ندوة

ندوة حول مسؤولية الإعلام في حماية الأوطان
إعداد: ريما سليم ضوميط


نظّم مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية في الجيش ندوة بعنوان مسؤولية الإعلام في حماية الأوطان، في نادي الضباط - اليرزة، حضرها وزير الإعلام رمزي جريج والعميد الركن علي مكي ممثلًا قائد الجيش العماد جان قهوجي، إلى جانب حشد من مسؤولي وسائل الإعلام، والشخصيات الأكاديمية والفكرية والخبراء المختصين وعدد من كبار ضباط الجيش والأجهزة الأمنية.

 

كلمة مدير المركز
بعد النشيد الوطني وكلمة تقديم للاعلامية كاتيا ريا، ألقى مدير مركز البحوث والدراسات الإستراتيجية العميد الركن غسان عبد الصمد كلمة قال فيها:
في خضم الحروب والأحداث المتسارعة التي يشهدها العديد من دول العالم، وما يتخللها من صراعات ذات طابع طائفي ومذهبي، بالإضافة إلى الكوارث الطبيعية وانتشار الأوبئة والأمراض التي تكاد لا توفر بلدًا، نرى بلدنا الحبيب لبنان في قلب هذه الأزمات، يعاني تأثيراتها المباشرة وغير المباشرة، حتى كاد وطن «درة الشرقين» يتحول إلى وطن منهك اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا.
أضاف: مع أن تعقيدات الوضع اللبناني كثيرة جدًا وما يحدث فيه أكبر من قدرته على الإستيعاب، فإن هناك قطاعات وطنية فاعلة، تلقى على عاتقها المسؤولية الكبرى للعبور بالوطن إلى بر الأمان والإستقرار، وفي مقدمها الجيش والإعلام. فعلى الجيش تقع مسؤولية الدفاع عن الوطن وحماية حدوده وتثبيت الإستقرار والأمن فيه، وهو لم يتأخر يومًا، ولن يتأخر عن تقديم التضحيات الجسام في سبيل تحقيق هذه الأهداف النبيلة. فضباطه وجنوده قد آثروا السهر والبذل حتى الإستشهاد، لطمأنة المواطنين والحفاظ على سلامتهم في مواجهة العدو الإسرائيلي والإرهاب والعابثين بالأمن، وذلك في إطار نهج وطني واضح، اتخذته القيادة وحرصت على تطبيقه كاملًا، وإحدى ركائزه الأساسية تكمن في بقاء الجيش بعيدًا من التجاذبات السياسية المحلية، وعلى مسافة واحدة من الجميع، ملتزمًا رسالته الوطنية التي هي من رسالة لبنان، وطن التنوع ومنارة الشرق وملتقى الحضارات.
وتابع: أما الإعلام، فمسؤوليته كبيرة جدًا في دعم جهود الجيش، خصوصًا في أثناء تنفيذ العمليات العسكرية، كما في توعية المواطنين وتثقيفهم، ودحض الشائعات المسمومة التي يحاول بثها ضعاف النفوس والمصطادون في الماء العكر. فالإعلام بمختلف أنواعه، هو وسيلة التواصل الأكثر فعالية بين المواطن والأحداث والتطورات الجارية في الوطن والعالم، وبقدر ما يكون السبق الصحافي معبرًا عن الحقيقة ومتحليًا بالمصداقية والتجرد، بقدر ما ينجح في تنوير الرأي العام وتوجيهه، وبالتالي يسهم في تأمين المصلحة الوطنية العليا وكسب ثقة المواطنين على السواء.

 

وزير الإعلام
ثم القى وزير الإعلام كلمة قال فيها: أخال نفسي اليوم، وأنا أقف على هذا المنبر، جنديًا من جنود جيشنا البواسل، الذين يدافعون عن أرض الوطن، إذ إنّ ما بين الإعلاميين، الذين أود التحدث باسمهم، وبين العسكريين قواسم مشتركة. هؤلاء يدافعون بالبندقية والمدفع، واولئك بالكلمة والقلم، وكلاهما مسؤول عن حماية بلادنا وسلمها الأهلي.
أضاف: أكبر دليل على التكامل بين المهنتين، لا بل الرسالتين، إقدام مركز الأبحاث والدراسات الإستراتيجية في الجيش اللبناني على تنظيم هذه الندوة، بعنوان مسؤولية الإعلام في حماية الأوطان، والتي تتناول، عبر ثلاثة محاور، العلاقة بين المؤسسة العسكرية والإعلام، من مختلف جوانبها، وهي علاقة نحرص جميعًا على أن يسودها التفاهم والتعاون، وتفهم كل طرف للدور الذي يؤديه الطرف الآخر، وفق مقتضيات وظيفته. وفي هذا السياق لا بد لي من أن أعترف لكم، بداية، بأنه لم تصلني، طوال فترة اضطلاعي بمسؤولياتي في وزارة الإعلام، أي شكوى من اعلامي يتذمر من أن المؤسسة العسكرية مارست عليه ضغوطًا أو وضعت في وجهه عراقيل تحول دون قيامه بواجبه المهني، مما يعني أن المؤسسة العسكرية واعية كل الوعي للدور الذي يمكن للاعلام أن يقوم به في تكوين رأي عام مساند للجيش في معاركه ضد الأخطار التي تهدد وجود لبنان وهويته.
وتابع: مقابل ذلك، أرى أن من واجب وسائل الإعلام أن تعي مقتضيات الدفاع عن الوطن وما تفرضه من أمانة ودقة في نقل الأخبار المتعلقة بالجيش وفي التعليق عليها، بحيث لا يجوز، عبر أخبار غير صحيحة أو تعليقات مغرضة، إضعاف معنويات الجيش وزرع الشك لدى المواطنين في قدرته على الدفاع عن أرض الوطن وصدّ أي عدوان يتعرض له. بين شعار الجيش «شرف، تضحية، ووفاء»، والشعار الذي يجب أن يعتمده الإعلام وهو حرية، حقيقة ومسؤولية، قواسم مشتركة أساسها الدفاع عن الوطن، من قبل الجيش بسلاح مجبول بالتضحية وبدم الشهداء، ومن قبل الإعلام بكلمة حرة ومسؤولة.

