إقتصاد ومال

مفاعيل التأمين الإلزامي بدأت اعتباراً من نيسان والشركات الضامنة تتجه الى التسوية مع حملة البوالص
إعداد: تريز منصور

ماطوســــيــــان: القانـــون يحمي المواطن ويخفف أعباء وزارة الصحة

 

حلّ قانون التأمين الإلزامي للسيارات ضيفاً ثقيلاً على حملة بوالص التأمين الذين اختاروا طوعاً التأمين على الأضرار الجسدية والمادية, وعلى المواطنين الذين لا يؤمنون بجدوى التأمين, أو الذين يرهق كاهلهم الركود الإقتصادي... فبعد انتظار دام نحو 26 عاماً (صدور المرسوم رقم 105/ 77 تاريخ 30/6/ 77 المتعلق بالضمان الإلزامي للسيارات), بات التأمين ضد الأضرار الجسدية إلزامياً بالفعل, بدءاً من 5 نيسان المنصرم.
المؤسسة الوطنية للضمان الإلزامي, منحت المواطنين فرصة لتسوية أوضاع بوالصهم أو الحصول على عقود تأمين إلزامية لغاية 30 حزيران 2003, وذلك نظراً الى انعدام إمكانية قلب محفظة تأمينية بكاملها بين ليلة وضحاها, وإنجاز بوالص تأمين جديدة قد تطال نحو مليون سيارة.
ولكن التساهل حيال المواطنين لن يسري على كل صاحب سيارة يود تسجيل سيارته في مصلحة تسجيل السيارات, أو على من يريد سداد رسوم الميكانيك المستحقة في المصلحة أو في المصرف.
في المقابل فابتداء من تاريخ تطبيق قانون التأمين الإلزامي, يمكننا التأكيد بأن جرحى حوادث السير يمكنهم العلاج على نفقة شركات التأمين, ومن دون الانتظار طويلاً على أبواب المستشفيات, ويمكن لأي سائق سيارة أم شاحنة... الإطمئنان بأن هناك من يسنده في حال وجّه له القدر ضربة قاسية. إلا أن تطبيق القانون تشوبه ثغرات عديدة يحاول المعنيون تفاديها.
ولإلقاء الضوء على هذا القانون, التقت مجلة “الجيش” رئيس جمعية شركات الضمان في لبنان السيد ابراهام ماطوسيان, وكان لها معه حوار شمل مختلف الجوانب المتعلقة بالموضوع.


أهمية التأمين الإلزامي

■ أين تكمن أهمية حصول المواطن على عقد للتأمين الإلزامي الذي تختلف شروطه عن عقد التأمين الخاص مع المؤسسة الضامنة؟

­ بعد انتظار دام نحو 26 عاماً, بدأ لبنان في 5 نيسان الماضي بتطبيق المرسوم الإشتراعي للتأمين الإلزامي رقم 105/77 الصادر في العام 1977 مع إجراء بعض التعديلات عليه. وأهمية هذا القانون تكمن في مواجهة مخاطر متعددة ناجمة عن حوادث السير التي تكاثرت في الفترة الأخيرة. فهذا القانون يحمي بالدرجة الأولى المواطن الذي يتعرض لحادث سير, ويصاب بجروح قد تصل لدرجة الإعاقة أو الوفاة. فكم من مرة وجدنا مصاباً على الطريق ولم نتجرأ على نقله الى المستشفى خوفاً منّا من التورط بعلاجه أو بدفع جنيته. وكم من مرة رفضت إدارة المستشفى استقبال جرحى حوادث سير, لا سيما في الفترة الأخيرة, لأنها لا تستقبل مرضى وزارة الصحة التي كانت متخلفة عن دفع مستحقات المستشفيات لديها...
ويضيف ماطوسيان موضحاً:
إن البوالص المعقودة سابقاً مع شركات التأمين تتضمن استثناءات كبيرة في حوادث السيارات لا يلحظها العقد الإلزامي, وهو بالتالي يشكل حماية أكبر للمضمون, وتحديداً في ما يتعلق بالأضرار البشرية.

