- En
- Fr
- عربي
نحو قراءة جديدة لرحلة البحث عن الحدود الجنوبيّة للبنان
إنّ خوض غمار رحلة البحث عن الحدود الجنوبيّة للبنان ليس بالأمر اليسير، بل يُصبح ضربًا من المُستحيل كلّما قلَّبْنا هذه الاتفاقيّات وغُصنا فيها وحاولنا الربط بين المعروف وغير المعروف منها. ويزيد من وعورة الرحلة وخطورتها اختلاط دروبها بمكامِن النفط والغاز.
فقد أظهرت خريطة أعدَّتها وزارة البنى التحتيّة في إسرائيل[1] أنّ أعْظَم آبار الغاز على اليابسة قد تقع إلى جنوب الحدود اللبنانيّة[2]، مِن قرية العْدَيْسة وصولاً إلى قرية الغَجَر.
وترتبط الحدود الجنوبيّة للبنان ارتباطًا عضويًا بمسألة الحدود اللبنانيّة - الفلسطينيّة[3]. ولهذه الحدود أبعاد وجوانب وانعكاسات مُتعدِّدة يصعُب علينا، في بحثٍ واحدٍ، الإلمام بها كلِّها. سنكتفي، في هذه القراءة الأوّليّة الجديدة، بالتركيز على الجانب القانوني منها، فنُلقي، أولاً، نظرة على المراحل والتطوّرات التي مرّ بها الوضع القانوني لقضيّة الحدود الجنوبيّة للبنان وموقف إسرائيل منها. وندرُس، ثانيًا، مسألة مُطالبة لبنان بأراضيه السليبة.
إنّ تقسيم البحث على هذا الوجه لن يحول دون الإشارة إلى نقاطٍ أخرى تفرض نفسها كنقاط مُكمِّلة.
ويلتزم البحث، منذ البدء، منهجًا عمليًا خالصًا يجتنب النزوع النظري قدرالمُستطاع لينطلق من النصوص القانونيّة المُعدَّة للتطبيق، ومن كيفيَّة تطبيقها، كلّما صحّ الوقوف على حُكمٍ قضائيٍ ذي صلة بالمسألة المطروحة، أو على إيضاح فقهي قد يُسهم في بلورة الوجوه العمليّة في النصّ.
I- متاهات الوضع القانوني لقضيّة الحدود الجنوبيّة
إعتبر أحد دبلوماسيّي لبنان المُخضرمين أنّه عند توقيع اتفاقيّة الهُدْنة بين لبنان وإسرائيل في 23/ 3/ 1949 ثُبِّتت الحدود اللبنانيّة - الإسرائيليّة، ثمّ صدَّق عليها مجلس الأمن في قراره الرقم 73 تاريخ 11/ 8/ 1949، وكذلك في قراره الرقم 425 تاريخ 19/ 3/ 1978[4].
ويدعو القرار الرقم 425 في بنده الأول إلى الإحترام الدقيق لسلامة أراضي لبنان وسيادته واستقلاله السياسي «ضمن حدوده المُعترف بها دوليًا» Within its internationally recognized boundaries))[5]. أمّا «الخطّ الأزرق» (Blue line الذي اعتُمد العام 2000، فليس له علاقة بمفهوم الحدود ولا يؤثِّر فيها ولا يمسّ بها، وانتهى دوره، نظريًا، في 3 آب/ أغسطس 2000، بعد الانتهاء من التحقُّق من انسحاب إسرائيل من مُعظم الأراضي اللبنانيّة في 24 أيّار/ مايو 2000[6].
وقد لفّ موضوع الحدود الجنوبيّة، منذ البدء، الكثير من الغموض والضبابيّة نظرًا إلى أطماع الحركة الصهيونيّة في جنوب لبنان والتجاذب الفرنسي – البريطاني على بسط النفوذ.
1- إتفاقيّات الحدود الفرنسيّة - البريطانيّة المعلومة
ينظر بعض الباحثين إلى تطوّر مسألة الحدود الجنوبيّة للبنان بين العامين 1916 و1923 «كأحد أغرب ألغاز العصر الحديث» One of the strangest enigmas of modern times[7]. ويعتقد البعض الآخر أنّ تشكُّل الحدود بين العامين 1920 و1949 هو بمنزلة طلسم يستعصي على كل باحث مُجدّ بسبب غياب بعض الإتفاقيات الحدوديّة الفرنسيّة – البريطانيّة أو تغييبها.
- خطّ الحدود المعروف بين العام 1920 والأشهر الأولى من عام 1949
«لدى ترسيم الحدود بين لبنان وفلسطين تولَّت المُفوضيّة العليا الفرنسيّة سنة 1922 تحديدها بالتفاوض مع السلطات البريطانيّة المُنتدَبة على فلسطين. من المؤسف القول إنّ سلطات الانتداب الفرنسيّة تساهلت كثيرًا في رسم هذه الحدود بحيث إنها، في عهد الإمارة ثمّ في عهد ولاية صيدا، كانت تتمثَّل بخطّ مُستقيم بين الناقورة وشرق بحيرة طبريا. ولكن في المُباحثات بين دولتيْ الإنتداب، فرنسا وبريطانيا، كانت الوكالة اليهوديّة تُشرف، إلى جانب السلطات البريطانيّة في فلسطين، على رسم هذه الحدود مترًا مترًا إذا صحّ التعبير، ولم يكن للجانب اللبناني أي وجود عند تخطيط تلك الحدود. ولذا بَدَل الخطّ المُستقيم الذي كان مرسومًا في السابق، وجد البريطانيّون، إرضاء للوكالة اليهوديّة وتحقيقًا لرغباتها، إقامة «نتوءة» عند الحدود الشرقيّة (...). وهذه النتوءة شملت سهول الحولة وبحيرة طبريا ومياه الأردن وقسمًا من الروافد اللبنانيّة والسوريّة. ويجدر بالإشارة إلى أنّ مُعظم مالكي سهول الحولة كانوا آنذاك من اللبنانيّين والسوريّين والفلسطينيّين»[8].
وقد تمّ الإتفاق بين سلطتيْ الإنتداب، الفرنسيّة والبريطانيّة، على رسم الحدود اللبنانيّة - الفلسطينيّة بصورة نهائيّة في 3 شباط/ فبراير 1922[9] (إتفاق بولِه Paulet - نيوكومب (Newcombe [10]، تنفيذًا للأحكام الواردة في الاتفاقية الموقّعة في 23 كانون الأوّل/ ديسمبر 1920[11]. وبعد تبادل المذكّرات بين السفارة البريطانيّة في باريس ووزارة الخارجية الفرنسيّة في 7 آذار/ مارس 1923 أُبرم اتفاق بولِه – نيوكومب[12]، وأصبح الترسيم الذي قامت به اللجنة بين البحر الأبيض المتوسِّط والحمّة نافذًا بدءًا من 10 آذار/ مارس 1923[13]. وتكرَّس الاتفاق عندما «أقرَّ مجلس عصبة الأمم، في دورته السادسة والثمانين
(1934)، إتفاقيّة الحدود للعام 1923»[14].
و«هكذا وُلِد الخطّ الحدودي المعروف «نيوكومب» (أي بولِه – نيوكومب) لكنّه لم يكتمل إلاّ بقضم المزيد من الأراضي مع تسويف البريطانيّين في إقراره، فانتهى إلى تعديل حدودي آخر مع توقيع الجانبين الفرنسي والبريطاني في 23 حزيران/ يونيو 1923 (2 شباط/ فبراير 1926) ما أسمياه «إتِّفاق (إتفاقيَّة) حسن الجوار»[15] بين دولتيْ الإحتلال. وبموجب هذا التعديل كان مزيد من أراضي إصبع الجليل وسهل الحولة قد سُلخ عن لبنان ونُقل من السيطرة الفرنسيّة إلى منطقة النفوذ البريطانيّة»[16].
ولكن «هناك إشكالان. الأوّل هو أنّ حدود 1923 لم تُثبِّت حدود 1920 في لبنان الكبير لاستثنائها القرى السبع. الثاني هو أنّ تلك الحدود جرى ترسيمها من قبل سلطتيْ الإنتداب لأنّه لا يحق لدول الإنتداب إحداث تغيير ديموغرافي في الدولة المُنتدبة. وهذا ما يُخالف صكّ الإنتداب الذي صدر عام 1922، عندما حظر على دولة الإنتداب إجراء تعديل ديموغرافي في الدولة المُنتدبة»[17].
وبالتالي يكون اتفاق بولِه - نيوكومب قد «عدَّل بعض المناطق لمصلحة لبنان وبعضها الآخر لمصلحة فلسطين. ولكن بشكل عام أعطى ما لا يقلّ عن 192 كلم2 إلى فلسطين»[18].
و«لو قُيِّض للبنان أنْ ينجح في معركة المالكية [في 5 و6/ 6/ 1948] وليستمرّ في التقدُّم شرقًا لاستطاع أن يصل إلى بحيرة طبريا وسهل حولة. وبوصوله يستعيد مُعظم الجزء الضائع من لبنان باتفاقيّة العام 1923 سواء في سهل الحولة أو القرى السبع، لا سيَّما أنّ خمسًا من «القرى السبع» تقع من المالكية وشمالاً وشرقًا»[19].
- حدود اتفاقيّة الهُدْنة لعام 1949
لم يكن خطّ الهُدْنة العام 1949 مُطابقًا لحدود العام 1923[20]، فقد اقتطع كأمر واقع مساحات من أراضي بلدات رْميش ويارون وعَيْترون وبْليدا ومَيْس الجَبَل وحولة والعْدَيْسِة وكْفَرْكِلا، مّا أدّى إلى خسارة لبنان مزيدًا من الكيلومترات الحدوديّة[21].
ويُمكن تلخيص خسارة لبنان لأراضيه على الشكل التالي: «المرحلة الأولى من العام 1923 على إثر ترسيم الحدود، خسر لبنان القرى السبع. والخسارة الثانية حصلت خلال ترسيم 1949، وفي حينها أُرغم الفريق اللبناني على التجاوب مع الواقع الميداني وبالتالي مُرِّر بعض الأخطاء السابقة وثُبِّتت كما حصل على سبيل المثال لا الحصر مع قرية «صَلْحا» حيث كان خطّ الحدود مُثلَّثًا باتجاه فلسطين ليُصبح القاعدة باتجاه الداخل اللبناني. هناك خسارة أخرى حصلت بين قرية «المْطِلّة» ونهر الوزّاني»[22].
2 - إتفاقيّة الهُدْنة لعام 1949
تتضمَّن اتفاقيّة الهُدْنة بين لبنان وإسرائيل[23] في مادتها الخامسة أحكامًا لم تتضمَّنها الإتفاقيّات الثلاث الأخرى[24]، وهذه الأحكام تتعلَّق بحدود لبنان الدوليّة. «(...) فإنّ العودة إلى محاضر جلسات التوقيع على اتفاقيّة الهُدْنة (...) توضح حِرْص المُفاوض اللبناني على أنْ يتضمّن الاتفاق مادة صريحة لا لَبْس فيها تدلّ على الاعتراف بالحدود السياسيّة المُعترف بها دوليًا. وقد احتدم الجدال حول هذه النقطة، مِمّا أطال الجلسات عدّة أيام، بعدما كان المفروض أن يتمّ الاتفاق والتوقيع في جلسة واحدة»[25]. وبالفعل، نصَّ البند الأول من المادة الخامسة على أنّ «يتبع خطّ الهُدْنة الحدود الدوليّة بين لبنان وفلسطين» The Armistice Demarcation Line shall follow the international boundary between the Lebanon and Palestine [26]. وأشارت دراسة الخارجيّة الأميركيّة للعام 1967 إلى اتفاقيّة 7 آذار/ مارس 1923 لإظهار الحدود الدوليّة بين لبنان وإسرائيل[27]. فـ «(...) عندما تُشير القرارات المُتعلِّقة بلبنان إلى حدوده المُعترف بها دوليًا في الجنوب يكون هذا الإتِّفاق (إتِّفاق بولِه – نيوكومب أو إتفاقيّة 7 آذار/ مارس 1923) هو المعني بهذه القرارات»[28].
وذُكر في اتفاقيّة الهُدْنة (البند 2 من المادة 8) «أنّها تبقى سارية المفعول إلى أن تتحقَّق تسوية سلميّة بين الفريقين»[29]. ووَرَد فيها أيضًا (البند 3 من المادة 8) أنّه لا يحقّ لأي من الفريقين أنْ ينقض الإتفاقيّة من طرف واحد، وأنّ كل تعديل لأحكامها يجب أن يحظى بمُوافقة الفريقين معًا، وأنّ الأحكام التي تنصّ عليها المواد الأولى والثانية والثالثة (وهي المُتعلِّقة بوجوب وقف العمليّات العسكريّة) لا يجوز أن يطرأ عليها أي تعديل حتّى بمُوافقة الفريقين[30].
كما نصّ البند الثالث من المادة الثالثة على عدم جواز قيام القوات العسكريّة (البريّة أو البحريّة أو الجويّة) أو شبه العسكريّة التابعة لأي من الفريقين بانتهاك خطّ الهُدْنة المُبيَّن في المادة الخامسة أو المجال الجوي أو المياه الواقعة ضمن ثلاثة أميال من الخطّ الساحلي التابع للفريق الآخر.
«وتطبيقًا لروحيّة هذا النص (أي اتفاقيّة الهُدْنة) قامت لجنة الهُدْنة اللبنانيّة - الإسرائيليّة، وبإشراف الأمم المتَّحدة، بعملية مسح جديدة للحدود المُشتركة وثَبَّتت نقاط الحدود. وهكذا يُمكننا القول، من وجهة نظر القانون الدولي، إن إسرائيل أقرّت إتِّفاق بوله نيوكمب من خلال التقرير المُوقَّع في 12 كانون الأول 1949، (...)»[31]. ولكن «المُقارنة بين ترسيم الحدود الأوّل (إتفاق بوله - نيوكمب) وترسيم الحدود الثاني الذي حصل بعد اتفاقيّة الهُدْنة بين لبنان وإسرائيل، يُبيِّن أنّ ثمة تغييرًا قد حصل في المنطقة الوسطى من الحدود»[32]. ويزول هذا الإستغراب عندما نعلم أنّ ترسيم الحدود الأوّل إعتمد نَهْجين مُتباعدين، في التعريف Definition/ Allocation)) والتحديد (Delimitation) والتعيين (Demarcation) [33]، ومقياسين مُختلفين للخرائط[34] الفرنسيّة والبريطانيّة المُعتمدة[35]. وبحسب خبير إسرائيلي فإنّ نحو 60% من مجمل الحدود الإنتدابيّة، الفرنسيّة – البريطانيّة، البالغ طولها 120 كلم[36] غير مُرسَّم ((Delineated بين لبنان وإسرائيل[37].
وقد وقَّع اتفاقيّة الهُدْنة، نيابة عن «حكومة إسرائيل»، المقدّم مُرْدَخايْ ماكْليفْ Lieutenant-Colonel) (Mordechai Makleff ويَهوشْوَع بَلْمان ((Yehoshua Pelman وشَبْطاي روزين ((Shabtaї Rosenne.
3 - وشهد شاهد من «أهل اتفاقيّة الهُدْنة»: شَبْطاي روزين
يجب أن نُشير إلى أنّ شَبْطاي روزين (24/ 11/ 1917-21/ 9/ 2010) دفع، العام 1950، ببطلان كلّ الإتِّفاقيات أو المعاهدات المعقودة في إبّان فترة الإنتداب البريطاني على فلسطين. فقد نَشر، وهو المُستشار القانوني لوزارة الخارجيّة الإسرائيليّة (1948-1967)، بحثًا[38] قال فيه: «بكلمة، تكفي مُجرَّد واقعة نشوء دولة جديدة لإهمال كلّ المعاهدات السابقة المُتعلِّقة بالأرض المَعْنِيَّة»[39].
ويستعمل الفقه الدولي مُصطلح «التوارث الدولي» (ويُقال أيضًا: الخلافة أو الاسْتِخلاف أو التعاقُب)[40] للحديث عن التغيُّرات الإقليميّة التي يتعرَّض لها كيان الدولة في أثناء وجودها (إندماج أو تفكُّك أو انفصال أو انقسام أو إلحاق). ولهذا المُصطلح معنى خاص في القانون الدولي العام. فالنتائج التي تترتَّب على عمليّة التعاقُب بين دولتين تستمدّ جذورها من نظريّة السيادة Sovereignty، أي من مبادئ القانون العام، لا من نظريّة الإرث أو الميراث أو التَرِكة المعروفة والمُطبَّقة في القانون الوطني الخاص (أي حلول الوارث محلّ المُورِّث في جميع ما له وما عليه، وتوزيع أموال المُورِّث بين ورثته الشرعيّين). ومردّ ذلك إلى الفارق بين مفهوم الملكيّة في القانون الوطني الخاص ومفهوم السيادة في القانون الدولي العام. فالملكيّة، على عكس السيادة، قابلة للتصرُّف والانتقال. وحلول دولة محلّ دولة، أو اندماج دولة في دولة، أو التحاق جزء من دولة بدولة أخرى، لا يعني انتقال سيادة الأولى إلى الثانية، بل يُفضي إلى تكوُّن سيادة جديدة.
ففكرة التوارث تُثير أكثر من مُشكلة على الصعيد الدولي عندما تحلّ دولة محلّ دولة أخرى في السيادة على إقليم مُعيَّن[41]. والتوارث الدولي يُثير ظاهريًا، مُشكلتين مُتناقضتين: الأولى تتلخَّص في أنّ الدولة الوارثة هي دولة ذات سيادة وغير مُلتزمة، نظريًا، التصرّفات التي صدرت عن الدولة المورِّثة. وهذا هو مبدأ عدم التوارث Tabula rasa، أي عدم تنفيذ المعاهدات القديمة والإصرار على معاهدات جديدة مع الدول المُوقِّعة عليها تُحدِّد بصورة واضحة مصير المعاهدات القديمة. والمُشكلة الثانية تتلخَّص في وجوب مُراعاة الوضع القانوني الذي كان سائدًا في عهد الدولة المورِّثة، وذلك من أجل التجاوب مع الرغبة في تحقيق نوع من الاستقرار القانوني. وهذا هو مبدأ الاستمراريّة، أي استمرار حكم المعاهدات على الرغم من التغيُّرات الاقليميّة التي قد تتعرَّض لها الدولة في أثناء وجودها.
ولاحَظ روزين أنّ التعامل الدولي لا يُغلِّب اتجاهًا على آخر. ولهذا يُستحسن مُعالجة كلّ حالة على حِدَة. وللطريقة التي تنشأ بها الدولة أهميّة سياسيّة ودوليّة كبرى، لأنّ الروابط بين الدول تتوقَّف غالبًا على الكيفيّة التي تظهر بها الدولة إلى حيِّز الوجود. وهو يرى أنّ لولادة إسرائيل أسلوبًا مُختلفًا عن غيرها من الدول من الصعب إخضاعه للتصنيف العلمي الدقيق. واعتبر أنّ الأحوال والظروف القانونيّة المُحيطة بنشوء إسرائيل وإنجاز استقلالها، والنتائج القانونيّة المُترتِّبة على ذلك، هي من طبيعة خاصّة Sui generis[42]. فولادة إسرائيل بهذه الطريقة ثمّ اكتسابها بعد ذلك الشخصيّة القانونيّة الدوليّة يجعل منها دولة فريدة.
ويؤيِّد روزين رفض الحكومة الإسرائيليّة تنفيذ المعاهدات القديمة[43]. ويُبرِّر ذلك باستقلال الدولة وتعذُّر التزامها تعهُّداتٍ لم تقبل بها، أو لم تكن طرفًا فيها، أو لم تكن قائمةً عند إبرامها[44]. ويعتقد روزين أنّ الحِكمة تقضي، بأن تعقد الحكومة الإسرائيليّة إتفاقيّات جديدة تُحدِّد بصورة واضحة مصير الاتفاقيّات القديمة[45].
4 - إسرائيل وفكرة التوارث الدولي في المعاهدات الدوليّة الفرنسيّة - البريطانيّة
إعتبرت الحكومة الإسرائيلية في ردِّها على أسئلة لجنة القانون الدولي، التابعة للأمم المتحدة، حول قانون المعاهدات Law of treaties في 24/ 1/ 1950 أنها لا ترث تلقائيًا المعاهدات المُسجَّلة في الأمانة العامة للأمم المتحدة[46].
