- En
- Fr
- عربي
مسار الدولة اللبنانية في التطوير خلال عهود الرئاسة
١- حول الدولة ومهمات التطوير والتنمية
لا يوجد احتمال لحصول التنمية من دون وجود دولة. إنّما هناك احتمال لوجود دولة من دون أن يحصل تطوير أو تنمية. يشير الاحتمال الأول إلى وجود دولة قادرة ومعبّرة عن حاجات شعبها وروحه وطموحاته، ويشير الاحتمال الثاني إلى تحوّل الدولة إلى سلطة قادرة على الحكم والتحكّم.
وعليه يكون من الواقعية والشرعية أن يتمّ إجراء دراسة مسيرة الدولة مع مسيرة أدائها في التطوير والتنمية، وتزداد هذه الدراسة شرعية "ودقّة" حين نعتمد مواصفات الحداثة في التطوير والديمقراطية في التنمية، بحيث يتمّ مثلاً تقويم الناتج المحلي وتطوّره على أساس انعكاسه على مختلف مناطق البلد وعلى حياة مختلف المواطنين.
وفي ما يعود للشأن اللبناني، الذي نحن بصدده، يجري التسليم بأن للدولة اللبنانية، وهي دولة حديثة نسبيًا في نشأتها، جذورًا كيانيةً في جبل لبنان تعود إلى عدّة قرون سابقة، وأن هذه الجذور لاتزال تطبع ماضي لبنان القريب وحاضره، وتضع عليه بصماتها الطائفية والاجتماعية والسياسية ولواحقها من النفوذ الإقطاعي والدولي.
2- عودة سريعة إلى الجذور الكيانية
كانت الصراعات الطائفية في جبل لبنان تطغى على الصراعات القبلية والعشائرية والتراتبية أو الطبقية الاجتماعية، لأن التصارع الإقليمي والدولي كان يفضّل تأمين مصالحه من خلال اعتماد السلاح الشامل المضمون، وهو السلاح التعبوي القائم على العصبية الطائفية.
بعد فتنة العام 1841، كان الحل الذي تمّ فرضه على جبل لبنان هو تقسيمه إلى قائمقاميتين: شمالية وجنوبية، أو بالأحرى مسيحية ودرزية، إنما لم يستقرّ الحال، إذ توالت تباعًا فتن متنقّلة حصلت في الأعوام 1843 و1845 و1858 وصولاً إلى الفتنة الكبرى في العام 1860. وهذا الأمر يشير إلى أن ثورة طانيوس شاهين الاجتماعية التي حصلت في العام 1858 فشلت في توحيد السكّان حول مطالبها الإصلاحية الاجتماعية، بل أدّت بعد سنتين إلى فتنة 1860 الكبرى، وذلك نتيجة التصارع الداخلي بين الأكثرية الطائفية في كل من القائمقاميتين وبين الأكثرية الطائفية والأقلية الطائفية في كل قائمقامية[1]، وكذلك نتيجة التصارع بين الباب العالي والدول الأوروبية الخمس (فرنسا وبريطانيا وروسيا والنمسا وبروسيا).
ثم نشأ نظام المتصرّفية الذي كان خليطًا من الاستقلال الداخلي مع مجلس إدارة محلّي مُوزّع طائفيًا، والحكم العثماني والنفوذ الأوروبي، أما جغرافيًا فكان يغطّي جغرافية القائمقاميتين، أي إن البقاع ووادي التيم والساحل كانت خارج جبل لبنان. وقضى نظام المتصرّفية بتقسيم جبل لبنان إلى سبعة أقضية- وردت تسميتها في النص الفرنسي بالمديريات "directoires"، وهي: الكورة[2] والبترون وكسروان والمتن والشوف وجزين وزحلة، وبقي هذا النظام قائمًا حتى بداية الحرب العالمية الأولى، إذ عمدت السلطنة العثمانية إلى حلّه وحكمت جبل لبنان بشكلٍ مباشر.
3- نشوء لبنان بعد الحرب العالمية الأولى واستقلال الجمهورية اللبنانية
في أثناء دوران طاحونة الحرب العالمية الأولى، وبعدما تبيّن للفرنسيين والإنكليز حتمية انتصارهم على الأمبراطورية العثمانية وحلفائها، عمد هؤلاء إلى تقاسم مناطق النفوذ العثماني، وكانت معاهدة سايكس (عن الانكليز)- بيكو(عن الفرنسيين) في 16/5/1916، حيث تمّ التحديد الضمني لحدود كيان لبنان الحالي تمهيدًا لوضعه تحت الانتداب الفرنسي. إن انتقال كيان لبنان من نظام المتصرّفية إلى دولة لبنان الكبير، إنتقل عمليًا إلى ضعف مساحته وإلى ضعف عدد سكّانه تقريبًا. ومن ناحية السكان يتبيّن أن نسبة المسيحيين إنتقلت من 80% إلى 51% والدروز من 11% إلى 7% والسنة من 4% إلى 22% والشيعة من 6% إلى 20%[3]. ثم من المفيد ذكر المراحل التاريخية الآتية[4]:
- أعلن الجنرال غورو دولة لبنان الكبير في 1/9/1920.
- إنتداب فرنسا على لبنان من قبل عصبة الأمم بموجب الصك المؤرّخ في 29/9/1923، وبالتالي حظي لبنان بالشرعية الدولية.
- إنتقل سكّان لبنان من الجنسية العثمانية إلى الجنسية اللبنانية في 19/1/1925 بموجب قرار صادر عن المفوّض السامي الفرنسي وذلك عطفًا على معاهدة لوزان 1923 التي بموجبها تنازلت تركيا، وريثة الأمبراطورية العثمانية، عن سيادتها على البلاد العربية التي كانت جزءًا منها.
- صدور الدستور اللبناني في 23/5/1926 وإعلان الجمهورية اللبنانية بدل تسمية لبنان الكبير.
- توافق اللبنانيين على ميثاقهم في العام 1943 من أجل نيل الاستقلال. هذا الميثاق الذي صاغه الرئيس بشارة الخوري في العبارة التالية: "وما الميثاق الوطني سوى إتفاق العنصرين اللذين يتألف منهما الوطن اللبناني على انصهار نزاعاتهما في عقيدة واحدة: إستقلال لبنان التام الناجز دون الالتجاء إلى حماية من الغرب ولا إلى وحدة أو اتحاد مع الشرق"[5].
- تعديل الدستور في 9/11/1943 بإلغاء المواد الانتدابية واعتماد تاريخ 22/11/1943عيدًا لاستقلال الجمهورية اللبنانية.
- جلاء القوات الفرنسية في العام 1946.
4- مسار الدولة في التطوير والتنمية في عهد الرئيس بشارة الخوري 1943-1952
إنتخب بشارة الخوري في العام 1943 رئيسًا للجمهورية اللبنانية، وقاد مع رفيق دربه رياض الصلح وغيره من الشخصيات السياسية معركة استقلال لبنان. ثم عمد إلى تجديد ولايته ابتداءً من العام 1949 استنادًا إلى المجلس النيابي الذي جرى انتخابه في 25/5/1947 الذي أمّن الأكثرية لتعديل الدستور لصالح تجديد ولاية الرئيس. إنما اشتهرت هذه الانتخابات بالفساد والتزوير.
أما أهم الاحداث السياسية التي جرت في عهده فهي:
- الانتخابات النيابية الاستفزازية التي جرت في 25/5/1947.
- ثورة القوميين السوريين الاجتماعيين وإعدام زعيمهم أنطون سعاده في العام 1949 وإعدام ستة من أعضاء حزبه تم اختيارهم من بين الطوائف الرئيسة.
