حدث الموسم

من الأوروغواي 1930 الى جنوب إفريقيا 2010 ثمانون عاماً من عمر المونديال
إعداد: العميد أنطوان نجيم

احتفلت القارة السمراء في 11 حزيران 2010 بانطلاق منافسات نهائيات كأس العالم التي تحتضنها جنوب أفريقيا، بعد أن انتظرت هذه اللحظة لستة أعوام منذ أن تمّ اعتماد إقامة النسخة الـ19 من أكثر البطولات العالمية انتظاراً فيها.
افتتح المونديال على وقع حادثة وفاة إبنة حفيدة الزعيم الجنوب أفريقي نلسون مانديلا، فبقي المكان المخصص لهذا الرجل فارغاً، في الوقت الذي تجمّع فيه الرسميون في المنصة الرئيسة يتقدّمهم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ونائب الرئيس الأميركي جو بايدن الى جانب حوالى 20 رئيس دولة.
وكان الحفل مقتضباً بمراسم خجولة لم تف البلد الأفريقي حقه، هو الذي تمكّن من انتزاع الحدث ليدخل القارة السمراء في سجلّ المنظّمين.
وقبل ساعات من انطلاق الحفل، شبّه الرئيس التنفيذي داني جوردان أجواء انتظار انطلاق كأس العالم بأنها «مثل اليوم الذي أطلق فيه سراح مانديلا من السجن، كل شيء في البلاد سيتوقف، وفي 11 شباط 1990 كانت جنوب أفريقيا كافة مسمّرة أمام شاشات التلفزيون في انتظار اللحظة التي سيفتح فيها باب السجن».
وقال رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جوزيف بلاتر إن «الحلم أصبح حقيقة»، وذلك قبل دقائق من انطلاق المباراة الافتتاحية. وأضاف على أرض ملعب سوكر سيتي والى جانبه رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما «يا أصدقائي، ها نحن في أفريقيا، ها نحن في جنوب أفريقيا» وسط تصفيق حار في المدرجات، «وقد لا يكون مانديلا معنا جسدياً في الملعب، لكن روحه موجودة في أرجاء ملعب سوكر سيتي».
أما زوما فقال: «كان ماديبا يريد المجيء اليوم، لكن مأساة ضربت عائلته، فأوكل اليّ أن أنقل اليكم الرسالة الآتية: «العرض يجب أن يبدأ، استمتعوا به».
وانتهى اللقاء الافتتاحي الذي جمع جنوب أفريقيا والمكسيك بتعادل الفريقين بهدف لكل منهما، سجل أصحاب الأرض عن طريق تشابالالا (55) وعادَل رفائيل ماركيز للمكسيك (79).
وهكذا انطلقت بطولة كأس العالم في كرة القدم بنسختها التاسعة عشرة لتستمر شهراً (11 حزيران - 11 تموز) تسرق فيه اهتمام العالم.
ثمانون عاماً (1930 - 2010) هي رحلة المونديال من الأوروغواي، الدولة المنظّمة الأولى، الى جنوب أفريقيا، الدولة المضيفة الحالية.
كيف بدأت هذه المسيرة؟ وكيف ارتفع صرح كأس العالم في كرة القدم؟ وما هي مقوماته ودوره؟

 

تاريخ البطولة
بطولة كأس العالم في كرة القدم التي ينظّمها الإتحاد الفدرالي لكرة القدم (فيفا) هي منافسة دولية تجري عادة كل أربع سنوات. وقد أنشأها العام 1928 جول ريميه. وهي مفتوحة أمام كل الإتحادات المعترف بها من الفيفا. وجرت أول نسخة منها في الأوروغواي العام 1930 وخرج منها البلد المضيف بطلاً للدورة.
باستثناء بطولة العام 1930 تنقسم المنافسة الى مرحلتين: المرحلة الأولية تنظمها الإتحادات القارية وتسمح لأفضل المنتخبات في كل قارة بالتأهل للمرحلة النهائية التي تجري في الدولة المنظمة للبطولة. ويوفر الشكل الحالي لهذه المرحلة المواجهة بين 32 فريقاً دولياً للرجال خلال فترة زمنية تمتد حوالى شهر واحد.
انطلق مشروع تنظيم كأس العالم مع تأسيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) العام 1904، وبعد سنتين، العام 1906، خُطِّط لإجراء النسخة الأولى التي أعدها الحاكم الهولندي كارل هيرشمان في سويسرا وكانت ستستقبل أربع مجموعات من أربع فرق كجولة أولى. ولكن بعد إقفال باب تأكيد التسجيل للمنتخبات الستة عشرة المدعوة في 31 آب 1905 ولم يؤكد أي اتحاد مشاركته، دفن المشروع في المهد.
بعد إدخال كرة القدم مسابقة في الألعاب الأولمبية اعتباراً من العام 1908 أراد هيرشمان العمل على الاعتراف بهذه المسابقة الأولمبية بطولة عالمية للهواة في كرة القدم. وأقرّ مؤتمر الفيفا العام 1914 هذه الفكرة، بيد أن الحرب العالمية الأولى جمّدتها ما اضطره الى تعديل موقفه لا سيما بعد انتخاب جول ريميه رئيساً له. فلقد بذل هذا الأخير مع هنري ديلوناي جهوداً كبيرة من أجل عدم الاعتراف بالمسابقة الأولمبية كبطولة عالمية لهواة كرة القدم وناضل في سبيل تأسيس منافسة جديدة. وسمحت الألعاب الأولمبية العامين 1924 و1928 بإرساء حوار بنّاء بين تشكيلات أميركا الجنوبيـة والقـارة العجـوز (أوروبـا).
عقب مؤتمر فيفا الذي عقد في برشلونة - اسبانيا في 18 أيار 1929 أوكلت مهمة تنظيم بطولة كأس العالم الى الأوروغواي لتحتفل بمئوية استقلالها الأولى ولأنها بطلة كرة القدم الأولمبية مرتين على التوالي. وفي مؤتمر آخر عقده في امستردام في 28 أيار 1928 أقر مشروع كأس العالم بتصويت حصد موافقة 25 صوتاً ومعارضة 5 أصوات (الدول الاسكندينافية) وامتناع ألمانيا. ولأسباب مالية وإدارية قبلت أربعة منتخبات أوروبية فقط مكابدة مشقات الانتقال الى الأوروغواي العام 1930 وهي منتخبات فرنسا وبلجيكا ويوغوسلافيا ورومانيا.
بالمقابل كان جول ريميه نفسه قد أكره على القيام بجولة رسمية في فرنسا لإقناع السلطات واللاعبين والموظفين عدم تفويت فرنسا هذا اللقاء العالمي. واحتراماً لجهده أطلق إسم جول ريميه على أول كأس للبطولة التي ما تزال الى اليوم تحمل إسم «جول ريميه» الذي أطلق عليها في مؤتمر فيفا في اللوكسمبورغ في 25 أيار 1946.
ثبّت نمط كأس العالم في كرة القدم بالتعاقب مع الألعاب الأولمبية (كل أربع سنوات). وفي عصر إنشاء بطولة العالم لكرة القدم كانت كل الفرق تقريباً تتحلى بالتنشئة نفسها للألعاب الأولمبية وكأس العالم لأنها كانت للهواة. بيد أن المنافسة سرعان ما غدت احترافية وأعلنها فيفا رسمية العام 1931، لتصبح كأس العالم منافسة تحمل القيم المختلفة نفسها كما في الألعاب الأولمبية ومفتوحة أمام الجميع هواة ومحترفين.