 

■ ما الجدوى من حمل بوليصتين, وهل ستكون هذه الصيغة نهائية؟

­ إن البوالص المعقودة مع شركات الضمان تغطي الأضرار المادية والجسدية, ولكن من دون تحديد سقف لكل منها على حدة, بينما حددت وزارة الإقتصاد في العقد الإلزامي سقف التغطية عن الأضرار الجسدية بـ750 مليون ليرة أو 500 ألف دولار حداً أقصى.
فالمرسـوم رقم 105 يجنّب وقوع إصابـات خطيرة أو مميـتة على الطـرق العامـة, من دون أن يجد أصحابها من يساعدهم سواء من صاحب السيارة المتسببة في الحادث أو حتى من السيارات العابرة على الطريق. فقد باتت شركات الضمان مرغمة على تغطية أي حادث مغطى بموجب بوليصة تأمين, بما يفضي الى عدم تحميل التكلفة لأي جهة, سواء كانت متسببة أم مساعدة, فضلاً عن التخفيف من أعباء وزارة الصحة التي كانت تتحمل كلفة علاج المصابين بحوادث مجهولة.
كما أن المرسوم رقم 105 لا يغطي فقط السيارات التي تجول في لبنان, أو حتى تلك التي تدخل الأراضي اللبنانية (سواء أكانت لبنانية أم أجنبية), بل أيضاً كل مواطن يصاب بأذى محتمل جراء حادث سببته سيارة معروفاً كان مالكها أو مجهولاً, وذلك من خلال تغطـية تتحملها المؤسسة الوطنـية للضمـان الإلزامي, وهي تشمل دفع التعويض والإستشفاء للمتضرر في حال بقيـت هوية صاحـب السيارة مجهولة.
وأضاف السيد ماطوسيان: هذا الشق يعرقل عملية تطبيق القانون في ظل الظروف الإقتصادية الراهنة التي تحول دون قدرة شركات الضمان على تحمل وزر تغطية 700 ألف سيارة على الأقل لا تحمل بوالص تأمين. والحل الذي توصلنا إليه مع وزير الإقتصاد قضى بعدم تطبيق هذا الشق أقله في الوقت الراهن, وذلك الى حين حصول كل المركبات على بوالص تأمين إلزامية.

 

السيارات السياحية أولاً

أما في ما يتعلق بالجدوى من حمل بوليصتي تأمين, يتابع ماطوسيان, فإن جمعية شركات الضمان تعمل على إعداد مشروع قانون جديد يغطي المسؤولية المدنية تجاه الغير سواء أكانت جسدية أم مادية. ولقد انجزنا الدراسات اللازمة في شأن مشروع القانون وسنرفعه قريباً الى وزارة الاقتصاد لتدرسه وتضع ملاحظاتها عليه قبل أن تحيله الى مجلس الوزراء ومنه الى مجلس النواب لاقراره.
وأوضح ماطوسيان أن المراحل الأولى لتطبيق قانون التأمين الإلزامي, تشمل تطبيق البنود التي تجبر الآليات المسجلة في دوائر الميكانيك أو تلك التي تتجول في الأراضي اللبنانية على حيازة بوليصة تأمين إلزامي. وقد بدأ التطبيق على السيارات السياحية الخصوصية, على أن يشمل لاحقاً كل أنواع الآليات والمركبات, ومن ثم يتم إصدار قانون جديد يوحّد بوالص التأمين.