- إغتيال رفيق دربه الرئيس رياض الصلح.
- إنشاء الكيان الإسرائيلي 1948 ولجوء حوالى 150000 لاجئ فلسطيني إلى لبنان، أي حوالى عشر سكانه في حينه.
- مشاركة لبنان في الحرب العربية الإسرائيلية الأولى، التي نتج عنها توقيعه اتفاق الهدنة في رودس في 13/3/1949.
- توقيع لبنان على معاهدة الدفاع العربي المشترك في العام 1950 ورفض الانضمام إلى سياسة الدفاع المشترك مع الغرب التي كانت تقوده بريطانيا.
أما على صعيد السياسة الداخلية، فبالإضافة إلى الانتخابات النيابية الاستفزازية التي جرت في 25 أيار 1947، لم يبد عهد الرئيس بشارة الخوري الاهتمام المجدي في بناء مقوّمات دولة الاستقلال، بل كان كثير الضعف خصوصًا في الميدان الإداري. ويرى الدكتور كمال صليبي أن "وليس هذا بمستغرب في بلادٍ سيطرت فيها المصالح العائلية والطائفية. ثم إن الفساد في الإدارة اللبنانية لم يكن جديدًا، إنما كان موروثًا عن عهود سابقة، إلا أن وطأة هذا الفساد ازدادت في عهد بشارة الخوري ازديادًا واضحًا. فعمّت المتاجرة في النفوذ، وكثرت الفضائح. ومما ساعد على انتشار الفساد صِلات الصداقة والقربى التي جمعت بين رئيس الجمهورية وكبار رجال الأعمال الذين استفادوا من وجوده في الحكم لخدمة مصالحهم" [6].
هذا ولم يكن الرئيس بشارة الخوري يواجه خصومه السياسيين الداخليين بشكل مباشر وعنيف، بل كان يعمد إلى سياسة الإكثار من تغيير الحكومات لعلّه يكسب الودّ السياسي المطلوب. ففي عهده، وهو تسع سنوات، عرف لبنان 14 حكومة أي كان معدّل عمر الحكومة حوالى سبعة أشهر[7]. وبالتالي غابت عن عهده الأعمال الإصلاحية والتنموية وما يلزم لبناء دولة الاستقلال. أما نهاية عهد الرئيس بشارة الخوري فكانت قبل انتهاء ولايته المجدّدة، إذ قدّم استقالته في 18/9/1952. وكانت المعارضة حينئذ مجسّدة في الجبهة الوطنية الاشتراكية (كمال جنبلاط، وكميل شمعون، وغسان تويني، وبيار إده، وأنور الخطيب، وجوزيف شادر)[8]، وكان لهذه الجبهة برنامج إصلاح إداري وإجتماعي وإقتصادي وتربوي.
أما في كيفية تطبيق هذا البرنامج، فكان ثمة اختلاف في الحقيقة بصدده بين كل من كميل شمعون وكمال جنبلاط، فالأول يرى أن التطبيق يكون من خلال النظام السياسي القائم إنما على يد أشخاص أكفاء ونزيهين، والثاني لا يرى هذا الأمر كافيًا بل يرى ضرورة إجراء تعديل في النظام السياسي[9].
5- مسار الدولة في التطوير والتنمية في عهد الرئيس كميل شمعون 22/9/1952 - 22/9/1958
بعد تنحي الرئيس بشارة الخوري عن الاستمرار في ولايته المجدّدة، تم انتخاب كميل شمعون رئيسًا للجمهورية اللبنانية بإجماع مسيحي إسلامي. وقد كان عهد الرئيس شمعون داخليًا على قدر كبير من العنف بالتعاطي مع خصومه السياسيين. إذ كان يعمد على إقصائهم بدل العمل على موالاتهم، بعكس محاولات الرئيس السابق بشارة الخوري. في البداية، لم يتعامل الرئيس شمعون مع زملائه في الجبهة الوطنية الاشتراكية، فألّف أول حكومة في عهده من خارج البرلمان مؤلّفة من أربعة موظفين، وهم: السفراء خالد شهاب كرئيس للحكومة وموسى مبارك وسليم حيدر وجورج حكيم[10]، وحصل لها على سلطات إستثنائية من المجلس النيابي مكّنتها من إصدار قوانين بمراسيم اشتراعية في حقول الإدارة والانتخاب. أما لجهة موضوع الانتخاب، فكان المرسوم الاشتراعي رقم 6 تاريخ 4/11/1952 الذي عدّل قانون الانتخاب اللبناني الصادر في 10/8/1950، حيث خفّض عدد النواب من 77 إلى 44 نائبًا واعتمد الدائرة الفردية، والذي على أساسه جرت الانتخابات النيابية لعام 1953 التي أعطت أكثرية نيابية مدينة لرئيس الجمهورية بانتخابها. ثم جرت الانتخابات التالية في العام 1957 التي أسفرت عن فوز مؤيّدي الرئيس شمعون وسقوط بعض أقطاب المعارضة، التي انتظمت لاحقًا تحت إسم الجبهة الوطنية[11]. أما من ناحية الحكومات، فقد ألّف الرئيس شمعون في عهده 12 حكومة، أي أن معدّل عمر الوزارة كان ستة أشهر.
ومن أهم الأحداث الخارجية والداخلية التي حصلت في عهده:
- العدوان الثلاثي على مصر في العام 1956 ورفض الرئيس شمعون قطع العلاقات الدبلوماسية مع بريطانيا وفرنسا واستقالة حكومة الرئيس عبداللـه اليافي.
- قبول الحكومة الجديدة برئاسة الرئيس سامي الصلح، وفي عضوية الدكتور شارل مالك كوزيرٍ للخارجية، لمشروع أيزنهاور القائم على مبدأ ملء الفراغ، حيث صدر بيان مشترك لبناني – أميركي في 16/3/1957 يعلن انضمام لبنان إلى المشروع الأميركي.
- قيام الوحدة المصرية – السورية بقيادة الرئيس جمال عبد الناصر في شباط 1958.
- قيام الجبهة الوطنية المعارضة التي نشأت بعد انتخابات العام 1957 بالتمرّد السياسي والشعبي المسلّح في بداية صيف 1958.
- حصول انقلاب في بغداد أطاح بالملكية وبرئيس الوزراء نوري السعيد وسقوط حلف بغداد في 14/7/1958.
-عملية إنزال الجيش الأميركي على ساحل بيروت في 15/7/1958 أي بعد يوم واحد من حصول انقلاب بغداد.
- وصول مبعوث الرئيس الأميركي، وكيل وزارة الخارجية الأميركية روبرت مورفي إلى بيروت في 16/7/1958، للقيام بكل جهد ممكن لإعادة السلام والهدوء إلى الحكم. ونتيجة لقاءاته مع الحكم والمعارضة وكذلك المفاوضات مع الجمهورية العربية المتحدة، تم انتخاب اللواء فؤاد شهاب قائد الجيش رئيسًا للجمهورية من قبل المجلس النيابي في 31/7/1958، بينما استمر الرئيس كميل شمعون في سدّة الرئاسة حتى نهاية ولايته الدستورية في 22/9/1958.