 

أرقام قياسية
• على صعيد الدول والأمم:

قارتان سيطرتا تاريخياً على كأس العالم في كرة القدم. فلقد نظّمت أميركا الجنوبية وأوروبا جميع المنافسات الأولى وكان الفائزون السبعة الأوائل المختلفون المسجلون في قائمة جوائز كأس العالم للفيفا إما من أميركا الجنوبية أو من أوروبا. أكثر من ذلك، منذ فوز البرازيل العام 1962 بالبطولة، يعقب منتخب أوروبي على الدوام منتخباً أميركياً جنوبياً في لقب كأس العالم. ولما كانت البطولة تنظم في قارات العالم كلها: أميركا الشمالية (1970 - 1986 - 1994)، وآسيا (2002)، وإفريقيا (2010) باتت المنافسة عالمية وحدثاً دولياً.
إن الأرقام القياسية سجّلتها بشكل أساسي الدول صاحبة التاريخ في البطولة. فالمنتخب الوحيد الذي شارك في جميع نهائيات المنافسات هو البرازيلي الذي يحمل رقماً قياسياً في إحراز كأس العالم لكرة القدم (خمس مرات). وكذلك هو المنتخب الوحيد الذي توّج بطلاً خارج قارته: في أوروبا العام 1958 وفي آسيا 2002 في حين لم يفرض نفسه بطلاً في عقر داره أمام منتخب الأوروغواي العام 1950.
من ناحية ثانية، البرازيل (1958 و1962) وإيطاليا (1934 و1938) هما الدولتان الوحيدتان اللتان أحرزتا الكأس مرتين على التوالي. والفريق الإيطالي هو واحد من أفضل المدافعين إذ يحتفظ بالرقم القياسي بعدد الدقائق المتتالية في المناعة وعدم الإنهزام، حيث استطاع حارس مرماه والتر زنغا الحفاظ على شباكه نظيفة خلال 517 دقيقة في كأس العالم 1990. وتعادل المنتخبان الإيطالي والفرنسي المتوجان بطلين، الأول العام 2006 والثاني 1998، بعدد الأهداف المسجلة في شباكهما خلال البطولة: هدفان لكل منهما.
فريقا البرازيل وألمانيا نافسا على الكأس في أكبر عدد من نهائياتها: 7 مرات. والفريق الألماني هو الأكثر انتظاماً في المربع الأخير حيث شارك بأحد عشر نصف نهائي. وبين ألمانيا الغربية وألمانيا الموحدة هو الأكثر تسجيلاً للأهداف: 25 هدفاً العام 1954، أي أقل بهدفين من المجر في المرحلة النهائية في بطولة هذا العام.
أربع دول نظّمت مرتين المونديال هي إيطاليا وفرنسا والمكسيك وألمانيا. أما البرازيل التي استضافته العام 1950 فتستقبله ثانية العام 2014. وباستثناء المكسيك، الجميع أحرز كأس العالم على الأقل مرة واحدة.
الأوروغواي (1930)، وإيطاليا (1934)، وإنكلترا (1966)، وألمانيا (1974)، والأرجنتين (1978)، وفرنسا (1998)، جميعها أحرزت كأس البطولة على أرضها (أي 6 دورات من أصل 18). ومن أصل عشر نهائيات جرت بعد اعتماد نظام ركلات الترجيح نهائيتان فقط عرفتاه: العام 1994 بين إيطاليل والبرازيل التي فازت 3 -2، والعام 2006 بين فرنسا وإيطاليا التي أحرزت الكأس 5 - 3.
عند التأهل لكأس العالم وحدها إسبانيا فازت بعشر مباريات من عشر العام 2010، والعام 1970 سجلت الانتصار بست مباريات من ست. وعلى التوالي، العامان 1982 و2010 انتصرت ألمانيا الغربية وهولندا في ثماني مباريات من ثمان. ويبقى في مرحلة التأهل الانتصار الأكبر لأستراليا الي سحقت جزر ساموا الأميركية العام 2001 بـ31 هدفاً مقابل لا شيء سجل منها 13 أرشي طومبسون ما شكّل رقماً قياسياً لعدد الأهداف المسجلة في مباراة دولية.
أما النصر الأكبر في المرحلة النهائية لبطولة العالم فتمثّل بفوز المجر على السلفادور 10 - صفر في المباراة الأولى من الدور الأول ضمن المجموعة الثالثة وذلك في 15 حزيران 1982. وفي هذا اللقاء ايضاً حقق البديل لإسلوكيس الثلاثية الأسرع في تاريخ كأس العالم إذ سجل أهدافه الثلاثة في الدقائق 70 و73 و78 لتكون أول هاتريك أو ثلاثية للاعب بديل. وثمة مباريات أخرى انتهت بنصر بفارق تسع أهداف كما جرى مع يوغوسلافيا ضد زائير في 18 حزيران 1974 (9 - صفر)، والمجر ضد كوريا الجنوبية في 17 حزيران 1954 (9 - صفر).