وأضاف: إن مسؤولية الإعلام في حماية لبنان هي مكملة لمسؤولية المؤسسة العسكرية، إذ عليه أن يدافع عن الوطن في خندق الحقيقة المجردة، في كل لحظة، وأن يتسلح بالجرأة الكافية في مواجهة ما يتعرض له هذا الوطن من أخطار، اتخذت في السابق أشكالًا متعددة، وهي اليوم تتجلى في ارهاب تكفيري يقترف، باسم الدين الإسلامي الذي يتبرأ منه، جرائم ضد الإنسانية بهدف النيل من أمن الوطن وسلمه الأهلي. هذه المسؤولية تحتم على الإعلام أن يتحلى بالموضوعية في مقاربة الأمور، وأن ينأى بنفسه عن التجاذبات السياسية والمذهبية والطائفية، إذ لا انتماء للاعلام إلا إلى مواطنة صحيحة، ولا التزام له إلا الدفاع عن لبنان.
وقال: إن حرية الإعلام في لبنان مكرسة في الدستور، وهي في صلب مقدمته، ونحن حريصون عليها بمقدار حرصنا على الدستور نفسه. وهذه الحرية يجب أن تمارس في كل الظروف تحت سقف القانون ووفق أحكامه؛ فكم بالحري في الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، والتي يتعرض فيها جيشنا لعدوان يشنه عليه ارهابيون تكفيريون. فالمسؤولية كبيرة على الإعلام، لأن أحد أسلحة الإرهاب هو الحرب الإعلامية، وهو يستعملها كوسيلة من وسائل عدوانه على لبنان. وعلينا ألاّ نفتح له شاشاتنا ومحطاتنا وصفحات جرائدنا لكي يمارس ترهيبه على الشعب اللبناني. من واجبنا أن نرفض أن يكون اعلامنا منبرًا مجانيًا للإرهاب التكفيري، او أن يكون وسيلة يستغلها الارهابيون لنقل صور العسكريين المخطوفين، وهم يتوسلون أهاليهم لكي يتحركوا، وذلك تحت وطأة الخوف والترهيب. هذا ليس عملًا اعلاميًا مسؤولًا وواعيًا لمصلحة البلد. إن تشبثنا بحرية الإعلام والدفاع عنها لا يعني غض الطرف عن تجاوزات تصل في بعض الأحيان إلى حدود الفلتان الإعلامي غير المقبول. ليس مسموحًا أن يغلب التنافس والسبق الإعلامي على المصلحة الوطنية العليا وعلى سلامة العسكريين.

 

وأضاف: الإعلام، كما الجيش، مسؤول عن السلم الأهلي والاستقرار العام، ولا يجوز له تحت أي ذريعة التنصل من هذه المسؤولية الكبيرة. من هذا الموقع بالذات، ومن منطلق مسؤولياتي الوطنية، أعلن أنني لن أتردد في اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في حال حصول أي مخالفات من قبل وسائل الإعلام لأحكام القانون ولواجباتها الوطنية والمهنية.
وقال: إن الخطر الإرهابي يهدد وطننا، وهو لا يميز بين مواطن وآخر، وبين عسكريين واعلاميين، وإنما يمارس عدوانه على الجميع من دون استثناء. فمن واجبنا أن نكون صفًا واحدًا في مواجهته دفاعًا عن الوطن.
وختم الوزير جريج كلمته بتوجيه «التحية إلى كل شهيد في الجيش اللبناني، إلى كل عسكري محتجزة حريته ومكبلة إرادته، وإلى كل اعلامي مسؤول يقدّم مصلحة الوطن على ما عداها ويقوم بما يمليه عليه واجبه الوطني والتزامه أحكام القانون وأخلاقيات المهنة».
بعد ذلك عقدت الندوة وقدّم المشاركون فيها مداخلاتهم.