يتبيّن مما تقدّم أن عهد الرئيس كميل شمعون كان عهدًا تداخلت فيه السياسة الداخلية مع السياسة الخارجية بشكلٍ كبير، خصوصًا ابتداءً من العام 1954، أي بعد الانتخابات النيابية في العام 1953، إنما عرف عهده ازدهارًا ماليًا واقتصاديًا غير معتاد في عهد الرئيس السابق، يعود قسم منه إلى فورة الثروة النفطية في المنطقة بخاصةٍ في إمارة الكويت، ثم إلى قوة النشاط المصرفي في لبنان والتجارة المثلثة. وقد بدأت تظهر في الوقت ذاته عمليات النزوح من الداخل إلى ضواحي المدن وبدأ يتكوّن ما سمّي لاحقًا بحزام البؤس حول بيروت. أما على صعيد إدارة المشاريع وإنشائها فتمّت بعض الأعمال بهذا الخصوص، إنما من دون أن تنتظم في خطة إصلاحية تنموية شاملة. ومن هذه الاعمال:
- إنشاء وزارة التصميم ومجلس التصميم.
- إجراء بروتوكول في العام 1954 بين الدولة وأصحاب امتياز كهرباء بيروت من أجل استرداد الامتياز. وكان هذا البروتوكول هو الخطوة الاولى التي أدّت في العام 1964 إلى إنشاء مصلحة كهرباء لبنان.
- بناء المدينة الرياضية في بئر حسن والتي تحمل إسمه، (دمّرت في اجتياح العدو الاسرائيلي في العام 1982)، وأنشئ مكانها البناء الحالي.
- البدء مع النقطة الرابعة الأميركية في أجزاء من مشاريع الأوتوسترادات وبعض مشاريع المياه.
- إنشاء مصلحة الليطاني في العام 1954 والحصول على قرض من البنك الدولي في العام 1956 لبناء سد القرعون، إذ إن هذا الأمر يشكّل اعترافًا من السلطات الدولية على أن مياه نهر الليطاني هي حقّ كامل للبنان، باعتبار أن إسرائيل كانت لحينه تدخل مياه الليطاني ضمن دراساتها لمصادرها المائية[12]. إلا أن لبنان لم يزل حتى الآن لا يستفيد من مياه بحيرة القرعون إلا فقط لإنتاج الكهرباء دون الري والزراعة[13].
6- مسار الدولة في التطوير والتنمية في عهد الرئيس فؤاد شهاب 22/9/1958 - 22/9/1964
من المفارقة أن المجلس النيابي المنتخب في العام 1957 والموالي بأكثريته للرئيس كميل شمعون تمهيداً لاستمرار سياسته وربما لتجديد ولايته، هو نفسه الذي انتخب قائد الجيش اللواء فؤاد شهاب رئيسًا للجمهورية في 22/9/1958 وهو ذو التوجهات المختلفة تمامًا عن الرئيس شمعون سواء في السياسة الخارجية أم في السياسة الداخلية، وهذا الأمر يشير أولاً إلى الخلل الكبير في ممارسة الأسلوب الديمقراطي الانتخابي، وثانيًا إلى احتمال حصول تغيير مفاجئ في المواقف النيابية تأثرًا بالأوضاع الإقليمية والدولية وذلك تحت شعار ضرورة التعاطي مع مقتضيات الواقع. إنما هذا الأمر ليس مريحًا أو مطمئنًا، بحيث يصعب احتساب توقعاته. وقد عبّر الرئيس فؤاد شهاب عن هذا الوضع بجملة سياسية أسرّ بها إلى جورج نقاش حين تنحّيه في 20/7/1960 وهي "ليس أنا من انتخب اللبنانيون. أنا لا أمثل سوى استحالة اتفاقهم على انتخاب آخر"[14].
استلم الرئيس شهاب مسؤولية الحكم وهو مصمم كل التصميم على بناء دولة الاستقلال ككيان وكوطن. لأن رأيه كان في تمام الوضوح وهو أن "لبنان لم يتمكّن بعد من أن يشكّل دولة بالمعنى الصحيح، كما أنه لا يشكّل أمة بمعنى الوطن" [15].
وعليه رأى الرئيس فؤاد شهاب "أن قيام دولة ينظر إليها اللبنانيون على أنها دولتهم تعطيهم حقوقًا وترعاهم، الأمر الذي يؤدي إلى تنمية روح المواطنة فيهم"، و"أن التنمية التي تربط أبناء الشعب بحياة مشتركة هي إحدى الوسائل الفعالة في السعي الصادق الهادف إلى صهر الشعب وتوعيته على وحدته". وأن "في الإمكان عبر الدولة تحقيق وطن ومواطنية عوض أن نبدأ عكس ذلك الذي هو أصعب بالنسبة إلينا في لبنان في هذا الوقت"[16]. أي أن الرئيس فؤاد شهاب كان يعرف أن الإصلاح في الأساس يجب أن يبدأ من الإصلاح السياسي، إنما لصعوبة اعتماد هذا المنهج في لبنان، اعتمد منهجًا آخر لا يبدأ من الإصلاح السياسي إنما يبدأ من الإصلاح الإداري ثم الإصلاح الاجتماعي مع التنمية والعدالة الاجتماعية وصولاً إلى تحقيق المواطنية لإعادة بناء شخصية المواطن ماديًا ومعنويًا، الذي بدوره سَيُحْسِن اختيار مسؤوليه السياسيين وفق النظام البرلماني في دورات انتخابية متتابعة تسمح لهذا المواطن المتعلّق بوطنه في إجراء التقويم والمحاسبة.
دورة المنهج الشهابي في الإصلاح والتنمية من أجل بناء دولة الاستقلال والأمة
- أنواع الإدارة: الإدارة المركزية + اللاحصرية + الإدار ة المحلية (البلديات).
- مرافق الإدارة: الإدارة الإدارية + الإدارة المتخصصة + الإدارة الاستثمارية.
جاهد الرئيس فؤاد شهاب على جميع الصعد لكي يفسح في المجال لتحقيق منهجه، فعمد إلى اعتماد سياسة خارجية تساعد على الاستقرار الداخلي واعتماد سياسة داخلية متوازنة بين الأطراف اللبنانيين تدعم التفاهم والهدوء الداخليين.
فلجهة السياسة الخارجية، رفض الرئيس فؤاد شهاب الأحلاف العسكرية مع الغرب وسحب لبنان من مشروع أيزنهاور وأمّن خروج القوات الأميركية من لبنان في 27/11/1958 وأعاد العلاقات الدبلوماسية مع الجمهورية العربية المتحدة، وعقد اجتماع قمة مع الرئيس جمال عبد الناصر في خيمة على الحدود اللبنانية – السورية، وجعل لبنان يشارك في مؤتمر الدول غير المنحازة في بلغراد العام 1961 [17].
أما لجهة السياسة الداخلية، فبدأ بعد أحداث العام 1958 بتحقيق المصالحة الوطنية، وألّف حكومته الفاعلة من الرئيس رشيد كرامي ممثلاً الثورة والشيخ بيار الجميل ممثلاً الثورة المضادة مع الحاج حسين عويني والعميد ريمون إده تحت شعار "لا غالب ولا مغلوب".
أمّن الرئيس فؤاد شهاب لحكومته هذه تفويضًا من المجلس النيابي لاستصدار مراسيم اشتراعية تكون المدماك القانوني والتنظيمي والتنفيذي لتحقيق إصلاحاته.
وذلك على الوجه الآتي:
أولاً: التعاقد في العام 1959 مع مؤسسة [18]I.R.F.E.D من أجل إعداد دراسة عن حاجات التنمية وإمكاناتها في لبنان:
وكانت هذه المؤسسة برئاسة الأب لوبرية (Le P. Lebret). وقد قدمت هذه المؤسسة دراساتها في سبعة أجزاء في العام 1961، بيّنت فيها حاجات اللبنانيين في جميع مناطقهم والإمكانات المتوافرة لدى لبنان واللبنانيين من أجل النهوض بلبنان وشعبه وتأمين التنمية الشاملة والمتوازنة والمنسقة. وبالتالي تنمية المواطن المواطن كله.