 

• على صعيد اللاعبين:
الفرنسي لوسيان لوران هو أول هداف في تاريخ المونديال إذ سجل هدفه في مباراة افتتاح بطولة الأوروغواي العام 1930 ضد المكسيك. والهدف الألف سجّله الهولندي روبرت رنزنبرك في مباراة خاسرة أمام اسكتلندا في 11 حزيران 1978.
يحتفظ البرازيلي رونالدو بالرقم القياسي في تسجيل الأهداف في كأس العالم حيث سجل 15 هدفاً، يليه غيرد موللر بأربعة عشر هدفاً. ويبقى الفرنسي جوست فونتين أفضل هدّاف في بطولة واحدة إذ سجّل 13 هدفاً في مونديال 1958 ولم يسجل في بطولة أخرى. ويحتل بيليه المركز الرابع بين هدافي كأس العالم بإثني عشر هدفاً. أما الروسي أوليغ سالنكو فهو أفضل هداف في مباراة واحدة حيث سجل 5 أهداف في المباراة بين روسيا والكاميرون (6 - 1) العام 1994. وفي هذه الأخيرة ايضاً كسر روجيه ميلا رقماً قياسياً آخر إذ أنه بات الهداف الأكبر عمراً في البطولة ونهائياتها (42 عاماً)، في حين كان الأصغر سناً الإيرلندي الشمالي نورمان هوايتسايد الذي كان عمره في أول مباراة من كأس العالم 1982 17 سنة و41 يوماً.
البرازيلي جيرزنيو هو الوحيد الذي سجل في كل مباراة من مباريات المرحلة النهائية للمونديال وذلك في دورة العام 1970 أمام المكسيك مع منتخبه البرازيلي.
الهدف الأسرع في نهائيات كأس العالم مسجل على إسم التركي هاكان سوكور الذي سجل في المنافسة على المرتبة الثالثة بين تركيا وكوريا الجنوبية في بطولة العالم 2002 هدفاً في الثانية الحادية عشرة بعد انطلاق المباراة التي فازت فيها تركيا 3 - 2.
العام 1986، طرد جوزيه باتيستا من مباراة الأوروغواي - اسكتلندا بعد 56 ثانية فقط بسبب الإمساك بلاعب من الخلف وهكذا سجلت البطاقة الحمراء الأسرع في بطولة كأس العالم.
اللاعب الذي أحرز أكبر عدد من الإنتصارات في المونديال هو البرازيلي بيليه الأعوام 1958 و1962 و1970، والذي يحتفظ برقم قياسي في الفتوة إذ كان أصغر هداف وفائز في كأس العالم. وبالمقابل دينو زوف حارس مرمى المنتخب الإيطالي هو اللاعب الأكبر سناً الذي يحرز البطولة.
اللاعبان أنطونيو كاربجال ولوتر ماتيوس هما الوحيدان اللذان شاركا في نهائيات خمس من البطولة. وماتيوس شارك في أكبر عدد من اللقاءات في 25 مباراة بين العامين 1982 و1998. والبرازيلي كافو هو الوحيد الذي شارك في ثلاث نهائيات في كأس العالم: 1994 وفاز فيها و1998 وكان في النهائي، و2002 وأحرز كأس البطولة وهو كابتن الفريق. أما لويس مونتي فشارك في نهائيتين لصالح دولتين مختلفتين فخسر العام 1930 مع الأرجنتين وفاز العام 1934 مع إيطاليا.
وأخيراً ثمة شقيقان شاركا في مونديال 1954 هما فرتيز واوتمار والتر، وآخران هما بوبي وجاكي شارلتون في بطولة العام 1966.

 

• امتيازات فردية:
في نهاية كل مونديال توزع عدة كؤوس على اللاعبين المتميّزين والفرق في مختلف مجالات اللعب. فالعام 1938 أعلن الفيفا فريقاً نموذجاً في نهاية البطولة ولكن غياب الإيطالي سيلفيو بيولا عنه أثار استنكاراً بحيث رفض الاتحاد إحياء هذا النوع من التسمية ثانية. وبين العامين 1982 و2002 ثمة جائزة اعتمدت للهدف الأسرع وهي عبارة عن ميقات (كرونومتر) من الذهب.
حتى العام 2006 ست جوائز رسمية تمنح:
1- الحذاء الذهبي ويمنح منذ العام 1983 لأفضل هدّاف.
2- كأس أفضل لاعب في كأس العالم (الأولى منحت العام 1982).
3- جائزة ليف ياشين لأفضل حارس مرمى وتمنح منذ بطولة العام 1994.
4- جائزة أفضل لاعب من فيفا وتمنح للفريق الذي يظهر أفضل روح رياضية وسلوك رياضي على أرض الملعب وخارجه. بدأت مع بطولة العام 1978.
5- جائزة الفريق الأكثر مشاهدة وتمنح للفريق الذي ألهب حماس الجمهور ومعجبيه. بدأ منحها العام 1994.
6- جائزة أفضل لاعب شاب ويكافأ بها أفضل لاعب له من العمر 21 سنة اعتباراً من بداية السنة. منحت للمرة الأولى العام 2006.