ونُشير هنا إلى أنّ إسرائيل دفعت، في 30/ 10/ 1953، ببطلان كلّ الوثائق المعقودة في إبان فترة الإنتداب البريطاني أمام مجلس الأمن[47]. فقد قال أبا إيبان (2/ 2/ 1915-17/ 11/ 2002)[48]، سفير إسرائيل في الولايات المتحدة (1950-1959) والأمم المتحدة (1949-1959)، ما يلي: «لا ترث إسرائيل المعاهدات الدولية المُوقعَّة من المملكة المُتَّحدة كسلطة انتداب»[49].
وكرَّرت إسرائيل موقفها هذا مُجدَّدًا في العامين 1962 [50] و 1977 [51] أمام لجنة القانون الدولي.
وعند إلقائنا نظرةً شاملةً على التجارب الدوليّة في ميدان أثر التوارث الدولي في المعاهدات الدوليّة نرى أنّ الدول تميل بصورة عامّة، بعد تكوينها لشخص دولي مُستقلّ، إلى عدم تنفيذ المعاهدات السياسيّة، كمعاهدات التحالف ومنح القواعد العسكريّة، وإلى الإبقاء على المعاهدات التي تنصبّ مُباشرةً على الإقليم المُنفصل ذاته، كالمعاهدات التي تُقرِّر حقوق ارتفاق عليه، أو المعاهدات المُتعلِّقة بالملاحة في نهرٍ أو مضيق أو ما شابه ذلك، أو معاهدات تعيين الحدود[52].
وعندما نطَّلع على موقف الحكومة الإسرائيليّة من مسألة التوارث الدولي نجد أنّها رفضت، بعد العام 1949، تنفيذ المعاهدات القديمة. غير أنّ المسؤولين الإسرائيليّين لم يقفوا عند هذا الحدّ وإنّما ذهبوا، بعد العام 1967، إلى أبعد من ذلك وطالبوا بالتفاوض على إتفاقيّات الحدود القديمة ومعاهداتها لجرّ الدول العربيّة، بصورة مُباشرة أو غير مُباشرة، إلى الاعتراف بها.
5 - خطّ الهُدْنة وتصريحات المسؤولين الإسرائيليين بعد حرب حزيران/ يونيو 1967
بعد حرب حزيران/ يونيو 1967، صرَّح أبا إيبان، وزير خارجيّة إسرائيل (1966-1974)، «بأنّ إسرائيل لن تعود، بأي حال من الأحوال، إلى اتفاقات الهُدْنة للعام 1949»[53]. وفي اليوم التالي، قال: «إذا صوَّتت الجمعيّة العامة بـ 121 صوتًا مُقابل صوت واحد بشأن عودة إسرائيل إلى خطوط الهُدْنة... فإنّ إسرائيل سترفض الامتثال لهذا القرار»[54]. وأعلن، في مُناسبة أخرى، أنّ «خطوط الهُدْنة الهزيلة يجب استبدالها بخطوط ثابتة لصُلْح مُتَّفق عليه»[55]، من دون أن يُفرِّق بين خطوط الهُدْنة التي اجتاحتها اسرائيل والخطّ الوحيد المُتبقي من اتفاقات العام 1949، أي خطّ الهُدْنة الإسرائيلي - اللبناني. وسُئل، عدّة مرات، عن مصير اتفاقيّة الهُدْنة بين لبنان واسرائيل، فقال بأنّها أصبحت لاغية، نتيجة قبول لبنان بقرار وقف إطلاق النار في حزيران/ يونيو 1967[56]. وردّ يومًا في الكْنيسَتْ على سؤال طرح عليه فقال: «إنّ اسرائيل تَعتبر لجنة الهُدْنة [مع لبنان] واتِّفاقات الهُدْنة لاغية منذ حرب حزيران»[57].
ومن المعروف أنّ اتفاقيّة الهُدْنة التي وُقعت، في العام 1949، بين لبنان وإسرائيل لم تُنْهِ حالة الحرب التي أُعلنت قبل عام سابق. فالهُدْنة لا تُنهي حالة الحرب، بل تُوقف فحسب، وبشكل موقَّت، العمليّات أو الاشتباكات المُسلَّحة. إنّ حالة الحرب تظلّ قائمة بعد عقد الهُدْنة إلى أن تُعقد معاهدات الصُلْح نهائيًا بين الأطراف المُتنازعة. وليس لدى إسرائيل أيّ نيّة في التقيّد بأحكام اتفاقيّات الهُدْنة، فسجلات الأمم المتحدة تُثبت أنّ إسرائيل قد خرقت هذه الاتفاقيّة آلاف المرّات.
وساسة إسرائيل لا يجدون أدنى غضاضة أو حرج في إعلان تصميمهم على تحقيق مُخطّطاتهم التوسعيّة في الوطن العربي. ففي 8/ 7/ 1969 كتب موشي دايان (20/ 5/ 1915-16/ 10/ 1981) ، وزير الحربيّة آنذاك (1967-1974)، مقالًا في مجلة هاعُولامْ هازِيهْ (1937-1993) الإسرائيليّة قال فيه: «إنّ آباءنا قد حصلوا على الحدود التي اعترفت بها خطّة التقسيم سنة 1947 (أي قرار التقسيم 181 (II) في 29/ 11/ 1947). واستطاع جيلنا الوصول إلى حدود سنة 1949. ولكن جيل حرب الأيام الستَّة كان قادرًا على الوصول إلى السويس ونهر الأردن ومُرتفعات الجولان. إنّ هذه ليست النهاية، لأنّه بعد خطوط وقف إطلاق النار الحاليّة ستكون هناك خطوط جديدة تمتدّ من نهر الأردن إلى لبنان، وربّما إلى سوريا الوسطى»[58].
وبعد حرب حزيران/ يونيو 1967، اتَّخذت إسرائيل موقفًا بإلغاء اتفاق الهُدْنة مع لبنان مُتذرِّعة بعدد من الحجج الواهية. والخطوط التي تحدَّدت في اتفاقيات الهُدْنة العربيّة - الاسرائيليّة اعتبرتها أغلبيّة القيادات السياسيّة الإسرائيليّة خطوطًا موقّتة[59].
6 - مدى إلزاميّة التصريحات التي صدرت عن المسؤولين الإسرائيليين
لقد تضمَّنت تصريحات المسؤولين الإسرائيليّين وأقوالهم في مُناسبات مُعيَّنة إقرارًا بأنّ إسرائيل لا تعترف بالحدود اللبنانيّة - الفلسطينيّة وباتِّفاقيّة الهُدْنة للعام 1949. فهل يُعدّ هذا الإقرار تصرّفًا مُلزمًا لها؟ وهل تُعتبر هذه الأقوال بحكم التعهُّد المُلزم لإسرائيل؟ أي: هل للتصريحات التي يُدلي بها المسؤولون في مُناسبات مُعيّنة قيمة مُساوية للقيمة القانونيّة التي تنطوي عليها الوثائق المكتوبة؟
«يبدو، بالاستناد إلى سوابق الإجتهاد الدولي، أنّ طابع الالتزام والإلزام في تصريحات المسؤولين أصبح من القواعد الراسخة في أحكام محكمة العدل الدوليّة. ففي الحكم المُتعلِّق بالنـزاع (بين النروج والدانمارك) حول السيادة على جزيرة غرينلاند الشرقيّة (Eastern Greenland)، إستندت الدانمارك، في مُرافعتها أمام محكمة العدل الدوليّة الدائمة، إلى تصريح شفوي صادر عن وزير خارجيّة النروج بشأن احترام السيادة الدانماركيّة على الجزيرة. واعتبرت المحكمة، في حكمها الصادر في 11/ 5/ 1933، أنّ هذا التصريح مُلزم لحكومة النروج، من دون أن يرقى إلى مرتبة المعاهدة المُبرمة بين الطرفين.
وتفسير هذا الاتجاه الذي أصبح مُستقرًا في الفقه والاجتهاد الدوليّين يكمُن في أنّ التصرّف الذي يصدر بالإرادة المُنفردة عن ممثلي الدول، سواءٌ أكان في صورة إعلان أو تصريح أو احتجاج أو إقرار بوضع مُعيَّن، يُعدّ مصدرًا للحقوق والالتزامات على المستوى الدولي، شرط أن يكون موضوع التصرّف بالإرادة المُنفردة مشروعًا وغير مُخالفٍ للقواعد القانونيّة الآمرة.
وقد أكَّد القضاء الدولي، بعد الحرب العالميّة الثانية، القوّة الإلزاميّة للتصرّفات الصادرة عن الإرادة المُنفردة في الحكم الذي أصدرته محكمة نورنبرغ (لمُحاكمة كبار المجرمين النازيّين)، وأشارت فيه إلى أنّ ألمانيا إلتزمت تصريحات حكومتها حول احترام سلامة بعض الدول وحريّتها ، مثل هولندا وبلجيكا، إلاّ أنّ انتهاكها لهذه الالتزامات جاء مُخالفًا لقواعد القانون الدولي. وفي الحُكمين الصادرين عن محكمة العدل الدوليّة، في 20/ 12/ 1974، في قضيتيْ التجارب النوويّة (أستراليا ضد فرنسا، ونيوزيلندا ضد فرنسا) أكّدت المحكمة أنّ التصريحات العلنيّة التي صدرت عن الحكومة الفرنسيّة ووعدت فيها بوقف التجارب الذريّة الفرنسيّة في جنوب المحيط الهادي تُعتبر مُلزمةً لفرنسا»[60].
وعندما ستُطرح المسألة على الجهات الدوليّة، فإنّ هذه الجهات ستعتدّ بالإقرار الإسرائيلي، وستَسْتلهِم الإجتهاد الدولي في هذا الصدد، وستُلزِم إسرائيل الإنسحاب من الأراضي اللبنانيّة المُحتلّة، سواءٌ أكان ذلك قبل أو بعد قبول إسرائيل في عضويّة الأمم المتحدة.
7 - قرارات الجمعيّة العامة بعد عمليّة الليطاني عام 1978
حرصت الجمعية العامّة للأمم المتَّحدة على التأكيد مرّة بعد مرّة «أنّ التدابير التي اتَّخذتها اسرائيل في الماضي، وكذلك أعمالها، تُثبت أنّ إسرائيل ليست دولة مُسالمة، وأنّها انتهكت بشكل مُستمرّ مبادئ الميثاق، وأنّها لم تَفِ بالتزاماتها بموجب الميثاق، ولا بتعهّداتها النابعة من قرار الجمعية الرقم 273 الصادر في 11/ 5/ 1949 [قرار قبول إسرائيل في عضويّة الأمم المتحدة]»[61].
وعلى الرغم من مُطالبة القرار الرقم 425 للعام 1978 بانسحاب إسرائيل إلى الحدود المُعترف بها دوليًا، فإنّ الأمم المتحدة فضَّلت العام 2000 الإكتفاء باعتماد خطّ انسحاب جديد هو الخطّ الأرزق[62] لأنّ الحدود اللبنانيّة - الإسرائيليّة غير واضحة المعالم[63]. وتُشدِّد الأمم المتّحدة على أنّ هذا الخطّ مؤقَّت ولا يمسّ بأي شكل من الأشكال بتعيين الحدود الدولية مُستقبلًا[64]. ويختلف الخطّ الأزرق عن خطّ الهُدْنة في ثلاثة مواقع[65]. وبحسب خبراء خرائط الأمم المتحدة، فلو أُريدَ إلتزام مسار الحدود الدولية لَشُطِر كيبوتس مِسْغافْ عام في إسرائيل إلى شطرين: جزء منه في لبنان والجزء الآخر في إسرائيل[66].
وكدلالة على عدم احترام إسرائيل للقرارات الأمميّة أشارت دراسة، صدرت العام 2002، إلى أنّها تتصدَّر دول العالم في تجاهل قرارت مجلس الأمن[67].
وهكذا، فـ «إنّ الحقّ، في المجالات الدوليّة، لا يُستعاد إلاّ بالنضال. والعدالة لا تخرج من زنزانتها الدوليّة إلاّ على رؤوس الحراب. والعنف الشامل لا ينفصل عن عمليّة التحرير من الإستعمار الإستيطاني. وإذا كنّا نعتقد أنّ قرارات الأمم المتّحدة هي التي كرَّست وجود إسرائيل فنحن واهمون. إنّ إسرائيل وُجِدت واستمرَّت في الوجود بإرادة الإمبرياليّة العالميّة ومُساعدتها المُستمرَّة لها. وبين إسرائيل والإمبرياليّة المُجسَّدة اليوم بالولايات المتَّحدة ارتباط عضوي وحلف أبدي ومصير مُشترك. ولنتذكَّر دائمًا أنّ الشعب الفلسطيني استمدّ شرعيّته من كفاحه المُسلَّح لا من قرارات المنظّمات الدوليّة التي باركت كفاحه، وأنّ حريّة الجزائر المُستقلَّة وُلدت في ساحة المعركة لا فوق منابر الهيئات الدوليّة، وأنّ الفيتناميّين الذين حاربوا عمالقة الإمبرياليّة في العصر الحديث لمدّة ربع قرن لم يشعروا بالحاجة إلى تكريس حقوقهم وكفاحهم عن طريق الأمم المتحدة»[68]. ولم يُنفَّذ القرار 425، الصادر عن مجلس الأمن في 19/ 3/ 1978، إلاّ في ساحة المعركة، بعد تعاظم ضربات المقاومة وعمليّاتها النوعيّة.
«وما نذهب إليه لا يُعدّ انتقاصًا من قدر الأمم المتّحدة وشأنها، ولا يُشكِّل دعوة إلى التخلي عنها أو الانسحاب منها أو التنكُّر لخدماتها، وإنّما هو إقرار بالواقع المفروض عليها واعتراف بالحجم الحقيقي الذي تُمثِّله والإمكانات المُحدَّدة والمحدودة التي تملكها. وعلينا ألاّ نُحمِّلها أكثر ممّا تستطيع أنْ تحمل. إنّها كانت، وما زالت، منبرًا إعلاميًا عالميًا رفيعًا. ومن مصلحتنا استغلاله والإستفادة منه إلى أقصى درجة مُمكنة. والإعلام الناجح والمُجدي هو في النهاية ثمرة من ثمار العمل الناجح، فليس هناك إعلام ناجح لعمل فاشل، وإنْ حدث ذلك مرّة فلفترة وجيزة جدًا، أي ريثما ينكشف الخداع وتنجلي الحقيقة.
والإنتصار الحقيقي في المعارك القوميّة هو بحدّ ذاته خير دعاية للقضيّة التي يجري الدفاع عنها»[69].
8 – الحدود الجنوبيّة وأحابيل إسرائيل الفنيّة - القانونيّة
لمّا كان تعيين مُعظم الحدود قد تمّ بطريقة نظريّة وفي مناقشات تمّت في لجان مُختلفة وليس على الطبيعة (أو أرض الواقع)[70]، ولمّا كانت معلومات المُفاوضين الفرنسيّين والبريطانيّين قليلة نسبيًا في المناطق التي حاولوا تعيين حدودها، لذلك نجد أنّ كثيرًا من الاتفاقيات أو المعاهدات وملاحقها أقلّ دقّة من الخرائط والبيانات الفنيّة والإحصاءات التي يُمكن الإستناد إليها. وإذا كان الحيِّز الجغرافي الذي تناوله التحديد يفتقر إلى خرائط صحيحة، أو لأنّه لا يزال ضبابيًا، أو لم يتمّ مسحه مسحًا شاملًا، فقد نتج من ذلك عدم الدقّة في عمليات تعيين الحدود وتعريفها وتخطيطها في ما بعد. بل انّه حتى في بعض النواحي التي تمّ مسحها كانت الخرائط والإحصاءات الخاصة بتوزيع جنسيّة السكّان مُتحيِّزة، أو كانت غير شاملة، أو انقضى عليها وقت طويل بحيث أصبحت لا تُمثِّل الواقع. وأدّى فشل كثير من المفاوضين في اتفاقيات أو معاهدات الحدود في التوفيق بين خطوط الحدود وأبسط الحقائق الجغرافيّة إلى توتير أو تَشْنيج المفاوضات وإطالة أمدها.
ويتبيَّن من هذا أنّ أي تعيين لخطوط الحدود يستلزم معرفة دقيقة وشاملة للنقاط المُتَّفق عليها. وعلى هذا الأساس أيضًا أصبحت المعارف الجغرافيّة في العقود القليلة الماضية من الأهميّة بمكان. وقلَّل تقدُّمها، نسبيًّا، من الصعوبات التي قد تنشأ عن الجهل بالحقائق الجغرافيّة عند تعيين الحدود.
ونتج من تعيين الحدود على الورق، والجهل بالحقائق الجغرافيّة والظروف المحليّة أو الطوبوغرافيّة، ظهور مُشكلات كأداء واجهت مُخطِّطي الحدود اللبنانيّة - الفلسطينيّة. والشواهد على ذلك كثيرة حاليًا بالنسبة إلى الحدود الجنوبيّة للبنان.
وتشْتَهر إسرائيل بالبراعة في ابتكار الحِيَل واختراع الأحابيل واختلاق الذرائع[71] التي تخدم مصالحها وتدعم مواقفها القانونيّة[72]. وليس من المُستبعد أن تعمد إسرائيل إلى استخدام كلّ الوسائل المُتاحة والإستفادة من كلّ الظروف المُمْكنة للتسلُّل إلى المناطق اللبنانيّة في الجنوب عن طريق القضم الهادئ للأراضي المُتاخمة لحدودها الشماليّة، أو عن طريق التحايل والإلتفاف على اتفاقيات الحدود الفرنسيّة – البريطانيّة وتعديلها[73].
وإسرائيل مُتمسِّكة بالأراضي التي تحتلّها، فتُخفي مطالبها الأساسيّة، وتُتقن فنّ المُناورة القانونيّة[74] وتعتمد على سياسة الأمر الواقع والضغط لإجبار لبنان على الإقرار بالحقائق الجديدة على الأرض (أي التجاوب مع الواقع الميداني)[75].
وإسرائيل التي لم توضِح يومًا مفهومها للحدود، رَبَطت هذه الحدود بالمفاوضات ومعاهدات السلام التي سيتمّ الإتِّفاق عليها لاحقًا مع الدول المُجاورة[76].
واعتبر شاؤول موفاز (1948) ، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي (1998-2002)، «أنّ اتفاقيّة السلام مع لبنان سترتبط بترسيم جديد للحدود بينه وإسرائيل»[77].
و«الضابط الإسرائيلي في الإجتماع الثلاثي اللبناني – الدولي – الإسرائيلي(الذي عُقد في نيويورك) قال صراحة لممثِّل الجيش اللواء الركن عبد الرحمن شحيتلي خلال أحد الاجتماعات انّ مُعالجة قضيّة مزارع شبعا لا تتمّ إلاّ على المستوى السياسي، وأبلغه بأنّ المزارع لن تعود قبل حصول تفاوض سياسي بين لبنان وإسرائيل، مُلمِّحًا إلى أنّ الانسحاب منها لن يحصل قبل عقد مُعاهدة سلام بين البلدين. واقترح عليه أن يُبْلِغ الحكومة اللبنانيّة بضرورة تطوير التواصل من الإطار التقني إلى الإطار السياسي، «إذا أرادت إقفال هذا الملف». (...)»[78].
-IIالمُطالبة بالأراضي السليبة
في ضوء ذلك كلِّه، وطالما أنّ العديد من الاتفاقيّات الحدوديّة الفرنسيّة – البريطانيّة قد أُبرمت، فإنّ المطلوب في الحقيقة أن تقوم في الدولة اللبنانيّة استراتيجيّة واعية في الاتفاقيّات أو المعاهدات الحدوديّة التي يُمكن أن تُعيد مساحات مسلوبة من الأراضي اللبنانيّة، لأنّ لبنان لم يعتمد حتى الآن مسحًا شاملًا لهذه الاتفاقيّات أو المعاهدات، تاركًا أمر جمعها الجزئي ودرسها المبدئي لعددٍ من الأشخاص من دون مُناقشتها أو تحليلها بكلِّيتها، بشكل كافٍ ووافٍ.
إنّ قضيّة المُطالبة بالأراضي السليبة على الحدود الجنوبيّة للبنان أمر لا يجوز التهاون فيه، لا حاضرًا ولا مُستقبلًا.
ويُمكن أن نُميِّز عددًا من أنواع الحدود[79] من حيث شرعيّتها ومدى الإعتراف بها[80]، وهذه الأنواع يُمكن أن تشمل[81]:
- حدودًا يعترف بها القانون الدولي، كما هو حال معظم الحدود الدوليّة.