ومن المفيد القول أن هذه الدراسة حثت في النهاية على الإسراع بوضع خطط تنموية، تبدأ بخطة خمسية تتناول ما يلي[19]:
- إنشاء هيئات متخصصة لإجراء التنسيق اللازم.
- إعطاء أفضلية لإنجاز شبكات البنية التحتية.
- رفع مستوى الإنتاج الزراعي إلى مستويات متقدّمة.
- إنماء القطاع الصناعي والنشاطات الحرفية.
- تنظيم السياحة وتشجيعها.
- تسهيل التسليفات الاستثمارية.
- العمل على زيادة واردات الدولة.
ملاحظة: جاء في كتاب وزير التصميم في حينه الذي قدم به دراسات البعثة، أنه سيتم على أساس هذه الدراسات إعداد الخطة الخمسية الإنمائية الأولى المراد تنفيذها بين 1964 و1968. إنما هذه الخطة لم ترَ النور.
ثانيًا: الإصلاح الإداري والاجتماعي
بناءً على الصلاحيات الاستثنائية التي أجاز بها البرلمان للحكومة، عمد الرئيس فؤاد شهاب مع حكومته ومجموعة من الخبراء والمختصين والإداريين إلى وضع خطة العمل للإصلاح الإداري والاجتماعي. وتميّزت هذه الخطة بالمنهجية العلمية الدقيقة، وفق ما يلي:
- بقيادة رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء، تم إنشاء مكتب خاص لدى رئاسة الحكومة كصلة وصل بين القيادة السياسية والعاملين في الإصلاح الإداري. وعلى رأس العاملين: هيئة تم تسميتها بالهيئة المركزية للإصلاح الإداري تتألف من 24 عضوًا، تضم عشرة مدراء عامين وأربعة عشر عضوًا من خارج الإدارة يعملون في الجامعات وفي القطاع الخاص. ثم تمّ تأليف سبع لجان أساسية، سميت باللجان التحضيرية، تعمل تحت قيادة الهيئة المركزية للإصلاح الإداري وإشرافها، وتم تكليف كل لجنة من اللجان الست الأولى من اللجان السبع المذكورة بمهمة إعادة درس وتنظيم عدد معيّن من الإدارات والمؤسسات التي تتشابك وتتشارك في ما بينها: مثلاً اللجنة الأولى اهتمت بالإدارة العامة وقانون الموظفين ومجلس الخدمة المدنية، وهكذا، أما اللجنة السابعة فكانت مهمتها التنسيق والصياغة. كما أنه في الوقت ذاته، عمدت كل لجنة من هذه اللجان إلى اعتماد لجان عمل فرعية وفق الحاجة ومقتضى الحال.
مصور لموجز منهجية ورشة الإصلاح الإداري في العام 1959 وحجم عملها
*استوحى الكتاب المصوّر من دراسة للدكتور عدنان اسكندر ضمن كتاب الموجز للإدارة العامة. أ.حسن الحلبي.
أصدرت الحكومة في آخر يوم من صلاحيتها الدستورية عددًا من المراسيم الاشتراعية أي في 12/6/1959 وهذه المراسيم كان عددها 162 مرسومًا اشتراعيًا، وكان أبرز ما انطوت عليه سلّة هذه المراسيم ما يلي:
الموضوع الرقم
تنظيم الإدارات العامة 111
نظام الموظفين 112
نظام التقاعد والصرف من الخدمة 113
إنشاء مجلس الخدمة المدنية 114
إنشاء هيئة التفتيش المركزي 115
التنظيم الإداري 116
الموازنة والرقابة الإدارية 117
إعادة تنظيم ديوان المحاسبة 118
نظام مجلس شورى الدولة 119
نظام الأوسمة 122
تنظيم المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي 138
تنظيم مديرية الأمن العام 139
قانون السير 140
نظام مكتب الحبوب والشمندر السكري 143
قانون ضريبة الدخل 144
فرض رسم انتقال على الأموال المنقولة وغير المنقولة 146
إدارة أملاك الدولة الخصوصية غير المنقولة وبيعها 149
النظام العام للمؤسسات العامة 150
(استبدل لاحقاً بالمرسوم رقم 4517 تاريخ 13/12/1972).
تنظيم رقابة الدولة على إدارة حصر التبغ والتنباك 151
النظام الداخلي لبورصة بيروت 152
إنشاء مصرف للتسليم الزراعي والصناعي والعقاري 153
إنشاء مصلحة الإنعاش الاجتماعي 155
جهاز الدفاع المدني 159
تنظيم جهاز رئاسة الجمهورية 160
جوازات السفر 161
ثم صدرت في عهد الرئيس فؤاد شهاب قوانين وتنظيمات أخرى خارج الفترة الزمنية المذكورة أعلاه ومنها:
الموضوع التاريخ
نظام المناقصات 16/12/1959
المعهد الموسيقي الوطني 16/12/1959
استعادة امتياز شركة مرفأ بيروت
وحصره بالإدارة والاستثمار 31/5/1959
تأمين التعليم في القرى النائية 10/2/1961
مجلس تنفيذ المشاريع الإنشائية 15/6/1961
إنشاء معهد الدروس القضائية 16/10/1961
تنظيم المدارس الرسمية للتعليم المهني 4/5/1962
المجلس الوطني للبحوث العلمية 14/9/1962
ضريبة الأملاك المبنية 17/9/1962
التنظيم المدني 24/9/1962
مجلس تنفيذ المشاريع الكبرى لمدينة بيروت 4/2/1963
تنظيم مقاطعة إسرائيل 19/4/1963
قانون البلديات 27/5/1963
مكتب المشروع الأخضر 9/9/1963
الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي 26/9/1963
قانون النقد والتسليف 1/8/1963
تعاونية الموظفين 29/10/1963
قانون المحاسبة العمومية 30/12/1963
تنظيم مديرية التعليم المهني والتقني 11/3/1964
تنظيم معهد المعلمين العالي 29/5/1964
إنشاء مصرف لبنان نيسان 1964
إضافة (1): تمّ في عهد الرئيس فؤاد شهاب استحداث 380 بلدية جديدة.
إضافة (2): كان عمر الحكومات في عهد الرئيس فؤاد شهاب طويلاً نسبيًا، فكان معدّل عمر الحكومة ستة عشر شهرًا، في ما كان هذا المعدل في عهد الرئيس كميل شمعون ستة أشهر وفي عهد بشارة الخوري سبعة أشهر.
ثالثًا: تاريخ 20/7/1960: إستقالة الرئيس فؤاد شهاب
قرّر الرئيس فؤاد شهاب بعد إنجازاته في الإصلاح الإداري عن طريق المراسيم الاشتراعية، وبعد اطلاعه على تقدّم الدراسات التي تجريها بعثة إيرفد المتعاقد معها، أن يسرّع الخطى الإصلاحية أو بالأحرى أن يخفّف العقبات السياسية من أمامه، وذلك من خلال محاولة المجيء بمجلس نيابي فيه عناصر جديدة تدعمه في مسيرته الإصلاحية التنموية. فاستصدر في العام 1960 من المجلس النيابي قانونًا جديدًا للانتخابات النيابية مع إعادة النظر بالدوائر الانتخابية، وحل المجلس النيابي (وهو المجلس الذي انتخب الرئيس شهاب) قبل أوانه وذلك في أيار 1960. وقد سعى المكتب الثاني في حينه إلى المجيء ببعض العناصر النيابية الجديدة الملائمة عن طريق حمل الزعامات والقيادات المتواجدة في الساحة السياسية اللبنانية على تبنيها. إنما كانت نتيجة الانتخابات وفق القانون الجديد، بالنسبة للرئيس فؤاد شهاب مخيّبة لآماله، فقد بقي الفعل الفاعل النيابي بيد الزعامات التي حاول التخفيف من وهجها. فقرّر التنحي في 20/7/1960، ثم عاد عن استقالته نتيجة مطالبة نيابية وشعبية بذلك. إنما الرئيس فؤاد شهاب لم يكن مقتنعًا بداخل نفسه بأن غالبية المطالبين كانوا مقتنعين بنهجه السياسي. إذ يورد جورج نقاش أنه في حينه قد استنتج أن الرئيس فؤاد شهاب كان يرى أن الإجماع لعودته لا يعدو كونه إجماعًا سلبيًا، فإذا كانت فكرة مغادرته الحكم أدّت إلى مثل هذا الذعر، فلأنه ظهر للأمة كآخر سور لمواجهة الفوضى، وللسياسيين إياهم آخر خط دفاع عن نظام يستطيعون من خلاله متابعة ألاعيبهم وتعزيز طموحاتهم[20].