 

• اختيار الدول المضيفة:
في مؤتمر فيفـا في برشلونـة في 18 أيار 1929 عُهد الى الأوروغواي تنظيـم أول مونديال لتحتفل بمئـوية استقلالها، ولأنهـا ايضـاً حاملة لقب بطولة الألعاب الأولمبية في كرة القدم مرتين.
أما الدورة الثانية فقد استضافتها إيطاليا العام 1934 لأنها وفت الشروط المالية الضرورية. وانسحبت السويد المستعدة تماماً أمام ترشيح إيطاليا.
العام 1938 تمنى جول ريميه أن تعقد البطولة في بلاده فرنسا. وترشحت لتنظيمها ايضاً كل من الأرجنتيين وألمانيا. وبنتيجة الاقتراع اختيرت فرنسا في 15 آب 1936.
لما كانت البرازيل قد اختيرت لاستقبال مونديال 1942 والذي ألغي بسبب الحرب العالمية الثانية، فقد أعيد تكليفها خلال مؤتمر عقد في 26 تموز 1946 في اللوكسمبورغ تنظيم بطولة العالم 1950 للمرة الأولى بعد الحرب على أن تنظم سويسرا نسخة العام 1954. وللمرة الثانية من دون اقتراع عهد تنظيم مونديال 1958 الى السويد في 23 حزيران 1950 في ريو دي جانيرو أي قبل ثماني سنوات تقريباً من انطلاق الحدث.
ثلاث دول ترشحت لاستضافة مونديال 1962 هي الأرجنتبن وشيلي وألمانيا الغربية فاستحقت شيلي هذا الشرف نتيجة القرعة في 10 حزيران 1956 في لشبونة (32 صوتاً مقابل 11). ونتيجة قرعة أخرى لفيفا في روما في 22 آب 1960 فازت بريطانيا بتنظيم مونديال 1966. ولبطولة العام 1970 تابع الإتحاد الدولي في مؤتمره التناوب بين أوروبا وأميركا الجنوبية فاجتمع في طوكيو في 8 تشرين الأول 1964 ليختار المكسيك من الدورة الأولى للإقتراع.
في 6 تموز 1966 في لندن اختار فيفا الدول الثلاث المنظمة للبطولة. وكانت ألمانيا الغربية وإسبانيا المرشحتين عن أوروبا لنسختي 1974 و1982 فرست الأولى على ألمانيا الغربية والثانية على إسبانيا واختيرت الأرجنتين لتنظيم مونديال 1978 بعدما فشلت العامين 1962 و1970.
وتغيّر الإقتراع ليحل تصويت اللجنة التنفيذية لفيفا مكان تصويت مؤتمره. فبعدما اختيرت كولومبيا العام 1974 في استوكهولم لاستضافة مونديال 1978، أعلنت نتيجة مشاكل مالية انسحابها العام 1982، فسارعت الهيئة التنفيذية الى التصويت بإجماع أعضائها على ترشيح المكسيك لتنظيم نسخة العام 1986. ثم فضلت إيطاليا على الإتحاد السوفياتي السابق لاستقبال بطولة العام 1990.
ولتحديد منظم مونديال 1994 كان اللجوء الى الإقتراع مجدداً في زوريخ العام 1988، فتغلبت الولايات المتحدة الأميركية على المغرب بفارق ثلاثة أصوات، وانكسر التناوب بين أوروبا وأميركا الجنوبية واستبعد المغرب مرة أخرى لتنتخب فرنسا العام 1992 لاستضافة مونديال 1998.
في 31 أيار 1996 اقترح ترشيح مشترك بين اليابان وكوريا الجنوبية وتمّ التصويت عليه برفع الأيدي من أعضاء الهيئة التنفيذية لفيفا. وهكذا جرت نهائيات البطولة في آسيا العام 2002. ولما لم يكن الترشيح المشترك الأول في تاريخ كأس العالم مقنعاً، حظر الإتحاد الثنائية في تنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم.
بعد ثلاث دورات إقتراع رست القرعة على ألمانيا لتنظيم بطولة العام 2006 متقدمة بصوت على جنوب أفريقيا التي سميت لتستقبل النسخة اللاحقة على حساب المغرب التي خُيّبت مرة أخرى. وهكذا غدت جنوب أفريقيا أول دولة أفريقية تستقبل كأس العالم لكرة القدم. وعملاً بنظام المداورة في الإتحاد سوف تنظم بطولة العام 2014 في أميركا الجنوبية حيث اختيرت البرازيل بعد انسحاب باقي المرشحين.

 

حجم المنافسة
في حين كانت النسخة الأولى من المونديال لا تضم سوى 13 فريقاً، فرضت أدوار تمهيدية منذ العام 1934 من أجل اختيار 16 فريقاً من 30 دولة مسجلة في الإتحاد. وحتى الدولة المنظمة إيطاليا عامذاك كان عليها الإشتراك بهذه الأدوار في حين قررت الأوروغواي عدم الدفاع عن لقبها. من العام 1938 حتى العام 2002 كان حامل اللقب والدولة المنظمة يتأهلان تلقائياً ومن بعدها وحدها الدولة المنظمة باتت تتأهل تلقائياً. فكان على البرازيل بطلة العالم 2002 أن تمر بالدور التمهيدي لبلوغ المرحلة النهائية 2006.

 

الدور التمهيدي
منذ مونديال 1934 تجري مباراة التأهل قبل المرحلة النهائية من المسابقة بغية تقليص عدد الفرق المشاركة في البطولة. ويقسم الدور التمهيدي على المناطق القارية الست المشاركة في الإتحاد: إفريقيا، آسيا، أميركا الشمالية، أميركا الوسطى والكراييب، أميركا الجنوبية، أوقيانيا وأوروبا وكل منها يتمثل في الفيفا باتحاده الخاص. ولكل نسخة من البطولة يقرر الإتحاد الدولي عدد المقاعد المحجوزة لكل من المناطق القارية الست. ويبدأ نظام التأهل بعد المرحلة النهائية من النسخة السابقة حتى سحب القرعة للمنافسة.  وتختلف أشكال التأهل وفق الإتحادات. وهناك ايضاً حواجز بين فرق الإتحادات.

