- En
- Fr
- عربي
معًا في كل حين
عشية الأول من آب تجمهر الناس في ساحة النجمة، لمشاركة جيشهم في إطفاء شموع الـ٧٤ سنة من التضحية والشرف والوفاء، تلك الشموع التي أضاءت شعلة أملٍ بغدٍ أفضل على الرغم من كل ما يعصف بلبنان من أزمات.
«عيّد مع جيشك» عنوان الاحتفال الشعبي الذي نظّمته قيادة الجيش - مديرية التوجيه بالتعاون مع شركة its. Communications، والاحتفال كان رسالة ثقة وأمل للّبنانيين: ثمة مساحة للفرح رغم كل الظروف، انزلوا إلى الساحة، وعيّدوا معنا، لا تخافوا فأنتم في أمان الجيش.
جاءت هذه الرسالة كمرآةٍ للمهمات التي نفّذها الجيش خلال هذا العام، والجهود والتضحيات التي بذلها في سبيل توفير الأمن، وهذا ما أكّده الحضور وبينهم المغتربون والسيّاح، الذين لبّوا الدعوة واحتفلوا حاملين الأعلام اللبنانية وأعلام الجيش.
تلقّى البعض الدعوة، والبعض الآخر كان مارًّا في المنطقة فغيّرت الأغاني الوطنية التي ضجّت في أرجاء المدينة وجهة سيره، وانضمّ إلى المدعوين. في المطاعم المحيطة عجّت الطاولات بالزبائن الذين استمتعوا أيضًا بهذه المناسبة. الجميع كان هنا ليرقص ويلوّح لجيشه على أنغام موسيقى الجيش وأغانيها، في حين شارك المشاهدون من منازلهم، إذ كانت التغطية مباشرة من قبل عدة محطات تلفزيونية محلية، وعلى رأسها تلفزيون لبنان. أحيا الحفل الفنانون: معين شْرَيــف، طونــي كيوان، وسيلفا قبلان، وقدّمتــه الإعلاميــة تانيــا اسطفــان.
موسيقى الجيش: الوجه المشرق أبدًا
استُهل الحفل بالنشيد الوطني اللبناني، ثم صعد إلى المسرح حوالى ٥٠ عازفًا وعازفة ومغنيًا ومغنية من موسيقى الجيش التي لفتت الأنظار المحلية والعالمية بحرفيتها العالية ومهاراتها المصقولة بالعلم والدراسة، والمدعّمة بالتمرين اليومي، والمُطعّمة بمواهب عسكرييها المميّزة، وحصدت إشادات وتنويهات من عدد من رؤساء الدول، كما نجحت في تشكيل همزة وصل بين الجيش والمجتمع المدني.
موسيقى الجيش، هذا الوجه المشرق الثقافي والإبداعي للمؤسسة العسكرية، والتي لا توفّر فرصة لترافق اللبنانيين في مناسباتهم، عزفت في هذه الليلة بقيادة قائدها العقيد الموسيقي أبولو سكر، وبمشاركةٍ لافتة للعسكريات الإناث عزفًا وغناءً. قدّمت أجمل الأغاني الوطنية، فاستقبلت الحضور بـ«طلّوا حبابنا» ونادتهم «يا أهل الأرض وإنتو ترابا»، وعلى الرغم من أنّهم «بيقولوا زغيّر بلدي» أكّدت لهم أنّ لبنان «راجع يتعمّر»... وقدّمت الموسيقى أيضًا عدّة معزوفات كلاسيكية وأغاني من التراث، فعُقدت حلقات الدبكة في وسط الساحة.
«كلنا للجيش، كلنا للوطن»
«حدود بلاد بيحميها
بوجّ القاصي والداني
من دمّاتو بيرويها
حتى تبقى مِنصاني
كل حياتو عاطيها
بروحو حاضر يفديها
بالشهادة علّى كتير
صوب المجد الربّاني
من بيتو بيغدي بكّير
جهوزية وتفاني
دروب الشهادة مشاوير
بيمشيها ومش فرقاني
كبير ورح بيضلّ كبير
بلادي بفضلو عمراني
ما بيتراجع مهما يصير
عم نحكي عن جيش كبير
إسمو الجيش اللبناني»
بهذه الكلمات أشعلت مقدمة الحفل الجمهور الذي استقبل الفنان معين شْرَيف بالهيصات والتلويح بالأعلام. شْرَيف حيّا الجيش في عيده قائلًا «كلنا للجيش يعني كلنا للوطن، وإذا توحّدنا تحت هذا الشعار سيكون لبنان بألف خير». وافتتح وصلته الغنائية بأغنية «حلم الأرض» قبل أن يراسله الشاعر نزار فرنسيس بموّال:
«لبنان من راس الجرد للشطّ
طمِّن صغارك وقِلهُن ناموا
مطرح ما جيشك كعب إِجرو بيحُط
بتركع ركاب الخوف قدّامو»
وتابع مغنّيًا للجيش والشهداء والوطن، إلى مجموعة من أغانيه المعروفة. صوت شْرَيف ونبرته الوطنية واكبا حماسة الجمهور وهيصاته.