ملاحظة: إن الإصلاح الإداري والاجتماعي تمهيداً للدورة الإصلاحية السياسية، هو في نظر الرئيس فؤاد شهاب عبارة عن سياسة جديدة في لبنان، وهي بالتالي تحتاج إلى فكر وثقافة وطنية جديدين، وكما أشارت بعثة إيرفد إلى أن الخطط التنموية تحتاج إلى واردات جديدة تدخل إلى خزينة الدولة اللبنانية. وبالتالي يمكن الاستنتاج أن الأمر في الحقيقة يتطلّب أيضًا استحداث ضرائب جديدة والعمل على توزيعها بشكل عادل وكذلك الانضباط في جبايتها. وكان هذا الأمر أيضًا صعبًا وتواجهه ممانعات.
ويشير المصوّر المرفق على صفحة لاحقة أن معدّل نسبة قيمة الموازنة العامة إلى معدّل الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات الخمس من 1965 إلى 1969 هو 16,5%، وهذا المعدل هو في الحقيقة ضعيف حتى بالنسبة إلى بلد يعتمد النظام الليبرالي، وعليه كان لا مفر من ضرورة رفع نسبة قيمة الموازنة إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى حدود 25%، لكي تجد الخطط التنموية طرق التنفيذ، هذا بالإضافة طبعًا إلى توافر القيادة السياسية المصمّمة على ذلك والإدارة الملائمة التي هي اليد التنفيذية للقيادة السياسية.
كما نرفق ربطًا على صفحتين لاحقتين مصورين إثنين: الأول يبيّن وجود استقرار مميز في الأسعار لبعض المواد الأساسية التي تدخل في كلفة إنشاء البنى التحتية وتجهيزها، والجدول الثاني يبيّن أيضًا استقرارًا مميزًا في كلفة اليد العاملة.
إن ما تقدّم يشير إلى أن الظروف الاقتصادية كانت أيضًا ملائمة للخطة التنموية، إنما لا الخطة وُضعت ولا الاستقرار الخارجي نفع، ولا التوازن الداخلي أفاد، فبقيت الإصلاحات الإدارية والاجتماعية وحيدة تحاول حمل الثقل كله، والنتيجة بالتالي هي ناقصة لا تكفي.
رابعًا: لم يحقق المشروع الشهابي غايته
من المعروف أن الرئيس فؤاد شهاب رفض عند نهاية ولايته في العام 1964 إجراء التعديل الدستوري لتجديد ولايته. إنما في العام 1970، كان ممكنًا انتخابه رئيسًا دون تعديل دستوري وكانت الأكثرية النيابية متوافرة لهذا الانتخاب، وعلى الرغم من ذلك رفض الرئيس فؤاد شهاب الترشّح، وقد أذاع في حينه، وبالتحديد في 5/8/1970 بيان العزوف، ونقتطف من هذا البيان الأسطر الآتية:
"... إن المؤسسات السياسية اللبنانية والأصول التقليدية المتبعة في العمل السياسي لم تعد في اعتقادي تشكّل أداة صالحة للنهوض بلبنان...".
"إن مؤسساتنا التي تجاوزتها الأنظمة الحديثة في كثير من النواحي سعيًا وراء فعالية الحكم، وقوانيننا الانتخابية التي فرضتها أحداث عابرة ومؤقّتة، ونظامنا الاقتصادي الذي يسهّل سوء تطبيقه قيام الاحتكارات، كذلك لا يفسح في المجال للقيام بعمل جدّي على الصعيد الوطني.
إن الغاية من هذا العمل الجدي هي الوصول إلى تركيز ديمقراطية برلمانية أصلية صحيحة ومستقرّة، وإلى إلغاء الاحتكارات ليتوافر العيش الكريم والحياة الفضلى للبنانيين في إطار نظام اقتصادي حر سليم يتيح سبل العمل وتكافؤ الفرص للمواطنين، بحيث تتأمّن للجميع الإفادة من عطاءات الديمقراطية الاقتصادية والاجتماعية الحقة".
وبعد الانتهاء من بيان العزوف هذا، وبتاريخ 20 نيسان 1973، أمر الرئيس فؤاد شهاب مرافقه بحرق ثلاثة صناديق كبيرة تحتوي أوراقًا ومستندات تعود لتجربته في الدولة اللبنانية، ولما رفض مرافقه تنفيذ هذا الأمر، أقدم الرئيس شخصيًا وبيده على حرق هذه الصناديق وكان منفعلاً وحزينًا. وبعد خمسة أيام رحل الرئيس عن لبنان بسبب أزمة قلبية[21].
تطوّر الناتج المحلي القائمتطور أسعار الدولار ومواد البناء
تطور أسعار الدولار ومواد البناء
تطوّر الحد الأدنى للأجور
7- مسار الدولة في التطوير والتنمية في عهد الرئيس شارل الحلو 1964 – 1970، بدء انهيار الحكم
من المعلوم أن الرئيس فؤاد شهاب هو الذي اختار شارل حلو ليكون رئيسًا خلفًا له، فأيّدته الأكثرية النيابية التي كانت ترغب بتعديل الدستور وتجديد انتخاب الرئيس شهاب. ولو أن الرئيس حلو احتفظ بمعظم الموظفين والمستشارين الذين كان الرئيس فؤاد شهاب قد اختارهم لمساعدته، كما اعتمد على المكتب الثاني لمساعدته في تنفيذ سياسته التي أكّد أكثر من مرة أنها استمرار للمنهج الشهابي، إلا أن تعاقب الأحداث والأزمات الخطيرة داخليًا وإقليميًا، جعلته ينتهج تباعًا سياسة خاصة به محاولاً التكيّف مع الواقع الأليم، وكانت النتيجة أن الدولة بدأت تصاب بالضعف وعلامات التراخي، وبالتالي حتى أن قوّة الدفع في مسيرة الإصلاح تراجعت بل تلاشت. كما أن الخطوة الإصلاحية في الشأن الإداري التي أقدم عليها الرئيس حلو في العام 1965 والتي سمّيت بعملية التطهير الإداري، لم تكن موفّقة على صعيد الحكم الرشيد، إذ إن هذه العملية اعتمدت على نص قانوني حرمت من نالهم التطهير حق الدفاع، حيث كانت قرارات الحكومة بالصرف غير خاضعة لأي طريق من طرق المراجعة القضائية. ومن الأحداث المهمة التي عطّلت عهد الرئيس حلو هي:
- أزمة بنك إنترا 1966 وانعكاساتها الاقتصادية والمالية والاجتماعية.