- حدودًا يعترف بها بعض الدول فحسب، وبالأخصّ الدول المُجاورة. وهذه الحدود يُمكن تقسيمها إلى نوعين: حدود تغيَّر موضعها ولكن لم يتغيَّر وضعها القانوني، وحدود يعترف بها بعض الدول من الناحية القانونيّة De jure وتُعدّها حدودًا لا تزال قائمة، ولو أنها تُعتبر حدودًا واقعيّة De facto بالنسبة إلى البعض الآخر. ويُمكن أن يُطلق عليها اسم الحدود المُتنازع أو المُخْتَلَف عليها Disputed boundaries.
- حدودًا واقعية De facto، تخضع للأمر الواقع. وهي حدود لا تعترف بشرعيتها إحدى الدول المُجاورة، إذ يدَّعي كلّ من الطرفين المُتنازعين وجود خطّ حدود مُغاير للخطّ الذي يُطالب به الطرف الآخر، ولكن هناك خطّ حدود بينها وهو الخطّ الذي يقوم عليه النـزاع.
- خطوطًا نجدها ظاهرة على بعض الخرائط ولكنها غير موجودة من الناحية الفعليّة.
وقد يعترف بعض الدول، غير المعنيّة مُباشرة بالمسألة الحدوديّة، بالحدود الواقعيّة أو الحدود التي تُطالب بها دولة ما. وهي في كلتا الحالتين تُؤيَّد، سياسيًّا، موقف أحد طرفيْ النزاع، ولكنها لا تُغيِّر شيئًا في الوضع القانوني للحدود الراهنة. وفي الجنوب اللبناني، نظريًا، ثلاثة خطوط للحدود: الأوّل يعود إلى بولِه - نيوكومب للعام 1923، والثاني إلى اتِّفاقية الهدنة للعام 1949، والثالث إلى 24 أيار/ مايو 2000.
ا - حدود لبنان وتعديلاتها
نصَّت المادة الأولى من الدستور اللبناني الصادر في 23 أيار/ مايو 1926 على حدود الجمهوريّة اللبنانيّة. وهو من الدساتير القليلة التي تطرَّقت إلى مسألة الحدود.
- تَقَهْقُر حدود دولة لبنان الكبير[82]
أصدر الجنرال هنري جوزيف أوجين غورو (1867-1946) Henri Joseph Eugène Gouraud، المُفوَّض السامي في لبنان (1919-1923)، في 31 آب/ أغسطس 1920، القرار الأساسي الرقم 318 الذي أنشأ «دولة لبنان الكبير».
وقد استند هذا القرار إلى حيثيّات يُستَحسن إيرادها، وهي:
«حيث أنّه لم يكن لفرنسا من غاية، بمجيئها إلى سوريا، سوى تمكين أهالي سوريا ولبنان، من تحقيق أغلى أمانيهم المشروعة بالحريّة والحُكم الذاتي.
وحيث يقتضي، في سبيل ذلك، أنْ تُعاد إلى لبنان حدوده الطبيعيّة، كما حدّدها مُمثِّلوه وطالبت بها رغبات أهاليه الجماعيّة.
وحيث أنّ لبنان الكبير، باستقراره بحدوده الطبيعيّة هذه، يستطيع بوصفه دولة مُستقلة، ولخير مصالحه السياسيّة والإقتصاديّة، ومُعاونة فرنسا، تحقيق البرنامج الذي خطّه لنفسه...»[83].
وبموجب البند الثالث من المادة الأولى من هذا القرار[84]، يُشكِّل «سنجق صيدا خلا ما أُلحق منه بفلسطين بحسب الاتفاقات الدوليّة» واحدة من مناطق تشكُّل لبنان الكبير. أمّا الحدود الجنوبيّة للبنان فهي، بموجب المادة الثانية من القرار المذكور، «حدود فلسطين كما هي مُعيَّنة في الاتفاقات الدوليّة»[85].
ولا يُقدِّم القرار شيئًا على الصعيد العملي المُباشر، فهو جعل خطّ الحدود مرهونًا باتفاقات دوليّة لم تكن قد وُضِعت بعد. والاتفاقات الدوليّة، في تلك الفترة، لم تكن عيَّنت حدود الكيانات الوليدة ومناطق النفوذ الإنتدابيّة. وما ينطلق منه الجنرال غورو هو ما سيستجدّ، لاحقًا، من تفسيرات فرنسيّة – بريطانيّة مُتباينة لاتفاقية «مارك سايكس – فرنسوا-جورج بيكو» Mark Sykes – François-Georges Picot (أو سايكس – بيكو Sykes - Picot ) في 16 أيار/ مايو 1916[86].
وفي الأول من أيلول/ سبتمبر 1920 أَعلنت فرنسا، بالقرار الرقم 336[87]، ولادة دولة لبنان الكبير[88]. وانطلقت عندئذٍ عملية تحديد الحدود اللبنانيّة.
ووُقِّعت في 23 كانون الأوّل/ ديسمبر 1920 الاتفاقيّة الأولى بين الانتدابين، والتي شكَّلت الأساس للإتفاقيّات اللاحقة في ترسيم الحدود بين لبنان وفلسطين. وهي تجعل من مُستعمرة متولاه Metulla (المطلة)، التي تبقى في فلسطين، نقطة شماليّة لانطلاق خطّ الحدود جنوبًا مع وادي الأردن حتى وادي فارة، ووادي كركره[89]، اللذين يَبقيان في فلسطين، فوادي البلاونة ووادي العيون ووادي الزرقاء التي تبقى في لبنان. ويصل الحدّ إلى شاطئ البحر الأبيض المتوسط غربًا في ميناء رأس الناقورة الذي يظلّ في لبنان.
وبموجب هذه الاتفاقيّة بدأت لجنة ترسيم الحدود عملها على الأرض في أوائل حزيران/ يونيو 1921[90]، وكان على رأسها من الجانب الفرنسي المقدَّم بولِه ومن الجانب البريطاني المقدم نيوكومب. ونتيجة أعمالها وقَّع الضابطان المذكوران في 3 شباط/ فبراير 1922 وثيقة ترسيم الحدود.
وتضمَّنت الاتفاقيّة، التي أصبحت نافذةً في 10 آذار/ مارس 1923[91]، تحديد 71 نقطة فصل، 38 منها في الحدود اللبنانيّة - الفلسطينيّة[92]، أي من النقطة الرقم 1 حتّى 38، والباقي، أي من النقطة 39 (BP 39)[93] إلى النقطة 71 في الحدود السوريّة - الفلسطينيّة. وقد أُرفقت بها ثلاث خرائط.
وتُظهر الخريطة الثانية، ما يلي:
- تبدأ حدود شمالي فلسطين قرب بانْياس وتسير بخطّ مُتعرِّج بعض الشيء في اتجاه شمال المْطُلَّة.
- لا دخل لفلسطين بجبل الشَيْخ الذي هو جبل لبناني – سوري.
وقد خسر لبنان من جرّاء اتفاق بولِه - نيوكومب شريطًا يضيق تارةً ويتَّسع طورًا آخر. فأُزيح خطّ الحدود المُتَّفق عليه في اتفاقية 1920 حوالى كيلومترين أو ثلاثة[94] إلى الشمال لتبدأ من رأس الناقورة[95] وتسير إلى الجنوب قليلًا من قرية علما الشعب ثمّ تنحرف شمالًا عند حدود رميش ويارون، ويستمرّ الإنحراف حتى شمال غرب المطلّة، ثم تنحرف مُجدّدًا فتمرّ بجسر البراغيث وجسر الحاصباني بدلًا من مرورها بتل القاضي وتل دان.
وفي ما بعد صدر في 9 نيسان/ أبريل 1925 القرار الرقم 3066 الذي نظَّم، إداريًّا، دولة لبنان الكبير. وتألَّفت محافظة مرجعيون من 32 قرية، ومديريّة حاصْبَيّا من 26 قرية.
ويتبيَّن من هذا القرار ما يلي:
- ورود قرية النْخَيْلة[96]، ممّا يؤكد أنّ الحدود الجنوبيّة لقضاء حاصْبَيّا تُلامس حدود فلسطين.
- لبنانيّة مزارع شِبْعا (باستثناء مزرعة مُغر شبعا) [97] طالما أنّها تقع خلف النْخَيْلة.
إنّ الغموض في تأكيد الحدود الجنوبيّة للبنان سهَّل قضم مناطق حدوديّة إضافيّة. وقد عزَّز الغموض صدور الدستور في 23 أيار/ مايو 1926، إذ نصَّت مادته الأولى على أنّ حدود لبنان الجنوبيّة هي «حدود قضاءي صور ومرجعيون الجنوبيّة الحاليّة». وأَتَت كلمة «الحاليّة» بعد اتفاق حسن الجوار في 2 شباط/ فبراير 1926 الذي استند إلى اتفاق بولِه – نيوكومب. وهذا يعني إخراج منطقة، يراوح عرضها بين 3 إلى 5 كلم، من الانتداب الفرنسي، أي أنها سَلَخت قرى وخِرَب من «أعمال صور»، هي التالية: البصّة، وخربة معصوب، وخربة عين حور، وخربة جِرْدِية، وخربة سمخ، وتربيخا، وإقرت، وخربة الصوانة، والمنصورة، وحانيتا[98]. وكذلك سَلَخت من ناحية إصبع الجليل الشريط الآهل المُمتدّ غربي سهل الحولة من «أعمال مرجعيون»، وهي التالية: آبل القمح، والسنبرية، والخصاص، والمنصورة، والزوق التحتاني، والزوق الفوقاني، والخالصة، ولزازة، وقيطية، والعباسية، والناعمة، والدوارة، والصالحية، والزاوية، وصلحة، والمالكية، وقدس، والنبي يوشع، وهونين، والمنارة، والمنشية، ودفنة، والمطلة، وخان الدوير، وتل حاي، وجاحولا، والشوكة التحتا، والبويزية، وميس، وكفر برعم[99].
ومع هدنة 1948 عملت إسرائيل على تدعيم أو تزخيم حدودها الشمالية[100] فاحتلَّت قوّاتها بعضًا من أراضي البلدات والقرى التالية: رميش، ويارون، وعيترون، وبليدا، ومحيبيب، وميس الجبل، وحولا، ومركبا، والعديسة، وكفركلا، ودير ميماس، وطلوسة، وبني حيان، ورب ثلاثين، والطيبة، ودير سريان، وعلمان[101].
2- دولة الاستقلال وحدودها
بعد توقيع اتفاقية الهُدْنة في 23 آذار/ مارس 1949 عقدت لجنة مُراقبة الهُدْنة اللبنانية - الإسرائيلية المُشتركة، المُشكَّلة سندًا لتلك الاتفاقية عددًا من الاجتماعات برئاسة رئيس أركان لجنة الهُدْنة أو مساعده، كممثِّل للأمم المتحدة. وأجرت مسحًا جديدًا للحدود، هو نفسه ترسيم بولِه - نيوكومب، وأعادت إحياء نقاط الحدود ووضعت نقاط فصلٍ ثانوية ووسيطة في ما بينها. وبلغ العدد الإجمالي لنقاط الفصل الثانوية والوسيطة 143 نقطة[102].
وعلى الرغم ممّا اقترفه اتفاق بولِه - نيوكومب فقد بقيت ثلاث مناطق داخل الحدود اللبنانيّة هي منطقة المَنارة وخراج بلدتيْ العْدَيْسة وهونين. لكن اسرائيل وضعت يدها عليها العام 1949، لتصل مساحة الأراضي اللبنانية المُقتطعة بالإحتلال الفعلي نحو 120 كلم2، وهي مساحة شريط القرى السبع (وأخواتها) مُضافًا إليها ما احتُلّ العام 1949 وهو يزيد بقليل عن 16 كلم2، لتُصبح المساحة الإجمالية نحو 136 كلم2.
وبدأت أواخر العام 1949 مرحلة قضم مزارع شبعا التي تقع ضمن حدود الأقضية التي حدَّدها قرار المفوّض الفرنسي الرقم 318، أي ضمن مساحة لبنان المعروفة، لاحقًا، بـِ 10452 كلم2. واستمرَّت إسرائيل بالتمدُّد حتى سبعينيات القرن الماضي[103].
بعد صدور قرار مجلس الأمن الرقم 338 في 22 تشرين الأول/ أكتوبر 1973 احتلَّت إسرائيل التلال والأراضي المُحيطة بعدد من القِمَم، أهمّها قمّة ملْحاتا، في عمليّة خاطفة قصفت فيها بلدة شِبْعا وخراجها. وتُشكِّل هذه الأراضي لسانًا مُستطيلًا داخل الأراضي اللبنانية، وبينها ما هو معروف لأهالي المنطقة بمركز الشَّحْل، ومنه تنحدر الأراضي المُحتلَّة حتى يصل هذا اللِّسان إلى بركة النَقَّار حيث بوّابة مزارع شِبْعا. وأقام الجيش الإسرائيلي على شريط هذه القِمَم بعض أهمّ مراصد المُراقبة والتجسّس. ومن بين الأراضي المُحتلَّة رأس الشَّحْل وتلة سدانا وتلَّتيْ الفوار والنشبة على الحدود السوريّة - اللبنانيّة[104]. فما المقصود بمزارع شِبْعا؟
يُطلق إسم منطقة شِبْعا على المنطقة الجبليّة الواقعة جنوب شرق بلدتيْ شِبْعا وكفرشوبا ومزرعة المجيديَّة وصولًا إلى العَبّاسيَّة والنْخَيْلة في أقصى جنوب شرق لبنان. وهي منطقة ذات طبيعة جبليّة غير حادّة يراوح ارتفاعها عن سطح البحر بين 1100 و1700 م، فيها انفراجات سهليّة. وهي مُقسَّمة إلى منطقتين من حيث الملكيّة العقاريّة يفصلهما وادي العَسَل، والمنطقة الشرقيّة منهما يملكها سوريّون بالكامل ومساحتها مُقدَّرة بـ 26 كلم2، ولم يُطالب لبنان بها، أمّا الغربيّة ومساحتها مُقدَّرة بـ 36 كلم2 فيملكها لبنانيّون ومارست الدولة سيادتها عليها منذ إنشاء دولة لبنان الكبير، وهي الحيِّز الجغرافي الذي يُطالب به لبنان اليوم وتؤيِّده سوريا في مطلبه في كلّ مناسبة.
جاءت أرقام مساحة مزارع شبعا مُتضاربة ومُتباعدة في أكثر الأحيان، كما أثارت جوًا من الإلتباس والغموض. فمن 19 إلى 400 كلم2 وما بينهما من أرقام مُتعارضة[105] تبرز تناقضات كبيرة وخطيرة لا بدّ من مُعالجتها بتحديد حسابي وعلمي لمساحة هذه المزارع حتى تُصبح المُطالبة بها منطقيّة ومقبولة لدى الرأي العام المحلي والخارجي، على أنْ يتولَّى هذه المهمّة خبراء بعيدًا من السياسيين.
وبذلك يكون لبنان قد خسر بين تاريخ إعلان دولة لبنان الكبير في 1 أيلول/ سبتمبر 1920 واندحار إسرائيل عن مُعظم الأراضي اللبنانية العام 2000 نحو 172 كلم2 على الشكل التالي:
- شريط القرى السبع وأخواتها (120 كلم2)[106].
- الشطر الغربي من مزارع شِبْعا (36 كلم2)[107].
- الأراضي التي احتلَّت العام 1949 (16 كلم2).
وأكّد كوفي عنان (1938-....) Kofi Annan، الأمين العام السابق للأمم المتحدة (1997-2006)، بصورة ضمنيّة، خضوع المزارع لسيادة لبنان وذلك في التقرير الذي رفعه إلى مجلس الأمن بتاريخ 22/ 5/ 2000، وجاء فيه: «إنّ الحدود الدوليّة بين لبنان وإسرائيل هي تلك التي وضعت في اتفاقيّة العام 1923 الموقَّعة بين بريطانيا وفرنسا والتي أُعيد تأكيدها في اتفاقيّة الهُدْنة الإسرائيليّة - اللبنانيّة العامّة المُوقَّعة في 23/ 3/ 1949»[108].
لقد أعلنت إسرائيل مساء 24/ 5/ 2000 إكتمال انسحاب جيشها ممّا كان يُعرف بِـ «الشريط الحدودي» وانتشاره على الحدود الدوليّة. فتمّ تشكيل لجنة عسكريّة لبنانيّة للتثبُّت مع فريق الأمم المتحدة من حصول هذا الانسحاب الإسرائيلي.
وخلال ترسيم ما عُرف بـ «الخطّ الأزرق»، كخطّ للتطبيق العملي للإنسحاب الإسرائيلي وليس كخطّ حدودي، استطاع الفريق اللبناني إستعادة شريط مساحته نحو 16 كلم2 قضمته إسرائيل العام 1949، مُتجاوزة إتفاق بولِه - نيوكومب، ويضمّ خراج بلدات ميس الجبل والمنارة والعديسة وهونين.
وتحفَّظ لبنان خلال عملية رسم الخطّ الأزرق عن مساحة 0,2 كلم2، أي ما يُعادل 200 دونم من الأرض، عند ثلاث نقاط حدوديّة في بلدات رميش والعديسة والمطلة.
وقد بدَّلت الأمم المتّحدة العبارة الظاهرة على الخريطة المُتعلِّقة بالخطّ الأزرق، فحذفت مُصطلح «خطّ عملي» وأحلَّت محله العبارة التالية:
«إنّ خطّ الإنسحاب كما يظهر على هذه الخريطة تمّ التعرّف عليه طبقًا لتقرير الأمين العام الذي رفع لمجلس الأمن بتاريخ 22 أيار/ مايو 2000 والغرض الوحيد منه هو التأكّد من انسحاب القوات الإسرائيليّة تنفيذًا لقرار مجلس الأمن 425 (1978). وهو مبني على أفضل المُستندات والخرائط المُتوافرة لدى الأمم المتحدة. إنّ خطّ الإنسحاب هذا لن يُلحق الأذى بأيّ اتفاق لاحق حول الحدود بين الدول الأعضاء المعنيّة».
إنّ الفَرْق بين العبارتين كبير. فإذا كان الخطّ الأزرق هو فقط «خطّ عملي»، فذلك يعني أنّ الأمم المتحدة لا تتدخَّل في أمور السيادة التي يعود القرار فيها أولاً وأخيرًا إلى الفرقاء أنفسهم، وبالتحديد إلى لبنان وسوريا دون سواهم. أمّا العبارة الجديدة فتعني أنّ الأمم المتحدة قد فَصَلَت في موضوع السيادة وتُلمِّح إلى أنّ مزارع شبعا هي سوريّة، وإذا أراد الفرقاء أن تعود إلى لبنان فيتوجَّب عندها إبرام اتفاق جديد بهذا الشأن، وربّما قد تتدخَّل أو تُدخل إسرائيل في هذا الإتفاق كونها من «الدول الأعضاء المعنيّة».
وازْداد الحديث في الآونة الأخيرة عن مسألة ترسيم الحدود اللبنانيّة - السوريّة، واختلاف الرأي بين فريق يُريد ترسيمها فورًا وفريق آخر مُتريِّث في إجراء هذه العمليّة.
فكيف تُرسَّم الحدود البريّة؟ وكيف تمّ ترسيم الحدود الجنوبيّة للبنان؟
ثانيًا - ترسيم الحدود الجنوبيّة للبنان ومزارع شبعا
يُعرِّف القانون الدولي ترسيم الحدود بمرحلتين قد تتلازمان أو تفْصِل بينهما فترة زمنيّة، قد تطول[109].
المرحلة الأولى، تقضي بتحديد الأراضي قانونيًا وسياسيًا بين الدولتين، ثمّ في مرحلة ثانية ترسيمها ميدانيًا ووضع العلامات الطوبوغرافيّة لها. وتُعتبر المرحلة الأولى أكثر أهميّة لأنها مُرتبطة بقرار سياسي. أمّا الثانية فيتولاّها فنيّون يُطبِّقون على الأرض ما تمّ إنجازه في المرحلة الأولى، والذي يُمكن أنْ يخضع لبعض التعديلات الطفيفة بسبب التضاريس الجغرافيّة.
1- مراحل ترسيم الحدود[110]
يربط القانون الدولي الآليّة القانونيّة المطلوبة لترسيم الحدود بحكومتيْ البلدين. فيقع على عاتقهما وضع خريطة يتَّفقان عليها، ثمّ يرفعانها إلى السلطة التشريعيّة في كلّ دولة للمُوافقة عليها وإقرارها، ثمّ يودعانها الأمم المتّحدة.