يبقى الجيش هو الحلّ
اعتلى طوني كيوان خشبة المسرح ترافقه فرقة دبكة أضافت نكهةً تراثية إلى الحفل. «ويبقى الجيش هو الحلّ» قال كيوان معايدًا الجيش، وقبل المباشرة بالغناء، قال:
«لبنان أرض المجد والجنّة
وأحلى تحية مِنكُن ومنّي
ولو ما جنود الجيش سهرانين
لا منسهر ولا منقدر نغنّي»
ليقدّم من بعدها سلسلة من الأغاني الحماسية، وتختتم الفنانة سيلفا قبلان الحفل بالأجواء نفسها وعلى أنغام الطبل والدربكة وهيصات الجمهور.
من جبيل والسويد...
هنا امرأة جلست وعائلتها، أتت من جبيل لحضور هذه الحفلة ومشاركة الجيش في عيده لأنّ «جيشنا لا يمكننا مكافأته» تقول، وتروي: «خلال مشوارنا من جبيل إلى هذه الساحة لم أستطع تهدئة حماسة أولادي الذين رغبوا بإلقاء التحية على كل عسكري يرونه على الطريق».
بين الحضور رجل مسنّ يصفّق ويدبك على طريقته. قاطعناه فقال: «رِجِعلي شبابي بهالحفلة... الجيش هو التضحية والوفاء، يقف على الطرقات ليحمينا، يخاطر بكل شيء ويواجه كل الأخطار المُحدقة بالبلد... أقل شي أرقصلو»!
نتقدّم باتجاه فتاة تحمل هاتفها، ترقص وتصوّر نفسها «سيلفي»، فيتبيّن أنّها لبنانية مولودة في السويد، لم تفهم كلمة من الأغاني ولكنّها عرفت أنّه احتفال لعيد الجيش فشعرت بهذا الفرح العارم. تخبرنا: «أشعر برغبة البقاء في لبنان».
نسير وسط الحشد، عائلة أتت إلى الاحتفال لأنّ أحد أفرادها في الجيش، تشعر أنّ العيد يخصّها. فتاة تعبّر عن سعادتها بعودة أجواء السهر إلى بيروت، خصوصًا في هذه المناسبة الغالية على قلوبنا. إلى جانبها لبنانيون مغتربون بدَت الفرحة على وجوههم... نحن نعيش في فرنسا منذ ٤٤ سنة، ونعود لزيارة لبنان مع بداية كل صيف، فمهما سافرنا و«تغرّبنا» لا ننكر أصلنا وبلدنا الذي لَمَا بقيَ بلدًا نرجع إليه لولا الجيش، حامي هذا الوطن وأهله.
أب يحمل ابنه على أكتافه ليستطيع رؤية العسكريين في الساحة، يقول: «لبنان بلا جيش مش لبنان... نفتخر بجيشنا... كنتُ مارًّا من هنا بالصدفة مع عائلتي وسمعنا أغاني وطنية فركضنا للمشاركة، فأنا أحب أن يعيش أولادي في هذه الأجواء، وألّا يكون انتماؤهم إلّا لهذه المؤسسة الشريفة الجامعة».
قضية ورسالة
Its. Events هي القسم المتخصّص في الشركة التي نظّمت هذا الاحتفال. يتحدّث المدير التنفيذي للشركة السيّد وضّاح صادق وشريكه الإداري بول جليفيان عن التنظيم، الذي تمّ بناءً على تعاونٍ سابق بين الشركة وقيادة الجيش في عدّة مناسبات، ونظرًا لخبرة الشركة في ابتكار أفكار جديدة للحفلات وتنظيمها.
المسرح الكبير (١٠٠ م٢) الذي تمّ إنشاؤه جُهِّز بتقنياتٍ صوتية وضوئية عالية الجودة، والشاشة الضخمة التي ارتفعت في الساحة كانت تعرض أفلامًا وصورًا عسكرية.
يقول المنظّمون: بالنسبة إلينا الجيش فوق الجميع، ولا نتردّد أبدًا في تلبية دعوة للتعاون مع هذه المؤسسة الشريفة. لهذه السهرة معنى كبير وهي تختلف عن أي مناسبة أخرى قد تحظى بمؤيّدين ومعارضين. الجيش هو الوحيد الذي يحظى بإجماع كل اللبنانيين. والعمل في مناسبةٍ تخصّ الجيش هو بالنسبة إلينا قضية ورسالة سامية نستمتع بنجاحها. ولا ننسى رمزية المكان الذي غبنا عنه منذ ليلة رأس السنة، واليوم نعود لإحيائه في هذه المناسبة الوطنية».
يُشار إلى أنّ الشركة متخصّصة وتشكّل مظلّةً لعدة شركات تُعنى بخدمات التواصل والحملات الإعلامية والإعلانية، وإنتاج الأفلام التلفزيونية، وإقامة الحفلات وتنظيمـها.
تصوير: العريف مارون بدر