 

المرحلة النهائية
تجري المرحلة النهائية من البطولة وفق نظامين: المجموعات من حيث النصف نهائيات (العام 1930 بشكل خاص) والاستبعاد المباشر (العامان 1934 و1938). تُفصّل الفرق في مجموعات والقوائم بسحب القرعة. العام 1950 استبدلت نصف النهائيات والنهائيات بمجموعة نهائية. ومن العام 1954 الى العام 1970 تبرز ثماني فرق للربع نهائي من أربع مجموعات (أربع فرق المجموعة). ويتم نهائي الدورة بالاستبعاد (الخروج) المباشر. واستمرت النسخ بين العامين 1974 و1978 تلعب بستة عشر فريقاً ولكن حلت دورة ثانية للمجموعات مكان الربع نهائي والنصف نهائي.ومع زيادة عدد الفرق المتأهلة في المرحلة النهائية من 16 الى 24 فريقاً العام 1982، تضمنت صيغة البطولة ست مجموعات من 4 فرق في الدور الأول، تليها الدور الثاني 4 مجموعات من 3 فرق، وهكذا تحسم النصف نهائيات والنهائيات المنافسات. ومن العام 1986 الى العام 1994 تضمنت الصيغة ست مجموعات من 4 فرق المجموعة في الدور الأول الذي يفضي الى 16 تشكيلة تتأهل في دور الثمانية. وتلعب بعدها نهاية البطولة بالاستبعاد المباشر. ومنذ العام 1998 يشارك 32 فريقاً في المرحلة النهائية بثماني مجموعات من 4 فرق المجموعة في الدور الأول الذي يبرز 16 فريقاً يتأهل بدور الثمانية.

 

تطور القوانين
يحمل اللاعبون أرقاماً على لباسهم الرياضي منذ مونديال 1983 في فرنسا.
في البدء كان مسموحاً بالبدلاء إثر إصابة اللاعب الأصيل بجروح. وكان أول تبديل للاعب خلال مباراة تأهيلية بين ألمانيا والسار في 11 تشرين الأول 1953 حين حل هورست إيكل مكان ريتشارد غوتينغر. واعتباراً من مونديال 1970 صُرّح بالتبديلات أياً تكن الأسباب فغدا للفرق الحق بإدخال لاعبين بديلين.
وفي المرحلة النهائية كان أول تبديل من هذا النوع في 31 أيار 1970 في مباراة بين الإتحاد السوفياتي السابق والمكسيك حين حل أناتولي بوزاش مكان مواطنه فيكتور سربريانيكوف في الدقيقة 46 من المباراة.
حسِب الفوز بثلاث نقاط خلال مونديال 1994 بعدما كان يساوي نقطتين: التمريرة الخلفية منعت في كأس العام 1994 بغية الحد من استعمالها فيتطور اللعب الهجومي.
ازداد عدد الفرق المتأهلة للمرحلة النهائية من 22 لاعباً الى 23 في نسخة العام 2002.
العام 2010 فرض فيفا أن ترفع أعلام: الإتحاد الدولي والإتحاد المحلي وأعلام الفريقين المتنافسين في الملعب خلال كل مباراة من مباريات البطولة. كما يجب أن يعزف نشيد فيفا فيما الفريقان يدخلان الى أرض الملعب. وكما في سائر اللقاءات الدولية يعزف النشيد الوطني لكل من الفريقين المتنافسين بعد اصطفافهما ثم يصافح اللاعبون بعضهم البعض بالإضافة الى الحكام.

 

حفل الإفتتاح
قبل العام 1970 كان حفل الإفتتاح يتم بكل بساطة بتقديم ممثلي الدول. والعام 1970 تم استعراض اللاعبين المرتدين ألوان دولهم المتأهلة. بعد أربع سنوات نظمت ألمانيا الغربية حفل افتتاح بسيطاً ولكن غير مسبوق. فلقد جهز المنظمون بالونات من الزهور تفتح لتفسح المجال أمام راقصين محليين من كل دولة. لم يكن اللاعبون حاضرين وإنما مشاهير قدماء حضروا أمثال بيليه أو أووه سيلر. والعام 1982 ترأست العائلة الملكية الإسبانية حفل افتتاح المونديال وكان رمزه حمامة السلام لبابلو بيكاسو. وأطلق فيه أكثر من 20000 بالون قبل أن يشكّل 2200 رياضي ارتدوا اللون الأبيض حمامة على أرض ملعب كامب نو الخضراء. وبعد الخطاب الرسمي لكل من رئيس فيفا وملك اسبانيا بدأت المنافسة. والعام 1990 جرى حفل الإفتتاح في استاد سان سيرو المجدّد بإسم ستاد جيوزيبي ميازا وبحضور أربعة رؤساء دول هم: رئيس الدولة المنظمة الإيطالي فرنشيسكو كوسيغا والبرازيلي فرناندو كولور دي مللو والكاميروني بول بيا والأرجنتيني كارلوس منعم وهذان الأخيران حضرا مباراة الإفتتاح التي جمعت فريقي دولتيهما. وقدّم رياضيون أعلام دولهم قبل أن تدخل على أرض الملعب عارضات بألوان القارات الخمس، ثم عزف نشيد كأس العالم مع إطلاق البالونات.