فعندما تبرز إرادة سياسيّة لدى دولتين بضرورة تعيين الحدود بينهما من ضمن اتفاقيّة أو معاهدة، فإنّ ذلك يستدعي القيام بخطوات مُعيَّنة لا بُدّ منها، هي[111]:
- تعريف الحدود، بالإعلان عن إرادة الدولتين إقامة الحدود بينهما وإعطاء الوجهة العامّة لمسارها على امتداد جغرافي مُعيَّن؛
- تحديد الحدود أو تعيينها، بوضعها على خريطة تُبيِّن أطراف هذه الحدود (أي حدّها الفاصل بين الدولتين)؛
- ترسيم الحدود، وفيها انتقال من الحدّ الخرائطي (أو الخطوط المرسومة على الخرائط) إلى الحد الجغرافي على الأرض (أو إلى التطبيق الميداني على الأرض) لتثبيت هذه الحدود بواسطة العلامات الحسيَّة (يتمّ وضع نقاط حدوديّة مُرقَّمة، مثلًا)؛
- تثبيت الحدود، وفيها ثلاثة أمور: مسح الأراضي قرب خطّ الحدود، وتحديد ملكيّة أصحابها، والأخذ بعين الإعتبار القانون الدولي حيث توجد أملاك على جانبيْ الحدود لسكان من هذه الدولة أو تلك؛
- أخيرًا شَرْعَنَة الحدود، بإرسال الاتفاقيّة مع الخريطة أو الخرائط المُلحقة إلى المراجع المعنيّة بما يعني شَرْعَنَتْها لدى المنظمات الدولية والإقليمية (الأمم المتحدة أو جامعة الدول العربيّة، مثلًا). وبموجب المادة 102 من ميثاق الأمم المتحدة لا يُمكن لأي دولة الإعتداد بأي أمر لم يُبلَّغ إلى الأمم المتحدة مُسبقًا بحسب الأصول التي تقوم عادة على إرادة الدولتين ورغبتها.
واضح أنّه يُمكن الجمع بين التعريف والتحديد في عملية واحدة. ولكن لا يُمكن الجمع بين التحديد والترسيم لاختلاف المجال والطبيعة بينهما[112].
2- لبنانيّة مزارع شبعا
فور انتهاء الجولة الثانية عشرة للحوار اللبناني في 14/ 3/ 2006، عقد رئيس مجلس النواب مؤتمرًا صحافيًا أعلن فيه ما يلي: «(...) أمّا على صعيد ما يتعلَّق بمزارع شِبْعا، فقد أجمع المُتحاورون على لبنانيّة المزارع، وأكّدوا دعمهم للحكومة في جميع اتصالاتها لتثبيت لبنانيّة مزارع شِبْعا وتلال كفرشوبا[113] وتحديدها وفق الإجراءات والأصول المُعتمدة المقبولة لدى الأمم المتحدة (...)»[114].
وشرحت الأمم المتّحدة مِرارًا للبنان أنّ المطلوب هو إيداعها اتِّفاقًا ثنائيًّا موقَّعًا من لبنان وسوريا يؤكِّد لبنانيّة المزارع. وأعلن المسؤولون السوريّون تِكْرارًا أنّ المزارع لبنانيّة. فقد ورد في الفقرة 16 من تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، في 22/ 5/ 2005، ما يلي: «وفي حديث هاتفي معي جرى في 16/ 5/ 2000، ذكر وزير الخارجيّة السوريّة السيد [فاروق] الشَّرع، أنّ الجمهوريّة العربيّة السوريّة تؤيِّد المُطالبة اللبنانيّة المُتعلِّقة بأنّ مزارع شِبْعا هي لبنانيّة».
فهل هذا التصريح من قبل وزير الخارجيّة السوري الذي يؤكِّده الأمين العام هو مُلزم ويجب التقيُّد به؟ وهل يجوز بعد هذا، القول إنّ المسألة بحاجة إلى تصريح خطيّ أو وثيقة خطيّة موقَّعة مِن المعني بالتصريح؟ وإلى أيّ درجة يُلْزِم وزير الخارجيّة دولته ويُقيِّدها بأعماله وتصريحاته؟
إنّ وزير الخارجيّة في أثناء مُمارسته لمهماته ومباشرته العمل الديبلوماسي، يُعتبر، كرئيس الدولة ورئيس الحكومة، مسؤولًا عن أعماله وتصرّفاته، وذلك بموجب صلاحياته وسلطاته التي يخوِّله إيّاها الدستور والقوانين النافذة أو السارية. وفي هذه الحالة، فإنّ أيّ تصرّف وأي تصريح يُلزم الدولة ويُقيِّدها.
وهناك سابقة، ذكرناها انقًا، حصلت على هذا الصعيد، وتتعلَّق بالدانمارك التي حاولت الحصول على اعتراف دولي بسيادتها على الجزء الشرقي من جزيرة غرينلاند. ففي 22/ 7/ 1919، عندما كان وزير خارجية الدانمارك في زيارة إلى النروج، صرَّح وزير خارجيّتها لنظيره الدانماركي أنّ «مشاريع الحكومة الملكيّة (الدانماركيّة) في ما يتعلَّق باحترام السيادة الدانماركيّة على كامل غرينلاند ... لن تُواجه عقبات من جانب النروج»[115]. ولكن منذ العام 1920، حاولت النروج العدول عن مضمون هذا التصريح، ومُنازعة الدانمارك سيادتها على الجزء الشرقي من جزيرة غرينلاند. وبعد تفاقم الأزمة، إضْطُرَّت الدانمارك، التي تمسَّكت بتصريح وزير الخارجية النروجي، إلى عرض النزاع على محكمة العدل الدولية الدائمة. وجاء في الحُكم الصادر عن المحكمة في 5 نيسان/ أبريل 1933 ما يلي: «تَعْتَبر المحكمة، من دون أدنى شكّ، أنّ ردًا من هذه الطبيعة من وزير الخارجيّة نيابة عن حكومته استجابة لطلب من المُمثِّل الدبلوماسي لسلطة أجنبيّة، في ما يتعلَّق بسؤال يقع ضمن اختصاصه، يُلزم الدولة التي ينتمي إليها»[116]. فلا تستطيع النروج، إذًا، العدول عن تصريح وزير خارجيّتها المُلزم لها.
وبالإستناد إلى هذا القرار يُمكن القول إنّ ما نُقل عن الوزير الشَّرع هو مُلزم للدولة السوريّة لناحية اعتبار أنّ مزارع شِبْعا هي لبنانيّة.
وإذا كانت الدولتان تعتبران أنّ المزارع لبنانيّة فالقانون الدولي لا يُلزمهما إقرار مُوقَّع منهما من أجل إثبات الحدود. فالقانون الدولي العام يؤكِّد أنّ إرادة الأطراف هي التي يؤخذ بها وهي الأساس في وضع الحدود. فإمّا أن توقِّع الدول المعنيّة معاهدة بشأن رسم الحدود بينها، وإمّا أن تقبل بالحدود الموروثة عن الإستعمار أو الانتداب أو الوصاية. وليس على هذا القبول أن يأخذ شكلًا مُعيّنًا.
ويعتقد بعض الباحثين أنّ السلطات اللبنانيّة ارتكبت منذ ستّينيات القرن الماضي خمسة أخطاء، على الأقلّ، في موضوع تثبيت لبنانيّة مزارع شبعا: أولًا، لم يشتكِ لبنان إلى الأمم المتحدة أو جامعة الدول العربيّة عندما فرضت سوريا الأمر الواقع في منتصف الستينيات. وثانيًا، لم يُطالب الأمم المتحدة بهذه الأرض التي احتلّتها إسرائيل لأنّه خشي أنْ تَسقط الهُدْنة، علمًا أنّ مجلس الأمن منذ العام 1968 كان يُطالب إسرائيل بالإنسحاب من «الأراضي اللبنانية» (أي مزارع شِبْعا). وثالثًا، لم يُحرِّك ساكنًا عندما أدخل السوريّون والإسرائيليّون المزارع بدائرة عمليّات قوّة الأمم المتَّحدة لفضّ الاشتباك (31/ 5/ 1974) United Nations Disengagement Observer Force (أو الـ «أوندوف» UNDOF) وفق اتفاق فكّ الإشتباك بينهما العام 1974. ورابعًا، لم يُطالب لبنان ولا سوريا ولا الأمم المتحدة بانتشارهذه القوات (أي قوات الـ «أوندوف») هناك (في المزارع) بعدما منعتها إسرائيل وقامت باحتلالها مباشرة. وخامسًا، لم تقدِّم الحكومة اللبنانيّة العام 2000 تصويبًا كان ضروريًا للأمم المتحدة يوضح أنّ المعيار الأساسي لتحديد هوية أيّ إقليم هو الوضع القانوني للسكان المُقيمين، المُستند إلى السجلاّت الرسميّة التي تُنظِّم أحوالهم الشخصيّة وأملاكهم العقاريّة وتُدوِّن حقوقهم السياسيّة (لوائح الشطب، مثلًا) وكلّ مُعاملاتهم الإداريّة والقضائيّة، خصوصًا أنّ كلّ السجلات لا تزال محفوظة في الدوائر اللبنانيّة المُختصّة. واستند الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان إلى عامليْ خضوع المزارع للـ «أوندوف» والخرائط ليعتبرها سوريّة. وغالبيّة الخرائط في الأمم المتحدة تضع المزارع في سوريا. فاستُدرجت الحكومة اللبنانيّة إلى امتحان الخرائط واضطُرّت إلى إغفال المعيار الأساسي المُتعلِّق بالسكان وتطلُّعاتهم.
وما زال مُتاحًا أمام لبنان استعادة مزارع شبعا وغيرها من الأراضي اللبنانية المُحتلّة. فقرار مجلس الأمن الرقم 1701 تاريخ 13/ 8/ 2006 استند إلى القرار الرقم 425 الذي نصّ على الانسحاب «من جميع الأراضي اللبنانيّة المُحتلّة حتى الحدود المُعترف بها دوليًا».
ولكن، هل يُمكن التنازل عن الأراضي اللبنانيّة؟
3 - التنازل عن الأراضي اللبنانيّة (أو المادة الثانية من الدستور)
تنصّ المادة 2 من الدستور اللبناني على أنّه «لا يجوز التخلي عن أحد أقسام الأراضي اللبنانيّة أو التنازل عنه».
والتنازل عن الأراضي الوطنيّة هو تخلِّي دولةٍ لدولةٍ أخرى عن جزءٍ من إقليمها بمُقتضى اتِّفاق يُعقد بينهما. وكي يكون التنازل صحيحًا يجب أن يصدر عن دولة تامّة السيادة، ومن المُتعارف عليه أنْ لا يحصل التنازل من دون استفتاء سكّان الإقليم الذي يشمله.
وأثار الاتفاق المُوقَّع في 3/ 11/ 1969 بين الجيش اللبناني، مُمثَّلًا بالعماد اميل البستاني، ومنظمة التحريرالفلسطينيّة، مُمثَّلة برئيسها ياسر عرفات، جدلاً كبيرًا في لبنان، فعدَّه البعض نوعًا من التخلّي أو التنازل عن جزء من أرض لبنان[117].
ويعتبر البعض أنّ المادة 2 من الدستور وُضعت قصدًا لمنع سلخ أي جزء من أراضي جنوب لبنان. فقد جاء في محاضر مُناقشة الدستور اللبناني عام 1926 ما يلي: «في العام 1922 عقدت الدولة المُنتدَبة مع الحكومة الفلسطينيّة معاهدة تنصّ على تخلِّي الحكومة المُنتدبة لفلسطين عن بعض الأراضي اللبنانيّة وعلى إمكان تعديل الحدود من جهة المطلة. فردّ سوشيه Paul Souchier، مندوب المُفوَّض السامي، بأنه لم تحصل معاهدة من هذا النوع بمعرفة جمعية [أي عصبة] الأمم. ولكنه تعيَّنت لجنة لتصحيح الحدود ولا يُمكن التخلِّي عن قطعة من الحدود اللبنانيّة. والقضيّة محصورة بالإتفاق المُتبادل على تعيين الحدود الفاصلة بين لبنان الكبير وفلسطين»[118].
فماذا عن القرى السبع؟
4 - القرى السبع وأخواتها
يُطلَق اسم القرى السبع[119] على القرى الجنوبيّة التي سُلخت عن لبنان بموجب اتفاقات مُتتالية بين سلطتيْ الانتداب الفرنسي والبريطاني آنذاك وضُمَّت إلى فلسطين.
وهذه القرى هي آبل القمح[120] وطيربيخا/ تَرْبيخا[121] وصَلْحا/ صَلْحة[122] وقَدَس[123] والمالكيّة[124] والنبي يوشع[125] وهونين[126]، إضافة لمزارع محيطة بهذه القرى[127].
تمتدّ القرى السبع من الشرق إلى الغرب، على شكل قوس يبدأ من آبل القمح بمُحاذاة العديسة في شرق لبنان وينتهي بتربيخا في الغرب بمُحاذاة مروحين.
وتُشكِّل القرى السبع سلسلة مُترابطة من المرتفعات والهضاب يفصل بينها موقع المنارة، وهو أعلاها ارتفاعًا، وقد اشتراه الصهاينة لقيمته الاستراتيجيّة في مطلع القرن الماضي[128]. وتأتي المالكيّة إلى الجنوب من المنارة ثانية في الإرتفاع.
وبلغ عدد أبناء القرى السبع العام 1931 نحو 3299 نسمة[129]، وقد ارتفع خلال السنوات التالية، فبلغ العام 1944/ 1945 حوالى 4840 نسمة[130]. وفي العام 1948 قُدِّر بحوالى 5400 نسمة.
وأهل هذه القرى لبنانيّون مُسجّلون بموجب إحصاء 1921 في سجلات النفوس القديمة في مدينة صور والتي بموجبها استعاد ثلث أبناء تلك القرى جنسيّتهم اللبنانيّة بين العامين 1960 و1963[131]. وظلّ الباقون مهجّرين في وطنهم حتى صدور مرسوم الـ «قبول في الجنسيّة اللبنانيّة» (أو ما يُعرف بمرسوم التجنُّس) الرقم 5247 تاريخ 20 حزيران 1994[132]. ولم يُميِّز المرسوم بين طالبي الجنسيّة الطارئين وطالبي استعادة جنسيّتهم الأصليّة[133].
وجميع أهالي القرى السبع يقتضي اعتبارهم من أصل لبناني. فهم كانوا مُقيمين على الأراضي اللبنانيّة بتاريخ 30 آب/ أغسطس 1924 ويحملون تذاكر نفوس صادرة عن دولة لبنان الكبير تُثبت أنّ هذه القرى تابعة للواء لبنان الجنوبي[134].
- لبنانيّة القرى السبع في ضوء القانون الدولي
يعتقد البعض أنّ لبنان مُلزم القبول، من وجهة نظر القانون الدولي العام، بحدوده الجنوبيّة وليس من مصلحته إثارة نقاش حول لبنانيّة القرى السبع[135].
ويستند هؤلاء في تحليلهم إلى التزام لبنان الإتِّفاقات التي وقَّعها الإنتداب الفرنسي مع نظيره البريطاني للقول بضرورة تخلِّي لبنان عن القرى السبع. ويعتبر أصحاب هذا الإتِّجاه أنّ على لبنان الرضوخ للأمر الواقع وقبوله لأنّ الجمهوريّة اللبنانيّة الثالثة هي امتداد لدولة لبنان الكبير ودولة الإستقلال التي صدر دستورها في 23 أيّار/ مايو 1926 (مع جميع تعديلاته)، لا سيّما أنّ القرى السبع تقع خارج حدود لبنان للعام 1920[136] والحدود الدوليّة التي تمسَّك لبنان بها في اتفاقيّة الهُدْنة في 23 آذار/ مارس 1949 (أي الحدود المُكرَّسة باتفاق بولِه – نيوكومب)[137]. وعلى العكس من ذلك، يرى الدكتور آشِرْ كاوْفْمان Asher Kaufman ، خبير الشؤون اللبنانيّة في الجامعة العبريّة، أنّ أكثر من عشرين قرية (من ضمنها القرى السبع) كانت لبنانيّة ثمّ ضُمَّت إلى فلسطين بعد شباط/ فبراير 1922[138]. فقد «أجرت فرنسا، العام 1921، إحصاءً سكانيًا في لبنان قبل التعيين النهائي للحدود. واكتسب بموجبه سكان القرى السبع الشيعة الجنسيّة اللبنانيّة [المادة 28 من قرار المفوَّض السامي الرقم 1307 تاريخ 10 آذار/ مارس 1922]، مثلهم مثل غيرهم من سكّان القرى الأخرى في المنطقة – من ضمنها المستوطنات اليهوديّة في المطلة وكْفار غِلْعادي»[139].
ويعتقد البعض الآخر أنّه لا يجوز، بالتالي، إلزام دولة الإستقلال باتفاق عقدته فرنسا مع بريطانيا، خصوصًا وأنه لم تكن حينها دولة لبنان الكبير دولة مُستقلَّة تامّة السيادة، كما أنه لم يَجْر استفتاء سكّان القرى السبع لتحديد مصيرها (إمّا إعادتها إلى لبنان، وإمّا ضمُّها إلى فلسطين)[140]. ولم يكتفِ بعض أنصار هذا التوجه بعدم التزام لبنان الإتِّفاقات التي وقَّعها الإحتلال الفرنسي مع نظيره البريطاني، بل طالبوا أيضًا بعدم التزامه الإتِّفاقات التي وقَّعها هذا الاحتلال بعد أنْ أَضْفى على وجوده صفة الإنتداب.
والإنتداب هو نظام سياسيّ يُعتبر وَسَطًا بين النظام الاستعماريّ والنظام الاستقلالي، ويقضي بوضع مُستعمرات الدّول المُنهزِمة في الحرب العالميّة الأولى تحت إشراف عصبة الأمم التي تَنْتَدِب (أو تُوكِّل) من قِبَلها إحدى الدّول الكبرى، لتُدير شؤونها، وتُهيِّئها كي تقوم بهذه الشّؤون بنفسها، فتنال الإستقلال.
والإنتداب نظام أوجدته معاهدات الصلح للعام 1919 ونصَّت عليه المادة 22 من ميثاق عصبة الأمم، الذي أقرَّه مؤتمر السلام المُنعقد بباريس في 28 نيسان/ أبريل 1919. وكان الغرض منه وضع الأقاليم والمُستعمرات التي انتُزعت من تركيا وألمانيا تحت إشراف دولي. واعتبر ميثاق العصبة أنّ هذه الأقاليم تسكنها شعوب لم تصل بعد إلى درجة من الرقيّ والحضارة تُمكِّنها من التمتُّع بالاستقلال وحُكم نفسها بنفسها. وحرصًا على مصلحة هذه الأقاليم، ورغبة في رفع مستوى شعوبها ومُساعدتها على بلوغ مرتبة سامية من التقدُّم، وَجَد الميثاق أنّ من الأفضل لها أن تُوضع تحت إشراف بعض الدول المُتمدِّنة وتحت رقابة العصبة ذاتها.
والدولة المُنتدَبة كالوصي في الحقوق المدنيّة تخضع للمسؤوليّة والإلتزام، وتُنفِّذ الانتداب لمصلحة الكيانات أو الدول التي تتحمّل مسؤوليّتها. فنظام الإنتداب يفرض وجوبًا من حيث المبدأ أن لا يُحقِّق تطبيقه مصالح ماديّة للدولة المُنتدَبة.
واعتمدت المادة 22 المذكورة على مدى تقدُّم شعوب هذه الأقاليم فقسَّمت تلك الأقاليم إلى مراتب أو فئات ثلاث، فكان الإنتداب أيضًا على ثلاثة أنواع: الإنتداب من درجة (أ)، والإنتداب من درجة (ب)، والإنتداب من درجة (ج).
ويشمل الإنتداب من درجة (أ) الولايات التي كانت خاضعة للأمبراطوريّة العثمانيّة والتي بلغت درجة لا بأس بها من التقدُّم. وقد طُبِّق هذا النوع من الانتداب على سوريا ولبنان (فرنسا) والعراق وشرق الأردن وفلسطين (بريطانيا). ومهمَّة الدولة المُنتدَبة كانت، وفق الميثاق، تقتصر على إسداء النُصح والإرشاد.
وفي 4 كانون الأوّل/ ديسمبر 1920 أُبلغ مجلس عصبة الأمم مشروع لجنة الانتداب من درجة (أ) بشأن سوريا ولبنان. وأقرَّ مجلس عصبة الأمم في 24 تموز/ يوليو 1922 «إعلان الانتداب» Déclaration de Mandat على سوريا ولبنان، الذي ذَكر لأوّل مرّة بعد الحرب العالميّة الكيان اللبناني بالإنفصال عن سوريا[141]. ووُضِع صكّ الانتداب Charte du Mandat موضعَ التنفيذ في 29 أيلول/ سبتمبر 1923، فأُعطيت فرنسا من خلاله حقّ الإنتداب على لبنان وسوريا[142].
