راح يتجول بيننا ويشير بإصبعه إلى الشباب الذين اختارهم حتى وصل عددهم الى مئة وكنت من بينهم. تدربنا في الثكنة نحو 6 أشهر وفي نهاية الدورة حللت في المرتبة الاولى. فاختارني بعدها الضابط الفرنسي مع 2 من زملائي لنتابع تدريبات في منطقة ضهر القضيب حيث بقينا نحو 3 أشهر. وعينت بعد ذلك في الفوج الثالث، وكنت أتقاضى نحو 12 ليرة.
ويضيف قائلاً: لقد خدمت مع النقيب جميل لحّود وأتذكّر يوم علّق العلم اللبناني عندما كنا في منطقة عين الصحّة فقد "قامت القيامة" في ذلك اليوم، إذ حصلت مشادة كبيرة بين الفرنسيين والنقيب لحّود، انبرى على اثرها وعلّق العلم اللبناني مكان العلم الفرنسي على مدخل الثكنة.
أما عن معركة المالكية التي شارك فيها فيقول: وصلت أوامر من القيادة تقضي بذهابنا الى منطقة المالكية. بالفعل فقد ذهبنا بالآليات العسكرية من بيروت الى الناقورة ومن هناك الى بنت جبيل حتى وصلنا الى "الكيلومترا" وهو الخط الفاصل الحدودي. ومن هناك بدأت المعركة حيث انهمر علينا الرصاص كالمطر. اتخذ كل منا مركزه وراحت سرايانا الثلاث تقصف من رشاشاتها على العدو حتى سقط قتلى وجرحى كثر منه.
أثناء المعركة تعطّل أحد الرشاشات فأرسلوا يستدعوني لتصليحه. عبرت خط النار المباشر داخل حقل القمح والرصاص يتطاير حولي حتى وصلت الى الرشاش، فقمت بفكّه بسرعة فائقة وغيّرت إبرته ليعود ويعمل من جديد، وينكّل باليهود المترصدين لنا.
وبقينا على هذه الحالة مدة غير قصيرة وقاتلنا بضراوة حتى سقط نحو 35 قتيلاً يهودياً ولم يسقط منا سوى قتيل واحد فقط.
ويختم عيد قائلاً:
الجيش جمعنا وحضننا وعلّمنا وصقلنا، ومع صعوبة وقساوة تلك الأيام إلاّ انها الأجمل والأحب إلى قلبي. وقد غادرت المؤسسة العسكرية في العام 1955 بعد 17 عاماً من العطاء حاملاً في قلبي أحلى ذكريات العمر.
تصوير: فادي البيطار