 

■ إن الظروف الإقتصادية الصعبة, جعلت المواطن اللبناني ينفر من تطبيق قانون التأمين الإلزامي, لا سيما الذين يملكون عقود تأمين ضد الغير تصل في شروطها الى تغطية أقصى الحالات كالتأمين الذي يشمل كل المخاطر (Tous Risques) مثلاً. فالسؤال المطروح, ما هي الآلية التي اعتمدت في تركيبة التعريفة, ومن هي الجهة المخولة إصدار العقود أو “البوالص”؟

­ إن شركات الضمان المرخص لها مخوّلة وحدها إصدار البوالص, وهي تملك نماذج العقود المطلوبة للتأمين الإلزامي. أما بالنسبة للتعرفة, فهي محددة ضمن هامش الـ65 ألف ليرة للسيارات السياحية حداً أدنى أي من دون عمولة, إذا ما تمّ ابتياع البوليصة من شركة الضمان مباشرة, وصولاً الى 90 ألفاً -­ إذا ما تم ابتياعها عبر وسيط التأمين. وهناك لائحة تحدد أسعار عقود التأمين الخاصة بسيارات الأجرة (تاكسي) والشاحنات والباصات... والجدير ذكره هنا أن الشركات ستتسابق على جذب الزبائن ضمن الهامش المحدد للتعريفة, كما أن وزارة الإقتصاد سوف تلاحق كل شركة لا تلتزم الهامش المحدد منها خفضاً أو ارتفاعاً, وستعتبر أن الشركات المنحلة دخلت في مضاربة غير مشروعة يجيز القانون ملاحقتها ومحاسبتها عليها.

 

■ ما هي حصة الدولة من عقود التأمين الإلزامية؟

­ يفرض القانون على شركات التأمين تكلفة إضافية على العقود الإلزامية, وهي كلفة الطوابع البريدية وضريبة الأرباح وتسدد مباشرة الى الدولة.

 

شركات الضمان تتجه الى التسوية

■ لماذا لا تتحمل شركات التأمين هذا العام كلفة عقود التأمين الإلزامية, إرضاءً لزبائنها مثلاً, وتفادياً منها للعثرات التي بدأت تظهر جراء تطبيق القانون؟

­ إن شركات الضمان التي تبيع البوالص الإلزامية قد تضيف إليها شق تغطية الأضرار المادية (في ملحق خاص) بتكلفة معقولة, فتكون بذلك غطّت بعضاً من خسارتها لدى بيعها بسعر الـ65 ألفاً, أما عن البوالص السابقة فإن الشركات التزمت لدى الوزارة الإتصال بمضمونها لتتبين أوضاع بوالصهم والمدد المتبقية من صلاحياتها, تمهيداً للتوصل معهم الى تسوية مقبولة من الطرفين تفضي الى تقاسم التكلفة, علماً أن لا مصلحة للشركات في خسارة مضمونيها. واعتبر أنه من الطبيعي أن يشوب الآلية التطبيقية للقانون بعض المعوقات في السنة الأولى, وخصوصاً أن نسبة السيارات غير المسجلة في دوائر الميكانيك والتي لا تحمل تالياً بوالص تأمين تصل الى 70 في المئة, فضلاً عن وجود أعداد هائلة من السيارات غير المبلغ عنها والتي احترقت أو دمّرت خلال الحرب.
وأضاف ماطوسيان قائلاً: رغم أن تطبيق قانون الضمان الإلزامي علي السيارات قد بدأ منذ نيسان الماضي, فلا يزال معظم المواطنين وتحديداً أصحاب حملة بوالص التأمين العادية, يعتبرون أنهم معفيون من الإلتزام به, علماً أن البوليصتين مختلفتان كلياً.
وستعمد قوى الأمن الداخلي الى تسيير دورياتها بدءاً من 1 تموز 2003 لملاحقة المخالفين غير الحائزين على عقد التأمين الإلزامي.

 

■ هل تعتـقد أنه في ظـل الظروف الإقتصادية الراهنة, سوف يكون بإمكان شركات التأمين تحمل أعباء الأضرار المادية والبشرية من جراء الحوادث لغاية الـ500 ألف دولار؟

­ نعتبر أن السنة الأولى من تطبيق القانون ستكون بمثابة تجربة, وعلى ضوء الواقع قد يصار الى إجراء تعديلات.

 

تصوير: المجند حسن عسيلي