ولذلك يُمكن وصف الدولة اللبنانيّة المُعلن قيامها أو المُنشأة في 1 أيلول/ سبتمبر 1920 بدولة خاضعة للإحتلال الفرنسي، أو لحماية إستعماريّة فرنسيّة[143] في أحسن الأحوال.
ولم يحظ نشوء الدولة اللبنانيّة بالشرعيّة الدوليّة إلاّ مع صدور صكّ الانتداب العام 1922، على أحسن تقدير، أو مع معاهدة لوزان في 23 تموز/ يوليو 1923 (التي أقرَّت بموجبها تركيا بتنازلها عن لبنان وبقيّة الأقطار العربيّة) ووَضْع صكّ الانتداب موضع التنفيذ في 29 أيلول/ سبتمبر 1923. ذلك أنّ قرار الجنرال غورو بإعلان قيام الدولة اللبنانيّة لم يكن من شأنه إضفاء الشرعيّة الدوليّة على الكيان اللبناني، باعتباره صادرًا عن دولة أجنبيّة من دون مُوافقة المعنيّين مُباشرة بنشوء الدولة، وهم: الشعب اللبناني الذي لم يُعبِّر عن رأيه في الموضوع، والدولة التركيّة صاحبة السيادة على لبنان، والمُجتمع الدولي المُنتظِم في إطار عصبة الأمم.
ولو سلَّمنا جدلاً بشرعيّة الانتداب واعتبرنا أنّه آلية يُقرّها القانون الدولي العام وتخوِّل الدولة المُنتدَبة إجراء بعض التصرّفات القانونيّة، فإنّ الرجوع إلى تاريخ عقد اتفاق بولِه - نيوكومب (3 شباط/ فبراير 1922)، وكذلك الاتفاقيّة الفرنسيّة – البريطانيّة بشأن نقاط مُحدَّدة تتعلَّق بالانتدابات على سوريا وفلسطين وبلاد ما بين النهرين (23 كانون الأول/ ديسمبر 1920)، يُظهر أنّها تسبق توقيع إعلان الانتداب الفرنسي على لبنان في 24 تموز/ يوليو 1922 والذي لم يدخل حيِّز التنفيذ إلاّ في 29 أيلول/ سبتمبر 1923، أي قبل التوقيع على معاهدة حسن الجوار في 2 شباط/ فبراير 1926 التي دفعت إسرائيل ببطلانها في 30 تشرين الأوّل/ أكتوبر 1953[144]. وهذا يعني انتفاء صفة أو عدم أهليّة الفرنسيّين والبريطانيّين لإبرام المعاهدات، السابقة على تاريخ 29 أيلول/ سبتمبر 1923، التي تُعتبر باطلة بطلانًا مُطلقًا[145]. وبالتالي فإنها لا تُلزِم لبنان شيئًا كونها عُقِدت في زمن أو تحت وطأة الاحتلال وقبل سريان الإنتداب، ولا يُمكن أنْ تَنْسحب مفاعيل الإنتداب بأثر رجعي على الأعمال التي جرت قبل نفاذه لأجل تأييدها.
ونظام الإنتداب الذي أقرّته العصبة في 24/ 7/ 1922 يستمدّ قواعده من المادة 22 من ميثاق العصبة. وتعتبر هذه المادة أنّ رفاهية الشعوب الخاضعة للانتداب ونموّها يُشكلان «مهمة حضارية مُقدَّسة» Mission sacrée de civilisation، غايتها تسهيل رقيّ هذه الشعوب وإيصالها إلى مرحلة كافية من النضج السياسي والاجتماعي الكامل. غير أنّ فرنسا خانت المهمّة أو الأمانة أو الرسالة الحضاريّة، وأخلّت بالتزاماتها الدوليّة، وكانت السبب في إنزال الضرر الجسيم بالشعب اللبناني. وتجلّى ذلك في عدّة أمور، نكتفي بإبراز أمر واحد منها: إنّ التنازل عن الأرض يُناقض المادة الرابعة من صك الانتداب التي تُلزم الدولة المُنتدَبة حماية لبنان من فقدان أي جزءٍ من أراضيه[146].
وتكون الدولة المُنتدَبة خالفت، إذًا، بتنازلها عن القرى السبع، المادة الرابعة من نصّ صكّ الإنتداب. ولا يُمكن أنْ يُشكِّل تصديق مجلس عصبة الأمم على التقرير الأول للدولة المُنتدَبة، المرفوع العام 1924[147]، تأييدًا للمعاهدات الباطلة بُطلانًا مُطلقًا.
وكلّ من يطَّلع على مسار المفاوضات العربيّة – الإسرائيليّة، الثئائيّة أو المُتعدِّدة الطرف، يخرج بالإنطباع التالي: إنّ إسرائيل تتلاعب بالاتفاقيّات الحدوديّة كلّما استطاعت إلى ذلك سبيلاً[148]. فهي تُطالب سوريا بالحدود الدوليّة التي رُسِّمت في إبّان الإنتداب البريطاني على فلسطين والانتداب الفرنسي على سوريا من نحوٍ أوّل[149]، وتُفاوض السلطة الفلسطينيّة على حدود ما بعد حرب حزيران/ يونيو 1967 من نحوٍ ثانٍ، وتُراوغ لبنان بالنسبة إلى حدوده الجنوبيّة (إتفاقيّات الحدود الفرنسيّة – البريطانيّة و/ أو إتفاقية الهُدْنة للعام 1949 و/ أو حدود ما بعد حرب حزيران/ يونيو 1967 و/ أو الخط الأزرق للعام 2000) من نحوٍ ثالثٍ.
- إسرائيل ومبدأ الإنسجام مع الذات (أو الأسْتوبَلْ Estoppel)
بالإضافة إلى ما تقدَّم، يجب أن نُشير إلى أنّ إسرائيل دفعت، كما ذكرنا سابقًا، في مُناسبات عديدة، أنها لا تعترف بالتوارث المُباشر أو التلقائي للإتفاقيات أو المعاهدات المعقودة سابقًا باسم فلسطين[150].
والإزدواجيّة الإسرائيليّة هذه تتعارض مع مبدأ الـ Estoppel [151] المُتعارف عليه في القانون الدولي[152]. «ومن المبادئ العامّة للقانون، والتي تلقَّفها القانون الدولي العام، والتي طُبِّقت في قرارات وأحكام قضائيّة وتحكيميّة دوليّة، كان مبدأ عدم التناقض، أو مبدأ الاستوبل (Estoppel)، الذي بحثه فقهاء القانون الدولي في إطار مبدأ حسن النية تارة، وفي إطار المعاهدات وأعمال الإرادة المُنفردة، أو بوصفه من القواعد الإجرائية أمام الهيئات القضائيّة والتحكيميّة الدوليّة تارة أخرى حيث يغلق على الشخص إنكار أو ادّعاء ما يُخالف أو يُناقض سلوكًا سابقًا له؛ سلوكًا مُتمثِّلًا بقول أو فعل»[153].
فالمبدأ يعني، إذًا، الإنسجام مع الذات، أي وجوب عدم تناقض الدولة مع نفسها إزاء موقف سبق أن اتَّخذته في مسألة قانونيّة ما. ومن بين أهمّ مُرتكزاته حُسن النيّة[154] (فإمّا الإعتراف باتفاقيات الحدود الإنتدابيّة أو إتفاقية الهُدْنة للعام 1949، وإمّا حدود ما بعد حرب حزيران/ يونيو 1967، وإمّا الخط الأزرق للعام 2000 إلاّ أنّه لا يُمكن، نظريًا، الجمع بينها). فما هي حدود إسرائيل المُعترف بها؟ وهل تحترم إسرائيل مبدأ ثبات الحدود ونهائيّتها؟ وما هي أسانيدها لتبرير مفهومها التوسّعي في مجال الحدود على حساب الدول العربيّة؟[155]
ولا شكّ أنّ قرار مجلس الأمن الرقم 242 تاريخ 22/ 11/ 1967، الذي أكّد على السلام داخل حدود آمنة ومُعترف بها[156]، جاء إلى حدّ بعيد مُتَّفق مع التوازن الدولي السائد آنذاك.
«ولقد كان التأويل الاسرائيلي لهذا القرار عجيبًا، حيث أرادت إسرائيل أن تصل إلى أهدافها التوسعيّة بالاحتفاظ بالأراضي العربيّة التي احتلّتها بالقوة العسكريّة في عدوان 1967، وذلك عن طريق إزهاق الحق العربي المشروع وهو استعادة أراضيه المُغتصبة، وقد فسَّرت إسرائيل القرار الرقم 242 للعام 1967 بما يتَّفق مع مفهومها للحدود...»[157]. «وقد جادلت إسرائيل كلّ الجدل في تفسير هذا القرار تفسيرًا يتَّفق مع نظرتها التوسعيّة في الأراضي العربيّة مُعتمدة على الصوغ المعيب للقرار الرقم 242 للعام 1967 (الإنسحاب من الأراضي المُحتلّة كما جاء في الترجمة الفرنسيّة، أم من أراضٍ مُحتلّة كما جاء في الترجمة الإنكليزيّة)»[158].
وكدليل على فنّ الخداع والمُناورة، نَعْرض جواب إسرائيل عن أسئلة غونار يارينغ (12/ 10/ 1907-29/ 5/ 2002) Gunnar Jarring، مبعوث الأمم المتحدة (23/ 11/ 1967-1971) إلى الشرق الأوسط[159]. ففي مطلع آذار/ مارس 1969 طرح يارينغ 14 سؤالًا على المسؤولين في كلّ من مصر وإسرائيل والأردن ولبنان. ولقد تمحور السؤالان 3 و5 حول مفهوم سيادة الدولة على أراضيها، وماهيّة الحدود الآمنة والمُعترف بها بالنسبة إلى هذه الدول.
ووضَّح ردّ إسرائيل، الذي سُلِّم في 2 نيسان/ أبريل 1969 إلى المندوب الدولي، موقفها من مسألة الحدود. فكان جوابها عن السؤال الثالث على الشكل التالي:
«تُوافق إسرائيل على احترام، والإعتراف بالسيادة والأمن الإقليمي والإستقلال السياسي للدول العربية المُجاورة.
إنّ هذا المبدأ سيُضمن في معاهدات السلام التي تحدِّد الحدود المُتَّفق عليها».
وكان جوابها عن السؤال الخامس على الشكل التالي:
«إنّ حدودًا آمنة ومُعترفًا بها لم توجد يومًا من الأيام بين إسرائيل والدول العربيّة. وعليه فإنّ من الضروري تحديدها الآن كجزء من عمليّة الوصول إلى السلام. ويجب استبدال وقف إطلاق النار بمعاهدات سلام، تحدِّد حدودًا آمنة ودائمة ومُعترفًا بها، كما يُتَّفق عليها بالمفاوضة بين الحكومات المعنيَّة»[160].
وطالما أنّ أطماع إسرئيل شاسعة لا تتوقَّف ولا تنتهي وهي (أي إسرائيل) كجهنَّم، كلما حقَّقت مكسبًا حدوديًّا قالت: «هل من مزيد؟»، فإنّه لا بدّ للبنان أنّ يُفعِّل حوافزه الرادعة التي تحول دون التفريط بأي شِبر من أرضه.
- المادتان 277 و302 من قانون العقوبات
إنّ تراخي بعض السياسيّين أو إهمالهم أفقد لبنان قراه السبع[161] في مُناسبتين: الأولى بعد الإستقلال، والثانية بعد اتفاقيّة الهُدْنة.
وهل تُعدّ مزارع شِبْعا وتلال كفرشوبا وخراج العْدَيْسة والنْخيلة (منطقة رميش – العديسة – المطلّة ومزارع شبعا...) أجزاء لا تتجزأ من الأراضي اللبنانيّة؟
نُجيب، من دون تردِّدٍ، بالإيجاب[162]. ولكن هل تُشكِّل تصريحات بعض السياسيّين التي شكَّكت بلبنانيّة هذه الأراضي جناية؟
تكفَّل قانون العقوبات اللبناني بتخصيص فصل للجرائم الواقعة على الدستور، واعتبر أنها تُشكِّل جناية كلّ مُحاولة لسلخ أرض لبنانيّة من سيادة الدولة. ونصَّت المادة 302 منه على أنّ «مَن حاول أنْ يسلخ عن سيادة الدولة جزءًا من الأرض اللبنانيّة عُوقِب بالإعتقال المؤقَّت أو بالإبعاد. (...)».
وكذلك نصَّت المادة 277 منه على أنّه «يُعاقب بالإعتقال المؤقَّت خمس سنوات على الأقلّ كلّ لبناني حاول بأعمال أو خُطب أو كتابات أو بغير ذلك أن يقتطع جزءًا من الأرض اللبنانيّة ليضمَّه إلى دولة أجنبيّة أو أنْ يُملِّكها حقًا أو امتيازًا خاصًا بالدولة اللبنانيّة. (...)». واللاّفت أيضًا أنّ هذه المادة تُعاقب على المحاولة فحسب، حتى ولو لم تتحقَّق النتيجة التي أرادها الفاعل، أو حتى ولو لم يتَّخذ الإجراءات الماديّة التي تؤدِّي إلى انسلاخ الأراضي من سيادة الدولة اللبنانيّة.
ولكن ما هي الجهة المُخوَّلة لإقامة الدليل على قيام عناصر جناية سلخ أراضٍ من السيادة اللبنانيّة؟
إنّ من يُجيب عن هذا السؤال الشائك ويُعطي الرأي السديد ويقضي بحُكم رشيد هو بالتأكيد القضاء اللبناني[163] الذي يضع يده على هذه القضيّة بإحدى طرق تحريك الدعوى العامة، بما فيها، الإدِّعاء المُباشر من كل ذي مصلحة.
إنّ أيّ صاحب عقار في مزارع شِبْعا أو تلال كفرشوبا أو خراج العباسيّة أو قرية النْخَيْلة يستطيع أن يتقدَّم بشكوى ضدّ مُطْلقي هذه التصريحات، لأنّ مفاعيل قانونيّة عديدة تنتُج منها وتُصيب أصحاب هذه العقارات. فمِن هذه التصريحات أنْ يُصبح سند الملكيّة الذي يحمله اللبناني والصادر عن الدوائر العقاريّة اللبنانيّة، هو سند باطل، لأنّ الدولة منحته حقًا على أرض لا تملكها، ومن المُتعارف عليه قانونًا أنّ الملكيّة تستوجب بالضرورة وجود السيادة. وانتفاء سيادة الدولة اللبنانيّة بمنح سندات تمليك، يجعل من صكوك الملكيّة هذه سندات غير مُلزمة للسلطات السوريّة لصدورها من مرجعيّة أجنبيّة لا تملك صلاحيّة إصدارها.
فالقضاء لا يستطيع إستئخار بتّ الدعوى بحجَّة ترسيم الحدود، وإنّما سيُلزِم الحكومة اللبنانيّة تزويده ملفًا عن الملكيّة والسيادة على هذه الأرض، كما سيُلزِم الدوائر العقاريّة تزويده إفادات عقاريّة حول ما إذا كانت هذه الأراضي مُسجَّلة في الدوائر العقاريّة اللبنانيّة. وبعدها سيُصدر القضاء حُكْمه إمّا بقبول الدعوى ومُحاكمة مُطلقي التصريحات، وإمّا ردّها لعدم الإختصاص الوطني للمحاكم اللبنانيّة لأنّ أراضي المُدّعي، حامل سند الملكيّة، هي ليست بأرضٍ لبنانيّة.
* * *
يؤسفنا القول، بعد أن وصلنا إلى نهاية البحث، إنّ رحلة البحث عن الحدود الجنوبيّة للبنان لم تبدأ بعد، لأنّ اتفاقيّات ومعاهدات الحدود لا يُمكن أن تُصبح حدودًا دائمة لدولتين أو أكثر ما لم تُوافق هذه الدول، صراحة، على ذلك. فإرادة الأطراف هي التي يؤخذ بها وهي الأساس في وضع الحدود[164]. وإسرائيل لم تَقْبل، كما بيَّنا، بالحدود بعد لأنّها تُريد أن تكون طليقة اليد في المُستقبل القريب أو البعيد[165]. وطالما أنّ إسرائيل لا تعترف بالاتفاقيّات والمعاهدات الحدوديّة السابقة على قيامها فيُمكن للبنان، نظريًا، أنْ يُعلن أنّه بحلّ من أي اتفاقيّة ومعاهدة بهذا الخصوص. وتُمسي الحدود، إذن، لِمَن سَبَق وغَلَب.
وإذا كان لا مناص للبنان من التزام اتفاقية من اتفاقيات الحدود فإنّ عليه أن ينتقي منها ما يخدم مصالحه الوطنيّة ويتَّفق مع روحيّة قواعد القانون الدولي. وطالما أنّ مُعظم الاتفاقيات باطلاً بطلانًا مُطلقًا، كما بيَّنا سابقًا، فيُمكن للبنان اختيار «الإتفاقيّة الفرنسيّة - البريطانيّة في 23 كانون الأوّل/ ديسمبر 1920 حول نقاط مُحدَّدة تتعلََّق بالإنتدابات على سوريا ولبنان وفلسطين وبلاد ما بين النهرين». فقد نصَّت المادة الثانية منها على تأسيس لجنة خلال الأشهر الثلاثة التي تلي توقيعها، على أن تكون مهمَّتها ترسيم الخط الحدودي على الأرض وفق ما نصّت عليه المادة الأولى. وكانت مهمّة اللجنة مُعرَّفة، إذًا، بتحديد الحدود أو تعيينها على الأرض[166]، أي وضعها على خريطة تُبيِّن أطراف هذه الحدود (أي حدّها الفاصل بين الإنتدابين الفرنسي والبريطاني)، ولم يكن من صلاحياتها إجراء أي تعديل عليها[167]، خصوصًا وأنّ المادة الرابعة من صكّ الانتداب لم تسمح للدولة المُنتدَبة القيام بذلك[168]. وهكذا يستعيد لبنان ما لا يقلّ عن 150 كلم2 من أراضيه السليبة[169]، ويعود إلى حدوده الطبيعيّة Frontières naturelles المذكورة في حيثيّات القرار الرقم 318، في 31 آب/ أغسطس 1920، الذي أنشأ «دولة لبنان الكبير».
ويبقى أنْ نُشير إلى أنّ المنحى المُتَّبع في هذا البحث قد يُفاجئ رجال القانون بعض الشيء لأنّه، حسب معلوماتنا، لم يُلجأ إليه بهذا الأسلوب أو الشكل سابقًا.
خاتمة
يتبيَّن ممّا تقدّم أنّ إسرائيل سبقت غيرها من دول المنطقة في استشراف المُستقبل ووضع المُخطَّطات لخدمة مصالحها وتوفير مساحات كافية من الأرض لأجيالها.
وإذا كانت إسرائيل تستخدم كلّ الوسائل المُتاحة وتستفيد من كلّ الظروف المُمكنة لتوفير مساحات من الأرض (وإنْ اختلاسًا) لسكّانها المُتزايدين دومًا[170]، فإنّ السياسة التي نتَّبعها نحن (أي اللبنانيّين والسوريّين والفلسطينيّين) في الدفاع عن أرضنا لا تزال تفتقر إلى الرؤية المُستقبليّة والتخطيط العلمي الضروري لإنجاح الخطوات الضروريّة التي يتوجّب علينا القيام بها على هذا الصعيد (كإستشراف آفاق التعاون الحدودي بين لبنان وسوريا وفلسطين، واستخلاص العِبر من قضيّة طابا بين مصر وإسرائيل[171]، والإلتفات إلى القيمة الإستدلاليّة لأدلّة الاثبات في مُنازعات الحدود[172]، وتكوين ملف لبناني كامل مُتكامل عن الجوانب القانونيّة لملفّ الحدود، مثلًا).
ولمُواجهة العقيدة الصهيونيّة في موضوع الأرض لا بدّ للبنان من أن يُبلوِر نظريّة مُقابلة تُقيم الذود عنها على مبدأ التوازن للدفاع عن الحقوق. إنّ العدوان الإسرائيلي المُتكرِّر على لبنان في التاريخ المُعاصر هي التي توحي بمبدأ التوازن في هذه البقعة من العالم. وقد أتاحت له حرب تموز/ يوليو 2006 مجالًا كبيرًا. وهذه النظريّة ترى أنّ الإحتفاظ بالتوازن بين القوّة الإسرائيليّة الغاشِمة والمُقاومة الوازِنة هو خير سبيل لضمان استفادة لبنان، إلى أقصى حدّ مُمكن، من ثروته النفطيّة والغازيّة[173]. وتستطيع هذه النظرية أن تُهدِّئ، لفترة مُتوسِّطة نسبيًا، من ثائرة الأطماع الإسرائيليّة المُتعاظمة وتُطَمْئن الشركات الأجنبيّة التي ستخوض غمار البحث والتنقيب عن مصادر الطاقة في المنطقة الإقتصاديّة الخالِصة للبنان.