 

الملاعب
جرى مونديال 1930 على ثلاثة ملاعب في مونتيڤيديو عاصمة الأوروغواي. وكان استاد سنتناريو الأكبر مساحة بين الثلاثة والذي يسع أكثر من 80 ألف شخص غير جاهز عند بداية المنافسة، لذا جرت المبارتان الأوليان على الملعبين الآخرين: استاديو بوستيوس واستاديو غران بارك سنترال. أقل حشد حضر المونديال كان في لقاء جمع بين فريقي رومانيا وبيرو في استاديو بوستيوس العام 1930 حيث لم يملأ المدرجات أكثر من 300 مشاهد. ولعب أول نهائي للمونديال في التاريخ على ملعب سنتناريو. والعام 1938 رفعت فرنسا سعة استاد كولومت الى 60 ألف مقعد وجدّدت ووسعت الملاعب الثمانية الأخرى وشاهد البطولة 374937 مشاهداً.
في مونديال 1950 بني ملعب ماراكانا لاستقبال البطولة وسمح بتحطيم الرقم القياسي في الحشود. فبما مجموعه رسمياً 199854 مشاهداً، سجّلت المباراة الحاسمة بين البرازيل والأوروغواي على هذا الملعب العام 1950 الحشد الأكبر في مباراة كرة قدم ضمن إطار كأس العالم. وفي نسخة السويد العام 1958 بنى المنظمون للمناسبة ملاعب جديدة في مالمو وغوتبرغ. وجُدد ملعب راسوندا في ستوكهولم ليستوعب أكثر من 50 ألف شخص. وفي المجموع حضر مونديال السويد 821363 مشاهداً. وفي كأس العالم 1970 بُني ما بُني وجُدد ما جُدد من الملاعب الخمسة وهي: ستاد جالسكو وستاد نوكمب وستاد كوهتموك وستاد نمزيو دياز وستاد ازتكا. وهذا، ذات السعة الفائقة الـ105 آلاف مشاهد بني من أجل البطولة ولاستقبال نهائي كأس العالم 1970 ويقع في مدينة مكسيكو العاصمة، واستقبل عشر مباريات العام 1970 وتسعاً العام 1986، ما يشكل رقماً قياسياً في عدد اللقاءات التي جرت ضمن كأس العالم على الملعب نفسه.
العام 1974 اختارت ألمانيا الفدرالية أن تنظم البطولة على تسعة ملاعب مختلفة. اثنان منها بنيا للمناسبة هما بارك ستاديون وستفالن ستاديون وجُدد الباقون. وسُجل رقم قياسي في ما يخص عدد المشاهدين الذي بلغ 1774022مشاهداً.
لم تكسر الأرجنتين الرقم القياسي للجماهير التي حضرت البطولة العام 1978 وبلغ عدده 1729292 مشاهداً، ولكنها باعت 80٪ من البطاقات المتوافرة مقابل 72٪ باعتها ألمانيا الغربية قبل 4 ساعات. والعام 1988 بنت فرنسا ستاد دو فرانس لاستقبال نهائي البطولة وجددت الملاعب الأخرى.
ولمناسبة مونديال 2006 بُني اثنا عشر ملعباً ألمانياً أو جُددت: بُني ملعبا لا أليانز أرينا وميونيخ أرينا.
وجرى نهائي الكأس على ملعب برلين الأولمبي المجدد للمناسبة. أما في جنوب أفريقيا العام 2010 فقد بُني قسم كبير من الملاعب العشرة للمناسبة.
في سنوات القرن الحادي والعشرين خضع بناء الملاعب لدفتر شروط دقيقة جداً وضعه فيفا من أجل أن تقر رسمياً الملاعب لاستقبال نهائي الكأس.

 