- حرب الأيام الستة في 5 حزيران 1967، تلك الحرب التي كانت نتائجها الفجائية والمأساوية محركًا لردّات فعل متناقضة وبالتالي حصول اضطرابات وعدم استقرار.
- الاعتداء الإسرائيلي على مطار بيروت 1968.
- انتشار المقاومة الفلسطينية وأزمة الحكم في 1969 واتفاق القاهرة.
- تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية وتزايد حزام البؤس حول العاصمة.
8- مسار الدولة في عهد الرئيس سليمان فرنجية 1970 – 1976 أو الإنفجار
حاول العهد في بدايته مع رئيس حكومته الرئيس صائب سلام التصدّي لتفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية تجنّبًا لاضطرابات أو ثورة اجتماعية، فتمّ تأليف حكومة من طرازٍ جديد، سمّاها الرئيس صائب سلام "حكومة الشباب" ثم "حكومة الثورة من فوق"، إنما في الحقيقة، لم يكن باستطاعة حكومة كهذه مواجهة الأزمات الخطيرة المتوالدة في الساحة اللبنانية، بالإضافة إلى أن القيادة السياسية لهذه الحكومة لا تستطيع أن تعطي نفسًا جديدًا للأوضاع المتفجّرة. وقد حصل تنافر بين بعض الوزراء في هذه الحكومة وبين القيادة السياسية، فاستقال أحدهم وأقيل آخر، ثم تألّفت حكومة أخرى كلّها من رجال السياسة التقليديين. وتتابعت الأحداث كما يلي:
- انتقال عناصر من المقاومة الفلسطينية من الأردن إلى لبنان بعد تصفيتها في الأردن في أيلول 1970.
- وفاة الرئيس جمال عبد الناصر في 28/9/1970 والذي كان مرجعًا للأزمات العربية.
- إنزال إسرائيلي في بيروت في 10 نيسان 1973 واغتيال ثلاثة من قادة المقاومة الفلسطينية في منازلهم.
- حرب 6 تشرين الأول 1973 بين البلدين العربيين مصر وسوريا في مواجهة إسرائيل.
- انفجار الحرب في لبنان في 13 نيسان 1975.
- انتخاب الياس سركيس في ظروف مأساوية رئيسًا للجمهورية. هذا الشهابي الذي لم تتح له أبدًا لحظة واحدة للعمل وفق منهج أستاذه فؤاد شهاب، فهو في الحقيقة، لم يحكم، إنما اقتصر دوره آنذاك على إدارة أزمات البلد.
9- مسار الحرب المدمّرة من العام 1975 إلى العام 1990
هذه الحرب دامت خمسة عشر عامًا، وهي لفظاعتها وشراستها وطول فترتها دمّرت لبنان وفكّكت مؤسّساته وطحنت شعبه وأدمته وبعثرته، وأخذت الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والنقدية إلى الحضيض، وإن كانت الأموال الهائلة تفد إليه، إنما كانت تفد لاستمرار الحرب لا لإطفائها. أما في أمر من يتحمّل مسؤوليتها، فقد اختلف اللبنانيون، إذ كان بعضهم يقول إنها حرب الآخرين على أرض لبنان، والبعض الآخر كان يراها حرب اللبنانيين في ما بينهم استفاد منها الآخرون.
ومما لاشكّ فيه أن اللبنانيين، ولا نقول كل اللبنانيين، حملوا السلاح ضدّ بعضهم البعض، ومارسوا، مع الحزن والألم والحسرة، أعمال القصف العشوائي والقتل والقنص والتهجير، كما أنهم قبلاً لم يحسنوا تجنّب الحرب بالتي هي أحسن. وقد كانت ذروة الانفصام والهذيان في شخصية اللبنانيين، وأعيد وأكرّر ليس كل اللبنانيين، حيث عمدوا إلى فصل المواطن عن وطنه، وفصل اليوم عن الغد، والأخلاق عن الذكاء، والوسيلة عن نبل الغاية، وفصلوا السهل عن الجبل، فصارا مقبرة للرجال لا منبتًا للرجال، وفصلوا السيف عن القلم، فراح القلم يهذي والسيف يعربد.
10- وثيقة الوفاق الوطني في الطائف – تعديلات دستورية
دعت اللجنة العربية، مع وجود توافق دولي، النواب اللبنانيين إلى مدينة الطائف في المملكة العربية السعودية، فاجتمعوا فيها في 30/9/1989 وانتهت الاجتماعات إلى الاتفاق على وثيقة الوفاق الوطني، ثم تم التصديق عليها في اجتماع المجلس النيابي في القليعات بتاريخ 5/11/1989، وقد تضمّنت هذه الوثيقة أربعة عناوين:
1- المبادئ العامة والإصلاحات.
2- بسط سيادة الدولة اللبنانية على كامل الأراضي اللبنانية.
3- تحرير لبنان من الاحتلال الإسرائيلي.
4- العلاقات اللبنانية السورية.
ثم أقر المجلس النيابي التعديلات الدستورية اللازمة في 20/8/1990، وأصدرها رئيس الجمهورية في 21/9/1990.
11- مسار الدولة في مشروع إعادة البناء والتنمية من العام 1990 إلى نهاية عهد الرئيس ميشال سليمان في أيار 2014
ولد لبنان من جديد بعد حروبه الذاتية بعملية قيصرية جرت مراحلها الأخيرة في غرفة العمليات العربية – الدولية في مدينة الطائف في المملكة العربية السعودية. إنما هذا المولود الجديد كان مليئًا بالهواجس ومحطمًا بالتدمير المادي والاجتماعي والروحي. أما من جهة هذه الهواجس، فخير دليل على وجودها وتعدّد عناصرها هو العبارات التي تمّ إيرادها في مقدّمة الدستور بهدف التطمين وإلغاء الشكوك وللعلاج أيضًا، حيث نجد ما يلي:
- لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه...
- لبنان عربي الهوية والانتماء...
- الإنماء المتوازن للمناطق ثقافيًا واجتماعيًا ركن أساس من أركان وحدة الدولة واستقرار النظام.
- أرض لبنان واحدة لكل اللبنانيين، فلكل لبناني الحق في الإقامة على أي جزء منها... ولا تجزئة ولا تقسيم ولا توطين.
- لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك.
أما من جهة أخطر أو أهم الأحداث الأمنية والسياسية في الفترة التي نحن بصددها فيمكن إيراد ما يلي:
- تحرير لبنان من العدو الإسرائيلي إلا أجزاءً لم تزل محتلة، وذلك في العام 2000، ومن دون أي شرط أو قيد من إسرائيل على لبنان.
- اغتيال الرئيس رفيق الحريري وخروج القوات السورية من لبنان في العام 2005.
- الحرب الإسرائيلية على لبنان في تموز 2006، وفشل عدوانها بفضل المقاومة والجيش وتعاضد الشعب اللبناني.
- انتصار لبنان بفضل جيشه وعظيم تضحياته على فتنة مخيّم نهر البارد في صيف 2007.
- انعكاسات الأوضاع المتفجرة في المنطقة وخصوصًا سوريا.
في الحقيقة واستناداً إلى ما تقدّم، يصحّ اعتبار الفترة الممتدّة من العام 1990 وصولاً إلى الوقت الحاضر فترة تاريخية واحدة صالحة للدرس والتقويم والاستنتاج في مسار الدولة بجميع أوضاعها، بما فيها الأوضاع الإدارية والاقتصادية والاجتماعية والمالية وبالتالي التنموية.
تطبع هذه الفترة بصمات أليمة منها:
1- احتدام الصراعات الطائفية والمذهبية.