وإذا كان الصراع اللبناني - الإسرائيلي صراع حدود ووجود في آن معًا، فالنفط والغاز، في الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسّط، أصبحا عنوان هذه الحدود وروح هذا الوجود، والدفاع عن الروح يتطلّب التعاون مع الدول العربيّة وغير العربيّة[174].
وأيًا تكن تعقيدات مسألة الحدود الجنوبيّة للبنان في الوقت الراهن، فإنّ مشكلة الحدود البحريّة أثارت منذ العام 2009 وما زالت تُثير العديد من المشاكل المُتداخلة (قياس المناطق البحريّة المُختلفة واتِّساعها، مثلًا). فالحدود الجنوبيّة للبنان لا تنتهي في الواقع على اليابسة بل تمتدّ فوق المناطق البحريّة المُختلفة، وهي لا تظهر على الخرائط السياسيّة العاديّة، كما لا تظهر «مرسومة» إلاّ حين تظهر مُشكلة من مشاكل استغلال هذه المناطق وأعماقها، كالغاز والنفط.
وأكَّد مصدر في الأمم المتحدة، رفض الكشف عن اسمه، أنّه لا بدّ من الانتهاء بداية من مسألة الحدود البريّة بين لبنان وإسرائيل قبل الانتقال إلى الحدود البحريّة بينهما[175].
واستنادًا إلى ما تقدَّم، واعتمادًا على مُعطيات قانونيّة عديدة سنتطرَّق إليها ونشرحها في بحثٍ لاحق حول رحلة البحث عن خطّ ونقاط الأساس Baselines and basepoints، فإنّ للبنان الحقّ بثروته الغازيّة والنفطيّة.
والمنهجيّة العلميّة هي السمة البارزة للقرن الحادي والعشرين. وهي تقضي بالإعتماد على التخطيط والدقَّة والأمانة. وكلّ ما يُنشر عندنا من أبحاث ودراسات يجب أنْ يرتكز على هذه الأسس، وإلاّ أصبح لغوًا لا طائل منه، أو كلمات عادية تُكتب اليوم لتُمحى غدًا، أو صفحات إنشائيّة مُنمَّقة لا تصلُح لقضايانا المُحقَّة.
والخلاصة أنّ «الإنتصار لا ينبَع من الأرض ولا يهبِط من السماء، وإنّما يكون نتيجة إعداد وتنظيم وتعبئة وتضحية»[176].
[1] إعتبرنا إسرائيل، في هذه الدراسة، تجاوزًا، دولة من دول العالم التي انضمَّت إلى عضويّة الأمم المتحدة في 11 أيّار/ مايو 1949، وصدَّقت، منذ ذلك التاريخ، على عدد من المواثيق والمعاهدات والاتفاقيات الدوليّة، وذلك على الرغم من إيماننا بأنْ ليس لإنشاء إسرائيل أي أساس أو سند قانوني، لا في صكّ الانتداب، الذي صدَّق عليه مجلس عصبة الأمم في 24/ 7/ 1922 ووُضع موضع التنفيذ في 29/ 9/ 1923، ولا في قرار التقسيم (II) 181 تاريخ 29/ 11/ 1947. ويحلو لنا، بمُناسبة الحديث عن قرار التقسيم، أنْ نقول إنّنا سنُفرد لمُلابساته وجوانبه القانونيّة، الفريدة لبنانيًّا، بحثًا قانونيًا مُستقلاً لاحقًا.
[2] تُشير خريطة من مصدر آخر إلى احتمال وجود آبار غاز ونفط جنوب لبنان (Meged oil discovery شمال فلسطين المُحتلّة)، راجع مجلة:
Oil&Gas Journal, Week of July 5, 2004, pp. 40-41.
على الموقع الإلكتروني التالي:
http:/ / www.ogonline.com
ويبدو أنه اكتُشف غاز في سهل الحولة، راجع خبر:
Adira Energy finds signs of gas in Hula Valley, Globes [online], 21/ 3/ 2011.
على الموقع الإلكتروني التالي:
http:/ / www.globes.co.il/ serveen/ globes/ docview.asp?did=1000631715
[3] لمزيد من المعلومات عن قضايا الحدود، راجع الموقع الإلكتروني التابع لجامعة درهام Durham University :
http:/ / www.dur.ac.uk/ ibru/ news/
[4] راجع ما كتبه د. عادل اسماعيل، "مأساة جنوب لبنان: في تردُّد المواقف العربيّة وفي متاهات السياسة الدوليّة"، دار النشر للسياسة والتاريخ، بيروت، 2009، ص 29.
[5] لمزيد من المعلومات عن التساؤلات القانونيّة التي يطرحها القرار 425، راجع كتاب د. محمد المجذوب، "دراسات قوميّة ودوليّة"، مؤسّسة ناصر للثقافة، بيروت، 1981، ص 161-176.
[6] راجع حول موضوع الخط الأزرق كتاب د. أمين محمد حطيط، "صراع على أرض لبنان: بين الحدود الدوليّة والخط الأزرق (وقائع وأسرار)"، دار الأمير، بيروت، 2004، ص 360-397.
[7] راجع ما كتبه:
David Eshel, “The Israel-Lebanon border enigma”, in IBRU Boundary and Security Bulletin Winter 2000-2001, p. 72.
[8] د. عادل اسماعيل، المرجع السابق، ص 27. وعن البعد التاريخي لهذه الحدود يُمكن مراجعة ما كتبه د. عصام خليفة، “لبنان: المياه والحدود (1916-1975)”، دون دار نشر، بيروت، 1996، ص 9-105؛ وراجع كذلك ما كتبه:
Frederic C. Hof, “Galilee divided: The Israel-Lebanon frontier”, 1916-1984, Westview Press, 1985.
[9] راجع الصفحة 2 من دراسة الخارجيّة الأميركيّة (United States of America, Department of State) حول الحدود الدولية بين لبنان وإسرائيل:
The Geographer, Office of the Geographer, Bureau of Intelligence and Research, “International boundary study, No. 75 – February 15, 1967 (Israel-Lebanon Boundary)”
[10] يُعرف اتفاق بولِه – نيوكومب في 3/ 2/ 1922 بـِ «التقرير الختامي لتثبيت الحدود بين لبنان الكبير وسوريا من جهة وفلسطين من جهة أخرى، ومن البحر المتوسط حتى الحمّة (أسفل وادي اليرموك) تطبيقًا للمادتين الأولى والثانية من اتفاقية باريس الموقَّعة في 23 كانون الأول/ ديسمبر 1920»
Final Report on the Demarcation of the Frontier between the Great Lebanon and Syria on the one Side, and Palestine on the other Side, from the Mediterranean Sea to El Hammé (in the Lower Valley of the Yarmuk) in Pursuance of Articles 1 and 2 of the Convention of Paris of December 23, 1920.
يجدر بالإشارة إلى أنّ العنوان الإنكليزي للتقرير يستخدم مُصطلح Demarcation في حين أنّ العنوان الفرنسي يستخدم مُصطلح Fixation .
[11] تُعرف اتفاقية الحدود هذه رسميًا بـِ «الإتفاقيّة الفرنسيّة - البريطانيّة في 23 كانون الأوّل/ ديسمبر 1920 حول نقاط مُحدَّدة تتعلََّق بالإنتدابات على سوريا ولبنان وفلسطين وبلاد ما بين النهرين»
Franco-British Convention of December 23, 1920, on Certain Points Connected with the Mandates for Syria and the Lebanon, Palestine and Mesopotamia.
راجع نصّ الإتفاقية في:
League of Nations, “Treaty Series”, Vol. 22, p. 353.
[12] تُعرف الاتفاقية هذه رسميًا بـِ
Agreement between His Majesty’s Government and the French Government respecting the Boundary Line between Syria and Palestine from the Mediterranean to El Hammé.
راجع نصّها في:
League of Nations, Treaty Series, Vol. 22, p. 364.
[13] راجع كتاب:
Frederic C. Hof, op. cit., p. 14.
وراجع النصّ في:
League of Nations, Treaty Series, Vol. 22, p. 364.
[14] دراسة الخارجيّة الأميركيّة (United States of America, Department of State) حول الحدود الدولية بين لبنان وإسرائيل في الصفحة 5:
The Geographer, op. cit.
أُودِع الاتفاق عصبة الأمم عام 1924، وأُقرّ في شباط/ فبراير من العام ذاته. ويبدو أنّ استكمال ترسيم الحدود السوريّة – الفلسطينيّة عام 1932، بين الحمّة واليرموك، كان السبب في إعادة إيداع الاتفاق عصبة الأمم عام 1934 لإقراره مُجدّدًا.
[15] تُعرف الاتفاقيّة هذه رسميًا بـِ
Agreement between Palestine and Syria and the Lebanon to Facilitate Good Neighbourly Relations in Connection with Frontier Questions.
راجع نصّها في:
The American Journal of International Law, Vol. 21, No 4, Supplement: Official Document (Oct. 1927), pp. 147-151.
[16] راجع ما قاله د. عصام خليفة حول «مساحة لبنان اليوم 10278 كلم2. المساحة الضائعة: سلخ 31 قرية ومساحة لبنان الحقيقية 12 ألف كلم2»، على الموقع الإلكتروني التالي:
http:/ / www.tayyar.org/ Tayyar/ FrontEnd/ News/ SavePrintNews.aspx?_GUID={E2004161-0C16…
[17] راجع ما قاله د. شفيق المصري حول «مساحة لبنان اليوم 10278 كلم2...»، المرجع السابق.
[18] راجع ما قاله د. عصام خليفة حول «مساحة لبنان اليوم 10278 كلم2...»، المرجع السابق.
[19] راجع ما قاله العميد د. أمين حطيط حول «مساحة لبنان اليوم 10278 كلم2...»، المرجع السابق.
[20] يُشير مُلخَّص Summary دراسة الخارجيّة الأميركيّة (United States of America, Department of State) حول الحدود الدولية بين لبنان وإسرائيل في الصفحة 10 إلى التالي:
The Israel-Lebanon frontier should be shown on official United States maps only as an armistice line. Because the frontier is an armistice line, the standard disclaimer that the boundary representation is not authoritative should be utilized.
وهذا التلخيص لأفكار الدراسة يُناقض تمامًا ما هو وارد في صدرها الذي يُشير إلى التالي:
The Israel-Lebanon Armistice Line (…) coincides with the former Lebanon-Palestine international boundary.
راجع:
The Geographer, op. cit.
[21] راجع تقرير «مساحة لبنان اليوم 10278 كلم2...»، المرجع السابق.
[22] راجع ما قاله العقيد الركن أنطوان مراد حول «مساحة لبنان اليوم 10278 كلم2...»، المرجع السابق.
[23] للإطلاع على النص الإنكيزي للاتفاقية، راجع:
United Nations, Security Council, Special Supplement No. 4, S Document 1926/ Rev., April 8, 1949; 42 UNTS 287.
وكذلك الموقع الإلكتروني التالي:
http:/ / avalon.law.yale.edu/ 20th_century/ arm02.asp
[24] إتفاقيات الهُدْنة العربية - الإسرائيلية: شباط/ فبراير-تموز/ يوليو 1949، سلسلة الوثائق الأساسية، رقم 3، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، 1968.
[25] د. عصام خليفة، "لبنان: المياه والحدود"، المرجع السابق، ص 81.
[26] راجع النص على الموقع الإلكتروني التالي:
http:/ / avalon.law.yale.edu/ 20th_century/ arm02.asp
[27] راجع الصفحة 6 من دراسة الخارجيّة الأميركيّة (United States of America, Department of State) حول الحدود الدولية بين لبنان وإسرائيل:
The Geographer, op. cit.
[28] د. عصام خليفة، "لبنان: المياه والحدود"، المرجع السابق، ص 76.
[29] راجع النص الإنكليزي على الموقع الإلكتروني التالي:
http:/ / avalon.law.yale.edu/ 20th_century/ arm02.asp
[30] المرجع السابق.
[31] د. عصام خليفة، "لبنان: المياه والحدود"، المرجع السابق، ص 82. وقد أورد في كتابه تقرير المسح الجغرافي للحدود الإسرائيلية - اللبنانية بين 5 و 15 كانون الأول 1949 (الصفحات 82-86).
[32] د. عصام خليفة، "لبنان: المياه والحدود"، المرجع السابق، ص 74. ويجب أن نُشير إلى أنّ عمليات ترسيم الحدود استمرَّت بعد العام 1949 في إطار لجنة الهُدْنة اللبنانية - الاسرائيلية وبحضور مراقبين دوليين. وفي الإجتماع بتاريخ 18/ 1/ 1961 تمّ الاتفاق على انهاء وضع معظم العلامات الحدودية. وقد تمّ تأجيل التوقيع النهائي على الخرائط الثماني إلى تاريخ 5/ 3/ 1967. وبعد حرب حزيران 1967، طالبت إسرائيل بإلغاء اتفاقيّة الهُدْنة بحجّة دخول لبنان هذه الحرب (المرجع السابق، ص 86-87).
[33] إقترح البعض، للوصول إلى حدود خالية من كل إشكال، إضافة مرحلتين، هما: توثيق دقيق مُتَّفق عليه Mutually agreed precise documentation وصيانة الحدود Boundary maintenance . راجع دراسة:
Haim Srebro and Maxim Shoshany, "Towards a comprehensive international boundary making model" [online], Shaping the Change, XXIII FIG Congress, Munich, Germany, October 8-13, 2006.
وراجع كذلك ما كتباه:
The order of precedence of boundary delimitations [online].
على الموقع الإلكتروني التالي:
http:/ / www.mapi.gov.il/ rep_pub/ The%20Order%20of%20Precedence%20of%20Boundary%20Delimitations.doc
[34] تعتمد دقّة الخرائط على المقياس Scale المُعتمد. إنّ كثيرًا من خطوط الحدود المُتعرِّجة لا تظهر على الخرائط ذات المقياس الصغير إلاّ على شكل سلسلة من الخطوط القصيرة المُستقيمة.
[35] راجع ما كتبه:
David Eshel, “The Israel-Lebanon border enigma”, op. cit., p. 75.
[36] المرجع السابق:
pp. 77 and 79.
وما كتبه:
David Eshel, “Israel’s border volatile despite pull-out”, Jane’s Intelligence Review, July 2000.
يُشير بعض الباحثين أنّ الطول الإجمالي للحدود البريّة الإسرائيليّة مع سوريا ولبنان هو 157 كلم، وليس 120 كلم.
ولمزيد من المعلومات الإسرائيليّة عن تشكُّل الحدود، راجع:
Gideon Biger, “The boundaries of Israel-Palestine, present, and future: A critical geographical view”, Israel Studies, Volume 13, Number 1, Spring 2008, pp. 68-93.
[37] راجع ما كتبه:
David Eshel, “The Israel-Lebanon border enigma”, op. cit., p. 79.
[38] راجع ما كتبه:
Shabtaї Rosenne, “Israel and the international treaties of Palestine”, in Journal du Droit International, 1950, no 4, p. 1141-1173.
[39] المرجع السابق:
p. 1145.
وراجع ما كتبه:
Shabtaї Rosenne, “Israel’s Armistice Agreements” (Tel Aviv, 1951); Anthony Leriche, « Aspects formels de la dévolution d’obligations résultants de traités dans le cas d’un nouvel Etat (Cas de quelques Etats du Moyen-Orient) », 2 Revue de Droit Int. pour le Moyen-Orient 105 (1953).
[40] قرَّرت المادة الثانية من اتفاقيَّتيْ فيينا بشأن التوارث الدولي (في مجال المعاهدات، في 22/ 8/ 1978؛ وفي مجال المُمتلكات والمحفوظات والديون، في 8/ 4/ 1983) أنّ مُصطلح توارث الدول يعني حلول دولة محلّ دولة في مجال المسؤوليّة الدوليّة عن إقليم ما.
[41] راجع حول هذا الموضوع:
M. K. Yasseen, « La Convention de Vienne sur la succession d’États en matière de traités », in Annuaire Français de Droit International (AFDI), 1978, pp. 59-113.
د. صلاح الدين عامر، “مقدمة لدراسة القانون الدولي العام”، دار النهضة العربيّة، القاهرة، 2003، ص 811-830؛ ود. أحمد أبو الوفا، “الوسيط في القانون الدولي العام”، الطبعة الرابعة، دار النهضة العربيّة، القاهرة، 2004، ص 446-458؛ ود. محمد المجذوب، القانون الدولي العام، الطبعة السادسة، منشورات الحلبي الحقوقيّة، بيروت، 2007، ص 339-353.
[42] راجع ما كتبه:
Shabtaї Rosenne, "Israel and the international treaties…", op. cit., p. 1141.
[43] المرجع السابق:
pp. 1153, 1155.
[44] المرجع السابق:
p. 1159.
[45] المرجع السابق:
p. 1161.
[46] راجع:
A/ CN.4/ 19, Yearbook of the International Law Commission, 1950, vol. II, para. 24 (p. 215); and with particular reference to paras. 19 (p. 214) et seq.
[47] راجع ما كتبه:
Frederic C. Hof, op. cit., p. 20.
[48] راجع:
Statement by Abba Eban, Oct. 30, 1953, U.N. Security Council, 8th year, Official Records, 633rd meeting, p. 26, par. 125.
[49] والنصّ بالإنكليزيّة:
“Israel does not inherit the international treaties signed by the United Kingdom as mandatory power, (...)”
[50] راجع:
A/ CN.4/ 150, Yearbook of the International Law Commission, 1962, vol. II, p. 110.
[51] راجع:
United Nations Conference on Succession of States in Respect of Treaties, First session, Vienna, 4 April-6 May 1977, Official Records, Volume I, Summary records of the plenary meetings and the meetings of the Committee of the Whole, United Nations, New York, 1978, p. 31.
[52] راجع، مثلاً، د. محمد المجذوب، "القانون الدولي العام"، المرجع السابق، ص 345.
[53] الصحف اللبنانيّة الصادرة في 18/ 6/ 1967.
[54] من تصريح له لصحيفة نيويورك تايمز الأميركيّة في 19/ 6/ 1967.
[55] صحيفة لوموند الفرنسيّة في 4/ 8/ 1967.
[56] صحيفة لوموند الفرنسيّة في 16/ 8/ 1967.
[57] صحيفة النهار اللبنانيّة في 5/ 2/ 1970.
[58] ذكر ذلك وزير الخارجية اللبناني في خطابه الذي ألقاه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 23/ 9/ 1969. راجع صحيفة النهار اللبنانيّة الصادرة في اليوم التالي.
[59] راجع سلسلة التصريحات التي أوردها د. عصام خليفة في كتابه "لبنان: المياه والحدود"، المرجع السابق، ص 142.
[60] د. محمد المجذوب، "القانون الدولي العام"، المرجع السابق، ص 574-575.
[61] راجع القرارات التالية: الرقم 37/ 123، في 16 و 20/ 12/ 1982، والرقم 38/ 180، في 19/ 12/ 1983، والرقم 39/ 146، في 14/ 12/ 1984.
[62] راجع ما كتبه:
David Eshel, "The Israel-Lebanon border enigma", op. cit., p. 79.
[63] المرجع السابق.
[64] كان موقف الأمم المتحدة دائمًا أنها غير معنيَّة بترسيم حدود الدول. راجع ما صرَّح به تيري رود-لارسن Terje Roed-Larsen، خلال المؤتمر الصحفي للأمين العام للأمم المتحدة في 16/ 6/ 2000:
“But it is not up to the United Nations to demarcate borders.” (Press Release No: UNIS/ SG/ 2594, Release date: 19 June 2000, Transcript of press conference of Secretary-General Kofi Annan at Headquarters, 16 June).
على الموقع الإلكتروني التالي:
http:/ / www.unis.unvienna.org/ unis/ pressrels/ 2000/ sg2594.html?print
[65] راجع ما كتبه:
David Eshel, "The Israel-Lebanon border enigma", op. cit., p. 81.
[66] المرجع السابق.
[67] راجع مقال:
Shlomo Shamir, "Study: Israel leads in ignoring Security Council resolutions", Haaretz [online], 10/ 10/ 2002.