التجهيزات
خلال أول نهائي مونديال 1930 أحضر كل فريق كرته وكان على الحكم جون لانجنوس أن يسحب القرعة لاختيار الملعب كما الكرة للعب المباراة. واختيرت الكرة الأرجنتينية بالصدفة. ومنذ نسخة العام 1934 استعمل نموذج الكرة نفسه في جميع لقاءات المرحلة النهائية نفسها. وقدّمت شركة ألن الكرات العام 1938. والعام 1962 اختيرت أديداس كممون بالكرات وأنتجت كرتها سانتياغو. وبعد توقف مع بطولة العام 1966 حيث استعملت كرات سلازنجر عادت أديداس لتصبح الممون الحصري لكأس العالم وأنتج مصنع التجهيزات الألماني نموذجاً جديداً من الكرة لكل نسخة من البطولة وأطلق عليه إسماً خاصاً.
في مونديال المكسيك 1970 صممت شركة أديداس أول كرة رسمية لكأس العالم وأطلقت عليها إسم تيلستار، وقد تمّ تصنيعها من الجلد وتحمل 32 شكلاً خماسياً باللونين الأبيض والأسود حتى تكون واضحة المعالم عند مشاهدي المباريات على التلفزيون الأسود والأبيض المستخدم عصر ذاك، وهي نفسها التي استعملت في مونديال 1974 في ألمانيا.
بطولة العام 1978 في الأرجنتين لعبت بكرة عرفت بإسم التانغو، وحملت على إطارها الخارجي عشرين شكلاً مزوداً ثلاثيات لتعطي انطباعاً بوجود دوائر. وحملت كرة كأس العام 1982 في إسبانيا إسم تانغو إسبانيا. ورصّعت مناطق اللحام بطبقة من المطاط لمقاومة المياه ومنع تسربها الى الداخل.
في مونديال المكسيك 1986 ظهرت كرة أزتيكا التي اقتبس تصميمها من حضارة الأزتيك القديمة في المكسيك وكانت أول كرة مكسوة بمادة البولي يورتيان، هذه المادة التي شكّلت رغوتها الطبقة الداخلية لكرة بطولة إيطاليا العام 1990 والتي عرفت بإسم أستروسكو أونيكو.
وفي كأس العالم 1994 في الولايات المتحدة، استخدمت كرة كويسترا التي قدّرها حقها اللاعبون وذمها حراس المرمى، وقد تميزت بأنها كانت أكثر ليونة ومصنوعة من خمس مواد مختلفة. وكان مونديال فرنسا 1998 أول مونديال يستخدم كرة ثلاثية الألوان حملت إسم تري كولور أي ثلاثية الألوان لتبرز ألوان الدورة المنظمة فرنسا، بالإضافة الى كرة زرقاء وبيضاء وقد صنعت في المغرب. أما كرة العام 2002 الذهبية اللون مع لهب حمراء فقد حملت إسم فيغراتوفا وقد حُسِّنت الطبقة الإسفنجية التي تكونها بكريات صغراوية من الغاز ما يسمح لها وفق أديداس بضربات أكثر دقة. وكانت الكرة تيمجيست في مونديال ألمانيا 2006 مبتكرة حيث أنها حظيت بأشكال جديدة لتبدو أكثر استدارة وكانت غير منفذة للسوائل، ما سمح لها بأن تحتفظ بالوزن نفسه من بداية المباراة الى آخرها أياً تكن الظروف المناخية.
لبطولة جنوب أفريقيا 2010 أطلقت أديداس على كرة مبتكرة للمناسبة إسم جابولاني أي الإحتفال بلغـة الزولو، وقـد صبّت قالباً واحداً وفق مفهوم جديد هو Grip´n´Groove للتحكم البصري والمسارات المستقرة والتشبث الكامل. ولقد وجدت الشركة المصنعة في الرقم 11 سحراً خاصاً فهي تصنع كرة المونديال للمرة الـ11 في تاريخها، ولذلك اختارت أن تشكلها بـ11 لوناً مستغلة ايضاً أن عدد القبائل في جنوب أفريقيا هو 11 قبيلة تتحدث 11 لغة  مختلفة.
وتتميّز جابولاني بأنها مصنوعة من المطاط الطبيعي والنسيج المحبوك، وتمّ تزويدها 8 قطع من المطاط الإسفنجي، وهي تمتلك بفضل التقنية المستخدمة قدرة أكبر على التحليق لفترة أطول، مع وجود مناطق مجوفة على سطحها الخارجي ما يتيح للاعبين السيطرة عليها.
وصممت بشكل مغاير لتحتوي على ثمانية من الأجزاء الحرارية ثلاثية الأبعاد لامتصاص الطاقة الحرارية الناشئة عن ركل أو لعب الكرة، وذلك لمنح التسديدات دقة أكبر، وهي المرة الأولى التي تصّمم فيها هذه الأجزاء على شكل دائري، ما يجعل الكرة دائرية بالكامل، ويتكون تصميم الكرة الحديثة من أربعة عناصر على شكل مثلث موضوعة على خلفية بيضاء، وذلك في محاولة لإضافة مظهر الروح الأفريقية على الكرة التي ستستخدم في أول مونديال يقام في القارة السمراء.
ومع ذلك تعرّضت لانتقادات كثيرة من حراس المرمى بسبب مسارها المتردد أي الذي يصعب توقعه، فهي تنطلق بسرعة تفوق سرعة الكرات الأخرى ويتغير شكلها أكثر من تلك فضلاً عن أن غلافها الخشن يجعل مسارها غير قابل للتوقع.
بين العامين 2006 و2010 حملت كرات النهائي اللون الذهبي.

 

التحكيم
كانت بدايات التحكيم في كأس العالم صعبة حيث كان تعارض الثقافات حاضراً بالنسبة الى الحكام. فمنذ النسخة الأولى العام 1930 انفجرت المشاجرات العامة. البطاقات لم تكن موجودة وكان بإمكان الحكام وحدهم طرد اللاعبين. وقد لاحظ هذا الأمر حكم أول نهائي في كأس العالم البلجيكي جون لانجنوس بين فريقي الأرجنتين وشيلي: «في أوروبا كنت سأطرد اللاعبين الاثنين والعشرين، في حين كان الأمر يبدو شبه طبيعي في أميركا. وأخيراً وبعد تدخل شرطة الخيالة أمكن إنهاء المباراة بشكل طبيعي». وكان تفسير القوانين يختلف وفق الحكام ما سبب مشاكل المساواة.
أما البطاقات الصفراء والحمراء فدخلت مونديال العام 1970 أي بعد أربع سنوات من قضية الكابتن الأرجنتيني أنطونيو راتان الذي رفض الخروج من الملعب نزولاً عند طلب الحكم. ويوم الأحد 31 أيار 1970 رفع الحكم الألماني كورت تشنشر أول بطاقة صفراء في تاريخ المونديال بوجـه افجيني لوفشيف حامل الرقم 7 في فريق الإتحاد السـوفياتي السابق، خلال مباراة الدور الأول في مكسيكو سيتي بين المكسيك والإتحاد السوفياتي (صفر - صفر).
أما أول بطاقة حمراء فكانت من نصيب الشيلي كارلوس كاشلي خلال مباراة مع ألمانيا الغربية في 14 حزيران 1974.
ويبقى التحكيم في غالب الأحيان في قلب الخلافات. ففي نهائي مونديال 1966 أصابت كرة جيوفري هيرست عارضة الهدف في الدقيقة الماية من اللقاء أي في الوقت الإضافي ثم ضربت بأرض الملعب وخرجت من الهدف. حسبَ الحكم السويسري غوتفريد دينست هذا الهدف بعدما استشار مساعده توفيق باخراموف. ومع ذلك استمر الشك وأكدت دراسة إنكليزية أن الكرة لم تدخل الهدف. وفي الدقيقة الأخيرة من اللقاء نفسه سجل هيرست هدفه الشخصي الثالث في حين كان المؤيدون على أرض الملعب.
خلال مونديال 2006 في ألمانيا تلقى لاعب منتخب كرواتيا جوسيب سيمونيتش ثلاثة إنذارات قبل أن يطرد من مباراة الدور الأول مع أستراليا. ففي الدقيقة 62 رفع الحكم غراهام بول أول بطاقة صفراء ثم الثانية في الدقيقة 90 ناسياً أن يخرجه. وبعد ثلاث دقائق في الوقت الإضافي ارتكب سيمونيتش خطأ جديداً وتلقى البطاقة الصفراء الثالثة وطرد.