2- انتشار الفساد وغياب المحاسبة في الحياة العامة وتبادل المصالح الخاصة على حساب المصلحة العامة، وقوّة خضوع الإدارات لمصالح السياسيين.
3- ضعف الإدارات العامة وعجزها مع فساد مستمر ومتصاعد لدى بعض عناصرها كأنه لا توجد محاسبة فعالة من قبل أجهزة المراقبة والتفتيش.
4- عجز متصاعد في تقديمات الخدمات: الصحية (صندوق الضمان الاجتماعي بما فيه فرع الضمان الاختياري)، وفي الطاقة الكهربائية وفي المياه، وضعف في ميدان التعليم وتراجع وهبوط في بعض كليات الجامعة اللبنانية.
5- استقرار نقدي بنسبة الليرة اللبنانية إلى الدولار الأميركي، إنما مع ارتفاع مستمر وتصاعد في أسعار المواد الاستهلاكية والخدمات بشكل لا يتناسب مع الأجور.
6- وفي السنوات الست الأخيرة، حصول قفزات صعودًا في أسعار الأراضي والعقارات بشكل يجعلها مستحيلة الاقتناء من قبل اللبنانيين المقيمين الذين يعيشون من الدورة الاقتصادية الداخلية، كما يجعل أثمان الأراضي أغلى من أن ينشأ عليها زراعة أو صناعة.
7- العجز المستمر في موازنات هذه الفترة يصل أحياناً إلى 45% حيث تحصل الاستدانة دوريًا وتتراكم الديون (من الورقة الإصلاحية لباريس 3، تقدير الواردات لعام 2006 55% من الموازنة).
8- وصول الدين العام إلى 53 مليار دولار في العام 2010، من دون احتساب المتأخّرات المتوجّبة على الدولة بالنسبة إلى: الموظفين والمتقاعدين (المفعول الرجعي لتصحيح الرواتب والمعاشات التقاعدية من العام 1996 إلى العام 1998)، والمقاولين والمستشفيات وصندوق الضمان الاجتماعي، والاستملاكات. ويشكّل الدين المعلن (53 مليار دولار) في العام 2010 نسبة 165% من الناتج المحلي الإجمالي. بينما الورقة الإصلاحية التي قُدمت إلى مؤتمر باريس 3 كانت تتوقّع أن يكون الدين العام في 2010 في حدود 44 مليار دولار ونسبته إلى الناتج المحلي الإجمالي 150%.
9- ضعف واردات الدولة، على الرغم من وارداتها من الضريبة على القيمة المضافة وخدمات الهواتف الخلوية والمحروقات، بحيث أنها لا تشكّل إلا حوالى 55% من الموازنات. علمًا أن الورقة الإصلاحية المقدّمة إلى باريس 3 تذكر أن الضريبة على القيمة المضافة ستكون في العام 2008 بمقدار 12% وابتداءً من العام 2010 بمقدار 15%، كما تذكر هذه الورقة أن نسبة الضريبة على الفوائد المصرفية ستكون ابتداءً من العام 2008 بمقدار 7% بدل 5% علمًا أن واردات الدولة المشار إليها لا تكفي تقريبًا إلا لما يلي:
- 20% منها (حسب العام 2006) رواتب وأجور.
- 20% منها لمحروقات مصلحة كهرباء لبنان.
- 60% منها فوائد من دون إعادة أصول الدين.
10- عدم وجود موازنات لعشر سنوات ابتداءً من العام 2005.
11- علمًا أن الموازنة هي أساس برنامج الدولة في الإنفاق في قطاع الخدمات وفي قطاعات البنية التحتية والاستثمار والتطوير والتحديث. ويكفينا أن نذكر أن الدستور اللبناني يعطي الموازنة الأهمية الأولى في عمل المجلس النيابي ويجعلها نقطة مفصلية في العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وذلك كما يلي:
أ- تقول المادة 32 من الدستور، إن على المجلس النيابي أن يخصّص جلساته في العقد العادي الثاني من كل عام للبحث في الموازنة والتصويت عليها قبل أي عمل آخر.
ب- تقول المادة 65 من الدستور، إن من صلاحيات مجلس الوزراء أن يحلّ مجلس النواب بطلب من رئيس الجمهورية، في حالات معيّنة تتعلّق بموقف المجلس السلبي من الموازنة، على اعتبار أن الموازنة هي بمنزلة اليد التي تعمل الحكومة من خلالها، وأن الموقف السلبي منها يؤدّي إلى شلّ هذه اليد.
12- لم يتم خلال الفترة التي نحن بصددها إجراء الدراسات الإحصائية والميدانية التي تتطلّبها خطة الصعود والتنمية والتحديث وسد الثغرات والنواقص في البنية البشرية والاجتماعية والصحية والتعليمية والمناطقية والبنية التحتية للخدمات.
13- لم يتم خلال الفترة ذاتها إجراء المحاسبة الوطنية مثلاً لجهة الناتج الوطني وتوزيعه وتطوّره، ومقدار القيمة المضافة وتطوّرها، وتركيب التثميرات القائمة.
12- مقارنة بين أوضاع فترة 1990 – 2014 (عند نهاية عهد الرئيس ميشال سليمان) وأوضاع فترة عهد الرئيس فؤاد شهاب خصوصًا الأولى والثانية منها
سبق وعرضنا بالتفصيل آنفًا فترة عهد الرئيس فؤاد شهاب وبخاصةٍ الأولى والثانية منها أي عند إقدامه على التنحي عن الاستمرار في ولايته، وكذلك استعرضنا أسباب تنحيه كما عرضنا بيان العزوف عن الترشح في 5 آب 1970، حيث يتبيّن عدم نجاح النهج الشهابي في تحقيق أهدافه، حتى أن الرئيس شهاب أقدم بنفسه على حرق أوراقه ومستنداته الخاصة التي تكتنز خبرته في الدولة اللبنانية.
لذلك نرى أن إجراء المقارنة بين هاتين الفترتين تعود علينا بدقة المعرفة أين نحن الآن، ويمكن أن تدلّنا على أبواب جديدة لإعادة بناء الدولة بالمعنى الصحيح وإعادة بناء الشعب كأمة، كما كان يقول الرئيس شهاب.
الخلاصة
وعطفًا على ما تقدّم يتبيّن أن التصنيف الذي يناله الوضع الممتد من العام 1990 إلى الوقت الحاضر هو أدنى بكثير من تصنيف الوضع الذي كان عليه عهد الرئيس فؤاد شهاب. فإذا لم يستطع عهده أن ينجح في تحقيق أهداف منهجه لجهة بدء السير في جعل الدولة دولة بالمعنى الصحيح والشعب كأمة، فإنه من باب أولى أن نرى بأن مسيرتنا الممتدة من اتفاق الطائف إلى حينه لا يمكن أن تنجح في تحقيق المطلوب، بل لنقلها بصراحة إنها فشلت وتستمر بالفشل.
وهنا، نجد أنه من المستحسن أن نذكّر بما أوردنا في فقرات سابقة، بأن النهج الشهابي اعتمد في خطته أن يبدأ بالإصلاح الإداري ويتبعه بالإصلاح الاجتماعي وصولاً إلى تنمية البلاد والمواطن ضمن مفهوم التنمية الشاملة والمتوازنة والمنسقة، بحيث يصبح هذا المواطن متعلقًا بوطنه ومستقلاً في حياته، فيحسن حينئذٍ اختيار نوابه والطبقة السياسية المناسبة، وقد اعتمد الرئيس فؤاد شهاب هذه الخطة، لكي يتجنّب الانطلاق من الإصلاح السياسي نظرًا للصعوبات والسلبيات الكامنة فيه.