[68] د. محمد المجذوب، "القضية الفلسطينية في الأمم المتحدة"، في الموسوعة الفلسطينية، القسم الثاني، الدراسات الخاصة، المجلد السادس (دراسات القضية الفلسطينية)، الطبعة الأولى، بيروت، 1990، ص 221-222.
[69] المرجع السابق، ص 222.
[70] راجع ما كتبه د. محمد فاتح عقيل، "مشكلات الحدود السياسية: دراسة موضوعية تطبيقية في الجغرافية السياسية"، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1967، ص 172-173. وراجع حول موضوع أسباب مُنازعات الحدود كتاب د. عادل عبد الله حسن، "التسوية القضائيّة لمُنازعات الحدود الدوليّة"، دار النهضة العربيّة، القاهرة، 1997، ص 83-105؛ وحول موضوع مضمون نزاعات الحدود الدوليّة وطبيعتها كتاب د. مفيد محمود شهاب ود. مصطفى سيد عبد الرحمن، "الجوانب القانونيّة لتسوية نزاعات الحدود الدوليّة"، الطبعة الأولى، دار النهضة العربيّة، القاهرة، 1994، ص 31-80.
[71] راجع حول موضوع مظاهر مبدأ ثبات الحدود الدوليّة ونهائيّتها (أو معاهدات تعيين الحدود كمعاهدات موضوعيّة)، كتاب د. علي إبراهيم، "النظرية العامة للحدود الدوليّة مع دراسة خاصة لمُشكلة الحدود بين العراق والكويت وتخطيطها وفق قرار مجلس الأمن الرقم 687 للعام 1991"، دار النهضة العربيّة، القاهرة، 1997، ص 209-269؛ وكتاب د. عادل عبد الله حسن، المرجع السابق، ص 164-226؛ وكتاب د. مفيد محمود شهاب ود. مصطفى سيد عبد الرحمن، المرجع السابق، ص 167-222.
[72] لمزيد من المعلومات حول المفهوم الإسرائلي للحدود، راجع كتاب د. صالح محمد محمود بدر الدين، "التحكيم في منازعات الحدود الدوليّة: دراسة تطبيقيّة على قضية طابا بين مصر وإسرائيل"، دار الفكر العربي، القاهرة، 1991، ص 136-157.
[73] رغم الموقف الرسمي الاسرائيلي برفض فكرة التوارث الدولي فقد كانت لجنة الهُدْنة تتعهَّد المعالم الحدوديّة البريّة بإشراف مُراقبي الهُدْنة، من العام 1949 حتى العام 1965، وتتثبَّت من وجودها في النقاط المُحدَّدة إحداثيّاتها في اتفاقيّة العام 1923.
[74] راجع حول موضوع المفهوم الإسرائلي للحدود في ضوء النزاع العربي – الإسرائيلي وقرارات الأمم المتحدة، كتاب د. صالح محمد محمود بدر الدين، المرجع السابق، ص 140-149.
[75] لمزيد من المعلومات حول مُبرِّرات الادعاء الإسرائيلي بالتوسُّع الاقليمي، راجع كتاب د. صالح محمد محمود بدر الدين، المرجع السابق، ص 149-157.
[76] راجع ما كتبه د. عصام خليفة،" لبنان: المياه والحدود"، المرجع السابق، ص 142.
[77] الإذاعة الإسرائيليّة في 20/ 1/ 2000.
[78] عماد مرمل، "وقائع من نقاشات الوفد العسكري في نيويورك: هكذا ردّ على الشكاوى حول الصواريخ وانتشار حزب الله وتقييد اليونفيل"، صحيفة السفير في 30/ 6/ 2010.
[79] يُميِّز البعض بين الـ Frontiers (التخوم أو مناطق الحدود) و Boundaries (الحدود أو خطوط الحدود). فالتخوم عبارة عن مساحات من الأرض تخضع للمُؤثرات الطبيعيّة أو البشريّة (اللغويّة أو الدينيّة) إلاّ أنها تظلّ في مكانها على عكس الحدود التي تتغيَّر أو تتبدَّل في مناطق الصراع. وأدَّت المشكلات والمُصادمات على طرفيْ الحدود إلى إلغاء كثير من التخوم وإلى تعيين الحدود بشكل دقيق. راجع ما كتبه د. محمد فاتح عقيل، المرجع السابق، ص 31. ولمزيد من العلومات عن الحدود في الجغرافيا السياسية، راجع ما كتبه د. محمد رياض، "الأصول العامة في الجغرافيا السياسية والجيوبوليتيكا مع دراسة تطبيقية على الشرق الأوسط"، الطبعة الثانية، دار النهضة العربيّة، بيروت، 1979، ص 193-286؛ وما كتبه، د. محمد عبد الغني سعودي، "الجغرافية والمشكلات الدولية"، دار النهضة العربيّة، بيروت، بدون تاريخ، ص 102-104. ولمعلومات عن الحدود كإطار للتفاعلات السياسية لدول الشرق الأوسط، راجع، المرجع ذاته، ص 417-431.
[80] راجع ما كتبه د. علي إبراهيم، المرجع السابق، ص 17-269. كذلك كتاب د. مفيد محمود شهاب ود. مصطفى سيد عبد الرحمن، المرجع السابق، ص 7-30.
[81] راجع ما كتبه د. محمد فاتح عقيل، المرجع السابق، ص 58-65.
[82] راجع حول تشكُّل الحدود اللبنانيّة - الفلسطينيّة، كتاب:
Frederic C. Hof, op. cit., pp. 3-16.
[83] راجع النص الفرنسي في كتاب:
Edmond Rabbath, "La Constitution Libanaise : Origines, textes et commentaires", Publications de l’Université Libanaise, Beyrouth, 1982, p. 68.
[84] المرجع السابق:
pp. 68-69.
[85] راجع النص الكامل للقرار في كتاب بشارة خليل الخوري، "حقائق لبنانيّة"، جزء أوّل، أوراق لبنانيّة، بيروت، 1960، ص 310-311.
[86] راجع حول هذا الموضوع كتاب د. عصام خليفة، "الحدود الجنوبيّة للبنان بين مواقف نُخب الطوائف والصراع الدولي (1908-1936)"، بدون دار نشر، 1985، ص 28 وما بعدها.
[87] راجع ما كتبه:
Edmond Rabbath, "La Constitution …", op. cit., pp. 70-71.
[88] جرى في الأول من أيلول/ سبتمبر 1920 تحديد حدود لبنان مع كلّ من فلسطين وسوريا بشكل وصفي، أي باستعمال تعبير «حدود الأقضية والمناطق». وهذه الحدود ليست سوى حدود إداريّة يُمكن تعديلها بتغيير الخريطة الإداريّة أو تغيير حدود الوحدات الإداريّة (كالأقضية والمناطق). فأين تقع هذه الحدود فعليًا؟
[89] «يبتدئ [وادي كركره] تجمّعه بالقرب من تربيخا. يمرّ بخِرَب كركره التي نُسب إليها... ثمّ ينتهي في البحر جنوب مينة المشيرفة على بعد كيلومترين من رأس الناقورة... يدعوه الأعداء Nahal Bezet نسبة إلى المُستعمرة التي أُقيمت العام 1949م، مكان قرية البصة العربية» (مصطفى مراد الدباغ، بلادنا فلسطين، جزء 7، قسم 2، الطبعة الأولى، دار الطليعة، بيروت، 1974، ص 164).
[90] راجع في ما يتعلَّق بمُلابسات أعمال اللجنة ما كتبه د. عصام خليفة، "الحدود الجنوبيّة للبنان ..."، المرجع السابق، ص 78 وما بعدها.
[91] راجع حول هذا الموضوع:
Frederic C. Hof, op. cit., p. 14.
[92] راجع في ما يتعلَّق بعلامات الحدود ما كتبه د. عصام خليفة، "لبنان: المياه والحدود"، المرجع السابق، ص 76-81.
[93] يُشير التقرير المُتعلِّق بالمسح الجغرافي بين لبنان وإسرائيل، في كانون الأول/ ديسمبر 1949، إلى أنّ نقطة الحدود اللبنانيّة – السوريّة - الإسرائيليّة ليست على الحاصباني وإنّما تتَّجه شرقًا، نحو ألف متر غرب بانياس (أي إنها النقطة 39).
[94] الحدود الجنوبيّة الحاليّة للبنان تبتعد شمالًا نحو 2 إلى 3 كلم عن وادي كركره.
[95] لنأخذ على سبيل المثال العلامة الأولى، فهي «موجودة على بعد خمسين مترًا شمال مركز البوليس الفلسطيني في رأس الناقورة، وتتبع خط القمم إلى...» (د. عصام خليفة، لبنان: المياه والحدود، المرجع السابق، ص 77). وقد أكَّدت اللجنة الفرعيّة المُشتركة لترسيم الحدود هذا النصّ لاحقًا في 15 كانون الأول/ ديسمبر 1949 (المرجع السابق، ص 82). لكن الحاصل هو أنّ إسرائيل كانت، في 11 حزيران/ يونيو 1948، قد سيطرت على هضبة رأس الناقورة ولم تنسحب منها لاحقًا مع توقيع اتفاقيّة الهُدْنة (دايفيد بن-غوريون، يوميّات الحرب (1947-1949)، ترجمة سمير جبور، مؤسسة الدراسات الفلسطينيّة، بيروت، 1993، ص 397 و722)، ثمّ أقامت عليها في ما بعد مستعمرة كفار روش هنكرا Kfar Rosh HaNikra.
[96] راجع حول هذا الموضوع الفصل الثاني من كتاب د. عصام خليفة، "لبنان المياه والحدود"، الجزء الثاني، بدون دار نشر، بيروت، 2001، ص 29-35.
[97] راجع حول هذا الموضوع الفصل الأوّل من المرجع السابق، ص 13-28.
[98] راجع ما كتبه مصطفى مراد الدباغ، "بلادنا فلسطين"، المرجع السابق، ص 337 و340 و341 و343 و407 و414 و415 و438.
[99] راجع ما كتبه مصطفى مراد الدباغ، "بلادنا فلسطين"، جزء 6، قسم 2، الطبعة الأولى، دار الطليعة، بيروت، 1974، ص 142 و144 و146 و149 و150 و153 و154 و155 و158 و161 و219 و222 و223 و227 و229 و234 و236 و237.
[100] راجع حول موضوع الحدود اللبنانيّة لإسرائيل، د. منذر محمود جابر، "الشريط اللبناني المُحتلّ: مسالك الإحتلال"، مسارات المُواجهة، مصائر الأهالي، الطبعة الثانية، مؤسسة الدراسات الفلسطينيّة، بيروت، 1999، ص 12-23.
[101] راجع حول هذا الموضوع كتاب حرب فلسطين 1947-1948: الرواية الرسميّة الإسرائيليّة، الطبعة الثانية، مؤسسة الدراسات الفلسطينيّة، بيروت، 1986، ص 660؛ وكذلك كتاب الجنوب اللبناني 1948-1986 حقائق وأرقام، وزارة الإعلام، بيروت، 1986، ص 23؛ وكتاب د. منذر محمود جابر، المرجع السابق، ص 9. قدَّر أحد الباحثين المساحات المُحتلَّة بِـ 185 كلم2. راجع:
Léba Assémaani, "La frontière galiléenne et ses conséquences géographiques économiques et politiques sur le Sud-Liban", in Haliyat (Annales), no. 36, Automne 1984, p. 24.
[102] راجع ما كتبه العميد المتقاعد رياض شفيق شيا، "إتفاقيّة الهُدْنة اللبنانيّة – الإسرائيليّة للعام 1949 في ضوء القانون الدولي"، دار النهار للنشر، بيروت، 2003، ص 36. وقد استند في معلوماته هذه إلى ملف الحدود الجنوبيّة في قيادة الجيش اللبناني - مديريّة التوجيه.
[103] وهذه المزارع هي: برختا، وبيت البراق، وكفر دورة/ كفردورا، ومشهد الطير، ورمثة، وزبدين، وقفوي، والمغر، وخلة غزالة، وفشكول، وبسترا الرابعة، ومراح الملول، وكرم الزيتوني، وجبل الروس، والنقار.
[104] راجع ما كتبه أكرم أسعد فرحات، "ماذا عن الأراضي اللبنانيّة الأخرى؟"، صحيفة البلد اللبنانيّة في 18/ 3/ 2006.
[105] لإلقاء الضوء على هذه التناقضات نعرض عيّنة من البيانات والتصريحات والمذكرات التي جاءت في أوقات مُتفاوتة، وهي غيض من فيض (صحيفة الحياة في 16/ 5/ 2000 و 19/ 3/ 2006؛ وصحيفة النهار اللبنانية في 18/ 5/ 2000 و 9/ 6/ 2000 و 26/ 4/ 2001 و 7/ 3/ 2003 و 20/ 2/ 2006 و 2/ 3/ 2006 و 9/ 3/ 2006 و 11/ 3/ 2006 و 14/ 3/ 2006 ...).
[106] قدَّر أحد المصادر مساحة الأرض الإجمالية التابعة للقرى السبع بنحو 177961 دونمًا (177,96 كلم2)، فقد لبنان منها 74221 دونمًا (74,2 كلم2) منذ العام 1923 بإلحاقها بفلسطين واحتلال الصهاينة لها العام 1948. راجع كتاب القرى السبع اللبنانيّة المُحتلّة: دراسة قانونيّة - إجتماعيّة، إعداد المركز الإستشاري للدراسات، نشر الجمعية الإجتماعية الثقافية لأبناء القرى السبع، تشرين الثاني/ نوفمبر 2003، ص 16.
[107] قدَّر مصدر لبناني موثوق، رفض الكشف عن اسمه، مساحة مزارع شِبْعا بنحو 37,5 كلم2.
[108] تقرير الأمين العام (S/ 2000/ 460)، في 22 أيار/ مايو 2000، المرفوع إلى مجلس الأمن حول تطبيق قراريْ مجلس الأمن 425 (1978) و426 (1978).
[109] لمزيد من المعلومات حول موضوع تحديد الحدود وتخطيطها، راجع كتاب د. صالح محمد محمود بدر الدين، المرجع السابق، ص 63-79؛ وكتاب د. عادل عبد الله حسن، المرجع السابق، ص 39-57؛ وكتاب د. علي إبراهيم، المرجع السابق، ص 35-119.
[110] راجع حول الموضوع ما كتبه د. عادل عبد الله حسن، المرجع السابق، ص 39-57.
[111] إعتبر أحد أساتذة الجغرافيا أنّ عملية إنشاء الحدود وتخطيطها تمرّ بثلاث مراحل مُتميِّزة، وهي التالية: التخصيص (إعطاء مساحة مُعيَّنة إلى دولة ما، والإعتراف لها بحق السيادة عليها)، والتحديد (أي تعيين رقعة إقليم الدولة أو ممتلكاتها وتعريفها تعريفًا دقيقًا، وهذا تتضمَّنه المعاهدات والاتفاقيات الدولية)، والمسح الجغرافي ورسم الحدود على الطبيعة (أو على الأرض). راجع ما كتبه د. محمد فاتح عقيل، المرجع السابق، ص 165-166.
[112] إقترح البعض، للوصول إلى حدود خالية من كل إشكال، إضافة مرحلتين إلى المرحل المعروفة (كالتعريف والتحديد والتعيين)، هما: توثيق دقيق مُتَّفق عليه Mutually agreed precise documentation وصيانة الحدود Boundary maintenance . راجع بحث:
Haim Srebro and Maxim Shoshany, "Towards a comprehensive…", op. cit.
وما كتباه أيضًا:
The order of precedence of boundary delimitations [online], op. cit.
[113] راجع حول الموضوع ما كتبه حسن علويّة، "الحدود الدوليّة بين لبنان وفلسطين وانعكاساتها"، دار العلم للملايين، بيروت، 2006، ص 189-223.
[114] الصحف اللبنانيّة بتاريخ 15/ 3/ 2006.
[115] راجع حُكم محكمة العدل الدوليّة الدائمة:
Permanent Court of International Justice, Series A./ B., Judgments, Orders and Advisory Opinions, Fascicule No. 53, Legal status of Eastern Greenland, 1933, XXVIth Session, Judgment of April 5th, 1933 Leyden A. W Sijthoff’s Publishing Company,p. 36.
[116] راجع حُكم محكمة العدل الدوليّة الدائمة، المرجع السابق:
p. 71.
[117] راجع ما كتبه:
Béchara Ménessa, "Dictionnaire de la Constitution Libanaise", Éditions Dar An-Nahar, Beyrouth, 2010, pp. 61-62.
[118] أحمد زين، "محاضر مُناقشات الدستور اللبناني وتعديلاته"، الطبعة الأولى، 1995، ص 20. وراجع ما كتبه:
Edmond Rabbath, La Constitution …, op. cit., pp. 71-72.
[119] راجع حول هذا الموضوع كتاب فايز الريّس، "القرى الحنوبية السبع: دراسة وثائقيّة شاملة"، مؤسّسة الوفاء، بيروت، 1985؛ وكذلك كتاب: القرى السبع اللبنانية المُحتلّة: دراسة قانونية-إجتماعية، المرجع السابق.
[120] هي على ارتفاع 414 م عن سطح البحر، 4 كلم جنوبي المطلة. وصل عدد سكّانها إلى 330 نسمة سنة 1945، ضُمَّت إلى فلسطين سنة 1923. وقد تمّ احتلالها يوم 10 أيار 1948. وصارت تسميتها العبريّة كفار يوڤال.
[121] تقع في الطرف الجنوبي لجبل عامل من جهة الغرب، ويحدّها من الشرق رميش وعيتا الشعب وسعسع، ومن الغرب خربة جليل ووادي كركرة، ومن الشمال يارين ومروحين ورامية، ومن الجنوب ترشيحا وفسّوطة ودير القاسي. يصل متوسِّط ارتفاعها إلى 550 م عن سطح البحر. أُلحقت بفلسطين سنة 1923. قُدِّر عدد سكّانها بنحو 1000 نسمة سنة 1945. تمّ احتلالها يوم 31 تشرين الأول 1948. كانت مساحة أراضيها 18563 دونمًا. وصارت تسميتها العبريّة إيڤين/ مناحم/ شتولا/ زرْعيت/ نِطوعا/ شوميرا Moshav Shomera .
[122] تقع على علو 500 م عن سطح البحر. أُلحقت بفلسطين سنة 1923. قُدِّر عدد سكّانها بِـ 1070 نسمة تقريبًا سنة 1945. تمّ احتلالها من قبل إسرائيل يوم 18 أيار 1948. كانت مساحة أراضيها 11735 دونمًا. وصارت تسميتها العبرية يرؤون/ أڤيڤيم Moshav Avivim .
[123] كانت تابعة لقضاء صور. أُلحقت بفلسطين سنة 1923. وصل عدد سكانها إلى 390 نسمة سنة 1945. تمّ احتلالها ليلة 14-15 أيار 1948، أي يوم انتهاء الإنتداب البريطاني على فلسطين. كانت مساحة أراضيها 14139 دونمًا. وصارت تسميتها العبريّة رموت نفتلي/ يفتاح.
[124] تقع جنوب غربي قَدَس على ارتفاع 690 م عن سطح البحر. أُلحقت بفلسطين سنة 1923. قُدِّر عدد سكّانها بنحو 360 نسمة سنة 1945. إحْتُلّت مع قَدَس عدّة مرّات كان آخرها يوم 30 تشرين الأول 1948، وخصوصًا أنّ الجيش اللبناني تدخّل ومنع الإحتلال المُبكر أكثر من مرّة. كانت مساحة أراضيها 7328 دونمًا. تبعد نحو نصف كلم عن الحدود اللبنانيّة. وصارت تسميها العبريّة مالكيا Kibbutz Malkiya .
[125] تُشرف على الحولة شرقًا، تقع على علو 350 م عن سطح البحر. وصل عدد سكانها إلى 70 نسمة سنة 1945. تمّ احتلالها مع مركز الشرطة عدّة مرّات، كان آخرها يوم 22 تشرين الأول 1948. كانت مساحة أراضيها 3617 دونمًا. وصارت تسميتها العبريّة رموت نفتلي.
[126] تُشرف على مرج الحولة شرقًا، ترتفع 657 م عن سطح البحر. كانت تابعة لمرجعيون، لكنّها ضُمَّت إلى فلسطين سنة 1923. كان فيها 1620 نسمة سنة 1945. تمّ احتلالها يوم 3 أيار 1948. كانت مساحة أراضيها 14224 دونمًا. تبعد نحو كلم عن الحدود اللبنانيّة الحاليّة. وصارت تسميتها العبريّة مسچاف عام/ مرچليوت Moshav Margaliot .