 

الرموز
• الكؤوس:

بين العامين 1930 و1970 قدّمت الى الفائزين في البطولة كأس لجول ريميه التي سميت كذلك العام 1946 تكريماً لجول ريميه. وقد حققها النحات الفرنسي أبيل لافلور قبل النسخة الأولى من كأس العالم في كرة القدم. وتمثل الكأس الذهبية آلهة النصر ترفع كأساً مثمنة الأضلاع فوق رأسها. وترتكز على قاعدة من الحجارة الدقيقة. وتنص الشروط على أن الفريق الذي يحرز هذه الكأس ثلاث مرات يحتفظ بها نهائياً.
خلال الحرب العالمية الثانية أخفى نائب رئيس فيفا الإيطالي أوتورينو باراسي كأس العالم في علبة أحذية تحت سريره حتى لا يستولي عليها النازيون.
العام 1966 حتّم التنظيم على انكلترا حراسة الكأس خلال فترة البطولة. ولكنها سرقت فانتشرت قوات ضخمة من سكوتلنديارد باحثة عنها قبل نهاية المنافسات. ولكن كلباً صغيراً إسمه بيكلس وجد المفقودة في صرة ملفوفة بجريدة ومودعة سلة نفايات في حديقة عامة. وسلم صاحب الكلب الكأس للشرطة.
احتفظت البرازيل بعد فوزها بثلاث بطولات في الأعوام 1958 و1962 و1970 بالكأس نهائياً وحملتها معها الى البرازيل. والعام 1983 سرقت كأس جول ريميه من مقر الإتحاد البرازيلي لكرة القدم، وتعتقد السلطات أن السارقين قد ذوّبوها لذا عمدت الى صنع نسخة مطابقة عنها.
العام 1974 عرضت كأس الفيفا لكأس العالم التي رسمها سيلفير غزانيغا ونفّذها المصمم فلامينيو برتوني في ميلانو ايطاليا. وهي تمثّل رياضيين يرفعان الأرض. يبلغ ارتفاعها 36.5 سم وتزن 5 كلغ وعيارها 18 قيراطاً (75٪) من الذهب الخالص وقطر قاعدتها المكونة من قطعتي مالاكيت (المرمر الأخضر). وهكذا يبلغ وزن الكأس الإجمالي 6.175 كلغ. وعلى صفيحة في أسفل الكأس تحفر أسماء الدول الفائزة في المونديال ويمكن حفر 8 أسماء عليها ما يعني أسماء الفائزين في البطولة حتى العام 2038.
قبل كل بطولة تعرض الكأس في عدة أماكن في أرجاء العالم قبل أن تصل الى البلد المنظم، ولما كانت قد سرقت عدة مرات لذا هي تتمتع بحماية شديدة ووحدهم أبطال العالم ورؤساء الدول يمكنهم لمسها. وأخيراً هي ملك الفيفا حتى ولو كانت حراستها موكلة الى الدولة حاملة اللقب.

 

• النجمة على اللباس الرياضي:
إن حائز كأس العالم في كرة القدم يحمل على لباسه الرياضي نجمة عن كل كأس بطولة. وقد ظهرت هذه النجوم على لباس البرازيل العام 1974 واعتمدت هذا النظام ألمانيا وايطاليا المنتصرتين ثلاث مرات مع مطلع التسعينيات، وعقب انتصار فريق فرنسا العام 1998 حمل لباسه نجمة. ومذ ذاك تبنّت الدول الأخرى حاملة كأس العالم (انكلترا، الأرجنتين، الأوروغواي) النجمة على لباس منتخبها الرياضي احتراماً للقب أو الألقاب العالمية.
وحدها الأوروغواي حملت على لباسها نجوماً أكثر من عدد انتصاراتها في كأس العالم، فبالإضافة إلى نجمتي كأس العالم ثمة نجمتان أخريان ترمزان إلى انتصارين في دورتين أولمبيتين العامين 1924 و 1928. وتطرز كل دولة النجمة أو النجوم على اللباس الرياضي باللون الذي تختاره، ففرنسا مثلاً اختارت اللون الذهبي في حين اختارت البرازيل اللون الأخضر.

 

مونديال 2010
إن مونديال العام 2010 هو النسخة التاسعة عشرة من كأس العالم في كرة القدم ويجري بين 11 حزيران و 12 تموز 2010 في جنوب أفريقيا. وبين آب 2007 وتشرين الثاني 2009 شاركت المنتخبات الوطنية من 203 دول في مرحلة التأهل بهدف تحديد 31 فريقاً تتنافس بالإضافة إلى فريق جنوب أفريقيا المتأهل كونه منتخب الدولة المنظمة، على كأس البطولة.
إن بطولة العالم لكرة القدم هي الحدث الرياضي الأكثر شهرة ومتابعة في العالم بعد الألعاب الأولمبية. ولها على الصعيد الاقتصادي آثار ايجابية على نحو بعض قطاعات الخدمات وعلى تنمية الدولة المنظمة. ومن أجلها تبنى أو تجدد البنى التحتية الرياضية ولا سيما الملاعب والمدرجات الرياضية.
من ناحية ثانية لكأس العالم في كرة القدم شأن سياسي. فهي الحاملة قيم السلام والعالمية. كانت ميداناً للشغب الشامل والعنف حول اللقاءات وحتى عنصراً مسبباً للحرب بين الدول. ولقد عرف تاريخ المنافسات ولأسباب سياسية العديد من الأفعال الجرمية والمقاطعات. ويبقى القول إن ثمة معارضين لهذه البطولة.
وأخيراً لهذا الحدث العالمي حضور في الثقافة الشعبية وكان موضوع العديد من الأفلام والوثائقيات والأغاني والأناشيد الوطنية. وقبل انطلاقته تطرح في الأسواق ألعاب فيديو خاصة به وألبومات صور للاعبين المشاركين.