أما الآن، فإننا نرى أن كل الأبواب السهلة نسبيًا لا تؤدّي إلى الحل المنشود، بل لابدّ من الولوج من الباب الوحيد المتبقي للأمل، وهو باب الإصلاح السياسي مهما بلغت صعوباته ومهما طال الزمن، وهذا الأمر يتطلّب عمليات إبداعية في استحداث فكر جديد وثقافة جديدة، مع تنامي جيل جديد متسلّحًا بإبداعاته الجديدة هذه مخترقًا الحياة السياسية الخشبية القائمة، ضاغطًا لفتح تعديلات في قانون الانتخاب خصوصًا لجهة النسبية، وأن يتم اعتماد نهج إيجابي في الحياة، هو أن نأخذ أقل مما نعطي، وأن نستهلك أقل مما ننتج، وأن نضيف عملاً إضافيًا على كل ما نعمله، كل ذلك من أجل زيادة التراكمات الإيجابية وإنقاص السلبيات التي سبق وتراكمت. هل هذا التوصيف هو خيالي ومثالي ومناف للواقعية؟
ربما نعم. إنما برأيي لا توصيف آخر من أجل النهوض. في الحقيقة، إن ما أراه من توصيف لأمل النهوض وفق ما تقدّم، على الرغم من صعوباتها ومغامراتها الزمنية، هو الواقعية الممكنة، وعليه فإن هذه المعلومة تزوّدنا، أيضًا وفق ما أراه:
المعلومة الأولى: هي أنه إذا ما تم توصيف آخر معاكس ومتناقض لأعلاه، فإنه في الحقيقة مضر ويستحسن في هذه الحال عدم الأخذ به.
أما المعلومة الثانية: فهي أنه إذا ما تم توصيف آخر من خارج السياق المذكور أعلاه، (مثلاً قانون من أين لك هذا، تحديد نفقات العمليات الانتخابية وطرق إعلامها، تحديد معايير التعيينات الإدارية إلخ...) فإنه لا ينفع ولا يضر، فلا يجوز حينئذ هدر الوقت والطاقات بشأنه.
عسى أن يذهب الإصلاحيون الواقعيون من الجيل الحاضر والجيل الجديد مباشرةً إلى الهدف المنشود (أي الإصلاح السياسي والإبداع في تجديد الفكر والثقافة والممارسة) دون زيادة هدرٍ في الوقت والجهد.
[2]- د. زهير شكر، "الوسيط في القانون الدستوري – الجزء الثاني- النظام السياسي والدستوري في لبنان"، ص 52.
[3]- نسب مدورة على أساس الجدول في الصفحة 123 من كتاب. د. شكر، المرجع السابق.
[4]- تواريخ مأخوذة من الوسيط في القانون الدستوري ، د. شكر، المرجع السابق.
[5]- "حقائق لبنانية"، الجزء الثاني، ص 21.
[6]- د. كمال صليبي، "تاريخ لبنان الحديث"، النهار 69، ص 240.
[7]- "الوسيط في القانون الدستوري"، ص 276 ، مرجع سابق.
[8]- "الوسيط في القانون الدستوري"، ص 286، مرجع سابق.
[9]- مراجعة البرنامج الإصلاحي: أنور الخطيب "المجموعة الدستورية" القسم الثاني، الجزء الثاني، دستور لبنان، مطابع قدموس، الطبعة الأولى، 1970 ص 545، 552.
[10]- "الوسيط في القانون الدستوري"، د. شكر، ص 285، مرجع سابق.
[11]- ضمّت الجبهة الوطنية كل من: حميد فرنجية، فيليب تقلا، الياس الخوري، فؤاد غصن، صائب سلام، عبد الله اليافي، حسين العويني، عبد الله المشنوق، صبري حمادة، وأحمد الأسعد (ص 290، د. شكر، مرجع سابق).
[12]- من كراسات جمعية أصدقاء عبد العال، حيث توجد معلومات موسعة عن أطماع إسرائيل في مياه الليطاني، حتى قبل إنشائها في العام 1948، وذلك عن طريق الوكالة اليهودية ودورها مع بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية.
[13]- يقول المهندس إبراهيم عبد العال: "... وعلى العكس من ذلك فإذا بوشر العمل في هذا المشروع (مشروع الليطاني) بشكل متجزّئ وعلى غير برنامج شامل وتصميم عام، يصعب، بل يستحيل عندئذ تحقيقه والإفادة منه على الشكل الأكمل من جراء ارتهان تحقيقه إلى أجل غير مسمى" (من كراسات جمعية أصدقاء عبد العال).
[14]- محاضرة جورج نقاش في الندوة اللبنانية: عهد الندوة اللبنانية، ص 396.
[15]- ذكرها الوزير فؤاد بطرس نقلاً عن الرئيس فؤاد شهاب، راجع مقدّمة الوزير فؤاد بطرس لكتاب نقولا ناصيف، "جمهورية فؤاد شهاب"
[16]- مقابلة خاصة مع الوزير فؤاد بطرس، الكتاب المذكور في المرجع 15، ص 369 و412.
[17]- ص 292 من المرجع السابق، د. زهير شكر.
[18]- .(Institut de Recherches et de Formation en vue de dévéloppement
[19]- .I.R.F.E.D, Présentation condensée, Indtroduction Générale
[20]- محاضرة جورج نقاش في الندوة اللبنانية، مجموعة عهد الندوة اللبنانية.
[21]- نقولا ناصيف، "جمهورية فؤاد شهاب"، ص 26
The course of the Lebanese State in development during presidency times
There is no possibility in development without the existence of a state. However, there is possibility for the existence of a state without development and progress. The first possibility indicates the existence of a capable State expressing its people’s needs, spirit and ambitions. As for the second possibility, it indicates the transformation of the State into an authority capable of reign and control.
Therefore, it is only realistic and legitimate to conduct a study concerning the State’s course and performance in development and progress. This study gains further legitimacy and “precision” when we follow modern standards in development and progress democracy in a way that the Growth Domestic Product and its development for instance are evaluated based on its impact on different regions in the country and on the lives of different citizens.
In the Lebanese case that we are discussing, it is taken for granted that the Lebanese State, which is a relatively new country, has deep roots in Mount Lebanon and that go back to several centuries. These roots still impact Lebanon’s near past and present and affect it with sectarianism, social and political aspects and other related aspects of sectarian and international authority.
Le parcours de l’État Libanais en matière de développement durant les mandats des présidents
Pour jouir d’un développement, il faut avoir un Etat. Cependant, il est possible d’avoir un Etat sans jamais constater un certain développement ou du progrès. La première possibilité met l’accent sur l’existence d’un Etat apte à exprimer et à représenter les besoins et les aspirations de son peuple, or la deuxième possibilité porte sur la transformation de l’Etat en autorité capable de gouverner et de contrôler.
D’ici, il devint nécessaire et légitime de mener une étude sur l’itinéraire de l’État lui- même, avec son parcours suivi quant au développement et au progrès. En effet, cette étude devient encore plus légitime et «précise» lorsqu’on adopte les critères de modernité au niveau du développement et la démocratie au niveau du progrès, de sorte que le PIB soit développé et contrôlé selon son effet sur les diverses régions du pays et sur la vie des citoyens.
Or, concernant la question libanaise sur laquelle nous nous intéressons à ce niveau, il est unanime que l’Etat Libanais, considéré comme Etat plus ou moins moderne quant à son émergence, est enraciné dans le Mont Liban depuis des siècles; des racines qui interprètent jusqu’à présent le passé- proche du Liban et son présent, à travers des empreintes confessionnelles, sociales et politiques, en addition de l’influence du pouvoir des féodalités et du pouvoir international.