[127] القرى السبع هي في حقيقة الأمر خمس وعشرون قرية. راجع حول هذا الموضوع كتاب حسن علويّة، المرجع السابق، ص 83-92. والقرى الخمس والعشرين المُقتطَعة، هي: «هونين (طربيخا – النبي روبين – سروح)، وقدس، والمالكية، وأقرط، وجردية، والنبي يوشع، وحانوتا، وصلحا، وآبل القمح، والمطلّة اللقيطة، والخصاص، والصالحية، وذوق التحتانيّة، والدوارة، والخالصة، واللزازة، والناعمة، والزربة، والسينارية، وخيام عيسى، وعرب النحيوان، وعرب الزهران» (المرجع السابق، ص 85).
[128] راجع حول موضوع ابتياع الصهاينة لبعض أراضي الجنوب كتاب د. منذر محمود جابر، المرجع السابق، ص 14-17.
[129] للمُقارنة، وعلى الرغم من الفارق الزمني بين العامين 1931 و1920، يُمكننا القول إنه بفضل إعلان دولة لبنان الكبير في 1 أيلول/ سبتمبر 1920 زاد عدد السكّان من نحو 414 ألف نسمة إلى نحو 628 ألف نسمة.
[130] بلغت نسبة المسلمين، وفق أرقام 1944/ 1945، نحو 66,7% ونسبة المسيحيين 33,3%.
[131] راجع حول موضوع الوضع القانوني لسكان القرى المُقتطَعة وجنسيّتهم، كتاب حسن علويّة، المرجع السابق، ص 93-114.
[132] الجريدة الرسميّة، مُلحق خاص رقم 2 للعدد 26، تاريخ 30/ 6/ 1994، 1280 صفحة.
[133] راجع حول موضوع أطر المُعالجة لمشاكل الجنسيّة في لبنان كتاب حسن علويّة، المرجع السابق، ص 117-135.
[134] راجع بيان مكتب رئيس الحكومة اللبناني حول اعتبار استعادة القرى السبع مطلبًا لبنانيًا، صحيفة النهار اللبنانيّة في 23/ 12/ 1999.
[135] راجع حول هذا موضوع الفصل السابع من كتاب د. عصام خليفة، "لبنان في مُواجهة مُفاوضات التسوية"، دون دار نشر، بيروت، 2000، ص 117-127.
[136] المرجع السابق، ص 119-121.
[137] المرجع السابق، ص 121-123.
[138] راجع مقال:
Yoav Stern, "Shaba Farms isn’t the only excuse", Haaretz, 3/ 7/ 2005.
على الموقع الإلكتروني التالي:
http:/ / www.haaretz.com/ print-edition/ features/ shaba-farms-isn-t-the-only-excuse-1.162807
[139] هذا ثبت بالجملة الإنكليزيّة:
“In 1921, France conducted a census in Lebanon prior to executing final demarcation of the border. Residents of the seven Shi’ite villages received Lebanese citizenship, as did residents of other villages in the region – including the Jewish settlements of Metulla and Kfar Giladi”.
راجع مقال:
Yoav Stern, op. cit.
[140] حاليًا فقط 2000 دونم من قرية تربيخا، المُقدَّر مساحتها بِـ 38000 دونم، تقع داخل الحدود اللبنانيّة. راجع المقال السابق.
[141] راجع ما كتبه:
Edmond Rabbath, "La formation historique du Liban politique et constitutionnel : Essai de synthèse", Publications de l’Université Libanaise, Beyrouth, 1986, p. 360.
[142] في 24 تموز/ يوليو 1922، صدَّق مجلس عصبة الأمم على صكّ الانتداب البريطاني على فلسطين، ووُضع موضع التنفيذ في 29 أيلول/ سبتمبر 1923. وكان من أسباب التأخير في إقرار صكّ الانتداب، مُحاولة تسوية المسائل السياسيّة العالقة في نطاق المصالح الاستعماريّة المُتنافسة لدول الحلفاء: فسوِّيت مشكلة الحدود السوريّة الجنوبيّة بين بريطانيا وفرنسا، وتقرَّر فصل شرقي الاردن في إمارة خاصة، كما سُوّي الموقف مع اميركا على أساس اعتراف بريطانيا بمصالحها الإقتصاديّة والثقافيّة في المنطقة، وضُمِّن صكّ الانتداب في المعاهدة الانكلو-أميركيّة بهذا الخصوص.
[143] راجع حول موضوع الدول المحميّة كتاب د. محمد المجذوب، القانون الدولي العام، المرجع السابق، ص 188-192.
[144] راجع ما أورده:
Frederic C. Hof, op. cit., p. 20.
[145] راجع ما كتبه د. صالح محمد محمود بدر الدين، المرجع السابق، ص 147-149.
[146] راجع النصّ الفرنسي للمادة الرابعة في كتاب:
Edmond Rabbath, "La formation historique…", op. cit., p. 354.
راجع حول هذا الموضوع حُكم محكمة العدل الدوليّة:
Case concerning the land and maritime boundary between Cameroun and Nigeria, ICJ Reports, 2002, para. 212.
[147] راجع ما كتبه:
Edmond Rabbath, “La Constitution …”, op. cit., p. 71.
[148] نصَّت المادة الثانية من معاهدة السلام التي أُبرمت بين مصر وإسرائيل، في 26/ 3/ 1979، على التزام الطرفين أن تكون الحدود الدائمة بينهما «هي الحدود الدوليّة المُعترف بها بين مصر وفلسطين تحت الإنتداب كما هو واضح بالخريطة في المُلحق الثاني وذلك دون المساس بما يتعلَّق بوضع قطاع غزة. ويُقرّ الطرفان بأنّ هذه الحدود مصونة لا تُمسّ ويتعهّد كلّ منهما باحترام سلامة أراضي الطرف الآخر بما في ذلك مياهه الاقليميّة ومجاله الجوي».
وحدَّدت المادة الثالثة من معاهدة السلام التي أُبرمت بين الأردن وإسرائيل، في 26/ 10/ 1994، الحدود بينهما وفق خرائط الانتداب البريطاني بوصفها حدودًا دائمة ومُعترفًا بها دوليًا. وفي المعاهدة حديث عن حقوق ملكيّة خاصّة إسرائيليّة ونظام خاص في المنطقتين الحدوديّتين (منطقة الباقورة/ نهاريم ومنطقة الغمر/ تسوفار) وحديث آخر مُتداول خارج المعاهدة عن تأجير للأراضي الأردنيّة.
[149] تُصرّ سوريا على أن تنسحب إسرائيل إلى حدود وقف إطلاق النار في الرابع من حزيران/ يونيو 1967، وهو اليوم الذي سبق اندلاع حرب حزيران/ يونيو التي أدَّت إلى احتلال إسرائيل لهضبة الجولان السوريّة بالإضافة إلى شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة والضفة الغربية. راجع كتابنا لا أحد يشرب: مشاريع المياه في استراتيجيّة اسرائيل، شركة رياض الريّس للكتب والنشر، بيروت، 1998، ص 106.
[150] راجع:
Yearbook of the International Law Commission, 1950, Vol. II, p. 206 with particular reference to paras. 19 et seq.
راجع أيضًا:
Materials on Succession of States, ST/ LEG/ SER.B/ 14, United Nations, New York, 1967, pp. 38-58, 229.
[151] راجع حول هذ الموضوع كتاب د. عادل عبد الله حسن، المرجع السابق، ص 227-281؛ وكذلك كتاب د. مفيد محمود شهاب ود. مصطفى سيد عبد الرحمن، المرجع السابق، ص 265-275.
[152] يُسمّى أيضًا مبدأ التعارض، أو مبدأ الإغلاق، أو المبدأ المانع، أو حقّ التصدّي ...
[153] د. رشيد مجيد محمد الربيعي، “دراسات ومباحث في القانون الدولي العام (الجزء الأوّل)”، دار النهضة العربية، القاهرة، 2006، ص 258-259.
[154] المرجع السابق، ص 279-280.
[155] راجع ما كتبه د. صالح محمد محمود بدر الدين، المرجع السابق، ص 136-157.
[156] لم يُحدِّد القرار المقصود بهذه الحدود: هل هي الحدود السابقة لحرب حزيران/ يونيو 1967 أم هي الحدود اللاحقة أم هي حدود أخرى؟
[157] د. صالح محمد محمود بدر الدين، المرجع السابق، ص 141.
[158] المرجع السابق، ص 143.
[159] راجع ما كتبه:
Hulda Kjeang Mørk, “The Jarring mission: A study of the UN peace effort in the Middle East”, 1967-1971, MA Thesis in History, University of Oslo, Spring 2007.
[160] د. عصام خليفة، “لبنان: المياه والحدود”، المرجع السابق، ص 178.
[161] راجع حول الموضع، كتاب:
Frederic C. Hof, op. cit., p. 25.
[162] لقد نظّمت اتفاقية بين الحكومة اللبنانيّة وشركة «أرامكو» ARAMCO النفطية الأميركية في 16/ 8/ 1949 مسار خط أنابيب الـ «تابلاين» Trans Arabian Pipe Line Company. ويتبيَّن من الخريطة المُرفقة بالإتفاقية أنّ بلدة النْخَيْلة وكل خراجها يقعان ضمن الأراضي اللبنانيّة. وقد فَصَلت المحاكم اللبنانيّة بالدعاوى بين مالكي العقارات والشركة. ولا يُعتقد أنّ شركة «أرامكو» كانت ستُذعن للأحكام لو كانت صادرة عن جهة قضائيّة غير مُختصَّة.
[163] حول موضوع القاضي اللبناني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، راجع بحثنا:
Tarek Majzoub, Le juge libanais et le droit international des droits de l’homme, Revue Du Droit Public, No 4-2010, pp. 1113-1134.
[164] رغم واقعيّة هذا القول، لا بدّ من التخفيف من وقع التعامل الدولي هذا والتشديد على البُعد القانوني لمظاهر مبدأ ثبات ونهائيّة الحدود الدوليّة، راجع حول هذا موضوع كتاب د. علي إبراهيم، المرجع السابق، ص 209-269؛ وكتاب د. عادل عبد الله حسن، المرجع السابق، ص 164-226؛ وكتاب د. مفيد محمود شهاب ود. مصطفى سيد عبد الرحمن، المرجع السابق، ص 167-222.
[165] لا تُشير الخرائط الإسرائيليّة، الرسميّة أو شبه الرسميّة منها، إلى حدود دوليّة مُعترف بها إلاّ مع مصر والأردن، وذلك بعد توقيعها معاهدات سلام ثنائيّة معهما.
[166] راجع ما ذكرناه في مُستهلّ فقرة «ترسيم الحدود الجنوبيّة للبنان ومزارع شبعا». ويُشكِّل ما تمّ عام 1920 تحديدًا قانونيًا وسياسيًا لحدود مناطق الانتدابين الفرنسي والبريطاني.
[167] ذكر د. عصام خليفة ما يلي: «إستمرّت المُفاوضات بين الفرنسيّين والانجليز لترسيم الحدود بين سوريا من جهة والأردن والعراق من جهة أخرى. وفي حزيران 1930، أثناء وجود المفوَّض السامي الفرنسي بونسو Ponsot في فرنسا، أكَّدت مذكرة صادرة عن الخارجيّة الفرنسيّة بتاريخ 7 حزيران على الطابع غير الرسمي والسريّة التامّة للمُحادثات المُرتقبة وأشارت إلى:
أنّ المُشاورات ستتمّ على أساس اتفاقيّة 23 ك1 1920 ...» (الحدود الجنوبيّة للبنان ...، المرجع السابق، ص 97).
[168] راجع في ما يؤيِّد هذا التوجّه ويُعزِّزه، وحتى يتجاوزه في بُعده الزمني إلى ما بعد العام 1945، ما كتبه Patrick Daillier Mathias Forteau, Alain Pellet :
“Les puissances mandataires ne peuvent revendiquer la plénitude des compétences territoriales à l’égard des territoires confiés à leur administration. Elles n’ont notamment pas reçu le pouvoir de modifier unilatéralement les frontières du territoire administré (pas plus d’ailleurs que cela ne sera le cas pour les territoires placés après 1945 sous tutelle) (v. CIJ, Frontière terrestre et maritime entre le Cameroun et le Nigeria, 10 octobre 2002, Rec., par. 212)” (Droit international public, 8e éd., L.G.D.J, 2009, p. 543).
[169] رفع البعض المساحة الضائعة أو المُقتطَعة إسرائيليًّا من أراضي لبنان إلى نحو 1722 كلم2 (أي نحو 16,48% من مساحة لبنان المعروفة حاليًا – 10452 كلم2 -). ويبدو هذا الرقم مُبالغًا فيه، راجع تقرير «مساحة لبنان اليوم 10278 كلم2...»، المرجع السابق.
[170] أعلن المكتب المركزي الإسرائيلي للإحصاء أنّ عدد سكّان الدولة بلغ 7,750,000 نسمة (صحيفة معاريف Maariv الإسرائيليّة في 9/ 5/ 2011). ويُشير هذا الرقم إلى ازدياد أو تكاثر عدد سكان إسرائيل نحو عشر مرّات عمّا كان عليه العام 1948 (806,000 نسمة).
[171] بعد توقيع معاهدة السلام المصريّة – الإسرائيليّة في 26 آذار/ مارس 1979، إنسحب الجيش الإسرائيلي من شبه جزيرة سيناء أوائل العام 1982، إلاّ أنّ اسرائيل رفضت التخلّي عن منطقة طابا. وعندما أخفقت المفاوضات في الوصول إلى حلّ قرَّر الطرفان، في 11 أيلول/ سبتمبر 1986، إحالة النزاع على محكمة تحكيم دوليّة أُنشئت بالاتفاق بينهما. وفي 29 أيلول/ سبتمبر 1988، ربحت مصر التحكيم. راجع كتاب د. صالح محمد محمود بدر الدين، المرجع السابق؛ وكتاب د. يونان لبيب رزق، طابا قضيّة العصر، مركز الأهرام للترجمة والنشر، القاهرة، 1989. وراجع في المجلة المصريّة للقانون الدولي للعام 1988 دراسة د. صلاح الدين عامر حول الحدود الدوليّة بين مصر وفلسطين في تحكيم طابا، ودراسة محمد عز الدين عبد المنعم حول حدود مصر الشرقيّة. وتعليق د. أحمد أبو الوفا على قضيّة طابا. وراجع كذلك:
Geneviève Burdeau, « L’épilogue de l’affaire de Taba », AFDI, 1988, pp. 195-208.
[172] راجع ما كتبه د. عادل عبد الله حسن، المرجع السابق، ص 313-412. كذلك كتاب د. مفيد محمود شهاب ود. مصطفى سيد عبد الرحمن، المرجع السابق، ص 223-298.
[173] طالب المهندس جبران باسيل، وزير الطاقة والمياه اللبناني، بالحزم وتطبيق مبدأ التوازن مع إسرائيل عندما قال:
“Once we hesitate Israel will become aggressive. Today Lebanon has enough power to react”.
راجع ما كتبه:
Doron Peskin, Lebanon: Israeli gas fields to cause conflict, Yediot Ahronot [online], 6/ 3/ 2011.
على الموقع الإلكتروني التالي:
http:/ / www.ynetnews.com/ Ext/ Comp/ ArticleLayout/ CdaArticlePrintPreview/ 1,2506,L-4038002,...
[174] راجع مقال:
Amiram Barkat, Iran to begin Lebanese offshore oil exploration, Globes [online], 2/ 11/ 2010.
على الموقع الإلكتروني التالي:
http:/ / www.globes.co.il/ serveen/ globes/ docview.asp?did=1000598355&fid=1725
[175] راجع ما كتبه:
Sami Halabi, Energy – Like oil and water, Executive [online].
على الموقع الإلكتروني التالي:
http:/ / www.executive-magazine.com/ getarticle.php?article=12033
وأضاف تيمور غوكسيل Timur Goksel ، الناطق الرسمي السابق باسم «اليونيفيل» UNIFIL ، أنه طالما أنّ الخط الأزرق لم يُسْتكمل بعد فمِن المُستبعد أن تتدخّل الأمم المتحدة لترسيم الحدود البحريّة. راجع ما كتبه:
Nicholas Blanford, Oil and gas discoveries produce potential Israel-Lebanon flash points, The Christian Science Monitor [online], 1/ 11/ 2010.
على الموقع الإلكتروني التالي:
http:/ / www.csmonitor.com/ layout/ set/ print/ content/ view/ print/ 339939
وللدلالة على اختلاف خرائط البحر المتوسط اللبنانيّة والإسرائيليّة، فإنّ اللبنانيّة منها تُشير إلى أنّ الحدود الشمالية لإسرائيل تمتدّ غرب مغاور رأس الناقورة Rosh HaNikra grottoes في حين أنّ الخرائط الإسرائيليّة تجعلها غرب مُستعمرة المُطلِّة Metula ، راجع مقال:
Tani Goldstein, Landau: Israel willing to use force to protect gas finds, Yediot Ahronot [online], 24/ 6/ 2010.
على الموقع الإلكتروني التالي:
http:/ / www.ynetnews.com/ Ext/ Comp/ ArticleLayout/ CdaArticlePrintPreview/ 1,2506,L-3910329,...
وعلى العكس من ذلك، أكَّد بعض المصادر الرسميّة اللبنانيّة أنّ النقطة الحدوديّة على اليابسة في الناقورة (الـ B1 ) لا خلاف عليها، وهي ولم تتغيَّر سواء عند إعلان دولة لبنان الكبير العام 1920 أم اتفاقيّة بولِه - نيوكومب لعام 1923 أم خطّ الهُدْنة للعام 1949 أم الخطّ الأزرق للعام 2000.
[176] د. محمد المجذوب، القضيّة الفلسطينيّة في الأمم المتحدة، المرجع السابق، ص 222.
Towards a new reading in the journey of searching for the Lebanese southern border
Engaging in the search for the Lebanese southern border is anything but an easy task, it even seems almost impossible whenever we flip these treaties and attempt to link between what is known of these treaties and the unknown. What makes this journey even bumpier and more dangerous is the intersection of its paths with the ambuscades of oil and gas.
The Israeli Ministry of Infrastructure drew a map revealing that the major inland gas reserves might be located to the south of the Lebanese border stretching from Adayssé to el-Ghajar.
The Lebanese southern border is organically correlated to the Lebanese Palestinian border issue.
This border has many dimensions and impacts which might be difficult to tackle all of them in only one research. In this new initial reading we will content with focusing on the legal side. Therefore we shall primarily take a look on the stages and developments of the legal status regarding the southern Lebanese border and the Israeli stance.
Secondly we will be studying the issue of plundered territories which is raised by the Lebanese side.
Dividing the research as such will not prevent us from pointing out to other issues which impose themselves as being complementary issues.
The research also follows, since the beginning a purely scientific procedure avoiding theoretical inclinations as much as possible to proceed based on an applicable legal verdict or on a jurisprudential explanation that might contribute to elucidate the practical features in the tesxt.
Vers une nouvelle lecture de l’enquête à la recherche des frontières du Sud du Liban
Se lancer dans un trajet à la recherche des frontières du Sud du Liban n’est pas une chose évidente, il s’agit même de l’impossible à chaque fois que nous consultions ces conventions en essayant d’établir un lien entre ce qui est connu de ces conventions avec les faits cachés. Ce qui rend ce trajet plus dangereux, ce sont les voies confondues avec les locations où se trouvent les ressources de pétrole et de gaz.
Une carte préparée par le ministère des infrastructures en Israël a montré que les champs de gaz les plus importants sur la terre, se situent au sud des frontières libanaises, du village de Adaïssé arrivant au village du Ghajar.
Les frontières du Sud du Liban sont organiquement liées à la question des frontières libano – palestiniennes. Ces frontières revêtent plusieurs aspects et répercussions, qu’il nous sera difficile de les regrouper dans une seule recherche. Nous allons se contenter dans cette nouvelle lecture initiale d’insister sur l’aspect juridique, en passant d’abord par les phases et les développements du côté juridique de la question des frontières du Sud du Liban et la position d’Israël de cette question. Nous allons étudier ensuite la réclamation par le Liban de ses territoires violés.
Répartir la recherche de cette façon n’empêchera pas de mentionner d’autres points qui s’imposent comme étant des éléments de complémentarité.
Dès le début, la recherche se limite à une méthode pratique pure, tout en évitant le plus possible l’aspect théorique, pour se baser sur des textes juridiques préparés à être appliqués, et sur la façon de leur application, à chaque fois qu’il est possible de s’appuyer sur un verdict juridique lié à la question posée, ou sur une explication jurisprudentielle qui pourra contribuer à élucider les aspects pratiques du texte.